شاكر لعيبي - قصائد المرأة حاملة الستارة

1
عندما خلعتُ حجابي
كان الصعود إلى النور بطيئاً
كانبثاق الكمأة
كان احتكاك أعضائي مع الهواء
سعيداً كأنني اخترق الحُجُبَ
للوصول إلى الأرجوحة الربانية

عندما خلعتُ حجابي
كانت صرّارات الليل
تتساقط من عباءتي

وأنا أخترق المدى
مثل سبّاحةٍ ماهرةٍ
2
عندما خلعتُ حجابي
أضاء القمر أرنبة أنفي
سقط حاجبايَ على الصحن
متحركين مثل كائنٍ حيّ يقاوم الموت

عندما نزعتُ حجابي
ارتجف المدى أمام المحاربِ
الراغبِ بالفوز بالعتمة التي ظنّها ملاكاً

3
سقط الأحمر على بياض تنورتي في قيظ آب
أوراق تشرين جفّتْ على شَعْري
ما زلتُ متشبثة بقضبان الضريح:
مولاي هذي صبيّتك الخارجة من جناح الفراشة
مولاي أنا ابنتك التي لم يلْمسها حفيفٌ
ابنتك التائبة من ذنوب لم ترتكبها قط

4
رميتُ قميص نومي إلى فم التنين
ساقاي المكتنزتان مرميتان على القطيفة الأرجوانية
دمي يتلألأ بين الفرجتين
تتنفس في خصلاتي الجنّياتُ
في عجيزتي خصوبة الأمهات الأوائل
ظلي وحده يبقى في هذا المكان
بين الأوراق والثمار وأيدي القاطفين

5
يا إلهي يدي ارتجفتْ أيضاً بعد أن لامَسَتْ الضريحَ
شفتي انهارتْ مثل شفقٍ على حائط

وفي منتصف الليل
ثدياي أضيئا بضوء المصباح في الشارع

يا إلهي يدي عقربٌ على زغب صدره
وفمي يتحطم مثل صلصالٍ على فمه
عبر حجاب من السحاب الأسود
الموشك أن ينهمر على ظهري

6
سدّ جناح الغراب بوجهي فضاء الحديقة
الأيام قش يتأوه تحت ضغط ثديايَ
الليالي تلتمع في صحني
هذه يدي مشدودة على العشبة اليابسة
هذا خلخالي مرميّ في صلصال الخلق
هذه أمي تقف على عذريتي
وهذا أبي يذبح الذبيحة

7
أشربُ من جرّتين
أشرب وحدي من ماء لا تضاهيه سماءٌ
في وحشة الفسقية بعد منتصف الليل
عندما ينام الفانون
دون رعشة الحيوان الأعجم
ولا ارتعاشات القمر على وجهٍ ممحوٍّ
أحْمِدُ الظلَّ على الحائط
وأسبّحُ بمجد المُنْسلّ مساءً
إلى الحجرة المنعزلة

8
مدّ يدكَ إلى دائرتي
ستطلّ إطلالة لترى فواكهي
ثم تقطف ضوئي
ارفعْ ضوء كأسي إلى فمكَ
لنشعّ جميعاً بالسعادة
هنا وهناك
اليوم كما في الماضي
تقدمْ إلى منعطفي
لنعرج كلانا في غموض الغابة
كي نسقط في هفوات الخطوة الأولى

9
ها هو قرباني لكَ
وردياً رطباً
مثلما أحببتَ منذ الأزلْ
ها هي الفراشة
تحوّمُ حول شَعْري
ها هو ذا العسل
يسيل على المرايا
في هذا الفندق القديم
ها هنا الفعل الطفيف
يقود إلى الوحدة القصوى

10
الحُفيْرة الصغيرة أسفل ذقني
والشق الأكبر في شفتيْ السفلى
إشارات لحدائق تهذي طوال الليل
بينما تلامس أطراف أشجارها السماء

لعل لذة الحائكات في عزلتهنّ
مغروسة في انحناءتي؟

لعل السفرجلة والرمانة تجتمعان على طاولتي
من أجل مجد الغائر والمفطور

من أجل الرحلة القصيرة على جسر ضوئي

11
وقفتَ أمامي راعياً
يهشّ بعصاه عن أيكتي السوداء
شاعراً ضاوياً
ينقب في حفريات كآبتي

سأبكي قليلا من قسوة الرعاة
لأذوب في روائح المراعي



12

حين خلعتُ حجابي
امتدّت الأيادي اللا مرئية إلى رقبتي
فجأةً، كان الهواء يضرب في الهواء
كانت الأكاسيا على أطراف أصابعي
كانت عينايَ تحتشدان بالكواكب
سَالَ الندى بطيئاً على فضة سُرَّتي
وكانت قامتي مائية
بَزَغ من بين كتفيها فَجْرَان اثنان

13

لم تتأوّه زهرةٌ طيلة النهار على قميصي
لم تَطْفُ ضفائري بعدُ على سطح الماء
لم يهاجمْ كينونتي مهاجمٌ
الخفاشٌ اليتيم وحده
ينام بين سدى ولحمة قماشي
لا شفة لي لكي ألعق الهواء
لعقةً تليق بحرّاس الموانئ

14

يا مُنقذي
ها أنا ذا مع قرطيَ الطويل
الساقط لصق ينابيع الغاسلات
أجلسُ على حجر الطاحون بانتظار إشاراتكَ
أصَفّي غسيلي حتى غيبوبته الأخيرة
بانتظار نسيم ملائكتكَ
يا مُنقذي
تطلّعْ إلى حُمرة شفتيّ في هذا الغروب الغامض
انظرْ إلى تفّاحة آدم مرمية قرب غيظي
يا مُنقذي انقذني
من هذه العيون التي تحدّق في خاصرتي

15

لم يذقْ الملوحة على بشرتي
لكنه ترك لحبّات السنبلة مهلة للسقوط
في حقل طالما اجتمعنا بين أثلامه
ألْهُوْ في نهر الأموات في السرّ
بينما تلهو علناً
بريش جناحيَّ الضاربين إلى الغبرة
انظرْ إلى الجهة الأخرى
ثمة ملاك يواسي اليمامة النوّاحة على برج الساعة

16

مطبخي حديقة الأعشاب الجافة
أتشمّم فيه صراخ القرفة
وبكاء الزعتر
وقفزات اليانسون إلى حنجرتي
رقصتُ فيه مع الزنجبيل في كأسٍ واحد
عشبة مريم رفرفتْ في يوم عُرْسي
والكركم مَرِضَ على أطراف أصابعي
كان أكليل الجبل عريسي
وكان النعناع يشهق شهقة الموت معي

17

أتنفس روائح الحيوانات تحت الخيمة
حيوانات ضائعة عبر حزمة الضوء والغبار
ترعى في وداعة الحواس المغطاة بالستائر
بأقمشة الشاش، بمناديل الأعراس
بالإبريسم المُوشّى بالذهب
بكتان المصريين المبتسمين في ظلام الأبدية
بخيش أكياس الشعير الراقد في الريف
أشمُّ شباب الخريف المتطحلب رويداً رويداً
على طولي الفارع

18

أنا الفاتنة وتلك القبيحة ضائعتان
في نفق العباءة الموشّاة
الخافقة أمام المرآة الكبيرة المعلّقة
الهواء يضرب بها فتشفُّ عن عجيزةٍ عنيدةٍ
الملاك أي
دون قدرةٍ على المضي أبعد من ذلك
رجال المقاهي المنتصبون على الكراسي يتطلعون
بحسراتٍ تنطلق من أفواههم
كأنها مناطيد ملوَّنة

19

عندما خلعتُ قناع النعجة الجبلية
كان الماء الأول يغسل حيضيَ الصغير
كانت عرّافات الجبل يرقصنَ في عيد آدم العاري
كان النهر يجري بين فرجة ساقيَّ
كانت جبهتي محجّبة بالتمائم
أنظرُ خلال عيدان السلّة
إلى جَمَال العالم الآيل للذبول
بعين الهرّة المنسلة ذات فجر





armenienne-aux-grenades-60-x-60-cm.jpg
 
أعلى