فى امتداح الرفيق عبدالخالق محجوب

أسامة الخوَّاض
هكذا كان قلقاً على مستقبل العشب
في رثاء عبد الخالق محجوب



كان مسموعاُ ومرئيَّاُ لدي الزهرةِ،
مقروءاً كصفْحاتِ الرياضةْ
واسمه السريُّ "راشدْ" (1)
واسمه القوميُّ مكتوبٌ بأحلام الشبابيكِ،
ورعْشات الأيادي العاشقةْ
يقرأ "الميدانَ"، (2)
لا يطربهُ من صوتها إلا رنين الكلماتْ
كان مشغولاً بتنسيق الصراع الطبقيْ
لابساً بدْلته الحمراء، حلاها بأقوال الغمامْ
مُلْحداً بالفقْرِ والقهْرِ،
و صدِّيقا لدى عُمَّال "بحْريْ" (3)
ونساء الريفِ،
والزرَّاعِ،
والطُّلابِ،
والورْدة ِ،
والكسْرةِ،
والحُلْمِ،
و أولاد الحرامْ
كان شبَّاكاً من اللذةِ، والغبْطةِ،
مفْتوحاً على أبهج وقتٍ،
وفضاء الأغنياتْ
يدْعم العشبَ،
ويعطيه " دُعاشاً" ضد نسْيان السماء ْ
كان عنواناً لمن لا شغل لهْ
وصديقاً للحماماتِ،
رفيق النيل في نزهته الكبرى،
وبسْتان حماسْ
كان عاماً من نكاتٍ ذهبتْ تطْفئ أحزان الطبيعةْ
أيقظ الثورة من نوْمتها الأولى،
وأعطاها مفاتيح الجدلْ
وتغشَّاهُ ذبولٌ فضحكْ
ومضي فيه انقلابٌ وكتبْ
..............
..................
.....................
كان لا يخْطب إلا عن جموح القمحِ،
والأحلامِ،
والمرأةِ ذات الخبزِ، والسطْوةِ، والأفْقِ الرخيم ْ
وعدائيَّا إذا قلَّصت الأرض أغانيها،
حنوْناً حينما يكْتحل الشارع بالعنف الوسيمْ
وزميلاً للعصافير، يماما ًمن تقدُّمْ
يعشق الشدْو صباحاً ومساءً،
يعْجن الخُضْرةَ،
يهْديها "اتحادات الشبابْ"
ويري الواعظ منفًى،
ويرانا شجراً يمشي ولا يمشي،
يري البسْمةَ في أحْراش حُزْن ٍعائليٍِّ،
ويناديها،
"يفلِّي" شعْرها النيليَّ،
يعْطيها وصاياهُ،
لكي تذْهب من عُزْلتها نحو "اتحادات النساءْ"
كان نعْناعاً علي الشاي الذي أخفي شجوني،
ومضي بي في النساء الحالمات ْ
كان في برنامج الصدمة ورداً،
واقتراحات العصافير علي حزْب الشجرْ
كان أهْلاً ثُمَّ سهْلاً في شمال الياسمينْ
واحتمالاتٍ سُكارى في جنوب السيْسبانْ
قِيْلَ "ما قدَّمتَ" ؟
قال "الوعْيَ،
والحُلمَ،
وأسرارَ ابتهاجات الشعوبِ"،
اندهشتْ فاروزةٌ،
ضجَّتْ نباتاتٌ،
ونامتْ في البنايات أحاديثُ الفراع المُرِّ،
أهْدتهُ النساءُ الروْحَ /إيقاعاً من السُّكْرِ،
وينبوعَ قرنْفلْ
..............
.................
.........................
خطفتْهُ الزنْبقةْ
وسرى في المشْنَقةْ
ورأى صورةَ قلْبهْ
في مقامات التقدُّم ْ
وتقدَّم ْ
وتقدَّمْ
وتقدَّمْ

.... والنساء- الآن- يطْلبنَ مناديلَ،
مناديلَ،
مناديلَ،
مناديلَ من الدمِّ،
مناديلَ من الورْدِ،
مناديلَ من الشهْوةِ،
يطْلبْنَ،
ويذْهبْنَ إلى رغْبتهِ النيليَّة الأولى،
ويخْضعْنَ إلى غِبْطتهِ،
لم ينْكسرْ غيمٌ،
ولم يجْبنْ نهارٌ،
لم يرَ الجندي إيقاع التلاميذ نشازاً،
لم يرَ التلميذ وقتاً مثل "عبدالخالق" المحْجوب عن أسطورة الموتِ،
ولم يأسفْ نبيذٌ لذهاب الحلم عنهُ،
انهمرت فيهِ أناشيدٌ،
أناشيدٌ،
ونادتنا فراشاتٌ،
فراشاتٌ،
إلى ما يشبهُ المرأة في شهوتها،
قامتْ قياماتٌ،
وأشْجتنا مقاماتٌ،
مضتْ عصْفورةٌ في مسرح الموتِ،
زهتْ أُرجوزةٌ بالشنْقِ،
"عبدالخالق المحْجوب" أغْرته البناتُ - الآنَ- بالموتِ،
وأغراه الكلامُ الحُلْوِ،
ناداهُ إلى نومٍ عميقٍ قزحيْ

الخرطوم 1985- صوفيا 1987

(1) الاسم الحركي لعبدالخالق محجوب .
(2) الصحيفة الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوداني .
(3) الاسم المختصر لمدينة الخرطوم بحري إحدى مدن العاصمة السودانية.





442655448.jpg
 
د. جيلى عبدالرحمن
العريس وطحالب القاع
الى الشهيد عبدالخالق محجوب

وانتظرناك على الشوك طويلا
ولهثنا فى حقول القيظ،
سنطاً ونخيلا
كنت تزهو فى ذراع الثائر المهدى،
سيفاً
يحتسى المحروم منه،
قطرات الشهد صيفا
كان سيفاً... أحمر الحد... صقيلا
وعباباً من جماهير تغنى للنسائم
كيف سال الحزن مهراقا
على زغب الحمائم؟
وارتعدنا... وانتفضنا
حين أزمعت الرحيلا

* * *

خوذة الجندى
قيظ، مثل دبابة نار
تنفث الشمس لظاها
فوق أشلاء النهار
فى بيوت القش
والطين،
وأسفلت الشوارع
تفغر الظلمة فاها
والمتاريس،
المدافع
وافتديناك... إختفينا
واحتفينا بالبنادق
وادخرناك نشيداً
وشهيداً وبيارق!
واقتلعت الطحلب القاعى
والصمت الجذورا
والصمت،
الجذورا
وامتشقت الرايَّة الشماء
غضبان
جسورا

* * *

أيها المصلوبُ،
والعرق الخرافى... يرود
ملحمات العصر
والأيام للدنيا... وقود
القرابين تطوف
والمزامير، الدفوف
يا عريس الغُبش
والحزب
أمانيك القطوف
قبضة السيف تقاس
هزها الشعب... فقاما
فى شفاف القلب وسّدناك سهماً،
وحساماً
هل ترى ريح الهبوب؟
أم قناديل الغروب؟
أم مرايا... الماء؟
تسقيهن بالورد الخضيب!
ذاك تموز الدفئ
مرة أخرى يجئ
يا رياح الشهداء
أقشعى الحزن القمئ!

* * *

شامخ الجبهة مزموم الشفة
فى جدار الغرفة المرتجفة
أتملاك إذا ما الشوق يهطل فى دمائى
يختلى اليتم، ويجفل
كارتعاش الأرصفة
فى العيون الواجفة

* * *

أعولت ريح تسف
ذكريات لا تجف
أسطر دوَّت كطلقات،
وأطياف تدفُ
يا يناير
يا هزيج الشعب "يا أم الضفائر"
رحت ترنو
تبسم الشفتان
والدنيا بشائر!

* * *

لا تقولوا
أخطأ الحزبُ
وهاشم
لم يساوم
غير أن الغفلة الكبرى!
وأشياء طلاسم
لا تقولوا
يستحى القول الجميل
قطرة الدمع تقاوم
قطرة الدمع تقاوم

* * *

بأبى أنت وأمى
أتزيح اليوم... همى
- يا عمادى
كيف يهوى مرة... طود أشم؟
كان ثورياً شيوعى القلم
- انه صخر أصم
- والمنايا... حينما العمر ارتضم
- خضت بحر الموت نسرا،
يتهادى للقمم
عُم مساءً
أوغل الليل
فنم

* * *

وانتظرناك على الشوك المُدمى
مثلما يشتاق فى الظلمات أعمى
يا عريس الشهداء
طفلك المطعون يوليو فى السماء
صانك المجد، وحب الفقراء
وافتداك الشعب... دوما
 
صبري شامخ
محجوب ياضحكة شمس

الى الرفيق الخالد عبد الخالق محجوب

محجوب ياضحكة شمس غابت كَبل (1)الغروب
يانجمة فكر جبار .... ضوّت للشعوب أدروب
غمّ الكَال صوتك مات
واشمعوعك مرار تذوب
وانته بوجنته التاريخ نجمات وكلايد نور
شوصف بيك وانت تحير " بواتير"(2) وتعجز أدب " طاغور"
وآنه أدريك .. لو نخل العراق أيصير كله سطور
ما تكفي الوصف منك يبو الثوار
يا محجوب
حبل الصلب ما يطفي شعاع أفكار
كَبلك طوكَ ركاب البكَت لليوم ذكراهم مشاعل نور للثوار
" روزبه " و" فهد" و" جيورجي" و" ستار"
ماخمدت مشاعلهم
ولا بردت بأثرهم نار
وأنته ياعشكَ ناي السنين
وزفة أمواج النضال
تشهد لك تواريخ الكفاح
وساحة الشدات
أسمك فوكَ وجنات الكَمر
ضاوي بحضن نجمات
يلي من شمس روحك تشع هاي الشمس للكَاع(3)
يلحطيت بالدنيه نسايم جوري وأنعناع
يمسافر على جناح الفخر تتلاكَه ويه أحرار
بشّر عادل وجبار
كَلهم ما يموت الثار
وأحنه بكل وكَت شعلة أمل ... أبطال
لجلكَ يا عشكَنا أنموت
ونشد للمنايا رحال
نبقه أحنه زلم ثوار ما تبرد عزايمنه
تعاهدنه بفهد وحسين
نكسر ليلنه بدمنه
ولا نحني لقدر غدار هامتنه
تعاهدنه
لجل جف العروسه العافت الحنّه
لجل طير السلام الماشدى بلحنه
لجل " قدسي" الحزينه التحلم ينجمات عودتنه
لجل " حيفا" ونسايم ليل ضفتنه
تعاهدنه
الصبح ميلاد ثورتنه
الصبح تسمع نغم رنات طلقتنه
أجينالك رفعنا أعلام دولتنا
بنينالك عرس وردي
علكَنه(4) أعيونا بعرسك
تشابكَنه(5) بدبج جوبي
تشابجنه بنغم حسك
يعنوان الشهامه ... الماتذله أجروح
دمك لا تظن أيروح
وزنود الشباب اتعاضد البارود
تنحرلك" نميري"
وتسحكَ بجدم الشجاعة " سعود"
وتحط النصر هاله فخر
تضوي عله عيونك
وشايح نور تتراكص على جفونك
يمن ريت العمر لوراح
يرجع للفجر لونك
يبستان الكَضه عمره لجل مجد البشر يزهر
ألك روحي .. قصيدة .. بليلك أتخضر
الك روحي أزفنها قصيدة .. ألك روحي ...
كَبل الغروب
..............................
الهوامش: (1) في اللهجة العامية العراقية تُقلب " القاف" " كَاف" فيكون قبل ، كبَل والقلب يتحول الى الكَلب "... وهكذا مع كل كلمة تبدأ بحرف القاف .
(2) كل الاسماء التي وضعت بين" هلالين" هي اسماء علم معروفة في سماء الفكر والادب والنضال العراقي والعربي والانساني ذكرها الشاعر أكثر من مرة في قصيده .
(3) الكاع تعني الأرض .
(4) علكنه تعني أشعلنا او أنرنا
(5) تشابكَنه: وضعنا يد بيد في حلقة رقصة عراقية شمالية شهير ة تدعي " الجوبي"

* تنويه: هذه قصيدة من الشعر الشعبي العراقي للشاعر شهيد الشعب والحزب الشيوعي العراقي صبري شامخ والملقّب ب" صبري الغريب" كتبها بتاريخ 8- 1971 بعد إستشهاد المناضل السوداني عبد الخالق محجوب .
 
صديــق ضــرار
وصــية الشهـــيد عبدالخـالق محجـوب عثمـان
سكرتير عام الحزب الشيوعى السودانى 1971
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وتواعدنا على الشطِّ مِرارا
كان يسـبقـنى ،
ويحـترق انتظارا
وببؤبؤِ عينيه تحدٍّ واخضرارْ
وحديث لا يُجارى
عن أغانى الإنتصارْ
كان مغنِّيها يُغار
حينما ينسرب الضوءُ جهارا
ليبث الروح فى رحم النهارْ
لا تسألونى : ـ خابَ ظنُّه ؟
أم من الحزن توارى ومضُ عينِه ؟
أم سُهاد الليل قد غير لونَه ؟
كان شيئاً غير هذا . .
لا يجارى .
هدهد حزنى ،
وبوجدٍ ليس مثله
كان يسأل :
عنكمُ ، عن كل شهيد
تقمصت روحُه بلوريتارياً جديد
كان يسأل عن قضايا الشعبِ ،
عن دور اليسارْ
وهتافٍ غاضبٍ ، ينمو على كل جدار
عن رفاقٍ خلف قضبان الحديدْ
ومواقيت انتهاءٍ للتتارْ
ثم نادانى إليه ، وقال :ـ
" ليس هذا الوقت وقت للسؤال
كن بقبضة هذا الشعب خنجر
واطعن الباغى بحدَّك ،
لا تشفق عليه
إن مثلى لَيولِّى
تاركاً خلفى البديل
إن مثلى يستطيل
مثلما يمتد نيل
. . ببلادى
ليبثَّ الوجد للوادى الأحنِّ
ولهذا الشعبِ حقٌّ ،
ليس يرجى بالتمنى
فانطلق فى الغابةِ . . فى العتمورِ
وفى صوت المغنى
ولتكن موتاً زؤاما ،
على الباغين لعنة
ولتكن لابرنث يحيط بكل مارق
وأُصيك بأبنائى البلوريتاريا الأوفياء
من زمان ساد فيه الفسق والإفساد
وقرصان تربع فى حماه
فلتجنبهم دجاهْ
ولتجنبهم أذاهْ
 
أمل دنقل
الشهيد عبدالخالق محجوب

وسافرت الى الغابات
ظبى ذبح الان
وللنبع عصافير
نقطه ضوء حرقتنى فى الفخذ اليسرى
ملت....
فضج الكون عصافير ملونه
صعدت على سلم زقزقه
فاهتز الشجر الموغر بالتمر الهندى
غطانى السندس
أغمضت
وصدع من خرزه أمس
وفى رأسى نهد والنهد لقد فر مع الطير صباحآ
وتحريت مطارات العالم
لم أسمع غير الكذب
واقعى طفل فى عفن الشمس
تغوط فى دعه وتمسح كالجن
بآخر تصريح فى صحف الأمس
وللنبع المجرور الى الظل
وتسحبه الشمس ببطء
كل عصافير الغابات ومأتم ظل فى قلبى
والخرطوم تذيع نشيدآ لزجآ
يحمل رأس ثلاثه ثوريين
ووجه نميرى منكمش كمؤخره القنفذ
أين ستذهب يا قاتل
يا قنفذ
الناس عراه فى الشارع
الناس بنادق فى الشارع
الناس جحيم
اى الابواب فتحت
فهنالك نار
ولله جنود من عسل
وعلى رأسك يا ..محجوب
رأينا سله خبز تأكل منه الطير
فى ساعات الصبح سيمثل إسمك فيك
وضج الكون دمآ وعصافيرآ خرساء
مفقأه الأعين
وارتفعت أدخنه الكيف الدولى
الهى اى مزاح تمزح هذا
ليسدل شئ فوق المسرح
 
سميح القاسم
الخبر الاخير عن عبد الخالق محجوب

شهقت غابة مانجو ناضجة
ياحبيبى !
خض اسراب العصافير حجر
شهقت افريقيا الاخرى وصاحت :
ياحبيبى !
ونعاك الضوء للضوء
نداء ..لاخبر
هكذا نبدأ من حيث انتهينا
صخرة اخرى على النهر
ولكن المنابع
تلهم التيار مجرى اخر نحو مصبه
هكذا نبدأ , لكن المنابع
ابدا تهدر
فى كل عروق الارض
تمتد
ترتد
وتعلو
...وتدافع !
اول الغيث دم ..ثم الربيع
قالها يوما مغنى
اتقن الحكمة والانشاء فى كل اللغات
والذى كان على النيل
سبات عابر
يشبة سبات نشقة اخرى من الكوكايين
فالنهر الحزين .....
هادئ ....لكن تاريخ الخدر
لحظة تسقط فى ثقب الرصاصة
لحظة تغرق فى نبع دمك
عندما يجرع وادى النيل
انخاب الخلاصة
اول الغيث دم ....
والصحفى الاجنبى
سجل الموقف واللطلقة والحشرجة المغتصبة
باكيا .. او ضاحكا
سجلها فى تيب ريكورد
بعد ان سجل منفاى وعارى
فى ملف العالم المنهار
عن شمس الدم المقتربة....
يارفيقى الميت الحى كموتى وحياتى
ارضعتنى امك السوداء يوما
وكست عظمى لحما
امك السوداء والبيضاء والخضراء والحمراء
اوتنى يتيما
ارضعتنى
وبكتنى
يوم فوجئت بقطاع الطريق القتلة
فلتمارس امنا الثكلى بكائى وبكاءك
ريثما يولد ابناء القرون المقبلة

لا لجرحك
يزهر القطن على السودان
لكن ,
لجراح الكادحين النازفين
دون صبحك !
لا لجرحك
كل قطرة نزفت منة
وشاح ارجوانى
على صدر الشيوعيين والشمس القريبة
كل قطرة
راية حمراء ..تنغز على ارض العروبة
ايها المارد فى محكمة الموتى القضاة
موتك الشاهق فى الاغلال
لن يجعل منهم
غير قتلى فى الحياة
يارفيق الخصب والبذرة
ياهمهمة الاجيال بالفجر القريب
موتك الانى
لا يعطى حزام الجنرال
شكل خط الاستواء
وسيور السادة الضباط
لا تغدو خطوط العرض والطول
فلا مجد يدوم
غير مجد السنبلة
فوق انقاض العصاة القتلة
يارفيقى الميت الحى كموتى وحياتى
لست ابكيك ...وابكى
رافعا وجهى فى كل الجهات
وانا اسمع من كل الجهات
صوتك الهادر
ات!
يارفيق
انا
ات!
 
محجوب شريــف
اغنية حب لعبد الخالق

الفارس معلق
ولاّ المُوت مَعَلق
حَيَّرنا البَطل
يا ناس الحَصل
طار بي حَبلوُ حَلَّقْ
فَجَّ الموت وفات
خلى الموت معلق
في عينينا بَات
وسط الناس نَزل
بالحزب الشيوعي

ومن كل الزوايا
وليِ ما لا نهاية

وضاح المبادي
ممدود الايادي
بالحب والتحايا
ابزيد الهِلالي
في عصر الدراية
والطفل البتاتي
من يوم السماية
والحزب الشيوعي
ومن كل الزوايا
ولي مَالا نهاية
ومن كل الشوارع
وفي كل المطالع
طابع حسنو طالع
في سُهد المصانع
وفي عبق المزارع
وفي رشة غمامة
وفي منقار حمامة
تحت الأرض بذرة
وفوق الشمس هامه
بالحزب الشيوعي

ومن كل الوَسايد
وفي نبض القصايد
عَبده حَبيبي عايْد
عايد ألف عايد
من بين الشدايد
في هُوج الليالي
جرحه الكان بلالي
في الشارع علامه
طال في الدنيا قامة
وزاد في العين وسامة
وعايد لِسه عايد
عايد بالسلامة
في الحزب الشيوعي
 
أيمن ابو الشعر
المجد في عيونك الظليلة

المجد في عيونك الظليلة
يسبح السواد
والحزن فوق رمشك النديٌ
بالدموع والسهاد
يُسرح السهول والوهاد
يقول في عناد
" محجوب يا بطل
يا فارس الفضيلة
وتفتت الوثن
تمائماً حرقتها وصحت ياوطن
النصر حين نسبق الزمن "

وحين ساحر الظلام جن حقده سأل :
" أأنت من فعل ؟ "
أجبته أجل ..
فكيف أسرع الأجل ؟
واخطأ الزمان حرفه
فخط نصره فشل
لكنه حصل
محجوب قد رحل ..
قد رحل .. قد رحل

لمن إذن ستمطرين نبضنا
يا ديمة الجراح
والطبل في قبائل الجنوب
كأنه نواح
يدق في خجل
محجوب قد رحل ..
قد .. رحل .. قد رحل

بيادر الأرق
تجادل المدي
فيدرِك الصدي
وجدول العرق
يصب في السراب
في بحيرة الشفق
فيلهب الغسق
كانه إحترق

يعود شاحباً
يعود شاحباً
وكاسفاً يعود
ليسأل الرفاق
والسنابل القتيلة
عن فارس القبيلة
والنيل
النيل
فوق نهدك
الضروع كالجديلة
فروعه خصل
تقول لا تسل
لقد أقام بيننا منارة
ومر في عجل
محجوب قد رحل ..
قد .. رحل .. قد رحل

لا دمع في العيون
ونظرة اللهيب
في العروق واقفة
تحية الحداد
فلا يظن خائف
سترتدي عباءة السكون
لتسترد دفقها
وتستحيل
تستحيل عاصفة

رفاقنا
الحزن في عيونهم مزار
والموت في دروبهم
محطة إنتظار
تعاهدوا
تعاهدوا
على المسير
رب طال دربهم
سيكمل الصغار
سيكمل الصغار

رفاقنا يضاجعون
دون لذة
ويزرعون في البطون
نطفة الامل
ودونما قبل
تسير جمرة
لهيبها غبار
ودمعة وثار
لا وقت للملل

الصمت كبرياء
والحزن من أشعة الإباء
ونحن سائرون لم نزل
ونطفة الدماء والتراب
جنينها جبل
رحلت يا بطل
رحلت يا بطل

شرارة تفتش
الرمال عن فتيلة
فالرمل حين سال
خطبك إشتعل
وخبأ اللهيب فى المقل
ليوم تصهل الدماء
ليوم تصهل الدماء
فموسم الحصاد
موعد الرجولة
رحلت يا بطل
لم ترحل البطولة

الرمل يذكر الخُطى
ويحفظ النقوش للابد
كثيرة مخالب الذئاب
في طريقك الاخير
لكن نقشاً واحداً
لموطئ الاسد
كثيرة مشانق الرعاع
لكن حبلاً واحداً
- أظنه مسْد
سيذكر الجسد
فحين لف عنقك
الأبي وإنزرد
تقطعت عروقه الطويلة
وناء عنك
ثم صاح وارتعب

" إن تشنقوه ...
إن تشنقوه .. كيف تشنق البلد "
لكنه إنعقد
وضاء حول عنقه
كأنه زحل
في قمة الجبل
محجوب قد رحل ..
قد رحل .. قد رحل

المجد في عيونك الظليلة
يبارك الشفيع
ويقرأ الشعار في النجيع
" إذا طال موسم الجراح نزفه
يجئ موسم الغضب ..
وموعد الرجال
حين ينبت القصب
تسير وهي وحدها
علي الطريق واحداً أحد
لا وقت للهرب
فأمرنا إنعقد
ومنجل الرجال
يومها يكون قد حصد "

المجد في عيونك الظليلة
يقول قد حصل
مصابنا جلل
لكنه من يوم
أن رحل بدرب مشنقة
سودان منجل
والنيل مطرقة
سودان منجل
والنيل مطرقة
 
محمد الفيتورى
قلبى على وطنى
للشهيد عبدالخالق محجوب

حين يأخذك الصمت منا
فتبدو بعيدا
كأنك راية قافلة
غرقت فى الرمال
تعشب الكلمات القديمة فينا
وتشهق نار القرابين
فوق رؤوس الجبال
وتدور بنا أنت
ياوجهنا المختفى
خلف سحابة
فى زوايا الكهوف
التى زخرفته الكآبة
ويجر السؤال .. السؤال
وتبدو الأجابة نفس الاجابة
****
ونناديك
تغرس أصواتنا
شجرا صندليا حواليك
نركض خلف الجنائز
عارين فى غرف الموت
نأتيك بالأوجه المطمئنة
والأوجه الخائفة
بتمائم أجدادنا
بتعاويذهم حين يرتطم الدم بالدم
بالصلوات المجوسية الخاطفة
بطقوس المرارات
بالمطر المتساقط فى زمن القحط
بالغاب والنهر والعاصفة
****
قادما من بعيد على صهوة الفرس
الفارس الحلم ذو الحربة الذهبية
يافارس الحزن مرغ حوافر خيلك
فوق مقابرنا الهمجية
حرك ثراها
انتزعها من الموت
يافارس الحزن
كل سحابة موت
تنام على الأرض
تخلقها ثورة فى حشاها
انتزعها من الموت فارس
الحزن
أخضر
قوس من النار والعشب
أخضر
صوتك بيرق وجهك قبرك
لا تحفروا لى قبرا
سأرقد فى كل شبر من الأرض
أرقد كالماء فى جسد النيل
أرقد كالشمس فوق
حقول بلادى
مثلى أنا ليس يسكن قبرا

****
لقد وقفوا ..
ووقفت
لماذا يظن الطغاة الصغار
وتشحب ألوانهم
أن موت المناضل موت القضية ؟
أعلم سر احتكام الطغاة الى البندقية
لا خائفا .. ان صوتى مشنقة
للطغاة جميعا ..
ولا نادم .. ان روحى مثقلة بالغضب
كل طاغية صنم
دمية من خشب
وتبسمت .. كل الطغاة
ربما حسب الصنم الدمية المستبدة
وهو يعلق أوسمة الموت فوق صدور
الرجال ..
انه بطلا مايزال
وخطوت على القيد
لا تحفروا لى قبرا
سأصعد مشنقتى
وأغسل بالدم رأسى
وأقطع كفى
وأطبعها نجمة فوق واجهة العصر
فوق حوائط تاريخه المائلة
وأبذر قمحى للطير والسابلة
****
قتلونى وأنكرنى قاتلى
وهو يلتف بردان فى كفنى
وأنا من؟ سوى رجل
واقف خارج الزمن
كلما زيفوا بطلا ..
قلت: قلبى على وطنى
 
أعلى