أحمد بن يحيى بن فضل الله القرشي العدوي العمري، شهاب الدين - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار

أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن الحجّاج
فاتح باب، ومانح لباب، وماتح بحر لا غدير ولا سحاب، ونازح فكر يجيء بكلّ معنى قريب، وبمنى أجنبيّ وما هو بغريب. فتح باب المجون ومنح منه اللّباب المصون، وجاء بغرائب ما سبق إليها ولا لحق فيها، وقد زوحم عليها، وكان في هذا الباب نظير امرئ القيس فى ذلك الباب كلّ منهما افترع بكرا عذراء مالها أتراب «1» ، وأطلع حقيقة لا تتوارى بحجاب، ولا تصل إليها الأيدي وهي مطمعة أطماع السراب. جعل الهزل كالجّد الصريح، وكسا الباطل زخرفا حتى كأنّه الحقّ الصحيح، وأجاد في السّخف حتى استخفّ الوقور وهزّ المعاطف بنشأة المخمور، واخترع ملحا بها الإعجاب وما زاد على كلام الناس المتداول بينهم وفيه العجب العجاب.
وحكي أنّه كانت له في حارة الزطّ دار تجاورهم/ 236/ويتأدّى بها إلى سمعه تحاورهم، وكان يسمع من لغاتهم السخيفة ونزغاتهم الظريفة ما نظمه شعرا، وعلمه في بابل سحرا، وأعانه على هذا إقبال منه على الخلاعة وإقبال عليه نفّق له هذه البضاعة فكانت ملوك بني بويه وبني حمدان «2» فمن دونهم لا تقبل منه مديحا حتى يكون السّخف غزله ولا يعجبها منه الجدّ إلّا إذا كان الهزل أوّله، ولقد مدح بعضهم بقصيدة لطيفة يذوب غزلها وينوب عن لمى الشّفاه قبلها وعن ثغور الغيد المنظّمة مقبّلها. فلم يهشّ له الممدوح ولا جرى للبشاشة في قبولها روح، واستدعى المدح منه على طريقته المعهودة منه سلوكها المنضود به في ترائب اللهو سلوكها، فلمّا أتى بها على منهجه قبلت وكثّرت وما قلّلت، فكان بعد هذا مقبلا على شأنه في هذا الأسلوب قائلا منه ما يأخذ بمجامع القلوب، على أنّ المجمع عليه أنّه كان على طريق حميدة من العفاف وسبيل ما طار به قزعة مع الخفاف، وإنّما كان يقول هذا تظرّفا يهصر جنّاته الألفاف وتلطّفا لا يطرأ على ورقاته الجفاف «1» .
وقد قال عند موته لابنته، وقد هبب الهواء ثوبه عن سوءته: يا بنيّة غطّي سوءة ما عصت الله قط. وكان مقبوضا حتى غطّته فانبسط لكنّه كان رافضيا لا يسلم منه مذهبه، ولا يعلم منه في طرز الشعر ما ساء به مذهبه، وقد قيل إنّه رئي في النوم بعد موته فقيل له:
ما فعل الله بك؟ فقال: [من الرجز]
أفسد حسن مذهبي ... في الشعر سوء مذهبي
وحملي الجدّ على ... ظهر حصان اللّعب
لم يرض مولاي على ... سبيّ لأصحاب النّبي
فلم ينكر أديب من أهل عصره أنّها شعره، وشبيهة بشعره «2» .
وقد نقل أنّه أوصى أن/ يدفن عند رجلي موسى بن جعفر عليهما السلام، ويكتب على قبره: [وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد] «1» .
وقال الثعالبي «2» ، وقد أرخى العنان فيما اختار له على اختلاف الأوزان ممّا زان وخفّ على الأذهان، وقد ثقل في الميزان: ومحاسن ابن الحجاج لا تنتهي حتى ينتهى عنها.
ونحن الآن نذكر جوهره، ومن أبدع ما أثبته من سطره. قوله: [الخفيف]
جبل كنت في ذراه فزلّت ... من ذراه برجلي الصّفراء
معرض كيف دار درت بوجهي ... فهو شمس وعبده حرباء
وقوله: [الخفيف]
لا تسلني عن شرح حالي فإنّي ... كالخرا الرّطب فوق رأس الماء «3»
رجل فارغ المعا فارع الجوف ... من الجوع ضامر الأحشاء
فأنا اليوم من ملائكة الدو ... لة أحيا وحدي بغير غذاء
منها:
تشتكي خيله الوجى من سرى ال ... ليل إلى كلّ غارة شعواء
فإذا ما أراحها ركض الخوف ... بها في خواطر الأعداء
وقوله: [الخفيف]
ربّ ريح يوم الدواء دبور ... وسوست في عصاعص الأغبياء «4»
قدّروها فسا وقد كمن ال ... جعس في مهبّ ذاك الفساء
فإذا الفرش في خليج سلاح ... ذائب في قوام جسم الماء
فاتّق الله أن يغرّك ريح ... عصفت في جوانب الأحشاء
وقوله: [البسيط]
فديت من أبصرتني شبت مكتهلا ... فأمعنت باستها من لحيتي هربا
يصبو خراها إلى عثنون عاشقها ... كأنّ بين خراها واللّحى نسبا
كأنّ مبعرها في أصل شعرتها ... بثق أعدّوا عليه الشوك والحطبا
تصمّ إن ضرطت أذن الرقيب فلا ... عدمت فرقعة است تطرش الرقبا
ومدمج ذي خصى كالضرع محتقبا ... ما مصّ مذ نحو شهرين ولا حلبا
كأنّه ثعلب في الكرم يطفر ما ... بين العناقيد حتى يخرط العنبا
تشكّكت باستها فيه أمن خشب ... قد صار أم هو شيء يشبه الخشبا
كأنّه ساجة لو شرّحت جعلت ... لبعض أبواب أحجار النسا عتبا
وأنشدت بعد ما جسّته فقحتها ... فما رأت ثمّ لا لحما ولا عصبا
أمسى يواثبني فى استي فأدّبني ... أبعد خمسين منّي تبتغي الأدبا
منها فى الخمر:
حمراء يمسي بناني وهي فوق يدي ... منها بمثل شعاع الشمس مختضبا «1»
وأربح الناس عندي في تجارته ... محصّل يشتري بالفضة الذّهبا
وقوله: [الطويل]
فمن غادة ملتفّة الخصر شحمها ... نديف على أردافها والحوالب
ومن أمرد تنزو الفياش على استه ... إذا كظّها الإنعاظ نزو الجنادب
وقوله: [المنسرح]
كأنّ شفريه عندما هدلا ... شدق بعير مهنأ جرب
كأنّ ناسور باب مبعرها ... عنقود كرم مزّيت العنب
كأنّما الأير فوق عصعصها ... راكب جمّارة على قتب
ومنه قوله: [الخفيف]
خضبت رأسها ووجّهت ... بسوء فها فكانت جوابي
وعلى رأسها ولا تصب الخصّ ... ردا حائل بلون التراب
فتوهّمت رأسها من بعيد ... قفصا فيه طائر عنّابي
وقوله: [الطويل]
وكان ولائي قبله مثل قبضة ... من الريح في منقار عنقاء مغرب
وقوله: [مخلع البسيط]
وصيد زبّي لكسّ ستّي ... ليس بناب ولا بمخلب
بخصية جلدها مدلّى ... وفيشة رأسها مدبّب
أحسن من صيد ألف كلب ... في كلّ يوم لألف أرنب
صبيّة بظرها بجنبي ... يبيت مثل الصبي المحصّب
مفعول باب استها يأير ال ... فاعل فوق الفراش ينصب
ومنه قوله: [المتقارب]
وأيّة دار تيمّمتها ... تيمّم بوابها حجبتي «1»
فإن أنا زاحمت حتى أموت ... دخلت وقد خرجت مهجتي
فيدفعني الناس بعد الوصو ... ل إليهم وقد فترت همّتي
وإن قدّموا خيلهم للركو ... ب خرجت فقدّمت لي ركبتي
ولا لي غلام فأدعو به ... سوى من أبوه أخو عمتي
وكنت برأس كظهر الغداف ... فقد صرت أقرع من فيشتي
ومنه قوله: [الخفيف]
نطق الموت بك يدعو ... ك وأنصارك الحضور سكوت
ليس ملك يزيله الموت ملكا ... إنّما الملك ملك من لا يموت
ومنه قوله: [السريع]
رأيتها وهي على سطحها ... قاعدة في جانب السطح
فقلت بالمزح وفي طبعها ... فديتها صبر على المزح
أشعرة في السطح أم هذه ... لحية فرعون على الصّرح
فتى له يوم الوغى راية ... قد قسّت الأعداء بالقرح
قد كتب الإقبال في رأسها ... أبشر بنصر الله والفتح
يجلو دجى الخطب بوجه له ... يشرق فيه كوكب الصّبح
يا من إذا أجرى إلى غاية ... فات إليها سرعة اللّمح
ومنه قوله: [المتقارب]
أتتك الوزارة تسعى إليك ... بوجه عليه دليل النجاح
وقد زاحموك فما زعزعت ... مناكب رضوى بمرّ الرياح
فكم ثمّ من رأس ذي لوثة ... قد اعتدل اليوم بعد الطماح
وشعري لا بدّ من سخفه ... ولا بدّ للدار من مستراح
وقوله: [السريع]
خدّك نسرين وتفاح ... والآس في صدغك قدّاح
وشعرك الليل ولكن لنا ... في الليل من وجهك مصباح
يا ظالما قلبي إلى جوره ... يحنّ مشتاقا ويرتاح
منها:
أفسدتني بعد صلاحي فهل ... يرجى لإفسادك إصلاح
فتى له جود عميم الندى ... حواله في الأرض سيّاح
نمسي كما تصبح في خيره ... ما دام إمساء وإصباح
يحيى وينتاش بإحسانه ... وبأسه يردي ويجتاح
إن وعد الوعد فإنجازه ... لقفل باب الوعد مفتاح
إنّ المواعيد شخوص لها ... مكارم الأفعال أرواح
وقوله في نخاس اشترى له جارية ووعده بالربح فيها وكتب عهدتها باسم طلحة غلام النّحاس: [السريع]
قل لأبي الفتح الذي لم تزل ... أخلاقه طيّبة سمحه
ابتعت لي جارية ما اسمها ... فرحة لكنّ اسمها قرحه
وقلت لي تربح في بيعها ... غدا فقد أربحتني سلحه
وكيف يرجى الربح في عهدة ... تكتب هذا ما اشترى طلحه
هيهات أن تخرج فروّجة ... من بيضة فاسدة المحّه
فقل لمن يبتاعها إنّها ... فارهة جيدة الفقحه
فسيحة السّرم ففي نيكها ... الاست عند الفقها فسحه
عرّس بها الليلة واجعل عدا ... ذقنك في باب استها صبحه
وقوله: [السريع]
يا أيّها الأستاذ يا من له ... خلائق بالحسن ممدوحه
است بن حجّاج على ضعفها ... بذقن من يشناك منكوحه
قد وقع الصّلح الذي لم يكن ... عنه لكم في الرأي مندوحه
لكنّه صلح بسين على ... عنفقتي والسين مفتوحه
ومنه قوله: [مخلع البسيط]
مريضة المقلتين لكن ... عين استها صلبة صحيحه
وذات بعل جوارح استي ... من خوف عثنونه جريحه
مولاي هذي أبيات شيخ ... في مدحكم جيّد القريحه
جاءتك من حضرة الأماني ... ممدودة الكفّ مستميحه
فانزل على حكمها وإلّا ... صرنا جميعا بها فضيحه
ومنه قوله: [المتقارب]
ففي طبع أشعاره رقّة ... فخاطره أبدا يسلح
وكم قد جرى في مدى مذهبي ... أناس فأكدوا وما أفلحوا
رأوا غاية دونها مخرج ... على حافتي بئره يطفح
فعادوا وقد جشّموا خطّة ... عنافقهم تحتها تدلح
ومنه قوله: [مجزوء الكامل]
جاءتك من تعب ال ... تكلّف والتعسّف مستريحه
مدح إذا أنشدته ... استخففت في الإنشاد روحه
حلو وبعض الشعر في ال ... إنشاد تعلوه ملوحه
وقوله: [الخفيف]
ولها شعرة ولا زبد البحر بيا ... ضا وعصعص كالمداد
وحر أشمط العذارين ألحى ... فيه سمت النساك والعبّاد
عرّفيني أمّ الدواهي متى ... كانت سيوف الخصى بلا أغماد
ومنه قوله: [البسيط]
ياباني المجد لّما انهدّ معظمه ... وراعي الجود لّما أهمل الجود
إن يحسدوك على فضل خصصت به ... فكلّ منفرد بالفضل محسود
فتحت ثغر المعالي وهو ممتنع ... صعب وباب الأيادي وهو مسدود
مكارم لك قبل اليوم شيّدها ... أجدادك الغرّ أو آباؤك الصّيد
فتى ينوب عن البيض الرقاق إذا ... حلّت حباها إلى الموت الصناديد
رأي له محصد زرع النفوس به ... في الحرب لا بسيوف الهند محصود
منها في ذكر الخمر:
من بنت كرم إذا استجليتها خجلت ... فبان في وجه بنت الكرم توريد
مر لي بها وبصوت من مهفهفة ... لها قوام كغصن البان مقدود
رود الشباب فإنّ الشيخ يعجبه ... من الغواني الفتاة الطفلة الروّد
بنت العناقيد في فيها وقد سدلت ... جعدا على رأسها منه عناقيد
وقوله: [المنسرح]
فرعاء من رأسها وأسفلها ... تسحب شعرا حباله مسد
تجنّبت سرمها الفيّاش فما ... يدقّ في كوّة استهاوتد
ومنعظ فوق سطح بيضته ... بالليل أير كأنّه جرد
إذا تمطّى على الحشا انقلبت ... بثغلها فى الحناجر المعد
تحبل من أدخلته منه به ... سرّا وفي وقت سلّه تلد
حصنه جوف بيته عسس ... يصفع فيه الحراس من وجدوا
فبات تحت اللحاف يجلدها ... من فزع الصّفع وهو يرتعد
وقوله: [السريع]
وقال والوردة في كفّه ... مع قدح أذكى من النّد «1»
اشرب هنيئا لك يا عاشقي ... ريقي من كفّي على خدّي
ومنه قوله: [المنسرح]
دع عنك ذكر القتال كيف جرى ... ومنهل القتل فيه مورود
والناس صرعى على رؤوسهم ... سرادق للسيوف ممدود
ومنه قوله: [الخفيف]
إنّ هذا الزمان كان بصيرا ... صير فّيا مهذّبا للنقود
ثمّ شاخ الدهر الذي يحبو ... بين عاد وتبّع وثمود
واستمرّ العمى بعينيه حتى ... أبدل الفضّة النّقا بالحديد
فلهذا ساد القرود وصرنا ... نحن أذناب بعض تلك القرود
وقوله يعزّي أخاه عن بنت ماتت له: [الطويل]
وما الميت فافهم عن أخيك إذا مضى ... سوى غائب عن أهله نازح المدى
فإن هو لم يلمم بنا اليوم قادما ... قدمنا عليه نحن في داره غدا
ومنه قوله: [البسيط]
زبّاء زرع استها يسقى بدالية ... وبظرها واقف فى الزرع ناطور
كأنّ مبعرها في حلق فيشلتي ... طوق على عنق كالدنّ مزرور
لها حر أشمط قد شاب مفرقه ... عليه بظر طويل فيه تدوير
كأنّه شاغر قد جاء من حلب ... شيخ على رأسه المحلوق طرطور «1»
واست لمبعرها عمق بلا سعة ... كأنّها جبل في لحفه بير
تشمّ ريح استها فيش الزناة كما ... تشمّ رائحة اللحم السنانير
على استها رقباء يزعقون بها ... كما يصيح على الزرع النواطير
كأنّها وهم من حولها عسل ... تحميه من خارج الكور الزنابير
منها:
إذا انثنت وغنّت خلت قامتها ... غصن عليه قبيل الصّبح شحرور
والمدح كالقدر لا تمري وإن أكلت ... إلّا إذا طرحت فيها الأبازير
منها:
كأنّه زند مقطوع على سرق ... في زنده الأيمن المقطوع ساجور
تبارك الله فالدّنيا كما زعموا ... من استنام إليها فهو مغرور
تحلو مذاقا ولكن فوق تمرتها ... لمن يقول بأكل التمر زنبور
ومنه قوله: [الطويل]
فتى فوق رأس المجد يسحب ذيله ... ويوم الوغى يلقاه وهو مشمّر
إذا رام يوما غّرة من عدوّه ... تأمّل قبل الورد من أين يصدر
بقلب له عينان: عين عن الهوى ... تغضّ وعين في العواقب تنظر
وقوله: [البسيط]
ظبي الكناس الذي في طرفه حور ... أما لورد النّوى بعد النّوى صدر
قلبي بكفّك فانظر في تصفّحه ... هل نال حظّك من سودائه بشر
الله جاد بني حمدان ما طلعت ... شمس وما دار في أرجائها قمر
قوم يغضون من نوّ السّماك إذا ... جادوا ويزرون بالشّعرى إذا افتخروا
273/بدور تمّ منيرات إذا جلسوا ... وأسد غاب هصورات إذا [نفروا] «1»
لم يبق فيهم لمغترّبهم طمع ... إلّا عواطف حلم كلّما قدروا
من كلّ أغلب ما في جأشه خور ... تحت العجاج ولا في باعه قصر
إنّ الأمير الذي أضحت شمائله ... في الناس فاعلة ما يفعل المطر
أنحى على طخية الأحداث فانكشفت ... كاللّيل جلّي دجى ظلمائه السّحر
بهمّة يشمل الدنيا تيقظها ... فليس يعجزها بدو ولا حضر
يا ابن الذين تقصّوا في العلى أمدا ... ما فوق غايته للنّجم مفتخر
رعيت سرب حماه وهو مخترم ... واغتلت كيد عداه وهو معتكر
مضّر ما نار هذا وهي خامدة ... ومطفئا نار هذي وهي تستعر
ملق على فلوات الأرض كلكله ... في ظلّ أغلب ما في رأيه غرر
تنير تحت عجاج النّقع غرّته ... كما ينير وراء الهالة القمر
وقوله في وصف شعره: [مخلع البسيط]
نسيمه منتن المعاني ... كأنّني قلته بجحري «2»
شعر يفيض الكنيف فيه ... من جانبي خاطري وفكري
لوجّد شعري رأيت فيه ... كواكب الليل وهي تسري
وقوله: [المنسرح]
يوم رأينا الرايات قد وردت ... بالنّصر بيضا وأصدرت حمرا
والخيل مثل السفين يسبح في ... الدما شهبا وتنكفي شقرا
وقوله: [مجزوء الرجز]
من الجنان ريقها ... وسرمها من سقر «1»
لها حر كأنّه ... وجه غلام خزري
وشعرة أطرافها ... شبه رؤوس الإبر
وهذه قصيدة ... قد سال فيها قذري
تبيع في سوق الخرا ... شواربا وتشتري
وقوله: [مخلع البسيط]
مع قينة لا تريد غيري ... فهي تجيني بغير حذر
أيري مع أنّه طويل ... أقصر من بظرها بشبر
وقوله: [مجزوء الكامل]
قد كنت قبل اليوم تط ... لبني وتستدعي حضوري «2»
وأرى الجفا بعد الوقا ... مثل الفسا بعد البخور
ومنه قوله يصف فرسه: [مخلع البسيط]
يئنّ طول النهار تحتي ... أنين شيخ به زحير
ما فيه روح سوى ضراط ... تجفل من صوته الحمير
وقوله: [الكامل]
يا صاحبيّ استيقظا من رقدة ... ترزي على عقل اللبيب الأكيس «1»
هذي المجرّة والنجوم كأنّها ... نهر تدفّق في حديقة نرجس
وأرى الصّبا قد غلّست بنسيمها ... فعلام شرب الراح غير مغلّس
قوما اسقياني قهوة رومية ... من عهد قيصر دنّها لم يمسس
صرفا تضيف إذا تسلّط حكمها ... موت العقول إلى حياة الأنفس
ومنه قوله: [السريع]
باتت كأنّ الفيش في رحمها ... جماجم في قعر ناووس
كأنّ أيري فوق عظم استها ... لتّ على جانب قربوس
وقوله: [المنسرح]
من كلّ طنطكاه زوجته ... تنجر حتى تصبح بالقوس
قد خرّق النيك سرمها فغدت ... مثل قميص بلا تخاريس
وقوله: [البسيط]
وقائل كم تنيك قلت له ... ليس بنيك الحرام من باس
خصاي قوس وشعرتي وتري ... والسهم أيري والسّرم برجاسي
ومنه قوله: [الوافر]
أبا يعلى وأنت فتى تحبّ ال ... مديح فدونك المدح الرخيصا
براح كالعقيق صفاء لون ... فلو جمدت خرطناها فصوصا
وقوله: [مخلع البسيط]
فديت من في استها لعوق ... يشفي به المدنف المريض
لها حر مدنف عليل ... ملكلك ما به نهوض
من اختلاف السفاد صارت ... تضرط منه ولا تحيض
فهو وفي ذاك خيرة لي ... تذرق مائي ولا تبيض
عندي لعمر أنّ تحت سرمي ... قافية مالها مغيض
كتمتها عامدا ولكن ... أظنّها سوف تستفيض
ومنه قوله: [المنسرح]
فيا أبا الأزهر الذي ارتعدت ... من خوف إشخاصه مضاريطي
وحقّ مغساة كلّ مدخلة ... تحشر يوم المعاد مع لوطي
لها شباك من شعر شعرتها ... فيها أيور مثل الشبابيط
تناك في سرمها وفي حرها ... فعام عفص وعام بلّوط
وقوله: [السريع]
طبيبكم إن لم يصن نفسه ... خريت في لحية بقراط
إلى متى يبعث عثنونه ... بعارم الفقحة ضرّاط
لو عصفت في الري ريح استه ... تقطع الغزل بدمياط
ومنه قوله: [الخفيف]
هل لما فات عهده من رجوع ... أم لعينيّ حيلة في الهجوع
بأبي من أزورها كلّ يومين ... حذارا من كثرة التّشييع
إنّ لي في جماعها ألف واش ... [] في نيكها بالجميع «1»
غادة وجهها بديع فموتي ... في هواها إن متّ غير بديع
ذات خصر كالدّعص رّيا وشبعا ... وبردف طعامه من ضريع
وبسرم كمثل حاشية البر ... د صفيق صنيع
قد لبسناه بالأيور خليعا ... ولبسناه وهو غير خليع
فوجدناه غير رثّ الحواشي ... مثل قبّ الغلالة المرقوع
ومنه قوله: [الخفيف]
جوده كالطبيب فينا يداوي ... سوء أحوالنا بحسن الصّنيع
فهو كالموميا إذا انكسر العظم ... ومثل الدرياق للملسوع
وقوله: [مجزوء الكامل]
است يصكّ ضراطها ... تحت اللحاف مسامعي
است إذا قلّبتها ... بالليل فوق مضاجعي
وقعدت أجرف في الفرا ... ش خلوقها بأصابعي
غلّفت لحية عاذلي ... منها بأصفر فاقع
وقوله: [السريع]
وفقحة في الفرش نهّافة ... واسعة الحلق لها بعبعه
يخاف أن يجتاز أيري بها ... إلّا إذا كان خصاه معه
ومنه قوله: [المنسرح]
لله درّ الأستاذ من ملك ... في دوس خدّي بنعله شرفي
فتى إذا متّ قبله فعلى ... خدمته لا على البقا أسفي
ينصف في حكمه رعيّته ... وماله منه غير منتصف
يبتغي بالمديح نائله ... كالرطب الغضّ بيع بالحشف
ومنه قوله: [المجتث]
يا حامل الدقن تسبي ... حسنا وتفتن طرفا
واصل بدقنك سرمي ... ما مثل ذا الدقن تجفى
وقوله: [السريع]
فديت ستّا لي معشوقة ... يقصر عن وجدي بها وصفي
تنام في البئر على ظهرها ... وبظرها يحتكّ بالسّقف
ومنه قوله: [مخلع البسيط]
وجدتها هرّة عجوزا ... معدومة الضّيق والنشافه
ذات حر للسعاة فيه ... مع بعد غاياتهم مسافه
ألحى على عارضيه شيب ... في غاية الحسن والكثافه
لو كان مع دقنه خطيبا ... ولّيته جامع الرصافه
وقوله: [المتقارب]
أيا ملكا لم يزل قلبه ... على من يلوذ به ينعطف
يريدون صرفي عن حسبتي ... فكيف وأحمق لا ينصرف
ومنه قوله: [الوافر]
فديت أبا عليّ من هلال ... أغضّ إذا نظرت إليه طرفي
أقول وقد سمعت الشمس يوما ... تماري فيه: يا خرقاء كفّي
أأنت تنازعين أبا عليّ ... محاسن قطّ لم تدرك بوصف
فغطّت وجهها بالغيم منّي ... محاجرة ولم تنطق بحرف
ومنه قوله: [مخلع البسيط]
أذكرني البرق إذ تألّق ... عهد است من يذكر الموفّق
مشرقة ردفها منيف ... كأنّه في العلوّ جوسق
تخرا على ساقها من است ... كأنّه بربخ معلّق
فليس يرقا أيري إليها ... في الليل إلّا إذا تسلّق
عصعصها أسود وأيري ... أبيض مع طوله معرّق
كأنّ شعر استها وأيري ... غراب بين يزقّ لقلق
ومنه قوله: [مخلع البسيط]
فقل لمولاي وهو بحر ... بالعين والورق قد تدفّق
الملك الكسرويّ هذا ال ... متوّج السيّد المطّوق
مولاي أحسن أنعم تطوّل ... امنن تعطّف ارحم تصدّق
ومنه قوله: [البسيط]
فارقت من لم أخلّف بعد فرقتها ... حبل الهوى عندها رثّا ولا خلقا
ومن شكوت وقد ودّعتها كمدي ... فقال دمعي على خدّي لها صدقا
نامي هنيئا لعينيك الرقاد فما ... أمسيت أعرف إلّا الهمّ والأرقا
وإن أردت حياتي فامسكي رمقي ... إن كان بعدك شيء يمسك الرّمقا
ومنه قوله: [السريع]
لو واصلتني نكتها في استها ... بلحيتي من شدّة العشق
أدخل رأسي وأرى سرمها ... قد دار مثل الطوق في حلقي
وكلّما سال طحين استها ... دهنت في الليل به فرقي
ومنه قوله: [مجزوء الكامل]
وعجائز مثل الحصا ... يتدحرجون ولا البنادق
أحراهم بيض الشوا ... ئب واللحى سود العنافق
فكأنّ شعر استاههن ال ... بلق أعشاش العقاعق
في راس سندان استها ... مثل الخسوف من المطارق
مفتنّة تجري طبي ... عتها على كلّ الطرائق
ومنه قوله: [مجزوء الكامل]
لمّا ركبت على استها ... وحدي أحجّ بلا رفيق
في شقّ محمل عصعص ... لحم عليه غشا دبيقي
قلت: انزلي في ذات عرق ... فمنزلي ذات الشقوق
لكنّني أشرفت من حرها ... على واد عميق
ورأيت يسرة جحرها ... بالعرض في ذاك المضيق
شوك أم غيلان فكد ... ت أعود من نصف الطريق
وهناك جرح تحت مجمع شا ... ريانات العروق
تمسي خصاي بميله ... يحشوه بالسمن العتيق
ومنه قوله: [الرمل]
يا بني حمدان ما جاراكم ... سابق في المجد إلّا سبقا
كلّ من جاد وأعطى وحبا ... كان بالعطف عليكم نسقا
ومنه قوله: [السريع]
فديت من باب استها نقشة ... سوسنة في رأس عوّاقه
قد خلطت طاقات شعر استها ... فليس للنّتف بها طاقه
لّما اجتمعنا واستها لم تزل ... خدّاعة للزبّ ملّاقه
باتت يرشّى الأير ماء الخصى ... في وجه مغساها بزرّاقه
ومنه قوله: [الطويل]
أرى الشيب عند الغانيات مقامه ... مقام الخرابين اللّحى والعنافق
وكيف يروم الشيخ كسّ صبيّة ... تحنّ إلى زبّ الصبيّ المراهق
إذا ضرطت في نهر عيس أجابها ... صدى سرمها في الحال من درب سابق
إذا طرقتني باستها وهي عاتق ... حملت بأيري بظرها فوق عاتقي
ومنه قوله: [الخفيف]
كيف لي بالخلاص من شوك شعراس ... ت فتاة بدّدت فيه دقيقي
وهي خود كما علمت بسرم ... مارئي مثله على مخلوق
إنّ سلمى لا يعمل الخيط والإب ... رة في درز سرمها المفتوق
إنّ سلمى تمشي وتسحب أطرا ... ف حواشي برد استها في الطريق
إنّ سلمى مذنمت عنها بأيري ... بات طست استها بلا إبريق
است سلمى ما دبدبت قطّ إلّا ... ضرب الأير خلفها بالبوق
وقوله: [الخفيف]
انتهز فرصة الصبوح بإحضا ... ر الغواني والسلسبيل الرحيق
قهوة لا تحلّ إلّا لشيخ ... لك مثل معطّل زنديق
لا تصفي الرهبان رطلين منها ... إلّا بلحية الجاثليق
ومنه قوله: [المتقارب]
عدّوك مستحلق العارضين ... في الكتف مستنتف العنفقه
حبست على دقنه فقحتي ... ونعلك في صفعه مطلقه
وزوجة تشتكي في الفراش ... شدّة حمّى استها المطبقه
وبالزبّ يؤكل مخّ استها ... كما يؤكل الزبد بالملعقة
وقوله: [السريع]
وأصداغها السّود في خدّها ... كما تنقش الفضّة المحرقه
بوابك الصانع عهدي به ... وعرسه مثقوبة البوتقه
في سرمها طست لنفث الخصى ... مدوّر في قدر المبزقه
وقوله: [الخفيف]
مكّنيني من بوس يسراك ألفا ... واعرفي فضلها على يمناك
إنّ يسرى يديك أقرب عهدا ... وقت غسل الخرا بمستنجاك
اطرحي نفسك اطرحي واخربي ... السقف برجليك وافتحي لي فاك
وخذي من أصول قنا المخاصي ... مع بروز الفقّاع والنكناك
تجدي للشفاء مثل دبيب ال ... نّمل طول النهار في مفساك
ومنه قوله: [السريع]
أنت بخير يا أبا جعفر ... ما دمت صلب الأير نيّاكا «1»
فنك ولو أمّك واصفع ولو ... أباك إن لامك في ذاكا
ومنه قوله: [الوافر]
ألا يا سيدي قد كنت هالك ... بلغت من الحساب إلى قذالك
وكنت إلى الجحيم فسرت عدوا ... فلم يفرح بقربي منه مالك
وردّوني إلى رضوان لهفي ... على ما فاتني ممّا هنالك
فقال وقد رأى شيبي أرقني ... تجنّبني فما أنا من رجالك
فلا في جنّتي سرم لعلق ... يحنّ به اللواط إلى قذالك
فعد في غير حفظ الله عنّي ... إلى ما كنت فيه من ضلالك
وقوله: [مجزوء الرجز]
قالت وقد فلقتها ... عن أسود الشّعر حلك
دع الجدال والمرا ... وشل برجليّ ونك
فقلت إعجابا بها ... أحسنت لي متّعت بك
أحسنت يا أوسع من ... فتوح مولانا الملك
ومنه قوله: [مخلع البسيط]
العيد قد جاءنا فقدّم ... من قبل يضحي النهار أكلك
ومر بفرخ القنديل حتى ... يغسل من زيته ويدلك
وطفّحوه خمرا وقل لي ... خذ بيمين السرور رطلك
فإنّ هذا الصواب عندي ... وليس مثلي يغرّ مثلك
ومنه قوله: [السريع]
لا سيّما جارية باستها ... يقعد مثل الجمل البارك
هذا وإن نامت على وجهها ... بالطول في جنح الدّجى الحالك
حسبتها تحت الخصى شقّة ... ممدودة بين يدي حائك
ومنه قوله: [المنسرح]
جاءت بسرم يعين عصعصها ... درز سخيف التركيب محلول
اصف في فرد عينيه حول ... والغنج يعتاد أعين الحول
عين لها في جفونها مرض ... يخرج مثل [] «1» على الميل
واست ولا التلّ من تسنّمها ... رأي النواطير في الغرازيل
وقفت في سطحها فأشرف بي ... من نهر عيسى على فم النّيل
من ذاك أنّي مضيت أمس بها ... في السوق تمشي كمشية الغول
فعارضتني في ذاك دايتها ... قالت ولكن بغير تحصيل
ظننت ما لا يكون يا ابن أخي ... فقلت: قومي يا عّمتي بولي
ومنه قوله: [الوافر]
كفاهم منك بالأهواز يوم ... تفصّل من مهابته العظام
وما لأموا وكيف يقال فيهم ... وقد لا قوك أنّهم لئام
أذّقتهم مراس الحرب يوما ... وفيما بعد [] «2» الكلام
إلى أن أسلموها واطمأنّوا ... فقد قرّت مضاجعهم وناموا
ألا يا أيّها الملك المرجّى ... ومن يرجى لدولته الدّوام
سموت إلى العراق بمقربات ... تمحّص من تذكرها الشآم
فلم يسطع عمود الفجر حتى ... خلت من أهلها تلك الخيام
ومنه قوله: [الوافر]
خليليّ ازففا بنت الكروم ... إلى كفؤ لها ندب كريم
ولا سيما إذا هبّت جنوب ... تؤلّف بين أشتات الغيوم
ودمّعت السماء بما يندّي ... الثرى ويبلّ أذيال النسيم
[كما يبكي الوصيّ بغير دمع ... إذا استولى على مال اليتيم] «1»
نعيم فيه ألقاكم بسجفي ... وثمّ لنسألنّ عن النعيم
ولكنّي أمتّ إلى إلهي ... إذا برى الحميم من الحميم
بنبيّ أحمد والله ربّي ... وخير أئمتي عبد الكريم
إمام هدى له بيت مشيد ... بمكة بين زمزم والحطيم
ومنه قوله: [السريع]
طرف إذا أسرج من حرصه ... يكاد يعدو قبل أن يحزما
قال له البرق وقالت له ... الريح جميعا وهما ما هما
أأنت تجري معنا قال إن ... بسطت أضحكتكما منكما
هذا ارتداد الطرف قد فتّه ... إلى المدى سبقا فمن أنتما
ومنه قوله:
عملت في دارك فوّارة ... غرّقت في الأرض بها الأنجما «2»
فاض إلى نحو السّما ماؤها ... فأصبحت أرضك تسقي السّما
وقوله: [المنسرح]
وألف شيخ إذا مررت بهم ... يستقبلوني بألف عثنون
لهم لحىّ من شيبها قرع ... تمغص بطني حتى تخريني
وقوله: [الخفيف]
ليس إلّا ماء الظهور أراه ... بالدّوالي ينصبّ جوف البطون
بأيور كأنّها من حديد ... في فقاح كأنّها من عجين
285/وقوله: [الخفيف]
افتحي فاك في الخلا وابلعيني ... وعلى شاربي أبيك اسلحيني
انصبي من أصل بظرك جذعا ... مشرفا في العلوّ من شلبين
ثمّ شيلي أيري عليه بشغري ... ك جميعا إلى السما فاصلبيني
أنا راض ببوسة منك في الشه ... ر وفرد في الاست في كلّ حين
منها:
ولها است بالليل يحمل سك ... كان المخاصي في فلكها المشحون
سفلها في الشّري والبيع يغلي ... كلّ يوم وليلة بالزبون
كلّ يوم دخل استها بين ... سبعين [] إلى تسعين «1»
ارتفاعا محصّلا بحساب ... كلّ يوم قد صار كالقانون
بحساب يعلم البظر منه ... بين شغريه نسبة السبعين
ومنه قوله: [مخلع البسيط]
يا سادتي ما استرقّ ديني ... شيء كمثل الحر السمين «2»
كلّما أراه يزول عقلي ... عنّي ويعتادني جنوني
وأشتهي أن أغوص فيه ... من مشط رجلي إلى جبيني
وكلّما شلت منه رأسي ... رزقت قوما يغوّصوني
أغيب شهرا فلا تراني ال ... عيون والناس يطلبوني
حتى إذا كان بعد شهر ... دلّ على موضعي أنيني
وقوله من أبيات: [المنسرح]
كم وقعة لي مع من تحصّله ... بين شباب وبين مردان
تفتح باب استها المشوم كما ... أفتح في السوق باب دكاني
286/أقربه أمس إذ قعدت لها ... بعقل صاح وزبّ سكران
فأدخلت واحدا صبرت له ... حتى أتاني في عقبه ثاني
فلو حضرتم عندي لهالكم ... صيال فحل كالليث غيران
ما راعني أنّني وجدتهما ... وحدي وتحت اللّحاف اثنان
وحقّ رأسي لقد صفعتهما ... حتى استغاثت أصول آذاني
لا حاطها الله من مناقرة ... في جلدها ألف ألف شيطان
وحقّ هذي اللحى الطوال لقد ... ضرّطني خوفها وخرّاني
ومنه قوله: [الخفيف]
حمل الله كلّ فحل فسا ... اليوم على أمّ صاحب الديوان
فهو عندي والكلب لا بل ... خرا الكلب إذا كان يابسا سيان
أيّ شيء أخشى وشعري مجنّي ... والقوافي نبلي وسيفى لساني
ومنه قوله:
قلت وافى شعبان والله يدري ... كيف عزمي يكون في رمضان «1»
فيه ما لو كشفته لك يا هذا ... رمينا في الدار بالحيطان
ويحكم يا شيوخ أو يا كحول ال ... فسق أو يا معاشر الفتيان
اشربوها وكلّ إثم عليكم ... إن شربتم بالرّطل في ميزاني
أنا إبليس فاشربوها وغنّوا ... أنت مثل الشيطان للإنسان
ومنه قوله:
لي طبع كأنّما حلّ في الشعر ... يقرّص البنفسج الرّيحاني
اضربوا لي وجه العدوّ فإنّي ... مثل موسى الحجّام في الأذقان
وانظروا الشوارب البيض وال ... سود على استي تجول في الميدان
ومنه قوله: [الوافر]
عجوز من وصائف قصر كسرى ... بسرم مثل جاعرة الأتانه
لها في سرمها بعر صغار ... على مقدار حبّ السيسبانه
به ترمي لحى متعشّقيها ... كما يرمي الفتى بالزر بطانه
أحرّ المدخلات ممرّ سرم ... سلكناه وأحسنهنّ عانه
خليليّ اتركاني من حديث ... رواه لنا فلان عن فلانه
وهاتا فاسقياني الخمر صرفا ... وزورا حانة من بعد حانه
ومنه قوله: [الوافر]
ألا هبّي بنعلك فاصفعينا ... ومن قبل الغداة بها اصبحينا
فإنّ غدا وإنّ اليوم رهن ... وبعد غد بما لا تعلمينا
أدير بها علينا كلّ يوم ... بمقبضها شمالا أو يمينا
مخصّرة إذا ذكرت عمشنا ... على بعد وإن حضرت عمينا
تجوز بذي الخشونة في قفاه ... إذا ما ذاقها حتى يلينا
منها:
لحىّ مثل القباطي حين هرّت ... وقد رقّت طبائعنا خرينا
حبلت من الأذى فحملت في أستي ... النّتوج إلى عنافقهم جنينا
وكنت إذا حبلت ولدت أمّا ... رقيقا في العنافق أو ثخينا
وقوله: [السريع]
إنّ بني الحجّاج فاستبقهم ... أيورهم كالسمك البنّي
288/وليس مع ذا منهم واحد ... أشفى لديدان المعي منّي
يا صاحب الذقن الذي شانه ... بالجعس من شاني ومن فنّي
سرمي أنا الشيعيّ يا شيخنا ... يضرط في عثنونك السنّي
ومنه قوله: [المنسرح]
لّما فست فسوة رأيت لها ... تغيّرا في وجوه غلماني
تضوّع الجعس من روائحها ... بين سطوحي وبين حيطاني
جارية بين معينين لمن ... يلوط منّا بها وللزاني
ففي است معشوقتي وفي حرها ... صنوان نيك وغير صنوان
بئست كأنّي من فوقها أرق ... قد نام بالطول فوق دكان
وبولها من حمى مثانتها ... كأنّه الماء في حزيران
يا سائلي اليوم كيف عزمي أن ... أسقى وأسقي بالرّطل ندماني
لو كنت كسرى لما شربت غدا ... ما بين بصرى وقصر سلماني
إلّا برطل إذا شربت به ... خريت عقلي في جوف إيواني
لو رام فرعون أن يساويني ... ضرّطته في سبال هامان
ومنه قوله: [الخفيف]
يا خليلي قد عطشت وفي ال ... خمرة ريّ للحائم العطشان «1»
فاسقياني بين الدّنان إلى أن ... ترياني كبعض تلك الدّنان
في ليال لو أنّها دفعتني ... وسط ظهري وقعت في رمضان
كلّ شيء قدّمته لمعادي ... رأس مال يفضي إلى خسران
289/غير حبّي أهل الحواميم والحش ... ر وطه وسورة الرحمن
فبهم قد أمنت خوف معادي ... وبهذا الوزير صرف زماني
وقوله: [المجتث]
كلّ تيس من التيو ... س الكبار المقرننه
رقعة است أخت خا ... له باسم أيري معنونه
كهلة لحية استها ... بغساها مدّخنه
كسّها قبلة الغيا ... شل والبظر مئذنه
وقوله: [الهزج]
قضيب جمّعت فيه ... لمن يهواه ألوان
فخدّ فيه تفاح ... وصدر فيه رمّان
وشعر هو للعا ... شق في المجلس ريحان
فمن أبصر شخصا قطّ ... يمشي وهو بستان
غزال ناعس الطّرف ... ولا بقّال نعسان
ومنه قوله: [البسيط]
تبول من شقّ مهزول به عجف ... وقد تفقّا عليه بظرها سمنا «1»
يرغي ويزبد شفراه إذا اختلفا ... كأنّه شدق مفلوج حسى لبنا
وقوله: [الوافر]
أناس أصبحوا منّا وأمسوا ... بمنزلة السّواد من العيون
ترابهم وحقّ أبي تراب ... أعزّ عليّ من عيني اليمين
منها:
وباب لي عليه كلّ يوم ... حروب بين أصحاب الديون
يغيظوني فأشتمهم وأربي ... عليهم في المقال فيلعنوني
وأدعوهم إلى القاضي عساهم ... إذا وقع الجحود يحلّفوني
وأضيع ما يكون الدّين عندي ... إذا عزم الغريم على يميني
وقوله من أبيات: [المنسرح]
وكلّما رمت أن أقابله ... على تماديه في تعديّه
جاءت على غفلة محاسنه ... تسألني الصّفح عن مساويه
وقوله: [مخلع البسيط]
يا ربّي يا عالم الخفايا ... قد شفّ قلبي هوى الصبايا
يعجبني أن أبوس حتى ... تخرج روحي على الثنايا
وأشتهي أن أدبّ حتى ... أندسّ معهم جوف الزوايا
شهوة شيخ زيف إليه ... في السّخف يسترحل المطايا
قد نبضت رأسه الليالي ... وسوّدت وجهه الخطايا
منها:
يا ملكا جوده المرجّى ... بثّ يوم الندى العطايا
الصوم يحتاج فيه مثلي ... إلى السكابيج والقلايا
والخبز رغفانه صحاح ... تلمع بيضا مثل المرايا
فأشبعوني لحما وخبزا ... وجرّعوني سمّ المنايا

ومنهم:





* الكتاب: مسالك الأبصار في ممالك الأمصار
أحمد بن يحيى بن فضل الله القرشي العدوي العمري، شهاب الدين (المتوفى: 749هـ)


2f608c94a820e3f1505bf4db075227cc.jpg
 
- بذل «3»
جارية نقصت البدور المقمرة، واستنقصت فيها القناطر المقنطرة، وتحاسدت عليها الملوك وأصحاب الأسرة، واهتبلت فيها الغرّة، وسخت فيها النحر بمنى، وأمتحن بمماثلة «4» طيبها المسك فأصبح تحت الفهر ممتهنا، وكانت رأسا في الطرب، إلا أنه بالتاج معتصب، ولهوى الخلفاء مغتصب، وبرزت على كل ذات قناع، وأخذت القلوب بلا امتناع، وكانت أعلام الغناء نكرات لديها، ومنكرات لا تصل إليها، يعترف لها مثل ابن المهدي، ويعترض عليها حتى تحضر معها في الندي، وكان لا يرى بنو العباس غير فينتها شرفا، ولا بعد أدنى هوى الرشيد في هواها إلا سرفا «1» .
قال أبو الفرج: كانت حلوة الوجه ضاربة متقدمة، وابتاعها جعفر بن موسى الهادي وأخذها منه محمد الأمين، وكانت قد وصفت له فبعث إلى جعفر يسأله أن يريه إياها فأبى، فزاره إلى منزله فسمع شيئا لم يسمع مثله، فقال لجعفر:
بعني يا أخي هذه الجارية، فقال: يا سيدي مثلي لا يبيع جارية، فقال: هبها لي، فقال: هي مدبّرة «2» ، فاحتال عليه محمد حتى أسكره، وأمر ببذل فحملت معه إلى الحرّاقة «3» وانصرف بها. فلما انتبه جعفر سأل عنها، فأخبر بخبرها، فسكت، فبعث إليه محمد من الغد، فجاءه وبذل جالسة فلم يقل له شيئا، فلما اراد جعفر الانصراف قال: أوقروا حراقة ابن عمي دراهم، فكان مبلغ ذلك عشرين ألف ألف درهم، قال: وبقيت بذل في دار محمد إلى أن قتل، ثم خرجت، وكان ولد محمد يدعون ولاءها، فلما ماتت ورثها ولد عبد الله بن [ص 146] محمد الأمين.
وقيل: كان محمد الأمين قد وهب لها من الجوهر شيئا لم يكن يملك أحد مثله، فسلم لها، فكانت تخرج منه الشيء فتبيعه بالمال العظيم، إلى أن ماتت.
وكان إبراهيم بن المهدي «4» يعظمها ويتوافى لها، ثم تغير بعد ذلك استغنى بنفسه عنها، فعلمت ذلك وصارت إليه، ودعت بعود وغنّت في طريقة واحدة وإيقاع واحد مئة صوت، لم يعرف إبراهيم منها واحدا ووضعت العود وانصرفت، فلم تدخل داره حتى طال طلبه لها وتضرعه إليها في الرجوع إليه.
قال أحمد بن شعيب المكي: خالف بذلا إسحاق في صوت غنّته بحضرة المأمون، فأمسكت عنه ساعة، ثم غنّت ثلاثة أصوات في الثقيل الثاني، واحدا بعد واحد، وسألت إسحاق عن صانعها، فلم يعرفه، فقالت «1» للمأمون: هي والله يا أمير المؤمنين لأبيه أخذتها من فيه، فإذا كان لا يعرف غناء أبيه، فكيف يعرف غناء غيره فاشتد «2» ذلك على إسحاق حتى بان فيه.
قال: وذكر أن المأمون كان قاعدا يوما يشرب، ومعه قدح، إذ غنّت بذل: «3» [الطويل]
ألا لا أرى شيئا ألذّ من الوعد ... ومن أملي فيه وإن كان لا يجدي
فجعلته:
ألا لا أرى شيئا ألذّ من السّحق
فوضع المأمون القدح من يده، والتفت إليها، فقال: بلى النّيك ألذّ من السّحق، فتشوّرت «4» وخافت غضبه، فأخذ قدحه وقال: أتمي صوتك وزيدي فيه: «5»
ومن غفلة الواشي إذا ما أتيتها ... ومن زورتي أبياتها خاليا وحدي
ومن ضحكة في الملتقى ثم سكتة ... وكلتاهما عندي ألذّ من الخلد
57- عزّة الميلاء «1»
وضرة الظبية الكحلاء، كان بيتها مأوى كل شريف، ومثوى كل ظريف، ونديّ كل ذي كلف نزح به الغرام، وقرح جفنه وأدماه حب الآرام، أقامت بالمدينة وفتية قريش تغشى معهدها المعمور، وترى مشهدها من مهمات الأمور، وأدركت من الأول السلف قوما شرفت برؤياهم، ولزمت [ص 147] بهم، ومن لطوالع الشموس بأن تلحق بأخراهم.
قال أبو الفرج، قال يونس: كان ابن سريج في حداثته يأتي المدينة فيسمع من عزّة ويتعلم غناءها، وكان إذا سئل: من أحسن الناس غناء؟ قال: مولاة الأنصار المفضلة على كل من غنّى وضرب بالمعازف والعيدان، من الرجال والنساء.
وكان عبد الله بن جعفر وابن أبي عتيق وعمر بن أبي ربيعة، يغشونها في منزلها فتغنيهم، وغنت يوما عمر بن أبي ربيعة لحنا لها في شيء من شعره، فشقّ ثيابه، وصاح صيحة عظيمة صعق منها، فلما أفاق قال له القوم: لغيرك الجهل يا أبا الخطاب، قال: إني سمعت والله ما لم أملك به نفسي ولا عقلي.
قال خارجة بن زيد: دعينا إلى مأدبة في آل نبيط فحضرتها وحسان بن ثابت، فجلسنا معا على المائدة، وهو يومئذ قد ذهب بصره، ومعه ابنه عبد الرحمن، وكان إذا أتي بطعام سأل: أطعام يد أو يدين؟ يعني باليد الثريد، وباليدين الشواء، إلا أنه يمسّ مسّا، فإذا قيل له طعام يد أكل، وإذا قيل «1» يدين أمسك يده، فلما فرغوا من الطعام أتي بجاريتين مغنيتين إحداهما رائعة والأخرى عزّة، فجلستا وأخذتا مزهريهما وضربتا ضربا عجبا بقول حسان: «2» [المنسرح]
انظر نهارا بباب جلّق هل ... تؤنس دون البلقاء من أحد
فأسمع حسان يقول: (قد أراني هناك سميعا بصيرا) ، وعيناه تدمعان، فإذا سكتتا سكت عنه البكاء، فإذا غنتا بكت، فكنت أرى ابنه عبد الرحمن إذا سكت يشير إليهما أن تغنيا فيبكي أباه.
قال: كان بالمدينة رجل ناسك من أهل العلم والفقه، وكان يغشى عبد الله بن جعفر «3» ، فسمع جارية لبعض النخاسين تغني: [البسيط]
بانت سعاد فأمسى حبلها انقطعا
فاستهتر «4» بها وهام، وترك ما كان عليه، حتى مشى إليه عطاء «5» وطاوس «1» فلاماه، فكان جوابه أن تمثّل بقول [ص 148] الشاعر: «2» [البسيط]
يلومني فيك أقوام أجالسهم ... فما أبالي أطار النّوم أم وقعا
وبلغ عبد الله بن جعفر خبره، فبعث إليه النخاس، فاعترض الجارية، وسمع غناءها بهذا الصوت، وقال لها: ممن أخذته، فقالت: من عزّة الميلاء، فابتاعها بأربعين ألف درهم، ثم بعث إلى الرجل، فسأله عن خبره، فأعلمه إياه وصدقه عنه، فقال: أتحب أن تسمع هذا الصوت ممن أخذت عنه تلك الجارية، قال:
نعم، فدعا بعزة الميلاء وقال: غنّيه إياه، فغنّته، فصعق الرجل، وخرّ مغشيا عليه، فقال ابن جعفر: أثمنا فيه، الماء الماء، فنضح على وجهه، فلما أفاق قال: أكل هذا بلغ بك عشقها؟ فقال: وما خفي عليّ أكثر، قال: أتحب أن تسمع منها، قال: قد رأيت ما نالني حين سمعته من غيرها، فكيف يكون حالي إن سمعته منها، وأنا لا أقدر على ملكها، قال: أفتعرفها إن رأيتها؟ قال: أو أعرف غيرها! فأمر بها فأخرجت، وقال: خذها فهي لك، والله ما نظرت إليها إلا من عرض، فقبل الرجل يديه ورجليه، وقال: أنمت عيني، وأحييت نفسي، وتركتني أعيش بين قومي، ورددت إليّ عقلي، ودعا له دعاء كثيرا، فقال: ما أرضى أن أعطيها هكذا، يا غلام: احمل معه مثل ثمنها لكي تهتم بك، وتهتم بها.
 
ومنهم:
- الأمير أبو الفضل عبد الله بن أحمد الميكالي «4»
فارع إمارة، وفارس إغارة، وفاره ميدان يردي جاره، ويردي مجاريه عاره، وقابس جذوة ترمي في كلّ خطفة بشرارة، وقابض درّ يوالي نثاره، وطويل باع يهجم على الأسد داره، وينتزع البدر من الدارة، وذكيّ قلب يصيب في كلّ إشارة، وحاضر خاطر لا تغيب له شارة، وحاضن لفظ لا يعيب ناقد الكلام له عبارة، ونديّ كفّ يمطر ديما، ويخضّر قلمه بلاغة وكرما. إن كتب فالورق وريق والخطّ كالخطّ «1» تثقيفا يعلوه بريق، والكرم جمّ لا يقع المزن في بحره بلّة ريق، والخطاب فصل لا يشتبه، والكتاب روضة من أعين زهرها منتبه وغير منتبه، وإن انتضى سيفه راع الجيش لمعه، وفضّ ما في الصدور وقعه وقصّ غريبا من قائل يرفضّ بالدم دمعه.
له نظم يسحر، ونثر يعجب من يتبحّر، وما كلّ من تأمّر على الأنام أمّر في أصناف الكلام ولكنّها مواهب توجد في الندرة بعد الندرة، وفضل من الله لا تتأهّل له كلّ فطرة، ولا تسري في كلّ فكرة، وهذا أبو الفضل من أولئك الأفراد، وواحد كالألوف في رئاسة العلم، وسياسة العباد. وهو يعاني من التجنيس ما يخفّ ويصوب ماؤه ولا يجفّ.
ومن أنموذج نسجه، وزهر مرجه، قوله: [الطويل]
لقد راعني بدر الدّجي بصدوده ... ووكّل أجفاني برعي كواكبه «1»
فيا جزعي مهلا عساه يعود لي ... ويا كبدي صبرا على ما كواك به
وقوله: [الطويل]
عذيري من ريم رماني بسهمه ... فلم يخط ما بين الحشى والترائب «2»
فأصداغه يلسعنني كالعقارب ... وألحاظه يفعلن فعل العقاربي
وقوله: [الخفيف]
إنّ لي في الهوى لسانا كتوما ... وفؤادا يخفي حريق جواه «3»
غير أنّي أخاف دمعي عليه ... ستراه يبدي الذي ستراه
وقوله: [مجزوء الكامل]
ومهفهف يلهو بلب ... ب المرء منه شمائل «4»
فالردف دعص هائل ... والقدّ غصن مائل
والخدّ نور شقائق ... تنشقّ عنه خمائل
والطرف سيف ماله ... إلّا العذار حمائل
وقوله: [الكامل]
هبه تغيّر حائلا عن عهده ... ورمى فؤادي بالصدود فأزعجا «5»
ما بال نرجسه تحوّل وردة ... في خدّه والورد عاد بنفسجا
وقوله: [مجزوء الكامل]
فصد الطبيب ذراعه ... فجرى له دمعي ذريعا «1»
وأمسّني وقع الحديد ... بعرقه ألما وجيعا
فأريته من عبرتي ... ما سال من دمّه نجيعا
وقوله: [الخفيف]
لم ألمه أن اتّقى بحجاب ... ردّني واله الفؤاد لمابي «2»
هو روحي وليس ينكر للرو ... ح توار عن الورى بحجاب
وقوله: [الرجز]
ظبي يحار البرق في بريقه ... غنيت عن إبريقه بريقه «3»
ولم أزل أرشف من رحيقه ... حتى شفيت القلب من حريقه
وقوله: [السريع]
كم والد يحرم أولاده ... وخيره يحظى به الأبعد «4»
كالعين لا تدرك ما حولها ... ولحظها يدرك ما يبعد
وقوله: [الطويل]
بنفسي غزال صار للحسن كعبة ... تحجّ من الفجّ البعيد وتقصد «5»
دعاني الهوى فيه فلبيّت طائعا ... وأحرمت بالإخلاص والسعي يشهد
فجفني للتسهيد والدّمع قارن ... وقلبي فيه للصّبابة مفرد
وقوله: [الطويل]
يصوغ لنا كفّ الربيع حدائقا ... كعقد عقيق بين سمط لآلي «1»
وفيهنّ نوّار الشقائق قد حكى ... خدود عذارى نقّطت بغوالي
وقوله: [الطويل]
وما ضمّ شمل الأنس يوما كنرجس ... يقوم بعذر اللهو عن خالع العذر «2»
فأحداقه أقداح تبر وساقه ... كأسوق ساق في غلائله الخضر «3»
وقوله: [الرجز]
أما ترى الزهرة قد لاحت لنا ... تحت هلال نوره نور اللهب «4»
ككرة من فضّة مجلوّة ... أوفى عليها صولجان من ذهب
وقوله: [الخفيف]
عيّرتني ترك المدام وقالت ... هل جفاها من الكرام لبيب «5»
هي تحت الظلام نور وفي الأكباد ... برد وفي الخدود لهيب
قلت: يا هذه عدلت عن النصّح ... وما للرشاد فيك نصيب
إنّها للستّور هتك وبالألبا ... ب فتك وفي المعاد ذنوب
وقوله: [الخفيف]
خير ما استعصمت به الكفّ يوما ... في سواد الخطوب عضب صقيل «1»
عن سؤال اللئام مغن وفي العظم ... مغن وفي المنايا رسول «2»
وقوله: [الخفيف]
خير ما استطرف الفوارس طرف ... كلّ طرف لحسنه مبهوت «3»
هو فوق الجبال وعل وفي السه ... ل ظليم وفي المعابر حوت
257/وقوله: [الطويل]
أخلي أمّا الودّ منه فزائد ... وألفاظه بين الحديث فرائد «4»
إذا غاب يوما لم يغب عنه شاهد ... وإن شهد ارتاحت إليه المشاهد
وقوله: [الكامل]
تمّت محاسنه فما يزري بها ... مع فضله وسخائه وكماله «5»
إلّا قصور وجوده عن جوده ... لا عون للرّجل الكريم كماله
وقوله: [الكامل المرفل]
يا دهر دع ظلم الكرام فهم ... عقد لنحرك لو درى النّحر «6»
سالمهم واستبق ودّهم ... فهم نجوم ظلامك الزّهر
وقوله: [الطويل]
دع الحرص واقنع بالكفاف من الغنى ... فرزق الفتى ما عاش عند معيشه «1»
فقد تهلك الانسان كثرة ماله ... كما يذبح الطاووس من أجل ريشه
وقوله: [البسيط]
متّع شبابك من لهو ومن طرب ... ولا تصخ لملام سمع مكترث «2»
فخير عيش الفتى ريعان جدّته ... فالعمر من فضّة والشيب من خبث «3»
وقوله: [الرجز]
ربّ جنين من حمى نمير ... مهتّك الأستار والضمير «4»
سللته من رحم الغدير ... كأنّه صحائف البلّور
أو أكر تجسّمت من نور ... أو قطع من خالص الكافور
لو بقيت سلكا على الدهور ... لعطلت قلائد النحور
أو أخجلت جواهر البحور ... وسميّت ضرائر الثغور
يا حسنه في زمن الحرور ... إذ قيظه مثل حشى المهجور
يهدي إلى الأكباد والصّدور ... روحا تحاكي نفثة المصدور
 
- أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن الحجّاج «5»

فاتح باب، ومانح لباب، وماتح بحر لا غدير ولا سحاب، ونازح فكر يجيء بكلّ معنى قريب، وبمنى أجنبيّ وما هو بغريب. فتح باب المجون ومنح منه اللّباب المصون، وجاء بغرائب ما سبق إليها ولا لحق فيها، وقد زوحم عليها، وكان في هذا الباب نظير امرئ القيس فى ذلك الباب كلّ منهما افترع بكرا عذراء مالها أتراب «1» ، وأطلع حقيقة لا تتوارى بحجاب، ولا تصل إليها الأيدي وهي مطمعة أطماع السراب. جعل الهزل كالجّد الصريح، وكسا الباطل زخرفا حتى كأنّه الحقّ الصحيح، وأجاد في السّخف حتى استخفّ الوقور وهزّ المعاطف بنشأة المخمور، واخترع ملحا بها الإعجاب وما زاد على كلام الناس المتداول بينهم وفيه العجب العجاب.
وحكي أنّه كانت له في حارة الزطّ دار تجاورهم/ 236/ويتأدّى بها إلى سمعه تحاورهم، وكان يسمع من لغاتهم السخيفة ونزغاتهم الظريفة ما نظمه شعرا، وعلمه في بابل سحرا، وأعانه على هذا إقبال منه على الخلاعة وإقبال عليه نفّق له هذه البضاعة فكانت ملوك بني بويه وبني حمدان «2» فمن دونهم لا تقبل منه مديحا حتى يكون السّخف غزله
ولا يعجبها منه الجدّ إلّا إذا كان الهزل أوّله، ولقد مدح بعضهم بقصيدة لطيفة يذوب غزلها وينوب عن لمى الشّفاه قبلها وعن ثغور الغيد المنظّمة مقبّلها. فلم يهشّ له الممدوح ولا جرى للبشاشة في قبولها روح، واستدعى المدح منه على طريقته المعهودة منه سلوكها المنضود به في ترائب اللهو سلوكها، فلمّا أتى بها على منهجه قبلت وكثّرت وما قلّلت، فكان بعد هذا مقبلا على شأنه في هذا الأسلوب قائلا منه ما يأخذ بمجامع القلوب، على أنّ المجمع عليه أنّه كان على طريق حميدة من العفاف وسبيل ما طار به قزعة مع الخفاف، وإنّما كان يقول هذا تظرّفا يهصر جنّاته الألفاف وتلطّفا لا يطرأ على ورقاته الجفاف «1» .
وقد قال عند موته لابنته، وقد هبب الهواء ثوبه عن سوءته: يا بنيّة غطّي سوءة ما عصت الله قط. وكان مقبوضا حتى غطّته فانبسط لكنّه كان رافضيا لا يسلم منه مذهبه، ولا يعلم منه في طرز الشعر ما ساء به مذهبه، وقد قيل إنّه رئي في النوم بعد موته فقيل له:
ما فعل الله بك؟ فقال: [من الرجز]
أفسد حسن مذهبي ... في الشعر سوء مذهبي
وحملي الجدّ على ... ظهر حصان اللّعب
لم يرض مولاي على ... سبيّ لأصحاب النّبي
فلم ينكر أديب من أهل عصره أنّها شعره، وشبيهة بشعره «2» .
وقد نقل أنّه أوصى أن/ يدفن عند رجلي موسى بن جعفر عليهما السلام، ويكتب على قبره: [وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد] «1» .
وقال الثعالبي «2» ، وقد أرخى العنان فيما اختار له على اختلاف الأوزان ممّا زان وخفّ على الأذهان، وقد ثقل في الميزان: ومحاسن ابن الحجاج لا تنتهي حتى ينتهى عنها.
ونحن الآن نذكر جوهره، ومن أبدع ما أثبته من سطره. قوله: [الخفيف]
جبل كنت في ذراه فزلّت ... من ذراه برجلي الصّفراء
معرض كيف دار درت بوجهي ... فهو شمس وعبده حرباء
وقوله: [الخفيف]
لا تسلني عن شرح حالي فإنّي ... كالخرا الرّطب فوق رأس الماء «3»
رجل فارغ المعا فارع الجوف ... من الجوع ضامر الأحشاء
فأنا اليوم من ملائكة الدو ... لة أحيا وحدي بغير غذاء
منها:
تشتكي خيله الوجى من سرى ال ... ليل إلى كلّ غارة شعواء
فإذا ما أراحها ركض الخوف ... بها في خواطر الأعداء
وقوله: [الخفيف]
ربّ ريح يوم الدواء دبور ... وسوست في عصاعص الأغبياء «4»
قدّروها فسا وقد كمن ال ... جعس في مهبّ ذاك الفساء
فإذا الفرش في خليج سلاح ... ذائب في قوام جسم الماء
فاتّق الله أن يغرّك ريح ... عصفت في جوانب الأحشاء
وقوله: [البسيط]
فديت من أبصرتني شبت مكتهلا ... فأمعنت باستها من لحيتي هربا
يصبو خراها إلى عثنون عاشقها ... كأنّ بين خراها واللّحى نسبا
كأنّ مبعرها في أصل شعرتها ... بثق أعدّوا عليه الشوك والحطبا
تصمّ إن ضرطت أذن الرقيب فلا ... عدمت فرقعة است تطرش الرقبا
ومدمج ذي خصى كالضرع محتقبا ... ما مصّ مذ نحو شهرين ولا حلبا
كأنّه ثعلب في الكرم يطفر ما ... بين العناقيد حتى يخرط العنبا
تشكّكت باستها فيه أمن خشب ... قد صار أم هو شيء يشبه الخشبا
كأنّه ساجة لو شرّحت جعلت ... لبعض أبواب أحجار النسا عتبا
وأنشدت بعد ما جسّته فقحتها ... فما رأت ثمّ لا لحما ولا عصبا
أمسى يواثبني فى استي فأدّبني ... أبعد خمسين منّي تبتغي الأدبا
منها فى الخمر:
حمراء يمسي بناني وهي فوق يدي ... منها بمثل شعاع الشمس مختضبا «1»
وأربح الناس عندي في تجارته ... محصّل يشتري بالفضة الذّهبا
وقوله: [الطويل]
فمن غادة ملتفّة الخصر شحمها ... نديف على أردافها والحوالب
ومن أمرد تنزو الفياش على استه ... إذا كظّها الإنعاظ نزو الجنادب
وقوله: [المنسرح]
كأنّ شفريه عندما هدلا ... شدق بعير مهنأ جرب
كأنّ ناسور باب مبعرها ... عنقود كرم مزّيت العنب
كأنّما الأير فوق عصعصها ... راكب جمّارة على قتب
ومنه قوله: [الخفيف]
خضبت رأسها ووجّهت ... بسوء فها فكانت جوابي
وعلى رأسها ولا تصب الخصّ ... ردا حائل بلون التراب
فتوهّمت رأسها من بعيد ... قفصا فيه طائر عنّابي
وقوله: [الطويل]
وكان ولائي قبله مثل قبضة ... من الريح في منقار عنقاء مغرب
وقوله: [مخلع البسيط]
وصيد زبّي لكسّ ستّي ... ليس بناب ولا بمخلب
بخصية جلدها مدلّى ... وفيشة رأسها مدبّب
أحسن من صيد ألف كلب ... في كلّ يوم لألف أرنب
صبيّة بظرها بجنبي ... يبيت مثل الصبي المحصّب
مفعول باب استها يأير ال ... فاعل فوق الفراش ينصب
ومنه قوله: [المتقارب]
وأيّة دار تيمّمتها ... تيمّم بوابها حجبتي «1»
فإن أنا زاحمت حتى أموت ... دخلت وقد خرجت مهجتي
فيدفعني الناس بعد الوصو ... ل إليهم وقد فترت همّتي
وإن قدّموا خيلهم للركو ... ب خرجت فقدّمت لي ركبتي
ولا لي غلام فأدعو به ... سوى من أبوه أخو عمتي
وكنت برأس كظهر الغداف ... فقد صرت أقرع من فيشتي
ومنه قوله: [الخفيف]
نطق الموت بك يدعو ... ك وأنصارك الحضور سكوت
ليس ملك يزيله الموت ملكا ... إنّما الملك ملك من لا يموت
ومنه قوله: [السريع]
رأيتها وهي على سطحها ... قاعدة في جانب السطح
فقلت بالمزح وفي طبعها ... فديتها صبر على المزح
أشعرة في السطح أم هذه ... لحية فرعون على الصّرح
فتى له يوم الوغى راية ... قد قسّت الأعداء بالقرح
قد كتب الإقبال في رأسها ... أبشر بنصر الله والفتح
يجلو دجى الخطب بوجه له ... يشرق فيه كوكب الصّبح
يا من إذا أجرى إلى غاية ... فات إليها سرعة اللّمح
ومنه قوله: [المتقارب]
أتتك الوزارة تسعى إليك ... بوجه عليه دليل النجاح
وقد زاحموك فما زعزعت ... مناكب رضوى بمرّ الرياح
فكم ثمّ من رأس ذي لوثة ... قد اعتدل اليوم بعد الطماح
وشعري لا بدّ من سخفه ... ولا بدّ للدار من مستراح
وقوله: [السريع]
خدّك نسرين وتفاح ... والآس في صدغك قدّاح
وشعرك الليل ولكن لنا ... في الليل من وجهك مصباح
يا ظالما قلبي إلى جوره ... يحنّ مشتاقا ويرتاح
منها:
أفسدتني بعد صلاحي فهل ... يرجى لإفسادك إصلاح
فتى له جود عميم الندى ... حواله في الأرض سيّاح
نمسي كما تصبح في خيره ... ما دام إمساء وإصباح
يحيى وينتاش بإحسانه ... وبأسه يردي ويجتاح
إن وعد الوعد فإنجازه ... لقفل باب الوعد مفتاح
إنّ المواعيد شخوص لها ... مكارم الأفعال أرواح
وقوله في نخاس اشترى له جارية ووعده بالربح فيها وكتب عهدتها باسم طلحة غلام النّحاس: [السريع]
قل لأبي الفتح الذي لم تزل ... أخلاقه طيّبة سمحه
ابتعت لي جارية ما اسمها ... فرحة لكنّ اسمها قرحه
وقلت لي تربح في بيعها ... غدا فقد أربحتني سلحه
وكيف يرجى الربح في عهدة ... تكتب هذا ما اشترى طلحه
هيهات أن تخرج فروّجة ... من بيضة فاسدة المحّه
فقل لمن يبتاعها إنّها ... فارهة جيدة الفقحه
فسيحة السّرم ففي نيكها ... الاست عند الفقها فسحه
عرّس بها الليلة واجعل عدا ... ذقنك في باب استها صبحه
وقوله: [السريع]
يا أيّها الأستاذ يا من له ... خلائق بالحسن ممدوحه
است بن حجّاج على ضعفها ... بذقن من يشناك منكوحه
قد وقع الصّلح الذي لم يكن ... عنه لكم في الرأي مندوحه
لكنّه صلح بسين على ... عنفقتي والسين مفتوحه
ومنه قوله: [مخلع البسيط]
مريضة المقلتين لكن ... عين استها صلبة صحيحه
وذات بعل جوارح استي ... من خوف عثنونه جريحه
مولاي هذي أبيات شيخ ... في مدحكم جيّد القريحه
جاءتك من حضرة الأماني ... ممدودة الكفّ مستميحه
فانزل على حكمها وإلّا ... صرنا جميعا بها فضيحه
ومنه قوله: [المتقارب]
ففي طبع أشعاره رقّة ... فخاطره أبدا يسلح
وكم قد جرى في مدى مذهبي ... أناس فأكدوا وما أفلحوا
رأوا غاية دونها مخرج ... على حافتي بئره يطفح
فعادوا وقد جشّموا خطّة ... عنافقهم تحتها تدلح
ومنه قوله: [مجزوء الكامل]
جاءتك من تعب ال ... تكلّف والتعسّف مستريحه
مدح إذا أنشدته ... استخففت في الإنشاد روحه
حلو وبعض الشعر في ال ... إنشاد تعلوه ملوحه
وقوله: [الخفيف]
ولها شعرة ولا زبد البحر بيا ... ضا وعصعص كالمداد
وحر أشمط العذارين ألحى ... فيه سمت النساك والعبّاد
عرّفيني أمّ الدواهي متى ... كانت سيوف الخصى بلا أغماد
ومنه قوله: [البسيط]
ياباني المجد لّما انهدّ معظمه ... وراعي الجود لّما أهمل الجود
إن يحسدوك على فضل خصصت به ... فكلّ منفرد بالفضل محسود
فتحت ثغر المعالي وهو ممتنع ... صعب وباب الأيادي وهو مسدود
مكارم لك قبل اليوم شيّدها ... أجدادك الغرّ أو آباؤك الصّيد
فتى ينوب عن البيض الرقاق إذا ... حلّت حباها إلى الموت الصناديد
رأي له محصد زرع النفوس به ... في الحرب لا بسيوف الهند محصود
منها في ذكر الخمر:
من بنت كرم إذا استجليتها خجلت ... فبان في وجه بنت الكرم توريد
مر لي بها وبصوت من مهفهفة ... لها قوام كغصن البان مقدود
رود الشباب فإنّ الشيخ يعجبه ... من الغواني الفتاة الطفلة الروّد
بنت العناقيد في فيها وقد سدلت ... جعدا على رأسها منه عناقيد
وقوله: [المنسرح]
فرعاء من رأسها وأسفلها ... تسحب شعرا حباله مسد
تجنّبت سرمها الفيّاش فما ... يدقّ في كوّة استهاوتد
ومنعظ فوق سطح بيضته ... بالليل أير كأنّه جرد
إذا تمطّى على الحشا انقلبت ... بثغلها فى الحناجر المعد
تحبل من أدخلته منه به ... سرّا وفي وقت سلّه تلد
حصنه جوف بيته عسس ... يصفع فيه الحراس من وجدوا
فبات تحت اللحاف يجلدها ... من فزع الصّفع وهو يرتعد
وقوله: [السريع]
وقال والوردة في كفّه ... مع قدح أذكى من النّد «1»
اشرب هنيئا لك يا عاشقي ... ريقي من كفّي على خدّي
ومنه قوله: [المنسرح]
دع عنك ذكر القتال كيف جرى ... ومنهل القتل فيه مورود
والناس صرعى على رؤوسهم ... سرادق للسيوف ممدود
ومنه قوله: [الخفيف]
إنّ هذا الزمان كان بصيرا ... صير فّيا مهذّبا للنقود
ثمّ شاخ الدهر الذي يحبو ... بين عاد وتبّع وثمود
واستمرّ العمى بعينيه حتى ... أبدل الفضّة النّقا بالحديد
فلهذا ساد القرود وصرنا ... نحن أذناب بعض تلك القرود
وقوله يعزّي أخاه عن بنت ماتت له: [الطويل]
وما الميت فافهم عن أخيك إذا مضى ... سوى غائب عن أهله نازح المدى
فإن هو لم يلمم بنا اليوم قادما ... قدمنا عليه نحن في داره غدا
ومنه قوله: [البسيط]
زبّاء زرع استها يسقى بدالية ... وبظرها واقف فى الزرع ناطور
كأنّ مبعرها في حلق فيشلتي ... طوق على عنق كالدنّ مزرور
لها حر أشمط قد شاب مفرقه ... عليه بظر طويل فيه تدوير
كأنّه شاغر قد جاء من حلب ... شيخ على رأسه المحلوق طرطور «1»
واست لمبعرها عمق بلا سعة ... كأنّها جبل في لحفه بير
تشمّ ريح استها فيش الزناة كما ... تشمّ رائحة اللحم السنانير
على استها رقباء يزعقون بها ... كما يصيح على الزرع النواطير
كأنّها وهم من حولها عسل ... تحميه من خارج الكور الزنابير
منها:
إذا انثنت وغنّت خلت قامتها ... غصن عليه قبيل الصّبح شحرور
والمدح كالقدر لا تمري وإن أكلت ... إلّا إذا طرحت فيها الأبازير
منها:
كأنّه زند مقطوع على سرق ... في زنده الأيمن المقطوع ساجور
تبارك الله فالدّنيا كما زعموا ... من استنام إليها فهو مغرور
تحلو مذاقا ولكن فوق تمرتها ... لمن يقول بأكل التمر زنبور
ومنه قوله: [الطويل]
فتى فوق رأس المجد يسحب ذيله ... ويوم الوغى يلقاه وهو مشمّر
إذا رام يوما غّرة من عدوّه ... تأمّل قبل الورد من أين يصدر
بقلب له عينان: عين عن الهوى ... تغضّ وعين في العواقب تنظر
وقوله: [البسيط]
ظبي الكناس الذي في طرفه حور ... أما لورد النّوى بعد النّوى صدر
قلبي بكفّك فانظر في تصفّحه ... هل نال حظّك من سودائه بشر
الله جاد بني حمدان ما طلعت ... شمس وما دار في أرجائها قمر
قوم يغضون من نوّ السّماك إذا ... جادوا ويزرون بالشّعرى إذا افتخروا
بدور تمّ منيرات إذا جلسوا ... وأسد غاب هصورات إذا [نفروا] «1»
لم يبق فيهم لمغترّبهم طمع ... إلّا عواطف حلم كلّما قدروا
من كلّ أغلب ما في جأشه خور ... تحت العجاج ولا في باعه قصر
إنّ الأمير الذي أضحت شمائله ... في الناس فاعلة ما يفعل المطر
أنحى على طخية الأحداث فانكشفت ... كاللّيل جلّي دجى ظلمائه السّحر
بهمّة يشمل الدنيا تيقظها ... فليس يعجزها بدو ولا حضر
يا ابن الذين تقصّوا في العلى أمدا ... ما فوق غايته للنّجم مفتخر
رعيت سرب حماه وهو مخترم ... واغتلت كيد عداه وهو معتكر
مضّر ما نار هذا وهي خامدة ... ومطفئا نار هذي وهي تستعر
ملق على فلوات الأرض كلكله ... في ظلّ أغلب ما في رأيه غرر
تنير تحت عجاج النّقع غرّته ... كما ينير وراء الهالة القمر
وقوله في وصف شعره: [مخلع البسيط]
نسيمه منتن المعاني ... كأنّني قلته بجحري «2»
شعر يفيض الكنيف فيه ... من جانبي خاطري وفكري
لوجّد شعري رأيت فيه ... كواكب الليل وهي تسري
وقوله: [المنسرح]
يوم رأينا الرايات قد وردت ... بالنّصر بيضا وأصدرت حمرا
والخيل مثل السفين يسبح في ... الدما شهبا وتنكفي شقرا
وقوله: [مجزوء الرجز]
من الجنان ريقها ... وسرمها من سقر «1»
لها حر كأنّه ... وجه غلام خزري
وشعرة أطرافها ... شبه رؤوس الإبر
وهذه قصيدة ... قد سال فيها قذري
تبيع في سوق الخرا ... شواربا وتشتري
وقوله: [مخلع البسيط]
مع قينة لا تريد غيري ... فهي تجيني بغير حذر
أيري مع أنّه طويل ... أقصر من بظرها بشبر
وقوله: [مجزوء الكامل]
قد كنت قبل اليوم تط ... لبني وتستدعي حضوري «2»
وأرى الجفا بعد الوقا ... مثل الفسا بعد البخور
ومنه قوله يصف فرسه: [مخلع البسيط]
يئنّ طول النهار تحتي ... أنين شيخ به زحير
ما فيه روح سوى ضراط ... تجفل من صوته الحمير
وقوله: [الكامل]
يا صاحبيّ استيقظا من رقدة ... ترزي على عقل اللبيب الأكيس «1»
هذي المجرّة والنجوم كأنّها ... نهر تدفّق في حديقة نرجس
وأرى الصّبا قد غلّست بنسيمها ... فعلام شرب الراح غير مغلّس
قوما اسقياني قهوة رومية ... من عهد قيصر دنّها لم يمسس
صرفا تضيف إذا تسلّط حكمها ... موت العقول إلى حياة الأنفس
ومنه قوله: [السريع]
باتت كأنّ الفيش في رحمها ... جماجم في قعر ناووس
كأنّ أيري فوق عظم استها ... لتّ على جانب قربوس
وقوله: [المنسرح]
من كلّ طنطكاه زوجته ... تنجر حتى تصبح بالقوس
قد خرّق النيك سرمها فغدت ... مثل قميص بلا تخاريس
وقوله: [البسيط]
وقائل كم تنيك قلت له ... ليس بنيك الحرام من باس
خصاي قوس وشعرتي وتري ... والسهم أيري والسّرم برجاسي
ومنه قوله: [الوافر]
أبا يعلى وأنت فتى تحبّ ال ... مديح فدونك المدح الرخيصا
براح كالعقيق صفاء لون ... فلو جمدت خرطناها فصوصا
وقوله: [مخلع البسيط]
فديت من في استها لعوق ... يشفي به المدنف المريض
لها حر مدنف عليل ... ملكلك ما به نهوض
من اختلاف السفاد صارت ... تضرط منه ولا تحيض
فهو وفي ذاك خيرة لي ... تذرق مائي ولا تبيض
عندي لعمر أنّ تحت سرمي ... قافية مالها مغيض
كتمتها عامدا ولكن ... أظنّها سوف تستفيض
ومنه قوله: [المنسرح]
فيا أبا الأزهر الذي ارتعدت ... من خوف إشخاصه مضاريطي
وحقّ مغساة كلّ مدخلة ... تحشر يوم المعاد مع لوطي
لها شباك من شعر شعرتها ... فيها أيور مثل الشبابيط
تناك في سرمها وفي حرها ... فعام عفص وعام بلّوط
وقوله: [السريع]
طبيبكم إن لم يصن نفسه ... خريت في لحية بقراط
إلى متى يبعث عثنونه ... بعارم الفقحة ضرّاط
لو عصفت في الري ريح استه ... تقطع الغزل بدمياط
ومنه قوله: [الخفيف]
هل لما فات عهده من رجوع ... أم لعينيّ حيلة في الهجوع
بأبي من أزورها كلّ يومين ... حذارا من كثرة التّشييع
إنّ لي في جماعها ألف واش ... [] في نيكها بالجميع «1»
غادة وجهها بديع فموتي ... في هواها إن متّ غير بديع
ذات خصر كالدّعص رّيا وشبعا ... وبردف طعامه من ضريع
وبسرم كمثل حاشية البر ... د صفيق صنيع
قد لبسناه بالأيور خليعا ... ولبسناه وهو غير خليع
فوجدناه غير رثّ الحواشي ... مثل قبّ الغلالة المرقوع
ومنه قوله: [الخفيف]
جوده كالطبيب فينا يداوي ... سوء أحوالنا بحسن الصّنيع
فهو كالموميا إذا انكسر العظم ... ومثل الدرياق للملسوع
وقوله: [مجزوء الكامل]
است يصكّ ضراطها ... تحت اللحاف مسامعي
است إذا قلّبتها ... بالليل فوق مضاجعي
وقعدت أجرف في الفرا ... ش خلوقها بأصابعي
غلّفت لحية عاذلي ... منها بأصفر فاقع
وقوله: [السريع]
وفقحة في الفرش نهّافة ... واسعة الحلق لها بعبعه
يخاف أن يجتاز أيري بها ... إلّا إذا كان خصاه معه
ومنه قوله: [المنسرح]
لله درّ الأستاذ من ملك ... في دوس خدّي بنعله شرفي
فتى إذا متّ قبله فعلى ... خدمته لا على البقا أسفي
ينصف في حكمه رعيّته ... وماله منه غير منتصف
يبتغي بالمديح نائله ... كالرطب الغضّ بيع بالحشف
ومنه قوله: [المجتث]
يا حامل الدقن تسبي ... حسنا وتفتن طرفا
واصل بدقنك سرمي ... ما مثل ذا الدقن تجفى
وقوله: [السريع]
فديت ستّا لي معشوقة ... يقصر عن وجدي بها وصفي
تنام في البئر على ظهرها ... وبظرها يحتكّ بالسّقف
ومنه قوله: [مخلع البسيط]
وجدتها هرّة عجوزا ... معدومة الضّيق والنشافه
ذات حر للسعاة فيه ... مع بعد غاياتهم مسافه
ألحى على عارضيه شيب ... في غاية الحسن والكثافه
لو كان مع دقنه خطيبا ... ولّيته جامع الرصافه
وقوله: [المتقارب]
أيا ملكا لم يزل قلبه ... على من يلوذ به ينعطف
يريدون صرفي عن حسبتي ... فكيف وأحمق لا ينصرف
ومنه قوله: [الوافر]
فديت أبا عليّ من هلال ... أغضّ إذا نظرت إليه طرفي
أقول وقد سمعت الشمس يوما ... تماري فيه: يا خرقاء كفّي
أأنت تنازعين أبا عليّ ... محاسن قطّ لم تدرك بوصف
فغطّت وجهها بالغيم منّي ... محاجرة ولم تنطق بحرف
ومنه قوله: [مخلع البسيط]
أذكرني البرق إذ تألّق ... عهد است من يذكر الموفّق
مشرقة ردفها منيف ... كأنّه في العلوّ جوسق
تخرا على ساقها من است ... كأنّه بربخ معلّق
فليس يرقا أيري إليها ... في الليل إلّا إذا تسلّق
عصعصها أسود وأيري ... أبيض مع طوله معرّق
كأنّ شعر استها وأيري ... غراب بين يزقّ لقلق
ومنه قوله: [مخلع البسيط]
فقل لمولاي وهو بحر ... بالعين والورق قد تدفّق
الملك الكسرويّ هذا ال ... متوّج السيّد المطّوق
مولاي أحسن أنعم تطوّل ... امنن تعطّف ارحم تصدّق
ومنه قوله: [البسيط]
فارقت من لم أخلّف بعد فرقتها ... حبل الهوى عندها رثّا ولا خلقا
ومن شكوت وقد ودّعتها كمدي ... فقال دمعي على خدّي لها صدقا
نامي هنيئا لعينيك الرقاد فما ... أمسيت أعرف إلّا الهمّ والأرقا
وإن أردت حياتي فامسكي رمقي ... إن كان بعدك شيء يمسك الرّمقا
ومنه قوله: [السريع]
لو واصلتني نكتها في استها ... بلحيتي من شدّة العشق
أدخل رأسي وأرى سرمها ... قد دار مثل الطوق في حلقي
وكلّما سال طحين استها ... دهنت في الليل به فرقي
ومنه قوله: [مجزوء الكامل]
وعجائز مثل الحصا ... يتدحرجون ولا البنادق
أحراهم بيض الشوا ... ئب واللحى سود العنافق
فكأنّ شعر استاههن ال ... بلق أعشاش العقاعق
في راس سندان استها ... مثل الخسوف من المطارق
مفتنّة تجري طبي ... عتها على كلّ الطرائق
ومنه قوله: [مجزوء الكامل]
لمّا ركبت على استها ... وحدي أحجّ بلا رفيق
في شقّ محمل عصعص ... لحم عليه غشا دبيقي
قلت: انزلي في ذات عرق ... فمنزلي ذات الشقوق
لكنّني أشرفت من حرها ... على واد عميق
ورأيت يسرة جحرها ... بالعرض في ذاك المضيق
شوك أم غيلان فكد ... ت أعود من نصف الطريق
وهناك جرح تحت مجمع شا ... ريانات العروق
تمسي خصاي بميله ... يحشوه بالسمن العتيق
ومنه قوله: [الرمل]
يا بني حمدان ما جاراكم ... سابق في المجد إلّا سبقا
كلّ من جاد وأعطى وحبا ... كان بالعطف عليكم نسقا
ومنه قوله: [السريع]
فديت من باب استها نقشة ... سوسنة في رأس عوّاقه
قد خلطت طاقات شعر استها ... فليس للنّتف بها طاقه
لّما اجتمعنا واستها لم تزل ... خدّاعة للزبّ ملّاقه
باتت يرشّى الأير ماء الخصى ... في وجه مغساها بزرّاقه
ومنه قوله: [الطويل]
أرى الشيب عند الغانيات مقامه ... مقام الخرابين اللّحى والعنافق
وكيف يروم الشيخ كسّ صبيّة ... تحنّ إلى زبّ الصبيّ المراهق
إذا ضرطت في نهر عيس أجابها ... صدى سرمها في الحال من درب سابق
إذا طرقتني باستها وهي عاتق ... حملت بأيري بظرها فوق عاتقي
ومنه قوله: [الخفيف]
كيف لي بالخلاص من شوك شعراس ... ت فتاة بدّدت فيه دقيقي
وهي خود كما علمت بسرم ... مارئي مثله على مخلوق
إنّ سلمى لا يعمل الخيط والإب ... رة في درز سرمها المفتوق
إنّ سلمى تمشي وتسحب أطرا ... ف حواشي برد استها في الطريق
إنّ سلمى مذنمت عنها بأيري ... بات طست استها بلا إبريق
است سلمى ما دبدبت قطّ إلّا ... ضرب الأير خلفها بالبوق
وقوله: [الخفيف]
انتهز فرصة الصبوح بإحضا ... ر الغواني والسلسبيل الرحيق
قهوة لا تحلّ إلّا لشيخ ... لك مثل معطّل زنديق
لا تصفي الرهبان رطلين منها ... إلّا بلحية الجاثليق
ومنه قوله: [المتقارب]
عدّوك مستحلق العارضين ... في الكتف مستنتف العنفقه
حبست على دقنه فقحتي ... ونعلك في صفعه مطلقه
وزوجة تشتكي في الفراش ... شدّة حمّى استها المطبقه
وبالزبّ يؤكل مخّ استها ... كما يؤكل الزبد بالملعقة
وقوله: [السريع]
وأصداغها السّود في خدّها ... كما تنقش الفضّة المحرقه
بوابك الصانع عهدي به ... وعرسه مثقوبة البوتقه
في سرمها طست لنفث الخصى ... مدوّر في قدر المبزقه
وقوله: [الخفيف]
مكّنيني من بوس يسراك ألفا ... واعرفي فضلها على يمناك
إنّ يسرى يديك أقرب عهدا ... وقت غسل الخرا بمستنجاك
اطرحي نفسك اطرحي واخربي ... السقف برجليك وافتحي لي فاك
وخذي من أصول قنا المخاصي ... مع بروز الفقّاع والنكناك
تجدي للشفاء مثل دبيب ال ... نّمل طول النهار في مفساك
ومنه قوله: [السريع]
أنت بخير يا أبا جعفر ... ما دمت صلب الأير نيّاكا «1»
فنك ولو أمّك واصفع ولو ... أباك إن لامك في ذاكا
ومنه قوله: [الوافر]
ألا يا سيدي قد كنت هالك ... بلغت من الحساب إلى قذالك
وكنت إلى الجحيم فسرت عدوا ... فلم يفرح بقربي منه مالك
وردّوني إلى رضوان لهفي ... على ما فاتني ممّا هنالك
فقال وقد رأى شيبي أرقني ... تجنّبني فما أنا من رجالك
فلا في جنّتي سرم لعلق ... يحنّ به اللواط إلى قذالك
فعد في غير حفظ الله عنّي ... إلى ما كنت فيه من ضلالك
وقوله: [مجزوء الرجز]
قالت وقد فلقتها ... عن أسود الشّعر حلك
دع الجدال والمرا ... وشل برجليّ ونك
فقلت إعجابا بها ... أحسنت لي متّعت بك
أحسنت يا أوسع من ... فتوح مولانا الملك
ومنه قوله: [مخلع البسيط]
العيد قد جاءنا فقدّم ... من قبل يضحي النهار أكلك
ومر بفرخ القنديل حتى ... يغسل من زيته ويدلك
وطفّحوه خمرا وقل لي ... خذ بيمين السرور رطلك
فإنّ هذا الصواب عندي ... وليس مثلي يغرّ مثلك
ومنه قوله: [السريع]
لا سيّما جارية باستها ... يقعد مثل الجمل البارك
هذا وإن نامت على وجهها ... بالطول في جنح الدّجى الحالك
حسبتها تحت الخصى شقّة ... ممدودة بين يدي حائك
ومنه قوله: [المنسرح]
جاءت بسرم يعين عصعصها ... درز سخيف التركيب محلول
اصف في فرد عينيه حول ... والغنج يعتاد أعين الحول
عين لها في جفونها مرض ... يخرج مثل [] «1» على الميل
واست ولا التلّ من تسنّمها ... رأي النواطير في الغرازيل
وقفت في سطحها فأشرف بي ... من نهر عيسى على فم النّيل
من ذاك أنّي مضيت أمس بها ... في السوق تمشي كمشية الغول
فعارضتني في ذاك دايتها ... قالت ولكن بغير تحصيل
ظننت ما لا يكون يا ابن أخي ... فقلت: قومي يا عّمتي بولي
ومنه قوله: [الوافر]
كفاهم منك بالأهواز يوم ... تفصّل من مهابته العظام
وما لأموا وكيف يقال فيهم ... وقد لا قوك أنّهم لئام
أذّقتهم مراس الحرب يوما ... وفيما بعد [] «2» الكلام
إلى أن أسلموها واطمأنّوا ... فقد قرّت مضاجعهم وناموا
ألا يا أيّها الملك المرجّى ... ومن يرجى لدولته الدّوام
سموت إلى العراق بمقربات ... تمحّص من تذكرها الشآم
فلم يسطع عمود الفجر حتى ... خلت من أهلها تلك الخيام
ومنه قوله: [الوافر]
خليليّ ازففا بنت الكروم ... إلى كفؤ لها ندب كريم
ولا سيما إذا هبّت جنوب ... تؤلّف بين أشتات الغيوم
ودمّعت السماء بما يندّي ... الثرى ويبلّ أذيال النسيم
[كما يبكي الوصيّ بغير دمع ... إذا استولى على مال اليتيم] «1»
نعيم فيه ألقاكم بسجفي ... وثمّ لنسألنّ عن النعيم
ولكنّي أمتّ إلى إلهي ... إذا برى الحميم من الحميم
بنبيّ أحمد والله ربّي ... وخير أئمتي عبد الكريم
إمام هدى له بيت مشيد ... بمكة بين زمزم والحطيم
ومنه قوله: [السريع]
طرف إذا أسرج من حرصه ... يكاد يعدو قبل أن يحزما
قال له البرق وقالت له ... الريح جميعا وهما ما هما
أأنت تجري معنا قال إن ... بسطت أضحكتكما منكما
هذا ارتداد الطرف قد فتّه ... إلى المدى سبقا فمن أنتما
ومنه قوله:
عملت في دارك فوّارة ... غرّقت في الأرض بها الأنجما «2»
فاض إلى نحو السّما ماؤها ... فأصبحت أرضك تسقي السّما
وقوله: [المنسرح]
وألف شيخ إذا مررت بهم ... يستقبلوني بألف عثنون
لهم لحىّ من شيبها قرع ... تمغص بطني حتى تخريني
وقوله: [الخفيف]
ليس إلّا ماء الظهور أراه ... بالدّوالي ينصبّ جوف البطون
بأيور كأنّها من حديد ... في فقاح كأنّها من عجين
وقوله: [الخفيف]
افتحي فاك في الخلا وابلعيني ... وعلى شاربي أبيك اسلحيني
انصبي من أصل بظرك جذعا ... مشرفا في العلوّ من شلبين
ثمّ شيلي أيري عليه بشغري ... ك جميعا إلى السما فاصلبيني
أنا راض ببوسة منك في الشه ... ر وفرد في الاست في كلّ حين
منها:
ولها است بالليل يحمل سك ... كان المخاصي في فلكها المشحون
سفلها في الشّري والبيع يغلي ... كلّ يوم وليلة بالزبون
كلّ يوم دخل استها بين ... سبعين [] إلى تسعين «1»
ارتفاعا محصّلا بحساب ... كلّ يوم قد صار كالقانون
بحساب يعلم البظر منه ... بين شغريه نسبة السبعين
ومنه قوله: [مخلع البسيط]
يا سادتي ما استرقّ ديني ... شيء كمثل الحر السمين «2»
كلّما أراه يزول عقلي ... عنّي ويعتادني جنوني
وأشتهي أن أغوص فيه ... من مشط رجلي إلى جبيني
وكلّما شلت منه رأسي ... رزقت قوما يغوّصوني
أغيب شهرا فلا تراني ال ... عيون والناس يطلبوني
حتى إذا كان بعد شهر ... دلّ على موضعي أنيني
وقوله من أبيات: [المنسرح]
كم وقعة لي مع من تحصّله ... بين شباب وبين مردان
تفتح باب استها المشوم كما ... أفتح في السوق باب دكاني
أقربه أمس إذ قعدت لها ... بعقل صاح وزبّ سكران
فأدخلت واحدا صبرت له ... حتى أتاني في عقبه ثاني
فلو حضرتم عندي لهالكم ... صيال فحل كالليث غيران
ما راعني أنّني وجدتهما ... وحدي وتحت اللّحاف اثنان
وحقّ رأسي لقد صفعتهما ... حتى استغاثت أصول آذاني
لا حاطها الله من مناقرة ... في جلدها ألف ألف شيطان
وحقّ هذي اللحى الطوال لقد ... ضرّطني خوفها وخرّاني
ومنه قوله: [الخفيف]
حمل الله كلّ فحل فسا ... اليوم على أمّ صاحب الديوان
فهو عندي والكلب لا بل ... خرا الكلب إذا كان يابسا سيان
أيّ شيء أخشى وشعري مجنّي ... والقوافي نبلي وسيفى لساني
ومنه قوله:
قلت وافى شعبان والله يدري ... كيف عزمي يكون في رمضان «1»
فيه ما لو كشفته لك يا هذا ... رمينا في الدار بالحيطان
ويحكم يا شيوخ أو يا كحول ال ... فسق أو يا معاشر الفتيان
اشربوها وكلّ إثم عليكم ... إن شربتم بالرّطل في ميزاني
أنا إبليس فاشربوها وغنّوا ... أنت مثل الشيطان للإنسان
ومنه قوله:
لي طبع كأنّما حلّ في الشعر ... يقرّص البنفسج الرّيحاني
اضربوا لي وجه العدوّ فإنّي ... مثل موسى الحجّام في الأذقان
وانظروا الشوارب البيض وال ... سود على استي تجول في الميدان
ومنه قوله: [الوافر]
عجوز من وصائف قصر كسرى ... بسرم مثل جاعرة الأتانه
لها في سرمها بعر صغار ... على مقدار حبّ السيسبانه
به ترمي لحى متعشّقيها ... كما يرمي الفتى بالزر بطانه
أحرّ المدخلات ممرّ سرم ... سلكناه وأحسنهنّ عانه
خليليّ اتركاني من حديث ... رواه لنا فلان عن فلانه
وهاتا فاسقياني الخمر صرفا ... وزورا حانة من بعد حانه
ومنه قوله: [الوافر]
ألا هبّي بنعلك فاصفعينا ... ومن قبل الغداة بها اصبحينا
فإنّ غدا وإنّ اليوم رهن ... وبعد غد بما لا تعلمينا
أدير بها علينا كلّ يوم ... بمقبضها شمالا أو يمينا
مخصّرة إذا ذكرت عمشنا ... على بعد وإن حضرت عمينا
تجوز بذي الخشونة في قفاه ... إذا ما ذاقها حتى يلينا
منها:
لحىّ مثل القباطي حين هرّت ... وقد رقّت طبائعنا خرينا
حبلت من الأذى فحملت في أستي ... النّتوج إلى عنافقهم جنينا
وكنت إذا حبلت ولدت أمّا ... رقيقا في العنافق أو ثخينا
وقوله: [السريع]
إنّ بني الحجّاج فاستبقهم ... أيورهم كالسمك البنّي
وليس مع ذا منهم واحد ... أشفى لديدان المعي منّي
يا صاحب الذقن الذي شانه ... بالجعس من شاني ومن فنّي
سرمي أنا الشيعيّ يا شيخنا ... يضرط في عثنونك السنّي
ومنه قوله: [المنسرح]
لّما فست فسوة رأيت لها ... تغيّرا في وجوه غلماني
تضوّع الجعس من روائحها ... بين سطوحي وبين حيطاني
جارية بين معينين لمن ... يلوط منّا بها وللزاني
ففي است معشوقتي وفي حرها ... صنوان نيك وغير صنوان
بئست كأنّي من فوقها أرق ... قد نام بالطول فوق دكان
وبولها من حمى مثانتها ... كأنّه الماء في حزيران
يا سائلي اليوم كيف عزمي أن ... أسقى وأسقي بالرّطل ندماني
لو كنت كسرى لما شربت غدا ... ما بين بصرى وقصر سلماني
إلّا برطل إذا شربت به ... خريت عقلي في جوف إيواني
لو رام فرعون أن يساويني ... ضرّطته في سبال هامان
ومنه قوله: [الخفيف]
يا خليلي قد عطشت وفي ال ... خمرة ريّ للحائم العطشان «1»
فاسقياني بين الدّنان إلى أن ... ترياني كبعض تلك الدّنان
في ليال لو أنّها دفعتني ... وسط ظهري وقعت في رمضان
كلّ شيء قدّمته لمعادي ... رأس مال يفضي إلى خسران
غير حبّي أهل الحواميم والحش ... ر وطه وسورة الرحمن
فبهم قد أمنت خوف معادي ... وبهذا الوزير صرف زماني
وقوله: [المجتث]
كلّ تيس من التيو ... س الكبار المقرننه
رقعة است أخت خا ... له باسم أيري معنونه
كهلة لحية استها ... بغساها مدّخنه
كسّها قبلة الغيا ... شل والبظر مئذنه
وقوله: [الهزج]
قضيب جمّعت فيه ... لمن يهواه ألوان
فخدّ فيه تفاح ... وصدر فيه رمّان
وشعر هو للعا ... شق في المجلس ريحان
فمن أبصر شخصا قطّ ... يمشي وهو بستان
غزال ناعس الطّرف ... ولا بقّال نعسان
ومنه قوله: [البسيط]
تبول من شقّ مهزول به عجف ... وقد تفقّا عليه بظرها سمنا «1»
يرغي ويزبد شفراه إذا اختلفا ... كأنّه شدق مفلوج حسى لبنا
وقوله: [الوافر]
أناس أصبحوا منّا وأمسوا ... بمنزلة السّواد من العيون
ترابهم وحقّ أبي تراب ... أعزّ عليّ من عيني اليمين
منها:
وباب لي عليه كلّ يوم ... حروب بين أصحاب الديون
يغيظوني فأشتمهم وأربي ... عليهم في المقال فيلعنوني
وأدعوهم إلى القاضي عساهم ... إذا وقع الجحود يحلّفوني
وأضيع ما يكون الدّين عندي ... إذا عزم الغريم على يميني
وقوله من أبيات: [المنسرح]
وكلّما رمت أن أقابله ... على تماديه في تعديّه
جاءت على غفلة محاسنه ... تسألني الصّفح عن مساويه
وقوله: [مخلع البسيط]
يا ربّي يا عالم الخفايا ... قد شفّ قلبي هوى الصبايا
يعجبني أن أبوس حتى ... تخرج روحي على الثنايا
وأشتهي أن أدبّ حتى ... أندسّ معهم جوف الزوايا
شهوة شيخ زيف إليه ... في السّخف يسترحل المطايا
قد نبضت رأسه الليالي ... وسوّدت وجهه الخطايا
منها:
يا ملكا جوده المرجّى ... بثّ يوم الندى العطايا
الصوم يحتاج فيه مثلي ... إلى السكابيج والقلايا
والخبز رغفانه صحاح ... تلمع بيضا مثل المرايا
فأشبعوني لحما وخبزا ... وجرّعوني سمّ المنايا

.
 
- أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن الحجّاج «5»

فاتح باب، ومانح لباب، وماتح بحر لا غدير ولا سحاب، ونازح فكر يجيء بكلّ معنى قريب، وبمنى أجنبيّ وما هو بغريب. فتح باب المجون ومنح منه اللّباب المصون، وجاء بغرائب ما سبق إليها ولا لحق فيها، وقد زوحم عليها، وكان في هذا الباب نظير امرئ القيس فى ذلك الباب كلّ منهما افترع بكرا عذراء مالها أتراب «1» ، وأطلع حقيقة لا تتوارى بحجاب، ولا تصل إليها الأيدي وهي مطمعة أطماع السراب. جعل الهزل كالجّد الصريح، وكسا الباطل زخرفا حتى كأنّه الحقّ الصحيح، وأجاد في السّخف حتى استخفّ الوقور وهزّ المعاطف بنشأة المخمور، واخترع ملحا بها الإعجاب وما زاد على كلام الناس المتداول بينهم وفيه العجب العجاب.
وحكي أنّه كانت له في حارة الزطّ دار تجاورهم/ 236/ويتأدّى بها إلى سمعه تحاورهم، وكان يسمع من لغاتهم السخيفة ونزغاتهم الظريفة ما نظمه شعرا، وعلمه في بابل سحرا، وأعانه على هذا إقبال منه على الخلاعة وإقبال عليه نفّق له هذه البضاعة فكانت ملوك بني بويه وبني حمدان «2» فمن دونهم لا تقبل منه مديحا حتى يكون السّخف غزله
ولا يعجبها منه الجدّ إلّا إذا كان الهزل أوّله، ولقد مدح بعضهم بقصيدة لطيفة يذوب غزلها وينوب عن لمى الشّفاه قبلها وعن ثغور الغيد المنظّمة مقبّلها. فلم يهشّ له الممدوح ولا جرى للبشاشة في قبولها روح، واستدعى المدح منه على طريقته المعهودة منه سلوكها المنضود به في ترائب اللهو سلوكها، فلمّا أتى بها على منهجه قبلت وكثّرت وما قلّلت، فكان بعد هذا مقبلا على شأنه في هذا الأسلوب قائلا منه ما يأخذ بمجامع القلوب، على أنّ المجمع عليه أنّه كان على طريق حميدة من العفاف وسبيل ما طار به قزعة مع الخفاف، وإنّما كان يقول هذا تظرّفا يهصر جنّاته الألفاف وتلطّفا لا يطرأ على ورقاته الجفاف «1» .
وقد قال عند موته لابنته، وقد هبب الهواء ثوبه عن سوءته: يا بنيّة غطّي سوءة ما عصت الله قط. وكان مقبوضا حتى غطّته فانبسط لكنّه كان رافضيا لا يسلم منه مذهبه، ولا يعلم منه في طرز الشعر ما ساء به مذهبه، وقد قيل إنّه رئي في النوم بعد موته فقيل له:
ما فعل الله بك؟ فقال: [من الرجز]
أفسد حسن مذهبي ... في الشعر سوء مذهبي
وحملي الجدّ على ... ظهر حصان اللّعب
لم يرض مولاي على ... سبيّ لأصحاب النّبي
فلم ينكر أديب من أهل عصره أنّها شعره، وشبيهة بشعره «2» .
وقد نقل أنّه أوصى أن/ يدفن عند رجلي موسى بن جعفر عليهما السلام، ويكتب على قبره: [وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد] «1» .
وقال الثعالبي «2» ، وقد أرخى العنان فيما اختار له على اختلاف الأوزان ممّا زان وخفّ على الأذهان، وقد ثقل في الميزان: ومحاسن ابن الحجاج لا تنتهي حتى ينتهى عنها.
ونحن الآن نذكر جوهره، ومن أبدع ما أثبته من سطره. قوله: [الخفيف]
جبل كنت في ذراه فزلّت ... من ذراه برجلي الصّفراء
معرض كيف دار درت بوجهي ... فهو شمس وعبده حرباء
وقوله: [الخفيف]
لا تسلني عن شرح حالي فإنّي ... كالخرا الرّطب فوق رأس الماء «3»
رجل فارغ المعا فارع الجوف ... من الجوع ضامر الأحشاء
فأنا اليوم من ملائكة الدو ... لة أحيا وحدي بغير غذاء
منها:
تشتكي خيله الوجى من سرى ال ... ليل إلى كلّ غارة شعواء
فإذا ما أراحها ركض الخوف ... بها في خواطر الأعداء
وقوله: [الخفيف]
ربّ ريح يوم الدواء دبور ... وسوست في عصاعص الأغبياء «4»
قدّروها فسا وقد كمن ال ... جعس في مهبّ ذاك الفساء
فإذا الفرش في خليج سلاح ... ذائب في قوام جسم الماء
فاتّق الله أن يغرّك ريح ... عصفت في جوانب الأحشاء
وقوله: [البسيط]
فديت من أبصرتني شبت مكتهلا ... فأمعنت باستها من لحيتي هربا
يصبو خراها إلى عثنون عاشقها ... كأنّ بين خراها واللّحى نسبا
كأنّ مبعرها في أصل شعرتها ... بثق أعدّوا عليه الشوك والحطبا
تصمّ إن ضرطت أذن الرقيب فلا ... عدمت فرقعة است تطرش الرقبا
ومدمج ذي خصى كالضرع محتقبا ... ما مصّ مذ نحو شهرين ولا حلبا
كأنّه ثعلب في الكرم يطفر ما ... بين العناقيد حتى يخرط العنبا
تشكّكت باستها فيه أمن خشب ... قد صار أم هو شيء يشبه الخشبا
كأنّه ساجة لو شرّحت جعلت ... لبعض أبواب أحجار النسا عتبا
وأنشدت بعد ما جسّته فقحتها ... فما رأت ثمّ لا لحما ولا عصبا
أمسى يواثبني فى استي فأدّبني ... أبعد خمسين منّي تبتغي الأدبا
منها فى الخمر:
حمراء يمسي بناني وهي فوق يدي ... منها بمثل شعاع الشمس مختضبا «1»
وأربح الناس عندي في تجارته ... محصّل يشتري بالفضة الذّهبا
وقوله: [الطويل]
فمن غادة ملتفّة الخصر شحمها ... نديف على أردافها والحوالب
ومن أمرد تنزو الفياش على استه ... إذا كظّها الإنعاظ نزو الجنادب
وقوله: [المنسرح]
كأنّ شفريه عندما هدلا ... شدق بعير مهنأ جرب
كأنّ ناسور باب مبعرها ... عنقود كرم مزّيت العنب
كأنّما الأير فوق عصعصها ... راكب جمّارة على قتب
ومنه قوله: [الخفيف]
خضبت رأسها ووجّهت ... بسوء فها فكانت جوابي
وعلى رأسها ولا تصب الخصّ ... ردا حائل بلون التراب
فتوهّمت رأسها من بعيد ... قفصا فيه طائر عنّابي
وقوله: [الطويل]
وكان ولائي قبله مثل قبضة ... من الريح في منقار عنقاء مغرب
وقوله: [مخلع البسيط]
وصيد زبّي لكسّ ستّي ... ليس بناب ولا بمخلب
بخصية جلدها مدلّى ... وفيشة رأسها مدبّب
أحسن من صيد ألف كلب ... في كلّ يوم لألف أرنب
صبيّة بظرها بجنبي ... يبيت مثل الصبي المحصّب
مفعول باب استها يأير ال ... فاعل فوق الفراش ينصب
ومنه قوله: [المتقارب]
وأيّة دار تيمّمتها ... تيمّم بوابها حجبتي «1»
فإن أنا زاحمت حتى أموت ... دخلت وقد خرجت مهجتي
فيدفعني الناس بعد الوصو ... ل إليهم وقد فترت همّتي
وإن قدّموا خيلهم للركو ... ب خرجت فقدّمت لي ركبتي
ولا لي غلام فأدعو به ... سوى من أبوه أخو عمتي
وكنت برأس كظهر الغداف ... فقد صرت أقرع من فيشتي
ومنه قوله: [الخفيف]
نطق الموت بك يدعو ... ك وأنصارك الحضور سكوت
ليس ملك يزيله الموت ملكا ... إنّما الملك ملك من لا يموت
ومنه قوله: [السريع]
رأيتها وهي على سطحها ... قاعدة في جانب السطح
فقلت بالمزح وفي طبعها ... فديتها صبر على المزح
أشعرة في السطح أم هذه ... لحية فرعون على الصّرح
فتى له يوم الوغى راية ... قد قسّت الأعداء بالقرح
قد كتب الإقبال في رأسها ... أبشر بنصر الله والفتح
يجلو دجى الخطب بوجه له ... يشرق فيه كوكب الصّبح
يا من إذا أجرى إلى غاية ... فات إليها سرعة اللّمح
ومنه قوله: [المتقارب]
أتتك الوزارة تسعى إليك ... بوجه عليه دليل النجاح
وقد زاحموك فما زعزعت ... مناكب رضوى بمرّ الرياح
فكم ثمّ من رأس ذي لوثة ... قد اعتدل اليوم بعد الطماح
وشعري لا بدّ من سخفه ... ولا بدّ للدار من مستراح
وقوله: [السريع]
خدّك نسرين وتفاح ... والآس في صدغك قدّاح
وشعرك الليل ولكن لنا ... في الليل من وجهك مصباح
يا ظالما قلبي إلى جوره ... يحنّ مشتاقا ويرتاح
منها:
أفسدتني بعد صلاحي فهل ... يرجى لإفسادك إصلاح
فتى له جود عميم الندى ... حواله في الأرض سيّاح
نمسي كما تصبح في خيره ... ما دام إمساء وإصباح
يحيى وينتاش بإحسانه ... وبأسه يردي ويجتاح
إن وعد الوعد فإنجازه ... لقفل باب الوعد مفتاح
إنّ المواعيد شخوص لها ... مكارم الأفعال أرواح
وقوله في نخاس اشترى له جارية ووعده بالربح فيها وكتب عهدتها باسم طلحة غلام النّحاس: [السريع]
قل لأبي الفتح الذي لم تزل ... أخلاقه طيّبة سمحه
ابتعت لي جارية ما اسمها ... فرحة لكنّ اسمها قرحه
وقلت لي تربح في بيعها ... غدا فقد أربحتني سلحه
وكيف يرجى الربح في عهدة ... تكتب هذا ما اشترى طلحه
هيهات أن تخرج فروّجة ... من بيضة فاسدة المحّه
فقل لمن يبتاعها إنّها ... فارهة جيدة الفقحه
فسيحة السّرم ففي نيكها ... الاست عند الفقها فسحه
عرّس بها الليلة واجعل عدا ... ذقنك في باب استها صبحه
وقوله: [السريع]
يا أيّها الأستاذ يا من له ... خلائق بالحسن ممدوحه
است بن حجّاج على ضعفها ... بذقن من يشناك منكوحه
قد وقع الصّلح الذي لم يكن ... عنه لكم في الرأي مندوحه
لكنّه صلح بسين على ... عنفقتي والسين مفتوحه
ومنه قوله: [مخلع البسيط]
مريضة المقلتين لكن ... عين استها صلبة صحيحه
وذات بعل جوارح استي ... من خوف عثنونه جريحه
مولاي هذي أبيات شيخ ... في مدحكم جيّد القريحه
جاءتك من حضرة الأماني ... ممدودة الكفّ مستميحه
فانزل على حكمها وإلّا ... صرنا جميعا بها فضيحه
ومنه قوله: [المتقارب]
ففي طبع أشعاره رقّة ... فخاطره أبدا يسلح
وكم قد جرى في مدى مذهبي ... أناس فأكدوا وما أفلحوا
رأوا غاية دونها مخرج ... على حافتي بئره يطفح
فعادوا وقد جشّموا خطّة ... عنافقهم تحتها تدلح
ومنه قوله: [مجزوء الكامل]
جاءتك من تعب ال ... تكلّف والتعسّف مستريحه
مدح إذا أنشدته ... استخففت في الإنشاد روحه
حلو وبعض الشعر في ال ... إنشاد تعلوه ملوحه
وقوله: [الخفيف]
ولها شعرة ولا زبد البحر بيا ... ضا وعصعص كالمداد
وحر أشمط العذارين ألحى ... فيه سمت النساك والعبّاد
عرّفيني أمّ الدواهي متى ... كانت سيوف الخصى بلا أغماد
ومنه قوله: [البسيط]
ياباني المجد لّما انهدّ معظمه ... وراعي الجود لّما أهمل الجود
إن يحسدوك على فضل خصصت به ... فكلّ منفرد بالفضل محسود
فتحت ثغر المعالي وهو ممتنع ... صعب وباب الأيادي وهو مسدود
مكارم لك قبل اليوم شيّدها ... أجدادك الغرّ أو آباؤك الصّيد
فتى ينوب عن البيض الرقاق إذا ... حلّت حباها إلى الموت الصناديد
رأي له محصد زرع النفوس به ... في الحرب لا بسيوف الهند محصود
منها في ذكر الخمر:
من بنت كرم إذا استجليتها خجلت ... فبان في وجه بنت الكرم توريد
مر لي بها وبصوت من مهفهفة ... لها قوام كغصن البان مقدود
رود الشباب فإنّ الشيخ يعجبه ... من الغواني الفتاة الطفلة الروّد
بنت العناقيد في فيها وقد سدلت ... جعدا على رأسها منه عناقيد
وقوله: [المنسرح]
فرعاء من رأسها وأسفلها ... تسحب شعرا حباله مسد
تجنّبت سرمها الفيّاش فما ... يدقّ في كوّة استهاوتد
ومنعظ فوق سطح بيضته ... بالليل أير كأنّه جرد
إذا تمطّى على الحشا انقلبت ... بثغلها فى الحناجر المعد
تحبل من أدخلته منه به ... سرّا وفي وقت سلّه تلد
حصنه جوف بيته عسس ... يصفع فيه الحراس من وجدوا
فبات تحت اللحاف يجلدها ... من فزع الصّفع وهو يرتعد
وقوله: [السريع]
وقال والوردة في كفّه ... مع قدح أذكى من النّد «1»
اشرب هنيئا لك يا عاشقي ... ريقي من كفّي على خدّي
ومنه قوله: [المنسرح]
دع عنك ذكر القتال كيف جرى ... ومنهل القتل فيه مورود
والناس صرعى على رؤوسهم ... سرادق للسيوف ممدود
ومنه قوله: [الخفيف]
إنّ هذا الزمان كان بصيرا ... صير فّيا مهذّبا للنقود
ثمّ شاخ الدهر الذي يحبو ... بين عاد وتبّع وثمود
واستمرّ العمى بعينيه حتى ... أبدل الفضّة النّقا بالحديد
فلهذا ساد القرود وصرنا ... نحن أذناب بعض تلك القرود
وقوله يعزّي أخاه عن بنت ماتت له: [الطويل]
وما الميت فافهم عن أخيك إذا مضى ... سوى غائب عن أهله نازح المدى
فإن هو لم يلمم بنا اليوم قادما ... قدمنا عليه نحن في داره غدا
ومنه قوله: [البسيط]
زبّاء زرع استها يسقى بدالية ... وبظرها واقف فى الزرع ناطور
كأنّ مبعرها في حلق فيشلتي ... طوق على عنق كالدنّ مزرور
لها حر أشمط قد شاب مفرقه ... عليه بظر طويل فيه تدوير
كأنّه شاغر قد جاء من حلب ... شيخ على رأسه المحلوق طرطور «1»
واست لمبعرها عمق بلا سعة ... كأنّها جبل في لحفه بير
تشمّ ريح استها فيش الزناة كما ... تشمّ رائحة اللحم السنانير
على استها رقباء يزعقون بها ... كما يصيح على الزرع النواطير
كأنّها وهم من حولها عسل ... تحميه من خارج الكور الزنابير
منها:
إذا انثنت وغنّت خلت قامتها ... غصن عليه قبيل الصّبح شحرور
والمدح كالقدر لا تمري وإن أكلت ... إلّا إذا طرحت فيها الأبازير
منها:
كأنّه زند مقطوع على سرق ... في زنده الأيمن المقطوع ساجور
تبارك الله فالدّنيا كما زعموا ... من استنام إليها فهو مغرور
تحلو مذاقا ولكن فوق تمرتها ... لمن يقول بأكل التمر زنبور
ومنه قوله: [الطويل]
فتى فوق رأس المجد يسحب ذيله ... ويوم الوغى يلقاه وهو مشمّر
إذا رام يوما غّرة من عدوّه ... تأمّل قبل الورد من أين يصدر
بقلب له عينان: عين عن الهوى ... تغضّ وعين في العواقب تنظر
وقوله: [البسيط]
ظبي الكناس الذي في طرفه حور ... أما لورد النّوى بعد النّوى صدر
قلبي بكفّك فانظر في تصفّحه ... هل نال حظّك من سودائه بشر
الله جاد بني حمدان ما طلعت ... شمس وما دار في أرجائها قمر
قوم يغضون من نوّ السّماك إذا ... جادوا ويزرون بالشّعرى إذا افتخروا
بدور تمّ منيرات إذا جلسوا ... وأسد غاب هصورات إذا [نفروا] «1»
لم يبق فيهم لمغترّبهم طمع ... إلّا عواطف حلم كلّما قدروا
من كلّ أغلب ما في جأشه خور ... تحت العجاج ولا في باعه قصر
إنّ الأمير الذي أضحت شمائله ... في الناس فاعلة ما يفعل المطر
أنحى على طخية الأحداث فانكشفت ... كاللّيل جلّي دجى ظلمائه السّحر
بهمّة يشمل الدنيا تيقظها ... فليس يعجزها بدو ولا حضر
يا ابن الذين تقصّوا في العلى أمدا ... ما فوق غايته للنّجم مفتخر
رعيت سرب حماه وهو مخترم ... واغتلت كيد عداه وهو معتكر
مضّر ما نار هذا وهي خامدة ... ومطفئا نار هذي وهي تستعر
ملق على فلوات الأرض كلكله ... في ظلّ أغلب ما في رأيه غرر
تنير تحت عجاج النّقع غرّته ... كما ينير وراء الهالة القمر
وقوله في وصف شعره: [مخلع البسيط]
نسيمه منتن المعاني ... كأنّني قلته بجحري «2»
شعر يفيض الكنيف فيه ... من جانبي خاطري وفكري
لوجّد شعري رأيت فيه ... كواكب الليل وهي تسري

.../...
.
 
- أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن الحجّاج

تــــــــــــــــــــابع


وقوله: [المنسرح]
يوم رأينا الرايات قد وردت ... بالنّصر بيضا وأصدرت حمرا
والخيل مثل السفين يسبح في ... الدما شهبا وتنكفي شقرا
وقوله: [مجزوء الرجز]
من الجنان ريقها ... وسرمها من سقر «1»
لها حر كأنّه ... وجه غلام خزري
وشعرة أطرافها ... شبه رؤوس الإبر
وهذه قصيدة ... قد سال فيها قذري
تبيع في سوق الخرا ... شواربا وتشتري
وقوله: [مخلع البسيط]
مع قينة لا تريد غيري ... فهي تجيني بغير حذر
أيري مع أنّه طويل ... أقصر من بظرها بشبر
وقوله: [مجزوء الكامل]
قد كنت قبل اليوم تط ... لبني وتستدعي حضوري «2»
وأرى الجفا بعد الوقا ... مثل الفسا بعد البخور
ومنه قوله يصف فرسه: [مخلع البسيط]
يئنّ طول النهار تحتي ... أنين شيخ به زحير
ما فيه روح سوى ضراط ... تجفل من صوته الحمير
وقوله: [الكامل]
يا صاحبيّ استيقظا من رقدة ... ترزي على عقل اللبيب الأكيس «1»
هذي المجرّة والنجوم كأنّها ... نهر تدفّق في حديقة نرجس
وأرى الصّبا قد غلّست بنسيمها ... فعلام شرب الراح غير مغلّس
قوما اسقياني قهوة رومية ... من عهد قيصر دنّها لم يمسس
صرفا تضيف إذا تسلّط حكمها ... موت العقول إلى حياة الأنفس
ومنه قوله: [السريع]
باتت كأنّ الفيش في رحمها ... جماجم في قعر ناووس
كأنّ أيري فوق عظم استها ... لتّ على جانب قربوس
وقوله: [المنسرح]
من كلّ طنطكاه زوجته ... تنجر حتى تصبح بالقوس
قد خرّق النيك سرمها فغدت ... مثل قميص بلا تخاريس
وقوله: [البسيط]
وقائل كم تنيك قلت له ... ليس بنيك الحرام من باس
خصاي قوس وشعرتي وتري ... والسهم أيري والسّرم برجاسي
ومنه قوله: [الوافر]
أبا يعلى وأنت فتى تحبّ ال ... مديح فدونك المدح الرخيصا
براح كالعقيق صفاء لون ... فلو جمدت خرطناها فصوصا
وقوله: [مخلع البسيط]
فديت من في استها لعوق ... يشفي به المدنف المريض
لها حر مدنف عليل ... ملكلك ما به نهوض
من اختلاف السفاد صارت ... تضرط منه ولا تحيض
فهو وفي ذاك خيرة لي ... تذرق مائي ولا تبيض
عندي لعمر أنّ تحت سرمي ... قافية مالها مغيض
كتمتها عامدا ولكن ... أظنّها سوف تستفيض
ومنه قوله: [المنسرح]
فيا أبا الأزهر الذي ارتعدت ... من خوف إشخاصه مضاريطي
وحقّ مغساة كلّ مدخلة ... تحشر يوم المعاد مع لوطي
لها شباك من شعر شعرتها ... فيها أيور مثل الشبابيط
تناك في سرمها وفي حرها ... فعام عفص وعام بلّوط
وقوله: [السريع]
طبيبكم إن لم يصن نفسه ... خريت في لحية بقراط
إلى متى يبعث عثنونه ... بعارم الفقحة ضرّاط
لو عصفت في الري ريح استه ... تقطع الغزل بدمياط
ومنه قوله: [الخفيف]
هل لما فات عهده من رجوع ... أم لعينيّ حيلة في الهجوع
بأبي من أزورها كلّ يومين ... حذارا من كثرة التّشييع
إنّ لي في جماعها ألف واش ... [] في نيكها بالجميع «1»
غادة وجهها بديع فموتي ... في هواها إن متّ غير بديع
ذات خصر كالدّعص رّيا وشبعا ... وبردف طعامه من ضريع
وبسرم كمثل حاشية البر ... د صفيق صنيع
قد لبسناه بالأيور خليعا ... ولبسناه وهو غير خليع
فوجدناه غير رثّ الحواشي ... مثل قبّ الغلالة المرقوع
ومنه قوله: [الخفيف]
جوده كالطبيب فينا يداوي ... سوء أحوالنا بحسن الصّنيع
فهو كالموميا إذا انكسر العظم ... ومثل الدرياق للملسوع
وقوله: [مجزوء الكامل]
است يصكّ ضراطها ... تحت اللحاف مسامعي
است إذا قلّبتها ... بالليل فوق مضاجعي
وقعدت أجرف في الفرا ... ش خلوقها بأصابعي
غلّفت لحية عاذلي ... منها بأصفر فاقع
وقوله: [السريع]
وفقحة في الفرش نهّافة ... واسعة الحلق لها بعبعه
يخاف أن يجتاز أيري بها ... إلّا إذا كان خصاه معه
ومنه قوله: [المنسرح]
لله درّ الأستاذ من ملك ... في دوس خدّي بنعله شرفي
فتى إذا متّ قبله فعلى ... خدمته لا على البقا أسفي
ينصف في حكمه رعيّته ... وماله منه غير منتصف
يبتغي بالمديح نائله ... كالرطب الغضّ بيع بالحشف
ومنه قوله: [المجتث]
يا حامل الدقن تسبي ... حسنا وتفتن طرفا
واصل بدقنك سرمي ... ما مثل ذا الدقن تجفى
وقوله: [السريع]
فديت ستّا لي معشوقة ... يقصر عن وجدي بها وصفي
تنام في البئر على ظهرها ... وبظرها يحتكّ بالسّقف
ومنه قوله: [مخلع البسيط]
وجدتها هرّة عجوزا ... معدومة الضّيق والنشافه
ذات حر للسعاة فيه ... مع بعد غاياتهم مسافه
ألحى على عارضيه شيب ... في غاية الحسن والكثافه
لو كان مع دقنه خطيبا ... ولّيته جامع الرصافه
وقوله: [المتقارب]
أيا ملكا لم يزل قلبه ... على من يلوذ به ينعطف
يريدون صرفي عن حسبتي ... فكيف وأحمق لا ينصرف
ومنه قوله: [الوافر]
فديت أبا عليّ من هلال ... أغضّ إذا نظرت إليه طرفي
أقول وقد سمعت الشمس يوما ... تماري فيه: يا خرقاء كفّي
أأنت تنازعين أبا عليّ ... محاسن قطّ لم تدرك بوصف
فغطّت وجهها بالغيم منّي ... محاجرة ولم تنطق بحرف
ومنه قوله: [مخلع البسيط]
أذكرني البرق إذ تألّق ... عهد است من يذكر الموفّق
مشرقة ردفها منيف ... كأنّه في العلوّ جوسق
تخرا على ساقها من است ... كأنّه بربخ معلّق
فليس يرقا أيري إليها ... في الليل إلّا إذا تسلّق
عصعصها أسود وأيري ... أبيض مع طوله معرّق
كأنّ شعر استها وأيري ... غراب بين يزقّ لقلق
ومنه قوله: [مخلع البسيط]
فقل لمولاي وهو بحر ... بالعين والورق قد تدفّق
الملك الكسرويّ هذا ال ... متوّج السيّد المطّوق
مولاي أحسن أنعم تطوّل ... امنن تعطّف ارحم تصدّق
ومنه قوله: [البسيط]
فارقت من لم أخلّف بعد فرقتها ... حبل الهوى عندها رثّا ولا خلقا
ومن شكوت وقد ودّعتها كمدي ... فقال دمعي على خدّي لها صدقا
نامي هنيئا لعينيك الرقاد فما ... أمسيت أعرف إلّا الهمّ والأرقا
وإن أردت حياتي فامسكي رمقي ... إن كان بعدك شيء يمسك الرّمقا
ومنه قوله: [السريع]
لو واصلتني نكتها في استها ... بلحيتي من شدّة العشق
أدخل رأسي وأرى سرمها ... قد دار مثل الطوق في حلقي
وكلّما سال طحين استها ... دهنت في الليل به فرقي
ومنه قوله: [مجزوء الكامل]
وعجائز مثل الحصا ... يتدحرجون ولا البنادق
أحراهم بيض الشوا ... ئب واللحى سود العنافق
فكأنّ شعر استاههن ال ... بلق أعشاش العقاعق
في راس سندان استها ... مثل الخسوف من المطارق
مفتنّة تجري طبي ... عتها على كلّ الطرائق
ومنه قوله: [مجزوء الكامل]
لمّا ركبت على استها ... وحدي أحجّ بلا رفيق
في شقّ محمل عصعص ... لحم عليه غشا دبيقي
قلت: انزلي في ذات عرق ... فمنزلي ذات الشقوق
لكنّني أشرفت من حرها ... على واد عميق
ورأيت يسرة جحرها ... بالعرض في ذاك المضيق
شوك أم غيلان فكد ... ت أعود من نصف الطريق
وهناك جرح تحت مجمع شا ... ريانات العروق
تمسي خصاي بميله ... يحشوه بالسمن العتيق
ومنه قوله: [الرمل]
يا بني حمدان ما جاراكم ... سابق في المجد إلّا سبقا
كلّ من جاد وأعطى وحبا ... كان بالعطف عليكم نسقا
ومنه قوله: [السريع]
فديت من باب استها نقشة ... سوسنة في رأس عوّاقه
قد خلطت طاقات شعر استها ... فليس للنّتف بها طاقه
لّما اجتمعنا واستها لم تزل ... خدّاعة للزبّ ملّاقه
باتت يرشّى الأير ماء الخصى ... في وجه مغساها بزرّاقه
ومنه قوله: [الطويل]
أرى الشيب عند الغانيات مقامه ... مقام الخرابين اللّحى والعنافق
وكيف يروم الشيخ كسّ صبيّة ... تحنّ إلى زبّ الصبيّ المراهق
إذا ضرطت في نهر عيس أجابها ... صدى سرمها في الحال من درب سابق
إذا طرقتني باستها وهي عاتق ... حملت بأيري بظرها فوق عاتقي
ومنه قوله: [الخفيف]
كيف لي بالخلاص من شوك شعراس ... ت فتاة بدّدت فيه دقيقي
وهي خود كما علمت بسرم ... مارئي مثله على مخلوق
إنّ سلمى لا يعمل الخيط والإب ... رة في درز سرمها المفتوق
إنّ سلمى تمشي وتسحب أطرا ... ف حواشي برد استها في الطريق
إنّ سلمى مذنمت عنها بأيري ... بات طست استها بلا إبريق
است سلمى ما دبدبت قطّ إلّا ... ضرب الأير خلفها بالبوق
وقوله: [الخفيف]
انتهز فرصة الصبوح بإحضا ... ر الغواني والسلسبيل الرحيق
قهوة لا تحلّ إلّا لشيخ ... لك مثل معطّل زنديق
لا تصفي الرهبان رطلين منها ... إلّا بلحية الجاثليق
ومنه قوله: [المتقارب]
عدّوك مستحلق العارضين ... في الكتف مستنتف العنفقه
حبست على دقنه فقحتي ... ونعلك في صفعه مطلقه
وزوجة تشتكي في الفراش ... شدّة حمّى استها المطبقه
وبالزبّ يؤكل مخّ استها ... كما يؤكل الزبد بالملعقة
وقوله: [السريع]
وأصداغها السّود في خدّها ... كما تنقش الفضّة المحرقه
بوابك الصانع عهدي به ... وعرسه مثقوبة البوتقه
في سرمها طست لنفث الخصى ... مدوّر في قدر المبزقه
وقوله: [الخفيف]
مكّنيني من بوس يسراك ألفا ... واعرفي فضلها على يمناك
إنّ يسرى يديك أقرب عهدا ... وقت غسل الخرا بمستنجاك
اطرحي نفسك اطرحي واخربي ... السقف برجليك وافتحي لي فاك
وخذي من أصول قنا المخاصي ... مع بروز الفقّاع والنكناك
تجدي للشفاء مثل دبيب ال ... نّمل طول النهار في مفساك
ومنه قوله: [السريع]
أنت بخير يا أبا جعفر ... ما دمت صلب الأير نيّاكا «1»
فنك ولو أمّك واصفع ولو ... أباك إن لامك في ذاكا
ومنه قوله: [الوافر]
ألا يا سيدي قد كنت هالك ... بلغت من الحساب إلى قذالك
وكنت إلى الجحيم فسرت عدوا ... فلم يفرح بقربي منه مالك
وردّوني إلى رضوان لهفي ... على ما فاتني ممّا هنالك
فقال وقد رأى شيبي أرقني ... تجنّبني فما أنا من رجالك
فلا في جنّتي سرم لعلق ... يحنّ به اللواط إلى قذالك
فعد في غير حفظ الله عنّي ... إلى ما كنت فيه من ضلالك
وقوله: [مجزوء الرجز]
قالت وقد فلقتها ... عن أسود الشّعر حلك
دع الجدال والمرا ... وشل برجليّ ونك
فقلت إعجابا بها ... أحسنت لي متّعت بك
أحسنت يا أوسع من ... فتوح مولانا الملك
ومنه قوله: [مخلع البسيط]
العيد قد جاءنا فقدّم ... من قبل يضحي النهار أكلك
ومر بفرخ القنديل حتى ... يغسل من زيته ويدلك
وطفّحوه خمرا وقل لي ... خذ بيمين السرور رطلك
فإنّ هذا الصواب عندي ... وليس مثلي يغرّ مثلك
ومنه قوله: [السريع]
لا سيّما جارية باستها ... يقعد مثل الجمل البارك
هذا وإن نامت على وجهها ... بالطول في جنح الدّجى الحالك
حسبتها تحت الخصى شقّة ... ممدودة بين يدي حائك
ومنه قوله: [المنسرح]
جاءت بسرم يعين عصعصها ... درز سخيف التركيب محلول
اصف في فرد عينيه حول ... والغنج يعتاد أعين الحول
عين لها في جفونها مرض ... يخرج مثل [] «1» على الميل
واست ولا التلّ من تسنّمها ... رأي النواطير في الغرازيل
وقفت في سطحها فأشرف بي ... من نهر عيسى على فم النّيل
من ذاك أنّي مضيت أمس بها ... في السوق تمشي كمشية الغول
فعارضتني في ذاك دايتها ... قالت ولكن بغير تحصيل
ظننت ما لا يكون يا ابن أخي ... فقلت: قومي يا عّمتي بولي
ومنه قوله: [الوافر]
كفاهم منك بالأهواز يوم ... تفصّل من مهابته العظام
وما لأموا وكيف يقال فيهم ... وقد لا قوك أنّهم لئام
أذّقتهم مراس الحرب يوما ... وفيما بعد [] «2» الكلام
إلى أن أسلموها واطمأنّوا ... فقد قرّت مضاجعهم وناموا
ألا يا أيّها الملك المرجّى ... ومن يرجى لدولته الدّوام
سموت إلى العراق بمقربات ... تمحّص من تذكرها الشآم
فلم يسطع عمود الفجر حتى ... خلت من أهلها تلك الخيام
ومنه قوله: [الوافر]
خليليّ ازففا بنت الكروم ... إلى كفؤ لها ندب كريم
ولا سيما إذا هبّت جنوب ... تؤلّف بين أشتات الغيوم
ودمّعت السماء بما يندّي ... الثرى ويبلّ أذيال النسيم
[كما يبكي الوصيّ بغير دمع ... إذا استولى على مال اليتيم] «1»
نعيم فيه ألقاكم بسجفي ... وثمّ لنسألنّ عن النعيم
ولكنّي أمتّ إلى إلهي ... إذا برى الحميم من الحميم
بنبيّ أحمد والله ربّي ... وخير أئمتي عبد الكريم
إمام هدى له بيت مشيد ... بمكة بين زمزم والحطيم
ومنه قوله: [السريع]
طرف إذا أسرج من حرصه ... يكاد يعدو قبل أن يحزما
قال له البرق وقالت له ... الريح جميعا وهما ما هما
أأنت تجري معنا قال إن ... بسطت أضحكتكما منكما
هذا ارتداد الطرف قد فتّه ... إلى المدى سبقا فمن أنتما
ومنه قوله:
عملت في دارك فوّارة ... غرّقت في الأرض بها الأنجما «2»
فاض إلى نحو السّما ماؤها ... فأصبحت أرضك تسقي السّما
وقوله: [المنسرح]
وألف شيخ إذا مررت بهم ... يستقبلوني بألف عثنون
لهم لحىّ من شيبها قرع ... تمغص بطني حتى تخريني
وقوله: [الخفيف]
ليس إلّا ماء الظهور أراه ... بالدّوالي ينصبّ جوف البطون
بأيور كأنّها من حديد ... في فقاح كأنّها من عجين
وقوله: [الخفيف]
افتحي فاك في الخلا وابلعيني ... وعلى شاربي أبيك اسلحيني
انصبي من أصل بظرك جذعا ... مشرفا في العلوّ من شلبين
ثمّ شيلي أيري عليه بشغري ... ك جميعا إلى السما فاصلبيني
أنا راض ببوسة منك في الشه ... ر وفرد في الاست في كلّ حين
منها:
ولها است بالليل يحمل سك ... كان المخاصي في فلكها المشحون
سفلها في الشّري والبيع يغلي ... كلّ يوم وليلة بالزبون
كلّ يوم دخل استها بين ... سبعين [] إلى تسعين «1»
ارتفاعا محصّلا بحساب ... كلّ يوم قد صار كالقانون
بحساب يعلم البظر منه ... بين شغريه نسبة السبعين
ومنه قوله: [مخلع البسيط]
يا سادتي ما استرقّ ديني ... شيء كمثل الحر السمين «2»
كلّما أراه يزول عقلي ... عنّي ويعتادني جنوني
وأشتهي أن أغوص فيه ... من مشط رجلي إلى جبيني
وكلّما شلت منه رأسي ... رزقت قوما يغوّصوني
أغيب شهرا فلا تراني ال ... عيون والناس يطلبوني
حتى إذا كان بعد شهر ... دلّ على موضعي أنيني
وقوله من أبيات: [المنسرح]
كم وقعة لي مع من تحصّله ... بين شباب وبين مردان
تفتح باب استها المشوم كما ... أفتح في السوق باب دكاني
أقربه أمس إذ قعدت لها ... بعقل صاح وزبّ سكران
فأدخلت واحدا صبرت له ... حتى أتاني في عقبه ثاني
فلو حضرتم عندي لهالكم ... صيال فحل كالليث غيران
ما راعني أنّني وجدتهما ... وحدي وتحت اللّحاف اثنان
وحقّ رأسي لقد صفعتهما ... حتى استغاثت أصول آذاني
لا حاطها الله من مناقرة ... في جلدها ألف ألف شيطان
وحقّ هذي اللحى الطوال لقد ... ضرّطني خوفها وخرّاني
ومنه قوله: [الخفيف]
حمل الله كلّ فحل فسا ... اليوم على أمّ صاحب الديوان
فهو عندي والكلب لا بل ... خرا الكلب إذا كان يابسا سيان
أيّ شيء أخشى وشعري مجنّي ... والقوافي نبلي وسيفى لساني
ومنه قوله:
قلت وافى شعبان والله يدري ... كيف عزمي يكون في رمضان «1»
فيه ما لو كشفته لك يا هذا ... رمينا في الدار بالحيطان
ويحكم يا شيوخ أو يا كحول ال ... فسق أو يا معاشر الفتيان
اشربوها وكلّ إثم عليكم ... إن شربتم بالرّطل في ميزاني
أنا إبليس فاشربوها وغنّوا ... أنت مثل الشيطان للإنسان
ومنه قوله:
لي طبع كأنّما حلّ في الشعر ... يقرّص البنفسج الرّيحاني
اضربوا لي وجه العدوّ فإنّي ... مثل موسى الحجّام في الأذقان
وانظروا الشوارب البيض وال ... سود على استي تجول في الميدان
ومنه قوله: [الوافر]
عجوز من وصائف قصر كسرى ... بسرم مثل جاعرة الأتانه
لها في سرمها بعر صغار ... على مقدار حبّ السيسبانه
به ترمي لحى متعشّقيها ... كما يرمي الفتى بالزر بطانه
أحرّ المدخلات ممرّ سرم ... سلكناه وأحسنهنّ عانه
خليليّ اتركاني من حديث ... رواه لنا فلان عن فلانه
وهاتا فاسقياني الخمر صرفا ... وزورا حانة من بعد حانه
ومنه قوله: [الوافر]
ألا هبّي بنعلك فاصفعينا ... ومن قبل الغداة بها اصبحينا
فإنّ غدا وإنّ اليوم رهن ... وبعد غد بما لا تعلمينا
أدير بها علينا كلّ يوم ... بمقبضها شمالا أو يمينا
مخصّرة إذا ذكرت عمشنا ... على بعد وإن حضرت عمينا
تجوز بذي الخشونة في قفاه ... إذا ما ذاقها حتى يلينا
منها:
لحىّ مثل القباطي حين هرّت ... وقد رقّت طبائعنا خرينا
حبلت من الأذى فحملت في أستي ... النّتوج إلى عنافقهم جنينا
وكنت إذا حبلت ولدت أمّا ... رقيقا في العنافق أو ثخينا
وقوله: [السريع]
إنّ بني الحجّاج فاستبقهم ... أيورهم كالسمك البنّي
وليس مع ذا منهم واحد ... أشفى لديدان المعي منّي
يا صاحب الذقن الذي شانه ... بالجعس من شاني ومن فنّي
سرمي أنا الشيعيّ يا شيخنا ... يضرط في عثنونك السنّي
ومنه قوله: [المنسرح]
لّما فست فسوة رأيت لها ... تغيّرا في وجوه غلماني
تضوّع الجعس من روائحها ... بين سطوحي وبين حيطاني
جارية بين معينين لمن ... يلوط منّا بها وللزاني
ففي است معشوقتي وفي حرها ... صنوان نيك وغير صنوان
بئست كأنّي من فوقها أرق ... قد نام بالطول فوق دكان
وبولها من حمى مثانتها ... كأنّه الماء في حزيران
يا سائلي اليوم كيف عزمي أن ... أسقى وأسقي بالرّطل ندماني
لو كنت كسرى لما شربت غدا ... ما بين بصرى وقصر سلماني
إلّا برطل إذا شربت به ... خريت عقلي في جوف إيواني
لو رام فرعون أن يساويني ... ضرّطته في سبال هامان
ومنه قوله: [الخفيف]
يا خليلي قد عطشت وفي ال ... خمرة ريّ للحائم العطشان «1»
فاسقياني بين الدّنان إلى أن ... ترياني كبعض تلك الدّنان
في ليال لو أنّها دفعتني ... وسط ظهري وقعت في رمضان
كلّ شيء قدّمته لمعادي ... رأس مال يفضي إلى خسران
غير حبّي أهل الحواميم والحش ... ر وطه وسورة الرحمن
فبهم قد أمنت خوف معادي ... وبهذا الوزير صرف زماني
وقوله: [المجتث]
كلّ تيس من التيو ... س الكبار المقرننه
رقعة است أخت خا ... له باسم أيري معنونه
كهلة لحية استها ... بغساها مدّخنه
كسّها قبلة الغيا ... شل والبظر مئذنه
وقوله: [الهزج]
قضيب جمّعت فيه ... لمن يهواه ألوان
فخدّ فيه تفاح ... وصدر فيه رمّان
وشعر هو للعا ... شق في المجلس ريحان
فمن أبصر شخصا قطّ ... يمشي وهو بستان
غزال ناعس الطّرف ... ولا بقّال نعسان
ومنه قوله: [البسيط]
تبول من شقّ مهزول به عجف ... وقد تفقّا عليه بظرها سمنا «1»
يرغي ويزبد شفراه إذا اختلفا ... كأنّه شدق مفلوج حسى لبنا
وقوله: [الوافر]
أناس أصبحوا منّا وأمسوا ... بمنزلة السّواد من العيون
ترابهم وحقّ أبي تراب ... أعزّ عليّ من عيني اليمين
منها:
وباب لي عليه كلّ يوم ... حروب بين أصحاب الديون
يغيظوني فأشتمهم وأربي ... عليهم في المقال فيلعنوني
وأدعوهم إلى القاضي عساهم ... إذا وقع الجحود يحلّفوني
وأضيع ما يكون الدّين عندي ... إذا عزم الغريم على يميني
وقوله من أبيات: [المنسرح]
وكلّما رمت أن أقابله ... على تماديه في تعديّه
جاءت على غفلة محاسنه ... تسألني الصّفح عن مساويه
وقوله: [مخلع البسيط]
يا ربّي يا عالم الخفايا ... قد شفّ قلبي هوى الصبايا
يعجبني أن أبوس حتى ... تخرج روحي على الثنايا
وأشتهي أن أدبّ حتى ... أندسّ معهم جوف الزوايا
شهوة شيخ زيف إليه ... في السّخف يسترحل المطايا
قد نبضت رأسه الليالي ... وسوّدت وجهه الخطايا
منها:
يا ملكا جوده المرجّى ... بثّ يوم الندى العطايا
الصوم يحتاج فيه مثلي ... إلى السكابيج والقلايا
والخبز رغفانه صحاح ... تلمع بيضا مثل المرايا
فأشبعوني لحما وخبزا ... وجرّعوني سمّ المنايا
 
أعلى