سمير عادل - المثيلوجيا الجنسية في الاسلام

(1-6)



لا يسعنا الا ان نعبر عن تقديرنا لداعش لتحليّه بوحشية غير قابلة للوصف وجرائمه التي لا يمكن لاي شخص تخيلها ونحن في القرن الواحد والعشرين، فلو لا داعش واعماله لما سنحت لنا الفرصة لاعادة تصفح اوراق التاريخ الاسلامي ونفض غبار التزوير عنها من قبل المؤسسة الاسلامية الرسمية والمرتبطة عضويا بالانظمة السياسية الحاكمة والتي تغذي طلبة المدارس منذ نعومة اضفارهم بالكذب والتدليس والفبركة سواء كأيدلوجية او كدين وتصويره بأنه دين فريد عرفته البشرية وانهم لمحظوظين لوراثتهم هذا الدين عن ابائهم.
*****
ليس قليلاً عدد المقالات والدراسات والكتابات التي تحدثت عن "الحور العين" وعن الرجل المسلم الذي يفجر نفسه ليلتقي الحور ويضع نهاية لحياته من اجل لقائها. ونشرت العديد من القصص والروايات التي تحدثت عن رجالات المجاميع الاسلامية وخاصة في سوريا بوضع اغطية مضادة وواقية من الرصاص على اجهزتهم التناسلية عندما يدخلون المعارك خوفا من اصابتها وهم يرحلون للقاء "حور العين". الا انني في هذا البحث سأركز على التخيل الجنسي وهلوساته بين الحياة الواقعية والحياة الخيالية في ادمغة وعقول منظري وفقهاء الاسلام وواضعي اسس الدين الاسلامي، الى حد خلق ميثولوجيا جنسية تعتريها الازدواجية والاغتراب حول الجنس ومكانته في المجتمع الاسلامي او المدينة الفاضلة المتمثلة في "الجنة" او في الحياة "الاخرة".

******
حسناء آيت بولحسن، المرأة التي فجرت نفسها في بروكسل لافشال عملية دهم قامت بها الشرطة البلجيكية بعد "غزوة باريس في 13 تشرين الثاني من عام 2015" وكان عنوان هجمة داعش البربرية الجديدة في باريس، وناشفين مالك التي قتلت مع زوجها رضوان فاروق 14 شخص في كاليفورنيا يوم 2 كانون الاول من عام 2015 ثم قٌتلت على يد الشرطة، تلك العمليتين، تثير العديد من الاسئلة الفقهية والتاريخية حول جدوى انتحار المرأة ومكانة الجنس في الاسلام بين حياة الدنيا وحياة "الآخرة - الجنة".
السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو اذا كان الانتحاري "الرجل المسلم" ينفذ عملية التفجير ليلتقي "حور العين" فماذا ستحصل عليه المرأة المسلمة من تنفيذ نفس العملية؟ اي ماذا سيكون المقابل، وخاصة ان مصيرها غير معلوم. فعلى سبيل المثال اذا كانت متزوجة ولا تريد ان ترى زوجها مجددا او تريد التخلص منه ولم تستطع فعل ذلك في الحياة "الدنيا"، فاذا بحظها العاثر يعيدها الى زوجها في "الجنة"، او انها في احسن الاحوال تتحول الى احدى الحوريات، لتحتل مكانة ادنى مما كانت عليها في "الدنيا" حيث نصيبها الانظمام الى احدى جواري "الشهيد" الرجل الانتحاري على الرغم من انه ليس هناك نص قرآني ولا حديث نبوي ولا قول يذكر لاحد الصحابة او مفسري الاسلام مثل الطبري وبن كثير والقرطبي وبن التيميه وبن الجوزي.... بأن المرأة "الشهيد" تتحول الى حورية او تنال حصة بالنهاية جراء عملها ولكن كحد ادنى تكون اقل من الرجل.
الالية في الاستعباد الجنسي للمرأة:
هناك نصوص حول المرأة التي تدخل الجنة دون اي عملية "استشهادية" وحيث يتفق جميع شيوخ الاسلام الحديث مثل بن الباز وبن عيثمين ومحمد العريفي ورجالات الازهر (( المرأة لا تخرج عن هذه الحالات في الدنيا فهي، إما أن تموت قبل أن تتزوج، اما أن تموت بعد طلاقها قبل أن تتزوج من آخر، إما أن تكون متزوجة ولكن لا يدخل زوجها معها الجنة، والعياذ بالله، إما أن تموت بعد زواجها، إما أن يموت زوجها وتبقى بعده بلا زوج حتى تموت، إما أن يموت زوجها فتتزوج بعده غير)). هذه حالات المرأة في الدنيا ولكل حالة ما يقابلها في الجنة: أما المرأة التي ماتت قبل أن تتزوج فهذه يزوجها الله– عزوجل – في الجنة من رجل من أهل الدنيا لقوله صلى الله عليه وسلم : « ما في الجنة أعزب-اخرجه مسلم-، ومثلها المرأة التي ماتت وهي مطلقة. يعني لا تكون لزوجها الذي طلقها. ومثلها المرأة التي لم يدخل زوجها الجنة. ))قال الشيخ ابن عثيمين(1): فالمرأة إذا كانت من أهل الجنة ولم تتزوج أو كان زوجها ليس من أهل الجنة فإنها إذا دخلت الجنة فهناك من أهل الجنة من لم يتزوجوا من الرجال. أي فيتزوجها أحدهم. وأما المرأة التي ماتت بعد زواجها فهي – في الجنة!– لزوجها الذي ماتت عنه. وأما المرأة التي مات عنها زوجها فبقيت بعده لم تتزوج حتى ماتت فهي زوجة له في الجنة. وأما المرأة التي مات عنها زوجها فتزوجت بعده فإنها تكون لآخر أزواجها مهما كثر ولقوله صلى الله عليه وسلم : « المرأة لآخر أزواجها – سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني- ولقول حذيفة لامرأته: إن شئت أن تكونى زوجتي في الجنة فلا تزوجي بعدي فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا فلذلك حرم الله على أزواج النبي أن ينكحن بعده لأنهن أزواجه في الجنة. مسألة: قد يقول قائل: إنه قد ورد في الدعاء للجنازة أننا نقول، وأبدلها زوجا خيرا من زوجها، فإذا كانت متزوجة..فكيف ندعوا لها بهذا ونحن نعلم أن زوجها في الدنيا هو زوجها في الجنة وإذا كانت لم تتزوج فأين زوجها؟ والجواب انها ستكون لاحد رجال الجنة الذين لم يتزوجوا.(( بعبارة اخرى ((ولا يمكن أن تُزوَّج المرأة من الحور العين ؛ لأن الحور من النساء فكيف ستتزوج النساءُ النساءَ !؟ وهذا يدل على أن الأجر الوارد في الأحاديث هو للرجال أصالة ويدخل فيه النساء تبعاً لكن في بعض أفراده لا في كلها ، وإنما ذُكر الرجال في الأحاديث لأنهم هم المكلَّفون في الجهاد وهم الذين يخرجون إليه فكان المخاطب بالترغيب به هم دون النساء )) رواه "مسلم" (2) - وايضا ان المرأة الشهيدة تحصل مثل الشهيد على امتيازات مماثلة للشهيد الا في الجنس، ((عن المقدام بن معدي كرب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " للشهيد عند الله ست خصال : يغفر له في أول دفعة ، ويرى مقعده من الجنة ، ويجار من عذاب القبر ، ويأمن من الفزع الأكبر ، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها ، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ، ويشفع في سبعين من أقاربه " . رواه الترمذي وابن ماجه(3).
الا ان الشهيد المسلم الرجل لا يبالي بكل تلك الامتيازات سوى ممارسة الجنس مع "الحور العين" في حين ان المرأة الشهيدة المسلمة لا تحصل على امتيازات ممارسة الجنس مثل الرجل بالمبرر او الحجة التي يتفق عليها جميع شيوخ ومفسري القرآن ومنظري الفكر الاسلامي (( وليس للمرأة في الجنة إلا زوج واحد وهو يكفيها وتتنعم به ولا تحتاج إلى زيادة . والمرأة المسلمة - التي لم تتأثّر بدعاوى دعاة الإباحيّة وتعلم أنّها ليست مثل الرجل في خلقتها وتكوينها لأنّ الله جعلها هكذا - لا تعترض على أحكام الله ولا تسخط بل ترضى بما قضى الله لها ، وفطرتها السليمة تخبرها بأنها لا يُمكن أن تُعاشر أكثر من رجل في الوقت نفسه ، وما دام أنها إذا دخلت الجنة ستنال كل ما تشتهيه فهي لا تُجادل الآن في نعيمها وجزائها الذي اختاره ربها لها ولا يظلم ربك أحدا ، وهي إذا كانت من أهل الجنة فإنها داخلة ومعنية كالرجل بقوله تعالى : يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(71) الزخرف 71 – بن عيثمين)).
وهكذا تبقى مسألة الجنس حكرا على الرجال في الجنة ايضا. وتظل الاحكام الاسلامية وقوانينها التي تمجد الذكورية الجنسية والمتعة الجنسية والخيال الجنسي سارية في "الآخرة-الجنة" مع تعديل بالمطلق. اي تكون اللذة مطلقة والمتعة مطلقة واللهو مطلق ودون اي رقيب او مؤسسة تحاكم او تحاسب كل من ينتهك القوانين والاعراف الجنسية كما هي الحال في حياة الدنيا والتي سنعرج عليها في هذا البحث.

يتبع

- عن الحوار المتمدن.

MAIN_SexIslamBooks-1024x512.jpg
 
(2-6)

تكريس العبودية الجنسية:

ان "الجنة" السماوية في المخيلة الاسلامية هي انعكاس لواقع الدنيا وليس هناك تغييرات في موضوع الممارسة الجنسية بالنسبة للرجل. اما بالنسبة للمرأة فأنها تتحول في "الجنة السماوية" الى انسان آلـي له وظيفة واحدة وهي الاداء الجنسي المطلق ولا غيره اذ سنتحدث عنه لاحقا. وعلاوة على ذلك فإن رجل "الجنة" له قوة مائة رجل "الدنيا" في ممارسة الجنس. ((عن أنس، عن النبي - - قال: يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا من الجماع. قيل: يا رسول الله، أو يطيق ذلك؟ قال: يعطى قوة مائة رجل- رواه الترمذي)). اي انه كما كان الجنس ومازال في تصور الاسلام حكرا على الرجال، وانه متعة ذكورية مطلقة في الحياة الدنيا وستزيد من درجتها في "الجنة السماوية" دون تغيير يذكر.
وهذا يقودنا الى ان الذكورية-الجنس هي جزء من المنظومة الاجتماعية والعقلية للمجتمع ما قبل الاسلامي وما بعده. ان الاسلام وبعكس ما يقوله مفسري ومنظري وممجدي الاسلام، احدث تغييرات ثورية في البنية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع ما قبل الاسلامي. ان الاسلام نظم المجمتع الذي وجد نفسه فيه مع تشريع الاعراف والعادات الاجتماعية في قوانين واحلال بدائل بما يتناسب مع الاوضاع الجديدة، الا انه لم يمس صميم المجتمع ولا أسسه الاقتصادية ولا بنيته الاجتماعية. ولذلك فإن الذكورية الجنسية هي نتاج للمجتمع ما قبل الاسلامي الذي يسمونه بالجاهلية. فتعدد الزوجات وسبي النساء كانت ظاهرة سائدة في الجزيرة العربية. ويروي كتاب "الاغاني" لابي فرج الاصفهاني بأن المرأة كانت تتمتع بحق الطلاق، وذكر العديد من الامثلة بتطليق المرأة لزوجها. الا ان هذا الحق سلب في عصر الدولة الاسلامية. فالمجتمع الاسلامي قام على الحروب والغزوات والعبيد. وهو نفسه الذي كان عليه قبل الاسلام وقبل بناء دولته. و الفارق الوحيد هو ان محمد نظم المجتمع وفق قوانين ودستور ليقضي على التشرذم القبلي الذي كان قائم عليه مجتمع الجزيرة العربية انذاك. بالاضافة الى ذلك ظلت القبلية جزءا لا يتجزء من الاسلام بالرغم ان عدد ليس قليل من مؤرخي التاريخ الاسلامي زعموا بأن الاسلام قضى على العشيرة والانتماء العشائري والقبلي. فمثلا (ان الطالبيين والعباسيين وهم من سلالة محمد أُعـفـوا من الزكاة ومُنِحوا دخولٍ (أُعطيات) دون اي عمل يقومون به. وكذلك بالنسبة لزوجات محمد وعمه العباس الذين كانوا يُمنَحون 12 الف درهم، وبالنسبة للمشاركين في غزوة بدر 4 الاف درهم اما الانصار والمهاجرين فقد مُنِحوا 2000 درهم واهل مكة 800 درهم في حين لم يمنح العامة سوى (300-500 درهم) وقد بلغ اوج التفاوت في زمن خلافة عمر بن الخطاب – بو علي ياسين - (الثالوث المحرم)
ان قراءة تأريخية سريعة، وإن صحت الروايات التاريخية لوجود مجتمع مكة، فأن الطبقة الارستقراطية الى كانت قريش جزء منها، اغتنت وتراكم الرأسمال النقدي عندها عن طريق ممارسة مهنة التجارة انذاك. وعاشت قريش على هامش الامبرطوريتين، البيزنطية الرومانية والساسانية الفارسية والتي انقسم العالم بين نفوذهما انذاك. وقد كانت قريش تحصل على رزقها وقوتها في الحياة من فتات التجارة التي كانوا يمارسونها بين الشام صيفا واليمن شتاءا وبموافقة ورضى تلك الامبراطوريتين. ولم يكن لمحمد الذي جاء من قريش لتحقيق طموحه السياسي ان ينجح في نشر رسالته وبناء دولته عن طريق الحذو على خطى عشيرته قريش بالرضى على ما ترميها تلك الامبراطوريتين من فتات مائدتهما لها. فأذا كانت سمة تلك المرحلة هي الحروب والغزوات، فلابد ان تبنى الدولة الاسلامية الجديدة التي اتخذت "المدينة" مركزا لها على نمط الانتاج السائد في تلك المرحلة.
فعمليات الغزو والنهب التي وضعت لها عنوان جديد بأسم "الجهاد" أرست اسس الدولة الجديدة. وكما كان سائدا قبل الدولة الجديدة تعدد الزوجات وسبي النساء والحصول على العبيد، بقيت الحالة على ما هي عليها. وظلت العائلة "البطريركية" التي كان الرجل فيها هو سيد البيت والمرأة ملحقة الى جانب الزوجات والعبيد قائمة في الدولة الجديدة مع تنظيم العلاقة بين الرجل والعبيد والجواري بشكل قانوني. ولذلك لم يورد أي نص قرآني ولا حديث نبوي ولا قول لأحد اصحاب محمد ولا لأي من مفسري الاسلام يشير الى الغاء العبودية من المجتمع وخاصة في السور المدنيّة التي تميزت عن السور المكيّة بتشريعات دستورية تنظم الحياة الجديدة في دولة الخلافة الاسلامية التي كان مركزها "المدينة". ان محمد نفسه اعتق عدد من العبيد كما كان يعتق أسياد كثيريين لعبيدهم طوال الازمنة السالفة مع فارق ان محمد استخدم وسيلة عـتـق العبيد لأسباب سياسية ومن اجل كسب أتباع جدد ودق اسفين بين العبيد ومالكيهم الذين لم يعترفوا بمحمد ولا برسالته التاريخية والايديولوجية الجديدة. ولكن محمد لم يمس عناصر البنية الاقتصادية للمجتمع الاسلامي الذي كان امتداد للمجتمع قبل تأسيس دولة الاسلام، اي بعدم تحريمه العبودية واقتناء الجواري مثلما فعل مع الخمر او توجيه عقوبة صارمة لمن يمتلك عبيد مثلما حدث مع الزنى او السرقة على سبيل المثال. ولم يكن محمد يستطيع فعل ذلك لان الاسس التي بنى عليها الدولة الاسلامية كانت ستنهار، واقصد هنا الاسس الاقتصادية القائمة على الحروب والغزو والنهب التي تدر الاموال وتنعش اسواق العبيد والجواري وكل الاشكال الاخرى من التجارة اضافة الى حصوله على الخمس وخراج الاراضي الزراعية التي يحتلها اضافة الى الجزية عن كل شخص. وليس هذا فحسب بل نظم العلاقة الجنسية بين المسلمين وبين العبيد وخاصة مع النساء اللواتي يحصل عليهن في الغزوات الحروب ((ياأيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك ...- سورة الاحزاب 50- مدنية)). اي حسب تفسير الطبري والقرطبي وبن كثير للآية المذكورة، بأن الله حلل السراري او النساء اللواتي حصل عليها محمد وأمته مطلقاً في الحروب والغزوات كمغانم. وفي آية اخرى تتحدث عن تنظيم العلاقة الجنسية بين الحر المسلم وغير الحرة ((ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم -25-الاحزاب)). وعلى الرغم من إختلاف المفسرين للآية حول طبيعة العلاقة الجنسية والزواج وتفسير كل واحد منهم لها الا ان الجميع متفقين ان هناك امرأة عبدة او جارية يملكها مسلم او مسلمة ويمكن التصرف بها وينظم علاقته بها.
ان المجتمع القائم على الغزوات والحروب لا بد ان تكون العقلية الذكورية فيه جزء من البنية الفوقية للنظام السياسي-الاجتماعي. وتكون المرأة-الجنس هي سلعة رائجة ومتداولة في المجتمع. ولذلك لم يكن بأمكان محمد خلق نظام خارج الظروف التاريخية والموضوعية التي يعيش فيها. فمثلما كان المجتمع الروماني وقبله الاغريقي والبابلي والفرعوني والآشوري وغيرها قائم على الغزو والنهب واستعباد اقوام اخرى الى جانب سلب أراضيهم ونهب ممتلكاتهم، فان المجتمع الاسلامي هو الآخر قام على المنوال نفسه. ولم تكن المرأة في الامبراطوية الفارسية او البيزنطية التي كانت تتاخم حدود الدولة الجديدة في الجزيرة العربية بأفضل حالاً. فلقد كانت العائلة البطريركية هي الاخرى سائدة فيهما.
الا ان المرأة في دولة الخلافة الاسلامية الجديدة تحولت بشكل قانوني ورسمي الى جزء من الملكية الخاصة للرجل وحُطّـت من مكانتها التي لم تتجاوز الخيال الجنسي في المجتمع الاسلامي سواء كان في الحياة "الدنيا" او في الحياة "الآخرة-الجنة". وهذا يفسر لماذا تتخذ التيارات الاسلامية بجميع تلاوينها من مسألة "المرأة" قضية جوهرية في عقيدتها، وتحاول بكل هوس إعادة المرأة الى البيت وابراز قضية "الحجاب" كجزء من هويتها السياسية والفكرية. ولان المرأة مرتبطة بالحالة الجنسية في الفكر الاسلامي فإن إزالة او محو صورة المرأة المرسومة في المخيلة الجنسية الاسلامية، اي مساواة المرأة مع الرجل في جميع الميادين، والتي ستجر المساواة بين المرأة والرجل الى الاعتراف بالغريزة والحاجة الجنسية عند المرأة مثلما هي عند الرجل. وتعني هذه المساواة بالتالي: محو الميثولوجيا الجنسية التي سنتحدث عنها والتي تعتبر احدى العناصر الرئيسية في الفكر الاسلامي، ويعني ايضا محو وجودهم الفيزيقي في الحياة الدنيا وفي الحياة الاخرة. وبالنتيجة يعني ستسلب او تلغى احدى المنح العظيمة التي تهبها الاله مقابل جهادهم وتفجيراتهم الارهابية. ونها يطرح سؤال بعد ذلك، وهو هل سيبقى اصرارهم على الجهاد مثل قبل الغاء المنحة المذكورة؟ سننتظر الجواب من امير القاعدة وداعش وشيوخ الاسلام في السعودية والازهر والجمهورية الاسلامية الايرانية. يتبع
 
(3-6)


تطور الخيال الجنسي في الاسلام الى ميثولوجيا جنسية فريدة:

ان الميثولوجيا الجنسية تبلغ أوجها في الفكر الاسلامي، وأن الخيال الجامح للاسلام على لسان مؤسيسه ومفكريه ومفسريه حول التخيل الجنسي اتجاه المرأة، فاتنة الاحلام لديهم، ادى الى ابتداع امرأة من وحي خيالهم سموها بـ" حور العين". ولنتابع كيف يتمنوها وما هي اوصافها في الايات القرآنية (( وحور عين، كأمثال اللؤلؤ المكنون- الواقعة -22-23-مكية))، ( ) كذلك وزوجناهم بحور عين))- الدخان54-مكية، (( إن المتقين في جنات ونعيم فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين –الطور19- -20-مكية)).
قبل تشريح الاوصاف التي نسجوها حول فاتنة الجنس في المخيلة الاسلامية، وكي نبين عمق الاغتراب الجنسي الذي يجسد ازدواجية التعامل مع العلاقات الجنسية بين الحياة "الدنيا" والحياة "الاخرة-الجنة" لابد من الاشارة الى مسألتين مهمتين حول المرأة-الجنس في المجتمع الاسلامي، كي نبين الترابط العضوي بين النظام القائم على العائلة البطريكية وبين قوانينه الفوقية تجاه الملكية الخاصة، وهي مسألة تنظيم العلاقة الجنسية وقضية الميراث. وكلا المسألتان توضحان ضمان اطلاق طموح وخيال الرجل الجامح حول المرأة-الجنس مع صيانة حقوق انتقال الملكية الخاصة نتيجة تلك العلاقة عبر المؤسسة الرسمية للزواج الاسلامي. اي لا يمكن اطلاق العنان للغريزة الجنسية ومن ثم المخيلة الجنسية دون التفكير بتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية ووضع النواظم لها.
ان سَنّ قانون العقوبات حول العلاقة الجنسية خارج مؤسسة الزواج الاسلام الرسمية هو من اجل الحفاظ على الملكية الخاصة وصيانتها وسبل انتقالها عبر المالك الاصلي وهو الرجل الذي يعتبر الاساس والعمود الفقري للعائلة في المجتمع الاسلامي الى الابناء. فالآية 2 ((الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ-;---;-----;--- وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ-;---;-----;--- وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِين. سورة النور-مدنية))، هي من اجل منع انجاب الابناء خارج المؤسسة الرسمية للزواج في الاسلام والتي بالتالي تكون المرأة وابنائها محرومين من الميراث، وسيضمن في نفس الوقت الميراث داخل المؤسسة الرسمية للزواج الاسلامي وعبر الرجل الاب. وبغير ذلك يعتبر باطل وليس من حق الابناء من الذكور والاناث المطالبة بالميراث اذا لم يكونوا نتاج المؤسسة الاسلامية الشرعية للزواج. وعلى الرغم من أن هناك اختلاف حول نوع العقوبة سواء الاكتفاء بالجلد او تنفيذ عقوبة الرجم بالحجارة لمن يمارس الجنس خارج المؤسسة الرسمية، ألا ان العقوبتين المشار اليها تدلان على منع اي خرق للمؤسسة الرسمية المذكورة. وقد ورد ذكر "الرجم" في سورة الاحزاب قبل النسخ ((الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم- 4-5- الاحزاب)). و يرى عدد من المفسرين ان الاية نسخت لكن حكمها ظل ساري المفعول، والطريف ان جدالات واختلافات الفقهاء من الخوارج واهل السنة وبعض الشيعة حول نوع العقوبة وانكار حالة الرجم لانها عقوبة قاسية مستدلين بآية النسخ تشبه كثيراً جدالات الدول الكبرى والحمقى من المسؤولين في الامم المتحدة والمنظمات التي تدعي الدفاع عن حقوق الانسان حول حظر استخدام اسلحة الدمار الشامل في قتل البشر ولكن شرعنة قتلهم بالاسلحة التقليدية. اي اذا عدنا الى موضوعنا، فكلا العقوبتان يقضيان بشكل او بآخر جسدياً او معنويا" على حياة من يمارس الجنس خارج المؤسسة الرسمية للزواج الاسلامي. ففي ايران الجمهورية الاسلامية وطالبان افغانستان وداعش الرقة والموصل واسلام النفط في السعودية يطبق الجميع عقوبة الرجم بحق من يمارس الجنس خارج المؤسسة الاسلامية للزواج. وهكذا فإن الصورة التي يحاول ان يتبناها المجتمع الاسلامي من خلال المؤسسة الرسمية لزواجه، هي "نقاء الدم" فلا ((الولد المتبنَّى، ولا ولد الزنى ، ولا المولود من نكاح باطل أو فاسد- له الحق في الميراث -النظام الاسلامي)) اضافة اليه فلا يمكن ان يورث العبد سيده، و الذي بالتالي يسهّـل انسيابية نقل الميراث من الاب الى الابناء وحسب القوانين الاسلامية وحيث للذكر ضعف نصيب الانثى ((وصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ- 11 النساء- سورة مدنية)) ((ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم- 12 النساء)) اي في جميع الحالات فأن للرجل نصيب اكبر من الميراث، ويكون للولد نصيب اذا كان من صلب الاب وليس هناك اي لغط حول نسبه كما يقول مفسري القرآن أمثال القطربي وبن مسعود والطبري وبن كثير...
ولقد سقنا كل هذه الادلة للتوضيح بأن البنية الاقتصادية للمجتمع الاسلامي استندت على النظام الابوي-البطريكي ويكون الرجل فيه هو السيد في البيت لان لديه ثروة حصل عليها خارج البيت –اصل العائلة والملكية الخاصة والدولة-فريدريك انجلز. وهناك اوجه تشابه عديدة بين المجتمع الاسلامي الجديد والمجتمعات التي ساد فيها النظام الابوي مثل المجتمعات الرومانية واليونانية والاغريقية والفارسية والهندية والمصرية ومجتمعات وادي الرافدين بدرجات متقاربة من حيث يكون الرجل سيد البيت والمرأة لها منزلة دونية في جميع الحقوق وحيث الميراث ينتقل الى الابناء الذكور ويستبعد منهم البنات.
بيد ان المرأة في الفكر الاسلامي تتحول كما كانت المجتمعات التي تسود فيها النظام العبودي الى جزء من الملكية الخاصة بشكل مطلق للرجل الزوج بعد انتقالها الى الاخرة-الجنة. وهنا يتقارب وضع المرأة في الميثولوجيا الجنسية الاسلامية مع الميثولوجيا الهندية، حيث عندما كانت تحرق جثة الرجل المتوفى، كانت المرأة تحرق وهي حية معه.

يتبع
 
أعلى