سيد علي إسماعيل - أثر الفكاهة في كتاب الإبانة للعوتبي

الفُكاهة في اللغة

كلمة (الفُكاهة) رغم وضوحها اصطلاحاً، وتداولها في الكتابات العربية الحديثة بمعناها الشائع المتعلق بالفرح والسرور والضحك ... إلخ، إلا أنها كلمة غامضة في معاجم اللغة العربية! ويكمن سر غموضها في تناقضها من حيث المعنى المُتداول لها تراثياً. فالخليل بن أحمد الفراهيدي يقول في كتابه العين: فاكَهْتُ القومَ مفاكَهَةً بمُلح الكلام والمُزاح، والاسم الفُكاهة ([1]). وهذا يعني أن الفكاهة تتصل عنده بالمزاح والطريف من الكلام، وهو المعنى الاصطلاحي المعروف بيننا الآن، بدليل قول الفراهيدي أيضاً: الفُكاهة: المُزاح، والفاكِهُ: المازح، والفَكِهُ: الطيب النفس ([2]). وفي الموضع نفسه نجد الفراهيدي يقول: تفكًّهنا من كذا، أي تعجبنا ([3]). وهنا نجد الكلمة أخذت معنًى آخر مختلفاً عن الأول؛ لأن المزاح شيء والتعجب شيء آخر.

وفي معجم الصحاح، نجد الجوهري يأتي بالفكاهة بمعنى المزاح، يقول: فَكِه الرجلُ، فهو فَكِهٌ، إذا كان طيب النفس مَزَّاحاً ([4]) وهي المعاني التي جاء بها الفراهيدي في كتابه العين تقريباً، ولكن الجوهري يطالعنا بمعنى آخر قائلاً: والفكًّهُ أيضاً: الأَشِرُو البَطرُ! ([5]) وهذا المعنى يختلف تماماً عن الفكاهة بمعنى المزاح أو التعجب اللذين ذكرهما الخليل! ثم يأتي الجوهري بمفاجأة أخرى في معنى الكلمة، فيقول: وتفكَّه، تعجب، ويقال تندَم ... وتفكهت بالشيء: تمتعت به ([6]). وهنا نجد الجوهري أضاف معنيين جديدين لكلمة الفكاهة، فأصبحت تعني الندم أو التمتع. وربما كان للتمتع علاقة بالمزاح، ولكن الندم – فيما أرى - لا علاقة له ظاهرية بالمزاح.

أما ابن منظور في معجمه لسان العرب، فقد جاء بالفكاهة بمعنى المزاح أيضاً، ولكنه أدلى بدلوه في الاتيان بمعانٍ جديدة ودلالات غريبة للكلمة نفسها، حيث قال: الفكِهُ: الذي ينالُ من أعراض الناس ... ويُقال: تركت القومَ يتفكَّهون بفلان، أي يغتابونه ويتناولون منه ([7]) وهذا المعنى بعيد كل البُعد عن معنى المزاح المُتعارف عليه لكلمة الفكاهة.

ويتضح مما سبق أن للفكاهة أكثر من معنى، وأن القُدامى توسعوا في بسط معانيها القريبة والبعيدة، فهي: مُلح الكلام، وطيبة النفس، والتعجب، والأشرو البطر، والندم، والتمتع، والغيبة، والنميمة، وهي معانٍ – كما يتراءى للناظر - متناقضة تارة، ومترادفة تارة أخرى، وبعيدة بعض الشيء عن الاستخدام الاصطلاحي للكلمة في وقتنا الراهن، كما أن بعضها يبدو مهجوراً غير مُستعمل في الكلام الجاري بين الناس. وقد فطن إلى ذلك رينهارت دوزي في كتابه (تكملة المعاجم العربية)، فجمع معاني الكلمة المذكورة في المعاجم، وأضاف إليها المعاني الاصطلاحية – المُتعارف عليها في عصرنا – ووضع كل ذلك تحت مادة (فكه) قائلاً: " تفكًّه: تلهى، تسلى. تفكه بفلان، تمتع به، تمتع برؤيته، تمتع بالحديث معه. تفكه بفلان: هزئ به، سخر منه ... فكَه: ضحك، مرح، طرب، فرح، جذل، حبوراً، انشراح، انبساط. ابن فَكَه: نشيط، خفيف، يقظ، حذر، قوي. فَكِه: مداعب، ممازح، لطيف، ممتع، مسل، الطيب النفس الذي يكثر من الدعابة" ([8]).

ويبدو للناظر أن العوتبي تقصى المعاني اللغوية لكل ما يدور حول الفكاهة من معانٍ ودلالات مُجردة، وقد لا يبدو هذا الأمر غريباً فهو يتعامل مع هذه المواد اللغوية كما يتعامل معها أيُّ لغويّ يضع معجماً عربياً يبين فيه عن معاني الكلم واستعمالاتها. ومن هنا، يمكن أن نتصفح في أبواب الإبانة عدداً من المواد المعجمية التي تفتح نافذة على معنى كلمة الفكاهة ومُرادفاتها العديدة.

وإذا نظرنا إلى موقف العوتبي من الفكاهة - باعتباره عالماً لغوياً – في كتابه الإبانة في اللغة العربية – بوصفه معجماً في توضيح المعاني، ودراسة كلمات الناس الجارية على الألسن – فسنجده يُعرف الفكاهة في موضع، ومن ثم يأخذ لفظة من هذا التعريف ليوضحها في موضع آخر، ثم يأخذ لفظة من التوضيح الأخير ليعرفها في موضع ثالث ... وهكذا، وذلك بأسلوب التفريع أو التشجير للفظة الواحدة، وهو أسلوب أثير مُستعمل عند صُناع المعجمات العربية. فهو يقول: (الفَكِهُ): طيبٌ ضاحكٌ ... وفَكَّهْتُ القومَ تفكيهاً بالفاكهة، وفاكَهْتُهُمْ مُفَاكَهَةً بِمُلَحِ الكلام والمُزاح ([9]). وهذا الكلام ورد في المعاجم العربية من ذي قبل، ولكننا نجد العوتبي يأخذ كلمة (المزاح) ويعطيها معنى الدُّعابة في قوله: وقولهم (فلانٌ فيه دُعابة): وهي المِزاح ([10]). وفي موضع آخر يأتي العوتبي بعبارة مساوية لـ(فلانٌ فيه دُعابة)، قائلاً: وقولهم: (فلانٌ ضُحْكَةٌ): أي يَضْحَكُ الناسُ مِنهُ ([11]).

والناس – كما هو معروف - لا تضحك من الإنسان إلا إذا تحرك بحركة تُثير الضحك، أو إذا قال مقولة تسبب الضحك، أي إن الضحك يكون نتيجة لحركة أو قول يبعث فينا أشياء تجعلنا نتبسم ونظهر ألواناً من الفرح الغامر. والحركة المقصودة هنا هي حركة اللعب ويكون الشخص – بذلك - لاعباً، لذلك قال العوتبي: ويقال الضَحْكُ: اللَّعِبُ ([12]). ثم يستخدم العوتبي اللعب ليبين أن حركة الشخص التي تؤدي إلى الضحك، تتعلق برقصه، وذلك في قوله: لا يقال: يَرْقُصُ، إلا للاعِبِ ... ([13]). أما القول الذي يسبب الضحك فإما أن يكون قولاً طريفاً أو ظريفاً. والطريف عند العوتبي هو " الشيءُ المُحْدَث الذي لم يكن عُرِفَ ([14]) ... وأطْرَفْتُ فُلاناً شيئاً: أي أعْطَيْتُهُ ما لَمْ يُعْطَ مِثْلَهُ مما يُعْجِبُهُ. واطَّرَفْتُ شيئاً: أي أصَبْتُهُ، ولم يكُنْ لي ([15]). أما (الظَّريفُ): فهو البليغُ جيّدُ الكلام. قال الأصمعيُّ وابن الأعرابيّ: الظَرْفُ في اللسان. واحتجّا بقول عمر، رحمه الله: إذا كان اللصُ ظَريفاً لم يُقْطَعْ. معناه: إذا كان بليغاً واحتجَّ عن نفسه بما يُسقِط عنهُ الحَدَّ ... قال الخليل: الظَّرْفُ: البراعة وذكاءُ القلب ([16]).

ونتيجة الضحك ستكون بلا شك (الجَذَلُ)، وهي عند العوتبي شدة الفرح والسرور ([17]). وإذا زاد الفرح عند الشخص يقول: (أصابني مَرَحُ) أي: فَرَح شديد حتى تجاوز القَدْر ([18]). وهكذا نجد العوتبي يأتي بألفاظ وعبارات توضيحية لكلمة الفكاهة، من باب التوضيح أي الإبانة التي تتعانق تماماً تسمية الكتاب، ولم يجمع المعاني على اختلافها، كما جاء في المعاجم، وكان يُفسر الكلمة ويوضحها حسب مناسبتها، مستشهداً بأقوال العرب وأشعارهم ومنثور كلامهم.

هذا هو موقف العوتبي من الفكاهة نظرياً. وهو موقف كان مُجبراً عليه أو مجروراً إليه؛ لأنَّه صنف معجماً أو موسوعة لغوية، من العسير عليه – وقتئذ - تجاهل اللفظة أو معانيها المتعددة، كما أوردنا. ولكن من الناحية التطبيقية أو العملية، يتراءى للدارس أن العوتبي لم يكن مُجبراً على ذلك. وبمعنى آخر: فقد كان العوتبي في حلٍّ من أن يكتب - أو يحكي أو ينقل – الفكاهات بما فيها من النوادر والنكات ...إلخ في كتابه الإبانة، خصوصاً وهو الفقيه الأباضي المذهب المحبوبي المنهج ([19]). ورغم منطقية هذا الطرح، فإن العوتبي كتب – ونقل وروى – الفُكاهة بجميع أنواعها المعاصرة والمتعارف عليها في زمننا هذا، والمتعلقة بالهزل والتهكم والسخرية والنكتة والنادرة والدعابة ... إلخ. وهذا الأمر لن يستغربه القارئ إذا علم أن العوتبي ترك كتاباً باسم (أنس الغرائب في النوادر والأخبار والفكاهات والأسماء) لم يُعثر عليه حتى الآن ([20]). وأعتقد أنه لو كان بإمكاننا أن نعثر على هذا الكتاب الذي سلك سبيل الضياع، لكان لبحثنا هذا عن الفكاهة عند العوتبي منحًى آخر، إذ كنا سندخل إلى الموضوع من أوسع أبوابه، لا من أضيقها.

على أنَّ من الضروريّ الإشارة إلى أنَّ العوتبيّ في تأليفه لكتاب الإبانة إنَّما كان يستجيب للنموذج الذي احتذاه في بناء كتابه، وهو فيما يبدو كتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب عيون الأخبار لابن قتيبة، وكتاب الكامل في اللغة والأدب للمبرِّد؛ لأنَّه وإن اختار لنفسه خصوصيّة في كتابه بالتركيز على الجانب اللغويّ الدلاليّ إلا أنَّه كان يدرك أنَّه يبني كتاباً متنوعا في طرحه الأدبيّ واللغويّ من جهة، وفي توجهِه لغير المتخصّصين من دارسي العربيّة، وهذا يقتضي من العوتبي أنْ ينوّع من أساليبه في طرح الأفكار بما يجذب الناس إلى مطالعة كتابه، من هنا كانت الطرفة والنادرة إلى جانب الأمثال وعبارات الزهد بل وبعض الآيات القرآنيّة والأحاديث النبويّة والقصص والأخبار التي تبقي القارئ على صلةٍ وشيجةٍ بهذا الكتاب.

ولعلَّ من المفيد هنا أن نسجل حقيقةً علميّة مؤدّاها أنَّ كتاب الإبانة لم يأخذ مكانه بين أمهات كتب التراث الأدبي واللغويّ في العربيّة، لأنَّ الزمان قد طواه عن الناس مدة طويلة، ولو كُتبَ له الانتشار لكان له، ولمؤلِّفه شأن آخر، حسبُ هذه الندوة شكرا وتقديرا أن تعترف به.

أنواع الفكاهة

سنعتمد في الجانب التطبيقي على مقولة الدكتور شوقي ضيف التي صنّف فيها أنواع الفكاهة، قائلاً: " السخرية أرقى أنواع الفكاهة، لما تحتاج من ذكاء وخفاء ومكر ... وقد تستخدم في رقة وحينئذ تكون تهكماً إذ يلمس صاحبها شخصاً لمساً رفيقاً ...والنادرة هي الخبر القصير أو القصة القصيرة التي تضحك، وفي العادة تكون مكتوبة ... أما الدعابة فأخف ألوان الفكاهة، وهي فكاهة الأشخاص الوقورين، إذ يقولون ما يدعو إلى الابتسام الخفيف لا إلى الضحك العالي. والمزاح خطوة بعد الدعابة نحو الضحك أو نحو الابتسامة العريضة، وهو لا يحمل خبثاً ولا سماً، وإنما يحمل المرح والشعور بالابتهاج. والنكتة فكاهة المجالس، ولا بد لها من اثنين على الأقل، إذ ينتهز أحدهما كلمة لصاحبه فيمدها، أو قل يمد فكرتها إلى حيث تعبر عن نقيض ما يريد ... وإذا بالغ الشخص في مغالطاته، ولم يعتمد على ثان يجري عليه هذه المغالطات، بل استغرق هو نفسه فيها، حتى خرج إلى لا منطقية خالصة كان ذلك هو الهزل بعينه" ([21]).

وواضح للعيان أن تصنيف الدكتور شوقي ضيف يضم ألواناً ملونة من الفكاهة، وإن كانت العلاقة تبدو ثرية بين هذه الألوان، ومع ذلك فإننا سنتخذ هذا التصنيف مُعتمداً في تعرف ألوان الفكاهة التي عرض لها العوتبي في كتابه وهي:

فكاهة السخرية

ذكر العوتبي أن عمرَ - رضي الله عنه – " خرج على قوم يَرْمُون فعاب عليهم سوءَ رَميهم. فقالوا: نحن قومٌ مُتعلمين. فقال عمر: لَلَحْنُكُم أشدُّ عليَّ من سوء رميكم" ([22]). واللحن واضح في تركهم صواب قراءة كلمة متعلمين بدلاً من (متعلمون)، وسخرية عمر هنا لائقة لأنها تحتاج إلى ذكاء في الردّ نبه به القوم إلى لحنهم في القول. والعوتبي أصاب في ذكر هذه الرواية - المُمثلة لفكاهة السخرية - لأنه وجدها الأنسب لقُراء كتابه، لا سيما وهو يتحدث - في هذا الموضع – عن البيان والفصاحة وإصلاح الألسنة.

وعندما أراد العوتبي شرح كلمة (الفَتْك)، قال: "أن تَهُمَّ بأمرٍ فتركبه، وإنْ كان قتلاً" ([23]). وربما شعر العوتبي بأن شرحه معنى اللفظة فظاً وغير مستساغ، أو مُبالغ فيه، فأسعفته ذاكرته بذكر قصة دالة على المعنى المراد، وتُعتبر دليلاً دامغاً على المعنى المقصود، فقال: "كما فعل الحارث بن ظالم حين سأله ابنُ أخيه: ما الفتكُ يا عمُّ؟ فقال: أن تهمَّ بأمر فتفعل. فكرر عليه، فقال: ناولني سيفكَ يا ابن أخي. فناوَله، فضَرَبهُ، ثم قال: هذا الفتكُ" ([24]). وبناءً على هذه الرواية، نجد العوتبي يستخدم فكاهة السخرية لتأكيد معنًى غير مستساغ للعقلية العربية، فمن غير المعقول أن تكون لهذه لقصة حقيقة واقعة، وربما تكون موضوعة مولدة، ومهما كان الأمر، فإن العوتبي استخدمها بوصفها استشهاداً فكاهياً لتثبيت المعنى المُراد.

فكاهة التهكم

التهكم نوع من السخرية يمس صاحبه شخصاً مساً رفيقاً. وبناء على ذلك أورد العوتبي قصة قال فيها:" قال الخليل بن أحمد: دخلتُ على سليمان بن علي [أحد أعمام السفاح والمنصور] فرأيتُه يلحن اللَّحْنَةَ بعدَ اللحنة فقلت: أيها السيد، أبوك عليّ السَّجّاد، وعمُّك عبد الله الحَبْر، والعباس بن عبد المطلب جدُّك، وما وَلَدُك إلا خطيب أو فصيح، وأرى في كلامك سَقَطاً ... إلخ" ([25]). والملاحظ أن العوتبي جاء بهذه القصة في سياق حديثه عن البيان والفصاحة وإصلاح الألسنة، فكانت دليلاً تعليمياً للتمسك بالفصاحة عن طريق فكاهة التهكم. فالخليل بن أحمد لا يستطيع أن يسخر من الأمير سليمان بن علي، لمكانة الأخير الكبيرة، فاتخذ الخليل هذه المكانة ليتهكم من خلالها على سليمان بصورة تعليمية إرشادية تهذيبية، عندما لمسه لمساً رفيقاً، بتذكيره بأن مكانته تتطلب منه الفصاحة وعدم اللحن. فمن غير المعقول أن يكون أبوه كثير السجود والعبادة، وأن يكون عمه عالماً بكتاب الله، وأن يكون جده من الصحابة، وأن يكون أولاده من الخطباء والفصحاء، وهو – أمام كل هذا - يخطأ في القول.

وفي سياق الحديث نفسه روى العوتبي: "أن رجلاً قال للأصمعي: يا أبو سعيد، فقال: يا لُكَع [اللئيم الدنيء]، كَسْبُ الدّوانيقِ [الدانق: سُدس الدينار والدرهم] شَغَلَك أن تقول: يا أبا سعيد. وروي أن رجلاً قال له: يا أبي سعيد، فقال له: لا أدْرَكْتَني بالفتحة، لقَتَلْتَني بالكسرة" ([26]). وأسلوب الفكاهة التهكمية واضح جلي، في رد الأصمعي، وواضح أن النادرة في الأمثلة السابقة كانت تنحو منحًى لغوياً يتعانق مع غاية كتاب الإبانة نفسه.

وعندما أراد العوتبي شرح كلمة (السَّوْف) قال: "ويقال: لِيشَمّ التراب: السَّوْف" ([27])، ولم يجد شرحاً أوفى من ذلك، ولم تسعفه المعاجم أو كتب التراث بأكثر من هذا المعنى. وربما شعر بأن هذا المعنى لا يروي ظمأ القارئ لفهم اللفظة بصورة صحيحة، فجاء بقصة فكاهية قال فيها: "كان هرّاقٌ [العالم بالصحراء] رجلاً دليلاً، وكان قد عَمِي، فكان في عماه أدلَّ من غيره. وامتحنه قومه بعدما عمي، فحملوا تُراباً من قَوّ [وادٍ للقاصد إلى المدينة من البصرة] حتى أتَوْه الدَّوّ [أرض بين مكة والبصرة]، فقالوا: يا هراق أين نحن؟ قال: أروني تراب أرض أشمُّه، ففعلوا، وأعطَوْه من التراب الذي حملوه من قوّ؛ فقال لهم: التربةُ من تُربة قَوّ، وأيدي الرّكاب في الدوّ" ([28]). والدليل هنا يتهكم من ممتحنيه، وينتصر عليهم بلمسهم لمساً خفيفاً، وبهذه القصة استطاع العوتبي ترسيخ معنى شم التراب عند القراء، بإيراده هذه الفكاهة.

فكاهة النادرة

النادرة هي الخبر القصير المضحك، أو القصة القصيرة المضحكة، وغالباً ما تكون مكتوبة. وبناء على ذلك وجدنا العوتبي في سياق حديثه عن البيان والفصاحة وإصلاح الألسنة، يأتي بنادرة قال فيها: "أن كاتباً لأبي موسى الأشعري كتب إلى عمر كتاباً فلحَنَ فيه. فكتب عمر إلى أبي موسى: أنِ اضْرب الكاتبَ سوطاً واعزِلْه عن عَملك" ([29]). والعوتبي يستشهد بهذه النادرة المضحكة – المنقولة من البيان والتبيين - في هذا المقام، ليبين أهمية الفصاحة وإصلاح اللسان، خصوصاً في المراسلات الرسمية بين القادة والقائمين على شئون الدولة.

وربما يتساءل القارئ: ما وجه الإضحاك في هذه الرواية؟! أقول: بأنها تؤدي إلى الإضحاك الحزين، فقارئ هذه القصة – أو النادرة – يبتسم من شدة العقاب لمزلق يسير وقع فيه الكاتب. فالعدل – المعروف عربياً وإسلامياً – لا يُوقع عقابين لجريمة واحدة، فما بالنا بعقابين لمزلق يسير غير مقصود. فالقصة لا توضح أن الكاتب كثير الوقوع في مثل هذا الخطأ، بل تبين أن هذا خطأه الأول، ورغم ذلك عُوقب بالضرب بالسوط، ثم العزل من عمله. وربما هذه القصة موضوعة في التراث العربي، للحث على الفصاحة المدونة.

وعندما أراد العوتبي شرح مقولة (فُلانٌ شَعْوَذِيٌّ)، قال عنها: "الشعوذة: خفة في اليد، وأخذٌ من عجائبَ تَفْعَلُ كالسِّحر في رأي العَيْن" ([30]) وربما لم يقتنع العوتبي بهذا الشرح ووجده غير وافٍ، فجاء بقول الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتابه العين حول هذه اللفظة، قائلاً: "وأظن الشعوذي اشتقاقاً منه لسُرعَتِهِ، وهو الرسول للأمراء على البريد في مهماتهم" ([31]).

وربما شعر العوتبي - مرة أخرى – بأن قول الخليل لم يكن وافياً، بل زاد من غموض الكلمة، فلم يجد مناصاً للشرح إلا في إيراد نادرة مضحكة، أبانت معنى الكلمة بصورة فكاهية، قائلاً: "وبلغنا أنه كان على عهد الحجاج رجلٌ يقال له يوسف، منسوب إلى الشعوذة، فقال الحجاج: من ظفرَ به فيقتله؟ فأُتيَ به، فأمرَ بضربه، فلما أخذتْهُ السياطُ، وقعتْ السياطُ بظهرِ الحجاج، فكفَّ عنه، فقال يوسف: أصلحَ اللهُ الأمير! ائذنْ لي فأُشَعوذ بين يديك وتنظر إلى عجائب، ثم شأنك أن تَقتُلَ فبذنبٍ، وإن تعفُ فأنت أولى بالعفو. قال: اعمل ما شئتَ. فدعا بطست فيها ماء، ثم قال: ائذَنْ لي فأسبحَ فيها. قال: نعم. فوثب في الطست، فغاص غوصةَ فذهبَ فلم يُرَ بعد ذلك، فهو المشعوذ" ([32]).

فكاهة الدعابة

الدعابة هي الابتسام الخفيف الناتج من فكاهة الأشخاص الوقورين. وبناءً على هذا المفهوم وجدنا العوتبي في مقام حديثه عن البيان والفصاحة وإصلاح الألسنة، يأتي بدعابة قائلاً: "جاء رجلٌ إلى صديق له، فوقف ببابه، ونادى: يابو فلان، فلم يُجبْه، فقال: يابي فلان. فقال له: قُل الثالثةَ وادخل" ([33]). وكأن العوتبي أراد أن يبين للقارئ أسلوب النداء بصورة عملية فكاهية، لأن القول الثالث المتبقي هو (يا أبا فلان)، وهو الأصح، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى أراد أن يؤكد على سلامة اللسان العربي بذكره لهذه الدعابة الفكاهية.

فكاهة النكتة

النكتة فكاهة المجالس، ولا بد لها من اثنين على الأقل، إذ ينتهز أحدهما كلمة لصاحبه فيمدها، أو قل يمد فكرتها إلى حيث تعبر عن نقيض ما يريد، فيحس كأن صاحبه أو محدثه ينصب له إشراكاً ليقع فيها. وبناء على ما يشبه هذا المعنى، جاء العوتبي - في مقام حديثه عن البيان والفصاحة وإصلاح الألسنة – برواية قال فيها: "قال ابن شبانة: حضرتُ جنازةً بمصر، فجاءني بعضُ القبط فقال لي: يا كَهْلُ، مَنِ المُتَوَفّي؟ فقلتُ: الله قال: فَضُربتُ حتى كدتُ أموت" ([34]).

وعندما أراد العوتبي شرح كلمة (النَّقْص)، قال:" ذهابُ بعض الكلمة منها. والعرب تنطقُ بالحرف الواحد فَيَدُلُّ على الكلمة التي هو منها" ([35]). وقد حاول العوتبي إثبات هذا الرأي بذكره لمجموعة كبيرة من الأبيات الشعرية المتفرقة التي استخدم أصحابها النقص. وربما لم يقتنع العوتبي بأمثلته الشعرية في إيضاح معنى النقص، فاختتم الأمر بذكر فكاهة النكتة، من خلال قوله: "حُكي عن راعيَيْ غنم قال أحدُهما لصاحبه: ألا تا؟ فقال الآخر: بلى فا. يُريد: ألا تنهض؟ فقال الآخر: بلى فانهض" ([36]).

فكاهة الهزل

الهزل يكون بمبالغة الشخص في مغالطاته. وبناء على ذلك أورد العوتبي - في سياق حديثه عن البيان والفصاحة وإصلاح الألسنة – رواية قال فيها: "دخل رجلان على سليمان بن عبد الملك فقال أحدهما: مات أبانا، رحمه الله، فوثبَ أخينا على ميراثنا من أبونا فَرَضينا بك لِتُنصفَنا منه. فقال سليمان: لا حفظَ الله أخاك ولا رحم أباك ولا ردَّ مالكَ، اخرج عنّي، فوالله ما أدري أمن لحنكَ أعجب أم من ..." ([37]) وفكاهة الهزل واضحة في الرواية، لا تحتاج إلى شرح.

ومما سبق، يتضح لنا أن العوتبي استخدم الفكاهة – بمعظم أنواعها – ليُفسر بها بعض الألفاظ والأقوال والمواقف بصورة عملية، بعد أن أخفقت الكلمات والعبارات النظرية في هذا الأمر. وربما قصد العوتبي من فكاهاته في كتاب الإبانة مساعدة القارئ في إفراغ تعب الحياة اليومية وهمومها عن طريق الضحك الفكاهي. وربما نفسر فكاهات العوتبي بأنها فكاهات فكرية أراد من ورائها تعليم القارئ بعض الأمور المتعلقة باللغة وبعض الأقوال.

وربما لاحظ القارئ أن أغلب القصص والنوادر الموجودة في كتاب الإبانة للعوتبي، تتعلق بالمادة اللغوية متمثلة بنوادر النحاة على وجه الخصوص. وتفسير هذا الأمر ذكره أحد النقاد - عندما لاحظ في كُتب التراث، أن القصص المضحكة والنوادر تكثر دائماً حول النحاة - قائلاً: "كثير من فكاهات النحويين لم يصح وقوعها، ولكن بعض أصحاب النحو، أو بعض أعدائهم، وضعوها عليهم، ونسبوها إليهم، إما لأن تكون مادة للظرف، وإما للتشنيع على النحاة والمعابثة بهم. وأغلب هذه النوادر يدور حول الإعراب، والمصروف وغير المصروف" ([38]).

وللحقيقة، فهذه ظاهرة عالميّة في مختلف اللغات، قد يكون سببها أنَّ النحاة يمثِّلون بقوانين نحوهم القيود التي تحدُّ من حرية ارتكاب الأخطاء اللغويّة، الأمر الذي يصبحون بسببه عرضة للانتقام منهم على شكل طرفة لاذعة، أو نكتة ساخرة.

لاحظت في نوادر العوتبي أيضاً أنها جاءت من النوع القصير، فأكثرها يقع في دائرة واحدة تعتمد عدم الإطناب والإطالة. كما أن الملاحظ أن طرفاً لا بأس به منها كان قائماً على أسلوب الحوار الخارجي بين اثنين، على أن السّرد كان يحظى في بعض الأحيان بدور واضح في إدارة حدث النادرة وتسييره من أجل أن تصل النادرة إلى غايتها في الإضحاك.

وهناك ملاحظة أخيرة، حول أمر النوادر الفكاهية في كتاب العوتبي، تتلخص في حقيقة – تكاد تكون إحدى المسلمات – وهي أن كتابا الإبانة والضياء للعوتبي، هما آخر ما صنفه العوتبي من الكتب. وهذه الحقيقة ربما تحتاج إلى تدقيق وتحقيق أكثر، بناء على هذا الرأي المنطقي: فللعوتبي كتاب مفقود بعنوان (في الحكم والأمثال)، جاء ذكره في كتاب الأنساب للعوتبي أيضاً، وكتاب الأمثال هذا لم يُعثر عليه حتى الآن. وهناك احتمال بأن هذا الكتاب صنفه العوتبي قبل كتابه الإبانة، لأن العوتبي كان يختتم كل حرف من حروف معجمه الإبانة بمجموعة من الأمثال، فاقت في عددها الألف مثل! مما يدل على أن الأمثال كانت حاضرة وموجودة في كتاب له قبل أن يصنف الإبانة.

وهذا الرأي يختلف تماما مع النوادر، فالعوتبي له أيضاً كتاب بعنوان (أنس الغرائب في النوادر والأخبار والفكاهات والأسماء)، وهو من الكتب المفقودة أيضاً، ومن وجهة نظري أن هذا الكتاب صنفه العوتبي بعد كتاب الإبانة، لأن عدد النوادر والمواقف الفكاهية الموجودة في كتاب الإبانة أقلّ من مائة نادرة أو فكاهة. فمن غير المعقول أن العوتبي يأتي بهذا العدد الضئيل وقت أن كان له كتاب مؤلف في النوادر!! والمنطق يقول إن الإبانة صُنف أولاً ومن ثم كتاب أنس الغرائب في النوادر.

وقد يتساءل المرء عن البواعث التي دعت العوتبي إلى الحديث عن الفكاهة، وسوق نماذج لطيفة من المفاكهات السّارة، ويبدو للباحث أن هذه البواعث قد تُفسر بموقف علمي يتمثل بحاجة المؤلف إلى بعض المواقف الفكاهية لتفسير بعض الجوانب التي يحاول شرحها وتفسيرها. ويبدو الموقف المنهجي حافزاً بالمثل، فالظاهر أن العوتبي كان يمزج مواقف الجد بالهزل، على غرار ما كان يصنعه بعض المؤلفين القدامى كالجاحظ، وهذا ما دعاه إلى إيراد بعض النوادر التي تطرد شيئاً من السأم عن القارئ الذي أنهكته المادة اللغوية التي تكفل كتابه بها. ولا يمكننا أن نغفل الموقف الشخصي، فالذي يبدو أن شخصية العوتبي كانت تجمع مع التزامها شيئاً من ألوان المرح والخفة، فلم يكن الرجل متزمتاً مع أنَّه فقيه يتعاطى العديد من البحوث الفقهية التي لا تقبل إلاّ الجد.

وهذه الظاهرة يمكن استحضار تفسير لها من مصدرين معرفيين شكّلا رافدين مهمين لشخصيّة العوتبي في العلم والتأليف، أولهما: شخصيّة الخليل بن أحمد الفراهيديّ الذي تجمعه بالعوتبي آصرة البلد الواحد عدا آصرة المذهب الفقهي أو ظلاله، فالخليل نحوي معجميّ لغوي عروضيّ زاهد محدّث قارئ، ومع هذا فقد توسّل بالفكاهة في التواصل التربويّ التعليميّ؛ ذلك أنَّه أحسن تعليم بعض طلبته مفهوم الممنوع من الصرف لغةً واصطلاحاً عندما ذكر لهم أنَّ أحد طلبته، واسمه (أحمد) قد طرق بابه ليلاً، وكان الخليل لا يستقبل ليلاً من طلبته إلا سيبويه، فقال له: انصرف. فردَّ الطالب: ولكن يا سيدي أنا ممنوع من الصرف. فالخليل استعمل الصرف بالمفهوم اللغويّ، والتلميذ الطالب استعمله بالمفهوم الاصطلاحيّ. وهذه النادرة وسيلة تعليميّة لا تتعارضُ مع شخصية الخليل الوقورة التي سلكته في الصالحين الأولياء.

وأما المصدر الثاني فهو ابن قُتيبة، وهو إمام في التفسير والحديث والفقه واللغة والأدب والنحو، وحضوره في كتاب الإبانة لافت متكرّر، بل لعله أغزر رافد معرفيّ للعوتبيّ في تشييد كتاب الإبانة، وابن قتيبة كان شخصيّة طيفيّة تظهر بعدة ألوان لا تعكس التناقض في الشخصيّة بل تعكس بالضرورة التنوعّ المعرفيّ العلميّ الذي تمكن منه فأبدع في مجالاته جلّها، ذلك أنَّ في كتابه "عيون الأخبار" يأتي بالمُلح والطرائف والحكايات والفكاهات التي تجعل من كتابه داعيا للقراءة في كلّ وقت؛ لأنَّه كتاب يبني جيلا مثقفاً بثقافة عامة يرتضيها المجتمع، وكتاب العوتبي قريب من هذا الكتاب، فهو ليس معجما فحسب أو كتابا في الأدب أو الأمثال بل هو كتاب في الثقافة اللغويّة والأدبيّة والنحويّة مادته النصوص المختلفة من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة والطرائف العجيبة والأمثال الأديبة والمُلح السيّارة والطرائف الدوّارة؛ وهو كتاب عام لا يوجّه إلى طبقة العلماء بل إلى طبقة الشُّداة في تعلم اللغة العربيّة مثل طلبتنا في المدارس الثانويّة، فكاتب أيّ مادة لغويّة أو أدبيّة لهم لا بدَّ أن يُراعي التنوع في النصوص حتى يجذب انتباه الطلبة، وهكذا كان العوتبيّ في فكاهته إنَّما يستجيب لإدراكه الصحيح أنَّ هذه الفكاهة وسيلة ضروريّة لا ينبغي تجاوزها في التعليم لكي لا يدخل السأم قلب الطالب المتعلم ولا حتى المعلّم، أو لنقل: إنَّ الحياة أطياف وصور جد ومزاح حزن وفرح وألوان، وهكذا ينبغي أن تكون مثل هذه الكتب ومنها كتاب الإبانة، ولعلّ انحجابه عنا هو الذي حجب ضوءه، ولكن مثل هذه الندوة، وهذه الوحدة العلمية، وهؤلاء العلماء الباحثين كفيل بإعادة بثّ أضواء المعرفة


([1]) - ينظر: الخليل بن أحمد الفراهيدي – كتاب العين – تحقيق: د.عبد الحميد هنداوي – الجزء الثالث - دار الكتب العلمية – بيروت – ط1 – 2003م – ص(335).

([2]) – السابق.

([3]) – السابق.

([4]) - ينظر: إسماعيل بن حماد الجوهري – الصحاح: تاج اللغة وصحاح العربية – تحقيق أحمد عبد الغفور عطار – الجزء السادس - دار العلم للملايين – بيروت – ط3 – 1984م – ص(1143).

([5]) – السابق.

([6]) – السابق.

([7]) - ينظر: ابن منظور – لسان العرب – المجلد الخامس - دار المعارف – د.ت – ص (3453، 3454).

([8]) - رينهارت دوزي – تكملة المعاجم العربية – ترجمة د.محمد سليم النعيمي – المجلد الثامن - وزارة الثقافة والإعلام – بغداد – 1997 – ص(104).

([9]) – سَلَمَةُ بن مُسلم العَوْتَبيّ الصُحَاري – كتاب الإبانة في اللغة العربية – الجزء الثالث – تحقيق: د.عبد الكريم خليفة وآخرون – وزارة التراث القومي والثقافة، مسقط، سلطنة عمان – ط1 – 1999م – ص(664).

([10]) – السابق – ص(87).

([11]) – السابق – ص(412).

([12]) – السابق – ص(413).

([13]) – السابق – ص(143).

([14]) – السابق – ص(424).

([15]) – السابق – ص(425).

([16]) – السابق – ص(465).

([17]) – السابق – الجزء الثاني – ص(365).

([18]) – السابق – الجزء الرابع – ص(329).

([19]) – السابق – الجزء الأول – ص(6-16).

([20]) – السابق – ص(23).

([21]) - د.شوقي ضيف – الفكاهة في مصر – كتاب الهلال – عدد 83 – فبراير 1958 – ص(13، 14).

([22]) – العوتبي – كتاب الإبانة – الجزء الأول – ص(16). والعوتبي ذكر هذه القصة برواية أخرى قائلاً: وعن عمر بن عبد العزيز أنه خرج على قوم يرمون بالنشاب، فعاب عليهم رميهم، فقالوا : نحن قوم متعلمين يا أمير المؤمنين. فقال سوء الكلام أسوأ من سوء الرماية، تعلموا الكلام ثم تعلموا الرماية (كتاب الإبانة – الجزء الأول – ص(16، 17). وهذه الرواية لا تدخل في باب فكاهة السخرية، بل تدخل في باب فكاهة التهكم، لأن رد عمر لمس القوم لمساً رفيقاً مباشراً.

([23]) – السابق – الجزء الثالث – ص(636).

([24]) – السابق – ص(636، 637).

([25]) – السابق – الجزء الأول – ص(15).

([26]) – السابق – ص(18).

([27]) – السابق – الجزء الرابع – ص(686).

([28]) – السابق – ص(687).

([29]) – السابق – الجزء الأول – ص(14).

([30]) – السابق – الجزء الثالث – ص(305).

([31]) – السابق.

([32]) – السابق.

([33]) – السابق – الجزء الأول – ص(18).

([34]) – السابق – ص(17).

([35]) – السابق – ص(295).

([36]) – السابق – ص(297).

([37]) – السابق – ص(17).

([38]) - محمد عبد الغني حسن – معرض الأدب والتاريخ الإسلامي – مكتبة الآداب – القاهرة – ط3 – 1958 - (ص129).


أ. د. سيد علي إسماعيل

سيد علي إسماعيل
 
أعلى