عالية طالب - الكتابة النسوية الإيروتيكية

يقول "فسيرولنيك" أحد أهم الباحثين النفسيين والإنثرولوجيين الحاليين في فرنسا (بأن تاريخ الحب الذي كتب عنه في الغرب بإسهاب كان من اختراع العرب في القرن الحادي عشر الميلادي). ولم تأت عبارته من فراغ، بل استند الى حجم الكتب والمراجع الإيروتيكية العربية الكثيرة المحفوظة بالمكتبات الأوروبية "المكتبة الوطنية الفرنسية مثلا" التي تنتظر من يحققها ويعيد نشر الممنوع منها والمغفل.
وحين نستعرض بعضها فسنقف عند:"تحفة العروس ومتعة النفوس" للتيجاني و"عودة الشيخ إلى صباه" و"نزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب" للتيفاشي و"المحاضرات" للراغب الاصبهاني، و" ديوان أبو نواس" و"الف ليلة وليلة" و"حماسة أبو تمام" و"الأغاني للأصفهاني" و" الحماسة المغربية" و" العقد الفريد"…وغيرها من كتب مليئة بمعاني الحب والعلاقات الانسانية بين الرجل والمرأة التي كتبت بطريقة تقترب مما يتعارف عليه بالأدب الفاضح أو الصريح. وهو ما ابتعدت عنه الكتابات النسوية لزمن طويل، ثم تغيرت تلك المرحلة لتبدأ مرحلة جديدة من كتابات نسوية تمظهرت بصراحتها التي وجدت معارضا ومؤيدا في المجتمعات كافة التي صدرت فيها.
لكن الملاحظة المهمة أن أغلب تلك الكتابات صدرت عن مناطق عربية تقف بمعارضة شديدة لتناول المرأة لهذه المواضيع الحساسة ومنها السعودية، والغريب ان أكثر من 65 رواية أنتجت في السعودية بأقلام نسائية، ومنها 20 رواية صدرت في العام 2006 فقط، منعت الرقابة السعودية العديد منها، وصدرت في الأردن رواية "خارج الجسد" لعفاف البطاينة، ورواية "مرافئ الوهم" لليلى الأطرش، ورواية "أصل الهوى" لحزامة حبايب، التي منعتها الرقابة الأردنية، وفي البحرين صدرت لهدى عواجي رواية "إغواء امرأة".
أما في العراق فأصدرت منال الشيخ روايتها "قضم ظهيرة مقدّدة"، ورواية "الغلامة"، و"المحبوبات" لعالية ممدوح. ومن لبنان ظهرت رواية "أنا هي أنت" لإلهام منصور، ورواية "مريم الحكاية ودينا" لعلوية صبح، وقد مُنعت الروايتان من دخول مصر والاشتراك في معرض الكتاب السنوي القاهري. وهناك فضيلة الفاروق ورواياتها "اكتشاف الشهوة" و"تاء الخجل"، ومن سوريا هناك رواية "على صدري" لمنهل السراج،وزينب غاصب في "ملامح"، ورجاء عالم في "سيدي وحانة" التي مزجت فيها ما هو أسطوري بالصوفي في قالب لغوي تراثي وحداثوي في آن واحد، ورجاء الصائغ في روايتها "بنات الرياض" التي ترجمت إلى اللغة الألمانية واللغة الانجليزية، وحصلت على المركز الثامن في أكثر الكتب مبيعاً على الرغم من رأي بعض المتشددين فيها على أنها "دعوة للرذيلة" وإساءة للمعتقدات الدينية".
وسلوى النعيمي في "نهر العسل" التي رصدت فيه بعضا من الخجل والعقد الجنسية التي رسختها البيئة الاجتماعية والتي عالجتها بأسلوب فضائحي في صورته الصادمة الذي يصل إلى "البرونو". والشاعرة المصرية فاطمة ناعوت التي عبرت في قصيدتها "الرعوي" عن إيروتيكية مغلفة بخجل شفاف.
ورغم كل الآراء المتناقضة حول هذه الكتابات إلا أننا يمكن أن نؤشر واقعا مهما يتعلق بكشف المستور عن المسكوت عنه في المجتمع وفضح خفايا الظلم الذي تتعرض له المرأة خاصة في البلاد العربية وبعض دول قارة آسيا، التي تحرم على المرأة الكثير من حقوقها المدنية والإنسانية فجاءت تلك الكتابات فاضحة ليس للمرأة الكاتبة، بل للمجتمع الذي يفضل أن يخفي رأسه كالنعامة ليدع الممارسات الخاطئة تمر من فوق رأسه بسلام يتناقض مع الحق الإنساني للمرأة التي دأبت على دفع الضرائب لسبب أو بدونه.


.

صورة مفقودة
 
أعلى