نبيل محمود - لو أنّ.. *

السماء تسكب خمرتها الذهبية
يرشفها البحر فتتراقص النشوة فوق أمواجه
على أنغام شمسٍ تذوب..
وفيما تؤجّج أصابعُكِ
الحِنّاءَ المتوهّج في شَعركِ
يدغدغ الزبدُ الأبيض باطنَ قدميكِ
والرمل الناعم يخفق
في طبع آثار خطاكِ الورديّة على الشاطئ..
***
الشيخ القابع في مقعد وحدته
ضامرٌ بين دثاره وتجاعيده
يرمق بحافة عينه النهمة
التكوّرات والثنايا لفتاة الغروب
ويلتمس الدفءَ من مسرّات ضائعة..
***
ومِن هناك
من شرفته الخافتة
يرصدكما الكاتب المعذّب
((يقضم أظافره ويخدش نفسه)) *
يوقظ الفتنة تحت جلده
يلاحق الحياة الهاربة وظلالها الرمادية
ويقتنص اللحظات الساحرة
يتنكّر كراوٍ ويتسلّل إلى حفل الغموض البشري
منقبّاً وراء الأقنعة عن جمالٍ لابثٍ
لمْ يقضمْه الوقت أو تقرضه الهنيهات
يجرّد الرغبات الغافية من ثيابها الداكنة
يمحو الفاصل
بين الخارج والداخل
يدّس في حقيبته السردية بقايا الزمن المفتّت
ويغادر شرفته في قطار آخر الخيال..​
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* العنوان والاقتباس وفضاء القصيدة، كلها تحيل إلى رواية إيتالو كالفينو "لو أن مسافراً في ليلة شتاء..".
من قصائد ديوان حلوى الليل / 2016
اللوحة : Zdzisław Beksiński
e0a7b15626277e06fd36313a25cdfd15.jpg

 
أعلى