علاء مشذوب عبود - الجنس والجسد

يولد الإنسان وما يميزه عن بعضه البعض هو تضاريس جسده، وتلك هي البوادر الأولى التي سيتميز بها الذكر عن الأنثى، في كون الأول يخضع لعملية الختان في كونها صحية، بينما الثانية تحصل لها هذه العملية في بعض البلدان وخاصة الأفريقية في كونها جنسية ونفسية واجتماعية،
ولكنها في طور الانقراض خاصة بعد أن أنشئت الكثير من الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني التي تداعي بمنع مثل هكذا عمليات قسرية تمارس على الفتاة، وهي أن تحصل عند الذكر فمن أجل منع تجمع الجراثيم داخل غمامة رأس عضوه الذكري والروائح الكريهة وهي طريقة فعالة للوقاية من تراكم المواد الدهنية، والأهم من كل ذلك هو أن العضو المختون يطيل مدة الجماع، وفي الوقت ذاته تساعده عند البلوغ والزواج من التمتع الجنسي مع قرينته، ما ينعكس إيجابيا في خلق حياة سعيدة، ولكنه عند الأنثى فأن عملية الختان عن طريق قص جزء من بظر المرأة من أجل إضعاف شهوتها، بدافع سيطرة المرأة على نفسها وأعتقد أن هذه العادة جاءت من التخلف والجهل وأن الرجال كانوا يذهبون في رحلات طويلة أما بسبب الحرب أو التجارة وبالتالي يكونوا مطمئنين على أن زوجاتهم لا يمكن أن تثار جنسيا في أثناء غيابهم. وعندما يصل الفتى الى سن البلوغ، واكتمال جهازه التناسلي الداخلي من خلال نضج مكوناته الداخلية والمتمثلة بـ( الخصيتين، والبريخ وزائدته، والقناه المنوية والحويصلات المنوية، وغدد كوبر) يكون لديه الاستعداد لممارسة الجنس، ومثله الفتاة عندما يصل نضجها الجسمي بحيث تحصل عندها (العادة الشهرية) وهذا إيعاز على أن جسم الفتاة أصبح كامل النمو من الناحية الجنسية، وهو أكيد ليس دلالة على كامل الأهلية للطرفين بحيث يمكن إعلان زواج الطرفين. وهذا يعني إن النضج الجنسي عند الطرفين ينعكس ظاهرياً على الجسد، فالجنس صنو الجسد، يتحكم كل منهما بالآخر ويعبر كل منهما بالآخر، فحيث ما اكتمل نضج أعضاء الجنس داخل جسم الإنسان، فأن ذلك سيظهر بيناً على جسده وخصوصاً عند المرأة، حيث يكتمل جهازها التناسلي من الداخل والذي يتكلل بحالة الطمث عندها، ونشوء النهدين، وتكور وركها، وظهور عند البعض منهن حب الشباب على الوجه وما يرافق ذلك من نعومة الصوت "فلصوت المرأة الناعم، جرس خاص يؤثر في نفس الرجل ويجذبه إليها، ويبعث في أعماقه شتى المشاعر والأحاسيس، لقد تنهد الشاعر (هين) مرة فقال: آه لو استطعت أن أسمع الأغنية الحلوة القصيرة التي غنتها حبيبتي العزيزة منذ وقت طويل! أذن لأجتاح صدري فيض من الحنين، فالصوت الجميل يصاحب اللذة العارمة فقد تتيقظ الشهوة بشكل غريب جدا قد لا يصدق لمجرد سماع جرس الصوت وتنغيم الكلمة" . وان تهيأت الظروف الطبيعية والمناسبة لعقد الزواج بين الطرفين فعندها ستكون العملية الجنسية طبيعية بين الطرفين، يعمل الجسم من الداخل على تهيأت أعضائه الداخلية، مثلما يعمل الجسد من الخارج على تهيأت الجو المناسب لقيام العملية، وكلا منهما مقرون بالآخر والظروف المحيطة به، إذ أن الدافع الحسي يكون في هذه الحالة قوي وعنيف وقد يصل في بعض حالاته الى أقوى من الخوف والجوع، وهو عند المرأة بدافع الأمومة والعاطفة ولكنه عند الرجل بدافع الرغبة في الخلود والبقاء، وهو في العموم عند الإنسان إضافة إلى أنه رغبة حسية، فأنه يحفظ للجنس البشري نوعه، وهو أساس الرغبة في التكاثر. يقول غوستاف فرنست "ليست الحياة الجنسية دنسا، والواقع أنها العكس لأنها زينة الحياة الدنيا، وهي نعمة من الله تشبه النسائم المنعشة الحلوة التي تهب في الربيع، فلنستمتع بضمير مطمئن ولنقبل عليها في غبطة وبهجة، ولنتمناها لكل فتى صحيح ناضج، ولكل فتاة صحيحة ناضجة ما داما يرغبان فيها، ويحتاجان إليها". وبالعكس من ذلك فإن عدم توفر الظروف المناسبة للقيام بالعملية الجنسية، سيترك عوامل سلبية نفسية وجسدية على كلا الطرفين، وأولهما هو الاختيار الخاطئ، فالكثير من الفتيات يحلمن برجل يحقق لهن أحلامهن، وأكيد أن هذا النوع من الرجال لن يكون شاباً بل قد تجاوز عتبة الخمسين في العموم، وأنها سوف تصدم بواقع أنها لا تحيى بالمال فقط، وأن الليل وفراش الزوجية سيكون هو المحك الأكبر عندها، وعندئذ تتمنى لو أنها اقترنت بمن يوازيها بالعمر والطموح والأحلام ليكبرا معاً، وهذا ينطبق على الرجل أيضاً. وقد يكون الاقتران متوازي بالعمر ولكن التوافق غير حاضر، وعندها سينعكس ذلك سلبا على التحفيز الداخلي للجسم، ومثله الخارجي للجسد، وتقول في ذلك (جينا لمبروزو) في كتاب نفس المرأة " أن العزلة التي قد يفرضها الرجل على زوجته أشد إيلاما وحذرا من الاستبداد والتوحش العنيف الذين يستهجنهما الرأي العام بشدة، فهذه الآلام تراها العين، وهي ليست إلا آلاما بدنية"، أما عزلة الهجر، فهي عذاب غليظ لا تراه العين ولا يتصوره العقل، وهي تسمم كل ساعة في اليوم وتملأ أيام الحياة كلها بالشقاء، ذلك لأن الوحدة هدم للأمل والحياة. أو قد يصيب البرود الجنسي كلا الطرفين، أو أحدهما، وفي العموم فأن المرأة غالباً ما تتأخر في بلوغ ذروة اللذة عن الرجل، بمعنى تكون متعتها ناقصة، في الوقت الذي يكون الرجل قد بلغ ذروته، ولذلك لابد أن تكون العلاقة الجنسية بين الطرفين ليست على وتيرة واحدة ومنتظمة، بل تأخذ أوضاع وأشكال مختلفة عند الجماع. مثلما تلعب العوامل النفسية كالخوف والقلق دور كبير في العملية الجنسية، والتي تنعكس على تصرفات الطرفين بالبرود الجنسي والسكينة الجسدية. ويمكن إيجاز سرعة القذف عند الرجال حسب ما شخصها الأطباء الأخصائيون لما لها من أثر خطير على العلاقات الزوجية لثلاثة أسباب هي: 1 - الاستمناء باليد: وهي عادة سيئة عند العزاب، يفرطون في بعض البيئات الى حد الجنون، وهذا يفضي بلا شك الى سرعة القذف... 2 - الإفراط بالجماع: يؤدي غالبا الى سرعة القذف، وخاصة بين العزاب الذين يتحينون الفرص لإرواء ظمأهم الجنسي بلا روية أو اعتدال. 3 - البيئة والتغذية: في بعض الأقطار تكون من العوامل المساعدة على سرعة القذف، ففي البيئات الشرقية مثلا يكون المجال أمام الشباب واسعاً للاتصال الجنسي... وهناك عوامل قد لا تنطبق على الجميع أو لا يمكن تعميمها، ومنها التدخين، والإفراط في شرب الشاي، والانغماس في العمل والتعايش مع مشاكله داخل البيت، بالإضافة الى التوتر العقلي والنفسي الذي يصاحب كل ذلك. أو قد يصاب البعض من الرجال بالعنة، الناتجة من الإفراط في الجماع، ولا سبيل الى تداركها إلا بالاعتدال، وفي بعض الأحيان يكون سبب العنة بلادة المرأة أو جهلها أو خوفها الشديد بحيث يحل النفور في نفس الرجل محل الرغبة. يقول غابرييل غارسيا ماركيز: "لا يوجد رجال عنينون، بل نساء لا يعرفن، أظن أن لهذا الخوف تفسير حضاري: هو خائف ألا يحسن التصرف مع المرأة ولا يحسن التصرف مع الواقع، لأن الخوف يمنعه من ان يتصرف كما تفرض عليه نزعته الذكورية. كلنا عنينون بهذا المعنى. وفهم المرأة ومساعدتها وحدهما يتيحان لنا أن نخرج من الورطة ببعض الوقار" . ومن أجل التغلب على البرود الجنسي وسرعة القذف والعنة وغيرها من الأسباب التي تفرق الزوجين، تلعب الأعضاء الجسدية الظاهرة المصاحبة لتصرفات حسية من قبل الطرفين دور كبير في ذلك، وأولهما هو القيام بالملاعبة والمداعبة، وهذا يُهيئ الطرفين لعملية الجماع، مثلما تلعب القبلة الشهوية دور كبير في الاستعداد النفسي والجنسي كذلك، وقد يتعدى الموضوع الى أكثر من القبلة الشهوية عند بعض النساء الى العض في إثارة الشهوة، والعصر والضغط بأطراف الأنامل، وكل ذلك يصاحبه لمسات ناعمة لصدر المرأة وخاصة حلمة النهدين. ثم العناق والتداخل وصولا الى الإتحاد الجنسي الجسدي. يقول هافلوك في كتابه (دراسات نفسية) عن الحب والألم: لنعترف بأن التذاذ الرجل بإظهار قوته على المرأة بإيلامها، هو ثمرة أو أثر لطريقة الغزل الفطرية البدائية، وهي عنصر عادي في الدافع الحسي عند الرجل"، فالقوة البدنية، واستبداد الرجل بالمرأة واستغلاله ضعفها ومضايقته لها الى حد بعيد أحياناً، كل هذه مظاهر يميل الى ممارستها بدافع التهيج الحسي، وهو يحاول أن يقنع نفسه بصورة لا شعورية أن هذه المظاهر لا تجد نفوراً من حبيبته، وما أصح ما قالته أحدى السيدات: "أن مظاهر الألم الخارجي كالدموع والصرخات، وغيرها من الأشياء التي يتهم محدثها بالقسوة لا تختلف عما تفعله مثلها امرأة تشتد بها نشوة اللذة فتستعطف الرجل بدموعها ليكف عن الاستمرار في عمله، مع أن هذا في الواقع آخر ما تريده" لكن البعض من الرجال قد لا يمتلك تلك المواصفات الذكورية عند ممارسته للجنس، ومثله المرأة قد لا تمتلك المواصفات الأنوثية كذلك، بل قد يكون هناك تبادل أدوار، ويذكر غابرييل غارسيا ماركيز حوا مفهوم الذكورية الآتي: إن المفهوم الذي عند صاحبات النزعة الأنثوية حول النزعة الذكورية ليس واحدا عندهن جميعا، ولا يتفق مع مفهومي الشخصي، هناك أنوثيات، مثلاً، كل ما يردنه هو أن يكن رجالا وهذا يعرفهن تعريفا نهائيا بأنهن ذكوريات خائبات، وهناك أخريات يؤكدن طبيعتهن كنساء بسلوك أشد ذكورية من ذكورية أي رجل. ولهذا يصعب جدا إثبات أي شيء في هذا المضمار، على الأقل من الناحية النظرية. هذا يثبت بالممارسة . بقي أن نذكر أن الصحة الجنسية المتعلقة بالنظافة الجسدية للأعضاء مهمة جداً، وبنظافتهما تبعد الكثير من الأمراض، ويرتبط ذلك أيضا بنظافة الملابس الداخلية التي على احتكاك مباشر بتلك الأعضاء، وهي مقرونة أيضا أي (الصحة الجنسية) بالصحة الجسمية بالعموم فكلما اشتدت قوة الجسم، انعكس ذلك على أداء وظائفه الداخلية التي تتجلى بعمل الأعضاء الجسدية الجنسية الظاهرة بشكل جلي.

.

بعد الظهيرة في الجزائر
فريدريك آرثر


c1.jpg
 
أعلى