كيت هاريسون - كتاب القرارات.. ت: أحمد فاضل

بصوت عال ابتدأ أندرو ضحكته بوجه لورا وهو يشاهدها تضع دفترملاحظاتها الذي تزين بجلد أحمرفوق طاولة المطبخ :

- ها ها ها .. كتاب فاشل .

تظاهرت لورا بأنها لم تسمع ما قاله أندرو ، فهي ومع بداية كل سنة جديدة تحرص على اقتناء هذا الدفتر الذي أسمته كتاب القرارات ، وقبل أن تمتد يدها إليه كي تأخذه ثانية كان أندرو أسرع منها ليتناوله ويقرأ :

- الهدف رقم واحد ، كيف سيكون عليه الجسم ، خطة العمل لعام 2009 فقدان الوزن ، 2010 تفقد الوزن ، 2011 لازيادة فيه تذكر ، 2012 العودة إلى نفس الوزن الذي كان عليه في عام 2009 .

عاود أندرو ضحكاته ، لكن لورا أسرعت وأخذت الدفتر منه وهي تقول :

- هذا شيئ خاص بي .. لايحق لك أن تحشر أنفك فيه ؟

لكنه لم يعر التفاتة لقولها بل راح يصرخ بصوت عال :

- بدلا من فقدان الوزن ، لماذا لاتحطمين تلك المرآة الكبيرة التي ستفقدك عقلك لامحالة ، إنها فكرة جيدة يمكن لك أن تضيفيها إلى دفترك للعام 2013 .

أخفت لورا غضبها بينما كان أندرو يتوقع منها أن يجد على وجهها ابتسامة لما تفوه به كما كان يظن ، بينما راحت هي تسرع إلى عملها دون أن تضيف أحمر الشفاه كعادتها بسبب تلك السخرية .

مرت خمسة أيام أدركت خلالها أنها لم تمر على المرآة التي نقلتها إلى مخزن الغلال خارج الدار تخلصا من تعليقات وسخرية أندرو منها ، لكنها تشجعت ونزلت إليها لتحديث قراراتها في الكتاب والتي تخص العمل هذه المرة :

- في عام 2009 قالت أنها تحلم بوظيفة ، في عام 2010 بدا عزمها قويا للحصول عليها ، عام 2011 يبدو أن النجاح قد اقترب أكثر منها للحصول على العمل ، 2012 كانت محظوظة حقا وهي تحصل على وظيفتها في إحدى شركات الاتصالات التي من شأنها أن تجعلها سعيدة .

ها هو عام كامل مر عليها في وظيفتها وقد ابلغتها إدارة الشركة بموعدها يوم الاثنين مع رئيس عملها لمناقشته في أمر ترقيتها ، وعند وصولها الى مكتبه المحاط بجدران زجاجية وجدته قد قطب جبينه قائلا :

- وصلتني المذكرة الخاصة بترقيتك ، لكننا نعتقد أنك والشركة تتجهان باتجاهات مختلفة .

ثم راح المدير يتلو عليها ما وجده في التقرير المرفوع له عنها وهي واجمة لم تنبت ببنت شفة ، غير أنها تنبهت لكلماته الأخيرة والتي فهمت منها أن

الشركة ستحجب عنها الزيادة وعليها أن تتقبل هذا الأمر ما دعاها أن تغادر مكتبه بعد عشرة دقائق من مقابلتها له مدركة في الوقت نفسه أنها ستفقد وظيفتها إن عاجلا او آجلا فراحت تطهر مكتبها وتركت محتويات الأدراج فارغة ، عندها أحست كم أصبحت خفيفة وهي تغادر الشركة .

وعند عودتها الى بيتها أخبرت اندرو بالأمر فوجدته بعد لحظات يلومها على قرارها لأنها لم تتشاور معه بهذا الأمر من قبل بينما راحت تحدق طويلا بمطبخها التي كانت تامل في تجديد محتوياته من راتبها دون أن تحتاج لراتب زوجها ، وعند ذهابها إلى السرير مرت بخاطرها غسالة الصحون التي كانت تمني نفسها بشرائها وكذلك الجدار الذي كان من المقرر ان تضيف إليه بابا عاليا قابلا للطي ، لكنها سرعان ما عادت من أحلامها تلك بعد أن أضاعت وظيفتها بقرار آخر من قراراتها.

استيقظت لورا من نومها ووجدت أشعة الشمس تتدفق عبر نافذتها لتستقر فوق وجهها الذي أزاحته عنها مخافة أن تترك آثارا واضحة عليه فقررت أن يكون فطورها خارج البيت هذه المرة مع أول يوم لها من البطالة ، أخذت دفترها الأحمر إلى أحد المقاهي وأمرت بموكا وهو النوع المفضل من القهوة لديها مع القشدة ثم راحت تفتح دفترها لتخط عليه أفكارا في البحث عن وظيفة جديدة لها وقد أمضت سويعات مع تلك الأفكار ، لكنها عادت لتقرأ عن هدف ثالث هو الرجل الحلم :

- الخطة كانت قد كتبتها عام 2009 بغية العثور على فارس أحلامها بول ، ستيوارت ، أندرو وهو الذي اجتمعت به في أحد المؤتمرات عام 2011 عرفت بعدها أنه الزوج المناسب وبذلت مزيدا من الجهد كي تحصل عليه في العام 2012 .

كانت السماء ترسل أكواما ثقيلة من الثلج عندما وصلت لورا منزلها لتجد النار داخل الموقد وقد أرسلت بأشعتها الى أرجاء واسعة من غرفة المعيشة والتي جلس أندرو قبالتها على بساط قديم وبجانبه إحدى الزجاجات التي احتوت على مشروبه المفضل وهو يمرر يديه على شعر قطته المدللة التي استرخت فوق حجره ، تهالكت لورا بجانبه وهي لاتزال ممسكة بدفترها الأحمر الذي راحت تقلب صفحاته ولتكتب عن الفشل الذي واجهته خلال الأسبوع الأول من العام الجديد ، لكن الذي تمكنت من تحقيقه خلال السنوات الماضية هو تمكنها من إزاحة الكيلوغرامات الزائدة من جسمها ، وحلمها بوظيفة مناسبة غادرتها بعد حين بقرار منها ، والعثور على فارس أحلامها الذي تحقق بأندرو، كل تلك القرارات أنساها ذلك الفشل وأنها الآن أكثر سعادة من ذي قبل بفضلها ، ومضت تشارك الموكا أحلامها القادمة وعندما أخذت رشفة منها قررت أن تعدو الى مرآتها لتجد على وجهها ابتسامة لم تكن قد رأتها من قبل .

* كيت هاريسون / كاتبة إنكليزية تمارس كتابة الرواية والقصة القصيرة ، تمزج الخيال بالواقع وتناولت مشاكل المراهقين في عديد أعمالها كما تنشر قصصها القصيرة في صحف ومجلات إنكليزية تعالج فيها المشاكل الحياتية لجيل الشباب .



* عن صحيفة الديلي اكسبرس
 
أعلى