طه عدنان - قصائدُ في الحُبّ

دليل

الحبُّ قصٌّ وَلصقٌ
الحبُّ تقطيعٌ وَتشكيلٌ
الحبُّ أصنافٌ وَألوانٌ
الحبُّ ملهاة القلوب
الحبُّ حربٌ... كرٌّ وَنفيرْ
لذا أقرع من طبول الحبِّ
ما شاء ليَ القلبُ
أضربُ كالسيفِ فردًا
أنا أعْزَبُ الدّهر
جرّبتُ ألفَ خليلةٍ وَخليلةٍ
والآن، لديَّ الدّليلْ
الحبُّ ضَرْبٌ مِنَ المستحيلْ.

في الحُبّ

في الحُبِّ
- آناءَ الحُبِّ -
أكرَهُ الموسيقى
على آلة التسجيل
قلبُكِ قيثارةٌ حين ينبِضُ
وَأنفاسُكِ أنينُ ناي

في الحُبِّ
نرقص السامبا قُعودًا
وَعلى جُنوبِنا
الحُبُّ كرنفالُ الرّوح

في الحُبِّ
أكرَهُ شَعْرَكِ الطويل
خُصُلاتُهُ تَعْلَق بأنفاسي

في الحُبِّ
أكرَهُ الملاءات
أنا غطاؤكِ

في الحُبِّ
- آناءَ الحُبِّ -
أكرَهُ عباراتِ الحُبِّ
الضَّمُّ أصدقُ أشواقًا
مِنْ وَجيب الكلام
.......
لِمَ لا نكتفي بالحُبِّ
يا حبيبتي
قبل أن ننام؟

قلبُكِ أبيضُ مثلُ الثلج

قلبُكِ أبيضُ مثلُ الثلج
يسّاقط نُدَفًا على قلبي
لِيُطفئ نارَه وَأُوارَه

قلبُكِ أبيضُ مثلُ الثلج
يَشُلُّ المشاعرَ وَالمطارات

قلبُكِ أبيضُ مثلُ الثلج
يستفْحِلُ حين ينقصُه الملح
هذا الذي يُرَشُّ على الخبز
وَالطُّرقات
كي تعود إليها الحياة
وَيعود إلى العيش طعمٌ
فيحلُوَ جبنٌ
وَيعذُبَ في الفم مُرُّ النبيذ

قلبُكِ يا حبّي الرّجيم
مثلُ الثلج:
الوجهُ النّاصعُ للجحيم.

أريدُكِ أنتِ

تُريدينَني طيِّبًا وبسيطًا
مثل ماريو في فيلم ساعي البريد

تُريدينَني طيّعًا
كَزوج ابن عمّتكِ الأرمنيِّ
حازمًا كأبيك

تُريدينَني هشًّا بكِ بشًّا
عابسًا أمام بنات حوّاء

تُريدينَني مثل لوردٍ نبيلٍ
تمرّس بالإتيكيت
فمي مقفلٌ حين آكُل
وفي الحبِّ أفتح قلبي
لكي يحتويك

تُريدينَني واضحًا
مثل طلعةِ بدرٍ
غامضًا كَعُيون الجوكاندا
بارعًا كَرِجال السياسة
حالـِمًا مثلما يحلمُ الشعراء

تُريدينَني مَرِنًا ورفيقًا
مثل راقصِ باليه
صلْبًا كَمُصارِعي الرُّومان

تُريدينَني عاشقًا في الحياة
فاسقًا في السرير
متقلّبًا حسب ما يقتضيه الهوى
وَالـمَقام

وَأنا أريدُكِ أنتِ
فقطْ
مثلما أنتِ.

ذرائع

لماذا كلّما أزهرتُ في بالِكِ
مثل شُجَيْرَةِ كرزٍ
وَدِدْتِ لَوْ
عيونُ العشقِ جفّتْ
وفي قلبكِ غاضَتِ الأنساغ؟

وَدِدْتِ لو اكفهرَّتْ
سماءُ الغرام التي بيننا
لِتُمطر خطايا صغيرةً
وَخياناتٍ
تَرْعَيْنها مثل غيومٍ كَأْداء
في فضاء الهجر
أو مثل ماشيةٍ
في براري القسوة

وَدِدْتِ لَوْ
كلّما فتحتُ ذراعَيَّ
لأحضُنَكِ
تراءيتُ لكِ
لقلبكِ النّافر
مثل صليبٍ منبوذٍ
وسط حقل خشخاش
كي تُشيحي بحبِّكِ
وتطيري
مثل قبّرةٍ
خَلا لها الجوّ

وَدِدْتِ لَوْ كلمّا
تلأْلأَتْ عيناكِ بدمع الشوق
تجمّد
وذرفْتِ بَدَل الدمع العزيزِ
الغزيرَ من الحصى

وَدِدْتِ لَوْ
كلّما ـ في الحلم ـ زارَكِ طَيْفي
على هيئة ملاكٍ حارسٍ
ينبتُ لي قرنان من نارٍ
مثل ماردٍ أو شيطان

وَدِدْتِ لَوْ كنتُ جِلْفًا
سخيفًا، تافهًا
كي تهجريني
دونما عقدةِ حبٍّ
فتكوني في حِلٍّ منّي
بِلا ألمٍ وَلا ندم.

سَمِعْتُكِ في الرّاديو

سَمِعْتُكِ في الرّاديو
عَرَضًا سَمِعْتُكِ
بسبَبِ خَللٍ في المؤشِّرِ
بَرَقَ صوتُك مُشَوَّشًا
فَبَيِّنًا، ثمّ هادِرًا
فَمُدَجَّجًا بِالهَزيمْ

توقّعْتُ النّداوَة
لكنّ الـمَوْجاتِ كانَتْ قاحِلةً
مَعْ ذلِكَ سَهِرْتُ معَكِ
بَعْدَ الأغنيةِ
قَبْل موجَزِ الأخبارْ

أسْهَبْتِ في الحَكْيِ
عَنْ تأثير أدونيس
في قصيدتِكِ
عَنْ بيسوا وَأنْدادِه
عَنْ ريتسوس وَأتْرابِه
عَنْ بنّيس وَاللّعبيِّ
وَأغْفَلْتِ ذِكْري
مُعَلّمُكِ الأوّل أنا
يا جَحودَةُ
شاعِرُكِ الأثير

كنتِ تَخْطِفينَ السجائِرَ
وَالأشعارَ مِنْ فمي
تَكْرَعين كأسي
فَتدور رأسُكِ
فَيْضُكِ يَغْمُرُني
لأغوصَ في مَحارِكِ المكْسُوِّ
بريشِ الرّغبة
حيثُ اللؤلؤ
كامِنٌ وسط اللُّدونَة

سَهِرْتُ مَعَكِ
تُنَظِّرين للإلْهامِ
وَالإبْهامِ في شِعْرِ الحداثة
وَتفيضين كلامًا
كنتُ كلّما ثمِلْتُ أيّامَ الهوى
أُعَرْبِدُهُ عليكِ
قَبْل أنْ نُجَرِّبَ الاسْتِعاراتِ
على السّريرْ

مُسْتَسْلِمًا كنتُ لِأَثيرِ الشّوق
ألْقُفُ الكَرَزَ يتناثَرُ مِنْ فيكِ
أمُزُّهُ كما كنتُ أصنَعُ بِحَلْمَتَيْ نَهْدَيْكِ
وَنحنُ نرسمُ القلوبَ الحمراء
على فراشِيَ الأزرقْ
حينما كُنْتِ حالِمَةً
مثل قصيدةٍ رومانسيّةٍ
قَبْل أن تُفْسِدَكِ "اللّايكات"
وَغَزَلُ النّقاد على الفيسبوك

وَدِدْتُ لَوْ سَحَبْتُكِ من شِعْرِكِ
إلى سريرِيَ الدّاعِر
حيثُ للوَصْلِ نشيدٌ وَنشيجْ
وَدِدْتُ لَوْ جَرَرْتُكِ مِنْ جَدائِلِ بَوْحِكِ
وَحَبَسْتُكِ في قلبِيَ الشائكِ
كَزهرة صبّارْ
وَدِدْتُ لَوْ...
لَوْلا أَنِ اسْتَبَدَّ بِيَ العِشْقُ
فأوْمَضَتْ فِي القلبِ بُروقٌ
وَهبَّتْ أعاصيرُ

أوَفَكّرْتِ بي
وَأنتِ تُمَرِّغين قلبي
في نَقْعِ الحَنينْ؟
قلبيَ النَّزِقُ، الخَفيفُ
الفاجِرُ، الـمُنْحرِفُ
أُقِرُّ الآنَ
كُنْتُ مَزْهُوًّا إذْ هَجَرْتُكِ
مُخْتالًا وَغَيْرَ آبِهٍ
أمّا وَقَدْ اختلَيْتُ بِصَوْتِكِ
فَأعْتَرِفُ
ما زِلتُ حُبَّكِ أشكو
وَأقْتَرِفُ.




.

صورة مفقودة
 
أعلى