الشهاب الحجازي - جنه الولدان في الحسان من الغلمان

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً.
الحمد لله ي العزة والجلال، مانح من شاء من خلقه البهاء والكمال، الذي حلى من اختاره من عباده بحسن الخلق فنحمده على كل حال، ونشكره شكر من حسن حاله في الحال والمآل، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل إن الله جميل يحب الجمال، صلى الله عليه وعلى الصحب والآل.
وبعد فقد سألني بعض الأصحاب اللطفاء، والأصدقاء الظرفاء، أن أجمع شيئاً من الأشعار، وإن كانت في هذا الزمان قليلة الأسعار، مقترحاً علي في ذلك أن لا يكون من كلم شتى رواها من روى، بل من نظمي خاصة لا غير ولا سوى، مقيداً في ذلك أن تكون من المقاطع في الحسان من الغلمان، حسبما يطلبه أبناء الزمان. فكلفت طباعي الطاعة، على حسب الاستطاعة، وقلة البضاعة، معتذراً عن ذلك بما قلته، ومن قديمٍ نظمته:
وَالله ما المُرد مُرادي وإن ... نَظمتُ فيهم كَحُليِّ العروس
وَإنّما أبصرت في عَصرنا ... أَكثر ما ينفق فيهِ الفلوس
فقد سبقني من سبق بمثل هذا الاعتذار، وهو الشيخ زين الدين عمر بن الوردي حيث قال في بعض الأشعار:
والله ما المرد مُرادي وإن ... نظمتُ فيهم كعقود الجمانِ
لاكنّ من رام نفاق الذي ... ينظمه ينظم خرج الزمانِ
على أن طائفة المردان ليس لهم حسن خلُق وإن كان خلقهم حسنا، وحسبك ما قال بعضهم مضمّناً:
لا تطلب الإنصافُ من أمردٍ ... لا يوجب الحقّ على نفسهِ
ولا تُرًَجِّ الودَ ممّن يرى ... أنك محتاجٌ إلى فلسهِ
ووضعت هذا التأليف، حسبما اقترح علي تجربة الفكر الضعيف، وجعلت فيه شيئاً رثى ذوي الحسن والبها لأنه أحق ما إليه ينتهي، وسميته جنة الولدان، في الحسان من الغلمان، ونعوذ بالله من نزغات الشيطان الرجيم، ونتبرك باسم الله الرحمن الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ومن ذلك ما قلته في مليح خليفة:
قُلتُ للشَّادن الخليفةِ يا مَن ... قد سَبا النَّاسَ حُسنُهُ اِدنُ منهُم
سُدت بالجودِ والمَحاسِنِ فيهِم ... وتقدَّمتَ مَن تَخَلَّفتَ عَنهُم
وقلت في مليح سلطان مضمناً:
مُذ سَباني جَمالُ سُلطان حُسنٍ ... ذي سَناءٍ وَلَستُ أهلاً لِذاكَ
قُلتُ في مُهجَتي ما شِئتَ فَاِحكُم ... وَتَحكَّم فَالحُسنُ قَد أعطاكَ
وقلت في مليح وزير:
فُتنتُ بِحُبِّ وَزيرٍ وَلَم ... أجِد لي في ذَاك مِن عَائِبِ
لأنَّ العذول عَدُوٌّ وَهَل ... يَلومُ العَدُوُّ عَلى الصَّاحِبِ
وقلت في مليح ناظر الخاص:
في ناظرِ الخاصِ عشقاً ... وفقتُ كيفَ الخلاصُ
به تَكَمَّلَ عَشقي ... وما سِواهُ اِنتقاصُ
فَنَاظِرُ الدونِ دوني ... وَناظِرُ الخَاصِ خَاصُ
وقلت في مليح كاتب السر:
لكَاتبِ السِّرِّ حُسنٌ ... يَزهُو وَخَدٌّ مُوَشَّى
يصمي النَّدامى بِلَفظٍ ... وَحيثُ أنشَأ أنشا
وقلت في مليح ناظر الجيش:
لناظرِ الجيش جَيشٌ ... مِن حُسنِه لي باهر
لا يَختَشي الكَسرَ قلبي ... مَا دَامَ لِلجَيشِ ناظِر
وقلت في مليح محتسب:
هَامَ قَلبي بِمُحتَسبٍ ... وغرامي ممّا حَسب
قُلتُ إذ زارني اِحتَكِم ... وَاِكشِفِ الآنَ واِحتَسِب
وقلت في مليح قاضٍ مضمنا:
رُبَّ قاضٍ لَهُ جَمالٌ بَديعٌ ... راحَ حكماً عَلَيَّ للمُتَقَاضِ
قُلتُ في مُهجتي تَحكَّم وَقَلبي ... ولكَ الأمر فَاِقضِ ما أنتَ قاضِ
وقلت فيه أيضاً مضمناً:
قاضٍ سَباني بكَنزِ الثَّغرِ قُلتُ لَهُ ... يا مَطلَباً لَيسَ لي في غَيرِهِ أرَبُ
وَصرتُ أنشدُ لَمَّا حَثَّ في طَلَبي ... إليك آلَ التَّقاضي وَاِنتَهى الطَّلَبُ
وقلت في مليح شاهد عدل:
وشَاهِدٍ هِمتُ فيهِ ... والقدُّ كَالغُصنِ مائِد
قد قال لي خِلِّيَ اِنظُر ... فَالقَدُّ عدلٌ وشَاهِد
وقلت فيه أيضاً:
قوامُ العَدلِ لا أدري ... بأيٍّ مِنهُما شُغلي
أبالعَدلِ من القدِّ ... أمِ القَدّ من العَدلِ
وقلت في مليح رسول مضمناً:
يا ماطلي دَينِي لَقَد أحوجتني ... أرسلتُ بالشَّكوى إليك رسولا
لكِنَّني من حبِّه في سكرَةٍ ... ومن الشَّمَائل قد سُقيتُ شَمُولا
فهو الرسولُ إليك منّي ليتَني ... كنتُ اِتَّخذتُ مع الرسول سَبيلا
وقلت في مليح خطيب:
خَطِيبٌ سَباني إذ رَقي منبَراً ... وأصغَت له أذني فأنشَا بما أنشا
فَقامتُه بالعدل واللّفظِ بالتُّقَى ... لَقَد أمَرَا واللحظ يأمُرُ بالفحشا
وقلت في مليح مرقي:
ورَئيسٍ للخطيب يَقدُمُهُ ... والجمع من فَرط حسنه بُهتُوا
سَيفان من كَفّه ومُقلَته ... في الغِمدِ هذا وذاكَ منصَلتُ
حَيعَلَ ضِمنَ الأذَان ملتفتاً ... فقلتُ شأن الغزالِ يلتفِتُ
وقلت في مليح مؤذن:
عَلِقتُهُ مُؤذناً ... قد عَلِقَت آثارُهُ
قد حُطَّ قدراً عنده ... لمّا علا منارُهُ
وقلت في مليح إمام:
إمامُنَا أمَامَنا ... أبدى الرُّكُوعُ
لأجلِ ذا عُشَّاقُه ... لا يَبرحون خلفَهُ
وقلت في مليح ميقاتي:
بالسَّمت والهَيئة طُل ... وَالضدُّ مَا بِه اِنتِفَاع
والنَجمُ مِنه ساقطٌ ... لَمَّا أخَذتَ الإرتِفَاع
وقلت في مليح عالم:
وَشَادن عالم قَد ... رَمى فؤادي بسهمِ
ذَاكَرتُهُ بَعضَ علم ... أباحني بعض لَثمِ
وَباتَ عندِي بِجنبي ... وَغَطَّ قُمتُ بوهمِ
عليه دبَّيت جَهراً ... في يَقظَةٍ دُونَ حلمِ
وَقُلتُ لَمَّا فَرَغنا ... وَزال همّي وغمّي
أبَحتَنِي ذا بجهلٍ ... فَقالَ لا بَل بعلمِ
وقلت فيه أيضاً:
وعَالِمٍ يَقتُلني ... بِعلمه وفهمهِ
لا يَرتَضينِي طَالِباً ... إذ لم أقم بِعِلمِهِ
وقلت في مليح مدرس:
حبّي المُدَرّس لَمَّا ... أن كرَّر الدَّرسَ غبتُ
وَقَد وَهِمتُ وَهمِتُ ... لكن فَهِمتُ فَهِمتُ
وقلت في مليح مُعيد:
حبّي المعيدُ أعاد لي ... يا عَاذلي فَاِترك مَلامَك
أوهمتُ أنّي ما فَهِم ... تُ فَقُلتُ زِد وأعِد كلامَك
وقلت في مليح محدث:
محدّثٌ لاحَ منّي ... ومنه معنى ظريفُ
الوَجدُ منّي صَحيحٌ ... وَاللَّحظُ منه ضعيفُ
وقلت في أيضاً مقتبساً:
وَبِروحي مُحدّثاً قَد سَباني ... بِحديث أَضحى لقلبِي مُغيثا
عُذّلي في هواهُ أضحَوا حيارَى ... لا يَكادون يفقَهون حديثا
وقلت في مليح فقيه:
وَلَقد نزَلتُ إِلى جوار مهفهفٍ ... ظَبيٍ فقيهٍ حسنُهُ لي رابطُ
قَد قيلَ أَنتَ مجاورٌ فأجبتُهُم ... بِنَعم وَيا ليت المحدثَ غالطُ
وقلت في مليح نحوي:
رُوحي الفداءُ لنحويِّ فُتنتُ به ... قَد شاعَ حُبّي فيه فَهو مشهورُ
قَد جَرَّ باللّحظِ قلبي نحوهُ فَلِذا ... قَلبي وألحاظُهُ جارٌ ومجرورُ
وقلت في مليح أصولي:
فُتنتُ بِه جَدليّاً أرى ... نِزَاعي له مقرناً بالأجل
وَما حيلَتي في هوى شادنٍ ... يحب الخِلافَ ويهوى الجَدَل
وقلت في مليح منطقي مضمناً:
بِي مَنطقِي رَدَّ أبحَاثَهُ ... في دَرسِهِ تُفتَنُ كلُّ الأَنامِ
ذُو منطق بعت به مُهجتي ... فكُنتُ ممّن باعها بالكلامِ
وقلت في مليح خلافي:
هَذا الخُلافي أطال صَدّي ... وَكان لي قَبلَ ذَا مُوَافي
غصن خِلافٍ وقبل هذا ... قَد كَانَ غُصناً بلا خِلافِ
وقلت فيه أيضاً في كل من البيتين:
أَهوَى خلافِياً كَغُصنٍ نَافعٍ ... قاسي الحَوائجِ ليّن الأعطافِ
يا قلبُ تهواهُ وتهوى الغَيرَ بَل ... أهوَاهُ في الحالينِ غُصنَ خِلافِ
وقلت في مليح حرفي:
أفديه حَرفيّاً غدا آخذاً ... من قمرِ الآفاقِ إشرَاقهُ
جاء على وفقِي وقَد خِلتُهُ ... روى عن البَوني أو فاقَهُ
وقلت في مليح بياني:
بَيانيٌّ مليحٌ قد سَباني ... وبيَّنَ من مَبَاحثِهِ مَعَاني
فهمتُ بحسنِهِ وبما بِهِ قد ... فهمتُ من المَعاني والبيانِ
وقلت في مليح مهندس:
بِالرُّوحِ أفدِي شَادناً ... وعالماً بالهَندسَه
سَطَّحَ جسمي إذ رقي ... مِن حَاجِبٍ قَد قَوَّسَه
وقلت في مليح فلكي:
بِي فَلكيٌّ رَاقَنِي حُسنُهُ ... بالوصلِ لَم يَعطف عَليَّ مَن مَلَك
ذو هيئَةٍ تسبي جَميعَ الوَرَى ... وكوكَبٌ مَا مِثلُه في الفَلَك
وقلت في مليح ساحر مضمناً:
هَوَيتُهُ ساحراً باللّحظِ يَسحرُني ... بهِ يهيجُ قلبي لا بأسماءِ
وَالخصرُ يكتبُ من سحرٍ تعلَّمَه ... منَ السَّقامِ بِجِسمي بابَ إخفاءِ
وقلت في مليح شاعر:
وَشاعرٍ أَحرَقَني ... بِنَارِ خَدٍّ ضُرِّجا
وَقَد غدا لي مَادحاً ... لِحملِ نارٍ وهجا
وقلت فيه أيضاً:
وَشاعرٍ يَسحَرُني ... بنظمِه وما نَثَر
لم يشعرنَّ في الهوى ... وقاتِلي إذا شَعَر
وقلت في مليح خمار:
خَمَّارُنا حازَ ثغراً ... فيه رحيقٌ يُرَام
ومنه سكريَ لكِن ... لو تَمَّ وصلُ مُدام
وقلت فيه أيضاً:
خَمَّارُنا قد حَبَانا ... مدامَةً لا تُسَاما
والحَاضرُونَ نَدَاما ... والغائبُونَ نَدَامَا
وقلت في مليح نديم:
أفدي بِمَجلسِ أُنسٍ ... بدراً غدا لي مُنادم
نَاديتُ يَا حِبّ نَادِم ... وَخلِّ ضِدي نادم
وقلت فيه أيضاً:
وبدرِ تمٍّ قد سعى ... بِكاس راحٍ واِنبسَط
حَيَّا وقَطَّ رأسَهُ ... فهل رأيتَ البدرَ قَط
وقلت في مليح حشاش مضمناً:
فُتنتُ بحَشَّاشٍ مليحٍ وعينُهُ ... عَلى عاشقيه مِن حَشيشَتِهِ حَمرَا
خُذُوا حِذرَكم من خارجيٍّ لبدوِهِ ... فَقَد جاءَ رَجعاً في كتيبتِهِ الخَضرَا
وقلت في مليح مغن والتورية في كل من البيتين:
حضرتُ ومن أهوى وغَنَّى بدوحة ... طربتُ على الحالين من ذلك المَغنَى
له الله من شَادٍ مليحٍ سمعتُهُ ... عَلى أكملِ الأحوالِ في روضَةٍ غَنَّا
وقلت في مليح خيالي:
خَياليّاً هويتُ وبعتُ وَصلي ... بفانوسٍ وأعرضَ عن وصَالي
وكنتُ مُواصِلاً أو كنتُ أرجو ال ... خيالَ من الخيالِ من الخيالِ
وقلت فيه أيضاً:
ومُخَايلٍ بعد الوصال نَفَى الكرا ... أَنشدتهُ إِذ عَزَّ في تمكينهِ
قَد كنتُ لا أَرضَى الوِصالَ وفوقَهُ ... وَاليومَ أقنعُ بالخيال ودونِهِ
وقلت في مليح مصارع:
مصارع ساومته الن ... نقادَ عندما وفا
أبى ومُذ راودتُهُ ... صرَعته على القَفَا
وقلت في مليح حاو:
هَويت حاويَ حُسنٍ قد حوى حملا ... منَ الهوَام وذات اللسعِ واللدغِ
درياقُ فيهِ دوائي إذ لُسِعتُ أنا ... مِن عقرب الشَّعرِ أو من عَقربِ الصدغِ
وقلت في مليح أمير:
أفتنني ذا الأميرُ قلت له ... كلٌّ حسان أنا أسيرُهُمُ
فَمَن أميرُ الملاحِ إِن عدِمُوا ... بالأمرِ نادى أنا أميرُهُمُ
وقلت في مليح حاجب:
أَفدي أَميراً حاجباً حسنُهُ ... مُكمَّلٌ قَد جلَّ عن عائبِ
يَرمي عنِ القوسِ بِسهمٍ كما ... رميتَ بالعينِ من الحاجبِ
وقلت في مليح وال مضمناً:
سرقَ اللَّحظَ من محاسنِ والٍ ... يظنُّ العذابَ قلتُ هناكَ
تسرقُ العينَ لقطعِ القلبِ ظلماً ... فعلى الجمالِ من وَلّاكَ
وقلت في مليح جبليٍّ مضمناً:
أحببتُهُ جَبليّاً جسمُهُ تَرِفُ ... والخصر أعيا مِنَ الإزعاج بالكفلِ
ما زلتُ أنشدُ رِدفاً منه حينَ بدا ... يا حبّذا جَبل الريَّانِ من جبلِ
وقلت في مليح مضروب:
مُعَذّبِي أوجعوه ضرباً ... ولم يكن عندهُم بَلاغُ
إن يضربُوه فلا عجب ... التبر بالضربِ قد يُصاغُ
وقلت في مليح حرامي:
ولصّ سَارق من بعد نَهبٍ ... لبَيتِ القلبِ من جفنِ منامي
سعى في قَتلي ورمى فؤادي ... وعاذَ يطوف بالبَيت الحرامِ
وقلت فيه أيضاً:
أفديه لصّاً مليحاً ... فيه تَزَايدَ كَربي
إن جاء يَنهَبُ عقلي ... أو راح يَسرقُ قلبي
وقلت في مليح لص مضمنا:
ولِصٍّ غَدَا للقلبِ منّي سارقاً ... ويحلف لي لا خانني ويَمينُ
لَئِن فَقَدَ اليمنى الحصينَةَ مِن فَمي ... فليسَ لمخضوبِ البنانِ يَمينُ
وقلت في مليح مقامر:
مقَامرٌ هويتُهُ ... وحسنُهُ يسبِي البَشَر
نَعم ولا قامرته ... إلّا رأيته قمَر
وقلت في مليح أمرد:
وأمردَ لُمتُ حِينَ ضاقَ على ... قلبي إذ كنت قاصداً نَيلَه
أشار ما حيلتي لديك عسَى ... قلبك ذا أن يوسِّعَ الحِيلَه
وقلت في مليح مبذولٍ مضمناً:
لي حبيبٌ أباحني وردَ ثَغرٍ ... مذ رآني قد زِدت فيه اِنهماكَ
ثمّ نادى ما قصدُكَ الآن منِّي ... بِي تملّا فقلت قصدي وراكَ
وقلت في مليح قصد ضيافتي مضمناً مجنسا مع زيادة التورية:
رُمت قِرَاهُ فجلا طلعة ... في طُرَّةٍ ترقا بأمِّ القران
أبصرته ليلاً نهاراً معاً ... يا قومُ ما أسعدَ هذا القِران
وقلت في مليح غائب:
مذ غابَ وجهُ حبيبي ... ما عدتُ أنظرُ بدرا
وبعدَ ريقٍ له لا ... شربتُ دهريَ خمرا
وقلت في مليح وعد وأخلف:
وعدتَ مولايَ وَصلاً ... وطيبَ قربٍ وأُنسِ
قعَدتُ في البيتِ وحدي ... مُستَنظِراً طولَ أمسِ
إن دامَ هذا التَّجَنّي ... بَسّي من العشقِ بَسِّ
لم يكفِ هَجرُك حتّى ... جَعَلتَ بيتي حَبسِي
وقلت في مليح يستاك:
قد قلتُ لَمَّا مِلتَ عَنّي مُعرِضا ... وغَدَا بفيكَ منَ الأَراكِ سواكَ
عنّي حُجِبتَ ونَالَ عُودٌ ريقَك الش ... شهدي فَقصدي أن أكونَ أراكَ
وقلت فيه أيضاً:
إنّي حسَدتُ سواكاً نالَ ريقَةَ مَن ... مَع قُربِهِ مالكاً قلبي وأعضاء
نَأَى وفازَ بِهِ عُودُ الأراكِ ضُحىً ... ما حالُ من هامَ بين العودِ والناء
وقلت أستهدي من مليح سواكاً:
يا سيّدي قصدي أراك ... فإنّني ما لي سِواك
وقلت في مليح بناء:
وبَنّاء على وصلي بنى إذ ... رأى الميزانَ تُنصبُ مُتُّ وَجدا
وَهَذا القُربُ من بَعد اِضطرابٍ ... وَشَدّ الظهر حِينَ بنى وهَدَّا
وقلت فيه أيضاً:
عَشقتُكَ أيّها البنَّا وأهلي ... تُهدِّدُ بالملامة فيكَ رُكني
فإن تبنِ على وصلي يَهُدُّوا ... فهدا بي بوعدٍ منكَ واِبنِ
وقلت فيه أيضاً:
فُتنتُ بِبنَّاء لقلبي عامرٍ ... وكم دَار سَعدٍ قد بناهُ معانا
وأمسى لسانُ الحالِ مِنهنَّ مُنشِداً ... رَعى الله كفّاً مَسَّنا وَبَنَانا
وقلت أيضاً في بناء قد انكسرت يده مضمناً:
أفديه بَنَّاءً رائقاً في البنا ... لهُ اليدُ الطُولى بلا مِراءِ
فَاِنكَسرت منهُ يدٌ وأصبحت ... كأمسِ في الكسرِ أوِ البِناءِ
وقلت في مليح تراب مضمناً:
فُتنتُ بتَرَّاب حكى الماءَ جسمُهُ ... صفاءً فما أحلاهُ للعينِ والقلبِ
إذا ما نأى قَبَّلتُ ترباً يمسُّها ... ومَن لم يجِد ماءً تيمَّمَ بالتُّربِ
وقلت فيه أيضاً مقتبسا:
رُبَّ ترَّابٍ مليحٍ ... أورثَ القلبَ عَذابا
قلتُ لمّا أن بدا لي ... ليتني كُنت ترابا
وقلت في مليح وقاد مضمناً:
برُوحيَ وَقّاداً مصابيحُهُ حكَت ... نُجُوماً وقلبي من لظى نارِهِ يَقد
ولم أرَ لي من يطفئُ النارَ غيرَهُ ... ومن لي بإطفاء الغرام وقَد وَقَد
وقلت فيه أيضاً:
يا حسنَ وَقَّادٍ بصحنٍ جامعٍ ... يوري المصابيحَ بلا تَقييدِ
مرارة الصبرِ أرانا بعدَها ... صحناً به حلاوَةُ الوقيدِ
وقلت فيه أيضاً:
وقَّادُنا وجهُهُ تحكيه شمسُ ضحىً ... وَمنه غارت نجومٌ ثمَّ أقمارُ
حتّى المصابيحُ من لألاءِ غُرَّتِهِ ... أمست وفي قلبِهِ من ضَوئِها نارُ
وقلت فيه أيضاً:
لقد زَارَ وقّادُنا ... على عجل في الغَلَس
فأشعلَ منّي الحشا ... وأطفأ منّي النَّفَس
وقلت فيه أيضاً:
فُتنتُ بوقّادٍ مليحٍ تُحبُّهُ ... مصَابيحُهُ لكن برؤياهُ عُلِّلت
فأطلقَ في أحشائِها النَّارَ عامِداً ... فزادت بِهِ وجداً فجُنَّت وَسُلسِلَت
وقلت فيه أيضاً
أحببتُ وقّاداً كنجمٍ بَدَت ... عوارضٌ في خَدِّه مُسبَلَه
غُرَّتُهُ في الوجهِ مع عارِضٍ ... كأنّه القنديلُ في السِلسِلَه
وقلت فيه أيضاً:
طفايةٌ أبصرتُهَا في كفّ مَن ... يقتُلني بالصدِّ والتِّيهِ
حَسَدتُها في شانِها مُذ غَدا ... واضِعها منهُ على فيهِ
وقلت في مليح تركي:
بِتركيٍّ فُتنتُ فقلتُ تُعزَى ... إِلى أي النجارِ فكن مُجِيبي
فَقال إلى حبيب إن عَزَوني ... فقلت لصاحبي هذا حبيبي
وقلت فيه أيضاً:
يحكي المسَنّ عارضٌ ... في خدِّ ذا التركي الحَسَن
ناديتُ ماذا قالَ لي ... هذا عذاري خُش مِسَن
وقلت في مليح رامي نشاب:
بروحي رامياً بالنبلِ قلبي ... غدا هدَفاً إلى تلك السِّهامِ
ويَرميني بسَهمي مقلتَيهِ ... فقلتُ إذاً هما أقصى المرامِ
وقلت في مليح يعبر المنامات:
قصصتُ إليه من رؤيايَ حلماً ... حبيب زَادَ فيه إذاً غرَامي
فحقّق حيثُ فسَّرَ لي منامي ... وواصلني فنلتُ به مرامي
فقلتُ أجَدتَ تفسيراً نهاراً ... وَلَم أظفر بمثلِكَ في المنامِ
وقلت في مليح تاجر من أبيات:
أفديه من تاجرٍ حازَ الجمالَ وقد ... أثرى من الحسنِ حتّى عادَ منه ملي
قدِ اِشتَرى بدنانيرِ الخدودِ من ال ... عُشَّاقِ أرواحَهم طَوعاً بِلا مَلَلِ
وقلت في مليح لفاف:
فُتِنتُ بِلفّافٍ مَليحٍ بهجرِه ... يُعَذّبُني لمّا رآني مُتَيَّمَا
وَمَا خَصَّني بالهَجرِ بل كُلُّ مُغرَمٍ ... بِهِ مستهامٍ كان مثلي عُمِّما
وقلت في مليح صيرفي:
بِي صَيرَفيّ خَدُّهُ مُشرِقٌ ... فَهوَ كَدِينَارٍ وَذي نَارِ
يُظهِرُ في حِرفَتِهِ شِدَّةً ... إذ يصرف الفلس بِدينَارِ
وقلت في مليح ذهبي مضمناً:
أرى الذهبَيَّ مدَّ شَريطَ تبرٍ ... فَطَاوَعَهُ بِجَذبٍ من يَديهِ
فَقلتُ وقَد غَدَا يحكيهِ لُطفاً ... شَبِيهُ الشيء مُنجذِبٌ إليهِ
وقلت في مليح جوهري:
وَجوهَريٍّ سألتُهُ أن ... ألثمَ فَاهُ فقالَ مَهلا
في مبسمي جوهرٌ نفيسٌ ... قلتُ وفي الخدِّ قال مَه لا
وقلت في مليح سكري:
فُتنتُ بِه سُكَّريّاً بدا ... نباتُ عذار لهُ أخضَرِ
أحِبُّ شراباً بثَغرٍ لهُ ... وأهوى النَّباتَ من السُّكَّري
وقلت في مليح (سيروان) :
بالرُّوحِ أفدِيهِ سيرواناً ... قَطَّرَ من جَفني المدامِع
وحاسدي قال إذ رآهُ ... واصِل يا سيروانُ قاطِع
وقلت في مليح بيطار:
بيطارُنا يصنعُ الأهِلَّة من ... بُدن بلطفٍ وقال إذ زارا
بكَ الهوى طارَ حيثُ شاء إذا ... قلت نعم مذ عشقت بي طارَا
وقلت في مليح مضمناً:
حبي الشريفُ سباني بالجمال وقد ... زهَى بحسنٍ شريفٍ زانه الصَّلَفُ
وأشبهَ البدرَ حُسناً رحتُ أنشدُهُ ... أشرقتَ إِشراقَ بدرٍ حفَّهُ الشَّرفُ
وقلت في مليح شريف لما طلعت ذقنه مضمناً:
هَوَينا شريفاً كان بالحسنِ فاتناً ... فشانَتهُ ذقنٌ بعدما كان أمرَدَا
وَأَخلف بُخلاً فاِستشاطت صدورنا ... وَكلّ اِمرئ منّا لَقد عاد منشدا
إذا سيّدٌ منّا مَضى في سبيلهِ ... أَقمنا بِأطراف الأسِنّةِ سيِّدَا
وقلت في مليح يهودي:
وفتنتُ من آل اليَهودِ بشادنٍ ... كالظَّبيِ لكن لن يزَالَ شَرُودَا
وكأنَّما ألقى عَلَيهِ يُوسُفٌ ... من حسنِهِ فلِذا حببتُ يَهُودا
وقلت فيه أيضاً:
سَألتُ ذَا العبرِيَّ مَنّاً على ... عُشَّاقِهِ والمَنّ مِن فِيهِ
فَتَاهَ عُجباً إذ غدا تَابِعاً ... لآلِ إسرائيلَ في التِّيهِ
وقلت في مليح سامري:
فُتنتُ بظَبيٍ سَامريٍّ أباحني ... مُسَامرةً في اللّيل مُذ كَانَ زَائري
أمَتُّ منَامي عند ليلي بقربِه ... وأحيَيتُ ليلي إذ نعِمتُ بِسَامرِي
وقلت في مليح نصراني:
مِنَ النَّصَارَى مَليحٌ لانَ مَعطفُهُ ... وَشدَّني في الهوى إذ مَدَّ زُنَّارا
سَاومتُهُ المالَ مِنِّي كَي يُواصِلَني ... أطفي بألفاظِهِ إذ قال زِن نارا
وقلت فيه أيضاً:
مِنَ النَّصَارَى سَبَانِي شادنٌ وله ... عمَامَةٌ كَسَمَاء لازَوَرديَّه
نَاديتُهُ اليومَ قصدي أن أبيِّضَها ... فقال يا سيّدي دَعهَا سَمَاوِيَّه
وقلت في مليح يعرف بالعجيل:
وَعَدَ العُجَيلُ فَمَا وَفَا ... وَعدي فَلَم أظفَر بسولي
نَادَيتُهُ لِم لا تَفي ... أو ذي مُواعَدَةُ العَجُولِ
وقلت في مليح بالمتبولي مضمناً:
أبانَت عنِّي سُعَادُ واِستَبدلتني ... متبولَ إذ أخرَجَت ظَبياً هو السُولُ
وَقُلتُ لمَّا جعلت القلبَ مسكنَه ... بانَت سُعَادُ فَقَلبِي اليوم مَتبُولُ
وقلت في مليح يعرف بالجناني:
أبَا الخيرِ الجناني سَرَّ عَينِي ... وَسَاءَ القَلبَ لَمَّا أن جَفَاني
فَقَلبِي من جفاه في جحيمٍ ... وألحَاظِي تَمتَّعُ بِالجنَانِ
وقلت في مليح يعرف بالونائي:
قد قالَ لي خلِّي اِنسُب ... حبّاً غدَا ذا سَناءِ
وهل يُرَى ذَا صُدُودٍ ... صِفهُ فَقُلتُ وَنَاءِ
وقلت في مليح من ناي:
واصَلَني مُنيَتي ونسَبتُهُ ... لِنَاي والوَجهُ نُزهةُ الرَّائي
فَقُلتُ لَمَّا عرَفت بلدَتَهُ ... هذا عَجِيبٌ مُواصِلٌ نَائي
وقلت في مليح يعرف بالسخاوي:
ذا السَّخَاوي تَلِفَت روحي بهِ ... وإذا ما رُمتُ وصلاً شَمَخا
صرتُ أقضِي في غرامي عجباً ... بِبَخِيلٍ وَهوَ مِن آل سَخا
وقلت في مليح لقبه ناصر الدين:
يا نَاصِرَ الدين وَعدتَ الفتى ... بزورة أفديكَ من زائرِ
أخلفتَ في الوعد وَحَاشَاكَ أن ... تُعرَف يَا مَولايَ بِالغَادِرِ
وَعُدتُ مكسوراً بِحَربِ الهوى ... ولم أجِد إذ ذاك من ناصِرِ
وقلت فيه أيضاً مضمناً:
يَا نَاصِرَ الدينِ اِختصر من الجفا ... وَاِحنُن على حبٍّ كئيب سَاهِرِ
وَاِسمع شِكايةَ مستَهامٍ مغرمٍ ... يرجو الوصال وما لهُ من ناصِرِ
وقلت في مليح لقبه كمال الدين مضمناً:
وبِي من كمالِ الدين وَجدٌ أَمَاتَني ... وَزَهَّدَني في العِلم مُنذُ هَويتُ
ومَا تنفعُ الآدابُ والعلمُ والحِجَا ... وصاحبُها عند الكمال يَمُوتُ
وقلت في مليح لقبه تقي الدين:
أيَا تقيَّ الدينِ لي عَبرَةٌ ... أطلَقتُها والصَبُّ لم يُطلقِ
فاِتَّقِ رَبَّ العَرشِ في قتلَتِي ... مَا آن أن تخشَى وأن تتّقي
وقلت في مليح اسمه إبراهيم:
تَباعُدُ إبراهيمَ أشعَلَ في الحَشا ... ضراماً وأجرى أدمعَ العينِ مدرارا
وواعجباً إنّ الخليلَ سَمِيُّه ... به خَمَدت نار وذا مُضرِمٌ نَارا
وقلت في مليح اسمه أمير حاج:
مَنَنتَ بزَورةٍ لِلصَّبِّ فَضلاً ... وَجُدتَ علَى الحَقيقَةِ بِالمَجَازِ
وأمَّا إذ دُعيتَ أميرَ حاجٍ ... فلا عجبٌ مَجيئك للحِجازِ
وقلت في مليح اسمه جانبك:
مُذ خَفَقَت جَوَانحي ... عَانَقني وَلي مَلَك
قُلتُ تَنحَّ سيّدي ... كي لا أضُرَّ جَانِبَك
وقلت فيه أيضاً:
قُلتُ وَقَد عَانَقتُهُ ... والبَدرُ مَزَّقَ الحَلَك
البدرُ جَانبي رَعَى ... وبتُّ أرعى جَانِبَك
وقلت في مليح اسمه عبد العال:
أعَبد العَالِ أحمَدُ في اِنتِظارٍ ... مُحبُّكَ وَهوَ مُضنَى القَلبِ مُكمَد
فَإن وَافَيتَهُ دونَ البرايا ... فَأولاهم بِعَبدِ العَالِ أحمَد
وقلت فيه أيضاً:
قَد تَعالى حبّي فرحتُ أطأهُ ... وَأنَا في حُبّيه ذُو إفراطِ
قلتُ إذ قَد دُعيتَ عبدَ العالِ ... ما تَرَى أن تكونَ عبدَ العاطي
وقلت فيه أيضاً:
وَعذُولٍ في حبِّ عبد العال ... ما له إذ فداهُ رُوحي ومالي
هو مولايَ حيثُ أضحيتُ عَبداً ... أنا دونَ الوَرى لِعَبدِ العَالِ
وقلت في مليح اسمه عبد الباري:
إنّي لِعبد الباري ... في الوَصلِ ذُو اِفتقَارِ
وَصرت أحكي قلماً ... مِن حُبّ عَبدِ البَارِي
وقلت في مليح اسمه عبد الباقي:
في حُبّ عَبد الباقي ... تَزَايَدَت أشوَاقي
وَا رَحمَةً لِلفَانِي ... في حُبِّ عبدِ الباقي
وقلت في مليح اسمه عبد الجليل:
إنّ عَبدَ الجَليلِ قَد دَقَّ خَصراً ... وسَباني بحُسن وجهٍ جَميلِ
صرتُ عبدَ الرقيقِ مِن خَصرِ مَن قَد ... صَار يُدعى فينا بِعَبدِ الجليلِ
وقلت في مليح اسمه عبد الله:
عَنِّي تَلاهَا مُنيَتِي ... وَمَا لَهُ مُضَاهي
يُسمّى بعبدِ الله ... ونَعتُهُ باللّاهِي
وقلت فيه أيضاً مضمناً:
يَا مَن يُسمَّى بعَبد الله يَا أمَلي ... وَهوَ المُحكَّم لا طَالبتُهُ بدَمِ
إِن شئتَ تُنعِمُ رُوحِي أو تعذّبُها ... الأمرُ أمرُك عبدَ الله فاِحتكِمِ
وقلت في مليح اسمه عبد القوي:
عبدُ القوي سَبَاني ... بقدِّه السَّمهَري
وصرتُ عبداً ضعيفاً ... في حُبِّ عَبدِ القَوِيِّ
وقلت في مليح اسمه عبد الولي:
عَبدُ الوَليِّ سَبَاني ... منهُ بوَجهٍ سَني
إنّي لهُ لَمُريدٌ ... وعبدُ عَبدِ الولي
وقلت في مليح اسمه عبد الغني:
عَبدُ الغنِيِّ سَبَاني ... مِنهُ بوَجهٍ ضَوِي
أنَا مُريدٌ بِفَقرِي ... وِصَالَ عَبدِ الغني
وقلت في مليح اسمه عبد اللطيف:
فُتنتُ بعَبد اللَّطيف الَّذي ... لَطَافَتُهُ أسكَنَتهُ الفُؤَاد
ولا عَجَبٌ إِن بَدَا لطفُهُ ... فَعبدُ اللَّطيف لَطيفُ العِبَاد
وقلت في مليح اسمه عبد الحفيظ:
عَبدُ الحَفيظِ المُفدَّى ... قَد أنجحَ الله قَصدَه
لا تَختَشِ مِن ضَياعٍ ... فالله يَحفَظُ عَبدَه
وقلت في مليح اسمه عبد العزيز:
إنَّ عَبدَ العَزِيزِ قد جاء نَحوِي ... شَرحُ حَالي أغنَى عَنِ التَّمييزِ
في هَوَاهُ حَقّاً لقد طَاب ذُلّي ... حيثُ أضحَيتُ عَبدَ عَبدِ العَزِيزِ
وقلت في مليح كنيته أبو الفتح:
أبا الفَتحِ يا مَولايَ عيني تكرَّمَت ... بِدَرِّ دُمُوعٍ قُوبلَت منكَ بالشُّحِّ
وأعجبُ من هذا التَّطابُقِ أنّهُ ... تَضِيقُ بِيَ الدُّنيَا وَأنتَ أبو الفَتحِ
وقلت في مليح كنيته أبو الوفا:
غَرِقتُ بِبَحرِ العِشقِ مُذ صرتُ مُفرَداً ... ونَادَيتُ من فرط الزيادَة لِلجفَا
عَذولي تَخَلَّق من دموعيَ فَرحةً ... بِكَسرِي ثُمَّ اِنظر حَبِيبي أبو الوفا
وقلت فيه أيضاً:
لَقَد زَادَ بَحرُ الدَّمعِ بِي يا أبا الوَفَا ... بِغَيرِ قياسٍ من هوىً كَدَّرَ الصَّفَا
يُشارُ لِكَسرِي بالأصابع فاِعجَبن ... لِكسرٍ أو اِن الإحتراق بلا وفَا
وقلت في مليح كنيته أبو الفضل من مقلوب الطويل:
أبو الفَضلِ فَتَنّي ... وَبالهَجرِ قَتَلنّي
وَفَنَى فيه فَنّي ... وَقَد مُتُّ مِنَ الفَضلِ
وقد صِرتُ أَقُولُ ... لقد سُرَّ العَذُولُ
أترضى أن يَقُولوا ... أبُو الفضل أبو الفضلِ
وقلت في مليح على ثغره ثلاث شامات:
أثَلاثُ شَامَاتٍ على ... ثغرٍ ثناياه الحَبَب
أم هنَّ يا ربَّ النهى ... نُقطٌ علَى شينِ الشَّنَب
وقلت في مليح طويل أهداب العيون مُضمِّناً:
يَا عَائباً أهدَابَ ألحَاظِه ... بالطّولِ لاَ تَعمد لتشويشي
فَما لسهمِ اللَّحظِ عنها غنَى ... لا بُدَّ لِلسَّهمِ مِنَ الريشِ
وقلت في مليح له ردف ثقيل وخصر نحيل مضمناً:
قصدتُ رُؤيةَ خَصرٍ مُذ سَمعتُ بِهِ ... فَقَالَ لي بِلِسان الحالِ يُنشِدُني
اِنظر إِلى الردفِ تستغنِ به وأنَا ... مِثلُ المعَيدِيِّ فاِسمَع بِي ولا تَرَني
وقلت في مليح قاتلٍ بالعيون والحاجب المقرون:
شَادِنٌ لما رنا فَتكَت ... أسهُمُ الألحاظِ منهُ بِنا
مَع قِسيٍّ للحواجبِ قَد ... جُذبا للرَّميِ واِقترنَا
وقلت في مليح معذر مضمناً:
سالَ العِذارُ بِخدّهِ فإذا ال ... مُبيَضُّ مِن خدَّيهِ مُسوَدُّ
ولِسَانُ حالِ الخدِّ ينشدُنا ... هل بالطلولِ لسائلٍ ردُّ
وقلت فيه أيضاً:
تَغزَّلتُ في لامي عِذَارِ مُعَذّبي ... فَلامَ عَذُولي حَيثُ لَم يَرَ بالعَينِ
فَلمَّا رَأى مِن بعدُ أصبَحَ عَاذراً ... وَحَقَّقَ صِدقَ القَولِ مِنّي بلا مَينِ
وقلت في مليح معذّر اسمه أحمد:
مِن عَارِضي أحمد قَد ... بَدا اللِّثَامَانِ في الخَد
وقلتُ قد سادَ فينَا ... أبو اللِّثامَين أَحمَد
وقلت في مليح اسمه محمد استدعاه شخص اسمه فارس حسبما اقترح عليَّ:
أمولايَ مُحَمَّدٌ فَارسُ قد ... دَعَاكَ فخُذ كلاماً مِن مُمارِس
مجيءُ مُحمّدٍ يُعمي الأعادِي ... ويُطفئُ حِينَ يأتي نارَ فَارِس
وقلت في مليح اسمه أبو بكر:
بحُب أبي بكرٍ فُتنتُ وَعاذلي ... يلومُ وما لي غيرُهُ من مُعارِض
ويَرفُضُ عذّالي فناديتُ صَحَّ مِن ... مَلاَمِكَ فِيه أنَّكَ اليومَ رَافضي
وقلت فيه أيضاً:
بحُبّ أبي بكرٍ فُتنتُ فَيَا لَهُ ... مَليحٌ سَنَاهُ مذهِبٌ بَهجَةَ البَدرِ
وَلا بِدعَ إذ بالغتُ في حُبِّهِ إذاً ... فأحمدُ مِن أولَى الوَرَى بأبِي بَكرِ
وقلت في مليح اسمه عمر:
يَا حَرَماً للجَمالِ يَا عُمراً ... وَبيتُ حُسنِ الوِدَادِ عُمَر
إليكَ قد حَجَّتِ القُلُوبُ عَسَى ... يَعُوذُ قلبِي في حجِّه بِعُمَر
وقلت فيه أيضاً
يَا مَن يُسمَّى عُمرا ... وَفضلُهُ النَّاسَ غَمَر
وكعبة من حَجَّها ... يَفُوزُ فيها بِعُمَر
وقلت في مليح اسمه عثمان:
عُثمَانُ نُورُ ثَغرِهِ ... مَعَ الجبينِ الزَّينِ
قَد سَطَعَا فقُلتُ ذَا ... عُثمانُ ذو النُّورينِ
وقلت في مليح اسمه علي:
عَلَى عليٍّ عذَلُوا ... لا تَعجَبُوا لِلعَذلِ
بَلِ اِعجبُوا لِسفلَةٍ ... يَلومُ في حُبِّ علِي
وقلت فيه أيضاً من أبيات:
نارٌ بِخدَّيه أبدَتها يدُ الخجَلِ ... من ناظري فيها يَا مُهجَتِي اِشتعلي
وقد تَبَسَّمَ عن دُرّ بِمَبسمِه ... ناديتُ من أجلِ ذا يا أدمُعي اِنهملي
علا علِيٌّ عَلَى كلِّ المِلاحِ فَقُل ... ما شِئتَ فيه على الحالين فَهوَ عَلِي
وقلت فيه أيضاً:
أيا عليّاً بِحُسنٍ ... دُونَ المِلاحِ بَهيّ
إِذ قدرُ كلِّ مليحٍ ... يَنحَطُّ عندَ عليّ
وقلت في مليح اسمه حسن:
في حَسَنٍ لي عاذِلٌ ... شَرَّدَ عن جفني الوَسَن
فقُلتُ هذا خَشِنٌ ... يَلُومُ في حبّ حَسَن
وقلت في مليح اسمه حسين:
حُسين سَباني حُسنُهُ ولِحاظُهُ ... وقامتُهُ كالخيزُرَانَةِ تَنثَني
رَمانِي بِسَهمِ اللَّحظِ قُلتُ لهُ اِتَّئِد ... سَمِيُّكَ مقتولٌ وأنتَ قتلتَني
وقلت في مليح متعلق بأستار الكعبة مضمناً:
رأيتُ حِبِّي في الطَّوافِ مُحرِما ... مُعَلَّقاً بِسترِ كَعبةِ الرَّجَا
فلاحَ لي من تحتِها كأنَّهُ ... طُرَّةُ صُبحٍ تحت أذيالِ الدُّجا
وقلت في مليح مجنون:
أفديه مَجنُوناً أنا ... مِن حُبّهِ في غُلّه
أنشدتُهُ شِعراً حَلا ... فَغطَّنِي بِعَقلِهِ
وقلت في مليح أطرش:
إن عَابَ عُذَّالي حَبيباً غَدَا ... ذَا صَمَمٍ قلتُ أقلُّوا الملام
ما ذاكَ عَيبٌ فيه لكِنَّهُ ... صُمَّ فَلم يَسمَع لِوَاشٍ كَلام
وقلت في مليح يبدل السين ثاءً:
وألثَغَ قَد بثَّ إذ زَارَني ... شكواهُ لي في عدَمِ اللُّبثِ
وقالَ إذ بالغتُ في رَشفِهِ ... اِكفف فكم ذَا أشتَكِي بَثِّي
وقلت فيه أيضاً واسمه سالم:
ثَلَّمَ القَلبَ بِالجَفَاء مَليحٌ ... ألثغٌ قَلبُهُ بِحُبّي عالِم
يُبدِلُ السينَ حينَ يَنطقُ ثاءً ... قُلتُ ما الإسمُ سيّدي قَالَ ثَالِم
وقلت في مليح يبدل الراء عيناً:
وَبرُوحي من يُبدِلُ الرَّاءَ غَيناً ... جاءَ بدعاً مَن عَدَّهُ فيه عَيبا
قلتُ هَل في محبَّتي لك رَيبٌ ... قَالَ أَقصِر فلستُ أعلمُ غَيبا
وقلت في مليح أعمى مضمناً:
يَقولُ حَبيبِي إذ أضَرَّ وَقَد نَبَت ... صَوَارِمُ جَفنَيهِ وَكَلَّت مَضارِبَا
وَمَن لم يُغمِّض عَينَهُ عَن صَدِيقِهِ ... يَمُوتُ ولا يُبقي لهُ الدَّهرُ صاحِبا
وقلت في مليح أعور:
لَقد ظلَّ عُذّالي يَعيبونَ حُسنَهُ ... وما فيه عيبٌ غَير قَامَتهِ السَّمرا
وألحَاظُهُ كُلٌّ تَتِيهُ بِحُسنِها ... وَلكِنَّ إحداهُنَّ غَارَت مِنَ الأخرَى
وقلت في مليح أرمد:
قد رَمَدَت ألحَاظُ مَن ... بِالعَينِ لم تَنظُر إليّ
مَا حالُ حَظّي عِندَهُ ... وَعَينُهُ اِحمَرَّت عَليّ
وقلت في مليح محموم:
خَدُّ الحَبيبِ بِحُمَّاهُ ... عَادَ كَالوَردِ مُضعّف
قد زادَهُ الله حُسناً ... بِذا السّقامِ وأضعَف
وقلت في مليح كحال:
برُوحيَ كحَّالاً سبى النَّاسَ حُسنُهُ ... وَوَجنَتُهُ الحَمرَا وأعيُنُهُ النُّجلُ
إذا أبصَرَت عَينيهِ خَدٌّ تَضَرَّجَت ... فَيَدنُو فَمُسوَدُّ اللحاظِ لَهُ كُحلُ
وقلت في مليح طبيب مضمنا:
سَقَمي مِن سَقامِ جَفنِ طَبيبٍ ... جَسَّ نَبضي نَاديتُهُ عِندَ ذَاكَ
يا طبيبَ الغَرامِ دَاوِ جوىً با ... نَ فَإنّي أمسَيتُ من ضُعفاكَ
وقلت في مليح ضعيف عدته فوجدته في السياق:
عدتُ حَبيبي وَهوَ في كَربِهِ ... وَقُلتُ لَمَّا العَقلُ قد طاشا
يا طولَ حُزني بعدَه وَعسَى ... ينعشُني بالوَصلِ إن عَاشَا
وقلت في مليح أرثيه مقتبساً:
قُلتُ لَمَّا غَيَّبوهُ ... في الثَّرَا وَالقَلبُ ذَابا
يا تراباً ضَمَّ بَدرِي ... لَيتَنِي كُنتُ تُرَابَا
وقلت فيه أيضاً:
مَوتُ الحَبيبِ سَقانِي ... بالبُعدِ كَأساً أجاجا
وَزَادَ بَحرُ المَنَايا ... مُذ راحَ فِيهِ وَمَاجَا
وقلت فيه أيضاً:
قَد ضَمَّت التُّربُ حُسنَ صورة مَن ... كُلُّ جَمَال الوَرى لَهُ يُعزَا
والشَّوقُ هَنَّا تُرَابَهُ حَسَداً ... عَليهِ والصَّبرُ بَعدَهُ عزا
وقلت فيه أيضاً:
قَضَى حَبيبي وَلو نأى وجَفا ... وَعَاشَ قَالَ الرَّجاءُ لاَ بَاسَا
مَن قَاسَ هَذا بِذَاكَ فَهوَ إذاً ... مَا ذَاقَ طَعمَ الهَوَى وَمَا قَاسَا
وقلت فيه أيضاً:
ماتَ الَّذي كانَ لي يُؤانسُني ... صَبراً لحُكمِ الإلَهِ إذ جَاءَ
لا بُدَّ يُفني الأنامَ خالِقُهُم ... وَبَعدُ يُنشي الجَمِيعَ إنشَاءَ
وقلت فيه أيضاً:
لم يرضَني الهجرُ حتّى ... عُمرُ الحَبيبِ تَقضَّا
وَالأرضُ ضَمَّتهُ بعدِي ... فَليتني كنتُ أرضَا
وقلت فيه ايضاً:
لَهفي عَلَى مَن غَابَ عنّي في الثَّرَا ... وَأورَثَ القَلبَ مِنَ الحُزنِ حُرَق
وصِرتُ كالخِلالِ مِن فَرطِ جوىً ... ومِن سَقَامٍ وَبُكَاءٍ وَأرَق
وقلت فيه أيضاً:
رَثيتُ حبّي وَلِي لَم يَرثُ حينَ قَضَى ... وصدَّ عَنّي وعهدَ الردِّ قد نكثا
ولم يُخَلِّف لمضناهُ الكئيبِ سِوَى ... دَمعٍ صبيبٍ وَحُزنٍ بَعدهُ وَرِثَا
وقلت فيه مضمناً:
يا حبيباً قَضَى وَمِن فَرط حُزني ... وَبُكَائي ليَ الغمامُ تَبَاكَا
رَبِّ إِن كَانَ ذَا رِضَاكَ فَصَبراً ... فاِختِياري ما كانَ فِيهِ رِضاكا



.

صورة مفقودة
 
أعلى