الأعشى - كأنها درة زهراء

نَامَ الخَليُّ، وَبِتُّ اللّيْلَ مُرْتَفِقَا = أرْعَى النّجومَ عَمِيداً مُثْبَتاً أرِقَا
أسْهُو لـهَمّي وَدائي، فَهْيَ تُسْهِرُني، = بَانَتْ بقَلْبي، وَأمْسَى عندَها غَلِقا
يا لَيْتَها وَجَدَتْ بي ما وَجَدتُ بهَا، = وَكانَ حبٌّ وَوَجْدٌ دامَ، فَاتّفَقَا
لا شَيْءَ يَنْفَعُني مِنْ دونِ رُؤيَتها، = هَلْ يَشتَفي وَامقٌ ما لمْ يُصِبْ رَهَقَا
صَادَتْ فؤادي بعَينيْ مُغزِلٍ خذلَتْ، = تَرْعَى أغَنّ غَضِيضاً طَرْفُهُ خَرِقَا
وَبَارِدٍ رَتِلٍ، عَذْبٍ مَذَاقَتُهُ، = كَأنّمَا عُلَّ بالكَافُورِ، وَاغتَبَقَا
وَجِيدِ أدْمَاءَ لمْ تُذْعَرْ فَرَائِصُها، = تَرْعَى الأرَاكَ تَعاطَى المَرْدَ وَالوَرَقَا
وَكَفَلٍ كَالنّقَا، مَالَتْ جَوَانِبُهُ، = لَيْسَتْ من الزُّلّ أوْرَاكاً وَما انتطَفَا
كَأنّهَا دُرّةٌ زَهْرَاءُ، أخْرَجَهَا = غَوّاصُ دارِينَ يَخشَى دونَها الغَرَقَا
قَدْ رَامَها حِجَجاً، مُذْ طَرّ شارِبُهُ، = حتى تَسَعسَعَ يَرْجُوها وَقد خَفَقَا
لا النّفسُ تُوئِسُهُ مِنها فَيَتْرُكُهَا، = وَقد رَأى الرَّغْبَ رَأيَ العَينِ فاحترَقَا
وَمَارِدٌ مِنْ غُوَاةِ الجِنّ يَحْرُسُها، = ذو نِيقَةٍ مُسْتَعِدٌّ دُونَها، تَرَقَا
لَيْسَتْ لـهُ غَفْلَةٌ عَنها يُطِيفُ بها، = يَخشَى عَليها سُرَى السّارِينَ وَالسَّرَقَا
حِرْصاً عَليها لَوَ انّ النّفس طاوَعَها = مِنْهُ الضّمِيرُ لَيَالي اليَمّ، أوْ غَرِقَا
في حَوْمٍ لُجّةِ آذيٍّ لَهُ حَدَبٌ، = مَنْ رَامَها فارَقَتْهُ النّفسُ فاعتُلِقَا
مَنْ نَالَهَا نَالَ خُلْداً لا انْقِطاعَ لَهُ، = وَمَا تَمَنّى، فَأضْحَى ناعِماً أنِقَا
تِلكَ التي كَلّفَتْكَ النّفسُ تأمُلُها، = وَمَا تَعَلّقْتَ إلاّ الحَيْنَ وَالحَرَقَا
 
أعلى