علي النحوي - نصفُها العاري .

.
" إلى تلك التي غادرت قبل أن تكتمل أنصافي الأخرى "
1/ نصفُها العاريْ
انهماراتُ مدىً
فوق شتْلاتٍ صغيراتٍ
صغيراتٍ يعدنَ الأفقَ بالألوان ِ
والألحان ِ.. يا ظلّ اليماماتِ ،
جناحٌ يبعثُ الدفءَ، وريشٌ يرسمُ الكونَ
مداراتٍ مداراتٍ بلون ِالطّيفِ والحبِّ
وطيشٌ يشعلُ الصّالةَ عنبرْ !!
كنتُ ألقاهُ بكفين ِيتيمين ِوأسكرْ !!
كنتُ أسكرْ !!
كلُّ شيءٍ يشبهُ الإيمانَ فينا قد تغيرْ !!
ليس أكثرْ !!

2/ نصفُها العاريْ
انعطافاتُ سحاباتٍ يباغتنَ قناديلَ المجرّاتِ
بزخّاتٍ نديّاتٍ وبرق ٍ يغرقُ الأنحاءَ يُغريها
بصدر ٍ يشبهُ الطورَ وسيناءَ.. وصوتُ الـجمر ِ
في الرّمّان والتّـفّاح ِ إنجيلٌ.. أناشيدٌ.. مزاميـرٌ
وأغصانٌ نحيفاتٌ نحيفاتٌ وخصرٌ
عاندَ السّترةَ ريّاناً فشبَّ الـليلُ
والفستانُ والباقيْ تخمّرْ !!
وأنا مذْ كسرَ العريُ قنانيْ الـفجر ِ
أدنيتُ الأباريـقَ وتمتمـتُ
فصاحَ الدّيكُ مذبوحاً وكبّرْ !!
وانثنتْ تجمعُ أشلائي البريئاتِ
وتطويـني سلافاتٍ سلافاتٍ وتسكرْ !!
ليس أكثرْ !!

3/ نصفُها العاريْ
التفاتاتُ طواويـس ٍتقيسُ الأرضَ من أعـلى مناطيـدِ مجرّاتٍ
تناديها فتختالُ وتهتزُّ غواياتٍ غواياتٍ
وتنداحُ اشتهاءاتٍ بلون ِالـعطر ِ.. يثنيـها وميضُ
التّيهِ في أطرافِها الخُضـر ِ ويجلوها مرايا
وإذا أرختْ شظاياها أعادتني إلى البردِ
إلى أنصافيَ الأخـرى ، ونارُ الشّوقِ تسعرْ !!
وإذا ألهبتِ المسرى أعارتني جناحاً
من ضياءٍ واستوينا بين نهرين ِ لذيذين ِ ومحشرْ !!
ليس أكثرْ !!

4/ نصفُها العاريْ
اشتعالاتُ قياماتٍ قديماتٍ / جديداتٍ
وأسرابُ حماماتٍ تناغي الضّوءَ سلسالاً
يثيرُ الشّكَّ ما بين سؤالاتٍ حميماتٍ
وأطيافٍ ترجّ الـخمرةَ السّمراءَ في كأسين ِ
إثنين ِ يتيميـن ِ وإثمٌ بلغ الغفرانَ
فاجتاحهُ موجٌ من ضراعاتٍ وآهاتٍ وما أدراكَ
ما أطـغى رضابَ الصّدرِ .. ما أشقى حبابَ الخمرِ
في أقداحِ ظبيٍ يتبخترْ !!
وعلى حُمرةِ خدّيـها ملاكٌ يحرسُ الأبـوابَ
أن أنـسلّ للجنّةِ مثلَ الضّوءِ
أو أسـرقَ من نار ِالهوى حبّاتِ سكّرْ !!
ليس أكثرْ !!

5/ نصفُها العاريْ
ابتكاراتُ ربيع ٍ يُنبتُ الجوريَّ واللوتسَ والنّعـناعَ
في أقصى فضاءِ اللهِ في ربْــواتِها السّمــراءِ ..
في وادٍ تناجيهِ غصونُ الــفتنة ِالبيـضاءِ ..
تحني فوق كتـْفيهِ سواقيــها فتهمي
مثلَ مُزنٍ مثقلاتٍ يبرقُ الماءُ على جنــحانِها حيناً ،
وحيناً ترعدُ الغيماتُ في عينينِ ..
يا لليلِ يا للبردِ يا للعطرِ يا للوردِ ..
يا للطّرْفِ نعساناً ويا للخصرِ سكراناً
ويا للصّدرِ ريّاناً كصبحٍ من وراءِ الليلِ أسفرْ !!
فتمادتْ أنملاتي الخمسُ ، والتفتْ على زندِ الهوى راياتُ قيصرْ !!
ففتلناها صباحاتٍ صباحاتٍ
وليثُ اللذّةِ الشّقراءِ والحمراءِ والبيضاءِ يزأرْ !!
ليس أكثرْ !!

6/ نصفُها العاريْ
ابتهالاتُ فراشاتٍ على الضّوءِ.. رفيفٌ يشبهُ الألوانَ
إذ تغشى جحيمَ النّارِ جنحانٌ لطيفاتٌ بريئاتٌ تقدُّ النّورَ
نصفين ِ حميميــن ِ، تُرى هل تكتبُ الموتَ أناشيداً وتختالُ
على ومْضاتِ برق ٍ يخطفُ الرّعْشاتِ خطفَ الوقتِ للسّاعاتِ ..
خطفَ الموتِ للأرواح ِ .. خطفَ الطّير ِ للأســماكِ !!
كمْ يحتاجُ هذا الخطفُ من نار ٍ ومن غيبٍ ومن ماءٍ
وكمْ أحـتاجُ من جسر ٍ ضبابيٍ لكيْ أعبرَ صوبَ الثّلج ِ والجمـر ِ
وحقل ِ الفتنةِ الملغوم ِ بالنّسـرين ِ
كم طيفٍ رقيق ٍ سوفَ يلتفُّ على عنْق ِ الفوانيس ِ عقوداً
تشبهُ العوسجَ في عيدِ انتصار ِ الحبِّ
مصلوباً على جسرين ِ مرصوفين ِ بالياقوتِ والمرجان ِ ..
والدّنيا انتحاراتٌ شفيفاتٌ وأعذاقٌ من الشّهْواتِ تُهصرْ !!
وأنا شرفةُ شاهين ٍ يلوثُ الغيمَ ريشاً فوق كتْفين ِ سماويّين ِ ..
أطويها سلافاتٍ سلافاتٍ وباعُ اللذّةِ الفرعونُ أقصرْ !!
وأنا أُسرفُ في توزيع ِ رغْباتيْ على صحراءِ أعلاها وأدناها
سأرويْ شبَقَ الأجسادِ بالأجسادِ والخمرةِ بالحاناتِ واللذّةِ بالعريِ
وباقي أغنياتِ الوصل ِ في أعطافِ مزهرْ !!
ليس أكثرْ !!

7/ نصفُها العاريْ
جماناتٌ .. كرستالُ أميراتٍ ..
شعاعٌ يبعثُ الدّفءَ .. صليبٌ يشعلُ الرّوحَ ..
أغان ٍ تشبهُ الأملاكَ والرّهبانَ والأطفالَ ..
صوفيٌّ جليلٌ كلّما دُقّتْ طبولُ اللهِ يهتزُّ ويهتزُّ
وينداحُ امتداداتٍ تناجي الأفْقَ ترتيلاً معطّـرْ !!
وعلى إيوان ِ باقيها صباباتٌ تديرُ الكونَ من أطرافِ أيديها ، وما أدراك
ما الفتنةُ مذْ سارتْ فسارَ الحسنُ طوفاناً ،
وهاجَ الماءُ في جنبيّ تياراً أميريـّـاً ، وطشنا مثلَ طفلين ِ صغيرين ِ ،
فعاثتْ في رماليْ السّمرِ واستولتْ على أبعاديَ الأخرى ..
وماذا غيرُ نصفٍ تبعَ الآخرَ في الخفّةِ
هل أحملُ نصفينِ شبيهينِ بباقيْ الحبِّ فينا ..
كمْ أذابتني كشمعٍ حينما مالتْ بعِطفٍ يشبهُ الجنّةَ أخضرْ !!
وارتمى الغصنُ على الغصنِ فسالتْ أنهرُ اللهِ رياحيناً
فغنينا عناقاتٍ لطيفاتٍ
وأهرقنا بقايا الليلِ في أحضان ِ عبقرْ !!
ليس أكثر ْ!!


علي النحوي



.
صورة مفقودة
 
أعلى