نضال الصالح - الجنس بين العيب والحرام والإحتكار الذكوري

أحد الأصدقاء كان يتباها ، وهو المثقف الذي إستلم أعلى المراكز في دولة عربية، بانه أنجب خمس أولاد من زوجته بدون قبلة. صديق عربي آخر صرح لي بأنه أنجب سبع أطفال من زوجته ولم يرها طيلة زواجهما عارية. قريبة لي إحتفلت وغنت حين تزوج زوجها عليها وعندما سألتها متعجبا:" أليس من المفروض أن تحزني وتغضبي؟" أجابت ضاحكة بانها تحررت منه وأن جسدها اخيرا تحرر من تلبية رغباته الجنسية. أخرى قالت لي أن أسوأ لحظات يومها كانت عندما كان زوجها ينضم إلى فراشها وكانت تصلي أن لا يقترب منها وأن لا يلمسها وكانت تفرح عندما يغط في النوم دون أن يلمسها. قالت لي أن أسوأ لحظات عمرها هي العملية الجنسية مع زوجها وكانت تتنفس الصعداء عندما ينتهي من العملية ويدير ظهره لها ويغط في النوم.
جارتنا الحاجة أم معروف كانت خفيفة الظل، بذيئة السان وكانت معروفة بنكاتها البذيئة والتي في غالبها عن الجنس. سالتها مرة: "أخبريني يا حاجة كيف كان الحاج أبو معروف في الفراش؟ ضحكت وقالت: " رحمة الله عليه، كان خفيفا لم يثقلها علي أبدا، كان يدخل بي ويخرج في لحظات من دون أن أشعر به."
هناك كم هائل من النساء العربيات عنسن ولم يقمن طوال حياتهن أي علاقة جنسية مع رجل وهناك آلاف المؤلفة من النساء العربيات المتزوجات لم يعرفن طوال حياتهن الزوجية طعم النشوة الجنسية. كما أن هناك الآلاف من الشباب العرب يبلغون الأربعين أو أكثر من عمرهم ولم يقوموا بأي علاقة جنسية مع أي إمرأة وجلهم يشبع رغبته الجنسية بالقيام بالعملية السرية. وحتى هذه تحاط بمقولات مغلوطة بأنها عيب وحرام ومضرة بالصحة وهي ليست أي من ذلك، فلا هي عيب ولا حرام ولا مضرة بالصحة أبدا وإنما هي وسيلة طبيعية لأولئك الذين لا يتوفر لديهم، لسبب أو لآخر، فرص إقامة علاقات جنسية مع إمرأة.
أميرة ولدت من أب عراقي وأم سلوفاكية ولقد تربت في أحضان أمها لغياب والدها. ولقد كبرت وهي متشوقة لمعرفة نصفها الآخر فدرست اللغة العربية وأرسلتها الجامعة إلى مصر لتحضيبر رسالة الدكتوراة، وبعد تخرجها عملت في وزارة الخارجية السلوفاكية التي أرسلتها كدبلوماسية إلى مصر والسودان ثم والكويت والعراق. بعد تركها العمل الدبلوماسي عملت في إحدى الشركات الأجنبية في دبي ولقد زارت معظم الدول العربية مثل السودان وعمان والأردن وغيرها ولقد بنت في هذه البلدان صداقات واسعة من الوسط الدبلوماسي والحكومي وخارجة. وبصفتها إمرأة أجنبية تتكلم العربية بطلاقة بنت علاقات متينة مع كثير من النساء المتزوجات والعازبات وكن يسرن لها بكثير من أسرارهن ومشاكلهن التي ما كن ليفصحن بها لإمرأة عربية.
أميرة نشرت قبل أسابيع كتاب باللغة السلوفاكية عنوانه " العالم العربي، عالم آخر" شرحت فيه إنطباعاتها عن إقامتها في العالم العربي. تتحدث في الكتاب، من جملة ما تتحدث، عن موقف الرجل العربي منها كأجنبية و عن علاقة المرأة بالرجل في العالم العربي وعن ما أفصحن لها النساء العربيات التي عرفتهن من أسرار نسائية.
تضرب أمثلة عن عروض الزواج التي عرضت عليها من قبل رجال عرفتهم لدقائق معدودات وتقول:" كنت واقفة أنتظر سيارتي في كراج خدمة السيارات حين دخل شاب بسيارة جديدة فخمة ذات رقم قطري، نزل منها وسلمها لعمال الكراج والتفت إلي وأومأ برأسة بتحية فرددت عليه بمثلها. تقدم بعدها مني وبدون مقدمات شرح لي وضعه المالي والمجتمعي في قطر ثم نظر إلي متفحصا من قمة رأسي إلى أخمص قدمي وهز رأسه كدلالة على موافقته على ما رأى وبدون أي لف أو دوران طلب مني الزواج. لم يخبرني إن كان متزوجا ولم يسألني إن كنت متزوجة أو مخطوبة. عندما رفضت طلبه بأدب نظر إلي نظرة إحتقار وابتعد عني." تقول أن عروضا للزواج مثل هذه تلقتها كثيرا وتتحدث كيف أن شركتها أرسلتها بعرض إلى إحدى الدوائر في دبي. شرحت العرض الذي يتعلق بلإتصلات للمدير الذي كان من أصل سوري. إستمع المدير إلى عرضها وعندما إنتهت قال لها بأنه هو الاخر له عرض لها و بدون مقدمات سألها:"هل تتزوجيني؟". تقول أميرة بأنها صعقت وضبطت أعصابها حتى لا تسيئ التصرف وتمكنت بهدوء أن تنطق بكلمة لا. تقول أميرة أن المدير، كأنما شيئا لم يحدث، تابع حديثة عن المشروع وما يتعلق به.
تتحدث في الكتاب عن صديقة لها طبيبة نساء سلوفاكية تزوجت رجلا يمنيا وسكنت معه في اليمن. فتحت الطبيبة عيادة أمراض نساء في صنعاء ومع مرور الزمن أصبح لديها مجموعة ضخمة من النساء اللواتي كن يأتين إليها كمريضات وككاتمة أسرار لهن. كانت أميرة تزور صديقتها، طبيبة النساء، في اليمن وتقيم عندها كلما سنحت لها الفرصة. تتحدث أميرة في كتابها عن قصص النساء التي روتها لها صديقتها الدكتورة وفي مجملها تعبر عن عدم الإشباع الجنسي عند النساء المتزوجات وعن سوء معاملة الزوج لهن. الزوج هو مالك المرأة، يأتيها متى يشاء وكيف يشاء وشعور زوجته ورغباتها ليست مهمة بالنسبة له. تقول أميرة في كتابها أن ما سمعته من صديقتها طبية النساء في اليمن يطابق تماما ما سمعته من صديقاتها العربيات في مختلف الدول العربية.
تصف أميرة في كتابها بعض الظواهر الغير منطقية في العالم العربي وتضرب مثلا أنها عنما زارت البلاد العربية لأول مرة لاحظت كثرة الشباب الذين يسيرون في الشوارع متشابكي الأيدي فظنت أنهم مثليون ولكنها اكتشفت بعد فترة أنها عادة معروفة بين الشباب ولا علاقة لها بالمثلية. تقول متعجبة:" لا أفهم كيف أن المجتمع العربي يقبل بهذه الظاهرة بين الشباب ويرفضها بين الشاب والفتاة. تتابع بأن ظهور أي شاب وهو يمسك يد فتاة ليست زوجته مرفوض من المجتمع العربي، حتى أن المتزوجين لا يسيرون في الشوارع وهم يمسكون يد زوجاتهم، إلا ما ندر."
تحدثنا أميرة أنها كانت تستمع للراديو وهي تقود سيارتها في الكويت حين بدأ برنامج ديني يجيب فيه شيخ على أسئلة السائلين. تتعجب أميرة من سخافة كثير من الأسئلة والأجوبة عليها وتضرب مثلا أن رجلا سأل الشيخ ما حكم الدين في جماع إمرأته من الخلف. تقول أميرة كان سؤال الرجل وجواب الشيخ يتعلق برغبة الرجل ولم تسمع أن المرأة لها رأي في هذا الموضوع. تتسائل أميرة، لماذا على الرجل أن يسأل عن موضوع خاص يتعلق به وبزوجته على الهواء مباشرة أمام مسامع الآلاف؟ ألم يكن، إذا فعلا أراد أن يسأل، أن يسأل أي شيخ في لقاء خاص؟ ثم تتسائل وما علاقة الدين بشيئ يخص الزوجين.
تصل أميرة إلى نتيجة بأن الرجل العربي هو الفاتح وهو المسيطر، وعلى المرأة أن تتقبل رغباته وأمنياته في الوقت الذي يريده وبالطريقة التي يريدها. تقول: " رجولة الرجل العربي تتركز بين فخذيه، وشرفه وعزته بين فخذي إمرأته أو أخته أو قريبته.
نحن كعرب نعرف هذا تماما من دون أن تخبرنا به أميرة ولكن من المفيد أن نعرف ما يقوله الآخر عنا، هذا الآخر الذي يعرف لغتنا وعاش بين ظهرينا مدة طويلة حتى إستطاع أن يغوص في أعماق علاقاتنا الزوجية والجنسية ويكشف حقيقتها كما هي في الوقت الذي نخجل نحن فيه التطرق لهذه العلاقات بحجة العيب والحرام.
إرتبط الجنس(إيروس) في التراث الإنساني بالأخلاق(إيتوس) أو بتعبير آخر الإروتيك بالأتيك. ولا مجال للحديث في تفاصيل هذا الموضوع في هذا المقال لتشعبه الذي يحتاج إلى دراسة مطولة.
الأديان "السماوية" الثلاث كان لها ولا يزال تأثيرا سلبيا كبيرا على نوعية العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة والنظرة إلى الجنس. بعكس الأديان الشرقية مثل التاوية والبوذية والكونفوشية التي تعتبر العملية الجنسية بين الرجل والمرأة نوع من التناغم مع الطبيعة والإتحاد معها.
المرأة في التوراة هي التي أغوت آدم وأخرجته من الجنة وهي، على مدى نصوص التوراة من أدم مرورا بإبراهيم ولوط حتى يوسف، الغانية الغاوية للرجل والمثيرة للفتنة. المرأة أغوت حتى الآلهة فولدن بعد جماعهن بالالهة بأولاد عمالقة. الجنس في التوراة كما في المسيحية هو عملية أرضية قذرة تلهي العبد عن خالقه والهدف منها هو فقط الإنجاب ومن المرفوض أن يشعر الرجل أو المراة باللذة والنشوة أثناء عملية الجماع الجنسي. أما في الفكر الديني الإسلامي فالجنس حق للرجل على المرأة وعليها تلبية رغبته.
يرتكز الفكر الديني الإسلامي في موقفه على تفسيره وتأويله لما جاء في الآيات القرآنية التالية : "الرجال قوَّامون على النساء" (النساء 34) والآية:" نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم "( البقرة 223)
جاء في تفسير القرطبي في تفسير آية القوامة : ويقال أن الرجال لهم الفضيلة في زيادة العقل والتدبير، فجعل لهم حق القيامة عليهن لذلك. وقيل للرجال زيادة قوة في النفس والطبع ما ليس للنساء،لأن طبع الرجال غلب عليه الحرارة واليبوسة فيكون فيه قوة وشدة، وطبع النساء غلب عليه الرطوبة والبرودة ، فيكون فيه معنى اللين والضعف فجعل لهم حق القيام عليهن. أما ابن كثير فيقول في تفسير الآية: أي الرجل قيم على المرأة أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت .لأن الرجال أفضل من النساء والرجل خير من المرأة. ولهذا كانت النبوة في الرجال وكذلك الملك. وفي تفسير الجلالين أن الرجال قوامون تعني مسلطون على النساء يؤدبونهن ويأخذون على أيدينهن. وفي تفسير النسفي القوامة تعني مسيطرين عليهن بما فضل الله الرجال على النساء بالعقل والحزم والعزم والرأي والقوة والغزو وكمال الصوم والصلاة والنبوة والخلافة والإمامة والأذان والخطبة والجماعة والجمعة وتكبير التشريق الخ.
إننا نجد السلف مثلهم مثل الخلف يحثون على ضرب النساء إذا رفضن استجابة دعوة الزوج للعلاقة الجنسية ، داعمين دعواهم بأحاديث منسوبة للرسول محمد أو بتأويل بعض الآيات القرآنية . فإننا نجد الطبري مثلا ينصح المؤمن أن يوثق المرأة الرافضة للجماع في فراشها ، فالآية القرآنية تقول " فاهجروهن في مضجعهن " تعني حسب تفسيره اربطوهن بفراشهن فالهجر حسب تفسيره هو الحبل الذي كانت تربط به العرب الجمال ."
لقد تحولت المرأة في الفكر الديني إلى متاع خلق لخدمة الرجل وإشباع شهواته و رغباته الدنيوية و الجنسية . و لم يعد ينظر إليها على أنها نفس إنسانية كما لم يعد يحسب حساب لإحساسها ولا لحاجاتها و رغباتها . و على الزوجة تلبية رغبات الزوج الجنسية في أي وقت و في جميع الأحوال . أما الزوج فلقد اختلف الفقهاء في أمره ، هل يجب عليه مجامعة زوجته ؟ قالت طائفة : لا يجب على الزوج مجامعة زوجته ، فإنه حق له إن شاء استوفاه وإن شاء تركه . و قالت طائفة أخرى ، يجب على الزوج وطؤها في العمر مرة واحدة ليستقر لها الصداق . أما حق الرجل على المرأة في الجماع فحق مقدس ، على الزوجة أن تلبيه في كل الأوقات و تحت كل الظروف وإلا تعرضت لغضب الزوج ، و إذا غضب الزوج منها ، غضب الله و ملائكته لغضب الزوج عليها .
و لم يكتف الفكر الديني بتحويل المرأة إلى متاع خاص بالرجل مهمته إشباع رغباته و شهواته في الحياة الدنيا ، بل حول هذا الحق المقدس إلى الحياة الأخرى في الآخرة و طبعا بإيراد أحاديث منسوبة إلى الرسول محمد. فهناك - في الجنة - ينكح الرجال النساء " بذكر لا يمل و شهوة لا تنقطع " و " إذا قام الرجل عن المرأة رجعت بكرا " و أن " الرجل ليصل في اليوم الواحد إلى مائة عذراء " حيث " يعطى الرجل قوة مائة رجل "( أبن قيم الجوزية --م س ، ص : 260 ) و هكذا فإن شيطان الجنس يعشش في عقول أولئك الذين يحاولون تصوير العلاقة بين الرجل والمرأة فقط من خلال تلك الرغبات و الشهوات المخزونة في عقولهم المكبوته و الشاذة .


.
صورة مفقودة
 
أعلى