وليد هرمز - نساء الفايكنغ بدروعهن اللوزية

شقَّتْ، صدفةً، نِساءُ "الفايكينغ"، مياهَ "طَرَيْدون" بسُفنهم الرَّشيقة، كعضلاتهنَّ، فأوقفتهُن سَالميتي على بُعدٍ من فناراتِها، وأوْصَتهم أنْ يُهرِّبْنَ أكياسَ الأصْفُنِ المُترعةِ بزيتِ المَنْي الرَّهْراهةِ، ودم الفحولةِ؛ أكياسَ أحلام مُحاربيها النُّبلاءِ ــ أبناءِ المَلْحةِ، حيثُ حَفيدهم المنفي في "غوتنبورغ".

مسَّدتْ النُّورماندياتُ ـ بناتُ الفايكينغ، بأيديهُنَّ المَدْهونةِ بزيتِ الحُوتِ على الأكياسِ، فأحسَسْنَ بدَغْدَغةٍ تسْري في أجسادهِنَّ. غَمْغمتِ الأكياسُ الموزَّعةُ بينَ أفخاذهُنَّ.

فزَّ الدَّمُ في عروقِهنَّ؛
فزَّتِ الشَّهوةُ في بُرْكانِ الدَّبابيرِ مابينَ الإسْكَتيْن؛
فزَّتْ حيرةُ السُّؤالِ في أفئدة نساءِ سالميتي:
ـ إلى أينَ ذاهبةٌ أكياسُ فحولتنا؟
ـ ذاهبَةٌ إلى الفايكنغ
نِمْنَ، نساءُ الفايكنغ، الشَّبقاتُ، ناقصاتُ البُعولِ، بدِروعِهُنَّ اللَّوزيَّة وقمْصَانِهُنَّ الحَديدِ، ثلاثينَ عاماً على الأكياسِ، فِقنَ، فلم يجدنَ الأكياسَ، نَزلَ المُحاربونَ النُّبلاءُ ـ أبناءُ المَلْحة؛ أبناءُ سالميتي، بالآلاف، معَ أمَّهاتِهِمْ، نِساءِ الفايكنغ، منَ السُّفنِ الآمِدةِ بفِحولتِهمْ؛ الآمِدَةِ بشبقِ الأسوجياتِ، إلى مجاهل لم يألفوها، وعلى أجسادِهِم دَمٌ لمْ يألفوه، يقنصونَ بعيونِهم أفقاً مَحْفوراً بكآبةِ غيومٍ لمْ يَألفوها.

نَزلوا مَدْهوشينَ...
نَزلوا....
على شفيرِ آخرِ شمالٍ من أسُوجْ،
عتَّالين،
يَحْملونَ فسائِلَ عمَّاتِهِم،
يحْمِلونَ
قِطافَ رُمَّانٍ منْسيٍّ،
على جبهاتٍ منسيَّةٍ.
نَزلوا...
وليسَ عليهم أميرٌ؛
نزلوا بِلا ذاكرةٍ،
وهمْ يرْمونَ بِخوذهمْ البْرونز،
المثقوبةِ بأحلامِهم،
في مياهِ ،
خوذَهُم، الأصُصَ،
لبويضاتِ المُورة،
والرَّنكةِ،
والسَّلمونِ،
لاأصُصَ لبويضاتِ،
الشَبوطِ،
والبُنِّيِّ،
والأسْبورِ،
والحَنْكليسِ.
نزلوا...
وأنا مُتصلِّبٌ،
في ساحةِ الصَّواري الحجريةِ،
متسمِّرٌ؛
مدهوشٌ،
قلقٌ،
رجِفٌ،
أرْقبُ شغبََهم البريءَ،
مُغامرينَ بخَساراتٍ لفُّوها،
بعباءاتِ أمَّهاتِهمِ الحَريريَّةِ السَّود ،
وألبَسوها المَتاهةَ ـ دروعَهم المَصْقولةَ،
من زَرَد الخساراتِ؛
خساراتِ عشيقاتِهمْ؛
خَسَاراتِهم التي تشبهُني؛
خساراتهم المُعلَّمةِ بندوبِهمْ،
مُخْشَوشبةً على أكُفِّهم،
كعودِ الندِّ،
بلا بَخور،
مُغامرينَ بالنِّسيانِ.
كانت أمُّ الأسوجيينَ في استقبالهم؛
الأمُّ التي ودَّعْت أبناءَها الجَّائعينَ،
بالآلاف إلى أرض اليانكي،
قبل مئة عام.
مسَحتْ أصْفنهِم بزيتِ فحلِ الأيْلِ؛
فضَّتْ عن صدورهم أقفالَ الحَسْرةِ،
غسَلتْ عضلاتِهمْ السمراءَ بالثلجِ،
كي تُوُقِفَ نزفَ العرَقِ،
المملَّحِ عن آباطهم.
نحرَتِ الأيائِلَ لهم،
تمْتموا بشيءٍ غريبٍ،
شيءٍ يشبهُ الحَيْرةَ،
وهم يتحَسسون عَضلاتِهم،
المفتولةِ كحجرِ السُّمِّ،
تضطربُ كالزِّئبق.
تمتموا بِبُحَّةٍ،
بصوتٍ مشروخٍ،
ثقيلٍ كظلامِ أسوجَ.



* شاعر عراقي مغترب - السويد
تكست -العدد التاسع


.
صورة مفقودة
 
أعلى