الحدث - "ألف ليلة وليلة" أثر كثيراً في الأدب الغربي.. فهل سرق شيكسبير منه؟

ما زال الأدب الطريقة الأفضل للتعرف على الشعوب وثقافتهم، لذلك استطاع كتاب "ألف ليلة وليلة" أو"الليالي العربية" كما يطلقون عليه في الدول الغربية، أن يتجاوز حدود الزمان والمكان، بما يحتويه من قصص شيقة عن التراث العربي، وعالم ساحر مليء بالسحر والخيال.


كتاب "ألف ليلة وليلة" العربي الذي لا يُعرف مؤلفه - أو مؤلفوه - فرض نفسه على المبدعين والكُتاب قبل القراء، وكان مصدر وحي وإلهام لكثير منهم منذ بداية ترجمته في القرن الـ 18.


فهناك الكثير الذين تأثرت كتابتهم في الغرب بهذا الكتاب الشيق، سواء من الروائيين أو الشعراء مثل ماركيز وشكسبير وجيفري وبوكاشيو وغوته وغيرهم.


رحلة الكتاب عبر الزمان والمكان


أول نسخة مترجمة عرفها المجتمع الغربي، كانت على يد المستشرق الفرنسي انطوان غالان ما بين عامي 1704 و1717، ثم تبعتها ترجمة ادوار وليام لين بين عامي 1938 - 1840، ثم تبعتها ترجمة جون باين، وأخيرا ترجمة ريتشارد بيرتون الإنكليزية التي ظهرت في العام 1885.


وتوجد نسخ أخرى ترجمت بعد ذلك عبر السنوات الماضية إلى اللغات، الإيطالية والألمانية والإسبانية والبرتغالية والرومانية والدانمركية واليونانية والروسية والمجرية.


شهرزاد ملهمة الأدباء


نظرا لما يحتويه كتاب "ألف ليلة وليلة" من تراث أدبي فريد من نوعه، لذلك أصبح مُعلم لفن الحكاية والسرد لكثير من كُتاب العالم سواء في الشرق أو الغرب، فشهرزاد لها أثر بالغ في الكثير من كتابات الأدب في العالم.


وهذا التأثير يظهر بوضوح في أعمال الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، المعروف بـ "عبقري الواقعية السحرية"، ففي مذكراته التى نشرت بعنوان "عشت لأروي" يقول، "تعلمت من ألف ليلة وليلة ما لن أنساه أبدا، بأنه يجب أن نقرأ فقط الكتب التي تجبرنا على أن نعيد قراءتها".


وأضاف ماركيز، "إن ألف ليلة وليلة هو ما صنع مني أديباً، بعد أن سحرتني الحكايات داخله، وأكثر ما شغفت به هو دور الراوي".


وهناك أيضاً تأثير لهذا الكتاب في أعمال الكاتب الإنكليزي العالمي وليم شكسبير، ففي رواية “العاصفة" التى كتبها وقصة"جزيرة الكنز" في كتاب "ألف ليلة وليلة" تتشابه واضح لأي قارئ، فكلتا القصتين تتحدث عن حاكم لجزيرة تأتمر بأمره الشياطين والجن، وتمتلئ كلتاهما بالسحر والشعوذة.

وعلى الرغم من وفاة شكسبير العام 1616، إلا أن الأدب الأوروبي عرف حكايات ألف ليلة وليلة في منتصف القرن الرابع عشر في كتابات "جيوفاني سيركامبي" (1347-1424) وكذلك في حكاية "استولفو وجيوكوندو" التي كتبت في أوائل القرن الـ 16 من ضمن 28 حكاية من حكايات "اورلاندو فوريوسو" بحسب ما يقول الدكتور أحمد نظمي، الأستاذ المساعد بقسم الدراسات العربية والإسلامية بجامعة وارسو في بولاندا.


البعض رفض فكرة أن يكون شكسبير متأثراً في كتاباته بأي كتاب أو مؤلف، فإن آربري المستشرق البريطاني، والدارس لأدب شكسبير، قال، "إن مسرحية عطيل التي تدور حول مغربي نبيل يخنق زوجته ديزدمونة لظنه الخاطئ بأنها تخونه، وحين يتحقق له خطأ شكوكه يقتل نفسه تكفيراً عن خطيئته، تتشابه مع قصة قمر الزمان ومعشوقته".


أما بالنسبة لاسم "عطيل" فهو تحريف لـ "عبيد الله الجوهري" أحد أبطال حكايات "ألف ليلة وليلة".


ويري بعض النقاد،إن مسرحية "تاجر البندقية" تشبه قصة "مسرور التاجر وزين المواصف"، مع اختلاف نهاية في كلا العملين، ففي "ألف ليلة وليلة" كانت خاتمة اليهودي أشد هولاً من مصير اليهودي في مسرحية شكسبير.


أيضاً هناك تقارب مثير للدهشة بين مسرحية "الملك لير" وقصة "الملك يونان والحكيم رويان" في "ألف ليلة وليلة"، حيث تدور القصتان حول فكرة وعدم الوفاء والجحود وإنكار الجميل وسلب الحقوق.


هناك إنكليزي آخر تأثر بهذا الكتاب الرائع هو الشاعر جيفري تشوسر، فقد استوحي منه عمله المعروف بـ "حكايات كانتربري" الذي توفي قبل أن ينهيه.


أما في إيطاليا فقد كانت الكتاب للروائي جيوفاني بوكاشيو مصدر إلهام أكثر من رائع، فمن خلاله أبدع أروع أعماله الأدبية "الديكاميرون" أو "الليالي العشر"، التى حتى تحكي عن عشر قصص في عشر أيام، كل يوم يقوم واحد من الشخصيات العشر بحكاية عشر قصص.


أما الشاعر والأديب الألماني العالمي غوته، فقد كان لكتاب "ألف ليلة وليلة" أثر عظيم في إبداعاته، فلقد تأثر الأفكار والأشعار التى يحتويها الكتاب، ويمكن أن نسردها فيما يلي، لتوضيح مدي التأثير:


1- مسرحية "مزاج العاشق" بطل هذه المسرحية أمينة، ويستعيد هذا الاسم من حكاية أمينة في “ألف ليلة وليلة”، وتدور أحداث متشابهة.


2- رواية "قرابة الاختيار": مستوحاة من حكاية "ابو الحسن وشمس النهار" في "ألف ليلة وليلة"، وتعالج قضايا زواج الطبقة البرجوازية في ألمانيا.


3- تأثر جوته بحكاية "الأمير حبيب ودرة الكواز" في تصديره للحب والمثل العليا، والتضحية في الجزء الثاني من مسرحية "فاوست".


4- في قصيدته "حفار الكنز"يظهر تأثره بحكاية "علي بابا والأربعين حرامي".


وهناك غيرهم من الأدباء والكتاب خلال القرون الماضية، والمعاصرين ممن تأثروا بسحر عالم الحكايات في كتاب "ألف ليلة وليلة"، وحكايات الصراع بين الخير والشر، الحب والكراهية، والكرم والبخل .. وغيرها من المشاعر الإنسانية الجميلة والذميمة، والتى انعكست على كتاباتهم ومؤلفاتهم.



* المصدر: هافنغتون بوست
 
أعلى