وليد يوسف عطو - المسكوت عنه في الجنسانية العربية -

ج1
ماهو الفرق بين (الجنس ) و ( الجنسانية )؟

( ان المراة اصبحت هي كلية الفرج لان الفرج فتح وهشاشة ).
د. عبد الصمد الديالمي
( ان التخلص من الجنس البظري شرط لنمو الانوثة ) فرويد
( تصرح معظم النساء المصريات المستجوبات في بحث هند خطاب , ان الختان لايؤثر سلبا على قدرتهن على المتعة الجنسية )د.عبد الصمد الديالمي

يؤكد صلاح الدين المنجد في كتابه ( الحياة الجنسية عند العرب ) ص94, ان اللغة الجنسيةعند العرب هي لغة غنية , خصبة ومتنوعة . وهي تضم اكثر من مائة لفظة تدل على النكاح ,اي الجماع ,بالاضافة الى اسماء متعددة للاعضاء التناسلية .لقد كانت الحاجة ماسة عند العرب الى تسمية الجنس وكل مايتعلق به منذ مرحلة الماقبل الاسلام . ومنذ القرن الثالث الهجري قام علماء مسلمون بتاليف كتب عن الجنس في البغاء واللواط والسحاق . وقد اسست تلك المؤلفات خطابا عربيا قائما بذاته عن الجنس و وهو الخطاب الذي عالج آداب الباه ودراسة طبائع النساء وطرق الاغواء , وطرق تقوية الاعضاء التناسلية ,ووسائل منع الحمل ...الخ .اما المجتمعات العربية الحديثة فانها تتميز بصمتها العلمي والتربوي شبه الكلي عن الجنس .
يشير فتحي بن سلامة الى انتقال مفهوم الجنس الى خارج الخطاب في تاريخ الجنس عند العرب ,,اي تحول الموضوع الى مزاح وسخرية في الكلام اليومي .
( ان العرب الذين كانوا يمتلكون منذ 14 قرنا خطابا حول الجنس لم يعد لديهم اليوم مفهوم للجنس في اللغة التي يكتبونها ويتكلمون بها .ومن ثم يستنتج فتحي سلامة ان مالايوجد كمفهوم لايوجد بالمرة ,فيضطر الى التعبير عن نفسه في اشكال قولية وسلوكية مرضية ( مزاح , نكتة , تحرش , كبت , هذيان ..) .
ان كلمة ( الفرج ) مخصصة للرجل والمراة في القران وهي المفهوم العربي المجرد للجنس . ولكن التساؤل ,لماذا اصبح الفرج ذلك الشيء الذي لايقدر بثمن يدل فقط على عضو المراة الجنسي؟.
يحيل د. عبد الصمد الديالمي الى القول ان المراة اصبحت كلية الفرج لان الفرج فتح وهشاشة ,اي نقصان ,ان هذه الدلالة السيميائية ارتبطت بالمراة بفضل خضوع العقل العربي للمنطق الابوي والذ ي يعتبر الانثى كائنا ناقصا ( ناقصة عقل ودين ) , ومن ثم يتم تبخيس المراة والحط من شانها واختزال المراة في فرجها فقط .
تقول الباحثة المغربية فاطمة المرنيسي في كتابها :
( ماوراء الحجاب : الجنس كهندسة اجتماعية )- ط 4- 2005 – المركز الثقافي العربي – الدار البيضاء – المغرب .

( يتميز المجتمع الاسلامي بتناقض بين ما يمكن نعته ب ( نظرية علنية ) واخرى (ضمنية ) عن الحياة الجنسية ,اي بنظرية مزدوجةعن ديناميكية الجنسين .تتمثل الاولى في الاعتقاد السائد في الوقت الحاضر بان حياة الرجل الجنسية تتسم بطابع فعال في حين ان حياة المراة الجنسية تتسم بطابع سلبي ,وتتضح النظرية الثانية (الضمنية )المكبوتة في اللاوعي الاسلامي من خلال مؤلف الامام الغزالي الهام ( احياء علوم الدين) , حيث يرى بان الحضارة مجهود يهدف الى احتواء سلطة المراة الهدامة والكاسحة . ولذلك يجب ضبط النساء لكي لاينصرف الرجال عن واجباتهم الاجتماعية والدينية ) .

الجنس في المفهوم العربي الاسلامي التقليدي يعني العلاقة الجنسية بين الرجل والمراة ,اي الايلاج . اما مفهوم الجنس بحسب المنظمة العالمية للصحة :
( يحيل الجنس الى مجموع الخصائص البيولوجية التي تقسم البشر الى اناث وذكور , كما يحيل الى الجماع في اللغة المتداولة ,الممارسة الجنسية على صعيد العربية الفصحى او having sex في الانجليزية ) .اما الجنسانية ( فجانب مركزي في الكائن البشري يضم الخصائص البيولوجية المميزة بين الذكر والانثى ,والخصائص الاجتماعية المميزة بين الرجل والمراة , اي الهوية الجنسية , والهوية الفرعية , والتوجه الجنسي ,والايروسية و والانجاب.
ويتم تجريب الجنسانية او التعبير عنها من خلال , رغبات ,معتقدات , مواقف ,قيم , انشطة , ممارسات ,ادوار وعلاقات .
ان الجنسانية هي نتيجة التداخل بين البيولوجي والنفساني والسوسيو – اقتصادي والتاريخي والثقافي والاخلاقي والقانوني والديني ).ان هذا التعريف مستوحى من تعريف المنظمة الامريكية الاقليمية للصحة والجمعية الدولية لعلم الجنسانية ,اي ان هذا التعريف للجنسانية تعريف انثروبولوجي .
يقترح د .عبد الصمد الديالمي ان تكون الجنسانية ترجمة لكلمة sexuality .

مستويات الجنسانية

اولا – المستوى السايكو – فيزيولوجي : الاثارة ,الانتصاب والقذف و الذروة الجنسية , الحب , الكراهية .
ثانيا- المستوى الرمزي –الثقافي : الختان , الخصاء , الافتضاض . انها تشكل طقوس مرور وادخال من وضع بيولوجي ( الذكر والانثى )الى وضع اجتماعي ( الرجل – المراة ) , ومن وضع اجتماعي الى وضع اجتماعي آخر .
ثالثا – المستوى النمطي : تقنيات بلوغ الذروة الجنسية , اي طرق الجماع وهوية الشريك الجنسية .
رابعا - المستوى المؤسساتي :وهي الاطر الاجتماعية للفعل الجنسي مثل :الزواج , الاسرة والبغاء و المعاشرة الحرة ...
خامسا – المستوى الايديولوجي : وهو انظمة الرقابةوالتبرير والتي تقوم بالتمييز بين المقدس والمدنس وبين النافع والضار.يؤدي هذا التعدد في موضوع الجنسانية الى ضرورة تاسيس علمها sexology كعلم متعدد التخصصات بالضرورة .ان الجنسانية ظاهرة كلية بامتياز . فهي : افرازات , هويات , علاقات, سلوكيات, ممارسات,قيم , مؤسسات,امراض , احساسات , ...
تطرح الجنسانية اسئلتها المعولمة بشدة على المجتمعات البشرية ,انها تطرح اسئلة الحرية والتخطيط , واسئلة الهوية والعولمة , مثلا جسد المراة المسلمة الذي يتحول الى اداة لمقاومة العولمة في لباس المراة ( الازياء) وماترمز اليه من قيم جنسية ليبرالية فردية , فيصبح الجسد النسوي مؤتمنا على الثقافة وعلى الهوية اكثر من ذي قبل , وتبدا حملة اسلمة المجتمع العربي من اسلمة جسد المراة , اولا من خلال الدعوة الى الحجاب .
الذكورة تشير الى تفوق الرجل جنسيا وجسديا واجتماعيا , بينما لفظ ( الانثى ) يشير الى دونية المراة. اللغة العربية تكرس لغويا تفوق الذكورة . ان ذكورة الولد لاتكفي لبناء الرجل ,اذ الرجل ليس ذكرا فقط ,انه ذكر يولج ولا يولج (بفتح اللام ). من اجل التمييز بين الذكر والانثى , لابد من تنشئة اجتماعية تمر عبرطقوس مرور ادخالية masculine identity في المجتمعات العربية , ونعني به الختان .وبما ان الهوية الرجولية ممجدة وثمينة ,فالختان للولد فرصة للاحتفال والافتخار ( خلافا لختان البنت الذي يتم في صمت وسرية ). فختان الولد يعد مفخرة له لانه تخلص من غشاء الانوثة بحسب المنظور الابوي foreskin ,ومن ثم فانه يمثل قطيعة بين الولد والانوثة .ان الختان انتقال رمزي للولد من عالم النساء وعالم الطفولة الى عالم الرجال . وفي هذا الانفصال يحصل الولد على شيء من السلطة وبداية التفوق على نساء العائلة كافة .
يشكل المجتمع الموريتاني الاستثناء العربي الوحيد الذي لايقوم على التفريق بين الجنسين وعلى تحجيب النساء وعلى الغيرة الابوية .
تذهب آلين توزان الى القول بان مغازلة الرجال لامراة موريتانية تعد مفخرة لزوجها ولكن المغازلة لاتصل الى الفعل الجنسي وتظل حبيسة نزعة تقديس المراة – السيدة وتؤلهها .

طقس فض البكارة

تكمن الرجولة في المجتمعات العربية الاسلامية في ضبط الجنسانية النسوية نفسها من خلال طقس فض البكارة , وهو من اهم طقوس المرور بالنسبة للنوعين معا .فهذا الطقس دليل على عذرية العروس وعلى فحولة العريس في معظم المجتمعات العربية .لكن الافتضاض بالاصبع في مصر القروية يجعل من طقس الافتضاض وسيلة للتاكد من عذرية العروس فقط .
ان وطء الفتاة قبل الزواج يعني ابويا وطء كل ذكور الموطؤة من طرف الواطيء .بتعبير آخر ,يعني هذا الوطء ,تحويلا رمزيا لكل رجال الموطؤة الى نساء , اي تحويل ابيها واعمامها واخوانها الى ذكور بلا فحولة ,الى مفعول بهم .
ان الرجولة قدرة على الفعل والقدر ة على الفعل هي القدرة على الوطء وعلى منع الوطء في آن واحد .ففعل المراقبة نفسه يتم ادراكه كفعل رجولي بامتياز , اي كفعل جنساني ويشكل الاخفاق فيه اخفاقا جنسانيا ينال من رجولة الرجل .

الخاتمة

حين يتعلق الامر بالممارسات الجنسية قبل الزواج كالمساكنة مثلا , او الممارسات الجنسية المثلية ( لوطية وسحاقية ) نجد شبه اجماع بين الجمعيات والمنظمات النسوية على الصمت . فلا وجود لحركة نسائية عربية واحدة تطالب صراحة بحق الفتاة في المتعة الجنسية .فالمنظمات النسوية العربية بحكم تبعيتها للاحزاب لازالت تقدم المراة في صورة ( كائن اجتماعي بلا حياة جنسية ).
ان كل تساؤل وبحث ونضال مطلبي يتعلق بالجنسانية ويعيد النظر في اللعبة الابوية بشكل جذري , يعرض الحركة النسوية للنقد والتشهير والتهميش ولفقدان المصداقية .
ان الاهتمام المعرفي والعملي بالجنسانية يفقد صاحبه في مجتمعاتنا المكانة والسمعة اللازمتين في كل سعي نحو السلطة السياسية .
ان من سمات المجتمع المدني الحقيقي هو توجيه القيم الجنسانية نحو ديمقراطيةعلمانية ,اي نحو المساواة بين كل الفاعلين الجنسيين, ونحو التسوية بين كل الممارسات الجنسية . والرهان يقوم على ضرورة تاسيس ديمقراطية جنسية عربية تنتقل بالجنسانية من نظام ديني الى نظام مدني من دون ان يعني هذا التحول تنكرا للعقائدالسائدة في العالم العربي على الصعيد الفردي .


* الحوار المتمدن






صورة مفقودة
 
ج 2
تتجلى النظرية (الضمنية ) وليس العلنية , حول حياة المراة الجنسية في آراء الامام الغزالي , حيث تلعب المراة دور الصائد, والرجل دور الفريسة السلبية . المراة مدعاة خطيرة للهو ,لذلك يجب استعمالها لتحقيق اهداف محددة تتضمن في تزويد الامة الاسلامية بالذرية والنسل واطفاء الرغبات ..ولايجب ان تغدو المراة مثارعاطفة لان العاطفة والاهتمام يسخران لله وحده .
(فاطمة المرنيسي – ماوراء الحجاب : الجنس كهندسة وراثية ) – ترجمة فاطمة الزهراء ازرويل – ط 4 – 2005 – المركز الثقافي العربي – الدار البيضاء – المغرب .
اما الزوجة ( المضادة ) ,بحسب تعبير عبد الوهاب بوحديبة , اي القينة او البغي او العشيقة او ( عاملة الجنس ) , اي ( بائعة الجسد )فهي موضوع اللذة , فهي تنال من حرية الرجل وتخنثه وتجعله تحت سطوة الشهوة فتخضعه لسيطرتها . فرغم التحريم الفقهي كان البغاء مستمرا (د .عبد الصمد الديالمي : سوسيولوجيا الجنسانية العربية) – ط1 – 2009 –رابطة العقلانيين العرب – بيروت – لبنان .

يبين مركز البحث المصري حول التنمية والصحة EDHS ان 97% من العازبات مختتنات و 82% يؤيدن هذه الممارسة . المجتمع المصري يعتبر الختان للفتيات ممارسة تقليدية يستلزمها الدين . ويرى فيها طهارة ونظافة .ان ختان البنات ممارسة متعددة الوظائف , مثل تاسيس الهوية النسوية ,التقليل من الرغبة الجنسية و حماية العذرية, الوقاية من العادة السرية , تجميل الفرج واغراء الر جل , وقاية الزوجة من الخيانة الزوجية .
تصرح معظم النساء المصريات ان الختان لايؤثر سلبا على قدرتهن على المتعة الجنسية . لكن الحركة النسوية المصرية وعلى راسها نوال السعداوي , انتقدت ختان النساء بشدة , ففي كتابها :
(المراة والصراع النفسي) اظهرت السعداوي ان ختان البنات تشويه وممارسة مضرة بالصحة النفسية للفتاة , اذ تنعكس سلبا على قدرتها على الوصول الى الذروة الجنسية .
انطلاقا من ابحاث نسائية قدمتها نوال السعداوي وغيرها من الناشطات , استطاعت الحركة النسائية العربية والافريقية ان تدفع :
( المنظمة العالمية للصحة ) الى النظر الى ختان البنات كتشويه جنسي والى حافز اساسي لاعادة النظر في بناء الهوية الرجولية .

البغاء ودوره في تحريك العملية الاقتصادية : المغرب انموذجا

تقول المحامية والصحفية العراقية (سلام خياط ) في كتابها :
( البغاء عبر العصور : اقدم مهنة في التاريخ) – ط 1 – 1992 – رياض الريس للكتب والنشر – لندن – قبرص :
(من بين 23 امراة بغيا ( عاملة جنس ) راجعتني كمحامية بين عامي 73 – 76 انساق 16 منهن لدوافع مادية بحتة ).
وتقول سلام خياط في موضع آخر من كتابها :
( ظلت البغي بالنسبة للاشتراكي ضحية الظلم والفساد واللاعدالة ).
يقول ماركس ( ان البغاء سيبقى قائما في المجتمع ومتحكما في اخلاقية الفرد مابقيت الراسمالية قائمة على هذا الكوكب ).
يؤكد د .عبد الصمد الديالمي ان ارادة الاستهلاك في ظل العولمة اصبحت تدفع الكثير من الاشخاص الى تسليع الجسد والجنس . فالبغاء لم يعد مقصورا على الاوساط الهشة اقتصاديا , وانما يطال افرادا من فئات اجتماعية متوسطة يتوقون الى العيش في مستوى يفوق امكانياتهم المادية الموضوعية .
وقد تضخم العمل الجنسي من جراء الازمةالاقتصادية الراسمالية المعولمة , والازمات الاقتصادية في العالم العربي نتيجة لسياسات الخصخصة . وقد اصبح الفاعلون الاجتماعيون ( افراد ,اسر ) يلجاون صراحة الى البغاء كبديل حيوي .
ان كثير من العاملات الجنسيات (بائعة جسد )يواجهن القاضي بردود جريئة : ( سيدي القاضي , نعم , امارس البغاء وانا مستعدة للتخلي عنه اذا حصلت على عمل شريف يغطي حاجياتي وحاجات اطفالي , لكن طالما لم احصل على عمل , فانامجبرة على البغاء , انه الحل الوحيد الذي يمكنني من الانفاق على اطفالي , من شراء الادوات المدرسية , الى شراء كبش الاضحية ).
اصبح البغاء سلوكا يشمل الفتيات والفتيان والاطفال من كلا الجنسين , النساء المتزوجات والمطلقات , الطالبات , العاملات والموظفات الى درجة ان البعض بدا يتحدث عن :
(اقتصاد بغاء ) . واصبح العمل الجنسي وسيلة لبعض اللوطيين المثليين لتحقيق رغباتهم الجنسية المثلية العميقة , اي اداة لاخفاء التوجه الجنسي المثلي وراء ذريعة كسب العيش والعمل .
يسمح العمل للوطي بان يقدم نفسه لا كشاذ وانما كعاطل عن العمل , يبحث عن الكسب وليس عن المتعة .
في غياب سياسات تنموية مستدامة , تحول البغاءالى عمل جنسي غيرمهيكل (غير مؤسساتي ) من اجل مواجهة الفقر والبطالة , من اجل تنشيط الاستهلاك والسياحة والاستثمار .
تستفيد جنسيا بعض الدول العربية النفطية من ازمات اقتصاد بعض الدول العربية غير النفطية من خلال ظاهرة ( السياحة الجنسية ).لقد تحول الجنس الى نشاط اقتصادي بفضل عقد اجتماعي وسياسي غيرمهيكل non – formal (غيرمؤسساتي وغير معلن ) على الصعيدين المحلي الوطني والقومي , اي بفضل تواطؤ الاسر والانظمة . ففي بعض المناطق من المغرب يصمت الشرف ويصمت الوازع الديني امام تحدي الفقر .

(البغاء افضل من الحجاب )

ان السلطات الحكومية الرسمية في بعض الدول العربية تفضل البغاء على الفقر والبطالة , وتفضل البغاء على الحجاب , بتعبير ىخر , للنشاط الجنسي الاقتصادي وظائف غير معلنة تجني من وراءها بعض الدول ثمارا سياسية واقتصادية مهمة تدعم استقرارها اللاديمقراطي .
في نهاية السبعينات من القرن العشرين ,اظهر اول بحث ميداني حول المراة والجنس في المغرب ( عبد الصمد الديالمي - المراة والجنس في المغرب – الدار البيضاء – دار النشر المغربية – 1985 – ص133 – 134 : ان 9% فقط من الشسبان المغاربة يتبنون التحريم الاسلامي للنشاط الجنسي ماقبل الزواج . كما ان 68%من الشبان يمارسون الجنس كهدف في ذاته مقابل 45% من الفتيات, وفي التسعينات اقرت 65 % من الفتيات انهن مارسن الجنس على الاقل مرة واحدة قبل الزواج , وطبعا لاتعني ممارسة الجنس قبل الزواج ممارسة كلية , اي ان ارادة الحفاظ على غشاء البكارة تدعو الفتاة الى ممارسات جنسية بديلة(سطحية ,شرجية,فموية ) . كما تلجا بعض الفتيات الى اعادة ترميم غشاء البكارة الممزق بشكل صناعي بثمن (60- 500)دولارامريكي في مدينتي الرباط والدار البيضاء.
تجدر الاشارة الى ان تونس هي البلدالعربي الوحيد الذي يعترف قانونيا بالبغاء السري وينضمه في اطار العمل ( الجنسي ) .
اما على مستوى جامعة تونس ,فقد بينت آنجيل فوستر ان النشاط الجنسي قبل الزواج اصبح شيئا اعتياديا . وفي لبنان كشف بحث ستيلا ماجور مع تلاميذ التعليم الثانوي في بيروت ان30%من الفتيان كانت لهم على الاقل علاقة جنسية واحدة مقابل 2%من الفتيات .
وفي الجامعة الامريكية في بيروت,24%من الطلاب الجدد دخلوا في علاقة جنسية .

ثورة الفياغرا واضطراب الانتصاب عند الرجل

في مصر يشير محمد عبدالله الى ان مليونين ونصف المليون من الرجال يعانون من العجز الجنسي , وتقول مجلة ( العربي ) ان مابين 25و 30%من الرجال المتزوجين في مصر يعانون من العجز الجنسي , وهذا يعني 12 مليون ر جل .
وقدبلغ استهلاك الفياغرا Viagra حد الجنون عند الرجال و الى درجة قادت النساء في مصر الى اعتبار الفياغرا خطرا على استقرار الحياة الجنسية وذلك بالخوف من تقوية فحولة الرجل التي تؤدي اما الى طلاقها او الى عيشها مع زوجة ثانية, وبالتالي تميل النساء الى تفضيل العجز الجنسي على فحولة الفياغرا .
في المغرب تقول شركة ( فايزر ) Pfizer ) )المتخصصة بموانع الحمل ومنشطات الحمل والجنس ان مليون رجل في المغرب يشكون من اضطرابات في الانتصاب. وتزعم دراسة قام بها قسم الاحصاء التابع لولاية الدار البيضاء ان اكثر من 53 % من الرجال يعانون من اضطرابات الاعصاب . وتوصي الدراسة بضرورة اعتبار اضطراب الانتصاب عند الرجل المغربي مشكلة صحة عمومية .
يرى كاتب المقال ان لاضطراب الاوضاع السياسية في العالم العربي وللتشدد الديني وللصراعات النفسية ولحكم الانظمة الشمولية لعقود من السنين , اضافة الى تقنيات العولمة كالموبايل وشبكات التواصل الاجتماعي والفضائيات والضوضاء والحروب وسؤ التغذية وتلوث البيئة وغيرها قد ساهمت في احداث مشكلات نفسية انعكست الى ضعف او عجزجنسي وكذلك الخوف من رهاب السطة .
اعتقد ان الانظمة العربية بعامة تفضل ان يكون الرجال مصابين بعجز جنسي او ضعف في الانتصاب حتى لايكون لديهم الهمة للقيام بالثورات والانتفاضات على حكوماتهم , اي ان الانظمة العربية ترفع شعار :
(نعم لاخصاء الرجال ... لا للانتفاضات والثورات ).
 
ج3
يؤكد د. عبد الصمد الديالمي على ضرورة احداث قطيعة مع المصطلحات الجنسية المستخدمة في حياتنا اليومية :
الدعارة والعهارة والبغي ,لماذا ؟لانها تسميات تحمل في طياتها حكما اخلاقيا سلبيا عن المراة التي تمارس الجنس مقابل اجر . كما يتضمن مصطلح ( البغاء) معنى الرغبة , متوهما ان البغي تحب الجماع وتقبل عليه مع عدة رجال خارج الشرعية الدينية .
السؤال هنا : هل ( البغي ) امراة تحب ممارسة الجنس فعلا ؟
ان الذاكرة الاجتماعية نسيت ان العمل الجنسي المقدس هو بداية تاريخ العمل الجنسي , وفي هذا النسيان البنيوي يتملص المجتمع من مسؤولياته التاريخية ليحملها للمراة وحدها .
يقول د . الديالمي انه لايجوز لعالم الاجتماع ان يستعمل المصطلحات التي يستعملها الانسان العادي في تسمية الظاهرة .بل عليه ان يتعامل مع الظاهرة كشيء موضوعي حتى يحدث القطيعة مع الحس المشترك مع المفاهيم المتداولة . يطلق علماء الاجتماع اليوم تسمية ( العمل الجنسي )على هذ ا المفهوم الجنسي , وهي تسمية لاتحمل في طياتها حكما اخلاقيا ضد العاملة الجنسية , كما انه يجعل من العاملة الجنسية مجرد فاعلة , قليلا ماتكون حرة وسيدة نفسها . ثم ان مفهوم ( العمل الجنسي ) يساوي بين المراة والرجل واذ ينسحب على كل فاعل جنسي يمارس الجنس مقابل اجر بغض النظر عن هويته الجنسية .
ان مفهوم العمل الجنسي يفك الارتباط التقليدي بين المراة والجنس الماجور ليجعل من هذا الاخير نشاطا يمس الرجل ايضا .
نشير هنا الى ان ارسطو اعتبر العلاقة مع الزوجة لاتتموضع في حقل المتعة , بل في حقل الانجاب والاقتصاد . وهو نفس الشيء الذي يفسر لماذا ترتبط المتعة بغير الزوجة, بالخليلات والعاملات الجنسيات .
وينحو انجلز نفس النحو تقريبا حين يبين كيف ان مؤسسة الزواج الاحادية تعني بالخصوص احادية جنسية مفروضة على المراة – الزوجة حتى يتحقق صفاء النسب , في حين يستمر الرجل – الزوج في عقد علاقات خارج مؤسسة الزواج مع اللازوجات من اجل المتعة . وهذا الامر واضح تماما في تاريخ الاسلام الذي سمح للرجل بامتلاك الجواري , علاوة على انه لم يفرض الاحادية الزوجية عليه .
ويرى عبد الوهاب بوحديبة ان هذه الخصوصية الاسلامية هي المسؤولة عن استمرار ممارسة الرجل العربي بالتعدد , وبالبحث الدائم عن الزوجة المضادة التي غالبا مايجدها اليوم وبسهولة اكبر في ( العاملة الجنسية ).

الوظيفة الاقتصادية للجنس

يمكن العمل الجنسي الدولة من تحقيق ارباح مالية هامة ومن تنشيط الدورة الاقتصادية .في الثمانينات من القرن الماضي , دخل الاقتصاد المغربي في ازمة بنيوية حادة , واتجه ذلك الاقتصاد الى القطاع السياحي من اجل جلب العملة الصعبة . وتحولت السياحة تدريجيا الى سياحة جنسية لاتقول اسمها, سياحة يستفيد منها فاعلون اجتماعيون متعددون :
شركات سفر ,وسائل مواصلات , فنادق , عمال جنسيون, اسر العمال الجنسيين , مساعدوا العمال الجنسيين , شركات خمور , سوق مخدرات, علب ليلية , صالونات تجميل وحلاقة , بعض الموظفين .. من هنا يمكن القول :
ان العمل الجنسي اصبح يساهم في تنشيط الاقتصاد الوطني وفي حل ازمة البطالة عند الشبيبة .
اصبح العمال الجنسيون شريحة من فئةالماجورين في قطاع الخدمات من دون ان يكون لديهم ادنى وعي بهذه الهوية . تمارس الدولة المغربية معايير مزدوجة ازاء العمل الجنسي .فرغم ان الدولة تحرم الفساد والبغاء والقوادة بشكل واضح في القانون الجنائي استنادا الى سيادة الاخلاق الجنسية الاسلامية , الا ان الدولة المغربية تسمح للعمل الجنسي ان يوجد في وضح النهار وان يقوم بتادية وظائفه النفعية المتعددة .
ان الكثير من الاسر لاتتغاضى عن عمل بناتها الجنسي فحسب ,بل اصبحت تشجعهن بشكل مباشر على ممارسة ذلك العمل . ولايتعلق الامر بنساء الاسر فقط , فالرجال متواطئون ايضا . ان الاباء والاخوة يغضون الطرف عن تلك الممارسات الجنسية . لم يبق الرجل حاميا لشرف البنت او الاخت , اذ يضطر الى التحول الى مستفيد من شغل اناثه في السوق الجنسية اللاشرعية .كل ذلك بدافع البطالة والحاجة والفقر .
في الكثير من الاسر , اصبح دخل العاملة الجنسية هو الدخل الرئيسي ان لم يكن الوحيد . ومن هنا تكمن اهمية المكانة الجديدة للعاملة الجنسية في الاسرة , من خلال دورها الجديد , فاولاد الاسرة الان باتوا يقدمون اخواتهم او بنات اعمامهم الى رجال اجانب في اطار علاقة جنسية غير شرعية , وغير اخلاقية وماجورة .
في كتاب د . عبد الصمد الديالمي ( الشباب , السيدا , والاسلام ) – الدار البيضاء – 2000 , (السيدا cydia هو مرض الايدز ( اي مرض فقدان المناعة المكتسبة ) .
يقول د . عبد الصمدالديالمي ان العلاقات الجنسية في المغرب تبدا في سن الثالثة عشرة او الرابعة عشرة , وذلك بالنسبة لكلا الجنسين .انها في كثير من الاحيان علاقات سطحية , غير مكتملة , تحافظ على ما اسماه د .الديالمي ب ( بكارة اتفاقية ), انها تمثل تجارب جنسية متنوعة ومتعددة من دون افتضاض . ان التعلم الجنسي بالنسبة للفتيان بدا يتحرر نسبيا من اللجوء الى العاملة الجنسية , وبدا التعليم الجنسي ينفك نسبيا عن اطار الزواج بالنسبة للفتاة , لانها لم تعد تنتظر الزواج لتعيش اولى تجاربها الجنسية . هذا التطور يبين ان العاملة الجنسية بدات تفقد احتكارها في تلقين الدروس الجنسية التطبيقية الاولى . لكن لابد من الاقراران الكثير من المراهقين والشبان عاجزون عن الحصول على شريكة جنسية , او في حالة الحصول عليها لاتكون العلاقة الجنسية مكتملة , بالنظر لانعدام المكان المناسب , او بالنظر الى ضرورة الاحتفاظ بغشاء البكارة ,او خوفا من حمل غير مرغوب فيه . ومن ثم يتوجه الشاب نحو ( العاملة الجنسية )لكي يكتشف الجنس او لكي يعيش تجربة جنسية مكتملة .
بالنسبة للرجل المتزوج , تشكل العاملة الجنسية فرصة للهروب من جنسانية زوجة جدية محترمة ,او روتينية مملة . هذا الاحترام بين الزوجين على الصعيد الجنسي يمنع من الاستغلال الكلي للجسد ويمنع من متعة الكلام البذيء اثناء الجماع , لان الكلام البذيء الذي ينطق به اثناء الجماع يخلق الاثارة ويزيد المتعة .
ان بعض النساء المغربيات الثريات يوظفن جنسيا بعض الشبان مقابل اجر من اجل المتعة الجنسيةالبحتة , وهو الشي الذي تقوم به بعض السائحات الاجنبيات .
كثيرا مايتحول الزواج الى آلية تحجب وتمنع بعض النزوات من التعبير عن ذاتها لانها تعتبر نزوات شاذة ولهذا فان الشذوذ الجنسي بكل اشكاله يجد نسبيا حقلا للتعبير عن ذاته في سوق العمل الجنسي . ان العلاقة مع العامل الجنسي علاقةعابرة بين شخصين ليست بينهما سابق معرفة ولن تجمعهما علاقة دائمة . هذه المجهولية او علاقةالغفلة , تحرر الزبون من عقده ومن كل اعتبارات الاخلاق الجنسية الرسمية . لايفكر الزبون الذي يدفع ثمنا في متعة العامل الجنسي , كما ان العامل الجنسي يعمل من اجل كسب النقود . ولا يعمل من اجل الحصول على اللذة , مما يحرر الزبون من خوف عدم اشباع الشريك . ان العلاقة الجنسية الماجورة علاقة جنسية محضة . انها جنس دون حب , انها جنس عار وجنس من اجل جنسانية الزبون .
هذا التعريف للعلاقة الجنسية الماجورة يحرر الزبون من مخاوفه ويسمح له بالتعبير عن نفسه دونما قيود . هذه الوظيفة للجنس :
( الوظيفة الايروسية ), تكمن في تحقيق اللذة الكاملة وفي تمكين الزبون من الافراغ الكلي للطاقات وللشذوذ وللمكبوتات . وهو الافراغ الضروري للتوازن النفسي .

الخاتمة :

ان قيام العمل الجنسي بهذه الوظائف يجعل منه ظاهرة ( عادية )بالمعنى الذي قال به ( اميل دوركهايم ) : فهو يلبي طلبات اقتصادية واجتماعية ونفسية . الان يطلب من السوسيولوجيا (علم الاجتماع ) , بحسب الديالمي , ان تتدخل في تشخيص وتحليل ومعالجة الظاهرة لان العمل الجنسي تضخم واصبح بنيويا , اجتماعيا وذهنيا .
مانشاهده اليوم هو تضخم العمل الجنسي استجابة لازمة شغل وتشغيل , وخصوصا لازمة اخلاق .
في نظر د . الديالمي لاتكمن ازمة الاخلاق في توظيف الجسد بقصد ضمان الاعالة الضرورية ( بعض الفقهاء اباحوا ذلك ), بل في الاستجابة العمياء لمطلب الاستهلاك السائد , وفي ارادة الاغتناء ايا كانت الوسيلة .



المصدر

كتاب ( سوسيولوجيا الجنسانية العربية ) للدكتور عبد الصمد الديالمي – ط1- 2009 – دار الطليعة للطباعة والنشر و ورابطة العقلانيين العرب –بيروت – لبنان .
 
ج4
ان الهجرة حافز قوي يدفع الكثير من الفتيات الى العمل الجنسي, حيث يصبح تعاطي العمل الجنسي وسيلة للهجرة .
في كتاب د .عبد الصمد الديالمي :

( السيدا , الجنس والاسلام) اعترفت الكثير من الفتيات المبحوثات بممارسة الجنس مع اجانب اوربيين غير مسلمين ليس مقابل مال , بل من اجل وعد او عقد عمل في اوربا او من اجل الحصول على التاشيرة .
قالت عاملة جنسية ( عادة امارس الجنس مع الرجال فقط في احد فنادق فاس . وذات يوم اتتني امراة اوربية وطلبت مني ان امارس الجنس معها. استغربت واندهشت .لكن المراة وعدتني بان تضمن لي شغلا في اوربا ... وعلمتني مايجب علي القيام به .
يقول د. الديالمي: ( نحن هنا امام جنسانية مثلية تبين ان العاملة الجنسية مستعدة لفعل اي شيء من اجل لقمة عيش تبدو مضمونة اكثر في اوربا.هذه العاملة الجنسية مارست السحاق وتعلمته من دون ان تكون سحاقية , ومن اجل ضمان مستقبلها ,بقصد مصلحة غير جنسية .
يتضح من هذا المثال , كما يؤكد د .الديالمي انه لايجوز علميا اتهام العاملة الجنسية بالشذوذ الجنسي . ان المجتمع المغربي هو الذي ينتج العمال الجنسيين بالجملة .فمن خلال مساءلة د.الديالمي للعاملة الجنسية ,اتضح بشكل جلي انها تقوم بعملها في غالب الاحيان وهي تحت تاثير المخدرات او الكحول .فهي لاتستطيع ان تستجيب لكل رغبات الزبائن المتعددة والشاذة الا بفضل تناولها للكحول والمخدرات . بفضل ذلك ,تغير ( بضم التاء ) وعيها وتتغلب على مبادئها وتربيتها التقليدية فتصبح قادرة على ممارسة كل شيءوتقبل اي شيء من اجل اجر , من اجل العيش. هذا المثال ينطبق ووالكلام لكاتب المقال , على جلاوزة الامن والمخابرات في الانظمة القمعية الشمولية والذين يقومون بحفلا ت التعذيب ليلا بعد تناولهم للمشروبات الكحولية والمخدرات .
يستنتج د. الديالمي ان الشذوذ لايوجد في سلوك العاملة الجنسية بقدر مايوجد في رغبات الزبون. كل هذا يؤكد ان العاملة الجنسية انسانة سوية بشكل عام ,وانها لاتمارس الجنس بكثرة بسبب قوة جنسانيتها , وانما ممارستها الكثيرة للجنس مع زبائن مختلفين ومتعددين تصدر بالاساس عن حاجتها الاقتصادية , اكثر من ذلك , تؤدي الممارسة الكثيرة للجنس بلا رغبة وبلا متعة الى البر ود الجنسي لدى العاملة الجنسية و كما صرحت بذلك الكثير من العاملات الجنسيات .
يمكن ان نجد العطش الجنسي غير القابل للار تواء عند غير العاملة الجنسية و لان ذلك العطش لايقود الى الجنس مقابل اجر و وانما الى الجنس من اجل الجنس وبلا اشباع , وهو شذوذ خاص , وشبقية متكررة بشكمل لاارادي erotomanie .
جاء في مجلة ( الشرطة ) الصادرة في المغرب :

( ان عدد البغايا في تصاعد مستمر وهي ظاهرة تمس اليوم كل الفئات الاجتماعية ولم تبقى مرتبطة بالفقر ).
في الكثير من الحالات تعمل عاملة الجنس لصالح (قوادة ) او عشيق قواد او رب عمل يستغلها لجلب الزبائن و تعمل العاملة الجنسية ايضا لصالح زوجها . لكنها تعمل اكثر فاكثر داخل شبكات منظمة لايقتصر نشاطها على المغرب , بل تختر قه لتصبح حلقة في شبكات دولية .
في محاكمة شبكات بغاء مغربية في فرنسا عام 1998 , توطدت صورة نمطية مفادها ان : ( الزبون عربي خليجي , القواد لبناني , البغي مغربية ) .
ادى ذلك الى وضع المغرب عام 2003 ضمن لائحة الدول التي تتاجر بالنساء بغية الاستغلال الجنسي , اي في سوق لتجارة الاجساد, سوق دولية معولمة , ويهجرن من دولة الى اخرى قسرا , وتمارس عليهن كل اشكال الاستغلال والعنف . هنالك عددا مهما من العاملات الجنسيات المغربيات يعملن في اسبانيا و خصوصا في مدينة سياحية مثل ( ماربيا ).
اوردت صحيفة ,( الاحداث المغربية ) رسالة فتاة مغربية تروي كيف استطاعت الهجرة بسهولة الى اسبانيا بصفة :
( مضيفة حانة ) . ويبدو ان ,( العمرة ) نفسها تستغل من طرف البعض لارسال فتيات الى السعودية لنفس الغرض .وقد اشارت صحيفتا العلم المغربية والقدس العربي اللندنية الى هذه الظاهرة ,بحيث ان الفتاة يستولى عليها بمجرد وصولها من طرف شبكات منظمة وتجبر على العمل الجنسي في ظروف غير انسانية , وذلك في جدة , بل في الرياض , في مناطق لاتصلها شرطة الاداب . هناك حيلة اخرى لوصول عاملات الجنس الى السعودية و بحسب محامية في ( اتحاد العمل النسائي ) وهي تحرير عقد لرجل وامراة مغربيين يطلب منهما الزواج في المغرب .ويستقر الزوجان في منزل في السعودية يعده لهذا الغرض ( الكفيل ) , ثم يبدا الكفيل بزيارة الزوجين من اجل الاستمتاع بالزوجة , وطبعا يتم الاتفاق مسبقا على هذه اللعبة في المغرب , بحيث ان كل طرف في العقد يعرف الدور الموكول اليه .
في عام 2005 تم تفكيك شبكة متاجرة بالنساء من طرف الشرطة المغربية بناء على تقرير لسفارة المغرب في دولة خليجية . يفيد التقرير بوجود تصدير فتيات مغربيات الى دول الخليج بقصد عرض خدماتهن الجنسية على زبائن المؤسسات الفندقية التي شغلتهن في عقود عمل .
تنص تلك العقود على تشغيل تلك الفتيات في ( النشاط الثقافي والفني ), وهو الغطاء الذي يستعمل عادة لحجب نشاطهن الحقيقي . ويتم انتقاء هؤلاء الفتيات بدقة , وعادة من اوساط اجتماعية فقيرة .من شروط قبول العقد , جمال الفتاة والنجاح في اختبار للرقص يتم تسجيله بالفيديو . ان هذه التسجيلات بضاعة مربحة في ذاتها , تسلع في اطار تجارة فنية من دون ان تستفيد الفتاة من مداخيلها . فليس للفتاة اي حق بالاشرطة المسجلة , بل تجهل مصيرها النهائي .بحسب تعبير غورون Qauron : ( كل شيء يشترى ويباع ). يعمل الوسطاء بوحشية على سلعنة ( تسليع ) الاجساد في اطار العولمة الليبرالية الجديدة . ومن شروط تسليع الفتاة في سوق العمل الجنسي الدولية اختيار فتيات فقيرات من ( الجنوب ) .ان الانحدار من شرائح اجتماعية فقيرة يشكل شرطا ضروريا للمتاجرة بالفتاة .ان الفقر هو اكثر العوامل المساعدة على المتاجرة بالجسد .
الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية تجعل كل شيء ممكنا وانها منطلق الهشاشة الاخلاقية التي ترخص من قيمة الذات والتي تقودالجسد وذلك انه كلما انخفض المستوى الاجتماعي للفتاة ولاسرتها , كان للمال تاثير اكبر وجاذبية قصوى . وكلما بحثت الفتاة الفقيرة عن المال , كانت مستعدة اكثر لفعل اي شيء , وللذهاب الى اي مكان , مع اي كان . وهذا مايسمح للشبكة البغائية ان تحول الفتاة الفقيرة الى سلعة قابلة للتصدير في السوق الجنسية المعولمة .
في هذه الدولة الخليجية تتقاضى العاملة الجنسية اجرا يناهز ( 1000) دولار. اما في الامارات , فيمكن لاجرها ان يرتفع الى
(3000) دولا رشهريا . وتحصل العاملة الجنسية على ( 70) دولار كاجر صافي اذا قضت الليلة مع الزبون . وعند عودتهن الى المغرب , تستطيع العاملات الجنسيات المغربيات في الخليج من شراء سيار ات وشقق فاخرة وحليا وجواهر . ومن اجل اسكات صوت الاسرة , ذلك الصوت ( الاخلاقي ) , تشتري العاملة الجنسية شققا في الاحياء الاجتماعية الجديدة , وهو الشيء الذي يسمح للعائلة ان تغادر حيها الشعبي الاصلي , هاربة من وصمة العار , ومن الغيرة .
في الختام ,يؤكد د . الديالمي انه ليس هنالك البتة ترابطا حتميا بين الفقر والعمل الجنسي , فاذا كانت اغلب العاملات الجنسيات ينحدرن من اوساط فقيرة , فان الفقيرات لايقعن كلهن في مخالب العمل الجنسي . معنى ذلك ان هناك عوامل اخرى تلعب دورا رئيسيا في انتشار العمل الجنسي .


المصدر
كتاب ( سوسيولوجيا الجنسانية العربية )بحث وتاليف : د . عبد الصمد الديمالمي – ط1 – 2009- دار الطليعة ورابطة العقلانيين العرب – بيرت – لبنان .
 
ج5
في بحث د . عبد الصمد الديالمي الموسوم : ( الجنس والسياسة في المغرب )والذي تم انجازه بفضل منحة من صندوق الامم المتحدة للسكان FNUAP عام 2000 , صرح دركي(شرطي ) قائلا :
( ان الرجل الذي يريد قضاء ليلة ممتعة يذهب عند الجزار ( القصاب )والخضار وبائع الخمور ... عليه ان يصرف 1000 درهم على الاقل لكي يقضي ليلة ماجنة .. وهذا شيء يمكن الكثيرين من العيش, ويحرك عجلة الاقتصاد المحلي .... بدون ذلك , ليس للناس مايعملون ) .
لهذا السبب بالذات, تندد بعض الدوائر بالحملات القمعية التي تقوم بها السلطات العمومية ( العامة )من اجل محاربة الفساد والتطهير.ففي منطق هذه الشريحة السكانية الفقيرة , فان الاولوية هي لضرورات الحياة ,اما الوازع الديني فيتم تعليقه الى حين .. وفي مدن سياحية مثل مراكش واغادير ومكناس ,يساهم العمل الجنسي في تشغيل الفنادق المصنفة حيث قال بواب فندق بمكناس :
(سبعة زبناء ( زبائن ) في المرقص مع فتاة يحققون للفندق مدخولا اكثرمن حافلة مليئة بسواح المان .
وحسب ناشط في ( الجمعية المغربية لحقوق الانسان ) تمتليء المراقص بفتيات يتراوح عمرهن بين 15 و 20 سنة , ويعرضن انفسهن باثمان مختلفة .وهن فتيات يرفضن العمل كخادمات بيوت ويفضلن العمل الجنسي .
الكثير منهن اشتغلن كخادمات بيوت منذ صغرهن,لكنهن قمنا بالفرار نظرا لسؤ المعاملة والارهاق , ولانهن لايستفدن اطلاقا من اجورهن ,فالاب ياتي مرة كل شهرين ليتقاضى الاجرة بنفسه ولزيارة ابنته وتفقد احوالها .
عند نفاد صبرهن ,تخرج تلك الفتيات الى الشارع فيجدن بسهولة من يستقبلهن ويرشدهن الى سوق العمل الجنسي , وقد صرحت احداهن لطبيب امراض جلدية وتناسلية انها تتناول الحشيش لكي لاتعي ماتفعله بجسدها .ورغم اصا بتها المتكررة بامراض منقولة جنسيا , اعترفت انها لاتستطيع التوقف عن العمل ولا تقدر بالتالي على فرض الغشاء الواقي على زبائنها .انها مضطرة لاخفاء مرضها عن الزبون لئلا تفقده .
في الجامعات ,تمارس الطالبات انفسهن عملا جنسيا , ظرفيا ومغلفا , نظرا لضعف المنحة الجامعية وفقر العائلة , اورغبة في التمتع باطايب الحياة .فحسب عضو في شبيبة ( الاتحادالاشتراكي للقوات الشعبية ) , كل طالبة جديدة تاتي الى الحي الجامعي في الرباط تتصل بها حالا طالبات سبقنها الى الجامعة من اجل تقييم جسدها تقييما ماليا واقتراح صفقات (عمل جنسي ) ملائمة . وفي بعض الاحيان يتم اقراضها مبلغا من المال لاتستطيع تسديده الا بفضل العمل الجنسي , فتجد نفسها سجينة شبكة عمل جنسي محترفة .
وقد شاع هذا الامر في الثمانينات والتسعينات ومازالت آثاره مستمرة الى اليوم . في هذه المرحلة دخل المغرب مرحلة :
( الشيخات المثقفات ). علما ان الشيخات المغربيات معروفات برقصات البطن وبالجنس والخمر فقط .
لعبت السياحةالخليجية في المغرب دورا مهما في تحويل العمل الجنسي الى اداة لتغيير الانتماء الطبقي ومن الاندماج في شرائح من الطبقات المتوسطة . ان سياحة جنسية في مدن اغادير ومراكش وطنجة والدار البيضاء ازدهرت في عقدالثمانينات من القرن العشرين . في اطارها تقدم ( الحاجة ) , وهو النعت الذي اصبحت توصف به القوادة ! فتيات صغيرات (14 – 15 )سنة الى السائح الاجنبي وعذراوات, من اجل متعة الافتضاض . وهنا يصل سعر الليلة الى (5000)درهم بكل سهولة .
وكثيرا ماتتحول تلك الصغيرات الى خليلات عابرات للقارات و ينفق عليهن بسخاء يتجاوز سدالحاجات المادية الاساسية .بفضل هذا الوضع وبفضل الدوران بين السواح الخليجيين , تحصل الفتاة على فساتين غالية الثمن و كما على السيارة والشقة . وهذه اشياء يعجزالزبون المغربي عن تحقيقها , ممايؤدي الى النفور منه .وهكذا ظهرت فئة من العاملات الجنسيات تخصصن في العمل الجنسي مع الخليجيين فقط , وقد تعودن على الكسب السريع والمرتفع .مما مكنهن من تغيير الهندام والسكن والحي , واقتناء حلي ومجوهرات , وفتح صالونات حلاقة وحسابات بنكية ( مصرفية ).

فقدان البكارة بين الثقافة والطبقة

ان ممارسة العمل الجنسي امر يقتضي حضور عوامل نفسية , مثل التعرض للاغتصاب , او زنا المحارم , او الافتضاض . بالنسبة للحس المشترك , ( البغي وحدها تفقد بكارتها قبل الزواج ) . وكل فتاة حصل لها ذلك تعد بغيا . بغض النظر عن الدوافع .
ان المفهوم الثقافي السائد حول العلاقة بين البكارة والبغاء يجعل من كل فتاة ( اعطت جسدها كليا ) قبل الزواج (بغيا) , موسومة بالعار , وتستحق الاحتقار والتهميش والتبخيس .

البكارة التوافقية والبكارة الدينية

تعني (البكارة الدينية )انعدام كل تجربة جنسية قبل الزواج للفتاة .انها العذرية الكاملة . اما( البكارة التوافقية ) , فتعني ان الفتاة تعيش تجارب جنسية متنوعة قبل الزواج مع الاحتفاظ على غشاء بكارتها .
هكذا يتبين ان الجتمع المغربي اتجه الى التسامح الجنسي , بمعنى ان كلمة( البغي ) في المفهوم الاخلاقي هي الفتاة التي فقدت بكارتها .اما الفتاة التي تمارس الجنس السطحي او الشرجي او الفموي فانها لاتعتبر( بغيا) . هنالك توافق ثقافي واجتماعي حول كونها حافظت على شرفها . وهو مايقود بعض الاسرالى الطبيب بقصد الحصول على (شهادة البكارة) وعلى اشهارها .
ان شهادة البكارة هي شهادة الشرف . اما الافتضاض الشرجي , مثلا, فما ذلك الا لعب ولهو , وممارسة مسموح بها للفتاة من اجل التوفيق بين الر غبة والتحريم الديني . ان بعض الفتيات يمارسن العمل الجنسي بممارسات سطحية وفموية وشرجية فقط ,بغية الحفاظ على غشاء البكارة . لكن هذا الضرب من الممارسة الجنسية في اطارالعمل الجنسي لايستمر طويلا .
يشكل فقدان البكارة حدثا تاريخيا في الصيرورة الاجتماعية والنفسية للفتاة . انه الحدث الذي يقودها الى تحقير ذاتها وجسدها . فغشاء البكارة ليس مجرد عضو جسدي صامت , انه عضو محمل برمزية فخرية يجعل منه اساس الصورة الايجابية عن الذات لدى الفتاة . ويؤدي فقدانه قبل الزواج الى اعتبار الفتاة سلعة فاسدة , خاسرة, مثقوبة من طرف الاخرين .
ان (الثقب ) الذي تتعرض له الفتاة في جسدها يجعل من جسدها جسدا فقد حرمته , جسدا يمكن ولوجه . فيصبح جسد الفتاة مكروها ومغضوبا عليه من طرف الفتاة نفسها و جسدا يمكن اعطاؤه لاي كان .انه جسد عمومي , اشبه بالمراحيض العمومية حيث يتبول فيه كل الرجال , ( بحسب تعبير احد المستجوبين في مدينة- خنيفرة ) . ان احتقار الذات عندالفتاة التي فقدت بكارتها يقودها الى ان تصبح بغيا .
مابين 60% و 90% من العاملات الجنسيات عانين من الاغتصاب في طفولتهن. وتذكر جمعية في مراكش ان ( قسما مهما من العمال الجنسيين الاطفال تعاطوا العمل الجنسي بعد اغتصابهن , من طرف الاب في بعض الحالا ت ) .
يؤكد د .الديالمي انه لايمكن القول ان فقدان البكارة يؤدي في ذاته لوحده الى العمل الجنسي بغض النظر عن الا نتماء الاجتماعي .
ابعد من ذلك ,بالامكان قلب العلاقة بين فقدان البكارة والعمل الجنسي , بحيث ان اختيار العمل الجنسي (بسب الاغراء المالي الخليجي ) , هو الذي يدفع بالكثير من الفتيات الى فقدان البكارة و وفعلا اظهرت الابحاث الميدانية ان الافتضاض في اطار العمل الجنسي خدمة جنسية تجلب اجرا اهم.وهذاعودة الى اهمية العامل الاقتصادي للعمل الجنسي واوليته ازاء البعد الثقافي – الاجتماعي ( فقدان البكارة ) .
ختاما يمكن القول مع د . الديالمي ان العامل الاقتصادي هو الذي يدفع الدولة الى اختيار العمل الجنسي كسياسة عمومية وضمنية غيرمهيكلة .

(يتبع)...


المصدر
كتاب ( سوسيولوجيا الجنسانية العربية ) – تاليف: د . عبد الصمد الديالمي – ط 1- 2009 –دار الطليعة ورابطة العقلانيين العرب – بيروت -0 لبنان .
 
6
في مفهوم التربية الجنسية :
ان التربية الجنسية , بحسب د. عبد الصمدالديالمي , هي معارف علمية , وهذا شيء لم يتمكن منه الانسان الا منذ القرن الثامن عشر ,اي منذ ان تحولت البيولوجيا الى علم . فقد ادى تطور العلوم والتقنيات الى تصنيع الغشاء الواقي الاصطناعي عام 1880 Preservatif , والى اكتشاف القرص المانع للحمل عام 1955, وهو ما زود التربية الجنسية بوسائل مهمة لتجنب الحمل غير المرغوب فيه والامراض التناسلية ,لذا لايجوز الحديث عن التربية الجنسية , بحسب د . الديالمي , قبل هذه المرحلة .فالغشاء الواقي هو التقنية الحديثة التي تحقق العزل بنجاح .وهو عزل مزدوج يجنب في الوقت ذاته خطر الحمل وخطر الجراثيم والفيروسات .بكلمة واحدة اصبح القرص والغشاء يشكلان شرط النشاط الجنسي السليم , بالاضافة الى تمكن الطب من معالجة الامراض الزهرية .
بفضل المانع للحمل والغشاء الواقي اصبح النشاط الجنسي مباحا , ومن ثم سقط التمييز بين المتزوجين وغير المتزوجين , وبين الرجال والنساء , وبين الكبار والصغار من الناحية الجنسية .

الاباحة لاتعني الاباحية

ان التربية الجنسية امتناع عن تحويل الجنس الى ( تابو ) , الي شيء نخافه لاعتبارات عائلية واقتصادية .
حين يكتشف الطفل عضوه الجنسي ,توصي التربية الجنسية بعدم دفعه الى تحويل عضوه الى عورة .ومنذ البداية تتبنى التربية الجنسية مبدا الاباحة بمفهومها الايجابي , فهي ادراك وتقبل للاعضاء الجنسية قبل ادر اكها كاعضاء تناسلية . وهي تعني بحسب د .الديالمي قبول النشاط الجنسي كعلاقة طبيعية مسؤولة كلما حصل تراضي حولها بين طرفين عارفين بكل عواقبها الممكنة .
الاباحة اذن لاتعني الاباحية , لان الاباحية غلو يرى ان كل العلاقات الجنسية مباحة بغض النظر عن الوضع الاجتماعي للشركاء الجنسيين وعن عددهم , وهي تشجع الافراد في اتجاه الاستهلاك الجنسي من دون حدود او قيود , وهو مالانجده في الاباحة.
الاباحة تعني فقط الموقف الايجابي من الجنس بلا تشجيع على الاختلاط العام , او على المشاعية الجنسية .
في الاباحة يظل السؤال ( من يجامع من ؟ ) سؤالا قائما مشروعا . وعلى العكس من ذلك يغيب ذلك السؤال في اطار الاباحية .
تقوم التربية الجنسية اذن على الاباحة , مع قبول الجنس كنشاط اجتماعي يحقق المتعة الضرورية لتوازن الفرد .وبالتالي لايمكن الاقرار بان التربية الجنسية منافية للاخلاق بشكل مطلق .انها منافية لاخلاق معينة فقط , وهي تحمل اخلاقا خاصة جديدة , تقطع بشكل جذري مع الذكورية والابوية .
لايمكن القول ان لاوجود لاخلاق خارج الدين او من دونه .ان الاخلاق الطبيعية تعامل الانسان كراشد لاتلجا الى الترغيب والترهيب , الجزاء عند الانسان الراشد وعند المواطن الحر هو ارتياح الضمير فحسب . من هذا المنطلق الجديد تتصور التربية الجنسية علاقة جنسية تطبعها اخلاق مدنية , اخلاق الوفاء والالتزام والاخلاص , من دون اكراه او خوف , من دون عقد .
ان الحرية الجنسية لاتعني ابدا الفوضى او الخيانة او تعدد الشركاء الجنسيين او البوهيمية . ومن ثم فان التربية الجنسية تدفع الشباب الى تاخير بداية النشاط الجنسي . وانها لاتعمل على اثارة الشياب جنسيا .فهي تعلم الشباب تجنب خطري المرض والحمل غير المرغوب فيه , وتسعى الى اقرار فرد سليم جنسيا في مجتمع سليم جنسيا .
اما في المجتمعات التقليدية التي ترفض التربية الجنسية ففيها عمل جنسي كثيف , وفيها نسب اعلى من الامراض المنقولة جنسيا ومن الحمل غير المرغوب فيه . ومن المثلية الجنسية (لواطية وسحاقية ).
يرى كاتب المقال ان المؤسسات التقليدية ترفض الاعتراف بظواهر مثل المثلية الجنسية والحمل غير الشرعي , وجرائم الزنا بالمحارم , لان تلك الظواهر تزعزع صورتها التقليدية ومشروعيتها .
ان الكثير من حالات انتحار الفتيات هي اعمال قتل يقوم بها الاب او الاخ او ابن العم الذي قام بالاغتصاب للابنة او للاخت .وعند قيام الفتاة بالحمل غير الشرعي يتم قتلها ( غسلا للعار ) ويتم الحكم عليه باحكام مخففة . كما ان اغلب حالات الزنا بالمحارم لايتم الكشف عنها . وتظل علاقات الشذوذ الجنسي , او المثلية الجنسية بانواعها علاقات سرية وغير معلنة , ولا تتم معالجتها .
ومما زاد في الطين بلة دخول التقنيات الرقمية الحديثة كالحواسيب الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي الى غرف النوم , وهو الذي سهل قيام مايسمى ب ( البغاء الالكتروني ) .
يؤكدد .الديالمي ان الشباب في المغرب لايتلقون اية رسالة تربوية . ان المضمون الايروسي مغيب تماما عن البرامج المدرسية والصحية والدينية والاعلام الوطني . لهذا السبب يقبل الشباب على مشاهدة الافلام الاباحية بفضل القنوات الفضائية .
ان التعامل مع التربية الجنسية يظل خجولا . فتمرير التربية الجنسية في مادة ( التربية النسوية ) ثم ( التربية الاسرية ) تمرير غير ملائم , لان تلك المواد تنطلق من منظور التربية السكانية.
لم يجرؤ المشرع المدرسي على اقرار مادة تدريسية صريحة تحت عنوان ( التربية الجنسية ) . لذلك نجدها موزعة بين موادمختلفة مدرسية .
التربية الجنسية غير متداولة ولا وجود لها في المناهج الدراسية . ان التربية الجنسية يتنصل منها الاب والام والمعلمون في المدرسة . ان التنكر غير الواقعي للتربية الجنسية في المغرب وفي العالم العربي لايخدم قضيتي التنمية والديمقراطية .

الجنس واليسار والاعلا م

ان اليسار المغربي وفي العالم العربي لايقترح على الشباب خطابا بديلا عن الجنس , وتظل هي نفسها سجينة الخطاب الشرعي السائد خوفا من ان تتهم بالفساد الاخلاقي .
يتعرف الشاب المغربي , ومثله في العالم العربي لدرسين متناقضين من خلال الفضائيات :
الاول درس اسلاموي متشدد يدعو الى التزمت , والدرس الثاني يتجاوز الاباحة ليسقط في شراك الاباحية .
في بحث الدكتور عبد الصمد الديالمي ( الجنس , السيدا والاسلام ) المنشور عام 2000,اتضح ان معظم الشباب يقدمون على مشاهدة الافلام الاباحية . ومن المحتمل انها تخلق شعورا بالاحباط والحرمان , او تخلق شعورا الى اعتبار الجنس سلعة من بين السلع الاستهلاكية .وبحسب تصريحات المبحوثين انفسهم , تقود مشاهدة تلك الافلام الى تعلم القبلة والى تعلم كيفية الجماع وطرقه واوضاعه , اي انها تملا فراغا تربويا هائلا .
لااحد في المغرب يتحدث للشباب عن البعد الايروسي في الجنسانية . ويؤ كد د.الديالمي ان دعوة الفضائيات الاسلاموية الى الصوم الجنسي والى الفصل بين الجنسين والى ارتداء الحجاب , او وضع النقاب دعوة تناقض صراحة ضرورة التنمية , وتناقض اساسا وجوب التنمية البشرية وحتميتها .
يؤكد د .الديالمي على ضرور ة ادماج التربية الجنسية في المشروع التربوي العام . لابد من الرجوع الى اليسار والقوى المتنورة والعلمانية لتحميلها مسؤولية غياب تصور مغربي ( وعربي) عن التربية الجنسية . لذا من الضرور ي عقد مناظرة تجمع كل قوى اليسار حول القضية الجنسية , ليس فقط لمعالجة ظواهر الايدز والحمل غير المرغوب فيه والعمل الجنسي ,بل من اجل صياغة ميثاق يساري يضع اسس سياسة جنسية وطنية واضحة المعالم . وضرورة تلقين معارف موضوعية في الظاهرة الجنسية , وتطوير سلوكيات جنسية سليمة ومسؤولة . واكتساب مواقف ايجابية تجاه الجنس , وبناء اخلاق جنسية بعيدا عن الاكراه .ختاما يؤكد د .عبد الصمد الديالمي في نهاية كتابه :
(سوسيولوجيا الجنسانية العربية – ط1- 2009 – دار الطليعة , ورابطة العقلانيين العرب -بيروت – لبنان ) ان المعركة الجنسية قادمة لامحالة , وهي اعقد واصعب بكثير من المعركة النسوية .

تم الموضوع ...
 
أعلى