طه عدنان - La Maroxelloise

عربيةٌ
بلسان أعجمي
شمسٌ شاردةٌ
تغزل من نُدف الثلج
خيوطاً للشقاوة
والنزق
الماروكسيلواز الصغيرة
ترطن بالماروكان*
وتركض مثل جروٍ
فوق عشب الاستراحة
تُخاتل الأطياف
في مدرسة مختلطة السحنات
رفاقُها في الصف
مغاربةٌ صغار
إيطاليون من الجيل الرابع
بولنديون بملامح أليفةٍ
وأسماء غريبةٍ
أتراكٌ. باكستانيون
غجرٌ. أفارقة سود
وبضعة بلجيكيين
بشعرٍ مشرق
وملامح داكنة
الماروكسيلواز البريئة
بضفيرتين راقصتين
وحقيبة جذلى
تتقافز في عينيها
كتاكيت المسرّة
الكراريس
الأقلام الملونة
وساندويتش الجبن
والنقانق الحلال
الماروكسيلواز الصغيرة
عوض الذهاب
إلى السينما
تدرُس العربية
ظهيرة كلّ أربعاء
وصبيحة الأحد
تذهب إلى المسجد
لتحفظ سوراً قصيرة
بلغةٍ
عصيةٍ على الفهمِ
فيما لورانس
وسابين وشانتال
صويحباتها في الفصل
يتفرغن
أمام شاشة العائلة
للفطائر
ورسوم الأطفال
الماروكسيلواز اليانعة
ضارية كزهرة صبّار
ناعمة كحشوة "الكريما"
داخل قطعة شوكولاتة
تخفي السجائر
بين النهدين
تضحك ملء غرائزها
وتصرخ في المترو
بصوتٍ
كأنه هبوب الريح
على دالية الأجراس
وبالله تقسم
في كلّ حين
كما لو أن الله شاهدٌ
على حصص الخيال
توزّعها
وبالقسطاس
بين الأتراب
والرّكاب
الماروكسيلواز الغرّيرة
بخفّة فراشةٍ
وسذاجة عصفورٍ
تسقط
في فخّ مراهق شقيّ
يلفّ عقلها
في لفافة حبّ
لينفثه سحاباً
في الهواء
يعجن طراوتها
بيديه
يمصمص حلوى أنوثتها
بشفتيه
ويلحس "آيس كريم" رعشتها
بلسان من نار
الماروكسيلواز الحسيرة
تصحو
من سكرة الحبّ
ودنانُ العشق
مكسورةٌ
على مرمى نبضٍ
من وجْدِها
فيُصاب القلبُ منها
بسهام صريحة
وتُمنى الأشجان
بعواصف
يجمد من عويلها
الدم
في عروق القبيلة
الماروكسيلواز الطريدة
محاصرةٌ
كجزيرة غوايةٍ
في أرخبيل الظنون
وحيدة بين فيلق
من الإخوة:
مصطفى ومحمد
مراد وحسين
وكلٌّ له جحفلٌ
من المخبرين المتطوّعين
يغطسون
نظرات
عطشى
في حوض نداوتها
وبألسنةٍ ناشفة
يلعقون فائض أنوثتها
في سرائرهم
ثمّ يدَّعون الحميّة
والذود عن الحوض
الماروكسيلواز الشريدة
تائهةٌ كالقشة
في مهبّ ريح
مريبةً
على الدوام مرتابةً
تخفي زهر لواعجها
بين القلب والقلب
وتعلّق أطراف أحلامها
على مشجب الكتمان
الماروكسيلواز الناعسة
تتفرج على آلي ماكبيل*
مساء كلّ أحدٍ
وتستخدم "الروموت كونترول"
بسبب الحظر الإيروتيكي
الماروكسيلواز الراشد
يزفّون إليها
الجنسية البلجيكية
كبُشرى لا طعم لها
ولا يتورّعون في سؤالها
عن أصلها
وفصلها
عن الحناء
والإبل الوئيدة
عن مغربٍ بالكاد تعرفه
وعن قرى بعيدة
عربيةٌ
أعجمية اللسان
تغطي الرأس بالفولار
والوجه بمساحيق
فصيحة الألوان
تخلع ثوب الحياء العتيق
لترتدي دجينزاً لصيقاً
تكادُ منهُ
تندلقُ
الحلاوة
ويفيض العسل
لا تعجن الخبز
ولا تهيئ الكسكس
تأتي على البطاطا المقلية
بمختلف الصلصات
وتدمن على "البوب كورن"
في صالة السينما
تسمع الرّاي و"الهيب هوب"
وترقص على إيقاع "الشعبي"
وحين ترتاد الديسكو
تنزع الفولار
وتكرع الكوكاكولا لايت
حتى ابتلال السريرة
وحين إلى "البلاد" تسافر
تقضي عطلة الصيف
في الرِّيف
تتقاذَفُها الولائم
ويتجمهر حولها خلقٌ كثير:
رحَّل متأهبون
مشاريع مهاجرين
وعشاقٌ موسميون
متيّمون بالضفة الأخرى
للمتوسط المرصود
الماروكسيلواز الناهد
مثيرةٌ كتأشيرة
مغريةٌ
كأوراق الإقامة
الماروكسيلواز العنيدة
ترفض الزاوج التقليدي
من قريبٍ بعيدٍ
بُعد رائحة الشحم
عن ساطور صدئ
وتخلع فولار الحشمة
لتُدير القلب
لعشاقٍ مزيّفين
وتجار مشاعر
الماروكسيلواز الطازجة
تبحث عن حبّ صادق
بمشاعر باسقة
وحين تُنهكها
الوصايا الجرداء
والرأفة القاسية
تسقط بين ذراعي
أول عابر سرير
كثمرة
زائدة النضج
الماروكسيلواز المَصُون
تعصر
حليب الأمومة
من ثديها
وفي عشها المهجور
تطفي نار رغبتها
بدمع الانتظار
الماروكسيلواز الذابلة
تقطن في حيّ الخريف
مسرَّحة بلا إحسان
تجرّ فلذات مرَارَتها
وأحلامها المسروقة
ترتب آهاتها
على عجلٍ
وتدفن رعشتها
في سرير الوحشة
ووحيدةً
تنام
عربيةٌ
بلسان أعجميّ
شمسٌ باردةٌ
تغزل من نُدف الثلج
رداءً للعزلة
وستاراً للأسى
نبتةٌ
تركت حلم خضرتها
يتمرّغ
في وحل الجنوب
وشمالاً ضيّعت
زهر صبابتها
بين الدروب
وفي شقة من غرفتين
على ضفة الكنال*
تغمدتها الوحدة
وتقرّحت في روحها
الندوب.


* بروكسل – ديسمبر 2007

* تركيب مزجي باللغة الفرنسية ويعني لدى البلجيكيين "مغربية بروكسل"
* العامية المغربية كما يسميها بعض مغاربة الجيل الثاني للهجرة باللغة الفرنسية
* سلسلة تلفزيونية أمريكية شهيرة كانت تبث في أواخر التسعينات وتدور في مكتب للمحاماة ببوسطن، وتتمحور السلسلة حول مغامرات المحامية العازبة "آلي ماكبيل" وهي تبحث في عقدها الثالث عن شريك لأحلامها
* قناة تعبر بروكسل وتصل ميناءها الداخلي بباقي موانئ العالم، وتعرف بعض جنباتها تمركزا للمهاجرين المغاربة خصوصاً.



.
صورة مفقودة
 
أعلى