سانتياغو هويوس بويتراغو Santiago Hoyos Buitrago - حانة ماري.. قصة قصيرة - ت: إبراهيم اليعيشي

رأيتُ مواقف من كل نوع في حانة ماري. كل يوم أرى الشيء نفسه ولكنّني لا أملّ.

آخر مرة كانوا ثلاثة مكسيكيين، ثملين بأنخابهم الكثيرة وبفوز فريقهم الوطني لكرة القدم. طلبوا "تيكيلا" صارخين بالإسبانية، كما لو أن الفوز في مباراة كرة قدم في لندن يمنحهم الإذن ليكونوا أسياد كل هذا العالم اللعين.

الساقي الذي كان رجلاً سويدياً قصير القامة، كان يهرس ورقة كرفس أمامي، ابتسم وببراءة قال لهم "لا تيكيلا، ولا لغة إسبانية". ولكن الثلاثي المكسيكي، كما لو أن فلفلاً حاراً كان يجري في شرايينهم، أمسكوا بالسويدي المسكين وهزهزوه ليقدّم لهم كل ما يريدونه.

"أي نوع من الحانات هي هذه الحانة، حيث لا تقدّم كؤوس خاصة بالرجال"، صرخوا بتلك الإنكليزية التي يسيئون التحدّث بها.

"أنا أقول هذه حانة إنكليزية وأنتم في إنكلترا"، قاطع أحد "الهوليجانز" الثلاثة الذين كانوا قد دخلوا للتو، بعد أن تعقبوهم من الملعب. "تريدون بعض الصلصا يا صبيان؟" سألهم. استدار المكسيكيون الثلاثة أمام الفيلة الثلاثة الذين يضعون على رقابهم شالات تحمل ألوان فريقهم المنهزم، وظلوا ينظرون إليهم دون أن يعرفوا ما عليهم قوله.

"إلى ماذا تنظرين أيتها العاهرة؟" صرخ أحدهم. وأنا أجبت بأنني لا أنظر إلى أي شيء، وأنني هادئ، وأنني آكل الكرفس، وأننا في بلد حر، وأنا أفكر في ما دخلي بالأمر.

"أنت لا" بصق آخر وأخذ مملحة ورماها صوب أحد المكسيكيين الذين كانوا يقفون خلفي، كما لو أنه أراد أن يشير لي مع من كان يتحدّث. أحد المكسيكيين ردّ عليه برمي علبة الفلفل الزجاجية وليمونة وقطع ثلج... كان بإمكانه أن يرمي عليه فيل البحر إن كان في متناول يده.

حينها، تنحّيت جانباً وكسر الساقي قنينة فودكا على رأس المكسيكي الذي رمى الأشياء، وانضم الهوليجانز الثلاثة إلى العراك والدم سال مثل عصير طماطم على أرضية حانة ماري القديمة.

حين انتهى العراك، كان كل شيء مقلوباً رأساً على عقب، ولكن ليس كثيراً: لم يحدث شيء جديد لم يسبق أن رأيته من قبل. أنهيت ساق الكرفس الذي كان في فمي، ورميت الورق على دوائر الدم الحمراء وانصرفت.
 
أعلى