إبراهيم محمد نجا - وهيفاء تهفو إليها القلوبُ

وهيفاء تهفو إليها القلوبُ = ويشرق منها ضياء الجمالْ
لها رقة الزهر في غصنه = إذا داعبته رياح الشَّمالْ
وللريح عربدة في المياه = وللموج وسوسة في الرمالْ
يحدثها الموج عن سرهِ = وما سره غير حب قديمْ
يكاد النسيم يطير بها = إذا وقفت في مهب النسيمْ
وتحسبها العين بعض الضياء = فتخشى من النظر المستديمْ
ولو لم يحطها قيود الحياةِ = لطارت هناك وراء السديمْ
تعربد في الثوب أيدي الرياح = وتوشك. . . لولا نداء الحياءْ
تطير إليها طيور المنى = وتحنو عليها طيوف الضياءْ
عليها من الأفق سمت الجلالِ = وفيها من البحر معنى لصفاءْ
وفيها من النور سر الحياة = وفيها من الليل سحر الخفاءْ
أهم غراماً بهذا الجمال = وأقبس منه ضياء الحياهْ
أرى فيه كل أماني الشبابِ = ترفرف من حول تلك الشفاهْ
أعانق من شغفي طيفه = وألثم من لهفاتي رؤاهْ
يرى فيه جسميَ سر الحياة = وروحي ترى فيه روح الإلهْ
دعيني أغنيك شعر الصبا = وأعزف لحن الهوى والغزلْ
دعيني أنام بروحي على .= فراش النهود، ومهد المقلْ
ولا تحرميني سلاف العناقِ = ولا تمنعيني رحيق القبلْ
وكوني كما شاء فن الخيالِ .= وَبدع الفنون، ووحي الأملْ
هناك لدى الأفق عند الغروب = يطير جناح، ويمضي شراعْ
وتشدو الرياح، وفي شدوها ..= أسىً كامن وجويً والتباعْ
وتُحتضر الشمس. .! يا للأسى .= لهذا الجمال الحزين المُضاعْ
على وجنتيها شحوب الفراق ..= وفي مقلتيها دموع الوداعْ
وغابت عن الأفق شمس المغيبِ ..= وقد ذوَّبت قلبها في الشفقْ
كأني أرى دم قلبي يسيل ..= كأني أرى مهجتي تحترقْ
لَيفجعني أن يغيب الضياء ..=. ويَحزُنني أن يجيء الغسقْ
ستأتين يا شمس عند الصباح ..= فهل نلتقي ثم لا نفترق؟!
وألقى المساء ظلال الدجى .= على الكون أشباح جن تحومْ
فليس على البحر ضوء يلوح .= ولا في السماء تضيء النجومْ
فقامت تودعه في سكونٍ .= وراحت إلى بيتها في سهومْ
كأني بها كوكباً حائراً .= توشِّحه في السماء الغيومْ
وعدت إلى غرفتي باكياً .= لأقضيَ ليل الأسى والنُّواحْ
أحدث نفسي حديث الجوى .= وأنشد قلبي نشيد الجراح
وأرنو إلى عابرات الدجى .= وأصغي إلى نائحات الرياح
وأمضي إلى البحر عند الصباح = فهل (هي) عائدة في الصباحْ؟

(القاهرة)

إبراهيم محمد نجا
مجلة الرسالة - العدد 501

بتاريخ: 08 - 02 - 1943
 
أعلى