المرادي - سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر

سعيد السعسعاني


سعيد بن محمد أمين بن خليل بن عبد الرحيم المعروف بالسعسعاني الحنفي الدمشقي الأديب الناظم الناثر الفاضل اللوذعي ولد بدمشق تقريبا بعد السبعين وألف ونشأ في كنف والده وكان والده من صدور أعيان دمشق له السمو والرفعة والشأن والصولة غير أنه كان من العلم فارغ الاناء وتوفي بدمشق في سنة مائة وألف وجده المولى خليل كان أبوه اماما بسعسع قرية معروفة من نواحي دمشق كبيرة وأصله من بلدة علائية من نواحي قرمان في الروم وسافر إلى الروم خليل المذكور ولازم على قاعدتهم وتولى قضاء طرابلس الشام وقيصرية وبعدها ولي افتاء دمشق مع رتبة قضاء القدس وأعطى قضاء بعلبك على طريق التأبيد ويسمونه بالأربلق وكان مهابا جليل القدر عالي الهمة وفيه مروءة وسخاء ومعروف وتغلب وتوفي بدمشق في جمادي الثانية سنة احدى وثمانين وألف ثم ان المترجم نشأ بعد وفاة والده متنعما مترفها مدة وصارت له رتبة اعتبار المدرسين ثم تولية وتدريس المدرسة القجماسية ودرس بها وكانت بيده علاقات وغيرها وأملاك وكان فاضلا مشهورا بالأدب والفضل حسن النظم من أفاضل المخاديم أولاد الأعيان وظرفائهم ونبهاء دمشق وأدبائها وفي أواخر أمره تغير حاله وعيشه وضره الزمان كعادته وترجمه الشيخ سعيد السمان وقال في وصفه ماهر كامل الاستعداد وبارع وافر الاستمداد ربى في حجر المجد وانتشا وارتشف أخلافه حتى انتشى فطلع غصنا إلى العلياء نموه لا يطاول ارتقاؤه بالمناكب وسموه يترنح للفضل ويهتز ويفخر في مجمله ومفصله ويعتز لا يكدر له صفو ولا يصدر عنه الألطف وعفو بكف ما كف عن نوال وأياد تندى قبل السؤال ولسان باللغات الثلاث طليق وخلق بأن يثنى عليه خليق فرقص له الدهر برهة وصفق وصيره هو السعيد الموفق ولم يزل كذلك وشبابه في ريعانه واقتبال عمر في ابانه وسوانحه لا تحظى الأصابة ولا يرمى غرضا الا أصابه ووالده للكرام قبله قد استأثر بمحامد من بعده ومن قبله لا تنبو له همة ولا تروعه الجلائل المدلهمة كلمه تخرق الصدور وترتاع من مواقعها الصدور حتى خوى منه بيته ولم ينفعه لوه ولا ليته فأقام هو مكانه والدهر يمشي به القهقري ويدب إليه سمومه كما يدب في المهوم طيب الكرى فلم يستفق الا وقد انشب فيه نابه وكان سببا اقتضى انقباضه واجتنابه وقد لاكته السبعون ولاكها وهو يرصد من سماه أمانيه أفلاكها فلم يظفر بطالع كاسمه ولم يكن غير الأحن من قسمه وقد كان في الأدب قطبه الذي عليه مداره وبدره الذي لم يفارقه ابداره تنقاد إليه القوافي وستعده بالقوادم والخوافي وهاك منه ما يفضح الريم إذا شدن ويسري مسرى الراح في البدن انتهى مقاله وللمترجم شعر بديع فمنه قوله
كل حسن من دون حسنك دون ... أنت للحسن جوهر مكنون
يا نبي الجمال أوتيت حسنا ... أبدا نوره لديك مبين
ظهرت معجزات حسنك حقا ... ولآياته لانت الأمين
لك لانت صم القلوب وفاضت ... فيك شوقا من العيون عيون
ما خلاصي وبي غلو غرام ... وبجنبي منك حرب زبون
أنا من أمة الغرام لكل ... فيه شأن ولي بذاك شؤون
مذهب الحب مذهبي وهو ديني ... وبه الله في المعاد أدين
وقوله
حيث بانوا وأزمعوا التوديعا ... تركوا أثرهم فؤادا وجيعا
قلدوا صارما بباهر حسن ... واكتسوا سابغا جمالا بديعا
جنحوا للسرى الصباح سراعا ... وبنوا بيننا حجابا منيعا
طالما أوحشوا المعاهد منهم ... حيث كانت أو أهلا والربوعا
يا سقى تربها يعاليل جود ... غب جدب يعود خصبا ربيعا
عرب ان ذكرتهم استهلت ... سحب الجفن بالدماء دموعا
حفظ الله عهدهم حيث كانوا ... لا يزالون يحسنون الصنعا
هم شموس الكمال أين استقلوا ... وبدور التمام ثم الطلوعا
فعسى الله رحمة عن قريب ... سوف يأتي بهم جميعا سريعا
وقوله
كيف يرجو الخلاص صب توله ... بهوى مترف يفوق الأهله
ذو نفار حوى اللطافة طرا ... وبديع الجمال قد حاز كله
زان ورد الخدود منه حياء ... ماء عين الحياة أصبح طله
سرق اللب مذ بدا وهو يزهو ... من طراز البها بأحسن حله
موسوي من حسنه تهت فيه ... اتخذ الفرع للعقول مظله
سقم جفنيه شف جسمي سقما ... ويراه وعله واضمحله
واه واحسرتاه مما بقلبي ... منه ما بالجحيم أضحى أقله
يا منى النفس لا من لدنك حنانا ... لفؤاد قد رضه كل عله
واتق الله في أعزة قوم ... في قيود الغرام أضحوا أذله
وقوله مخمسا لبيتين من قصيدة البارع مصطفى البابي الحلبي
أجرني فاني فازع من غوايتي ... وفي تيه آثامي انتهيت لغايتي
إلى بابك الأحمى رفعت شكايتي ... رسول الرضى قد أثقلتني جنايتي
وليس لعاص غير بابك مهرب
أيا رحمة الله المرجي لمن نحا ... يؤم حمى جدواه الا ومنحا
أغثني أياغوث الأنام الوحا الوحا ... ألم يرضك الرحمن في سورة الضحى
وحاشاك أن ترضى وفينا معذب
وللمترجم
قفا نتشاكى عل تجدي بنا الشكوى ... بيث غرام يضمحل له رضوى
ونندب اطلالا عفت ومعالما ... بآرامها كانت هي الجنة المأوى
فتنت بغصان من السحر طرفه ... فما سنه ها روت من لحظه يروى
مقرطق خفاق الوشاح جبينه ... من الكوكب الدرى أبهج بل أضوا
تحيرت الأوهام كل بحسنه ... وفي حبه طرا تجمعت الأهوا
سقى الله عهدا قد مضى بنعيمه ... وعيشا به أهنى من المن والسلوى
وديم على أرجاء معهد أنسها ... من المزن يعلول مضاعفة الأنوا
فحيث غصون الأنس دانية بها ... لتجني ثمار الوصل منها كما تهوى
فآمالنا قرت هنالك أعينا ... فأنعم بها مأوى وأكرم بها مثوى
ومن شعره
أيرجى من الغرام فراغي ... وهواه في مهجتي أي باغي
نير يكسف الشموس بهاء ... حين يبدو سناؤه في انبزاغ
ولأجفانه مواقع سحر ... موهته بالمسك في الأصداغ
بفؤادي لعقرب الصدغ لدغ ... ما صنيعي بعقرب لداغ
ولشحر ورخا له روض حسن ... فوق وردي وجنتيه يناغي
ساغني في هواه سما زعافا ... هل لحتفي في حبه من مساغ
كل مين جاؤا به فهو لغو ... لست أصغي فيه إلى وشي لاغي
هو في الحسن والجمال نبي ... جاء بالمعجزات لللأبلاغ
أسبغ الله نعمة لي منه ... بهواه لا زال في الأسباغ
صيغة أبدع المحاسن فيه ... يا له من مهيمن صباغ
وله
في مهجتي من اليم الوجد افراط ... لأن لو أن رضوى فيه قيراط
صبابتي فيك قد قامت قيامتها ... ومن غرامي امارات واشراط
يا كعبة الحسن من حجى إليه غدا ... وبالطواف لروحي فيه أشواط
بلغت من عرفات الا من فيك مني ... وحصر قلبي لوفد الروع محتاط
لك اعتماري وسعى أنت ملتزمي ... وهذه من فروض العشق اسقاط
وله
كيف أرجو من الغرام خبوه ... والتياعي يوري بقلبي نموه
أسبيل إلى منال الثريا ... من هلال أم كيف أرجو دنوه
قمر يستهل بدرا تماما ... أين للبدر ان يحاكي بدوه
بمحيا كالشمس والريم لحظا ... حيث يبدي بهاءه ورنوه
يسترق الألباب طرا مراه ... كل لحظ بالسحر فهو مموه
سور نزلت بآيات حسن ... محكمات في شأنه متلوه
ما خلاصي وفي الفؤاد زفير ... كل حين يربي هواه غلوه
باهر الجمال راح برينا ... تارة صده وحينا حنوه
كيف لا يحمد السرى من سعيد ... فيه وإلى رواحه وغدوه
وله مخمسا
يا كوكبا من بروج الحسن مطلعه ... ويا رشا جل منشيه ومبدع
ومن غدا في سويد القلب مرتعه ... أشكو اليك فؤادا أنت موجعه
شكوى خليل إلى ألف يعلله
موله لم تزل تزداد حسرته ... والجفن من أرق تنهل عبرته
والقلب من وهج أعيته زفرته ... سقمي تزيد على الأيام كثرته
وأنت من عظم ما ألقى تقلله
يا أغيدا لم تجد في حسنه شبها ... بحن حينا وطورا ينثني رفها
فكيف يصنع صب قد قضى ولها ... الله حرم قتلي في الهوى سفها
وأنت يا قاتلي ظلما تحلله
وله
بروحي رقيق الخصر أحوى منمنم ... لقد عل لخطاه بسقمهما جسمي
وعللني بالوصل بعد امتناعه ... وكيف لعمري بيننا علة الضم
وهما على عروض بيتي محمد بن إبراهيم المعروف بابن الحنبلي وهما
يلومونني في ضم غصن قوامه ... ولا ذنب للنساك في الضم واللثم
نعم بيننا جنسية الود والصفا ... ولكنني لم ألفها علة الضم
ومن ذلك قول الفاضل محمد الكنجي
ضممت حبيبي عند تقبيل ثغره ... فلح عذولي بالملام الذي يصمي
وكيف وفيما بيننا حلة الوفا ... واني أراها في الهوى علة الضم
ومن ذلك قول مصطفى بن محمد الكنجي المذكور
تنشقت عطر الورد من طل خده ... واتبعته ضما وبالغت في اللثم
فماس دلالا وانثنى ثم قال لي ... رويدك اني عارف علة الضم
ومن ذلك قول النبيه البارع السيد المصطفى الصمادي
بروحي من في العيد أقبل ضاحكا ... ومبسمه كالدر مستحسن النظم
وقابلني بالود حتى ضممته ... كضم كمي سيفه خير منضم
وصافحت بالتقبيل صفحة خده ... وطوقت منه الجيد عقدا من اللثم
وما كان في قربي له من وسيلة ... سوى الود منه فهو لي علة الضم
ومن ذلك قول الكامل محمد بن السمان
بروحي ظبي ناحل الخصر قد غدا ... يشابه ذياك النحول ضنا جسمي
ونار فؤادي مثل نار خدوده ... وسقم جفون اللحظ شاكله سقمي
ولا عجب ان قد ضممت قوامه ... وقد ظهرت ما بيننا علة الضم
ومن ذلك قول الأديب محمد المحمودي
وأهيف قد جاذب الغصن في الربا ... فمال إليه الغصن وانقض كالسهم
وعانقته كالعاشق الهائم الذي ... تعانق مع معشوقه الناعم الجسم
ولا بدع للغصنين أن يتعانقا ... فحسن اعتدال القد من علة الضم
وللمترجم
عز المواسي في الهوى والمسعف ... ما لين تحنو يا ظلوم وتسعف
ولطالما أكنت فيك سرائري ... فإذا عها مني الغرام المرجف
يا واحدا بهر الأنام بحسنه ... وغدا لأبصار الورى يستوقف
عذب بهجرك ما استطعت ففي غد ... بيني وبينك يا ظلوم الموقف
ومن ذلك قول الأديب عبد الحي الخال
قد طال فيك تستري وتموهي ... واذيع ما أخفيته بتأوهي
وزجرت قلبي منك قلت لعله ... أن ينتهي فأجابني لا أنتهي
يا حبذا حجبوه عني إن يكن ... برضاك اني أشتهي ما تشتهي
عذب وجر فعسى يطول حسابنا ... في الحشر كي أحظى بمنظرك البهي
وأصله قول ابن رواحة
يا ماطلا لا يرى خليل ... لديه وردا سوى سراب
نعلم الطيف منك هجري ... فلا أراه بلا اجتناب
كم كتب الدمع فوق خدي ... اليك دعوى بلا جواب
أغلقت باب الوصال عني ... فسد للصبر كل باب
ان كان يحلو لديك ظلمي ... فزد من الهجر في عذابي
عسى يطيل الوقوف بيني ... وبينك الله في الحساب
ومنه قول بعضهم
زدني عذابا ولا تترك لجارحة ... مني جراحا وخذ روحي وجسماني
عساك في الحسر لما أن يطول غدا ... حسابنا تتملى منك أجفاني
ومنه قول ابن نباتة من قصيدة
وطولي من عذابي في هواك عسى ... يطول في الحشر ايقافي واياكي
وكانت وفاة المترجم في الثالث والعشرين من ذي القعدة سنة أربع وأربعين ومائة وألف ودفن بتربة الباب الصغير رحمه الله تعالى.

.

* أبو الفضل السيد محمد خليل أفندي المرادي
سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر



Julio-Romero-de-Torres-Poema-de-C-rdoba-2

صورة مفقودة
 
عبد الحليم الشويكي


عبد الحليم ابن عبد الله الشافعي النابلسي الشيخ العالم اللوذعي العلامة الفاضل الأديب الأريب كان أحد الأفاضل المشاهير رقيق الطبع ينظم الأشعار الرائقة غزير الفضل والذكاء فصيح العبارة نشأ في بلدته الشويكة وارتحل إلى مصر وتوجه للجامع الأزهر وطلب العلم وقرأ وأخذ عن تلك الأساتذة كالشيخ الحنفي محمد وأخيه الشيخ يوسف وانتفع بهما أتم الأنتفاع وقرأ على غيرهما من الشيوخ وأتقن وحصل وفاق وحاز قصب السباق وجر ذيل الفضل والعرفان على اخوانه والأقران وأجازه شيوخه كعادتهم ورجع إلى وطنه ثم ارتحل للديار القدسية وأخذ بها الطريق عن الاستاذ العارف الشيخ مصطفى الصديقي الدمشقي ولازمه مدة وحصلت له بركته واستوطن نابلس وبها استقر ثم قصد عكة وحاكمها إذ ذاك الشيخ ظاهر العمر شيخ مشايخ بلاد صفد فأقامه عنده بعكة واستقام ثمة وهو يراجع في المسائل المتعلقة بمذهب الشافعي وغيرها وحصل له هناك الشهرة وبالجملة فقد كان فريد عصره علما وأدبا ولم ير في عصرنا من تلك النواحي أديب فاضل مثله وكان له أدب وشعر نضير عديم النظير وقدم دمشق الشام وامتدح رؤساءها وحصل له احترام واقبال من أهلها ومن تآليفه رسالة في علم الكلام رد بها على معاصره الشيخ أبي الحسن العاملي الرافضي في تأليف له أودعه بعض الدسائس الرافضية وله أيضا شرح على السنوسية قرظ له عليه علماء مصر لما وصلهم وأشعاره كثيرة.
فمن ذلك قوله
ربعا به لي ما حييت شجون ... سقاك من الوسمى الأجش هتون
وحيك من عهد تقادم عهده ... على إن قلبي في حماك رهين
وقفت به حيث الهوى دافع الكرى ... وحادي المطايا لا يكاد يبين
أبث به وجدا وأشكو يد النوى ... وغرب دموعي المرسلات عيون
واذكر أياما نقضت وما انقضت ... لبانات صب في الهوى وديون
زمانا به غصن الشبيه يانع ... به العيش غض والشباب يزين
يدير حميا الراح في كأس ثغره ... أغر بأحياء النفوس ضمين
يميل به سكر الدلال وينثني ... ولا عجب إن الغصون تلين
نبيت نشاوي الراح من غير مأثم ... وقد غض من طرف الزمان جفون
يقول أصيحابي الذين عهدتهم ... ولي منهم عهد الوفا ويمين
تولهت ماذا الوجد والدمع والأسى ... على طلل إن الجنون فنون
وليس بها الا أثافي وأشعث ... يناجيك مشجوج الجبين مهين
نعم وصدى يصدي الفؤاد مجاوبا ... يقول حنين إذ تقول حنين
فقلت وفي الأحشاء من لوعة الجوى ... ضرام وداء العاشقين كمين
لحا الله من ينهى المحبين في الهوى ... أما علموا إن الكمين مكين
وإن الذي يهوى صمام وعذلهم ... طنين وهل يجدي الأصم طنين
وإن لي السلوان عنها ولي بها ... مواقف مع آرامها وشؤون
يعز علينا والحوادث جمة ... أحبتنا إن العزيز يهون
وإنا لنختار التأسي على الأسى ... على إن ما يقضي فسوف يكون
وما زال هذا الدهر يبدي عجابه ... ويصمي وإن بت اليمين يمين
لئن لم يتب هذا الزمان وينتهي ... ويرجع قسرا لو تقر عيون
ليزري ويستعدي عليه بباذح ... برفع ظلامات العتاب يدين
صعود إلى العلياء لا متقاعسا ... بحزم وعزم والوقار قرين
سرى لتشبيه المعالي بفيلق ... يئط زئيرا والرماح عرين
فتى ليس فيه ما يشين كما له ... سوى البذل إن كان السخاء يشين
نعم وسراه بالمقانب في دجى ... من النقع كيما للطغاة يهين
فلا زال مناح الأماني ومعقلا ... لصون المعالي والكريم يصون
وله أيضا
ما لصبابتي فيك انتهاء ... كما السلوان ليس له ابتداء
أما إن الوفاء لذي شجون ... وفى بالعهود له وفاء
حليف جوى فلا ينسى فيسلو ... فكيف به وقد عزا العراء
إذا ما الليل جن عليه شبت ... لو أعجه وزاد به العناء
يبيت مسهد الأجفان يدعو ... وهل يجدي لذي وله دعاء
وقد أفلت أمانيه الموامي ... وحل قوى رواحله السراء
وهل صاد الغزالة لورآها ... قليل الحظ أدركه الوفاء
وأقعده عن الآمال حظ ... وأخلده ومسكنها السماء
فما لم يتخذ سببا اليها ... ويسري والظلام له رداء
ويرمي البيد والأرجاء تغلي ... مراجلها وللوجنا رغاء
عزيز ليس تثنيه الليالي ... وبحر لا تعكره الدلاء
ولوعا بالمكارم إذ رآها ... مخلدة له وله البقاء
محط الوافدين وغوث عان ... وفي أعتابه نيط الرجاء
وينشد قول ذي مجد تليد ... يؤوب وفي زلازله الشقاء
أأذكر حاجتي أم قد كفاني ... حياؤك إن شيمتك الحياء
وعلمك بالأمور وأنت فرع ... لك الخسب المهذب والثناء
خليل لا يغيره صباح ... عن الخلق الجميل ولا مساء
فأرضك كل مكرمة بنتها ... بنو تيم وأنت لها سماء
وهل تخفي السماء على بصير ... وهل بالشمس طالعة خفاء
فذاك ولم إذا نحن امترينا ... يكن في الناس يدركك المراء
وقال أيضا
لا غرو ان آن من نفس تداعيها ... إذا استكانت وداعي الشوق داعيها
بكل حوراء مصقول ترائبها ... قرعاء عزت فلا ترعى مراعيها
تروى ذوائبها أخبار قرطقها ... إلى المخلخل ما تحوي غداليها
لمياء في حريتها للسليم شفا ... براءة من لوجه الله يبريها
ترنو بعيني مهاة بالرمي ذعرت ... فخيلت كل من في الدو يوميها
تخشىالمرامي بعينيها وكم فطرت ... موائرا نفذت فيها مراميها
قالوا سعت تخلس الألباب قلت لهم ... ذي ربة الخال محمود مساعيها
قالوا دهتك بسهم من لواحظها ... فقلت يا حبذا منها دواهيها
إن الذي زانها بالحسن صورها ... بحيث يحلو لدى الرائي مساويها
وهي التي صورت قلبي لها غرضا ... وابتز نومي من عيني وداعيها
شغفت حقا بدى تيه ومن سلبت ... منك الرقاد على هون دواعيها
فقلت خلوا سبيلي إنني رجل ... مغري بذات وشاح بل وداعيها
لله ما صنعت فينا لواحظها ... أرقتنا وهي سكرى حبذا فيها
وجد بالمنطق العذب الذي بهرت ... به العقول فحارت في معانيها
ما افتر مبسمها الا وخلت به ... درا تخلله اللآلاء من فيها
لم أنس زورتها إذا قبلت ولوت ... جيدا تليدا وأنت في تلويها
فقلت تفديك نفس لا تحن إلى ... لقياك أو يسترد الروح منشيها
مما تشكيك يا بنت الكرام وما ... يعنيك قالت أمور بت أخفيها
فقلت هات فقالت ويح من سالت ... والنفس منها تراءت في مراقيها
فقلت بالله لا تخفي على دنف ... فأمطرت لؤلؤا سحا أماقيها
وصعدت زفرات ثم مال بها ... إلى التأبي حياء كان يثنيها
واحمر من وجنتيها الورد من خجل ... فكادت النفس تقضي من تأبيها
واستعبرت ثم أومت بالبنان إلى ... نحو الحجاج بأسرار تواريها
تشير إنك فوق العين منزلة ... وإن حاجبها في ذاك واشيها
فهمت لما فهمت السريا رشأ ... فاق الورى في أمور لست أحصيها
وله أيضا من قصيدة
ماست فما قدر الغصون الميد ... هيفاء ذات تحبب وتودد
حوراء بهراء المحاسن غادة ... تفري الحصين بذابل ومهند
وبدت فلاح البدر تحت غمامة ... أو نور علم في جهالة ملحد
وحكت لنا بدر المقنع إذ بدت ... فيها الضلالة والرشاد لمهتدي
وافت ولكن بعد طول تنصل ... من وصل غانية وظبي أغيد
فأعادت الوجد القديم فبان لي ... ما ليس أخفيه فبان تجلدي
أكرم بزائرة تجرر دائها ... كبرا ولم يك زورها عن موعد
تختال في برد الشباب وتنثني ... بمعاطف عقدت ولما تعقد
حيت فأحيت بالسلام وأسفرت ... عن ذي أناة بالمحاسن مرتدي
وتبسمت من ذي غروب واشح ... عذب مقبله منيع المورد
واستوضحت عن حالتي وتنكرت ... لما رأت عما تروم تبلدي
مالي أراك وقد عرتك ملالة ... أأنفت من ذكر الحسان الخرد
وقنعت في ظل الحمول بخلب ... ورضيت بالعيش المحض الأنكد
فأجبتها كلا ولكني امرء ... قد طال قبل إلى الحسان ترددي
حتى علا نور الثغام نظرن لي ... نظر السقيم إلى وجوه العود
فطويت كشحي دونها وعلمت ما ... لم تعلمي وشهدت ما لم تشهدي
وغنيت عن حب الغواني والغنا ... بمحامد الندب الهمام الأوحد
رب الفضائل والفواضل والعلا ... والبأس والحسب الرفيع المحتد
وأخي المعالي وابنها وسدينها ... ومنيعها وابن السرى المفرد
والأروع الحامي الذمار وذي الندى ... ضخم الدسيعة والحبار والسؤدد
وقال من قصيدة
ويك دع نصحي فلي عنك اشتغال ... أيها اللاحي فإن الحال حال
كان لي وجد فلما إن بدت ... مرجفات القلب ذا الزلزال زال
ولكم لي خيل الطيف ومن ... يك ذا شوق لدى الخلخال خال
كم شج قد بات لا يدري الكري ... وعليه وعدها المطال طال
يحتسي ثغر المآقي مترعا ... يترائى ريقها السلسال سال
لم ينل من بات يهذي بالمها ... غير كد حيث عنه مال مال
رب من لم ينثني عن غيه ... في حماه طائر الآجال جال
طالما نضين عيني في السوي ... راكبا خطبا من الأهوال هال
عاسفا سبل المهاوي في الهوى ... مرتد ثوبا من السربال بال
زاعما درك الأماني والمنى ... فإذا الأحلام والآمال مال
من له الأفضال والآل الوفي ... ياشقا من عنه بالآمال مال
من له الأيدي النوادي والندي ... من إذا قيس على المطوال طال
من نمته دوحة من هاشم ... في رياض المجد بالاقبال قال
وله غير ذلك وبالجملة فقد كان من أفراد عصره وكانت وفاته في عكة في سنة خمس وثمانين ومائة وألف ودفن بها رحمه الله تعالى
 
عبد الله الطرابلسي

عبد الله بن عمر بن محمد المعروف بالأفيوني الحنفي الطرابلسي نزيل دمشق أحد الأفاضل المجيدين الماهرين البارعين كان أديبا شاعرا له سرعة تحرير في الكتابة مع خط باهر بحيث كان عديم المثيل في سرعته وبداهته ولد بطرابلس الشام وبها نشأ وارتحل مع والده إلى مصر وكان والده من الأفاضل الفقهاء وقدم ولده هذا إلى دمشق واستوطنها في المدرسة الباذرائية مدة سنتين ثم ارتحل إلى حلب وذلك في سنة ثمان وأربعين ومائة وألف واستقام بها سنتين ونصف ثم عاد إلى دمشق واستوطنها في مدرسة الوزير إسمعيل باشا العظم ثم ارتحل إلى القدس بقصد زيارة الأستاذ الرباني الشيخ مصطفى الصديقي ولم يمكث بها إلا مدة أشهر ثم عاد إلى دمشق وتوطنها إلى أن مات وله من التآليف شرح علي البردة سماه الفيوضات المحمدية على الكواكب الدرية والعقود الدرية في رحلة الديار المضرية والزهر البسام في فضائل الشام ولوائح القبول والمنحة والعزاز لزيارة السيدة زينب وسيدي مدرك والشيخ عمر الخباز والزهرة الندية والعبقة الندية ومختصر الاشاعة في أشراط الساعة ورنة المثاني في حكم الاقتباس القرآني وفيض السر المداوي في بهجة الشيخ أحمد النحلاوي والمنحة القدسية في الرحلة القدسية وتردد إلى والدي وأحسن الوالد باكرامه ولطفه وترجمه الأديب الشيخ سعيد السمان في كتابه وقال في وصفه شاعر قريحته جيدة ومعانيه رصينة مشيدة بادر للأدب ولم تشد أوصاله وأكرمت فيه خلائقه وخصاله فروي حديثه المسلسل وارتوى من عذبه السلسل وأثقل كاهله بأعبائه وأحكم فيه عقدة أنبائه وافى الشام واستوطنها وجنى أمانيها واستبطنها ونزل منها منزلة الوسمى في الرياض واعتاض بها عن وطنه بأحسن اعتياض ففاح شذاه وعرفه وخلص نقده وصرفه وطلب وجد ولم يعثر له جد وأقبل على الدواة والأقلام ولم يلو على من فند عليهما ولام وصان بحرفتهما بذل ماء محياه وقنع بمدادهما عن السوي ورواياه فأرانا الأزهار في الروابي المطلولة وتنمنم العذار في العوارض المصقولة وله البداهة التي لا تسابق بل تسبق الغيوث الهطالة والفكرة التي لا تلاحق بل تلحق المعاذة من شائبة البطالة والشعر الذي أطاعه فيه القلم وما استنكف ودعاه لمرامه فجرى ركضا وما انكف إلا أن الزمان كر على عمر اقتباله وصرف عن وجهة الشباب وجه اقباله وقد أثبت له ما شاهده عدل يبرهن عليه بالنقل والعقل انتهى مقاله وقد أطلعت على ديوانه فاستحسنت مه ما ذكرته هنا فمنه قوله
بجمالك الباهي المهيب ... وبقدك الغصن الرطيب
وبدر مبسمك الشهي ... وصارم اللحظ الغضوب
وبقوس حاجبك البهي ... وسهمه البادي المصيب
وبعنبر الخال البهيج ... ومن به كل الخطوب
وبنون عارضك الذي ... من دونه شق الجيوب
وبجيدك اليقق السني ... وورد خديك العجيب
أرفق بصب هائم ... في الحب ذي دمع صبيب
وبقلبه نار ذكت ... بهواك زائدة اللهيب
لم تبق منه يد الغرا ... م سوى المراجع والنحيب
وسقام مهجته لقد ... أعياه حقك للطبيب
فهل الهوى بفؤاده ... فعل السلافة بالشروب
مولاي أدنفت المتيم ... فيك بالصد المذيب
وهواك قد أصمى الفؤاد ... كأنه راح القلوب
وأذاب قلبا في غرامك ... لا يقر من الوجيب
قد شاقه القمري في ... غصن من الروض الخصيب
ويلوح ألفا نازحا ... ألقاه بالهجر المشوب
بالله هي ساعة ... في الحي يا ريح الجنوب
وعجي طلول أحبتي ... وصفي شجون فتى كئيب
فسقي عهودا باللوى ... صوب من الغيث السكوب
يا قلب لا تك قانطا ... لا بد من فرج قريب
وقال أيضا
أما وشهد رضاب زانه الضرب ... وطلعة من سناها الشمس تحتجب
وعارض كبنان الأس طرز في ... ورد من الخد كم في حسنه عجب
وصارم من سيوف الهند لاح لنا ... من جفن لخطبه الأرواح تنتهب
ونقط مسك على صحن الخدود زهى ... ودر ثغر نظيم زانه الشنب
ما كنت أصغي لعذال وإن نصحوا ... فإن صدقهم عندي هو الكذب
من لي بسلوان ظبي راق مبسمه ... ومن محياه بدر التم يكتسب
إن ماس بالدل تيها نحو عاشقه ... فالطرف منسجم والقلب مكتئب
وإن دنا فسيوف اللحظ فاتكة ... بها مع العاشقين الجد واللعب
مهفهف القد قد تمت محاسنه ... حالي المراشف للآرام ينتسب
يفتر عن شنب رأفت مدامته ... يا حبذا درر يا حبذا ضرب
يا طاوي الكشح عن حلف الغرام ومن ... إذا بدا ففؤادي رهبة يجب
عطفا على دنف أودى الغرام به ... وقلبه بلظى الأشجان يلتهب
له بحبك وجد زاده كلف ... ومدمع مثل ودق المزن ينسكب
هلا رثيت لقلب هائم وله ... أمضه المؤلمان الشوق والوصب
صب تقلبه أيدي الغرام على ... بسط الصبابة لما شفه العطب
فما تغنت على الغناء ساجعة ... إلا وهاج به من شجوها الطرب
وإن سرت نسمات البان في سحر ... يذكو بمهجته من نفحها اللهب
يمضي الدجى وعيوني لم تذق وسنا ... حتى تسامرني في حبك الشهب
وله أيضا
يمينا بما في الثغر من عابق الشهد ... وما نظمت المباسم من عقد
وورد جنى غرسنه يد البها ... وبالعنبر الزاهي على صفحة الخد
وما فعلت في العاشقين ذوي الهوى ... عيون ببتار تجرد عن عمد
وجيد أضاءت لامعات حماله ... تستر في فرع من الشعر مسود
لئن لامت العذال فيك وفندوا ... وحقك لا أسلو ولو ضمني لخدي
ومن لي بسلوان وقلبي مصطلي ... على نار وجد منك زائدة الوقد
فيا لائمي المذموم في شرعة الهوى ... اليك فإن اللوم في الحب لا يجدي
ودعني ومن أهوى فإن مسامعي ... عن العذل اللاحين كالحجر الصلد
هو الحب مهما شاء يفعل بالهنا ... وها أنا في طوع الغرام كما العبد
ومن يعشق الغيد الحسان فإنه ... أسير العنا حلف المراجع والجهد
ومن يرتجي وصلا يجود بروحه ... وهل يختشي من لسعة طالب الشهد
وإني على حكم الهوى نائب الجوى ... معذب قلب بالصبابة والوجد
أطارح ورقاء الغصون من الأسى ... وما عندها من لوعة بعض ما عندي
وأهفو إلى مر النسيم سحيرة ... إذا فاح من أرجائه من شذا الند
وأصبو إليه كلما لاح بارق ... وذكرني الثغر الملظم بالعقد
رعى الله ليلات مضت بوصاله ... بفرط سر ورجل في الوصف عن حد
أو يقات حسن بالهناء اختلستها ... وقد أنجزت وعدي وتم بها سعدي
رشفت بها كأس المسرة مترعا ... وأطفأت ما في القلب من حرقه البعد
فهل يسمح الدهر الضنين بعودها ... وتجلى بصبح الوصل ليلا من الصد
وإن ضمنا ثوب الظلام كما نشأ ... ونحن بأمن من رقيب ومن ضد
أبث له شكوى التباريح غبما ... أعانق ما بين الوشاح إلى الخد
وأقطف ورد الخد لثما بلاعنا ... وأرشف من ذاك اللما أعذب الورد
عسى ينجلي صبح الهنا بوصاله ... وارتع في ظل من الأنس ممتد
وقال
لا ينتهي في السقم حده ... من شفه في الحب وجده
كيف الهناء يرى لقلب ... زاد بالتبريح وقده
حتى ترقب يا فؤاد ... الوصل ممن طال صده
وإلى م ترعى النجم وال ... محبوب لذ لديه سهده
أبدا وإن كثر الصدو ... ذ ودام بالهجران فقده
لا أنتهي لا أرعوي ... وأنا الكئيب الصب عبده
بأبي العيون الغائرات ... وسيفها الماضي فرنده
قمر تجلي في سماء ... الحسن لكن تم سعده
درى ثغر عاطر ... يشفي سقيم القلب عهده
نفديه منا بالنفوس ... وليس ينجز قط وعده
ما الظبي عند نفاره ... ما الغصن حين يميس قده
ترك القلوب ذوائبا ... مذ ضم مسك الخال خده
ويسل من طرفيه بتارا ... كأن القلب غمده
يا قلب صبرا في الهوى ... لا يدان ينفك صده
وله أيضا
فؤاد من التبريح طاب له الحتف ... وجفن من الأشواق أنحله الوكف
ولي كبد حراء عذبها الجوى ... وعين إذا ماجن ليلى لا تغفو
معذب قلبي في هوى الغيد هائم ... وما لغرامي عند أهل الهوى وصف
قريح جريح أثخنتني جراحة ... ظباء كناس شاقني منهم الظرف
ولي رشأ من بينهن مهفهف ... فريد جمال بين سرب المها خشف
فمن لحظه سحر ومن قده قنا ... ومن فرعه ليل ومن ردفه حقف
ترى كل قلب بالصبابة والها ... إذا ما هوى في جيده ذلك الشنف
إلا بأبي وردا بخديه يانعا ... رطيبا بماء الحسن يا حبذا القطف
فيا آل دين الحب نصحا إذا رنا ... بأطراف لخطبه فمن دونها وكف
ولا تأمنوا من طرفه وقوامه ... فهذا به طعن وذاك به حتف
إلى كم أقاسي في هواه صبابة ... يذوب بها قلبي ويهمي بها الطرف
وإني إلى ذكراه أصبو تلهفا ... كما ناحت الورقاء فارقها الألف
أطارحها شكواي والليل حالك ... فمني تباريح ومن نحوها حقف
وما ضرني إلا الملامة في الهوى ... فتبا لعذال قلوبهم غلف
ترفق عذولي فهو لا شك قاتلي ... وما لفؤادي من محبته صرف
ودع عنك تعنيفي بعذلك واتئد ... فهل في الهوى العذري ينفعنا العنف
ألا أيها العشاق عن شرعة الهوى ... ودين التصابي لا يكن لكم عسف
فمن ذاق كأس الحب لذله العنا ... وإن زاد في هجران معشوقه الحنف
عسى ولعل الحب ينجز وعده ... وصادي الجوى بالوصل يدركه اللطف
وقال
من لم يرى ميل القدود وهزها ... كتمايل الأغصان بالأوراق
وتورد الوجنات حيث تلألأت ... من خالها ببدائع الأشراق
وتسلسل الريق المبرد رقة ... هو للسيب بمنزل الدرياق
وتغازل الألحاظ لما جردت ... سيف المنون لنا من الأحداق
ومباسما قد نضدت بفوائد ... تحكي وميض البارق الخفاق
أو لم يذق طعم الشجون وفتكها ... وبلابل الأحزان والأشواق
وهيام قلب في المحبة ذائب ... جذبته أيدي الوجد بالأطواق
أو لم تساوره المنون فإنه ... لم يدر كيف مصارع العشاق
وله أيضا
كم علينا تتيه في خطراتك ... فالهوى قادني إلى خطراتك
يا فريد الجمال تفديك روحي ... إن مضناك هام في لفتاتك
إن يكن لائمي تصدى لعذلي ... لست أصغي لقوله وحياتك
كل حسن وبهجة وكمال ... ذاك يا بدر من أقل صفاتك
لمتى الصد والتجني فكم ذا ... تختشي العاشقون من سطواتك
أنا نشوان في دلالك والقلب ... كليم من العيون الفواتك
فأمل لي الكأس يا حبيب طفاحا ... فشفاء القلوب في كاساتك
يا فؤاد المشوق كم ذا التمني ... إن هذا الحبيب باللحظ فاتك
كم نقاسي من الغرام نحولا ... وإلى كم تتيه في غمراتك
وله أيضا
قم تنبه يا منيتي من نعاسك ... وامزج الشهد من لماك بكأسك
واصطبح بالمدام بين الروابي ... وأدر كأسها على جلاسك
وأطرح وحشة الهموم ودعنا ... من ضروب الأخماس في أسداسك
وأسقنيها وقت الصباح ففيه ... تستعير النسيم من أنفاسك
خمرة أشرقت بلآلآء در ... لست أصغي بها إلى لوم ناسك
عتقت من ألست في الدن قدما ... قبل يا دير كنت مع شماسك
هيجتني يا دير منك نسيم ... سرقت من شذا الطيف غراسك
أيها العاذل الغبي رويدا ... لست أمشي على مراد قياسك
إنما الراح راحتي وشفائي ... فأصغ كم أنت في غرور التباسك
كم سكرنا بها وعفنا سواها ... حيث قد كنت أنت مع أجناسك
 
أعلى