أبو عبد الله محمد بن الحسن الكتاني الطبيب - كتاب التشبيهات من أشعار أهل الأندلس

الجزء الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه أستعين
التشبيهات لأهل الأندلس


19 - باب في الحسن

- 220 -
قال يحيى بن الحكم الغزال
فارعة الجسم هضيم الحشا ... كالمهرة الضامر لم تركب (1)
أو درة ساعة (2) إستخرجت ... لم تمتهن بعد ولم تثقب
مشربة اللون متوع الضحى ... صفراء بالآصال كالمذهب (3)

- 221 -
وقال أحمد بن عبد ربه (4)
تريكة أدحي ودرة غائص ... ودمية محراب وظبية قانص (5)
هو البدر إلا أنني كل ليلة ... أرى البدر منقوصا وليس بناقص

- 222 -
وقال يوسف بن هارون (1)
قد وضع الكف على خده ... مفكرا من غير أشجان
كأنما يستر عن ناظري ... بنانه وردا بسوسان
كأنما أطرافه فضة ... صيغ لها أظفار عقيان

- 223 -
وقال ابن عبد ربه (2)
رشا سجد الجمال لوجنتيه ... كما سجد النصارى للصليب
عليه من محاسنه شهود ... تؤديها (3) العيون إلى القلوب
يلاعب ظله طربا ولهوا ... كما لعب الشمال مع الجنوب

- 224 -
وقال سعيد بن العاصي
وكأنما لبس الكواكب حلة ... وأقل تاج الحسن فوق المفرق
في عارضيه بعنبر مكتوبة ... لامان إلا أنها لم تمشق
وصلت براء من عبير قد علت ... شفتي عقيق تحته در نقي
وكأنما أعلاه فوق جبينه ... ليل أناف على صباح مشرق
وقال أحمد بن عبد الملك (1)
معشوقة الحركات ينفث طرفها ... سحرا به تعطي الحياة وتمنع
كالشمس طالعة ولم يك قبلها ... للشمس من فلك القراطق (2) مطلع

- 226 -
وقال ابن عبد ربه (3)
أبيت تحت سماء اللهو معتنقا ... شمس الظهيرة في ثوب من الغسق
بيضاء يحمر خداها إذا خجلت ... كما جرى ذهب في صفحتي ورق

- 227 -
وقال علي بن أحمد (4)
بيض كبيض الهند في أفعالها ... فلذلك قيل ظبا وقيل ظباء
فترى محاسنها تروق كأنما ... نشرت عليها وشيها صنعاء


20؟ باب في الشعر وسواده وشقرته

- 228 -
قال يوسف بن هارون (5)
وليلة لمة تبقى العيون الروامق من دجاها في ضلال ...
وكنت عن الليالي غير راض ... بحال إذ جنت تغيير حالي
فلما أن رأيت الليل شبها ... للمته رضيت عن الليالي

- 229 -
وقال أيضاً
وجدتك دهرا (1) ثانيا: شعرك الدجى ... ووجهك إصباح، وهجرك كالصرف (2)
فإن أبغ صبحا كان خدك مصبحي ... (3) وإن أبغ ليلا بت في شعرك الوحف

- 230 -
وقال عبادة
كلما مست في الرداء توارت ... (4) بقناع غزالة الأبراج
أو تمشت (5) بحاسر الرأس أوفى ... ملك للملاح من غير تاج
وكأن التفاف شعرك جعدا ... فوق وجه يضيء ضوء السراج
طبق (6) مكفأ من التبر محضا ... تحته للعيون لعبة عاج

- 231 -
وقال علي بن أبي الحسين
أرى صباحا منيرا فوق جبهته (1) ... (2) ليل كأن دجاه حالك السبج
وروضة طلعت، فيها لأعيننا ... ورد تفتح بين السوسن الأرج

- 232 -
وقال سليمان بن بطال الملتمس الفقيه (3)
وشادنين ألما بي على مقة ... تنازعا الحسن في غايات مستبق
كأن لمة ذا من نرجس خلقت ... على بهار وذا مسك على ورق
وحكما الصب في التفضيل بينهما ... ولم يخافا عليه رشوة الحدق
[فقام يدلي إليه الريم حجته ... (4) مبينا بلسان منه منطلق]
فقال: وجهي بدر يستضاء به ... ولون شعري مقطوع (5) من الغسق
وكحل عيني سحر للنهى وكذا ... ك الكحل (1) أحسن ما يعزى إلى الحدق فقال (2) صاحبه: أحسنت وصفك لكن فاستمع لمقال في متفق ...
أنا (3) على أفقي شمس النهار ولم ... تغرب وشقرة شعري شقرة الشفق
والشمس لولا سناها لم يكن شفق ... (4) يبدو إذا ما ألم الليل بالأفق
فضل ما (5) عبت في عيني من زرق ... إن الأسنة قد تعزى إلى الزرق
قضيت للمة الشقراء حين حكت ... لوني، كذا حبه (6) يقضي على خلقي
فقام ذو اللمة السوداء ترشقني ... سهام أجفانه من كثرة (7) الحنق
وقال: جرت، فقلت: الجور منك على ... قلبي ولي شاهد من دمعي الغدق
فقلت: عفوك إذ أصبحت متهما ... فقال دونك هذا الحبل فاختنق

- 233 -
وقال يوسف بن هارون (1)
ومحير اللحظات تحسبه لحيرتهن من سنة المنام منبها ...
وبياضه في شقرة فتقارنا ... حسنا بلا ضد فكانا أشبها كسلاسل الذهب المورس فوق وجه من لجين بالملاحة قد زها ...
وكذا الصباح بياضه في شقرة ... فكأنه بهما غدا متشبها
وإذا بدا التوريد في وجناته ... فكأنه صرف المدامة في المها

- 234 -
وقال أيضاً (2)
فأبديت وجها تحت ترجيل لمة ... فكان كبدر تحت ليل مرجل
ومثله بالبدر أيضاً حقيقة ... بغالية صرف أدق ممثل
عذاران خطا فوق وجهك زينة ... عليه وحبا للعذرا المعجل
وقد طر منها شارب فوق مبسم ... كفص (3) عقيق باللآلي مكلل


21 -؟ باب في أصداغ القيان وعذر الغلمان

- 235 -
قال سليمان بن محمد بن بطال
ترنو لواحظنا لتقطف ورده ... فتدب عقربه فتلسع من رنا
فكأن عقرب صدغه في خده ... دبت لتمنع ورده أن يجتنى

- 236 -
وقال ابن بطال
رشاً راش بالسحر أجفانه ... أنيس يصيد قلوب الأنس
كليل أراد يمد الظلام ... (2) فكف بتوريد (1) وجه الغبس
وأشفق أن ينجلي صبحه ... فصار على الخد منه حبس (3)

- 237 -
وقال مروان بن عبد الرحمن
له وجه يحسن وجه عذري ... إذا ما رحت مخلوع العذار
كأن عقارب الأصداغ منه ... عقارب سمها في القلب سار

- 238 -
وقال يوسف بن هارون (4)
معجم الحسن بخالين: على ... تغره الأصغر والخد الأجل
فالذي في الخد طورا آفل ... تحت صدغ فوق صبح قد رحل (1)
يتجافى (2) فإذا لاحظته ... رجع الصدغ إليه فانسدل
فكأن الصدغ يخشى عابثا ... ثاره (3) فهو عليه مشتمل
وكأن المعتلي مبسمه ... جاء من عند أخيه للقبل
فسعى حتى إذا ما اشتمه ... غلب الروع عليه فمثل

- 239 -
وقال أيضا (4)
وصدغين كالنونين كالليل عقربا ... على ورق إن يلق لحظا تعسجدا
وشعر لو أن الليل يكسى سواده ... لسار، وبدر التم في الليل، ما اهتدى

- 240 -
وقال محمد بن أبي الحسين
بنفسي عقربان بصحن خد ... بخمر جفونه متنادمان
إذا التقيا ترى لهما عناقا ... كأن لفرقة يتوادعان

- 241 -
وقال ابن هذيل
يرنو وقد ألف الكرى ... (1) يرنو إليك بمقلتي يعفور
وانساب في الخد الأسيل عذاره ... فكأنه مسك على كافور

- 242 -
وقال يوسف بن هارون (2)
غرر اللجين وفوقها ... أصداغ عقيان لواعب
توجن (3) منه وأرسلت ... منه إلى الكثب الذوائب
أصداغهن مع الذوا ... ئب كالأساود والعقارب


22؟ باب [في] إشراق الوجه وتشبيه الخدود والخيلان

- 243 -
قال يوسف بن هارون (4)
وكأن در الخد يكسى حمرة الياقوت من نظر العيون إليه ...
وكأن خجلته إذا ما فارقت ... وجناته عادت إلى شفتيه

- 244 -
وقال أيضاً (1)
وتنعمت في خدود صباح ... زائدات على بياض الصباح
صار فيها الخيلان في الورد شبها ... للغوالي (2) في أحمر التفاح

- 245 -
وقال أيضاً يصف آثار الجدري (3)
إن وجها كالبدر في الإشراق ... (4) يلحق السائحين بالعشاق
زانه شين غيره، جدري ... سحره مثل سحر تلك المآقي
فكأن الوجه الجميل لآل ... ملصقات بناصع الأوراق
واعترى في التصاقها جدري ... فاستبانت مواضع الإلصاق

- 246 -
وقال أيضاً
بأبي صفحة (5) ترى الشخص فيها ... في صفاء أصفى من المرآة
ينزع (6) الناس نحوها بازدحام ... كازدحام الحجيج في عرفات

- 247 -
وقال ابن هذيل
وجه أغر كأنه بدر الدجى ... فعليه من نور السعود كمال
تتزاحم اللحظات في إشراقه ... فكأنه فوق العيون هلال

- 248 -
وقال علي بن أبي الحسين
بنفسي ألحاظ إذا ما تشبثت ... بجاهل عشق علمت كيف يعشق
وخد شروق الشمس في صفحاته ... فما قابلت من مهجة فهي تشرق
حكى (1) مرتعا في كل حين فنوره ... أقاح وسوسان وورد منمق
وما ألهج الصب المشوق بحبه ... سوى لهجة في وعده ليس تصدق

- 249 -
وقال أبو عوف القرشي
لاحظته والرقيب مشتغل ... لحظة مستعطف شكا ألمه
فصد عني بوجهه خجلا ... وعض من خيفة الرقيب فمه
ورد فرط الحياء وجنته ... كأنما الصدغ غيرة لطمه

- 250 -
وقال محمد بن مسعود البجاني (2)
ويحي على الشادن الذي لعبت ... (3) جفونه بالبريء والنطف
أهيف مثل القضيب مئزره ... يلطم ما فوقه من الهيف
كالبدر وجها، كالغصن منعطفا ... (1) كالدر لفظا، كالروضة الأنف
أغنته عند الورى محاسنه ... عن اتخاذ العقود والشنف
يجول في خده الجمال كما ... جالت معاني البيان في صحف
أسكر قلبي بكاس مقلته ... سكران (2) بين الحياء والصلف

- 251 -
وقال يوسف بن هارون (3)
يا ثوبه الأزرق الذي قد ... فات (4) العراقي في السناء (5)
يكاد وجه (6) الذي يراه ... يكسى بياضا من الضياء
كأنه فيك بدر تم ... يقطع (7) فيزرقة السماء


23؟ باب في فتور العين ومرضها وغنجها

- 252 -
وقال أحمد بن عبد ربه (8)
وكأنما ترنو بعين غزالة ... فقدت بأعلى الربوتين غزالها
بيضاء تستر بالحجال ووجهها ... كالشمس يستر بالضياء حجالها

- 253 -
وقال ابن هذيل
كأن عيونهن عيون عين ... فواتر قد سكرن بغير راح
يموت العذل (1) في أهل التصابي ... بهن، فما لأهل العشق لاح

- 254 -
وقال يوسف بن هارون (2)
في لحظ طرفك عبرة لسقامه ... وفعاله فعل الحمام المتلف
فكأنه (3) فلل بدا في مرهف ... ماض وليس بضائر للمرهف

- 255 -
وقال علي بن أبي الحسين
وأرسلت نحوي من جفونك مرهفا ... أرق من الشكوى وأخفى من الحدس
كأن (4) غراريه، وإن كان فلها ... فتورا، حمام لا يلبث بالنفس
أدير لحاظ العين فيك فأنثني ... وقلبي في حزن وعيني في عرس


- 256 -
وقال صاعد بن الحسن
فردت أعين الرقباء حيرى ... بألحاظ كألحاظ المروع
ولم يك في إذ رحلوا سوى أن ... أغازلهم بأطراف الدموع

- 257 -
وقال ابن عبد ربه (1)
مظلومة باللحظ وجنتها ... وجفونها جبلت على الظلم
وكأن عينيها تضمنتا ... ما في فؤادك من جوى السقم

- 258 -
وقال يوسف بن هارون (2)
وأحور وسنان الجفون (3) كأنما ... به سقم في لحظه غير موجع
كأن بعينيه خضوعا ومن رمي ... بألحاظه تلك الخواضع يخضع


24؟ باب في الثغر وطيب الريق

- 259 -
قال يوسف بن هارون (4)
وقد (5) قطبت شهدا مدامة ثغره ... وما في الجفون الفاترات هي الصرف
لذا (1) يقتل الصرف الذي في جفونه ... ويلتذ، مما في مراشفه، الرشف
أقول ولم أكمل لهم وصف حسنه: ... على رسلكم، في حسنه انقطع الوصف
هو الدر والمرجان والبدر والدجى ... هو الورد والسوسان والغصن والحقف

- 260 -
وقال أيضاً (2)
يا حبذا الفلج المعسول ريقته ... وكل حرف به من لفظه خطرا
يغر كحق به الدر النفيس غدا ... ملآن منه فمنظوما ومنتثرا
يجاوز النطق حسن الثغر منتبذا ... كأنها درر قد أرسلت دررا

- 261 -
وقال أيضاً (3)
قد صحونا عن الشراب على فرط اشتياق إليه إذ أنت صاح ...
غير أني عوضت من شرب كاس ... قهوة الريق في كؤوس الأقاحي
ما فجعنا بالراح كاسا بكاس ... من ثغور فيهن راح كراح

- 262 -
وقال أيضاً (1)
نطقت عن أشنب فيه خمر ... برضاب الشهد فيه تشعشع
وعلى الأشنب بابا عقيق ... يحفظان الدر بان لا يضيع
تحت قفل من الزمرد يحكي ... شارب الأمرد عند الترعرع

- 263 -
قال ابن عبد ربه (2)
ورضاب (3) كأنه ما يمج النحل طيبا وما يسح (4) الحبي ...
علنيه بدر من الإنس يا من ... ظن بالبدر أنه إنسي

- 264 -
وقال مروان بن عبد الرحمن
وأحاول السلوان عن حبي له ... (5) فيعزني منه أغر مفلج
كالأقحوان سقاه أري رضابه ... وجلاه من صبغ السواد بنفسج

- 265 -
وقال مؤمن بن سعيد
من كل خلود لو تعل مدامة ... حسبت مراشفها المدام مداما
حوراء ساجية الجفون بطرفها ... سقم يولد سحره الأسقاما

- 266 -
وقال محمد بن عبد العزيز
ويبسم عن ألمى أغر كأنه ... أقاح حبته مزنة بالتبسم
كأري لصاب شيب بالماء ريقه ... (1) إذا مجه، أو كالرحيق المختم

- 267 -
وقال علي بن أبي الحسين
عانقته فرأيت منه شمائلا ... حسن القضيب لحسنها مستعبد
ولثمته فحسبت ريقه ثغره ... ضربا ومزنا وهي نار توقد


25؟ باب في النهود

- 268 -
وقال يوسف بن هارون (2)
ليالي يميني تقبض الكاس مرة ... وأخرى لها قبض على نهد كاعب
نهود كتفاح اللجين كأنها ... لتدويرها قد أفرغت في قوالب

- 269 -
وقال عبد الملك بن جهور بن الوزير
أخف وقعي وأسعى سعي مستتر ... علي ستر من الظلماء والغسق
وأجتني لك نهدا لا نظير له ... كأنما هو رمان على طبق الظلماء والغسق واحد، والعرب تعيد المعنى إذا اختلف اللفظان، قال الله عز وجل:
(لا ترى فيها عوجا ولا أمتا) (طه: 10 - 7) وقال: (فلا يخاف ظلما ولا هضما) (طه: 112) وقال (ثم عبس وبسر) (المدثر: 22) وقال (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) (يوسف: 86) وكل ذلك من اللفظين واحد.

- 270 -
وقال يوسف بن هارون (1)
وشكوى الصب من ألم شديد ... وشدة ضم رمان النهود
جسوم كالمياه يضم منها ... إذا اعتنقت نهودا كالحديد

- 271 -
وقال أبو عثمان السرقسطي
ورسولي إليك أصلحك الله غزال كالبدر في الدجن لاحا ...
حسنته يد الطبيعة حتى ... صيرت وصله حلال مباحا
حسنت صدره (2) بأنبل رما ... ن تحاكي أطرافهن الرماحا

- 272 -
وقال ابن الخطيب
وناجمان من التفاح في غصن ... يميله نفس المضنى به هيفا
يدافعان إلى الألحاظ ما لبسا ... كالسر في صدر نمام ولو كشفا (1)
لو لم يكفهما ضعف للينهما ... لمزقا عنهما بالدفع ما التحفا

- 273 -
وقال محمد بن أبي الحسين
وبعثنا بمثل نافرة الغزلان صنفين بين دعج وحور ... ناجمات النهود مثل حقاق العاج في اللطف مدمجات الخضور (2) ... يتثنين مائسات فيثنين قدود الغصون تحت البدور...

- 274 -
وقال عباس بن ناصح
قل لعبد الرحيم رفقا بعبدك ... لا تمت قلبه بلوعة صدك بذمام الهوى وبالسحر من عينيك والورد من شقائق خدك ... رق لي رقة تشاكل خصريك ولا تقس مثل قسوة نهدك ...


26؟ باب في مشي النساء وتشبيه القدود

- 275 -
قال عبد الملك بن جهور
أقبلت في ثوب عليك بنفسجي ... كالسوسن الأرج النقي الأبهج
كالروض حسنا قد تشرب ماءه ... فبدا به من حل كل حسن مبهج
وكأن مشيك للقضيب إذا انثنى ... وكأن جيدك للغزال الأدعج خفف الياء من " بنفسجي " للضرورة.

- 276 -
وقال ابن هذيل
مشين إلى الركاب وقد أنيخت (1) ... كما يمشي الأسارى في القيود
تغازلنا ملاء الخز عمدا ... بأطراف الروادف والنهود

- 277 -
وقال علي بن أبي الحسين
وكأن مشيته تهادي ديمة ... والوصل يبرق والتجني يرعد
نشوان من سكر الشباب كأنه ... غصن تجور به الرياح وتقصد (2)

- 278 -
قال يوسف بن هارون (3)
وكانت على (4) خوف فولت كأنها ... من الردف في قيد الخلاخل ترسف وأهدت سلاما عن بنان كأنها التماعا ووحيا بارق متخطف ...
بمعصم كافور بياضا، تكنه ... بغالية (5) من صبغه، وتطرف

- 279 -
وقال إسماعيل بن بدر
تحلت دياجي الليل إذ زار موهنا ... وخداه مكسوان وردا وسوسنا
غزال كقرن الشمس في رونق الضحى ... وإن لم يكنها كان أشهى وأزينا
فقلنا له: أهلا وسهلا ومرحبا ... قصارك منا أن تشم وتجتنى
فما تركته الكاس حتى كأنه ... قضيب من الريحان قد مال وانثنى وقال يوسف بن هارون
(1) [.................]...


27؟ باب في الحديث

- 280 -
قال أحمد بن فرج (2)
كلمتني فقلت در سقيط ... فتأملت عقدها هل تناثر
فازدهاها تبسم فأرتني ... عقد (1) در من التبسم آخر

- 281 -
وقال عبيد الله بن إدريس
وأنس أعاطيه الجليس كأنه ... حديث الأماني صدقتها المطامع
أو الوصل جاد الحلم فيه بموعد ... بل الوعد أوفاه خليل ممانع
كأن مدار الكأس في الشرب طيبه ... على العود لما استنطقته الأصابع

- 282 -
وقال أيضاً
وأذكرنا الشعبي طيب حديثه ... (2) وأخمل عمرا علمه وأبا عمرو
إذا ما شهدناه تقاصر يومنا ... بأنس حكى طيب السماع على الخمر
نعاطى من الإيناس راحا مريحة ... على العقل لا كالراح تغشاك بالسكر
فما يومه في الأنس إلا كساعة ... ويوم سواه في التطاول كالعمر

- 283 -
وقال ابن هذيل
فصلن ممحضا تجد بين فكيه لسانا (3) به يراض الكلام (4) ...
وحديثا كأنه قطع الروض ... (1) إذا ما همى عليه الغمام

- 284 -
وقال جعفر بن عثمان
ليلتي غمضة ونومي لحظه ... هكذا دهر كل من نال حظه
وكأن الحديث وهو فنون ... خفقات (2) السرور في كل لحظه

- 285 -
وقال صاعد بن الحسن
ما ضر أهلك من لمام مخالس ... قطع الحديث كوشي روض مرهم (3)
هل غير شكوى مدنف قذفت به ... برحاء وجدك في لهيب مضرم؟ ؟


28؟ باب في الخصور والأرداف

- 286 -
وقال عبادة
ورأيت خصرك يشتكي ما أشتكي ... فضممته ضم النحيل نحيلا
فكأنما قلب الفراق تلاقيا ... (4) بالجزع أو حسب البكا تنويلا

- 287 -
وقال مروان بن عبد الرحمن (1)
دق منه الخصر حتى خلته ... من نحول شفه قد عشقا
وكأن الردف قد تيمه ... فغدا معنى علقا
ناحلا جاور منه ناعما ... كحبيي ظل لي معتنقا
عجبا إذ أشبهانا كيف لم ... يحدثا هجرا ولم يفترقا

- 288 -
وقال علي بن أبي الحسين
كيف التصبر عن بدر كلفت به ... خفت أعاليه فارتجت مآكمه
يكاد من رقة في خصره وجبت (2) ... من الكثيب، بأن يحويه خاتمه
شكا الأسى خصره إذ ظل يحمله ... كأنما هو مظلوم وظالمه

- 289 -
وقال ابن الخطيب
كأن خصرك ضعفا قد من جسدي ... (3) وثقل ردفك من همي إذا انعكفا
كأن لحظك أغوى مقلتيك به ... عمدا لتضعف من سقم كما ضعفا
كأن ردفك مما انحط منه نما ... حتى تضايق عنه المرط مكتنفا

- 290 -
وقال علي بن أحمد
تبغي القيام فتثنيها روادفها ... كأنما حملت منهن أوساقا
كأنما مقلتاها دون سائرها ... قد أنحلت خصرها وجدا وإشفاقا؟


29؟ باب في العناق والوداع

- 291 -
قال عبد الملك بن جهور
حتى اعتنقتك مشتاقا إليك كما ... يعانق الغصن غصنا ناعم الورق
وتحت أضلاعنا قلبان قد خفقا ... لما التقينا، من الإشفاق والفرق

- 292 -
وقال يوسف بن هارون (1)
تعانق في الأضلاع قلبي وقلبها ... وقام لنا وحي العيون بأذرع
وضمت على رمانتيها كأنما ... (2) تعانقني كفا أسير مكنع

- 293 -
وقال أيضاً
لما تهددني نصير بالنوى ... أفزعت من نأي (1) إلى هجران
فكأنني في ذا وذلك (2) حائر ... قد فر من أسد إلى ثعبان

- 294 -
وقال مؤمن بن سعيد (3)
عاد التذكر ذا الهوى المتجدد ... ومتى يعد ذكر الأحبة يكمد
أودى (4) الفراق بقلبه فكأنه ... بين الظعائن ميت لم يلحد

- 295 -
يا ظاعنا قلبي عليه هوجد ... أنى سلمت وناره تتأجج
سلكت به أيدي المطايا منهجا ... فيه لطيف الحزن نحوي منهج
فكأنه بدر الدجى يجري على ... فلك الأفول له السباسب أبرج

- 296 -
وقال يوسف بن هارون (5)
مضت بفؤادي بين أحشائه النوى ... فهن حلاء بعده كالمعالم
كأن النوى ليث أصيب بأشبل ... رأى ثاره بين الحشا والحيازم

- 297 -
وقال أيضاً
ولما رأيت الشمس تأفل بالنوى ... دعوت فلم أمنح إجابة يوشع
كأن النوى قد أوجعت باجتماعنا ... فبنا، فنالت برءها من توجعي

- 298 -
وقال ابن هذيل
مروا كما مضت السهام فلم تعج ... نحوي ركابهم ولم يتوقفوا
ورأيت محبوبي فمال بجيده ... نحوي كما مال القضيب الأهيف
حيران من (1) وجل البكاء كأنه ... نشوان قد غلبت عليه القرقف
فعصيت إقدامي فما ودعته ... (2) إلا مخالسة وعيري ترسف

- 299 -
وقال أيضاً
وضعنا على جمر الفراق خدودنا ... فعادت سماء الكبر من ذلنا أرضا
وقفنا وقوف الدمع من بهتة النوى ... فلم نستطع ركعا ولم نستطع نهضا

- 300 -
وقال أيضاً في الفراق يوم الطل (3)
لم يرحلوا إلا وفوق رحالهم ... غيم حكى غبش الصباح المعتلي (4)
وعلى (1) هوادجهم مجاجات الندى ... فكأنها مطرت بدر مرسل
لما تحركت الركاب تناثرت ... من فوقهم في الأرض بين الأرحل (2)

- 301 -
وقال عبادة
لم أر عجم البكاء يأخذه ... إذ قام عند العناق كالألف (3)
كأنه في وجيز خطرته ... خياله إذ سرى فلم يقف
كأنما الحب كان أسلفني ... نفسي فثم استردني سلفي 30؟ باب في البكاء

- 302 -
قال أحمد بن عبد ربه (4)
حوراء ناغتها (5) النوى في حور ... حكمت لواحظها على المقدور
وكأنما (6) غاص الأسى بجفونها ... حتى أتاك بلؤلؤ منثور

- 303 -
وقال أيضاً (1)
إليك فررت من لحظات عين ... خلعت بها القلوب من الصدور
تسيل مع الدموع جفون عيني ... كما سال الفؤاد مع الزفير

- 304 -
وقال محمد بن عبد العزيز
لما رأت عزمي بكت فتوردت ... بيض الدموع بخدها المتورد
تنهل وهي لآلئ وتعود في ... توريد خديها كلون العسجد

- 305 -
وقال ابن هذيل
تعلقن (2) بالأشفار من كل مقلة ... تغض فحاكين الجمان المؤلفا
وقد جد دمعي فوق خدي فعبرة ... تسيل وأخرى ماؤها ما (3) تنشفا
إذا اجتمعا نوعين قلت شقيقة ... أضيف إليها نرجس فتألفا

- 306 -
وقال محمد بن أبي الحسين
تكلم الجفن في جوانحه ... بالدمع حتى حسبت الجفن عاد فما
وجاد بالدم بعد الدمع يسكبه ... حتى كأن جميع الجسم فاض دما

- 307 -
وقال يوسف بن هارون (1)
كأن الدموع ماء ورد بأوجه ... (3) يخيلن (2) من حر اللجين مداهنا
كأن قد خشين (4) النكث في الحب بعدهم ... علينا فأعطينا القلوب رهائنا

- 308 -
وقال علي بن أبي الحسين
حليتها بدموع لو تبردها ... بوصلها لغدت في جيدها سمطا
تبيان وجد غدا سقمي صحيفته ... ودمع عيني على ألفاظه نقطا

- 309 -
وقال الهذلي
وبيني وبين المستقلة بالنوى ... دموعي ونور ساطع تحت برقع
كأن دموعي حاسدتني فلم تدع ... لواحظ عيني أن تودعها معي



..............
31 - باب في خفوق القلب




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كتاب التشبيهات من أشعار أهل الأندلس
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن الحسن الكتاني الطبيب (المتوفى: نحو 420هـ)
المحقق: إحسان عباس



.



صورة مفقودة
 
أعلى