ديك الجن - سهام لحاظ من قسي الحواجب

سهام لحاظ من قسي الحواجب = نظمن الأسى في القلب من كل جانب
غداة كتبنا في الخدود رسائلا = بأطراف أقلام الدموع السواكب
تلوح على لباتنا ونحورنا = وتبعثها أجفاننا للترائب
وألسننا خرس كأن خلاخلا = حلين، دعاجاً للحسان الكواكب
كفتك النوى عذل المعنى فأقصري = بما رمت فيه من فراق الحبايب
حناه الهوى بالشوق حتى كأنما = بأحشائه للشوق لدغ العقارب
يبيت على فرش الضنى متململا = قليلاً تسليه، كثير المصائب
فريسة أشجان طريحاً بكفها = وما بين نابيْ سبعها والمخالب
خليليَّ، خان الصبر وانقطع الكرى = وقد أحكمت عيناي رعي الكواكب
خليليَّ، عن عيني سلا أنجم الدجى = تخبر بتسهيد عريض المناكب
خليليَّ، كم من لوعة قد كتمتها = فأعلنها دمعي لمقلة صاحبي
وهتَّك ستراً في الحشا كان مسبلا = على الشوق حتى عنَّفتني أقاربي
فما أفضح الدمع السكوب إذا جرى = وأظهره لطفاً لما في المغايب
سأكحل عيني من بعيد بنظرة = إلى دارها بالرغم من أنف راقب
وهل تمنعيني نظرة إن بلغتها = ولو زهقت نفس الغيور المجانب
وقلَّ لعيني من بعيد تأمل = ولم أرض إلا حين عزت مطالبي
فعللت نفسي بالذي هو مقنعي = وأعرضت إعراض البغيض المجائب
صفاءً وإخلاصاً وبقيا مودة = لعهد كريم واصل غير قاضب
وفي النفس مني قد طويت مآربا = إلى من إليها حاجتي ومآربي
لها من مهاة الرمل عين كحيلة = ومن حضرة الريحان حضرة (حاجب).
كأن غلاماً حاذقاً خطه لها = فجاء كنصف الصاد من خط كاتب
أقاتلتي أمَّا أنا فمسالم = وأرضى بما ترضين غير مجانب
ولكن لقومي عند قومك بغية = وبينهم فيها قراع الكتائب
فإن تقتليني تبعثي الحرب خدعة = علينا، فروّي وانظري في العواقب
فإن يخل لي وجه الحبيب فإنني = سأنشر ما أضمرت بين الحقائب
وإلا فإن الستر عندي مكتَّم = دفين على مر الليالي لي الذواهب
لئلا يرى الواشون قرة أعين = ولا يجدوا فينا معاباً لعائب
وقد زعموا أني بغيرك مغرم = وعنك عزوف كالصدوف الموارب
فلا والثنايا الغرِّ من فيك أنها = لكالغيث أدته أكف السحائب
تمج مداماً عتقت فتنفست *** بأحشاء شيخ عُدمليٍّ (6) كراهب
على قود رحل قائم غير قاعد = له برنس يعتدُّه في المناسب
تمزق عنها الدهر من طول لبثها = ولم يتمزق في بلاء جلابب
بجلباب قار قد تجسد جسمها = وآخر من طين وليس بلازب
ويغشاهما ثوب رقيق سداؤه = رقيق الحواشي من نسيج العناكب
طرقنا أباها في جيوش من الدجى = وأيدي الثريا في نواصي المغارب
فقام إلينا مسرعاً لسرورنا = يفدي ويحمينا كبعض الأقارب.
فقلت له هات المدام فإننا = عكفنا عليها من صدور الركائب
فشمر ردنيه وقام مبادراً = إلى وقفِ شُعث قيام نواصب
فشد على الأقصى فضرج خصره = بمثل جناح من دم الجوف شاخب
وأقبل يسعى بالزجاجة ضاحكاً = مدلا بها مستبشراً غير خائب
كان سحيق المسك في جنباتها = إذا التمعت يفرى رداء الغياهب
كأن نسيم الكأس عند ردائها = تبسم عود في صدور المحارب
كأن دموع العاشقين ترقرقت = بأكؤسها تجري على كل شارب
لما كنت إلا مقصداً بكِ مغرماً = ولست إلى أنثى سواك براغب
إذاً فرماني البيت عن قوس هجركم = بأسهمه ذات الشجون الصوائب
فقلَّ كرى عيني لهمٍّ مسهد = وفكر طويل الذيل بالقلب لاعب.




.


صورة مفقودة
 
أعلى