أشرف الصباغ - البوسة أعلى مراحل الانحطاط

لقد أفسدت مواقع التواصل الاجتماعي أخلاق المجتمعات، وبدأت تبشر بسقوط الفضيلة في المجتمعات المتدينة. وإذا شئنا الدقة، فالتطور العلمي، هو أحد أهم أسباب انهيار الحضارة الإنسانية، بما حمله من انحطاط أخلاقي وروحي.

من المعروف أنه من الطبيعي جدا أن نرى طفلا جائعا أو مشردا. من الطبيعي جدا أن نرى طفلة ممزقة الثياب أو طفلا حافيا بدون سروال داخلي بجوار صندوق قمامة أو في خرابة. هذه الأمور طبيعية للغاية وموجودة في كل دول العالم. هذه المشاهد غير جارحة، وغير مزعجة، ولا تحض على الفسق والفجور. لكن أن ينحدر المجتمع إلى القاع بخروج شباب يدعون للرذيلة وخدش الحياء، فهذا ما لا يمكن أن يحتمله ضمير البشرية.

إن الموقف الموحد للجامعات ووسائل الإعلام والمجتمع ككل في مصر، أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الجامعة هي ضمير الأمة، بالضبط مثل الأزهر وبقية المؤسسات الدينية، ومثل وزارة الداخلية أيضا. لقد وصلنا إلى أحط مراحل الانهيار الأخلاقي بالدعوة إلى “البوس” على يد زمرة خارجة على الدين والقانون والأعراف والتقاليد. وإمعانا في تدمير المجتمع المصري العفيف، يسعى الداعون إلى هذا الفسق والفجور إلى خلخلة أسس المجتمع، وتدمير الدولة ومؤسساتها بتدمير أهم أسسها وهي الأخلاق والفضيلة.

لقد شاهدنا بأعيننا وقرأنا وتبحَّرنا في التاريخ، لنتأكد أن سبب انهيار المجتمعات الغربية وغير الغربية، وغرقها في الفسق والفجور والتخلف، هو “البوس” بين الرجال والنساء. وبالتالي كان علينا أن نفعل نحن العكس. أي أن الرجال في مجتمعاتنا “تبوس” بعضها البعض و”تحتضن” بعضها البعض. وكذلك “تبوس” النساء بعضهن البعض، من أجل الحفاظ على سلامة المجتمع وصحته النفسية والجنسية والروحية. ومن يريد أن يكسر القاعدة من الرجال والنساء، فعليه أن يتزوج على سنة الله ورسوله، وأن يمارس “عملية البوس” وفقا للقانون، وبما لا يساعد على تفشي الفسق والفجور، وخدش حياء الذين “لا يبوسون”.

المارقون والمأجورون والعملاء والخونة والكفار، يطنطنون بما لا يعرفون، لدرجة أن يساوون بين الفقر والتشرد وتدهور التعليم والصحة وبين “البوسة”، والعياذ بالله، التي يمكنها أن تدمر المجتمع الفاضل، وتسقط أسس المجتمع ومؤسساته. إن هذا العماء الروحي والأخلاقي كفيل بأن يدمر المجتمع المصري. لهذا السبب تحديدا رفعت الجامعات ووسائل الإعلام والأجهزة الأمنية سيف الفضيلة وحالة الاستعداد القصوى لمواجهة هذه الدعوات الغادرة، التي استوردها المأجورون من دول الكفر والفساد والتخلف ليعمموها في جامعاتنا الشريفة الفاضلة.

من المعروف، وفقا للقانون، أن الفعل الفاضح هو الذي يتم في أي مكان بإمكان المارة رؤيته كأن يكون في السيارة أو الشارع أو المترو أو وسيلة مواصلات عامة، أو حتى في المنزل ونافذته مفتوحة. وبالتالي، فإن الدعوة لـ “البوس” تحمل مخالفة واضحة لقانون العقوبات المصري والذي عَرَّف الفعل الفاضح بأنه “أي تصرف يخدش الحياء العام”، واعتبر القبلة في الشارع إذا رآها رجل أو امرأة فإن حياءهم يتخدش على الفور، وهو ما يجرمه القانون.

إن جريمة الفعل الفاضح العلني كما يوضح نص المادة ٢٧٨ من قانون العقوبات لا تقوم إلا بتوافر أركان ثلاثة. الأول، فعل مادي يخدش في المرء حياء العين أو الأذن، سواء وقع الفعل على جسم الغير أو أوقعه الجاني على نفسه. والثاني، العلانية ولا يشترط لتوافرها أن يشاهد الغير عمل الجاني فعلا، بل يكفي أن تكون “المشاهدة محتملة”. أما الثالث، فهو القصد الجنائي، وهو تعمد الجاني إتيان الفعل.

لم يتحدث أحد عن نوعية البوسة ومناسبتها، لأن الشيطان في التفاصيل. وأي اقتراب لرجل من امرأة، أو امرأة من رجل، هو محض ضياع وفساد وفجور. كما أن الاختلاط هو من علامات الساعة. وإذا كان الناس مجبرين على الاختلاط لأسباب قهرية، فعلى النساء بالحجاب صونا لعفتهن، وعلى الرجال باللحية والجلباب صونا لدينهم. لا بأس أن “يبوس” الرجل رجلا ويحتضنه، ولا بأس أن “تبوس” المرأة امرأةً أخرى، لأن لا نجاسة هنا ولا فسق، بصرف النظر عن نوعية “البوسة” ومناسبتها، لأن الشيطان في التفاصيل. نحن نريد مجتمعا نظيفا ونقيا من “السكس” و”قلة الأدب” و”النظرات” بين الرجل والمرأة. لينظر الرجل إلى الرجل و”يبوسه” ويحتضنه، ولتفعل النساء مع بعضهن البعض ذلك أيضا. فهذا أهون بكثير من أن “يبوس” الرجل المرأة، أو “تبوس” المرأة الرجل.

إن السياحة والتلفزيون والسينما والروايات والشعر والحفلات التي يشاهدها الناس في وسائل الإعلام.. كل ذلك يحض على الرذيلة والفسق والفجور. ففي هذه المجالات والأماكن يتبادل الرجال والنساء “البوس”، ويجري الحديث في الأدب والشعر عن “البوس”. ومن أسوأ الأمور التي تشجع على “البوس” هي الموسيقى والرقص ومشاهدة الأفلام والباليه وسماع الغناء.. كل ذلك يعطِّل الإنسان عن ذكر الله، ويفتِّح عيون النساء والرجال على “قلة الحياء” و”السكس”.. ولذلك يجب أن لا يندهش مجتمعنا المتدين الفاضل العفيف من تلك الهبة الأخلاقية – الحضارية للجامعات ووسائل الإعلام المصرية في وجه الكفر والخيانة والعمالة لدول أجنبية تسعى لنشر الرذيلة في جامعاتنا ومجتمعنا الآمنين والفاضلين.

كيف للمغيبين والعملاء والفاجرين أن يقوموا بمساواة الفقر والتشرد وانتشار القمامة والقبح بـ “البوسة” وتأثيرها المخل بشرف الأمتين العربية والإسلامية؟ إن ما يحدث في “بير السلم” وعلى أسطح البيوت، مجرد حالات فردية. وكل ما يجري في الشقق المفروشة وغير المفروشة، مجرد حالات فردية. وكل ما يحدث في أقسام الشرطة وفي لجان التفتيش الليلية، مجرد حالات فردية.. كل ما يعانيه التعليم من تدهور وانهيار، وكل ما يعانيه الناس في صحتهم وسمعتهم وأرزاقهم، حالات فردية.. كل ذلك موجود في كل دول العالم، وليس في مصر فقط.. لكن “البوسة”، والعياذ بالله، هي أعلى مراحل الانحطاط، لأنها السبب في كل ما تعانيه مصر من أزمات، وبالذات في المرور والمجاري، وفي التعليم والصحة والأمن..

على الناس أن تراقب بعضها البعض في الشوارع والبيوت وقاعات المحاضرات والمراحيض العامة والخاصة والحفلات ليمنعوا “البوس” ويكسبوا ثواب، ومن لم يستطع، فبقلبه، ومن لم يستطع خالص، فعليه أن يفضحهم أو يبلغ عنهم الشرطة الأخلاقية التي تحافظ على أمن المجتمع من الفسق والفجور وانتشار الفحش والرذيلة.. راقبوا بعضكم البعض، وصوروا بعضكم البعض، وارسلوا الصور إلى وزارة الداخلية لتوزعها على الإعلاميين والصحفيين، وتنشرها التلفزيونات والصحف والمواقع الإلكترونية. هذا أقل واجب وأقل دور يمكن للمواطن الصالح العفيف الفاضل أن يقوم بهما من أجل صلاح الدين والدولة والمجتمع، ومن أجل التقدم العلمي والتكنولوجي لكي نهزم الكفار والإفرنجة ونتفوق عليهم.

د. أشرف الصباغ

0392bae5dbc4aa92cfb2b68b4f92725f--william-adolphe-bouguereau-classic-paintings.jpg
 
أعلى