نبيل محمود - عطرها

بين الظلال الكثيفة والعتمة الخضراء
يفوح عطر الحدائق الغامض
من زفير الزهور ومن لحاء الشجر الغافي
ومن أنفاس الحشائش المثْقلة
بآثار أقدام المتنزّهين المغْفلة
الحدائق مبلّلةٌ بالندى ومشْبعةٌ بوجيب القلوب
كم من أحلام سالت عند الأصيل
وأزهرت قرب الورود
وتشبّع العشّاق برذاذ الخضرة بعد الرحيل
حيثما يمرح الحب فثمّة فردوس..!
***
عطرها يفوح بأسرارها الأنثوية
كلّما اقتربتْ ألمح ذلك الكلّيّ الفاتن
ويستثير الحواسَّ
حفيفُ الثياب وهسيسُ الأوراق
ينفتح الباب فأنصت لصرير الأشواق
ليس كلّ ليلٍ غير صالحٍ للرؤية
فثمّة مفاتنٌ لا تشعّ إلاّ في الظلام
كم هو هاجع بصمتٍ كلّ ذلك الحمام؟!
***
فوق الشراشف وحول الملاءات
يتناثر ريش المسرّات
والأنامل تنزلق وتتسلّل في الأثل الكثيف
وتهفو إلى الحرير المجعّد في العتمة الوردية..
ذلك المُسْكِر الأزلي
يندلق من كأس النشوة
وكركرات الجداول والينابيع الجوفية
توقظ الكائن الأول
واللغة الأولى
كم من حديقةٍ تفوح من الأجساد الليلية؟

* من قصائد (حلوى الليل / 2016)
 
أعلى