تعريف محمّد فريد غازي

عبدو القرقني

عبد الفتّاح القرقني
1- الميلاد
ولد محمّد بن غازي يوم غرّة فيفري سنة 1929 بتونس العاصمة و هو بطبيعة الحال كما يشير إلى ذلك لقبه ينتسب إلى عائلة بن غازي العريقة ، المقيمة في جزيرة جربة قرب مدرسة النّور بفاتو .
لقد عرف في الأوساط الأدبيّـــــة و الثّقافيّة منذ سنة 1948 باسم فريد غازي لنبوغه في الشّعرالعموديّ الفصيـــح و سلاسة أسلوبه في تحرير المقــالات و تفنّنه في السّرد وفق منهجيات حديثــــــــة و متطوّرة تبيّن سعة اطّلاعه على الأدب الفرنسيّ و الرّوسيّ و المشرقيّ .

2- التّعلّـــــــــــــــــــم و التّعليم
تعلّم في المدارس الحكومية فنال الشهادة الابتدائيّة في تونس والثانويّة من معهد كارنو ثم شهادة ختم الدّروس من المدرسة الصّادقية. خلال بضعة سنوات ، اشتغل معلّما بمدرسة العوابد بريف صفاقس و مدرسة توجان بقابس ثمّ التحق بمدرسة غيزن في جزيرة جربة الّتي درّس فيها من مفتتح السّنة الدّراسيّة سنة 1952 حتّى مجيء عطلة الشّتاء ثمّ انقطع نهائيّا عن التّدريس بعد خلاف حادّ بينه و بين مدير المدرسة الفرنسيّ السّيّد كاردي فرانسوا Cardi [SIZE=6]François [/SIZE]
في الحال ، أزمع على السّفر إلى فرنســــــــا لمزاولة دراسته العليا في جامعة السّوربون بباريس .

3- الحصول على أول دكتورا دولة في الآداب
تحصّل على الإجازة في الأدب الفرنسيّ سنة 1956 ثمّ على أوّل دكتوراه دولة لتونسيّ باللّغة الفرنسيّة سنة 1957.
كان أدبه ينزع إلى السّموّ بالمنزلة الإنسانية لما يتضمّنه من آلام و جــــــــراح و مآس كتبت تارة بالدّم
و طورا بعرق العمّال والفلاّحين لتؤسّس مجتمعا كادحـا ، مناضلا ، مقاوما للفقر المدقع و الضّلال و الجهل و الاستعمار الفرنسيّ الغاشــــــم الّذي تغلغل في أرض تونس الخضراء منذ معاهدة باردو في 12 ماي 1881 . إنّه أدب يصوّر مأساة الإنسان التّونسيّ فيشحذ همّته و يذكي عزائمــــــه و إرادته و يلهب حماسه و يؤجّج وطنيّته و ثورته على الواقع البائس الّي يعيشه فتتبلور النّظرة إلى الحياة في ذهنه من نظرة متشائمة تسودها القتامة إلى نظرة متفائلة ، مشرقة ترنو إلى شمس الحرية و الانعتاق و الكرامة و النّخوة العربيّة الإسلاميّة .

4- كتاب النّزعة الإنسانيّة في مؤّلّفات بن المقفّع
الكتاب في الأصل أطروحة لنيل شهادة الدّكتوراه عنوانها: "عبد الله بن المقفّع كاتب ذو نزعة إنسانيّة من القرن الثّاني الهجري/القرن الثّامن الميلادي" قد أشرف عليها ريجيس بلاشارRÉGIS BLACHÈRE
و ناقشها الأديب محمّد ين غازي بباريس سنة 1957 و هي أوّل دكتوراه دولة يظفر بها تونسيّ . و قد صدر هذا الكتاب في تونس سنة 2005 بعد أن عرّبه الأستاذ رشيد الغزّي و قدّمه و راجعه و حيّنه الدّكتور محمود طرشونة و تكفّلت بنشرة اللّجنة الثّقافية بجربة و بلديّة حومة السّوق .

5- قراءة في كتاب: "النّزعة الإنسانيّة في مؤلّفات ابن المقفّع" للدّكتور محمد فريد غازي ( 24 جوان 2014 ) بقلم الأستاذ عبد الرّزّاق الدّغري
« يعتبر كتاب "النّزعة الإنسانيّة في مؤلّفات ابن المقفّع" للباحث التونسي محمد فريد غازي أنموذجا واضحاً للتجديد في مستوى التعامل مع النصوص الأدبيّة والحضاريّة؛ فقد انبرى صاحب هذا العمل ينقّب عن أسس ومناهج جديدة في التعامل مع الموروث الأدبي والديني والثقافي والحضاري العربي والإسلامي، إذ دفعته همّته إلى الاستعانة بعلوم أخرى في التعامل مع هذا التراث. وما من شكّ في أنّ ثقافته الثريّة المتنوعة ولغته المزدوجة ساعدتاه على أن يعوّل على مناهج البحث الغربيّة والاطلاع على البحوث العلميّة الحديثة في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، فاستفاد من فلاسفة عصر التنوير ومن النظريّات والمناهج الحديثة والمتطوّرة والحريصة على التجرّد والموضوعيّة[2]، ذلك أنّه حاول تجاوز النظرة التقليديّة في التعامل مع الظاهرة الدينيّة ومع التراث الأدبي والفكري العربي، بنظرة تنأى عن التمجيد والتقديس، وترنو إلى القراءة الرصينة المحكمة وإلى إخضاع الكتابة إلى محكّ النقد. لقد اعتمد مناهج تقوم على المقارنة واستفاد من علم التاريخ والاجتماع قصد الاهتمام بالمحيط الاجتماعي والسياسي والثقافي للشخصيّة المدروسة وبغية التعرف على العوامل المساهمة في تنشئتها والمؤثّرة فيها وما يحدوها من عزائم، وما يعتريها من مشاعر وتصوّرات، يقول المؤلّف: "وخرجنا في كلّ هذا عن السنّة الشرقيّة المألوفة المتمثّلة في إطراء كل مؤلّف مهما كان مغموراً أو متواضع الإنتاج، وهي سنّة لم تفض إلى حدّ الآن إلاّ إلى ركام من الأوهام ولم تسفر إلاّ عن نتائج مزيّفة ... واتبعنا في القسم الأوّل من الدراسة المناهج التي رسمتها اكتشافات الاستشراق المعاصرة فأفضت بنا إلى آفاق جديدة كانت مجهولة ... فأصبحت إعادة التفكير في الأدب أمراً ضروريّا، ولكنّ إعادة التفكير في الأدب تقتضي إعادة التفكير في الأطر التاريخية والاجتماعية البالية وإخضاعها إلى حتميّة تاريخيّة تنير جوانبها وهو تجديد حقيقي أنجزته الدراسات الاستشراقيّة .[ »

6- مقتطفات من تقديم الكتاب بقلم الأديب محمود طرشونة
« هذا الكتاب دراسة معمّقة حلل فيها الدّكتور محمّد فريد غازي شخصية بن المقفّـــــــع و مواقفه الحضارية
و أسلوبه الأدبيّ مركّزا على النّزعة الإنسانية في« كليلة و دمنة » و « رسالة الصّحابة » و « الأدب الكبير » و « الأدب الصّغيــــــــر » و غيرها من النّصوص المجهولــــة ، و اعتبره من رواد النّثر الفنّيّ و المنزع العقليّ و بوّأه مكانة عالية في التراث الإنسانيّ »

7- النّـــــقد الأدبيّ بقلم الأستاذ عبد السّلام الوشّاني
« هذا النّاقد العربيّ الذي تعامل مع كلّ المناهج فما انطوى على وجودية أو واقعية و إنّما حرص في انتقائيّة أحيانا على أن يكون التّعامل بين المناهج ضرورة إجرائيّة.
و لئن كان ميّالا في نقده إلى الاستناد إلى منطلقات كلاسيكيّة وعقد مقارنات تقليديّة فإنّه كان مشجّعا للأدباء الشّبّان أمثال بشير خريف وصالح القرمــــــــادي و عز الدّين المدني معرّفا بالحركة الأدبيّة في تونس و المشرق و أوروبا »

8- مؤلّفاته
- كتاب النّزعة الإنسانيّة في مؤّلّفات بن المقفّع
- ديوان بعنوان «الرّجل الحرّ» - (في 60 صفحة) - (مخطوط)
- ديوان شعر بالفرنسية بعنوان «ليل» - منشورات الشّمال -تونس 1949 .
- رواية: «الهلال الأخضر يطلّ على الرّبوة» - مجّلة العصور الحديثة – باريس.
- قصّة «تحت أقدامنا سوف تزعزع الأرض» - مجلةّ العصور الحديثة - باريس-
- قصّة الفجر الجديد - مجلّة السّبيل - نوفمبر 1947.
- رواية الحيّ اللاّتينيّ سنة 1953 (استوحاها من حياته وحياة أصدقائه العرب في باريس أثناء دراستهم في الصّربون، وقد شاع بين بعض المثقفين التونسيين إثر صدور الحي اللاتيني أن شخصية (ربيع التونسي) فيها هي شخصية فريد غازي
- قصّة «الرّجل الذي يبحث» - جريدة الأسبوع - تونس - ديسمبر 1955.
- مسرحيّة ثورة الهند- مقتبسة عن كليلة ودمنة.
- العديد من المحاضرات و الدّراسة و المقالات مثل « تأثير الآداب الأجنبية في شعر الشّابّي

9- الوفـــــــاة
عرف الدّكتور محمّد فريد غازي بغزارة إنتاجه طيلة حياته القصيرة الأمد شأنه في ذلك شأن شعراء وكتّاب تونسيّين آخرين مثل طاهر الحدّاد و أبي القاسم الشّابّي و صالح القرمـــــــــــــادي و علي الدّوعاجي و غيرهم ممّن مثّلوا إشراقة أدبيّة و فكريّة سرعان ما خبا نورها .
يوم 19 جانفي 1962 ، توفّي أديبنا الكبير عن عمر يناهز 33 سنة و هو يعاني من آلام جسديّــة و نفسيّة مرهقة و مريرة .
إنّ قصر العمر- لسوء الحظ - لم يسمح له بمراجعة أعماله و نشرها بل بقيت مؤلّفاته مخطوطـــة و محفوظة لدى أخيه السّيّد سليم بن غازي و ثلّة من رفاقه الأوفياء .
 
التعديل الأخير:
أعلى