محمد آيت تعرابت - الزوايا بطاطا جنوب شرق المغرب…

تعتبر الزاوية مؤسسة تواصل بين الأفراد والجماعات، بل وبين المخزن من جهة والقبائل من جهة أخرى، فهي المتنفس الثقافي والأمني والديني للأفراد والجماعات صعودا وهي من أدوات تصريف السياسة المخزنية نزولا.وتلعب الزاوية هذين الدورين نظرا لطبيعتها المزدوجة، فهي تعتمد على ثقافة عالمة فقهية سنية مرنة وعلى ثقافة شعبية رمزية طقسية صوفية عجائبية تؤثر في العقل وفي الوجدان المستعد للانقياد، إن مسألة وظيفة الزاوية يجب أن ينظر إليها من زاويتين، زاوية ثابتة وأخرى متحولة. أما الثابت فهو الوظيفة التربوية بمعناها العام،وهو معنى يترواح بين التعليم،تعليم القرآن وتعاليم الدين، بل حتى الترشيد الاقتصادي ،وربما الإداري، مرورا بالتربية السياسية، وانتهاء بالتربية الحربية واستنهاض الناس للجهاد…
ينتشر بالمنطقة العديد من الزوايا، أنشأت من طرف سكانها تخليدا لذكرى رجالها من الصوفيين، كونها تتخذ شكل غرف مربعة و بسقوف مستديرة، كما أنها أحيانا تحلى بنقوش وزخارف، تدل على ما وصل إليه إنسان هذه المنطقة من المهارة على مستوى العمارة.
فكيف كانت نشأة المدارس والزوايا ب(وولت)طاطا، وكيف ساهمت في تأطير المجتمع الطاطاوي سواء من الناحية العلمية أو الثقافية؟ وأخيرا ماهي أسباب الفتور العلمي بهذه الناحية؟ ذلك ما سنتعرف عليه من خلال هذه النقطة؟
-I الحياة الدينية بطاطا
-1-قراءة تاريخية لتاريخ الزوايا و الأضرحة و المزارات بطاطا
الزوايا:
في إطار قراءاتنا لتاريخ الزوايا بطاطا استوقفتنا العديد من الملاحظات الأساسية، وقد حان الوقت للإدلاء بها في هذه المرحلة، كإجابة عن التساؤلات التي طرحناها.
ومن المعلوم أن المنطقة فيما سبق، شكلت أهم المحاور الرئيسية للتجارة الصحراوية القديمة، بل قناة من أهم القنوات التي تعامل من خلالها المغرب مع بلاد السودان، وهو ما كان يفرض توفير الأمن اللازم في هذه المنطقة، لضمان مرور القوافل التي تجتازها سواء في طريقها إلى السودان أو حين العودة منه.
وكان وحدهم شيوخ الزوايا، هم القادرين على القيام بهذه المهمة، في المقابل سمح لهم ذلك بضمان مدخول قار، ساهم في إغناء رأسمالهم المادي، من خلال ما يحصلون عليه من الإتاوات، والهدايا، والصدقات لقاء هذه المهمة.
كما أن من يمر اليوم على طول جبل باني، وروافد نهر درعة، قد يفاجأ بالكم الهائل من مواقع النقوش الصخرية، ترجع لعصور ما قبل التاريخ، تم التعرف عليها في مناطق مختلفة من المنطقة ، وهي تقدم صور لحيوانات، وأشكال بشرية تدل على أن المنطقة شهدت إستقرارا منذ فترات قديمة جدا، وأن مناخها كان في وقت ما رطبا ومغايرا لما هو عليه اليوم، ويدل أيضا على أن هذا المجال كان يوفر إمكانيات الجذب والاستقرار.
علاوة على ما ذكرناه. ثمة، عوامل أخرى لا تقل أهمية، وهي أن هذه المنطقة كانت مسرحا لتطاحنات قبلية، أطرافها القبائل العربية فيما بينها، فهذا “محمد المختار السوسي” يتحدث عن “طاطا” ويورد قائلا: “وليعلم القارئ أن آل طاطا ككل قبائل سوس منقسمون فريقين إلى شيعة (تاحكات) وشيعة (تاكزولت)، وكان إداوبلال من تحكات وأيت جلال من تكزولت فلم تكن تفتأ الحرب بينهما …”.
وقد كان من نتائج هذا الصراع الدائم، البحث عن الأمان، وأماكن الإحتماء، و هوما وفرته الزوايا من خلال إشتغال القائمين عليها باستتباب الأمن، والدخول في عقد مصالحات بين الأطراف المتنازعة، يساعدها في ذلك موقف شيوخها المحايد من تلك الصراعات، هذا إلى جانب الإحترام الذي تحضى به الزاوية بالمنطقة، حيث يعتمد عليها في حفظ الممتلكات، خاصة أن القبائل العربية لا تزال تمارس الترحال وفي حاجة إلى مثل هذه الحماية.
كما لا يغرب عن بالنا، أن البعض من هذه الزوايا، ظهر كرد فعل على الضعف الذي أبانت عليه الدولة المغربية في وجه الهجمات الأوربية المتربصة على سواحله. ومن ثمة، رفع الأولياء والصلحاء راية الجهاد، رافضين الخضوع دفاعا عن الدولة وعن الدين.
تلك هي في نظرنا أبرز العوامل التي نفهم من خلالها، التواجد الكبيرللزوايا بهذه المنطقة بعضها اليوم اندثر، والبعض الآخر لايزال يؤدي وظيفته بانتظام.
وفيما يلي هذه قائمة بأسماء الزوايا، القابعة في مناطق مختلفة من المنطقة. وقبل ذلك لابد من تحديد وبشكل موجزالمقصود بمؤسسة الزاوية.
تتفق كل الكتابات المهتمة بالحقل الديني، على أن الزاوية في المغرب لم تظهر كمركز ديني إلا بعد الرباط  والرابطة، وفي نفس الفترة هناك أسماء أخرى”كالحصن”، “القصر”، المنظر”،”المسجد”، كما أن هناك أماكن أخرى لم تكن مشيدة، “كالكهف” و”النوالة”و”العريش” و”الخيمة” والقيطون”
جميع هذه الأسماء تتفق في كونها أعدت للعبادة، وأنها مع مرور الوقت ستعرف نوعا من التطور. فعلى سبيل المثال شهدت الفترة المرابطية والموحدية إنتشار العديد من الرباطات كأداة لتصحيح العقيدة والدفاع عن الملة الإسلامية ضد كل أشكال الإنحراف.
وبعد القرن الخامس عشر الهجري، ستظهر الزاوية، والتي كانت في بداية أمرها تعرف “بدار الكرامة”. وكل الدراسات تتفق على كون هذه المؤسسة هي: مكان معد للعبادة وإيواء الواردين والمحتاجين وإطعامهم. وقد تعني أيضا موضعا للعبادة والجهاد والاجتماع أومنظمة لها. ويذهب أحد الباحثين إلى إعتبارالزاوية هي: “مدرسة ومقر إسترشاد ومستودعا مؤمنا ومحلا لإطعام الطعام وملجأ أمان”.
وقد كان للتأثيرات الخارجية الأثرالكبير في بروزالزوايا بالمغرب، وتكاثرها، كما نمت حولها مدارس إستقرفيها طلبة العلم، وقد تطورأمرها خلال القرن السادس عشر، وهي الفترة التي شهدت إنتصارالنصارى على المسلمين في الأندلس. ومن ثمة، تطلعهم إلى إمتلاك الثغورالمغربية.
في المقابل كانت هناك عوامل داخلية من قبيل : الضعف الذي أبان عليه أمراء بني وطاس، وعجزهم في الدفاع عن حوزة البلاد، وأصبح تدخل الزوايا في أمورالبلاد السياسية أمراملحا، والدعوة إلى الجهاد ومقاومة الأجنبي. ويزعم بعض الدارسين أن المغاربة هم أول من أطلق إسم الزاوية على هذه المؤسسة، قبل أن ينتشر إستعماله في بلدان المغرب العربي. ومن بين الأسماء التي أطلقت عليها في المشرق الإسلامي”الخانقات”و”التكية”. وتزخر منطقة “طاطا” بالعديد من الزوايا، سنحاول تسليط الضوء على بعض جوانب من تاريخها.
زاوية أيت حساين بأكادير الهناء:
توجد بدوار أكادير الهناء، أسسها “سيدي محمد بن أحمد نايت حساين” الذي توفي سنة 1235 هـ الموافق ل1819م، هذا الأخير كان يدرس في دوار تيوايور، بين تيزكي إداوبلول و خميس إسافن، قبل أن ينتقل إلى أفرا بطاطا حيث شيد دوارأكاديرالهناء، بإيعاز من شيخه سيدي “علي أيوسف” مؤسس فرع الزاوية الناصرية بأديس، على بعد بضع كيلومترات جنوب طاطا. ويقال إن إنسانا جاء لجبل “تازمكة” ليحتطب هناك فسمع قراءة القرآن في موضع المدرسة قبل بنائها، فأمر المرابط السيد”علي بن يوسف” الناصري الذي توجد زاويته غرب سوق الخميس ببناء الزاوية بهذه المنطقة. فكانت بذلك الزاوية الهنائية، في تبعية للطريقة الناصرية في منهجها، وحافض ابن الشيخ “سيدي محند” على طريقة والده في التدريس، حتى سنة 1292هـ1875م، وقد أدخل “سيدي أحمد بن محند بن أحمد” العديد من التحسينات على مناهج أسلافه، خاصة بعدما تشبع بالطريقة التيجانية، إذ يعتبرخريج القرويين بفاس، وفي نفس الوقت سيأسس فرعا للتيجانية بأكاديرالهناء إلى جانب الفرع الناصري، بعدما تلقى الإذن بذلك من سيدي سعيد الدراركي الماسكيني. حاليا يجتمع مريدوا الطريقتين بمقر الزاوية التيجانية بعدما تحول المقر الأصلي لزاوية أيت حساين إلى منزل للسكن.
ومن أهم مرافق الزاوية مقصورة للصلاة ومطفية لجمع ماء الأمطار وفناء مكون من جزء مكشوف وآخر مغطى،وحسب شارل دوفوكوا فقد كانت زاوية أيت حساين من أهم المدارس العلمية بالمنطقة وكانت تحظى باحترام كبير من لدن السكان إشتهر شيوخ الزاوية في المجال العلمي من خلال تدريسهم لعلوم متعددة مرتبطة بالقرآن والفقه والسنة والحساب والنجوم .وقد ألفوا أورادا في مدح الرسول ص تتداول إلى يومنا هذا.كما اشتهروا بدورهم في مجال القضاء وفض النزاعات التي كانت تنشب بين دوواوير وقبائل المنطقة.بفضل هذا الدور كانت الزاوية تتلقى الهبات من جميع القبائل المحيطة بها.
زاوية أيت مولاي الحاج بتيغرمت:
توجد هذه الزاوية بتيغرمت وتعتبر هذه الزاوية، فرعا لزاوية “سيدي محند بن يعقوب التاتلتي”وهي فرع لزاوية سيدي محند بن يعقوبب بإيمي نتاتلت شمال طاطا، شيدها أحد أفراد أسرة أيت مولاي الحاج، الذين قدمواإلى المنطقة من ناحية بن يعقوب، واستقروا بدوار تيغرمت، وتشهد في كل سنة موسما إحتفالا بعيد المولد النبوي.
زاوية بن يعقوب بأديس:
تحولت هذه الزاوية اليوم إلى أطلال ،وتعتبر أيضا إحدى الفروع لزاوية “محند بن يعقوب التاتلتي”، موقعها على مقربة من مسجد أديس، و لم يكن خرابها ليؤثرعلى الإحتفالات التي تشهدها في مارس من كل سنة، حيث يتم جمع مختلف التبرعات للزاوية الأم ، من روؤس الماشية والدواجن، تمهيدا لإرسالها إليها خلال موسمها الشهير.
زاوية ابن يعقوب فرع أكجكال:
لزاوية بن يعقوب بإيمي نتالت فروع عديدة بطاطا،وهي أيضا من الفروع الخاصة بالزاوية اليعقوبية المتواجدة بإمي نتاتلت، يخصص سكانها يوما من أيام دورة السقي لجمع الأعشار للزاوية الأم، حيث تجمع الأموال لشراء الأضحية لتبعتها إلى الزاوية الأم خلال الموسم السنوي لابن يعقوب.
الزاوية الشرقاوية بالجياير:
لانعرف بالضبط الفرع الذي ينتمي إليه سيدي أحمد بن علي ،الشيخ المؤسس لزاوية جباير ضمن فروع الأسرة الشرقاوية، القاطنة في بلاد تادلا،ولا التاريخ الذي نزح فيه والده سيدي علي الدقاقي من الزاوية الأم بطاطا فقد اعتبره شارل دوفوكوا حفيد سيدي علي بن داوود بن العربي ،الذي ترأس الزاوية الشرقاوية سنة1234ه/1819م توجد هذه الزاوية بقرية جباير، تأسست من طرف “سيدي علي بن جبيرة”، الذي توجد قبة ضريحه بين أديس وتوك الريح، هذا الأخير ينحدرمن “سيدي محمد” الشرقي دفين بجعد، فبالإضافة إلى الدورالديني لهذه الزاوية، لعبت أدوارااقتصادية خاصة في تجارة القوافل مع بلاد السودان. ورغم أهمية هذه الرواية الشفوية المؤرخة لمراحل وصول هذا الفرع الشرقاوي المؤسس لزاوية جباير إلى طاطا ،نرجح أن هذا النزوح تم بعد النكبة التي كانت زاوية أبي الجعد عرضة لها خلال مشيخة سيدي العربي بن المعطي،في سنة 1768من قبل السلطان سيدي محمد بن بن عبد الله ،والتي من نتائجها نفي شيخ الزاوية وعائلته إلى مراكش وتنقل أبنائه عبر مختلف مدن المغرب،وتأسيسهم لفروع الزاوية الأم بها وتؤيدنا حول ما ذهبنا إليه الوثائق الرسمية الموجودة داخل أرشيف الزاوية الجبايرية نفسها،والتي تشير إلى أن أقدم ظهير توقير واحترام أنعم به ملوك الدولة العلوية على شيوخ هذه الزاوية –باعتبارهم من أبناء سيدي بوعبيد الشرقي –يرجع إلى عهد محمد بن عبد الله ولقد جاءت الإشارة إليه عرضا ضمن ظهير مولاي عبد الرحمان بن هشام،الموجه إلى شيوخ هذه الزاوية والذي جاء فيه بعد الحمدلة والتصلية مايلي: »كتابنا هذا السامي قدره والنافذ بإذن الله أمره،يستقر بيد حملته المرابطين الأخيار أولاد الولي الصالح سيدي محمد الشرقي نفع الله به،النازلين ببلاد طاطة،ويتعرف منه بحول الله وقوته وشامل يمنه ومنته أننا جددنا لهم ما حكم ما بأيديهم من ظهير مولانا العم رحمه الله،وأبقيناهم على ما عهد لهم من التوقير والإحترام…. فلا تحرف عليهم عادة ولا يحدث في جانبهم تقصير ولا زيادة،ولا يسامون بتكليف ولا يوظف عليهم وظيف….صدر به أمرنا المعتز بالله في 2صفر الخيرعام1240ه والغريب أن هذه الزاوية لم تلفت أنظار شيوخ الزاوية الأم إلا في عهد السلطان مولاي الحسن الأول فقط،حيث تلقى رسالة من شيخ زاوية أبي الجعد سيدي ابن داوود بن العربي،يلتمس منه تجديد ظهائر التوقير والإحترام التي كتبها ملوك الدولة العلوية لأبناء عمه سكان طاطا،ولقد استجاب هذا السلطان لطلبه وخاطب الشيخ بقوله »محبنا الأرضين المرابط البركة السيد ابن داوود بن العربي أعانك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد،وصلنا كتابك مصحوبا بظهير سيدنا الجد،المكتوب لأبناء عمك سكان طاطا،وعلمنا منه أنك كتبته ساعة حلولك بالمحلة السعيدة،وصار ذلك بالبال،وطلبت تجديد الظهير المذكور،فقد جدد،وهاالأصل والفرع يردان عليك صحبته،والسلام،في رمضان المعظم عام1294ه ”
ومن أبرز خصائص زاوية جباير طابعها الحيادي الذي مكنها من تجنب النزاعات والحروب التي غالبا ما كانت تنشب بين دواوير المنطقة.وقد كانت مكانة الزاوية محفوظة حتى عند بعض القبائل المشهورة ببطشها كأيت خباش وأيت عطا .ومما يروي أن الزاوية كانت تستقبل هذه القبائل عند عبورها المنطقة بحثا عن دواوير يمكن نهبها ،وبذلك كانت تأمن من شرها.
اشتهرت الزاوية خلال القرن19 وبداية القرن العشرين بنشاطها التجاري الملفت حيث كانت محطة لمرور القوافل التجارية الذاهبة إلى بلاد السودان والقادمة منها.بذلك أصبح حفذة سيدي أحمد بن علي الذي كان من أشهرهم علي بن هيبة،إلى مجموعة من أكبر التجار بالمنطقة.انعكس هذا الوضع على الجانب العمراني للزاوية،إذ بنيت منازل من طراز رفيع ،ومن أبرزها دار البرج ومسرة الزين ودار جداد ،هذه الأخيرة تحولت إلى مقر الزاوية بعد تردي حالة بناية الزاوية الأصلية .كما اتسعت مساحة القرية التي تحولت إلى قصبة بثلاثة أبواب ،وأدى توافد العبيد على الجباير عن طريق التجارة الصحراوية إلى بناء حي خاص بهم داخل القصبة عرف بعلو الحراطين.
زاوية سيدي نيصر:
توجد هذه الزاوية في النفود الترابي لجماعة تيكزميرت، تبعد بحوالي 30 كيلو مترا عن مدينة طاطا في إتجاه الشمال، و15 كيلو مترا في اتجاه الجنوب، ومن أهم البنايات التي تظمها الزاوية نجد، ضريح “سيدي نيصر”، ومسجد مكون من مقصورتين للصلاة، الأولى شيدها الشيخ، والثانية من طرف طالبه حماد أبو أيوب، هذا الأخير توفي في تمكروت.
وينتمي شيخها إلى دوار أيت ياسين جنوب طاطا، قبل أن ينتقل منها إلى هذه المنطقة التي ستحمل اسمه بعد ذلك من أجل التدريس، ويؤسس زاوية تعرف باسمه. حيث اشتغل بالقضاء ومن أهم الحكايات التي تروي عنه في هذا الصدد أنه بث في قضية وكان حكمه الصادر فيها يدين شخصا من دوار أكني بجماعة ابن يعقوب وتعبيرا من السكان عن عدم الرضى بالحكم قامت جماعة من الدوار المذكور باغتيال الشيخ بمصلاه، وقد تلقى تعليمه على يد ثلة من العلماء الأجلاء “كسيدي محمد بن يعقوب”، و”سيدي أحمد بن موسى” و”سيدي محند أوبراهيم التمنارتي”.
الزاوية العيساوية بدواوير طاطا:
توجد فروع هذه الزاوية بطاطا في كل من: (القصابي، أديس، أكجكال، تيغمرت). حيث تكون ساكنة هذه القبائل في كل سنة على موعد مع احتفالات سنوية خلال الأيام الثلاثة الأولى من عيد المولى النبوي بالنسبة لأكجكال والقصابي، وابتداء من اليوم الرابع بدوار تغيرمت تتسم هذه الإحتفالات بتنظيم رقصات خلال المساء بالساحات التي تتوسط الدواوير والمعروفة حاليا بأسايس، تصاحبها بعض الممارسات والطقوس، كشرب الماء المغلي، وكي الجسم بالسكاكين، والمناجل المحمية على النار. على أن يتم ختم هذه الإحتفالات بنحرالأضاحي التي يتم شرائها بمساعدة جميع أسرالدواويرالمذكورة، وقد كان مريدي العيساوية، ينتشرون في كل “طاطا” لكن تقلص عددهم فيما بعد، على إثر الفتاوى التي أطلقها فقهاء أيت حساين ضدهم.
زاوية ماء العينين بأم الكردان:
قدم “ماء العينين” إلى المنطقة من الساقية الحمراء في بداية القرن العشرين، توفي سنة 1976م، ويوجد قبره بدوارأم الكردان، على بعد كيلو مترين إلى الجنوب من مركز جماعة أم الكردان، يتميز بعدة كرامات، كما يقصده العديد من المرضى للتبرك به، وتعتبرزاويته اليوم محجا سنويا لحضورموسم الشيخ، الذي يستقطب العديد من القبائل، كأيت أوسا، إلا أنه اليوم تراجعت أنشطته بشكل كبير، بعدما كان فيما مضى يعرف تنظيم العديد من الأنشطة التي تجلب إليه العديد من الجماهيرلمشاهدة سباق الهجن والرقصات المحلية.
الزاوية الناصرية بدواوير طاطا:
أهم ما يميز فروعها بالمنطقة، موسمها المعروف باسم فقراء بناصر، تتواجد الزاوية الناصرية في مجموعة من الدواوير “بطاطا”، يقام في اليوم السابع بعد عيد المولد النبوي، في كل من: “أكاديرالهناء”، و”أكجكال”، ويدوم مدة ثلاثة أيام، تتخللها حلقات من الذكر، وتلاوة القرآن الكريم، مع ختم كل ليلة بتناول وجبة العشاء الذي يتم تحضيره من الذبائح التي تتوصل بها الزاوية بهذه المناسبة. كما أن فروع الزاوية الناصرية “بطاطا” تقوم بجمع الهبات والهدايا تمهيدا لإرسالها إلى الزاوية الأم بتمكروت، أويتم تسليمها عبر شخص منتدب ترسله الزاوية في كل سنة لهذا الغرض.
زاوية سيدي عبد الله أو محند بتسينت:
تعرف باسم الزاوية ،وتقع وسط واحة النخيل وتعتبر أقدم زاوية بالمنطقة تأسست هذه الزاوية من طرف “أبو بكر”، أحد مرابطي ركراكة، ينتمي إلى الشاوية، درس في “إمي نتاتلت”، وقد عرفت نشاطها على يد ابنه “سيدي عبد الله أومحند”، هذا الأخير من تلاميذ الشيخ “محمد بن يعقوب التاتلتي”، الذي أسند إليه الإدارة الروحية لناس تيسينت، وقد توفي “سيدي عبد الله أومحند” 1060-1070هـ مخلفا ثمانية أبناء هم: ( سيدي مبارك أوعبد الله، سيدي علي أوعبد الله، سيدي لحسن أوعبد الله، سيدي سليمان أو عبد الله ، سيدي عبد القادر أوعبد الله). واليوم فقدت الزاوية تأثيرها، حيث تضاءلت الزيارات التي كانت تصل إلها فيما مضى بكثرة. كما أن المهتمين بها، إنصرفوا لمزاولة التجارة (الأعشاب الطبية). وكغيرها من الزوايا، تشهد في كل عيد مولد نبوي موسما يدوم ثلاثة أيام، يحج إليه أناس عديدين من تيسينت نفسها ومن القبائل المجاورة لها.
زاوية مغيميمة بتيسينت:
تقع هذه الزاوية على بعد حوالي 18 كلم شمال شرق تيسينت، وأهم ما يميزها مدرستها العتيقة التي لا تزال تؤدي مهامها التعليمية إلى اليوم، وقد تأسست 1790م على يد “الحاج احمد”، وينتسب مريدوها لزاوية “سيدي عبد الله أو محند”، وهو ما أورده الرحالة “دوفوكو” أثناء زياراته للمنطقة في 27 دجنبر 1883م وقد كان على رأسها في تلك الفترة ” سيدي عبد الله”وتولى مهمة الإشراف عليها، وأن عمرها 150 سنة، واعتبرها الأهم بمنطقة سوس، ودرعة، بعد زاويتي “سيدي احمد بن موسى” و”زاوية تامكروت”. كما أنها تحضى باحترام خاص من طرف أولاد يحي.
وفيما يتعلق بكرم أصحابها فقد أورد “دوفوكو” أثناء مقامه بالمنطقة، أنه شاهد إستضافة وفود من البرابر، وأولاد يحي وإداوبلال ومن تجكانت وتافيلالت وأيت سدرات، وأن عدد الزوارلايقل عن العشرين فردا يوميا.
ينظم موسم سنوي بالزاوية، في كل 11 بعد عيد المولد النبوي، والذي يحمل طابعا دينيا، قبل أن يتطور، وأصبح ذا طابع اقتصادي، وقد لعب موقع “مغيميمة” في الطريق المؤدية إلى شرق غرب الصحراء دورا كبيرا حيث جعل من المنطقة مركزاهاما للتبادل التجاري، والإستراحة بالنسبة للمسافرين. كما إن الزاوية شكلت مقصدا للراغبين في الحصول على الحماية، ولا غرابة إن وجدنا أن تأثيرها قد وصل من درعة الغربية إلى وادي نون، كما أنها حظيت باعتراف من المخزن المركزي في شخص المولى اسماعيل. غير أن تحول طرق القوافل على إثر تأسيس “تيندوف” كان له أثر سلبي في إضعاف دورها التجاري، وتأثيرها الديني والسياسي، كما افتقد موسمها لأهميته.
زاوية سيدي علي بن عبد الرحمان ببوموسي:
توجد هذه الزاوية بدوار بوموسي بتيسينت القريب من أكادير نتيسينت، يعقد موسمها السنوي في كل سنة بمناسبة عيد المولد النبوي بهذه الزاوية لفائدة ساكنتها من الشرفاء المرابطين، يستقبل وفودا من مختلف القبائل المجاورة، من أولاد يحي الواقعة في الشمال الشرقي للمنطقة، الذين يحملون إليها العديد من الهدايا والذبائح تقديرا لشيخها.
زاوية مواس بدوار تليت:
توجد هذه الزاوية في الشمال الشرقي للدوارالذي يحمل نفس الإسم، تأسست في بداية القرن الحادي الهجري بواسطة شيخها “عبد الواحد بن الحسن علي”، ويرجع أصلها إلى زاوية العين المتواجدة بجماعة أكينان، وقد إشتهر شيوخها بخبرتهم في تقنيات الري، وخاصة تحديد أماكن حفرالعيون، وطرق إيصال الماء إلى السطح، ولهذا الغرض حرص سكان المنطقة على طلب مساعدة الزاوية، وشيخها الذي داعت شهرته في جميع أنحاء الإقليم. تضم الزاوية ضمن مرافقها جامعا للصلاة، ومدرسة، حيث كانت مركزا لتلقي العلوم الدينية، والفقه، والسنة، ولحفظ القرآن الكريم.
عرفت تراجعا في أربعينيات القرن الماضي، ويعتبر”البوهالي محمد” آخر علماء، وفقهاء الزاوية المدافعين على استمرار دورها في المنطقة.
زاوية الصرب بتليت:
تقع هذه الزاوية في دواريحمل نفس الإسم، يحيط بها سوروسط المساكن، وتظهر في بناية بسيطة، يعود تأسيسها إلى أزيد من 350 سنة حسب معلومات التحري الميداني، وذلك عن طريق شيخها ” عبد العزيز بن عبد الواحد بن الحسن” وبإيعازمن ساكنة المنطقة، ينتمي هذا الأخير إلى أسرة مشهورة بدرايتها بتقنيات الماء، وإليه يرجع الفضل الكبيرفي تحقيق العديد من المشاريع من هذا الصنف بزاوية الصرب وأيناس. ويعود أصل زاوية الصرب إذن إلى زاوية مواس التي انبتقت بدورها من زاوية العين المتواجدة بمنطقة أكينان.وقد إشتهر شرفائها أيضا بخبرتهم بتقنيات الري وتذكر الرواية الشفوية أن سكان منطقة تليت كانوا يجدون صعوبة في استخراج المياه الجوفية إلى أن قدم شرفاء العين الذين نقلوا إليهم عدة تقنيات في هذا المجال
زاوية سيدي محمد بن إبراهيم بتمنارت:
تعتبر هذه الزاوية من أكبر الزوايا وأشهرها بالجنوب المغربي وفي هذه المنطقة وتستقطب عددا كبيرا من الزوار والمريدين الذين يفدون من كل الأصقاع طيلة السنة وعلى الخصوص خلال الموسم ،وهي تتواجد بواحة دوار أكرض، أسسها الفقيه العالم الزاهد الورع الفاضل ” أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الجزولي”، ينحدر من جزولة بالسوس الأقصى، وصف بالورع وبالعلم والتقشف، والعمل، كما يعتبر من القادة الأخيار، صاحب العديد من الكرامات، قدم إلى المنطقة من أملن، عاصر فترة بناء الدولة السعدية، بل لعب دورا كبيرا في بسط نفوذها على الجنوب، مستغلا زعامته الروحية، الشيء الذي مكنه من إقناع الثوار بالولاء للدولة السعدية.
ولد الشيخ ببلدة تاهلة ونشأ فيها، قبل أن يجول في جزولة طلبا للعلم. ومن بين شيوخه نذكر ” أبي الحسن بن عثمان التملي الجزولي”، الذي لازمه لفترة طويلة، قبل أن يرحل ودائما في طلب العلم إلى بلاد درعة، العودة بعدها ويتصدر للتدريس ببلدته بقرية “عنق الرمال”، لينتقل بعد ذلك رفقة أبناءه إلى بلدة تمنارت، حيث تولى الإمامة في إحدى مساجدها، كما ولي القضاء كان ذلك سنة 928هـ الموافق ل 1522م ومكث فيه لفترة طويلة”.
توفي الرجل سنة سبعين وتسعمائة، ودفن بقرية أكرض الواقعة على ضفاف نهر تمنارت. ليتقلد أبناؤه من بعده المهمة، واستمروا في ذلك حتى حدود القرن 12هـ 18م، لتنقطع على إثرأحداث عنيفة، أدت إلى طرد الشريف إلى حربيل على بعد كيلومترات قليلة كان ذلك سنة 1110هـ-1706م، ولا تزال الزاوية إلى اليوم تستقطب العديد من المريدين خاصة أثناء موسم الشيخ الذي تشهده، إحياءا لذكرى شيخها، يتم ذلك في شتنبر من كل سنة، بقرية أكرض حيث مقر الزاوية، ثم في حربيل باعتبارها مكان إستقرارسلالة الشيخ. وخلال هذا الموسم، تقام العديد من الطقوس، والذبائح، تتخللها عدد من الليالي الدينية يطبعها تلاوة القرآن الكريم. كما يحتفى فيه خلال اليوم الأخير برقصة تعرف باسم هاوي ورقصات أحواش بدوار أكرض .أما بأيت حربيل فتقام أيضا حفلات ورقصات دينية وينظم سباق الخيل.ويشاركهم في الإحتفالات حلفاؤهم أيت حماد من لخصاص من تزنيت وأيت أمريبط من تيزكي.
زاوية محمد بن يعقوب التاتلتي:
يقع مبنى الزاوية على ضفاف وادي إيمي نتاتالت، وهي من أشهرزوايا المنطقة، توجد في منسبط قليل الوادي بعد الدخول في منفتح بين الجبلين، ويقع ضريح الشيخ وسط الديار. ونقلا عن صاحب ( صفوة من انتشرفي أخبارصلحاء القرن العاشر)، يشيرمؤلف ( الفانوس في سكتان سوس) إلى تأسيسها من طرف الوالي الصالح العارف بالله، الناسك الزاهد ” أبو عبد الله محمد بن يعقوب” الصنهاجي نزيل فم تاتلت، كان من أرباب المجاهدات وأصحاب المقامات. يقال أنه من أصل أولاد أمغارفي رباط تيط، تلقى تعليمه في عدد من المدارس بمنطقة الحوز، وأوناين وسوس والأطلس الصغيرقبل أن يأتي ويستقر في قرية تاتلت ليؤسس بها زاويته المعروفة هناك، كان ذلك سنة 800 هـ الموافق ل 1398م في منطقة وصفتها الكتابات بأنها قاحلة وهو ما يوضحه الباحث “لطفي بوشنتوف” في قوله :” منبسط قفر جنوب سوس يكاد الماء والنبات ينعدمان فيها”. وبالرغم من ذلك فقد أصبحت قطبا لجلب الفقراء، كما ازداد تأثيرشيخها، في كل الأطلس الصغير بالنظر لحكمته واعتداله، وحسن ضيافته، وحياده في النزاعات الجهوية، ويعتبر الشيخ “سيدي احمد بن موسى” من الأولياء المعاصرين له، وقد زاره أكثر من مرة بل وصى له عند وفاته سنة 1555م الموافق ل 862 هـ عن عمر ناهز140 سنة، أن يكون وارثه الروحي وقد خلف “محمد بن يعقوب” أربعة أبناء، يتواجد أحفادهم اليوم في مناطق، تالوين، تارودانت، تافنكولت، وفي سوس. ويحضى أحفاده الكبار ممن لازموا فم تاتلت بسمعة طيبة وببركة أسلافهم.
وكغيرها من زوايا المنطقة، لعبت الزاوية دور الملجأ، نظرا لحرمتها وتأثيرها على المناطق المجاورة (طاطا، تسينت، إغرم، تالوين)، حيث إن أهل مغيميمة وتيسينت يبعثون في كل سنة ممثليهم إلى الزاوية، لحضور موسم الشيخ بالمنطقة محملين بالعديد من الزيارات (دبائح وثمور).
وتشهد تاتلت انعقاد موسم الشيخ، الذي قسم عبر تاريخه إلى مراحل ثلاث، فمثلا في سنة 945هـ الموافق ل 1538م أقيمت المرحلة الأولى في 16 مارس، والثانية في 28 مارس، بينما الثالثة كانت في 16 أبريل. ويحتل هذا الموسم مكانة تجارية مهمة، كما أن له تأثيرا كبيرا، بالرغم من صعوبة المسالك، يظهرذلك من خلال الوفود التي تحج إليه، من أماكن مختلفة من درعة، ومن الصحراء بهدف تبادل المنتوجات مع القادمين من سوس، والأطلس الصغير.
وقد تخرج من زاوية تاتلت العديد من الفقهاء، ينتمون إلى مناطق مختلفة من تسينت، والفايجة، وسكتانة. كما أسس أحفاده بدرعة وسوس زوايا فرعية كزاوية “سيدي ناصراوبراهيم” بطاطا، وزاوية “سيدي ابراهيم” بتنزيظة، وزاوية “سيدي عبد الله أومبارك” بمغيميمة. توفي شيخ الزاوية اليعقوبية سنة 1555م 962 هـ عن عمر 140 سنة.
وقد كان للموقع الذي تتواجد فيه الزاوية أثرا كبيرا في بلورة ما دأب عليه شيخها من الزهد، إذا اعتبرنا أن من خاصيات الزوايا والمدارس العتيقة بهذه المنطقة إنتشارها بين الجبال والأودية المتسمة بقفرها، والصعوبة في المسالك، الشيء الذي كان له الأثر الواضح على طريقة عيش أصحابها من العلماء والطلبة، ولنا في ذلك نموذج “الشيخ محمد بن يعقوب التاتلتي “، هذا الأخير سجلت لنا المصادر التاريخية حول زهده ما يؤكد إنخراطه في هذا الإتجاه، نورد هنا قصة مفادها، أن فقيها مشارطا في إيرازان زار الشيخ، فحضه على تحصيل العلم وقدم له إناءا فيه طعام قليل، قدر ما تطعمه الأم لولدها في المهد، وقبضة من دقيق نوى التمر ممزوج بماء وشيء من اللبن. وكان رد الطالب” فأكلته ولم أرض به، وإنما ابتلعته مرغما. والشيخ يحثني في أن أمعن في أكل ما بقي من الإناء، ثم دعى لي وزودني بخمس ثمرات فأكلتها وذهبت. ومن المنشأت التي تضمها الزاوية هناك محل للمطاحن أعدها “السوسي محمد المختار” في 13 مطحنة، ثم الأهراء المستعملة لخزن الحبوب. وهناك مدرستين، تعتبر العليا أهمها، حظيت بآهتمام علماء كبار، “كالحسين اليعقوبي” الذي أفعمها دراسة وأبحاثا وتحقيقا في مختلف العلوم: نحوا، لغة، وبيانا، وأصولا، وفقها، وحديثا، وتفسيرا، ومنطقا، قضى فيها 12 سنة من الجد المستمر.
ومنذ تشييد زاوية سيدي محمد بن يعقوب سنة998ه في إيمي نتاتالت ازداد نشاطها الإقتصادي والإجتماعي والعلمي بشكل مضطرد،ومن الأدوار التي لعبتها توزيع المساعدات والإعانات على الناس خلال سنوات القحط والجفاف، وفي المجال العلمي درس شيوخ الزاوية علوم الفقه والتصوف واللغة .وللزاوية مجموعة من الفروع المنتشرة بعدد من المناطق في المغرب كالقنيطرة ومراكش وتالوين.
زاوية سيدي محمد وسيدي عبد الله بن مبارك بأقا
تتواجد هذه الزاوية بدوار الزاوية على بعد حوالي ست كيلومترات شمال مدينة أقا وتذكر المصادر التاريخية والرواية الشفوية أن محمد بن مبارك المتوفي سنة 924ه/1518م يعتبر بمثابة الزعيم الديني الأول الذي اختاره الشرفاء السعديون لإقامة مشروعهم السياسي ولمواجهة المد المسيحي الذي شمل كل السواحل المغربية أنذاك.إلا أنه رفض هذا الإقتراح وعين لهم محمد الشيخ الزعيم الذي سيقودهم نحو توطيد أسس دولتهم.ولعبت أقا خلال هذه الفترة دورا أساسيا كحلقة وصل في تجارة القوافل التي كانت تربط المغرب بدول جنوب الصحراء.
أما ابنه سيدي عبد الله بن مبارك الذي توفي سنة1015ه/1606م فقد كان مستقرا حسب ما يذكره المختار السوسي غير بعيد بدوار أكادير أوزرو القريب أيضا من الزاوية وقد لعب بعد وفاة أبيه دورا كبيرا في استمرار إشعاع منطقة أقا كمركز للزعامة السياسية والدينية والإقتصادية بالجنوب المغربي.
ويتواجد ضريحا سيدي محمد وسيدي عبد الله بن مبارك بمقبرة تشرف على دوار الزاوية.وهي عبارة عن قبرين بسيطين لا يتميزان كثيرا عن القبور المجاورة ولا تغطيهما قباب كما جرت العادة في العمارة الجنائزية، والسبب حسب بعض المنحدرين من سلالته أن الشيخين لا يقبلان أن يغطى قبريهما وكلما عمد السكان إلى إقامة قبة فوقهما فإنها تنهار .
وكانت توجد بوسط الدوار المدرسة التي كان الشيخان يعلمان فيها الطلبة والمريدين العلوم الدينية والقرآن،إلا أنها تعرضت للخراب سنة 1845 بفعل أمطار طوفانية انهمرت على المنطقة وأدت إلى ضياع خزانة غنية بالمخطوطات كانت في تلك الزاوية. وما يميز هذه المقبرة هو أن جل قبورها مغطاة بأواني خزفية ذات برنيق أخضر لم نتمكن من إيجاد تفسير لهذه الظاهرة المرتبطة بطريقة الدفن.
خلاصة
بشكل عام نستخلص مما سبق ان الزوايا بطاطا عاملت جنبا إلى جنب مع مدارسها لتحقيق وأداء الرسالة المنوطة بهما، ولم تدخر كلاهما جهدا في ترسيخ التدين وتعميق آثار الإسلام في نفوس أبناء هذه الناحية ناهيك عن استماتتهما في إزالة واقتلاع كل مظاهر البدع والتقاليد الفاسدة التي تنخر كيان المجتمع الطاطي وبالفعل فقد استطاعتا أن تخففا جزءا من أهدافهما إلى حدود العقود الأولى من القرن20م لكنه فيما بعد تسحب الفتور إليهما وتقاعسا عن أداء واجبهما.
الملاحق
الوثيقة:1
الوثيقة 2
الهوامش
1 مندوبية وزارة الثقافة بطاطا، المعطيات والمؤهلات الثقافية بإقليم طاطا،2004،ص12
-2 مندوبية وزارة الثقافة، المعطيات والمؤهلات الثقافية بطاطا، م س .ص: 8.
3 مندوبية وزارة الثقافة بطاطا، المعطيات والمؤهلات الثقافية ، م .س ، ص:7.
4السوسي محمد المختار، خلال جزولة الجزء الثالث، تطوان المغرب،ص 94
5- أتق مصطفى، بلعشيق محمد،” الأضرحة و الزوايا بإقليم طاطا”، منشور ضمن الزوايا في المغرب ، ص: 107
6 تناوله بالتعريف مجموعة من الباحثين من بينهم محمد حجي في أطروحته حول الزاوية الدلائية صفحة21 وعرفه بكونه:”لغة مصدر رابط يرابط بمعنى أقام ولازم المكان وعند الفقهاء والصوفية فالرباط نجده يطلق على شيئين: على البقعة التي يجتمع فيها المجاهدون لحراسة البلاد وصد هجومات العدو ويطلق ايضا على المكان حيث يلتقي صالحوا المومنين لعبادة الله وذكره والتفقه في أمور الد ين وفي نفس السياق تحدت إبن الزيات في كتابه التشوف إلى رجال التصوف عن الرباط ، بأ نه: المكان المعد للعبادة يتخد حصينا قدر الامكان من بناء صلب من حجارة وقرمد وآجر وتبن . أنظرفي هذا الاطار :إبن الزيات يوسف، التشوف إلى رجال التصوف وأخبارأبي العباس السبتي، تحقيق أحمد التوفيق، منشورات كلية الاداب بالرباط ، سلسلة بحوث ودراسات، مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء، الطبعة الثانية 1997 .صص: 424 -172.
7 الشادلي عبد اللطيف، التصوف والمجتمع نماذج من القرن العاشر الهجري، منشورات جامعة الحسن الثلني، سلسلة أطروحات ورسائل رقم 4، مطابع سلا 1989، ص: 168.
8المازوني محمد “وظائف الزاوية المغربية مدخل تاريخي”،ضمن منشورات فكرونقدالزوايافي المغرب، السنةالعاشرة، العدد9،يناير2008، ص:60.
9حجي محمد، الزاوية الدلائية ودورها الديني والعلمي والسياسي، من تاريخ المغرب في القرن 17، طبعة ثانية موسعة ومنفتحة 1409-1988م، مطبعة النجاح الجديدة .ص: 24.
10-نفسه .ص: 23.
11، ص- الشادلي عبد اللطيف، التصوف والمجتمع نماذج من القرن العاشر الهجري، منشورات جامعة الحسن الثلني، سلسلة أطروحات ورسائل رقم 4، مطابع سلا 1989: 175.
12المازوني محمد، وظائف الزاوية المغربية، م .س ، ص:58.
13الضريف محمد، زوايا الشرفاء بمدينة أسفي، تأليف كريدية براهيم، الناشر جمعية الحوض آسفي، ا لطبعة الأولى 2006، مطبعة IMBH مدينة آسفي ، ص: 9
14السوسي محمد المختار، مدارس سوس العتيقة، نظامها وأساتذتها، مؤسسة التغليف والطباعة والنشر والتوزيع للشمال، 1987، ص : 125
15السوسي محمد المختار، المعسول، الجزء 6 ، مطبعة النجاح ومطبعة فضالة، 1960-1963،ص 203
16- السوسي محمد المختار، المعسول، الجزء 6، م .س ،ص: 208
17نفسه ، ص: 229
18Charle de foucould ,Reconnaissance du Maroc,France, , « celle d’afra,plus considérable martient a la nombreuse famille Ait hsein …..cette zaouia joie d’ une grende venération dans le pays » ,1999,p200
أتق مصطفى وبلعتيق محمد،” الزوايا والأضرحة بطاطا “،مجلة المناهل،السنة 29،عدد83-82،مطبعة دار المناهل، سنة2007،ص129 19
20أتق مصطفى، بلعتيق محمد، م .س ، ص:131.
21نفسه .ص: 133
22- أتق مصطفى،مرجع سابق ، ص:131.
23دوفوكو شارل، التعرف على المغرب(1883-1884)، الرحلة 1 ترجمة المختار بلعربي، الأستاذ بكلية الآداب باللقنيطرة، الطبعة الأولى ،1989،ص206
24دوفوكو شارل، التعرف على المغرب ، م. س، ص:192.
25بوكاري محمد،،الزاوية الشرقاوية ودورها الإجتماعي والسياسي،الدار البيضاء،ج2،سنة1989،صص152-170
26ظهير توقير واحترام،كتبه السلطان مولاي عبد الرحمان بن هشام لفائدة شيوخ زاوية الجباير بطاطا،بتاريخ23صفرعام1240ه/17أكتوبر1824م أنظرملحق الوثيقة 1، ص20
27رسالة من السلطان مولاي الحسن الأول إلى مقدم زاوية أبي الجعد ،سيدي إبن داوود بن العربي،وهي بتاريخ 1229 ه/16شتنبر1878،أنظر الملحق وثيقة 2-،صص21-22-23-24
– 28أتقي مصطفى ، بلعتيق،مرجع سابق،ص125
29أتقي مصطفى ، بلعتيق محمد، مرجع سابق ، ص: 132.
30أتقي مصطفى وبلعتيق محمد،مرجع سابق.ص: 130
31 أتقي مصطفى وبلعتيق محمد،مرجع سابق ،ص:126.
– 32 أتق مصطفى، بلعتق محمد، ” الأضرحة والزوايا بإقليم طاطا”، م .س ، ص:231.
33 BELLAKHDAR-JAMAL Et Autres; Tissint Une Oasis Du Maroc Présaharien : monographie D’une Palmeraie Du Moyen Dra Dans La Collection Etude Sahariennes Albirunya 1992,El maarif Al jadida-Rabat P:230.231.
34 شارل دوفوكو، التعرف على المغرب، مص. س ، صص: 219-221.
35 BELLAKHDAR-JAMAL ET AUTRES., OP.cit, -,232
36أتق مصطفى، بلعتيق محمد،” الأضرحة و الزوايا بطاطا”، م. س ، ص: 120.
37أتق مصطفى، بلعتيق محمد،” الأضرحة و الزوايا بطاطا”، م .س، ص: 121.
38أتق مصطفى، بلعتيق محمد،” الأضرحة و الزوايا بطاطا”، م.س ،ص122
39أتق مصطفى، بلعتيق محمد،” الأضرحة و الزوايا بطاطا ،ص122
40 الحضيكي، محمد بن أحمد، طبقات الحضيكي، (1189هـ/1775م) تحقيق وتقديم النص1، إعدادأحمد بومزكو، إشراف أحمد التوفيق، السنة الجامعية 1994، جامعة محمد الخامس- كلية الآداب الرباط، شعبة التاريخ ، صص: 204-206.
41 أ تقي مصطفى، بلعتيق محمد، مرجع سابق ،ص:125
42 الحضيكي محمد بن أحمد، طبقات الحضيكي، (1189هـ/1775م) ، تحقيق وتقديم النص 1، م .س ، ص: 205
43 الشفشاوني محمد بن عسكر، دوحة الناشر لمحاسن من كان بالمغرب من مشاييخ القرن العاشر، تحقيق محمد حجي، أستاذ بكلية الآداب بالرباط ، مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر سلسلة التراجم 1، الرباط 1996، ص: 112، والهامش رقم: 34.
44 أتق مصطفى، بلعتيق محمد،” الزوايا و الأضرحة بطاطا”، م. س، ص:116
45 السوسي محمد المختار، خلال جزولة، الجزء الثالث، م .س ، ص:122.
46ا لقا نت الطيب بن محمد، الفانوس في سكتان سوس، مخطوط مرقون، دون تحقيق، يوجد في حوزة الطالب عبد الله بايس بأكادير،ص: 37.
47- بوشنتوف لطفي، العالم والسلطان دراسة في انتقال الحكم ومقومات المشروعية العهد السعدي الأول، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق – الدار البيضاء، سلسلة أطروحات ورسائل 2002.صص: 241.244.
-48BELLAKHDAR JAMAL ,ET AUTRES ,OP.cit, pp:227.228.
-49السوسي محمد المختار، المعسول، الجزء 16، م .س، ص: 55 .
50-السوسي محمد المختار، خلال جزولة ،الجزء الثالث، م .س ، ص: 130.
-51 أتق مصصطفى وبلعتيق محمد،مرجع سابق ،صص111
– 52 النوحي محمد الحبيب،”أقا”،ضمن معلمة المغرب،ج2،صص578-518
– 53أتق مصطفى وبلعتيق محمد،مرجع سابق،ص117
54 السوسي محمد المختار،خلال جزولة،ج3،ص42
55 أتقي مصصطفى و محمد بنعتيق،مرجع سابق،ص 118
56 السوسي محمد المختار،مرجع سابق ،ص 56

د. أيت تعرابت محمد : باحث في التاريخ المعاصر بكلية الآداب ظهر المهراز – فاس


1.jpg
 
أعلى