ابن الخطيب قاسم - روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار

الروضة الثلاثون في ذكر النساء والتزوّج وأخلاق النساء والخطبة وذكر الغلمان واللواطة والإماء والجماع والذّكر والفرج وما ناسب ذلك
عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لو أن امرأة من نساء الجنة أشرفت على الأرض لملأت الأرض بريح المسك ولأذهبت ضوء الشمس والقمر» . عبد الله رضي الله عنه رفعه: «يسطع نور في الجنة فيرفعون رؤوسهم، فإذا هي حوراء ضحكت في وجه زوجها» . عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أعظم النساء بركة أيسرهنّ مؤنة» . قيل: ثلاثة تفرّح القلب وتجمّ العقل والفؤاد: الزوجة الجميلة، والكفاف من الرزق، والأخ المؤنس. أبو القاسم الحكيم: من لم تكن عنده زوجة جميلة فليس عنده مروءة، ومن لم يكن عنده أولاد فليس له فخر من الدنيا، ومن لم يكن عنده هذان فليس له غمّ. مغيرة بن شعبة رضي الله عنه: صاحب المرأة الواحدة إن حاضت حاض وإن مرضت مرض، وصاحب الاثنتين بين جمرتين أيتهما أدركته أحرقته، وصاحب الثلاث في رستاق «1» كل ليلة في قرية، وصاحب الأربع عروس في كل ليلة. وعنه: أحصنت مائة امرأة. الحسن بن عليّ رضي الله عنهما: تزوّج خمسا وتسعين امرأة. محمد بن عليّ رضي الله عنهما: اللهمّ ارزقني امرأة تسرّني إذا نظرت، وتطيعني إذا أمرت، وتحفظني إذا غبت. عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «أعظم النساء أحسنهنّ وجوها وأرخصهنّ مهورا» . عليّ رضي الله عنه: من سعادة الرجل خمسة: أن تكون زوجته موافقة، وأولاده أبرارا، وإخوانه أتقياء، وجيرانه صالحين، ورزقه في بلده. وعنه صلّى الله عليه وسلّم: «إنما النساء لعب فمن اتخذ لعبة فليستحسنها» . قيل: المرأة منظر الرجل وقرّة عينه، وحسن الصورة أوّل نعمة تلقاك. قيل لرجل: أيّ النساء أشهى؟ قال: التي تخرج من عندها كارها فترجع لها والها. بعض العرب قال لبنيه: صفوا ما تشتهون من النساء. فقال أكبرهم: يعجبني الأطراف والأعطاف والأرداف. وقال الأصغر:
يعجبني الثغور والشعور والنحور. قال في ضدّه بعضهم: إيّاك والجمال، فإنه مطمع للرجال. ثم أنشد:
لا تطلب الحسن يوما إن آفته ... أن لا يزال طوال الدهر مطلوبا
وما تصادف يوما لؤلؤا حسنا ... بين اللآلىء إلا كان مثقوبا
الحارث المحاسبيّ رضي الله عنه: فقدنا ثلاثة مع ثلاثة: حسن الوجه مع الصيانة، وحسن القول مع الأمانة، وحسن الإخاء مع الوفاء. قيس: إياك والجمال الفائق فإنه مرعى.
ولن تصادف مرعى مونقا أبدا ... إلا وجدت به آثار مأكول
يقال: المشرب العذب مزدحم. ربيع بن زياد: من أراد النجابة فعليه بالطوال، ومن أراد اللذاذة فعليه بالقصار فإنهن لذيذات النكاح. الحجاج: من تزوّج قصيرة فلم يجدها على الموافقة فعليّ مهرها. بعض الأطباء: لا تأكل ولا تركب ولا تنكح إلا فتيّا. قيل: مجامعة العجوز يخاف منها موت الفجأة. أبو الأسود: قال لابنته: إياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق، وأمسكي عليك فضل النكاح وفضل الكلام وكوني كما قال خذي العفو مني تستديمي مودّتي ... ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
قالت امرأة لبنتها: كوني لزوجك أمة يكن لك عبدا، واحفظي عني عشر خصال: الأولى حسن المصاحبة ففيها راحة القلب، الثانية جمال المعاشرة بالسمع والطاعة ففيها رضا الربّ، الثالثة التفقد لموضع عينه فلا تقع عينه على قبيح منك، الرابعة التعاهد لموضع أنفه فلا يجد منك خبيث رائحة، الخامسة الحفظ لماله بحسن التدبير، السادسة رعاية حشمه مع التدبير، السابعة التعاهد لوقت طعامه فحرارة الجوع ملهبة، الثامنة السكوت عند منامه فتغيص النوم مغضبة، التاسعة عدم إفشاء سرّه، العاشرة عدم عصيانه في أمره. فإن أفشيت سرّه لم تأمني مكره وغدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره.
الحسين بن عليّ رضي الله عنهما: إذا خلوتم بالنساء فداعبوهنّ ولا تكونوا كالفحل الذي يعلو بغتة. قاضي خان: لا بأس للرجل أن يمسّ فرج زوجته لكي تتحرّك. أبو يوسف: سألت أبا حنيفة عن مسّ الرجل فرج زوجته، فقال: لا بأس به وأرجو أن يعظم أجره. قال رجل لامرأته: ما خلق أحبّ إليّ منك، فقالت: وما خلق أبغض إليّ منك، فقال: الحمد لله الذي أولاني ما أحببت وابتلاك بما كرهت.
قيل: لا تسمعوهنّ الغناء، فإنه داعية للزنى. عمر رضي الله عنه: جنّبوهنّ الكتابة ولا تسكنوهنّ الغرف. قيل لأعرابيّ: ما خلّفت لأهلك؟ قال:
الحافظين. قيل: وما هما؟ قال: أعرّيهنّ «1» فلا يبرحن وأجيعهنّ فلا يمرحن.
بعض السلف تزوّج امرأة فاجرة، ثم قال لها: الثياب على مرادي والخروج على مرادك، أو بالعكس. فاختارت الخروج، فاشترى لها ثيابا دنيئة فقالت المرأة: بارك الله عليك نجّيتني من الفجور. فتابت على يده. يقال: إن المرأة مثل الحمامة إذا نبت لها جناح طارت، كذلك الرجل إذا زيّن امرأته بالثياب الفاخرة لا تجلس في البيت. في (النوابغ) : النساء متى عرفن قلبك بالغرام ألصقن أنفك بالرّغام. قيل للإسكندر: انبسط ملكك فأكثر من النساء ليكثر ولدك، فقال: لا يحسن بمن غلب الرجال أن تغلبه النساء. معاوية: هنّ يغلبن الكرام ويغلبهنّ اللئام. عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «استعيذوا بالله من شرار النساء وكونوا من خيارهنّ على حذر» . قال رجل: ما دخل داري شرّ قطّ، فقال له حكيم: من أين دخلت امرأتك؟. قيل: أكثروا لهنّ من لا، فإن نعم تغريهنّ بالمسألة.
قيل: الأمور الغير المتناهية مطلبة النساء.
قيل:
شيئان يعجز ذو الرياضة عنهما ... رأي النسا وإمارة الصبيان
خرج الرشيد يوما من عند زبيدة ضاحكا، فسئل فقال: قدم من مصر ثلاثمائة ألف دينار فوهبتها لزبيدة، ثم ما خرجت حتى عربدت عليّ وقالت: أيّ خير رأيت منك؟. قيل: شرّ أخلاق الرجال الجبن والبخل، وهما خير أخلاق النساء. يقال: شيئان لا تحمد عاقبتهما: الطعام عند الاستمراء، والمرأة عند الموت. قيل: المرأة سبع معاشر، وقيل: حيوان شرير. سئل رجل من العرب: عن حالة امرأته فقال: ما دامت حيّة تسعى فهي حية تسعى. قيل لفيلسوف: أيّ السباع أخسّ؟ قال: المرأة. عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أوثق سلاح إبليس النساء. قيل:
واحذر عجوزا تولّيها على الحرم ... فالذئب ليس بمأمون على الغنم
قال ذو الرمّة «1» :
لا تأمننّ على النساء أخا تقى ... ما في الرجال على النساء أمين
كلّ الرجال وإن تحفّظ جهده ... لا بدّ أنّ بنظرة سيخون
التنوخيّ عليه الرحمة:
قل للمليحة في الخمار المذهب ... أفسدت نسك أخي التقى المترهّب
نور الخمار ونور خدّك تحته ... عجبا لوجهك كيف لم يتلهّب
قال الدارميّ رحمة الله تعالى عليه:
قل للمليحة في الخمار الأسود ... ماذا أردت بناسك متعبّد
قد كان شمّر للصلاة إزاره ... حتى قعدت له بباب المسجد
داود عليه السّلام: امرأة السوء لبعلها كالحمل الثقيل على الشيخ الكبير، والمرأة الصالحة كالتاج المخوّص «2» كلّما رآها قرّت عينه. قال داود لسليمان عليهما السّلام: امش خلف الأسد والأسود ولا تمش خلف امرأة. مرّ شاعر بنسوة فقال:
إنّ النساء شياطين خلقن لنا ... نعوذ بالله من شرّ الشياطين
فأجابته واحدة:
إنّ النساء رياحين خلقن لكم ... وكلّكم يشتهي شمّ الرياحين
خرجت بعض أزواج الخلفاء من الحمّام فنظرت في المرآة فاستحسنت وجهها فكتبت على الحائط:
أنا التفاحة الحمرا ... عليها الطلّ مرشوش
فكتب تحته أبو نواس:
بفرج عرضه شبر ... عليه العهن منفوش «1»
عليّ رضي الله عنه:
دع ذكرهنّ فما لهنّ وفاء ... ريح الصّبا وعهودهنّ سواء
يكسرن قلبك ثم لا يجبرنه ... وقلوبهنّ من الوفاء خلاء
العرب: شرّ النساء الحميراء المحياض، والسويداء الممراض.
قال بعض الخلفاء: الإماء ألذّ مجامعة، وأغلب شهوة، وأحسن في التبذّل، وآنق في التدلّل، فقال جليس له: لتردّد ماء الحياء في وجه الحرّة أحسن من تبذّل الأمة. قيل: من أراد قلّة المؤنة وخفّة النفقة وحسن الخدمة وارتفاع الحشمة فعليه بالإماء. قيل: السرور في السّراريّ. وقيل: الجارية الوسيمة من النعم الجسيمة. وقيل: لا خير في بنات الكفر قد نودي عليهنّ في الأسواق ومرّ عليهنّ أيدي الفسّاق. وقيل: الجواري كجند السوق والحرائر كجند الدور.
قال هارون لجاريته سرور: يا سرور ما تحبّ النساء من الرجال؟ قالت:
سخونة الماء وقوّة الباه وطيب النكهة ... قيل لجارية: أنت بكر؟ قالت: كنت فعافاني الله تعالى. أبو الحسن الباخرزيّ رحمه الله تعالى:
يا خالق العرش حملت الورى ... لمّا طغى الماء على جاريه وعبدك الآن طغى ماؤه ... في الصلب فاحمله على جاريه
بات الرشيد بين جاريتين كوفيّة ومدنية تدلّكانه، فالمدنيّة ترقّت حتى وصلت إلى آلة العمل فاستمسكت به، فقالت الكوفية: نحن شركاء، فقالت المدنية:
حدّثنا مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «من أحيا أرضا ميتة فهي له» . فغافلتها الكوفية وأخذته بيديها جميعا فقالت: حدّثنا الأعمش عن خيثمة عن ابن مسعود عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «الصيد لمن أخذه لا لمن أثاره» .
سهل بن معاذ الجهنيّ رفعه: «من أحبّ في الله وأبغض في الله وأعطى في الله ومنع في الله وأنكح في الله فقد استكمل الإيمان» . قيل: الأبكار أشدّ حبّا وأقلّ خبّا «1» . تزوّج الحسن بن عليّ رضي الله عنهما امرأة فبعث إليها مائة خادم مع كل خادم ألف درهم. عليّ رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول لعثمان: «لو أنّ لي أربعين بنتا لزوّجتك واحدة بعد واحدة حتى لا تبقى منهنّ واحدة» . جاء رجل إلى الحسن يستشيره في تزويج بنته، فقال: زوّجها من رجل تقيّ، فإن أحبّها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها. شاور رجل آخر في تزوّج امرأة فقال: إن كنت تريدها خالصة لك من دون المؤمنين فلا تطمع. قالت امرأة لزوجها: يا ديوث يا مفلس، فقال: الحمد لله ليس لي ذنب، فالأوّل منك والثاني من الله تعالى. كتب رجل تعويذا لابن رجل وسأله عن اسم أمّه، قال: لم عدلت عن اسم أبيه؟ قال: لأن الأم لا يشكّ فيها، قال: اكتب إن كان ابني فعافاه الله، وإن لم يكن ابني فلا شفاه الله. كانت امرأة مزيد حبلى، فنظرت إلى وجهه فقالت: الويل لي إن كان الذي في بطني يشبهك، فقال: الويل إن لم يكن. قيل لرجل: لا يشبهك ابنك. فقال: أيترك جيراننا أن يشبهنا أولادنا.

عوتب الكسائيّ في ترك التزوّج فقال: مكابدة العفة عنهنّ أيسر من الاحتيال لمصلحتهنّ. قيل لمالك بن دينار: لو تزوّجت، قال: لو استطعت لطلّقت نفسي. إسماعيل الزاهد لم يتأهّل قطّ. يونس بن حبيب النحوي: لم يتزوّج ولم تكن له همة إلا في طلب العلم ومحادثة الرجال. قيل لرجل: مات عدوّك، فقال: وودت أنّكم قلتم تزوّج. قيل:
تزوّجت لم أدر وأخطأت لم أصب ... فياليتني قد متّ قبل التزوّج «1»
فو الله لا أبكي على ساكن الثرى ... ولكنّما أبكي على المتزوّج
بعضهم:
الزوج شؤم وفي التزويج منقصة ... والله فرد يحبّ الفرد فانفرد
لو كان في كثرة الأولاد منفعة ... ما قيل ما اتخذ الرحمن من ولد
الأصمعيّ: النكاح فرح شهر، وترح دهر، وكسر ظهر، وإلزام مهر.
وقيل: التزوّج سرور شهر، وغموم دهر. سئل حكيم عن التزوّج فقال: بقل شهر، وشوك دهر. قيل: التزوّج أوّله حلاوة، وآخره عداوة. وقال آخر:
مكابدة العزلة أيسر من الاحتيال لمصلحة العيال. قال رجل: كنّا في إملاك فلان، قال حكيم: لا تقل في إملاكه بل قل في إهلاكه. خطب أسديّ قبيح الوجه امرأة قبيحة، وأتاهم متعمّما فزوّجوه، فقيل للمرأة: إنه قبيح وقد تعمّم لك، قال: وأنا قد تبرقعت قبل أن يتعمم لي. زوّج رجل ابنته من قبيح فلمّا دخل أنكر بعض العدول على الصهر فقال: أبليت ابنتك بمقاساة هذا الوجه، فقال: لو يأتيها لحسبته في الحسن يوسف. قيل للشعبيّ: ما اسم امرأة إبليس؟
قال: ذاك نكاح ما شهدته.
قال رجل لامرأته: هل لك في ابن عمّ كاس من الحسب، عار من النشب «1» ، يصلصل «2» معك في دارك، ويقلّبك بيمينك لشمالك، يواصل ثلاثة في واحد، يدخل الحمام في طرفي النهار؟ فقالت: لا يسمعنّ هذا منك أحد.
فتزوّجت منه. خطب رجل امرأة فقالت: لي شروط: أطلب من المهر ألف دينار، ومن النفقة كلّ يوم كذا، ومن الثياب كذا. قال: نعم، ولكن لي عيوب. قالت: ما هي؟ فقال: أنا شره بالجماع أستكثر منه وأبطىء الفراغ وأسرع الإفاقة، فقالت المرأة: يا جارية أحضري أهل المحلّة فهو ساذج لا يعرف الخير من الشرّ.
امتنعت امرأة من رجل خطبها فقيل لها في ذلك، فقالت: لأنهم يقلّلون الصداق ويعجّلون الطلاق. قيل لابن السبابة: قد كرهت امرأتك شيبتك، فقال: إنما مالت إلى الأبدال لقلّة المال، والله لو كنت في سنّ نوح وشيبة إبليس وخلقة منكر ونكير ومعي مال لكنت أحبّ إليها من مقتر في جمال يوسف وخلق داود وسنّ عيسى وجود حاتم وحلم أحنف.
ولن تبلغ العليا بغير الدراهم
مرّ سليمان بعصفور يدور حول عصفورة فقال: هل تدرون ما يقول؟ يقول:
زوّجيني نفسك حتى أسكنك عرفة بدمشق، وكذب، ما بدمشق عرفة، ولكنّ كل خاطب كذّاب.

خزيمة التميميّ:
قالوا نكحت صغيرة فأجبتهم ... أشهى المطيّ إليّ ما لم يركب
كم بين حبّة لؤلؤ منظومة ... ثقبت وحبّة لؤلؤ لم تثقب
فأجابته امرأة:
إنّ المطيّة لا يلذّ ركوبها ... ما لم تذلّل بالزمام وتركب
والدرّ ليس بنافع أربابه ... ما لم يؤلّف في النظام ويثقب
يقال: بنت عشرة لوزة مقشّرة للناظرين، بنت خمسة عشر لعبة للاعبين، بنت عشرين ذات شحم ولحم ولين، بنت ثلاثين ذات بنات وبنين، بنت أربعين عجوز في الغابرين، بنت خمسين اقتلوها بالسكين، بنت ستين عليها لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
مرضت عجوز فأتى ابنها بطبيب فرآها متزيّنة بأثواب مصبوغة، فعرف حالها فقال: ما أحوجها إلى الزوج، فقال الابن: ما للعجائز والأزواج؟ فقالت:
ويحك أنت أعلم من الطبيب؟!. رغبت عجوز إلى أولادها أن يزوّجوها، وكان لها سبعة بنين، فقالوا: إلى أن تصبري على البرد متعرّية لكلّ واحد منّا ليلة، ففعلت، فلما كانت في السابعة ماتت فسمّيت تلك الأيام أيام العجوز. قالت امرأة: لا يعجبني الشابّ يمطح مطح «1» المهر طلقا أو طلقين ثم يربض بناحية الميدان، ولكن أين أنت من شيخ يضع قبّ استه «2» على الأرض ثم سحبا وجرا. قيل: لا تشبع عين من نظر، ولا أرض من مطر، ولا أنثى من ذكر، ولا أذن من خبر. قيل لرجل كانت امرأته تشارّه: أمّا أحد يصلح بينكما؟ قال:
قد مات الذي يصلح بيننا. قيل لأعرابيّ يسرف في الجماع: أما تخاف عليك العمى؟ فقال: وهبت بصري لذكري. قيل: لم ير فيما يعاشر الناس أعمر من البغال ولا أقصر عمرا من العصافير. بعض الأطباء: منيّك نفسك فإن شئت فأخرج وإلّا فلا. جالينوس: صاحب الجماع يقتبس من نار الحياة فليكثر منه أو ليقلّ. قيل لأرسطاطاليس: أيّ وقت أجامع؟ قال: إذا اشتهيت أن تضعف.
أبقراط: مثل المنيّ في الظهر كمثل الماء في البئر، وإن نزفته فار، وإن تركته غار. وعنه: إنّ المجامع يقترح «1» من ماء الحياة. وسئل: كم ينبغي للإنسان أن يجامع؟ قال: في كلّ سنة مرّة، قيل: وإن لم يصبر؟ قال: في كلّ شهر.
قيل وإن لم يصبر؟ قال: في كلّ أسبوع مرّة. قيل: وإن لم يصبر؟ قال: منيّه روحه أيّ وقت شاء يخرجه. معاوية: ما رأيت منهوما على الجماع إلّا تبيّنت ذلك في مشيته.
أبو عليّ بن سينا:
لا تكثرنّ من الجماع فإنه ... ماء الحياة يصبّ في الأرحام
سئل الحارث بن كلدة «2» عن وقت الجماع فقال: عند إدبار الليل يكون الجوف أخلى والنفس أهدى والقلب أشهى والرحم أوفى، فإن أردت الاستمتاع نهارا تسرّح عينيك في جمال وجهها، ويجتني فوك من ثمار حسنها، ويعي سمعك من حلاوة لفظها، وتسكن الجوارح كلّها إليها. قال معاوية لصعصعة:
أيّ النساء أشهى؟ فقال: المواتية لما تهوى، والمجانبة لما لا ترضى. تزوّج رجل امرأة فقال: إنّي سيّىء الخلق، فقالت: أسوأ خلقا منك من أحوجك إلى سوء الخلق. فما جرى بينهما وحشة إلى الموت. الأصمعيّ رأيت رجلا يطوف بالبيت يحمل شيخا كبيرا، فقلت له: أحسن إليه، فقال: من تراه لي؟ قلت:
أبوك أو جدّك، فقال: هو ابني صيّره إلى ما رأيته سوء خلق امرأته.
رأى يحيى بن أكثم في دار المأمون جماعة من صباح الغلمان فقال: لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ
«1» ، فرفع ذلك إلى المأمون فعاتبه، فقال: إنّ وردي انتهى إلى هذا الموضع. قيل لأبي نواس: زوّجك الله الحور العين، فقال: لست بصاحب نساء، بل الولدان المخلّدين. قيل لشيخ يتعاطى اللواطة: أما تستحي؟
قال: أستحي وأشتهي. قيل للوطيّ: السارق والزاني يستر حالهما وأنت افتضحت واشتهرت. فقال: من كان سرّه عند الصبيان كيف لا يفتضح؟.
إسحاق الموصليّ: كان لي جار يعرف بأبي حفص وينبز باللواطة، فمرض جاره فعاده فقال له: كيف تجدك أما تعرفني؟ فقال المريض بصوت ضعيف: بلى أنت أبو حفص اللوطيّ، فقال: تجاوزت حدّ المعرفة لا رفع الله جنبك. قيل:
بلغ من تلوّط فلان أنه يقبّل الخرء لقرب عهده من الاست. قيل لأبي مسلم صاحب الدعوة: لم قدّمت الغلام على الجارية؟ قال: لأنه في الطريق رفيق، وفي الإخوان نديم، وفي الخلوة أهل. قيل لبعضهم: لم اخترت الغلام؟
فقال: لأنه لا يحبل ولا يحيض. قيل لبعضهم: لم فضّلت الغلمان؟ قال:
لقد أوصى كتاب الله فينا ... بتفضيل البنين على البنات
سأل بعضهم رجلا: إلى أيّ الجنسين تميل من غلام أو جارية؟ فقال:
إلى كليهما، فقال: أنت إذا الغراب يأكل الخرء ويلتقط الحبّ. قيل لرجل حصل مع صبيّ على منارة وقد حلّا سراويلهما: ما تصنع؟ قال: أبدل تكتي بتكته. أدخل الجمّاز غلاما ففعل به، فلمّا سئل الصبيّ فقال: أدخلني الجمّاز لأفعل به. فبلغ ذلك الجمّاز فقال: قد حرّمت اللواطة إلا بوليّ وشاهدين. خرج غلام من حمص إلى بغداد فرأى كثرة الاستمتاع بالإجارة، فاستردّته أمّه لمرمّة «1» طاحونة له بحمص، فكتب إليها: يا أمّاه إن استا في العراق خير من طاحونة بحمص. قيل في غلام: اكتسب بالإجارة ثم اتّجر، فقطع عليه الطريق.
وضامن الأقوات والأرزاق ... ما أفلحت دراهم البزاق
قال رجل لغلامه: يا مؤاجر، قال: أنت صيّرتني كذا. قيل لمؤاجر في رمضان: هذا شهر كساد، قال: أبقى الله اليهود والنصارى. قيل في مخنّث:
له قراح في سراويله ... يزرع فيه قصب السكر
قال رجل لغلام يصحبه فتركه ومال إلى آخر: يا غدّار تركتني؟ فقال: الدنيا قبّان ونحن مع الرجحان. بشار:
من زادنا النقد زدنا في مودّته ... ما يطلب الناس إلا كلّ رجحان
كتب غلام على تكّته:
أقفلت يا قوم على تكّتي «1» ... وإنما مفتاحها الدرهم
راود أبو الهذيل غلاما، فقال: أنا للنظر لا للواطة.
نصيب الفتى في الروض شمّ ونظرة ... وما الرعي إلّا من طباع البهائم
غيره:
وكنّا نرجي أن نرى العدل ظاهرا ... فأعقبنا بعد الرجاء قنوط
متى تصلح الدنيا ويصلح أهلها ... وقاضي قضاة المسلمين يلوط
سئل الأحنف: ما بال أستاه الرجال يكون عليها الشعر دون أستاه النساء؟
فقال: أستاه الرجال حمى وأستاه النساء مرعى. سئل مخنّث: ما بال هن النساء ينبت أسرع؟ فقال: لقربه من السماء ويسقى من فوق.
قال رجل لابن شعيب: إني إذا دخلت الصلاة انتشرت آلتي، هل تكون لي الصلاة؟ فقال: طوبى لك، فأنا أتمنّى ذلك في الفراش. قال رجل لجارية: ما أوسعك! فقالت: فديت من كان يملؤه. بعض الأكابر اشترى جارية، فقيل:
كيف وجدتهافقال: فيها خصلتان من الجنة، البرد والسعة. كان رجل يعشق جارية فاجتمع بها ليلة فأخذ يعاتبها، فقالت: يا جاهل، دع الكتاب والعتاب واجعل قميصي بجنبي. استعرض رجل جارية فقال: أتحسنين أن تضربي بالعود؟ فقالت: لا، ولكن يعجبني أن أجلس على العمود. قيل لبصريّة:
أتشتهين الرجال؟ قالت: لا أدري غير أني أعلم أن الأوّل داء والثاني دواء والثالث شفاء ومن ربّع فنفسي له فداء. كانت امرأة تبكي عند قبر فقيل لها: من هو؟ قالت: زوجي وكان والله يجمع بين الجناح والساق ويهتزّ منه الصارم للأعناق، وقالت: قد كذبتك امرأة تزعم أنها تبكي لغير ما أخبرتك به. تزوّج رجل امرأة فلمّا دخل عليها أخذ يقبّلها ويلاعبها فقالت:
ليس بهذا أمرتني أمّي ... والله لا تمسّني بضمّ
ولا بتقبيل ولا بشمّ ... إلا بزعزاع يسلّ همّي
لمثل هذا ولدتني أمّي
تزوّج رجل بامرأة فولدت في اليوم الخامس، فمشى الرجل إلى السوق واشترى لوحا ودواة، فقيل: ما هذا؟ قال: من يولد في خمسة أيّام يمشي إلى المكتب في ثلاثة أيام. كان أبو دلف متشيّعا ويقول: من لم يعلن التشيّع فهو ولد زنى، فقال ابنه دلف: لست على مذهبك، فقال: والله لقد وطئت أمّك قبل الشّراء.
ابن سيرين ألذّ الجماع أفحشه. الأحنف: إذا أردتم الحظوة عند النساء فأفحشوا في الجماع وأحسنوا الخلق. قيل للشعبيّ: ما تقول في رجل إذا وطىء امرأته تقول: قتلتني، أوجعتني؟ فقال: اقتلها ودمها في عنقي. قيل: موطنان يذهب فيهما العقل: المباشرة والمسابقة. الحسن: أكثروا من مداعبة النساء وملاعبتهنّ، ولا تكونوا كالبهيمة التي يطرقها الفحل بغتة، فالمداعبة للشهوة كالرعد والبرق للمطر.
إنما القبلة عنوان الصلة ... مثل عربون الحمول المقبلة
طلب رجل إلى امرأة فقالت: الإيناس قبل الإبساس «1» . جامع رجل فاجرة، فلمّا قرب من الفراغ قال: ما تقولين في الاعتزال؟ قالت: بلغني أنه مكروه، فقال: ولم يبلغك في الزّني كراهية؟. كان ليوسف بن عمر جارية تصحبه في السفر والحضر، وكانت يوما قائمة على رأسه إذ ورد عليه كتاب فقرأه فتغيّر وجهه، فقالت: كتاب عزل؟ قال: كيف علمت؟ قالت: بتغيّر وجهك هذا عندك من مرّة واحدة، فكيف حالي وأنا أطعمه عندك دائما؟. قعد أعرابيّ بين رجلي امرأة فلم يتحرّك ساعة، فقالت: يا خائب! فقال: الخائب من فتح جرابه ولم يكتل فيه. قال رجل لامرأة: أريد أن أذوقك لأعلم أنت أطيب أم امرأتي، فقالت: سل زوجي فإنه ذاقني وذاقها. فخجل الرجل.
قيل:
فلم يزل خدّها ركنا ألوذ به ... والخال في صحنه يغني عن الحجر
المرزوقيّ: كثير من نساء العرب طلبن التشبيب من الشعراء مع العفّة كعزّة وليلى وميّة وللخلفاء معهنّ محاورات. عن بعض السلف لمّا حجّ قال لصاحبه:
هل نتمّ حجّنا؟ ألم تسمع قول ذي الرّمة «1» :
تمام الحج أن تقف المطايا ... على خرقاء واضعة اللثام «2»
عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ما من حلال أبغض إلى الله من الطلاق» . كان الحسن بن عليّ رضي الله عنهما مطلاقا مذواقا «3» ، فقيل له في ذلك فقال: رأيت الله تعالى علّق بهما الغنى فقال: وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ
«4» ، وفي موضع آخر: وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِن
سَعَتِهِ
«1» . قيل: أجمل القبيح الطلاق. وقيل: الفرج بعد الشدّة لفظ الثلاث «2» . بعضهم: الحمد لله الذي جعل في الطلاق اختلاسا للأرزاق فقال:
وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ
. قيل: إذا لم يكن وفاق فطلاق.
بعضهم: تعاهدوا نساءكم بالسبّ وعوّدوهنّ بالضرب، وكونوا كما قال الله تعالى: وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَ
«3» الآية. والله أعلم.


- روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار
المؤلف: محمد بن قاسم بن يعقوب الأماسي الحنفي، محيي الدين، ابن الخطيب قاسم (المتوفى: 940هـ)



صورة مفقودة
 
أعلى