غالب حسن الشابندر - لستِ وحدك تصرخين!

عصيرُ نهديكِ يغلي في راحتي، يتحرَّقُ على صدريَ العاري، محموما برعشةِ اُبطيكٍ سرا... اصرخْ... تصرخينْ... الحجرُ الاسودُ يصرخْ، يشتهي لونَهُ مغموساً بشهوةِ الإله، الإلهُ يترنَّح من نشوةِ السكر، فَتهنا وتاهْ... نارْ... نارْ... تشبُّ نارُ الرَّب بينَ اُبطيكِ، ترتعشين واصرخ، لا تصرخْ، خوفاُ انْ يسمعنا جذعُ شجرةٍ، حيث كنَّا، فتثورُ شهوةً عارمةً، يا ليت ذاك، قلتِ: كي يشهدَ الثمرُ الناري، إنَّا كُنَّا هنا.
استشيطُ من جذبٍ الجنون مٌهوًسَّاً بصراخك، تعالى الصُراخْ، يستنشق ُشبقَ الحسرات، يزيدُكِ صراخا، أنْ أصرخيْ ولا تسكنيْ، الغابةُ الحمراءُ تشهد لنا، حُلْمةُ النَّهد السفاح تتلمَّضُ زفيرَ شهوتيْ، فتفيضُ من شهوتها على السفح، مُرتخيا من دفيء لَمْسٍ كانَ قد بدا، ولم يمت إلى الابدِ.
وارتخينا!
نستريحُ من نَزْوةِ إثمٍ مُزيَّفِ النوايا، لا يرتجي سوى انْ نمْعُنَ فيْ إثمنا الموجوع، من دبيبِ لذةٍ، تمزِّقُّ صمتنا، وقد مرَّ عليه الف عام جدبا، هناك... نعم هناك... تتكورُ الافلاك في عالمها الشبقي، اُحبُكِ، وتلك آهاتك تتكسَّر في اعماقي، عهد ٌ، صفاءٌ، فهل من عهدٍ وصفاءٍ بلا حروفِ نارٍ تشتعلِ؟.
شهقاتُ اُبطيك تغمرُ حُلْمةَ النهد بجنونها، يتفجَّرُ كونُ الخافقين على أوجاعنا، ونصرخُ، حتى يضيقَ الصراخُ بعهده الاوَّليْ.
مهلاً...
جنونُك يهزُّ العالمَ مخمورَ الجسمِ والعصبِ، فهلْ ترحمينَ عالَما، كان في عهد الحب قديسا، صارَ لذّتك الحارقةُ صرفا، بلا شكٍ، ولا خوفَ، ولا جبنَ، ولا خشوعَ... ربَّاه... ربَّاه... ربّاه... اتوسَّلُ بك جنونا، هَبها مزيداً من صُراخكَ الشهويْ، فمِنْ اعماقِكَ اللَّذةُ تلسعُ الجسدَ المحموم، أَما تهوى أيُّها الربُّ شهوتَنا من نارِ شهوتِك تتقدِ؟
فداكِ روحيْ...لا تشتطِّيْ حركةَ وهجٍ نارُهُ تتوهَّجِ، مِثلُك أنا، ماجتْ بي الارض، أخفرها بقدميَّ، لعلها تتذكرُ، انَّ حُجَّة الله ما غابت ولم تغبِ، تنفَّسي الصُعَداءَ، والهثي انفاسكِ الساخنةَ على انفساي مترعةً بالصراخ واللَّهبِ، تجنَّنيْ حول جنون حبلٍ مدهونٍ بسُحاقِ شهوتك منذ الابد.
تبكين؟
لماذا؟
هو ذاك الختمُ والفصلُ، بعد كلْ هذا الشبقِ المتاجِّجْ،برحيقِ ازهارٍ،صنعها الله للسّفاح طرّا؟
حلْمَة نهدِكِ الاسمرِ تزقزقُ فيْ فمي، ترتشفُ روحَها العذْبَة من رهقِ شفتَّي الضمأى لرحيق حلمة نهدك الاسمرِ.
لِمَ تنظرينَ ليْ مكسورةً المحيَّا، هل هو ذاك الخوف من رقيب الغيب يمتحن شهوتنا؟
لا تخافيْ...
لا تخافي ْ...
هو شهوةٌ مَحضٌ، ثقي، فذاكَ هو، يتلمَّضُ شهوتنا، يرتَعِبُ من سُحاقها المتمرِّد.
أنِظري إليه...
يرقصُ مجنوناً، لقدْ فككنا أَسرَهُ منْ عشقهِ الذاتْ للذاتْ، هو الآن مجنونٌ، يتغذَّى على حميم جسدينا، ملتصقين بلا كلفة ولا تردُّدِ!
لا تخافيْ...
ليسَ هناك منْ يرقبًنا سوى الصحراءْ عاريةً الثوب، تمتَّصُ سُمرتُها آهاتنا، اوجاعَنا، صرختَنا معا، تشهدُ بكل ذرّاتها الهائجة، إنَّ هناك عُرْسا داعراً، يتسرَّى في جسد الاله، مفتخرا بانَّه عشقُ الجسدِ.
رائحةُ النَّار تطوفُ عَبَقَ اُبطيكِ منتعشاً بوهج الجنون، شهوتُكِ الذريَّةُ تقتحمُ النار مِن نارها، علّها تشهقُ برائحة النار، فيشتعلُ الكونُ بصرخةِ الرَّب من فيضان لذَّةٍ، داعرة ِالصوتْ، مبحوحةِ الهوى، ساخنةِ الوجد.... النارْ... النارْ... وتتراخينَ ملتويةً على خصرك
الناريْ، عيناك زائغتانِ تقتحمُ الكونَ بالشرر، يتطاير على رؤوسِ منْ شهدَ ومنْ لمْ يشهدِ.



.

صورة مفقودة
 
أعلى