ياقوت الحموي - معجم الأدباء.. إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب

حمدة ويقال حمدونة بنت زياد بن بقي
من قرية بادي من أعمال وادي آش: كان أبوها زياد مؤدّبا، وكانت أديبة نبيلة شاعرة ذات جمال ومال مع العفاف والصون إلا أنّ حبّ الأدب كان يحملها على مخالطة أهله مع نزاهة موثوق بها، وكانت تلقب بخنساء المغرب وشاعرة الأندلس.
روى عنها أبو القاسم ابن البراق قال: أنشدتنا حمدة العوفية لنفسها وقد خرجت متنزهة بالرملة من نواحي وادي آش فرأت ذات وجه وسيم أعجبها، فقالت:
أباح الدمع أسراري بوادي ... له في الحسن آثار بوادي
فمن نهر يطوف بكلّ روض ... ومن روض يرفّ بكلّ وادي
ومن بين الظباء مهاة أنس ... سبت لبى وقد ملكت فؤادي
لها لحظ ترقّده لأمر ... وذاك الأمر يمنعني رقادي
إذا سدلت ذوائبها عليها ... رأيت البدر في أفق السواد
كأن الصبح مات له شقيق ... فمن حزن تسربل بالسواد
وقد نسب إليها أهل المغرب الأبيات الشهيرة المنسوبة للمنازي الشاعر المشهور وهي :
وقانا لفحة الرمضاء واد ... سقاه مضاعف الغيث العميم
حللنا دوحه فحنا علينا ... حنّو المرضعات على الفطيم
وأرشفنا على ظمإ زلالا ... ألذّ من المدامة للنديم
يصدّ الشمس أنى واجهتنا ... فيحجبها ويأذن للنسيم
يروع حصاه حالية العذارى ... فتلمس جانب العقد النظيم
أجمع أدباء المشرق على نسبة هذه الأبيات للمنازي، وهو أحمد بن يوسف المنازي المتوفى سنة سبع وثلاثين وأربعمائة وأنه عرضها على أبي العلاء المعري ، فجعل المنازي كلما أنشده المصراع الأول من كل بيت سبقه أبو العلاء إلى المصراع
الثاني كما نظمه المنازي. ونسبها أدباء الأندلس ومؤرخوها إلى حمدة، وجزم بذلك طائفة منهم، وفيهم من رواها لها قبل أن يخلق المنازي، والله تعالى أعلم.
ومن شعر حمدة أيضا:
ولما أبى الواشون إلا فراقنا ... وما لهم عندي وعندك من ثار
وشنّوا على أسماعنا كلّ غارة ... وقلّ حماتي عند ذاك وأنصاري
غزوتهم من مقلتيك وأدمعي ... ومن نفسي بالسيف والسيل والنار



%D9%84%D9%88%D8%AD%D8%A9-%D8%A8%D9%86%D8%AA-%D8%B1%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9.jpg
 
أعلى