نزار قباني - أريدكِ أُنثى

1
أريدُكِ أنثى
ولا أدّعي العلمَ في كيمياء النساءْ
ومن أين يأتي رحيقُ الأنوثَهْ
وكيف تصيرُ الظِباءُ ظباءْ
وكيفَ العصافيرُ تُتْقِنُ فنَّ الغناءْ
أريدُكِ أُنثى..
وأعرفُ أنَّ الخيارات ليست كثيرَه
فقد أستطيع اكتشافَ جزيرَهْ
وقد أستطيعُ العثورَ على لؤلؤَهْ
ولكنَّ من ثامن المعجزاتِ، اختراعَ امرأهْ..

2
أريدُكِ أنثى..
وأجهلُ كيف يُركَّبُ هذا العَقَارُ الخطيرْ
وأجهلُ كيف الفراشة تكتب شعراً
وكيف الأناملُ تقطُرُ شَهْداً
وأجهلُ أيَّ بلادٍ يبيعونَ فيها الحريرْ
أريدُكِ أُنثى..
بِخطِّكِ هذا الصغيرِ.. الصغيرْ..
ونَهْدِكِ هذا المليءِ .. المضيء.. الجريء..
العزيزِ.. القديرْ..

3
أُريدُكِ أُنثى..
ولا أتدخَّلُ بين النبيذِ وبين الذهَبْ..
وبين الكريستال .. والأقحوانْ
ولستُ أُفَرِّقُ بين بياضِ يَدَيْكِ
وبين مداسات هذا البيانْ
ويكفي حضُوركِ كي لا يكونَ المكانْ
ويكفي مجيئُكِ كَيْ لا يجيءَ الزمانْ
وتكفي ابتسامةُ عينيكِ كي يبدأَ المهرجَانْ
فوجهُكِ تأشيرتي لدخول بلاد الحَنَانْ..

4
أُريدُكِ أُنثى
كما جاءَ في كُتُب الشِعْر منذُ أُلوفِ السِنينْ
وما جاءَ في كُتُب العِشْقِ والعاشقينْ
وما جاءَ في كُتُبِ الماءِ.. والوردِ.. والياسمينْ
أريدكِ وادعة كالحمامهْ
وصافيةً كمياه الغمامَهْ
وشاردة كالغزالهْ
ما بَيْنَ نَجْدٍ.. وبين تُهَامَهْ..

5
أُريدُكِ.. مثلَ النساءِ اللواتي
نراهُنَّ في خالداتِ الصُوَرْ
ومثلَ العذارى اللواتي
نراهُنَّ فوق سُقُوف الكنائسِ
يَغْسِلنَ أثداءَهُنَّ بضَوْء القَمَرْ
أُريدُكِ أُنثى .. ليخضرَّ لونُ الشَجَرْ
و يأتي الغمام إلينا.. ويأتي المطرْ
أُريدُكِ أُنثى.. ولا أدَّعيكِ لِنَفْسي
ولكن ليسعد كل البشرْ

6
أُريدُكِ أُنثى ..
لتبقَى الحياةُ على أرضنَا مُمْكِنَهْ..
وتبقى القصائدُ في عصرنا مُمْكِنَهْ..
وتبقى الكواكبُ والأزْمِنَه
وتبقى المراكبُ ، والبحرُ ، والأحرفُ الأبْجديَّهْ
فما دمتِ أُنثى فنحنُ بخيْرٍ
وما دمتِ أُنثى ..
فليس هنالك خَوْفٌ على المدينة

7
أُرِيدُكِ أُنثى ..
بزينتك المدرسيهْ
وأطواقِكِ المْعدَنِيَّهْ
وشَعْرٍ طَويلٍ وراءك يجري كذيْلِ الحِصَانْ
وحُمْرةِ ثغرٍ خفيفَهْ
ورَشَّةِ عطرٍ خفيفَهْ
ولَمْسَةِ كُحْلٍ خفيفَهْ
ونَهْدٍ أُرَبّيه مثل الطيور الأليفَهْ
وأمنحُهُ التاجَ والصولجانْ..

8
أريدُك أنثى..
وهذا رَجَائي الوحيدُ إليْكِ
وآخر أمنية أتوجه فيها إلى شفتيكِ
أُريدُكِ باسْمِ الطُفُولة أُنثى..
وباسْمِ الرُجُولة أُنثى..
وباسْمِ الأُمومة أُنثى..
وباسْمِ جميع المُغَنِّين والشعراءْ
وباسْمِ جميع الصَحَابة والأولياءْ
أُريدُكِ أنثى..
فهلْ تَقبَلينَ الرجاءْ؟

9
أُريدُكِ أُنثى اليَدَينْ
وأنثى بهسهسة القرط في الأذنينْ
وأُنثى بصوتكِ.. أُنثى بصَمْتِكِ..
أنثى بضعفكِ.. أنثى بخوفكِ
أُنثى بطهرِكِ.. أُنثى بمكرِكِ..
أُنثى بمشيتكِ الرائعَهْ
وأُنثى بسُلْطتكِ التاسعَهْ..
وأُنثى أريدكِ، من قِمَّةِ الرأسِ للقَدَمَيْنْ..
فكُوني سألتُكِ كلَّ الأُنوثةِ..
لا امرأةً بَيْنَ .. بَيْنْ..

10
أُريدُكِ أُنثى..
لأنَّ الحضارةَ أُنثى..
لأن القَصيدةَ أُنثى..
وسنبلة القمح أنثى..
وقارورةَ العطر أُنثى..
وباريس - بين المدائن - أنثى..
وبيروتَ تبقى – برغم الجراحات – أُنثى..
فباسْمِ الذين يريدونَ أن يكتُبُوا الشِعْرَ.. كُوني امرأهْ..
وباسمِ الذين يريدونَ أن يصنَعوا الحُبَّ .. كُوني امرأَهْ..
وباسْمِ الذين يريدونَ أن يعرفوا اللهَ .. كُوني امرأَهْ..



.


صورة مفقودة
 
أعلى