عبدالحق ميفراني - عزيز بن حدوش.. تعنيف وسجن في "جزيرة الذكور"

لم يتصوّر الروائي المغربي عزيز بن حدوش، وهو يخط نصّه الروائي "جزيرة الذكور"، أنه سيتعرّض لاعتداء جسدي بسبب الرواية. لكن ذلك حدث فعلاً؛ حيث ضُرب بالهراوات والحجارة في قرية تازناخت التي يعمل فيها مدرّساً لمادة الفلسفة منذ أربعة أشهر.

مطلع الشهر الجاري، انضاف إلى الاعتداء حكم قضائي صدر عن المحكمة الابتدائية في مدينة ورزازات، جنوب البلاد، يقضي بسجن الروائي شهرين موقوفة التنفيذ مع غرامة مالية، وهو ما حرّك الوسط الثقافي للتنديد بما تعرّض إليه الكاتب.

الرواية، التي صدرت في 2014، تتعرّض إلى ظاهرة "الأطفال الأشباح" التي تتمثّل في تدليس بعض المواطنين، وهم يسجلون أبناء وهميين ضمن وثائق إدارية، كي يتلقّوا تعويضاتهم العائلية من فرنسا، بصفتهم أبناء عمّال هاجروا إلى هناك.

ويبدو أن البعض اعتبر أن النص الروائي يُشير إليهم على الخصوص، كما اعتُبرت الرواية "تشهيراً بهم"، رغم أن النص التخييلي صاغ عوالمه بعيداً عن أي تحديد زماني ومكاني، وبأسماء متخيّلة.
"
لم يحرّك الاعتداء المشهد الثقافي ربما بسبب بعده عن المركز
"

الغريب في الأمر، هو أن سلسلة من الاعتداءات والتهديدات لم تُثر أي رد فعل في المشهد الثقافي، ربما بسبب بُعد ما جرى عن المركز. لكن يبدو أن الأمر اختلف هذه المرة، مع صدور حكم بسجنه، ما اعتبره كثيرون انتصاراً للمعتدين عليه ووسيلةً لإسكات صوته، فيما رأى فيه بعضهم "آلية لحماية الكاتب".

وسائط التواصل الاجتماعي هي أكثر الفضاءات حركية في القضية، بل لعلها اليوم الأداة الأنجع في إثارة الانتباه الى قضايا تمس حرية التعبير في المغرب، كما أنها ذات الصوت الأعلى في كشف تواطؤ بعض "رموز الفساد" في قضية الاعتداء.

على فيسبوك، أُطلقت فور صدور الحكم حملة تضامنية انتهت بصدور بيان لـ "اتحاد كتّاب المغرب" اعتبر الحكم الصادر في حقّه "تضييقاً خطيراً على حرية التعبير والإبداع والكتابة"، مشيراً إلى أن النص الروائي هو "قدرة تخييلية على تصوّر وقائع وأحداث، قد تكون بعض أحداثها متشابهة لما هو في المجتمع"، ومطالباً بضرورة "استقلالية القضاء، ورد الاعتبار لهذا المبدع المغربي".

كما ندّد "نادي القلم المغربي"، في بيان حمل عنوان "ضد محاكمة الخيال"، بما أسماه "الصمت المريب للمؤسّسات والهيئات الثقافية، حين تعرّض الكاتب لاعتداء جسدي خطير كاد يتسبّب في موته"، كما استنكر "المس بحرية الكلمة والإبداع".

من جهته، اعتبر الروائي المغربي أن الحكم الصادر ضدّه، مخالف لجميع الأعراف القانونية المعمول بها، في غياب محاكمة عادلة.

لعلّ بن حدوش وهو يكتب "جزيرة الذكور"، لم يدرك أن "الاستثناء المغربي" يظل "استثناءً" هلامياً لم يتجسّد فوق الأرض ما دامت الذهنيات محشوّة بثقافة العنف والوتر.


.
 
أعلى