قصة ايروتيكية علي عبدالله سعيد - ملكوت الروائي: الزمن برهة في حضور ديدي

لو لم تكن هذه الأنثى صدمة، فجأة، صاعقة، لما كان لها من معنى سوى أنها أنثى باهتة، تصلح لممارسة الجنس التقليدي القاتل تحت الغطاء، أو الذي هو نوع من أنواع العبء بحكم كونه واجبا سخيفا مقدسا أو غير مقدس. سوى أنها أنثى. تبحث عن البهرج التافه الذي لا يشبه شيئا سوى الطحلب، أو الكلبة الميتة. ليس بالإمكان تخيل ديدي كلبة ميتة، تضيق حدقة العين، تتشنج الأصابع، تقبض على كأس فارغة. عليك أن تلم أحذيتك وقمصانك، وواقياتك الذكرية التي لا مبرر لوجودها في الجحيم، لتهرب صوب الآخرة سالكا نفقا يقي رأسك شرور النار واللعنة والحمق والحماقة. هي تباغت هكذا، هي بحد ذاتها مباغتة غير باهتة بالمرة. لا تلتزم بالمواعيد، لاترغب بلحظات الجنس المرتبط بموعد مسبق. الجنس المبرمج على موعد بين الأحذية أو عدة من الإكسسوارات غير الضرورية إلا للجنازة، لن يكون سوى جنسا قذرا نفعيا مصلحيا. في الصيف الحار، ستكون هكذا باسطا ذراعيك ككلب أهل الكهف منتظرا نبيا يجيء مرة أخرى كي يروي عنك نصا حداثويا جملة وتفصيلا.. في كتاب سماوي حداثوي لا يخلو من التقديس بين البجم أيضا. دائما.. ليس بإمكان الزمن سوى أن يكون برهة في حضور ديدي، الرغبة في أن يكون برهة لا أكثر. جملة في السياق العام.. في السياق الروائي الخاص جدا. في السياق الجنسي المطّعم بعصّاب من نوع خاص، غير مكتشف ربما.. على هذا الأساس اللا محسوب تتعدد السياقات في الرواية وتتشظى من أساس الى فرع، من فرع إلى أساس. قد تكون اللوحة داكنة بعض الشيء، قد تشبه كثيرا حلمتي ديدي، الوجه ليس مهما، لم يكن وجه عشتار واضحا في تلك الكتلة الحجرية الأولى التي لعشتار، لم تكن تُقرأ إلا على انها بطن متهدلة، أثداء أكثر تهدلا، أفخاذ جبارة ممتلئة حد الترهل. لم يكن الراوي الأول معنيا بالصياغات الجمالية للوجه. كان معنيا أكثر بالإنجاب، بالقدرة على الإنجاب، الذي هو الحياة واستمرارها عبر تدفق الجنس اليومي. بناء على ذلك يمكن توصيف عشتار في الصياغات الأولى على انها بقرة جنس. ليست بقرة جنس، بل كلبة هذا الصنف من السلوك البشري. الكلبة أكثر شبقا عهرا من البقرة، قد تبدو البقرة محتشمة.. حين تكتفي بثور واحد لعدة مرات في اليوم من السنة. غير أن الكلبة تستمتع باضطهاد مجموعة أخرى من الكلاب التي تنتظر ريثما يفرغ منها الكلب المتداخل معها في تلك الحالة من النزو غير المقزز. في الوقت الذي تتعارك فيه الكلاب المنتظرة بشراسة.. تصوت الكلبة أو تصدر أنينا يعبر عن متعة حادة وأبدية. يهتم الصنف البشري من الكائنات بالكلبة أكثر لأنها كائن مليء بالعصابات التي تشبه عصابات البشر، عقد أورام نفسية لا تحصى.. من هنا ربما.. أخذت عشتار الأولى من الكلبة أكثر مما أخذت من أمها حواء، التي على ذمة الرواية الإلهية لم يكن يضاجعها سوى كائن واحد هو أبونا آدم. حتى ديدي بعد ابتسامة غير لطيفة غير ودية كانت شغوفة بالكلبة.. إنما دون تعدد كلاب تتعارك بأصوات حادة هي في الغالب تؤدي الى إفساد اللحظة الجنسية، ما لم تؤدي الى الجريمة.
***
الطريق اليّ كأنه هلاكك.. مع ديدي بعد شجار ليس خلافيا.. بل لكونه مجرد شجار، تطيب الشهوة بعده، وتجوع الرغبة الى أقصى حد ممكن لجماع طويل الأمد، مصحوب بما يخطر.. ولا يخطر على الذهن من السلوك. أفضل السلوك هنا.. عند بيت القصيد السلوك المفاجىء، أو الصادم للمألوف. ككائن من الشرق غير خال من العقد المدمرة للروح. قد تستيقظ في الصباح التالي ككائن كافكاوي بامتياز، لاينقصك شيء سوى ان تكون حشرة تزحف في زواريب الرواية بتلك السعادة الغريزية، غير المدربة على الخوف. ما من لحظة سعادة نعيشها، أو نحاول أن نعيشها، غير مشوبة بخوف ما.. من شيء.. من كائن ما.. نبنى على الخوف في اللغة، من اللغة، نبني على الخوف من اقتراف الفعل بجرأة، الجواسيس القذرون ينتشرون في داخل الكائن البشري بكثرة، في الدماغ تحديدا. الجواسيس يزرعهم الطاغية، مسوخ الطاغية، منهج الطاغية، تعاليم الطاغية المقدس. يمكنك ان تؤكد أن جنسيتك مراقبة، حتى الهواء في رئتيك مراقب بطريقة ما. الحشرة موجودة في الشرق، بينما يرقد كافكا في القلعة متكورا على ذاته يفكر بترتيب انتحار صاعق مدوي، قد يكون أجبن من ذلك.. أجبن من حشرة. أقله.. الحشرة لاتفكر بالانتحار، أوبالتحول، التحول تلزمه جرأة لا تقل عن تلك التي تلزم الانتحار. إذاً ماذا لو عاش كافكا قليلا بعد بداية القرن الحادي والعشرين. هل كان سيفكر بمسخ ذاته أو كائناته.. أم أنه كان سيدفع بالعرق البشري برمته الى فرن من أفران الغاز المرعبة؟ حسنا أن كافكا قد مات في وقت مبكر، وإلا لما كان بإمكان ديدي أن تمارس الجنس بحرية شبه مطلقة في الهواء الطلق. ما لم يكن لشخصه الكريم.. فهو لحشرته التي هي هو. الروائي الوثائقي التسجيلي، هو الروائي الأقرب للوطي السلبي، يسعى دائما لرجل متنفذ يغزه في خلفه. الوثائقية في النص، لا تعلو الى مستوى الروائية، الوثائقية تحاول جاهدة أن تغتصب الروائية لصالح الأيديولوجية. روائية الرواية لا تغتصب بالتسجيل، يمكنك تدوين وثيقة على النحو التالي، اليوم في 22 آذار من عام 1989 ضاجعت ديدي، كنت سعيدا وحرا، لأنه لم يكن في رأسي أي حيوان أمني أو جنائي، أو أيديولوجي. حين تتجاوز أدوات الخوف، يمكنك أن تكون رغيداً.. حتى لوقطعتك تلك الأدوات فيما بعد الى شرائح رقيقة، تشبه تلك الشرائح التي تقطع من لحم الخنزير لتدخينها عند ذاك الأرمني العظيم في نهاية الخط.. إلى جرمانا.. الذي يدخن حتى لحوم الكلاب والعظايات ويجبرك على القول بأنه لذيذ جدا.. ومدر أيضا ما لم يكن للشهوة الجنسية.. للبول على الأقل. حيث ليس بإمكان كافكا الأجرب أن ينهض من قبره ليتذوق لحم الخنزير، أو لحم الكلب او لحم العظاية المدخن مع نبيذ السويداء المشغول للنخبة.. حيث بإمكانك إن كنت ثملا.. ثملا حد الخرف وفقدان الوعي، أن تسفحه عند أعلى سرتها.. ثم أن تلعقه.. من عند.. تقاطع فخذيها كسكير محترف ونبيل أيضا كنخبة كافكاوية.



*****
* عن أوكسجين
صورة مفقودة
 
أعلى