باولينا لوركا - الحب الناري: رمزية الحب في "طوق الحمامة" لابن حزم - ت:: لحسن الكيري

"روحي تحرقني، فأذرف الدمع / نار، ماء أمران يستحيل بينهما الجمع".
أبو العباس الأعمى التطيلي - موشحة.

" أن نركن للصمت ونحترق هو أكبر عقاب يمكن أن يحيق بنا.بماذا أفادني كبريائي وعدم رؤيتك وتركك ساهرة أياما وليال؟ لا شيء، لقد أفادني بأن قذفني في النار".
فدريكو غارسيا لوركا- عرس الدم.



إن الجمع في الأدب بين الحب والنار لأمر حدث منذ زمن بعيد.لعل أول ما يتبادر إلى الذهن، بالنسبة لقارئ غربي، يمكن أن تكون القصائد الغرامية للشاعرة "صافو" أو رسائل أوفيديو أو إبداعات بعض المنضوين تحت لواء ما يعرف ب:dolce stil nuovo، أو إحدى نشائد كيبيدو؛ هذا على سبيل التمثيل العفوي لا الحصر القصدي.من الواضح أن رمز النار لعاطفة الحب وما تفرضه من تقلبات، لا يبدو شيئا غريبا عنا، ربما لأن النار تشكل واحدا من العناصر الأربعة ( التراب، الهواء، النار، الماء) والتي تشكل ما يعرف بالمادة الأولى كما قال أرسطو.لكن الجديد هوأن نبين كيف أعد كاتب أندلسي يسمى ابن حزم في القرن 11م كتابه "طوق الحمامة" أو رسالته حول الحب والمحبين، منطلقا من النماذج الأولية للمتخيل، محققا بذلك عالمية وراهنية تحفزان على دراسة عمله هذا.

يتعلق الأمر في هذا العمل، بمحاولة لإضاءة شعرية الحب عند ابن حزم، التي تفصح عن آلية رمزية معقدة تجعل من العناصر الأربعة قاعدة لها. سنحلل، على وجه الخصوص، رمزية النار الحاضرة بقوة في هذا العمل. كي ننجز هذه الدراسة تبنينا، كقاعدة، دراسات الخيال المادى عند غاستون باشلار وأتباعه دون أن يمنع ذلك من إدراج بعض المفاهيم الأخرى المهمة بالنسبة لهذا البحث.



 البنية الرمزية:

إن نص ابن حزم الموسوم ب"طوق الحمامة" هو في الأصل رسالة ألفت في مدينة شاطبة حوالي 1022م وتدور حول تفاصيل ودقائق الحب المختلفة. بادئ ذي بدء، وكمنطلق أولي يبدو أن هذا العمل يجتذبنا حتى بالانطلاق من عنوانه. فعلام يجب أن يحيلنا هذا العنوان " طوق الحمامة"؟. على ما يبدو، فإن الأمر يتعلق بتأثير صوفي، بحيث ترمز الحمامة إلى الروح والطوق بدوره إلى القدر الإلهي.هكذا، يصبح الحب" شيئا طبيعيا، لا مفر منه كطوق مشدود إلى عنق حمامة الروح. إن الحب هو طوق الحمامة"(1).

أنوه بما سلف ذكره، كي أبين، انطلاقا من العنوان، أساسا، كيف يمكن أن نستشف توظيف العديد من الرموز في هذا العمل كله.

فيما يتعلق بالحب، في تصور ابن حزم، من الضروري أن نعتبر أنه ينبني على الاتحاد بين أجزاء الروح في هذا العالم المخلوق والتي تكون موزعة مثلما كانت عليه في جوهرها العلوي السامي ولكن ليس بالمعنى الذي يؤكده محمد بن داود رحمه الله تعالى عندما يتكئ على رأي أحد الفلاسفة(2) قائلا:" الأرواح دوائر مقسمة"، ولكن بمعنى العلاقة المتبادلة التي كانت لها داخل مقامها في عالمها العلوي وتجاورها الآن بهذه الطريقة التي تشكلت بها(3).

نقر، بكل تأكيد، في التعريف السابق بالتلميح إلى أفلاطون وعمله "الوليمة"، خاصة كلام أرسطو فانيس عن الحب: "الطبيعة الإنسانية مقسمة، إذن، إلى قسمين بحيث يتجه كل قسم نحو الآخر بدافع شوق الاتحاد"(4).يجب أن نشير إلى أن العرب عرفوا الإرث الأفلاطوني وكيفوه حسب تقليدهم.

و بالفعل فالمجتمع البغدادي في القرن 9 م هوالذي سيأخذ وسيعيد بناء المفاهيم الهيلينية والتي ستعرف في شبه الجزيرة الإبيرية كما هو الحال مع "كتاب الزهرة" لمحمد بن داود الذي ذكرنا اسمه أعلاه، حيث يصور فيه كذلك، هو الآخر، خصائص الحب والمحبين.ينقسم عمل ابن حزم إلى أربعة أقسام: أسس الحب، عوارضه، مساوئه والخضوع لله. لكن هذا التقسيم يبدو لنا كثير السطحية، لذا يمكن أن نسلكه في بنية عميقة ورمزية والتي سنعرض لها على طول هذا البحث: يتمفصل "طوق الحمامة" حول نوعين من الحب هما: الحب البشري والحب الإلهي.ربما يكون من الوجاهة بمكان أن يكون هذا الكاتب القرطبي يحيل إلى العناصر الأربعة وهو بصدد تأليف هذا الكتاب كما يبدو من خلال هذه الأمثلة:"انتعشت عيناي بقربك"، "لعابها ماء يمنح الحياة"، "النرجس الفريد يشبه حال المغرم "، "بستان الحب لم يخرف"، "هذا الحب يبدو (....) أكثر لطافة من الهواء"، "أنظر إلى حبك وكأنه جمر"، "في القلب نار متأججة"، وقد ذكرنا هذا كي نستشهد، فقط، ببعض الصور المجازية الموجودة في عمل هذا الكاتب القرطبي. إن هذه الإحالات ليست بالبريئة لأن العناصر التي أشرنا إليها سالفا تخترق التاريخ البشري وتشير إلى "أشكال إدراك الكون"(5).

كي نتعمق في مدلول العناصر الأربعة، يمكن أن نقول إنها ترتبط بالفصول الأربعة والأعمار الأربعة للحياة والأمزجة الأربعة للإنسان ( الاكتئابي، القلق، الدموي والبارد الطبع)(6) والجهات الأصلية(7)، وبكل تأكيد بـــ"التناسب بين العالم الأكبر(الكون) والعالم الأصغر (الإنسان)، أو بالأحرى الاعتقاد في التشابه العميق بين الإنسان والكون كله"(8).

هذه العناصر هي التي تكشف لنا، تحديدا، عن التلازم بين الإنسان وعواطفه في نص ابن حزم.عندما نفكر في العناصر الأربعة يجب علينا، حتما، تحليل الشبكات الدلالية التي تتشكل حول العدد أربعة.لنتذكر أن الكاتب بنى عمله في أربعة أقسام، وأن هذا العدد هو عدد العناصر الأساسية الموصولة بالحب.في المقام الأول، العدد أربعة هو رمز "للأرض وللخصوصية الأرضية ولكل ما هو موضعي"(9). هو كذلك عدد المقامات التي يجب أن يعبرها المريد الصوفي، حسب عادة أهل التصوف ومجامع الدراويش القديمة"(10).كذلك يعادل هذا العدد "المربع والمكعب"(11). وكما قال جونغ فإن " المربع( وبصفة أكثر المستطيل) كذلك هو رمز للأرض وللجسد وللواقع"(12). أيضا يمكن اعتبار المربع "رمزا للأرض مقابل السماء"(13). وعليه يمكن أن نخلص إلى أن العدد أربعة، وبالتالي المربع، يرمز في هذا التأويل البنيوي الذي نقوم به بخصوص هذا العمل، إلى الحب البشري. فهذا هو نوع الحب الذي يتم تقديمه بتفصيل عندما يعدد السارد آثار الحب وعلاماته والمعينين عليه ( وهو سبق واضح لما سيعرف بظاهرة القوادة حسب غارسيا غومث)، ثم الوصال والفراق وغيرها...

لكن، وفيما وراء الحب البشري في طوق الحمامة، نسجل كيف يندرج هذا الحب في دائرة الحب الإلهي، بحيث يشير السارد إلى أن صفاء الحب يتمظهر، فقط، عندما يحب الإنسان بطريقة عفيفة. في هذا الشأن يشير إلى توفر كل شخص على طبيعتين :العفة والشهوة التي تفسد الإنسان، فالرجال والنساء يجب أن يختاروا الطريق الأول (العفة) في مسائل الحب.من هنا نجده يدعو، في نهاية النص، القراء إلى أن يكونوا أعفة ولأن يسيروا فيه حسب ما تقتضيه تعاليم الإسلام. أكثر من ذلك فهو يدين العاطفة الجامحة التي تجتاح الإنسان في بعض الأحيان: " لا تترك نفسك تتبع الهوى/كف عن التعرض للأخطار/ لأن الشيطان لا زال على قيد الحياة"(14).هناك مثال آخر، في نهاية هذا المؤلف، حيث ينبه صاحبه على سرعة زوال الحياة الدنيا حاضا المحبين على أن لا يضيعوا الوقت في الغراميات التافهة والمحظورة من وجهة نظر الدين، ثم يذكر بأن الذين لا يتبعون طريق الحب الصحيح كما أراده الله سبحانه وتعالى سيخلدون في "نار جهنم"(15).و على إثر ذلك ينقل لهم صورة مجسدة لجهنم كما يشير إلى ذلك النص القرآني(16). إجمالا فإنه يدعو العشاق إلى "ملاءمة الشهوة مع مقتضيات القانون الإلهي"(71).

من جهته، الحب الإلهي الذي أشرنا إليه سابقا يمكن أن يجسم بواسطة دائرة، في مقابل الحب البشري الذي يجسم بواسطة مربع.إن الدائرة ستوجه الفنون والكون، وهكذا سنجد انه في موسوعة إخوان الصفا يتم التشديد على أن" الخالق لا يخلق شيئا إلا ويكون كاملا ودقيقا، لهذا خلق الدوائر السماوية بطريقة دائرية لأن هذا الشكل هو الأكثر كمالا"(18). إن الدائرة، في معظم الثقافات، تشكل رمزا لكل ما هو روحي وثابت وهام ولا مرئي.في هذا الصدد يشار إلى أن الدائرة تحيل، كذلك، على السماء ذات الحركة الدائرية وغير المتغيرة"(19). من هنا، أيضا، نجد أن هذا الشكل يرتبط أصلا برموز من قبيل العجلة وغيرها.ويمكن أن نلاحظ هذا الشكل الدائري، كذلك، عند الحجاج الذين يطوفون بالكعبة وبمنبع زمزم ولم لا عند الدراويش المتصوفة الذين يؤدون رقصة ذات شكل دائري وهم يدورون.

بعد أن عرضنا، في عجالة، لرمزي المربع والدائرة نقدم ها هنا تأويل ذلك في علاقة ببنية "طوق الحمامة": إن التقسيم الرمزي السابق لذا المؤلف حول الأشكال الهندسية ليس شيئا جديدا البتة، إذ علينا أن نضع في الحسبان أن ابن حزم تلقى تكوينا فكريا واسعا جدا بحيث درس بصورة معمقة جدا علم الحساب والهندسة والفلسفة والتاريخ والنحو والسياسة والدين من بين مباحث أخرى.

كذلك نذكر بأن الهندسة بالنسبة للعالم الإسلامي تعتبر واحدة من الفنون الأساسية، فرغم أن "الرياضيات وعلم الحساب والهندسة تقدم لنا كعنصر رئيسي في الجمالية الإسلامية، فإن الهندسة تبقى محركا لا محيد عنه في هذه الجمالية"(20). إن ما أتينا عليه، سابقا، يبدو بدهيا بمجرد ما نتأمل منظر الحدائق العربية ذات الشكل المربع، غالبا، بالإضافة إلى وجود منبع ماء في الوسط (21). الشكل الثماني، الذي هو ضعف الشكل المربع، متواجد بكثافة في العديد من الصروح كما هو الشأن بالنسبة لقبة الحجر في القدس وقاعة الأختين في قصر الحمراء بغرناطة. لكن يبدو أن الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لهذه الدراسة يكمن في الإشارة إلى أن قباب هذه المساجد "التي تشكل مجسما ثماني الرؤوس (23) نظرا لتقاطع أربعة أقواس متوازية)، تتأطر ضمن دائرة بنفس الطريقة التي يتأطر فيها المربع (الحب البشري) داخل حلقة (الحب الإلهي). وهكذا تتبدى لنا قبة مسجد قرطبة: ففيما يتعلق ببنية المساجد تجدر الإشارة إلى أن "مربع الطابق الأرضي ومربع بنية المحل الذي تتموضع فوقه القبة يجسد عالمنا عن طريق الجوانب الأربعة المعبرة عن الجهات الأربع والعناصر الأربعة(...)، هذا بالإضافة إلى المحاكاة الضمنية للشكل التكعيبي للكعبة التي تجسد، أيضا، بتربيعها العالم كله "(24).

إن العلاقة القائمة بين الدائرة والمكعب هي، من جانب، علاقة بين ما هو كامل وما هو غير كامل، أما من جانب آخر فإن "العلاقة بين السماء والأرض، والتي تحدد فيها السماء بحركيتها الدائرية اللامحدودة والأرض بقطبيتها عن طريق تجاذبات رباعية كما هو الشأن مع حالة الساخن والبارد والريان والجاف"(25)، أمر يوجهنا من جديد إلى العناصر الأربعة.

سنحلل، في الحال، شعرية الحب الكائنة في "طوق الحمامة" واضعين في الحسبان أحد هذه العناصر الأربعة وهو: النار، ليس فقط بسبب حضورها المكثف داخل النص ولكن نظرا لأهميتها في تشكيل آليته الرمزية، ليتضمن بذلك تقليدا ناريا له أصول أسطورية وتاريخية ودينية.


الحب الناري:

بالرغم من أننا قدمنا، سابقا، مفهوم الحب لدى ابن حزم، فإنه سيكون من المفيد والضروري تحليل الأوصاف والنعوت التي يخلعها عليه. في المقام الأول، نرى أن السارد يؤكد أن الحب ليس هو الشهوة، بحيث إنه لا ينشأ فورا وإنما ينتج عن صيرورة طويلة يقطع فيها العديد من الطرق الملتوية.يشير في هذا الصدد إلى أن: " الحب الحقيقي لا يولد في ساعته كما قد لا يطاوعنا حجر الصوان فنحصل على النار كلما أردنا"(26)، مقرا أيضا أنه ليس المحب هو من يحدد تبادلية الحب من طرف المحبوب.إن التبادلية هي واحدة من خصائص الحب التي تتجاور مع خصائص أخرى له حسب أوكتافيو باث (27) منها حق الإنفراد بالمحبوب ثم الحرية اللتان توجدان بدورهما في في نص ابن حزم حتى وإن كان هذا الأخير يقحمهما في إطار أخلاقي وديني-إسلامي، وهو الأمر الذي لم يفعله أوكتافيو باث.

إن الكاتب الظاهري لا يحيل فقط على ميلاد النار- الحب ولكن إلى نفس المصطلح.مثلا يقول: "أجد حبك كالجمر/ الذي يحرق، لكن من تحت الرماد"(28). نسجل في هذه الاستعارة ربطا ثانيا (29) بين الحب والنار، وهي هنا استعارة ذات طبيعة شهوانية: "من الصعب إشعاله وإخماده "(30). إن الكلام السالف يشير إلى الوشيجة التي تنشأ بفضل الحب بين شخصين ما دام الحب/النار، وبخلاف الشهوة التي هي شديدة التقلب حسب ابن حزم، يتسامى ويركن في المحب الشيء الذي يجعل من النسيان أمرا مضنيا.

في المقام الثاني، يتم ربط النار/ الحب بالحرارة: "كان جسمه محموما وقلبه مشتعلا"(31).يشير باشلار إلى أن الحرارة خاصية لا تظهر فقط في سطح الأشياء ولكن تنفذ إلى أعماقها.هذه الحرارة المميزة للنار يمكن أن تكون شبيهة بالرغبة الجنسية، من هنا نفهم الجسم المحموم الذي تمت الإحالة عليه في البيت الشعري السابق لابن حزم. هذه الحرارة التي نفهمها كرغبة جنسية عارمة ستعاود الظهور، أيضا، في الشاهد التالي:"جمالها يمكن أن ينوب مناب جمال الزهور، كما أن نفسي يمكن أن تنوب مناب النار"(32).هذه الاستعارة -التشبيه تقدم علاقة أثارت انتباهي لأن الشخص المحبوب يقارن بالزهر(عنصر أرضي)، بينما المحب يقارن بالنار التي ترمز إلى اللذة كما تمت الإشارة إلى ذلك. هذه الصورة تحيلنا، بكل وضوح، إلى ذلك المحور الناري - الأرضي الذي طرحه ماريس شنايدر والذي يرتبط بالطاقة الجسدية والطابع الجنسي، عكس المحور الناري - الهوائي ذي المقصدية الروحية والتطهيرية. في رأينا، نرى أن رسالة ابن حزم تنبني على المحور الأول، ما دام أن التطهير والسمو الصوفي يرتبطان داخل النص بالماء وليس بالنار التي تشير إلى الحب - اللذة(33)، وإلى النار التي سيعاني منها الكافرون في جهنم، يوم القيامة، كما سنبين ذلك في القادم من هذا البحث.

في المقام الثالث، تظهر في النص استعارة- تشبيه خاصة بالنار- الحب، لكن هذه المرة ترتبط بالإشراق الناري: "إن بواعث الحب تحمل على اللقاء /كما الساري الذي يهتدي في طريقه بلمعان النار"(34).تظهر هذه البواعث في الرسالة كمثيرات:نظرات خاطفة، تبادل التحية( دون أن يفطن إلى ذلك النمامون والجواسيس والرقباء)، تشكل طريقة ملائمة لتحقيق الوصال.إن هذه العلامات التي أشرنا إليها تتم مقارنتها بأشعة الضوء التي تبعثها النار بالليل، والتي يمكن أن نؤولها بنار (ضوء) النجوم أو نار المحرقات المعلقة في إحدى البيوت، ولم لا، نار البدو في الصحراء.لكن، وبغض النظر، عن التأويل المناسب الذي يمكن أن نختاره فإنا نسجل حضور دلالة رباعية: الحب (النار) يدل المحب (الساري) بواسطة علامات (ضوء) نحو لقاء المحبوب (المكان المفقود).

إن اللمعان، الذي أحلنا عليه سابقا، يحضر، كذلك، بطريقة ضمنية، وبامتياز، في إحدى العناصر النارية ألا وهو الشمس. في هذا الصدد يقول القائل: " حسنك وجمالك في غنى عن كل شيء/ كالشمس في كبد السماء لا تحتاج إلى لآلئ كي تضيء" (35). هذه الصورة التشبيهية، حيث الشخص المحبوب يشبه بالشمس، توجد بكثرة في آداب العصور الوسطى كما هو الحال مع الحب العذري الذي يصور المحبوبة (الشمس) كمركز وجود المحب(مركز النظام الشمسي). وهكذا نجد دانتي ألغييري ينهي كوميدياه بالإشارة إلى الشمس والحب. في التقاليد الإسلامية يشير إخوان الصفا إلى أن الشمس هي الكوكب الأكثر أهمية لأنه يتموضع في وسط السماء، فهو " منبع الحرارة والحياة والحب والمعرفة والرؤية والحسن والجمال"(36). إن المهم هو أن ابن حزم يدرك هذا الجمال الشمسي في إطار ديني، ومن ثمة وجب أن نذكر أن الجمال مظهر رئيس في علم الجمال والدين الإسلاميين. في علاقة بذلك يشير الحديث النبوي إلى أن "الله جميل ويحب الجمال". جمال العالم، إذن، لايمكن فهمه كفكرة مقصورة على الأشياء المادية الزائلة بل هو اسم من أسماء الله الحسنى، ذلك أن الذي خلق عالما جميلا يكون حتما أصل الجمال. هكذا، إذن، تنير المحبوبة /الشمس بجمالها المحبوب/ العالم مثل النار- الحب اللذين خلقهما الله.

بيد أنه لا تتجسد النار- الحب في "طوق الحمامة" بواسطة الشمس فقط بل بواسطة النجوم كذلك التي تضيء وترافق الشخص المحب: "النجوم، ليلا، رمز/لنيران الحب المستعرة في عتمة فكري"(37). يبدو واضحا في هذا البيت الشعري كيف أن هذا الشاعر الغنائي قد قام بإسقاط أرواحي على عناصر الطبيعة والتي يتحد معها بدورها.يتذكر السارد حبه بينما هو يتأمل تلك النجوم التي ترمز لأحبته عاكسا هذا الزوج من المتناقضات: الضوء والظلام، وهما ثنائيتان تحضران لتوضحا كيف أن المحب في عزلته القاتمة أو بلبلته يستشعر الأنس أمام هذا المنظر. يؤكد أيضا أن " النجوم البراقة التي تحجب السحب وهجها / مثل حبك الذي أخفي أمام الناس"(38). نلاحظ في هذا التشبيه، كذلك، ظهور الخاصية النارية للمعان، وإن بطريقة ضمنية، إذ يتم تقديمها ها هنا بطريقة خفية.إن هذا هو الحب الذي يشعر به المحب فيستمر كاتما إياه أمام الناس.

ما يلفت الانتباه هو أن هذا اللمعان الناري العشقي يظهر، ليس فقط، كرمز للشخص المحبوب، ولكن كعنصر يفتن المحب: " كم حمت حول الحب / كما تقع الفراشة في النار ليلا"(39). في هذا التشبيه يستسلم المحب-الفراشة، في النهاية، أمام الحب-الضوء، لكن نحن نعلم جيدا أن الفراشة الليلية التي تبحث عن القنديل تحترق عندما تبالغ في الاقتراب منه كما حدث تماما مع إيكارو عندما طار حتى لامس الشمس.على أية حال، فصورة الفراشة التي تقترب من القنديل (الضوء) لا تظهر فقط عند ابن حزم ولكن توجد عند مؤلفين آخرين من طينة الشاعر ابن زيدون : "أحيانا/ تبحث الفراشة عن النار"(40)، وابن إدريس اليمني: "قناديل تتصارع حولها الفراشات"(41).

علاوة على النعوت التي تم إضفاؤها على النار- الحب يمكن أن نبين أن الحب الناري يمكن إدراكه كعذاب وهو أمر حاضر بقوة في تاريخ الإنسانية وفي الآداب خاصة المتعلقة بالعصر الوسيط(42). على وجه التحديد، يبدو الحب في هذا النص كألم متمرد : "توجد في قلبه نار مستعرة /فيا لمعاناة المحب المهموم""(43)، و"...كي أهدئ من نار اصطلامي وشوقي إليك برؤية منك / نار حبك وكأنها محرقة من جمرشجر التمر الهندي"(44). إن حريق جمر شجر التمر الهندي هنا استعارة للرغبة غير المشبعة بالنسبة للمحب، فهي رغبة لم تتم تلبيتها وتسعى إلى أن تنطفئ عبر لقاء المحبوب.يتم اللجوء هنا إلى تجسيد المجرد: رغبة المحب وميله العاطفي اللذان يتم التعبير عنهما بواسطة جمر التمر الهندي الذي يمثل مادة قابلة للاحتراق بامتياز. لا يفوتنا أن نسجل أن المحب بالنسبة لابن حزم ضحية للحب كما هو حال المحبين باولو وفرانسيسكا: "لقد قادنا الحب لنموت معا"(45)، أو تريستان وإيسولدا، هذا فقط لكي نشير إلى بعض الشخوص الأدبية.غير أن عملية نحت شخصية المحب الضحية (حاله تسنده قوة الحب) ترتبط عند ابن حزم بمعاناة مبهجة كما يتبدى ذلك من خلال جمل من قبيل : "أنا سعيد بأن أقع ضحية لحبك"(46). إن هذا النوع من الألم الوديع يقدم نوعا من التماس مع الشعر العذري في العصر الوسيط. وهكذا نجد أوكتافيو باث يشير إلى أنه: " بالنسبة للشعراء الغزالين الذين يقتفون، في هذا الأمر، أثر ابن حزم والغزل العربي، يبدو الحب ثمرة لمجتمع رفيع الذوق، وليس بعاطفة مأساوية رغم عذابات ومتاعب المغرمين لأن غايته، في نهاية المطاف، هي السعادة التي تنتج عن الجمع بين المتعة والتأمل بين العالم الطبيعي والروحي"(47).

غير أن ذلك القرب بين المحبين والذي من شأنه أن يخفف عن المحب، يمكن أن تكون له نتيجة عكسية، كما يتضح ذلك من خلال هذه الأبيات الشعرية: " قبلته وأنا أريد أن أسلي نفسي/ لكن قلبي ازداد جفافا عوض أن يرتوي/ فأحشائي مثل الهشيم/ إذ يلقى فيه بجمرة مشتعلة"(48).

إن البيتين الشعريين الأولين المبنيين على استعارة- وصف يفصحان لنا عن الكيفية التي يستشعر الشاعر بها قلبه (كناية عن الروح)، بحيث يبدو كمكان قاحل/جاف وعقيم رغم وصاله مع من يحب. هكذا يتضح النقص الذي يحسه المحب، حيث يتمظهر بجلاء في البيتين الشعريين الأخيرين المنطويين أيضا على استعارة- تشبيه، حيث الأحشاء (مجاز مرسل خاص بالمحب) ذابلة وجافة مثل الهشيم. إنه لشيء مهم هذا اللعب الشعري الناتج عن الربط بين النار- الحب، حيث تتم الإشارة بطريقة مباشرة إلى احترافية العناصر، وبطريقة غير مباشرة إلى القدرة الغزلية والغرامية للأشخاص، تلك القدرة التي تنمو وتثار بفعل القبلة (جمرة مشتعلة).

إن قابلية احتراق العناصر، المنظور إليها كقدرة غرامية وعاطفية لدى المحب تحضر كذلك، وبطريقة فيها شيء من المبالغة، عندما تتم الإشارة إلى أن المحب: " وصل إلى درجة الذوبان من فرط الحب"(49). في هذا المثال، ينتشر الحب ويذيع ويستولي على من يحب ويرغب في الطرف الآخر. إن الحب بالنسبة لابن حزم، كما هو واضح، في الفصلVII، قوة تهد العنيد وتهدم المتماسك بل حتى الأكثر صلابة.من هنا لا يفلح المحب في الفرار من هذا المرض الوديع/الناعم الذي يملك عليه مجامع نفسه.

إن قوة النار- الحب تحضر بثبات، مثلا، في مؤلف أدبي متأخر، كفاية، عن نظيره لابن حزم وهو "غاوي اشبيلية" لتيرسو دي مولينا، عندما تستسلم تسبيا Tisbea التي استسلمت لإغراءات ضون خوان في نهاية الفصل الأول: "الروح، الرحمة، إن الروح تتحرق"(50). هكذا يمكن أن نجد العديد من الأمثلة الواردة كي نبين هذا الارتباط الغزلي والعشقي- الناري.

إذا كنا قد أقررنا سالفا أن الحب بالنسبة لابن حزم عذاب جميل ومثير للبهجة فإن الأمر سيصبح مغايرا عندما يموت المحبوب كما في المثال التالي:

تمنيت أن أموت انا ويحيى هو (المحبوب)،
تمنيت أن أموت قبل أن تحل بي هذه
المصيبة التي تحرق أحشائي.

لكن ليست النار وحدها هي التي تتبدى كتعبير عن الأشواق الحميمة للمتكلم، إذ يتم استعمال الماء، كعنصر أسطوري، والذي تتم أنسنته كما يحدث في المثال التالي:

متى ستنال روحي مرادها من ذلك الغزال
الذي لا يكف عن تعذيبي(...)،
فعندما سأجد الماء علي أن أطفئ
به حر الجمر الذي يحرقني(51).

في هذه الأبيات أعلاه يشكل كل من الغزال والماء رمزين للمحبوب.و تجب الإشارة ها هنا إلى أن صورة الغزال هي صورة مستهلكة في الأدب العربي، كما أنها حاضرة في كتاب "نشيد الأناشيد" حيث يتم تشبيه المحبوب بهذا الحيوان في الجمال. غير أن الجديد في مؤلف ابن حزم هي تلكم العلاقة التي تتأسس على الماء - النار- الحب والتي تظهر في أبيات شعرية أخرى من هذا النص.إن الماء هنا يرمز، على امتداد النص، إلى حضور المحبوب وتبادلية الحب معه، بينما ترمز النار، في مرات كثيرة إلى رغبة المحب. إن لهذه العلاقة بين النار - الماء تفسيرات أسطورية حسب غاستون باشلار، ما دام الماء" ينشط بواسطة النار"(52). يعني أن الحب هو الآخر يحتاج إلى الغزلية والعاطفة والإثارة. فهذه الثنائية النار- الماء يمكن أن نلاحظها أيضا في هذا البيت الشعري:

" انتعشت عيناي بقربك مني/كما احترقتا في أيام بعدك عني" .

إن هذا المثال يتضمن استعارة موجودة في الفعل "انتعشت " أي أفرحت وجددت. نسجل، كذلك، حضور مجاز مرسل حيث ذكر الجزء(العينان) وأراد به الكل (المحب) بحيث أنه هو الذي يحس على أنه تجدد بفضل حضور المحبوب. فأن ينتعش المحب فذلك يعني ضمنيا حضور الماء لأن "الانتعاش هو صفة للماء"(54).هكذا يتجدد المحب عن طريق الماء-الحب، ما دام "لمس الماء يستلزم، دائما، فعل التجدد"(55). هذا التجدد سينتج بعد معاناة ناجمة عن طول الغياب والبعاد الذين سببا له هذا الأوار( الاصطلام): قلق الحب عند المحب المنعزل.

غير أن هذا الماء وهذه النار كعنصرين متضادين يجتمعان عندما يتعلق الأمر بهموم وأحزان المحب: " علامات الهم هي تلك النار التي تحرق القلب/ والدموع التي تنسكب جارية على الخدود"(56). في هذا الصدد يمكن أن نشير إلى أن هذا الجمع بين النار- الماء كالأوار-النحيب هو أمر مبتذل في الشعر العربي الكلاسيكي والشعر الأندلسي. وهكذا نجد الشاعر المشهور ابن زيدون ينظم هذه الأبيات الشعرية لولادة بنت المستكفي ( التي تعتبر صافو الأندلس حسب إميليو غارسيا غومث وجورج صاند بالنسبة لغابرييلى):

(...) لقد قطع الشوق أحشائي المصطلمة / وفاضت عيناي دمعا وأنا أنتحب"(57).

صحيح أن هناك إشارات إلى النار وعلاقتها بالحب على طول هذا العمل لابن حزم، لكن في الفصل الأخير المعنون بـــ"عظة العفة" يبدو أنها تكتسب دلالة مغايرة بعض الشيء، ربما لأن ابن حزم يغوص في مدلول أسطوري - ديني للنار:حضور النار في جهنم.

في هذا الفصل السالف الذكر يتم مدح الرجل العفيف، ونحن نذكر أن العفة بالنسبة لهذا الظاهري لا تستلزم التخلي عن الحب بقدر ما تحث على أن يكون هذا الأخير ورعا وحلالا بحيث ينأى عن كل خطيئة.وعليه إذا كان الوصال يبعد المؤمن عن دينه وعن التعاليم الإسلامية توجب عليه أن يحاول النسيان إذن.ثم إن الله سيجازيه عن هذه الجراحات بأن ينجيه يوم القيامة. وكم جميل أن يخفي في قلبه هذا الأوار الشبيه بحر الجمر... وأن يبعده عن روحه ما استطاع، بالقوة، حيث كانت هذه الروح تتنهد من أجله وكانت مستعدة لتحتضنه وما كان ليمنعها منه مانع"(58).

في هذا المثال نلاحظ، مرة أخرى، أنه يتم ربط نار الجمر مع العاطفة التي يستشعرها المحب والتي يجب كتمانها لأنها حرام.لكن المؤلف يذهب، أبعد من ذلك، محذرا القراء من العقاب الذي ينتظر هؤلاء الذين يذلون إيمانهم بسبب الشهوة والحب المفرط واصفا جهنم بأنها: "دار لاتخمد نارها" (59).

إن ما تقدم، يبدو من الأهمية بمكان، لأنه على طول هذا البحث تم تحليل هذا الربط الذي يقدمه ابن حزم بين النار- الحب، لكن في الفصل الأخير حيث تبدو النار، تحديدا رمزا لذلك المكان المقابل للجنة، ذلك المكان الذي تتلظى فيه " نار فرن جهنم"(60). ومن جديد تحضر ثنائية النار- الماء، لأنه إذا كان في جهنم النار فإنه في الجنة تعم الأنهار البلورية في حدائق خصبة كما يشير إلى ذلك النص القرآني: " في الجنة ستكون هناك أنهار صافية ونقية، أنهار من حليب (...) هل من سيكون في هذه الحديقة الحلم يمكن تشبيهه بالذي يعيش في نار جهنم خالدا؟"(61).إن كلمات ابن حزم، وهو يهم بختام هذا الفصل، تحض المؤمنين أن يحبوا وفق ما يقتضيه القانون القرآني متكئا على بعض الثوابت الأدبية الكلاسيكية من قبيل سرعة زوال الزمان (tempus fugit) : " الزمان ينقضي، حقا، بسرعة وأنت منهمك في اللعب"(62) و"كم من الأقوام خدعها الزمان قبلنا / وأمام عينيك منازلها ماثلة وهي خراب"(63). ولهذا نجد المؤلف يحيل على يوم الحساب مطنبا في شرح بعض الآيات القرآنية المصورة لهذه اللحظة، الشيء الذي يرهب، دون شك، القارئ ويجعله يستغرق في التفكير.

كي ينهي ابن حزم رسالته اختار العنصر الناري:" إذن وحسرتاهỊ، كيف لا نترك رغبتنا / من أجل أن ننجو من نار تتلظى"(64)، محيلا مرة أخرى على جهنم. من دون شك، هذه الإحالة ليست بريئة لأنه كما أتينا على ذلك، على طول هذا البحث، تبدو النار واحدا من المحاور الرئيسة في "طوق الحمامة".

في الختام، نقول إن ابن حزم وضع شعرية للعشق، للحب والمحبين حيث يلعب العنصر الناري دورا جوهريا في تشكيل عالم أسطوري، رمزي وديني حول الحب، الشيء الذي يحفز، ومن دون شك، على قراءة عمله هذا ويضمن عالميته ثم يدفع إلى إنجاز دراسات جديدة حول إرث الأندلس.

 باولينا لوركا: مجازة في الآداب من جامعة الشيلي الكاثوليكية. حاصلة على دبلوم في الثقافة العربية والإسلامية من مركز الدراسات العربية بجامعة الشيلي.



ترجمة: لحسن الكيري
باحث في الترجمة و التواصل – الدار البيضاء – المغرب

....................

 هوامش الدراسة:

1. Lomba Fuentes, Joaquín. “Belleza y amor en el pensamiento de Ibn Hazm”. 43-68. Miguel Cruz Hernández y otros. Filosofía medieval árabe en España. Madrid: Fundación Fernando Rielo. 62.
2. Claramente Platón.
3. Hazm, Ibn. El collar de la paloma. Traducción de Emilio García Gómez. Madrid: Sociedad de Estudios y Publicaciones, 1952. 76.
4. Platón. Obras completas. Traducción de Juan David García Bacca. México: UNAM, 1944. 30.
5. Eliade, Mircea y Joseph Kitagawa . Metodología de la historia de las religiones. Traducción Saad Chedid. Barcelona: Paidós, 1999. 137.

6. Alexander Roob en su libro Alquimia y mística, cita un interesante diagrama de San Isidro de Sevilla con respecto a los cuatro elementos y sus incidencias en las personalidades.
7. “los cuatro puntos cardinales son sobre todo las cuatro patrias de los grandes vientos. Los cuatro grandes vientos nos parece que fundan, en muchos aspectos, el Cuatro Cósmico”. Bachelard, Gastón. El aire y los sueños. México D.F.: FCE, 1958. 289.
8. Battistini, Matilde. Símbolos y alegorías. Barcelona: Electa, 2003. 202.
9. Cirlot, Juan-Eduardo. Diccionario de símbolos tradicionales. Barcelona: Miracle, 1958. 314.
10. Chevalier, Jean y Alain Gheerbrant. Diccionario de símbolos. Barcelona: Herder, 1995. 383.
11. Cirlot, Juan-Eduardo. Op.cit., 314.
12. Jung, Carl. El hombre y sus símbolos. Barcelona: Caralt, 2002. 250.
13. Chevalier, Jean y Alain Gheerbrant. Op.cit., 370.
14. Hazm, Ibn. Op.cit., 258.
15. Ibid., 289.
16. Azora XI, por mencionar uno de los muchos ejemplos donde aparece mencionado el infierno en el texto sagrado.
17. Puerta Vílchez, José Miguel. Historia del pensamiento estético árabe. Madrid: Akal, 1997. 509.
18. Citado por Joaquín Lomba en El mundo tan bello como es: Pensamiento y arte musulmán. Barcelona: Edhasa, 2005. 197.
19. Chavalier, Jean y Alain Gheerbrant. Op.cit., 301.
20. Lomba, Joaquín. Op. cit. , 202.
21. Para ahondar en esta materia, sugiero la lectura de La arquitectura en la literatura árabe de María Jesús Rubiera Mata. Madrid: Hiperión 1988.
22. Según Papadopoulo, el octógono, al ser el doble del cuadrado multiplica sus efectos esotéricos. Papadopoulo, Alexandre. El Islam y el arte musulmán. Barcelona: Gili, 1977. 189.
23. El octógono mediaría entre el cuadrado y el círculo, entre la tierra y el cielo, según Chevalier y Gheerbrant.
24. Lomba, Joaquín. Op.cit., 215-216.
25. Burckhardt, Titus. El arte del islam. Palma de Mallorca: Olañeta, 1999. 67.
26. Hazm, Ibn. Op. cit., 105.
27. Paz, Octavio. La llama doble. Barcelona: Seix Barral, 2001.
28. Hazm, Ibn. Op.cit., 231.
29. Para el análisis seguiremos la taxonomía de Michel Le Guern en La metáfora y la metonimia. Cátedra: Madrid, 1985.
30. Bachelard, Gastón. Psicoanálisis del fuego. Madrid: Alianza, 1966. 109.
31. Hazm, Ibn. Op.cit., 199.
32. Ibid., 202.
33. Con respecto al simbolismo del fuego y, específicamente, al calor, sugiero la lectura de Símbolos y mitos de Manuel Alvar quien realiza un interesante y acabado estudio de este elemento en las obras de Federico García Lorca.
34. Hazm, Ibn. Op.cit., 168.
35. Ibid., 199.
36. Lomba, Joaquín. Op.cit., 156.
37. Hazm, Ibn. Op.cit., 89.
38. Ibid.
39. Ibid., 168.
40. Citado en Teresa Garulo La literatura árabe de Al-Andalus . Madrid: Hiperión, 1998. 115.
41. Citado en Esplendor de Al-Andalus de Henri Pérès. Madrid: Hiperión, 1953. 253.
42. Bellos y pertinentes ejemplos pueden obtenerse en Poesía y arte de los árabes en España y Sicilia de Adolf Friedrich von Schack, La literatura árabe de Al-Andalus de Teresa Garulo, Cancionero de Guido Cavalcanti y La Vida Nueva de Dante Alighieri, por mencionar algunos.
43. Hazm, Ibn. Op.cit., 181.
44. Ibid., 199.
45. Alighieri, Dante. Divina Comedia. Madrid: Cátedra, 1999. 107.
46. Hazm, Ibn. Op.cit., 198.
47. Paz, Octavio. Op.cit., 97.
48. Hazm, Ibn. Op.cit., 161.
49. Ibid.
50. De Molina, Tirso. El burlador de Sevilla. Madrid: Cátedra, 2005. 198.
51. Hazm, Ibn. Op.cit., 200.
52. Ibid. 138.
53. Bachelard, Gastón. Psicoanálisis del fuego. Madrid: Alianza, 1966. 120.
54. Hazm, Ibn. Op.cit., 200.
55. Bachelard, Gastón. El agua y los sueños. México: FCE, 1988. 56
56. “Las aguas y el simbolismo acuático” en Tratado de Historia de las religiones. Madrid: Cristiandad, 2000. 297.
57. Hazm, Ibn. Op.cit., 93.
58. García Gómez, Emilio. Qasidas de Andalucía. Madrid: s/e, 1940. 27.
59. Hazm, Ibn. Op.cit., 282.
60. Ibid., 289.
61. Ibid., 291.
62. El Corán. Traducción de Juan Vernet. Barcelona: Planeta, 2001. 454.
63. Hazm, Ibn. Op.cit., 290.
64. Ibid.


.
صورة مفقودة
 
أعلى