ابن معتوق - ضحكتْ فبانَ لنا عقودُ جمانِ

ضحكتْ فبانَ لنا عقودُ جمانِ = فَجَلَتْ لَنَا فَلَقَ الصَّبَاحِ الثَّانِي
وتزحزحتْ ظلمُ البراقعِ عن سنى = وَجَنَاتِهَا فَتَثَلَّثَ الْقَمَرَانِ
وتحدَّثتْ فسمعتُ لفظاً نظقهُ = سحرٌ ومعناه سلافة ُ حانِ
ورنتْ فجرَّحتِ القلوبَ بمقلة ٍ = طَرْفُ السِّنَانِ وَطَرْفَهُا سِيَّانِ
وَتَرَنَّمَتْ فَشَدَتْ حَمَائِمُ حَلْيِهَا = وَكَذَاكَ دَأْبُ حَمَائِمِ الأَغْصَانِ
لَمْ تَلْقَ غُصْناً قَبْلَهَا مِنْ فِضَّة ٍ= يهتزُّ في ورقٍ من العقبانِ
عربيَّة ٌ سعدُ العشيرة ِ أصلها = وَالْفَرْعُ مِنْهَا مِنْ بَنِي السُّودَانِ
خودٌ تصوَّبَ عند رؤية ِ خدِّها = آرَاءُ مَنْ عَكَفُوا عَلَى النِّيرَانِ
يَبْدُو مُحَيَّاهَا فَلَوْلاَ نُطْقُهَا = لحسبتها وثناً منَ الأوثانِ
لَمْ تَصْلِبِ الْقُرْطَ الْبَرِيَّ لِغَايَة ٍ = إِلاَّ لِتَنْصُرَ دَوْلَة َ الصُّلْبَانِ
وَكَذَاكَ لَمْ تَضْعُفْ جُفُونُ عُيُونِهَا = إِلاَّ لِتَقْوَى فِتْنَة ُ الشَيْطَانِ
خَلْخَالُهُا يُخْفِي الأَنِينَ وَقُرْطُهَا = قَلِقٌ كَقَلْبِ الصَّبِّ فِي الخْفَقَانِ
تَهْوَى الأَهِلَّة ُ أَنْ تُصَاغَ أَسَاوِراً = لِتَحِلَّ مِنْهَا فِي مَحَلِّ الْجَانِي
بخمارها غسقٌ وتحتَ لثامها = شفقٌ وفي أكمامها الفجرانِ
سُبْحَانَ مَنْ بِالْخَدِّ صَوَّرَ خَالَهَا = فأزان عينَ الشَّمس بالإنسانِ
أَمَرَ الْهَوَى قَلْبِي يَهِيمُ بِحُبِّهَا = فأطاعهُ ونهيتهُ فعصاني
هِيَ فِي غَدِيرِ الشَّهْدِ تَخْزِنُ لُؤْلُؤاً = وأجاجُ دمعي مخرجُ المرجانِ
كثرتْ عليَّ العاذلون بها فلوْ = عَدَّدْتُهُمْ سَاوَوْا ذُنُوبَ زَمَانِي
يَا قَلْبُ دَعْ قَوْلَ الْوُشَاة ِ فَإِنَّهُمْ = لو أنصفوكَ لكنتَ أعذرَ جانِ
أصحابُ موسى بعدهُ في عجلهمْ = فَوْقَ التَّرَاقِي أَوْ عَلَى التِّيجَانِ
عذبَ العذابُ بها لديَّ فصحَّتي = سُقْمِي وَعِزِّي فِي الْهَوَى بِهَوَاني
للهِ نُعْمَانُ الأَرَاكِ فَطَالَمَا = نعمتْ به روحي على نعمانِ
وسقى الحيا بمنى ً كرامَ عشيرة ٍ = كفلوا صيانتها بكلِّ أمانِ
أَهْلُ الْحَمِيَّة ِ لاَ تَزَالُ بُدُورُهُمْ = تَحْمِي الشُّمُوسَ بِأَنْجُمِ الْخِرْصَانِ
أسدٌ تخوضُ السَّابغاتُ رماحهمْ = خوضَ الأفاعي راكدَ الغدرانِ
ترَوْى بِهِمْ رُبْدُ كَأَنَّ سِهَامَهُمْ = وَهَبَتْ لَهُنَّ قَوَادِمَ الْعِقْبَانِ
كمْ من مطوَّفة ٍ بهمْ تشدو على = رطبِ الغصونِ ويابس العيدانِ
لانتْ معاطفهمْ وطابَ أريجهم = فكأنَّهم قضبٌ من الرَّيحانِ
مِنْ كُلِّ وَاضِحَة ٍ كَأَنَّ جَبِينَهَا = قبسٌ تقنَّعَ في خمارِ دخانِ
وَيْلاَهُ كَمْ أَشْقَى بِهِمْ وَإِلَى مَتَى = فِيْهِمْ يُخَلَّدُ بِالْجَحِيمِ جَنَانِي
وَلَقَدْ تَصَفَّحْتُ الزَّمَانَ وَأَهْلَهُ = ونقدتُ أهلَ الحسنِ والإحسانِ
فَقَصَرْتُ تَشْبِيبي عَلَى ظَبَيَاتِهِمْ = وحصرتُ مدحي في عليِّ الشَّانِ
فَهُمُ دَعَوْنِي لِلنَّسِيبِ فَصُغْتُهُ = وَأَبُو الْحُسَيْنِ إِلَى الْمَدِيحِ دَعَانِي
ملكٌ عليَّ إذا هممتُ بمدحهِ = تُمْلِي شَمَائِلُهُ بَدِيعَ مَعَانِي
جَارِيْتُ أَهْلَ النَّظْمِ تَحْتَ ثَنَائِهِ = فَتَلَوْا وَحَلْبَتُهُمْ خُيُولُ رِهَانِ
مضمونُ ما نثرتْ عليَّ بنانهُ = ولسانهُ أبرزتهُ ببيانِ
............................... = أُذُنُ الْكَلِيمِ وَحُلَّ عَقْدُ لِسَانِي
سَمْحٌ إِذَا مَا شِئْتَ وَصْفَ نَوَالِهِ = حَدِّث وَلاَ حَرَجٌ عَنِ الطُّوفَانِ
بِالْبَحْرِ كَنِّ وَبِالْغَمَامِ عَنِ اسْمِهِ =والبدر والضرغامِ لا بفلانِ
صرعتْ ثعالبهُ الأسود فأصبحتْ =مَحْشُوَّة ً بِحَوَاصِلِ الْغِرْبَانِ
بَطَلٌ يُرِيكَ إِذَا تَحَلَّلَ دِرْعُهُ =أسدَ العربينِ بحلَّة ِ الثعبانِ
رَشْفُ النَّجِيعِ مِنَ الأَسِنَّة ِ عِنْدَهُ = رَشَفَاتٌ حُمْرِ بِوَارِقِ الأَسْنَانِ
يَرْتَاحُ مِنْ وَقْعِ السُّيُوفِ عَلَى الطُّلاَ = حتَّى كأنَّ صليلهنَّ أغاني
ويرى كعوبَ السُمرِ سمرَ كواعب = وَذُكُور بِيْضِ الْهِنْدِ بِيْضَ غَوَانِي
ويرى كعوبَ السُمرِ سمرَ كواعب = وَذُكُور بِيْضِ الْهِنْدِ بِيْضَ غَوَانِي
قرنُ يقارنُ حظَّه بحسامهِ = فيعود سعداً ذابحَ الأقرانِ
صاحٍ تدبُّ الأريحيَّة ُ للنَّدى = فيه دبيبَ السُّكر بالنَّشوانِ
ذو رواحة ٍ هي للعدى جرَّاحة ٌ= نَقْعٌ وَلَمْعٌ مُهَنَّدٍ وَسِنَانِ
أَطْوَاقُ فَضْلٍ كَالْخَوَاتِمِ أَصْبَحْتْ = بيديه وهي طوارقُ الحدثانِ
بالنَّحسِ تقضي والسَّعادة فالورى = منهنَّ بينَ تخوفٍ وأمانِ
في سلمها تهبُ البدورَ في الوغى = بالشُّهبِ تقدفُ ماردَ الفرسانِ
قد أضحكَ الدُّنيا سروراً مثل ما = أَبْكَى السُّيُوفَ وَأَعْيُنَ الْغِزْلاَنِ
حُرٌّ تَوَلَّدَ مِنْ سُلاَلَة ِ مَطْلَبٍ = خَلَفِ الأَيَّمِة ِ مِنْ بَنِي عَدْنَانِ
مِنْ هَاشِمٍ أَهْلِ الْمَفَاخِرِ وَالتٌّقَى = وَالأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالإِيمَانِ
بيتِ النبوة ِ والرِّسالة ِ والهدى = وَالْوَحْي وَالتَّنْزِيلِ وَالْفُرْقَانِ
قَوْمٌ تَقَوَّمَ فِيْهِمُ أَوَدُ الْعُلاَ = والدِّين أصبحَ آبدَ الأركانِ
قد حالفوا سهرَ العيونَ وخالفوا = أَمْرَ الْهَوَى فِي طَاعَة ِ الرَّحْمانِ
مِنْ كُلِّ مَنْ كالْبَدْرِ كَلَّفَ وَجْهَهُ = أثرَ السُّجود فزاد في اللَّمعان
أَشْبَاحُ نُورٍ فِي الزَّمَانِ وُجُودُهُمْ = روحٌ لهذا العالمِ الجسماني
أَقْرَانُ حَرْبٍ كُلَّمَا اقْتَرَنُوا لَدَى الْـ = هيْجَاءِ تَحْسَبُهُمْ لُيُوثَ قِرانِ
لبسوا سوابغهمْ لأجلِ سلامة ِ الـ = ـأَعْرَاضِ لاَ لِسَلاَمَة ِ الأَبْدَانِ
وتحمَّلوا طعنَ الرِّماحِ لأنَّهمْ = لاَ يَحْمِلُونَ مَطَاعِنَ الشَّنَآنِ
بوركتَ من ولدٍ جريتَ بإثرهمْ = فَبَلَغْتَ غَايَتَهُمْ بِكُلِّ مَكَانِ
جَدَّدْتَ آثَارَ الْمَآثِرِ مَنْهُمُ = وَوَرِثْتَ مَا حَفِظُوا مِنْ الْقُرْآنِ
مَوْلاَيَ لاَ بَرِحَتْ تُهَنِّيكَ الْعُلاَ = بختانِ غرٍّ أكرمِ الفتيانِ
نطفٌ مطهَّرة ُ الذَّواتِ أزدتهمْ = نُوراً عَلَى نُورٍ بِطُهْرِ خِتَانِ
خُلَفَاءُ مَجْدٍ مِنْ بَنِيْكَ كَأَنَّهُمْ = لِلأَرْضِ قَدْ هَبَطُوا مِنَ الرُّضْوَانِ
أقمارُ تمٍّ لا يوقَّى نقصها = إلاَّ بليلِ عجاجة ِ الميدانِ
وَفِرَاخُ فَتْحِ قَبْلَ يَنْبُتُ رِيشُهَا = هَمَّتْ بِصَيْدِ جَوَارِحِ الشُّجْعَانِ
بلغوا وما بلغوا الكلامَ فأدركوا = رُشْدَ الْكُهُولِ بِغِرَّة ِ الصِّبْيَانِ
ما جاوزوا قدرَ السِّهامِ بطولهم = فَتَطَوَّلُوا وَسَمَوْا عَلَى المُرَّانِ
شَرَرٌ تَوَارَتْ فِي زَنَادِكَ إِذْ وَرَتْ = أمستْ شموسَ مسرَّة ٍ وتهانِ
قبساتُ أنوارٍ تعودُ إلى اللقا =شعلاً تذيبُ مواضعَ الأضغانِ
سَتَرُدُّ عَنْكَ الْمَشْرَفِيَّة َ وَالْقَنَا = ولديكَ تشهدُ كلَّ يومِ طعانِ
قبساتُ أنوارٍ تعودُ إلى اللقا = شعلاً تذيبُ مواضعَ الأضغانِان
وتميلُ من خمرِ النَّجيعِ رماحهمْ =مِثْلَ الْسُّكَارَى فِي سُلاَفِ دِنَانِ
وتميلُ من خمرِ النَّجيعِ رماحهمْ = مِثْلَ الْسُّكَارَى فِي سُلاَفِ دِنَانِِ

.



Charles Landelle
(1821-1908)
صورة مفقودة
 
أعلى