عبد الوهاب الملوح - محاولة أولى لرسم بورترية امرأة

وهي تتسكع ليلا عبر النهار
يتعثَّر الضوء في خطاها ويُغمي عليها.
لن ينجوَ منها الهواء
وحفلات الصبيان بالماءِ؛
لن ينجوَ منها حديث المقاهي وثرثرة الحدائق؛
لن ينجوَ منها الحجرُ
والممرات المؤدية إلى حجلٍ يُعِدُّ القلوب مدقّاتِ فرحٍ برِّي ..
سوف أؤجِّل حزني مرتين
ولفتة واحدة منها ؛
قريبا من صمتها ...
تعتِقُني قامتُها من علامات إعراب اسمي ؛
تُعتِّقُني دهشة على مسافة منها.
وهي تتمشّى نهارا يعبر الليل
تبدِّل حالا بحالها ؛
وابتسامتها تكسر زجاج غرف الروح
تُوقعُ سقف الغرف الضيقة .
لن ينجو منها الحلمُ
وعرق اللذائذ قبل الشهوات وبعدها
لن ينجوَ منها شيب العمرِ وخمر آخر الليل .
يلزمني أكثر من ضلال
لآخذَ نفسًا
وأستعيد تلاوة قصار السور من عريها الإلاهي
وهي تستيقظ من نومها يتغير مزاج الغرفة ؛ تتثاءب فتتلعثم الستائر
تصعد المكان بنظراتها الكسلى ؛
تهوي الجدران
تتأوه الشراشف ؛
تموء الزرابي وتضوع روائحها تستبد بالمكان ؛
رائحة حلم البارحة ؛
رائحة نظراتها في العتمة ؛
رائحة عرق الليل يدثرها بمسكه ....
كان المكان رائحتها
لن تنفع معها أشهر ماركات العطورات : كريستيان ديور؛ شانال ؛ غيرلان ؛ لا روش؛ سان ايف لوران .
رائحة أفلتت من جان باتيست غرنوي
يكفي روائح جسدها الطبيعية ماركة محفوظة ؛مسجلة باسمها :
- منابت شعرها :
أعلى الرقبة من الخلف كمناشف للعشب بعد المطر
عند الجبهة اعتصار رائحة السرو في ليل الخريف
عند صدغيها أول رائحة الزعتر فبل تكثف الشتاء .
عند عانتها رائحة أول الطلع في رأس النخل .
- خُصلاتها الهاربة منها نعناع يطارد أبكار نسمته
هي المُتَوَثٍّبَةُ الِمُتَثَائِبَةُ؛ الْمُتَحَجِّبَةُ الِمُتَعَرِّيَةُ؛ الْمُتَجَدِدَة الْمُتَقَادِمَةُ؛ الْهَادِئةُ العَاصِفَةُ ؛النَّعِمَةُ الِجَارِحَةُ؛ الْمُنْفتِحَةُ الْمُنْغَلِقَةُ؛ الْمُنْشَرِحَةُ الغَامِضَةُ؛ الْمُنْفَلِتَةُ الْمُقِيمَةُ؛ الَّليْلِّيَةُ النَّهَاريِّةُ؛ الشَبَقِيَّةُ الْمُتَحَفِّظَةُ؛ الْمُسَتَحِيلَةُ الْمُمْكِنَةُ؛ الْمَاقَبْلُ الْمَابَعْدُ؛ المُبْتَدأُ الفِعْلُ؛ الرَّجِيمُ الرَّحِيمُ؛ الْمُنْخَفِضُ الْمُرْتَفِعُ؛ اللحظةُ الديمومةُ؛ أنت الأفضل بل الأجملُ بل الأقوى بل الأوْلَى الأصل ولاشيء يُمكن ان يكون طبقَ الأصل منها.


.
 
التعديل الأخير:
أعلى