خولة الفرشيشي - القحريفة

القحريفة هي إمرأة ليست قحبة تماما ولا شريفة تماما هي تتوسط الحالتين لتكون بينهما فلا يستطيع أحد من المجتمع إثبات عهرها أو شرفها وهذه المرأة في المجتمعات العربية المحافظة نموذج ناجح وينال ما يريده ويتغلب على تسلط العقلية الذكورية التي تحدّ من حريته وطموحاته أيضا ليس بمواجهتها بل بمناورتها والكذب عليها .

تتساءل أحيانا بعض النساءمن نحن حقا : هل نحن قحريفات أم ماذا .. حتى وإن كنّا عاهرات لأننا نمارس حريتنا فنحن لا نتقاضى مقابلا ماديا لحريتنا التي تسمى عهرا إذن نسقط الصفة الأولى ” العهر “عن هذه الفئة من النساء الواتي يعشن حريتهن بعيدا عن مخالب الندم والتبرير واللواتي إقتنعن بنمط عيشهن حتى وإن نلن عضب المجتمع ونبذه لأنّهن كفرن بقوالبه .. إذن من هن القحريفات حقا ؟

القحريفة هي التي تحافظ على مكانتها في العلن تلبس وتتصرف وفق ما يقننه المجتمع لا تخرج عنه في العلن أبدا تبدي إستعدادها للطاعة العمياء ولكن أول ما يغفل عينه عنها تتصرف وفق أهوائها الشخصية وتنزع عنها ثورب الورع لتلبس غيره أثوابا أخرى من الحرية وصولا حتى المجون ولكن بعيدا عن العين الرقيبة التي ستسقط عنها صفة الشرف والطهر إن تفطنت لأعمالها الخارجة عن النمط الإجتماعي السائد .. القحريفة تفعل ما تحبذ خفية عن الكل ولها وجهين وشخصيتين تتحرك بهما في فضاءات مختلفة لكل فضاء منها شخصية تتصرف بها حتى تكسب ودّ الكلّ دون أن تفكر إن كانت قد كسبت رضاء نفسها أوّلا .

القحريفة هي التي تمارس الجنس خارج الأطر الجنسية من كلّ المواضع ولكن لا يجب أن تتخلى عن عذريتها التي تعتبر في هذه المجتمعات المحتفظة دليل شرف بل وقيمة إقتصادية تعلي من قيمة المرأة في سوق الزواج ..

القحريفة هي التي تترك الذكور يخططون تصورات الحياة التي لا تنجح خارج معتقداتهم وإعتقاداتهم في هذه المجتمعات المحافظة والقحريفة هي التي لا تخرج إلى العمل من أجل لقمة عيشها ولكنّها تترك نفسها عالة على الذكر وهي التي تؤمن بقوامة الرجل عليها دون أن تقيم حدّا للإرتهان السلبي الذي تعيشه … والقحريفة هي التي تتقن “تكسير الخلايق ” وهو ما يعتمد أساسا على إستنزاف الرجال ماديا دون النيل منها جسديا أو النيل منها تحت مسميات الحبّ المبطن بالمقابل وكأنّها متحيّل درس ضحيته جيّدا فأطاح بها ونال منها والقحريفة هي التي تعيش حياتها بالطول والعرض وقبل أن يتقدّم بها العمر تضع الحجاب للستر وللإيقاع برجل طالما أنّه مجتمع يعشق اللحم المغطى .

تتقن مجتمعاتنا وصف النساء بالعاهرات فهي أسهل الصفات والتهم التي ترمي بها النساء ولكنّها تتساهل مع عاهرات حقيقيات لأنّها لم تراجع بعد قيمة الشرف والعهر من داخل السياق الإجتماعي وكم من عاهرة في نظر المجتمع كانت شريفة لم تأكل مال أحد ولم يصرف عليها رجل بل تشتغل بعرق جبينها وتمارس حريتها الكلية دون أن تنتظر من أحد شهادة تأهيل إجتماعية أو شهادة شرف تثبت بها وجودها في هذا المجتمع وكم من شريفة في نظر هذا المجتمع أكلت على كّل الموائد ومستعدّة أن تبيع كلّ كل شيء جسدها وفكرها وقيمها من أجل المال أو رضى المجتمع الذي فسد حقا ولم يعد يرضى الأحرار .

خولة الفرشيشي


.
صورة مفقودة
 
أعلى