أحمد بغدادي - الجنس.. ( الذئب اللطيف )، اللذة العمياء

الجنس.. ( الذئب اللطيف )، اللذة العمياء
أحمد بغدادي



إن تطرقنا إلى دراسة الجنس على شكل منهجي وأخذنا في تصنيف أبوابه ومراحله منذ نشوء البشرية إلى وقتنا الراهن، فإننا نحتاج إلى وضع مسميات كثيرة له من نواحيه النفسية والغريزية والمرضية والحسّية المقصودة واللامقصودة، وعلينا الإبحار في كيفية تناوله من حيث المجتمعات القديمة والتي تلتها، ومن حيث الجماعات والأفراد، واختلاف نظرتهم إليه كلٌ على حسب ثقافته الجنسية ( التربوية .. العقلية )، وأيضاً تناقض المسألة بينهم من الناحية الفيزيولوجية.
معظم ممن كتبوا عن الجنس وقاموا بأبحاث ودراسات على مرّ العصور نُـظرَ إليهم من قبل أبناء جلدتهم ومن علماء في مجالات أخرى في بعض الأحيان على أنّ لديهم مشاكل في حياتهم الجنسية، وأنهم غير طبيعيين يعانون من نقص أو إفراط من الناحية الجنسية، وكانت الرقابة على كتاباتهم صارمة جداً بذريعة إفساد المجتمعات وإدخالها ضمن إشكالات ثقافية في تغيّـر المفهوم التربوي والعلمي لدى الأشخاص في هذا الموضوع.
لوحقَ كبار الكتّـاب العالميين من قبل المحاكم والرقابة المتخصصة، كالكاتب ( إيليسن ) في بريطانيا بذريعة ما ذكرنا أعلاه. ومنهم من جعل يكتب باسم مستعار، ومنهم من تحدّى الرقابة مثل عالم النفس الألماني " كرافت "، فكتبَ فصولاً من مؤلفاته ــ الاضطرابات النفسية الجنسية ــ 1889 " psychopathia "sexualis باللغة اللاتينية التي لا يتقنها الجميع، وقد طلب وقتها العديد من أعضاء الجمعية الطبيّة النفسية وغيرهم في بريطانيا بحرمان الكاتب من لقبه الفخري كعضو في الجمعية.. بالتالي سُـمح لمعظم مؤلفاته بالنشر ضمن ضوابط وضعتها الرقابة من خلال حذف فقرات أو فصول بنظرهم تؤذي الذائقة الثقافية لدى القارئ.

هكذا تأتي العداوة المفرطة تجاه من كتبوا في موضوع الجنس وتمّ تسميتهم بمسميات شتى غير لائقة بما قدموه للمكتبة العالمية من فكر تحليلي يخص المسألة المعقدة ــ الجنس ــ منذ نشوء البشرية...
لم يفكّر المعظم أن يسبر ويمحّص ما كُـتبَ عن الجنس، وخاصة الطبقة العادية والمتوسطة ثقافياً في مجتمعات مؤلفي هذه الكتب، مما دفعهم بالحكم المباشر لمجرد رأي جريدة فلانية أو رأي كاتب معاد لكاتب آخر، وأيضاً بعدهم كل البعد عن الوسط الثقافي وغربتهم عن الموضوع من حيث اهتماماتهم بهِ وتناوله بشكل فكري تحليلي؛ فجل اهتماماتهم كانت تصب على عملهم اليومي والمعيشة كما باقي الطبقات العاملة في المجتمعات الأخرى، وهي النسبة الكبيرة في كل الدول. وينصب هذا العداء أيضاً في اختلاف المجتمعات من حيث الأيديولوجيات والرقابة الدينية الرادعة عن الاقتراب من هذا الإثم الكبير والاطلاع عليه أو الخوض فيه.

ــ الإثم المغفور :
حسب الأطروحات عن الحياة الجنسية والبيولوجية لجسد الإنسان جاءت حجج واهية من قبل بعض رجالات الدين المسيحيين في القرن التاسع عشر تناقض المفهوم العلمي الذي يشير إلى زاوية من زوايا الحياة الجنسية في كيفية ممارسة الجنس وأوقاته، ومضاره وفوائده؛ هذه الحجج أتت على شكل أوامر صارمة تقضي بعدم إسراف الشخص بطاقته الجنسية ـ الجسدية ـ لما فيها من فوائد لأمور أخرى حياتية أخلاقية أسمى من الرغبات والشهوات الآنية، إلا عند إنجاب الأطفال، فالاتصال الجنسي للتكاثر هو مبرر مشروع لاستمرار النوع .. ضاربين بعرض الحائط المسائل البيولوجية التي يحتاجها الجسد من تفريغ طاقاته الرغبوية والاستمتاع باللذة الكامنة في ممارسة هذا العمل الآلي من وقتٍ لآخر بعيداً عن الزواج العلني والدائم.

فالإثم المغفور في نظرهم هو الارتباط الجنسي والروحي ــ الزواج ــ الذي يُبعد الأشخاص عن الإسراف في الجنس دائماً إن تعددت العلاقات بين اثنين أو أكثر ما يضر بالطاقات الجنسية عند الفرد. فإن جئنا هنا من باب ديني وعلمي نجد أن المسألة فيها وجهة نظر إيجابية بحتة لما تشكله هذه الأوامر من رادع عن السقوط في الرذيلة والأمراض المتعددة؛ وإن نظرنا إليها من باب بيولوجي صرف، فإن لدى الكثير من الأشخاص قدرة غير طبيعية على ممارسة الجنس ( الزوجي ) مرات كثيرة في اليوم، وهنا يتناقض مع فكرة إهدار الطاقة الجنسية التي طرحها رجال الدين المسيحيون في ممارسة الجنس غير الشرعي مع عدة أشخاص أو أكثر من مرة!.

السلوك وحده من يقرر كيفية التعاطي مع هذه المسألة الشائكة التي تقاذفها العلماء بتناقضات ما بينهم وبين الدين والفكر التربوي والفلسفي تجاه الجنس ومراحل تطوره وتعاطيه.
فمثلاً نجد أن هناك أشخاصاً يميلون لجنسهم فقط ويرفضون الآخر المحتّـم عليهم بيولوجياً ومجتمعياً، فأولئك المثليون أو بالمصطلح العلمي "homosexualism " السلوك الجنسي المثلي، لا نستطيع أن ننبذهم من محيطنا أو النظر إليهم على أنهم غير بشر من الناحية الجنسية الحياتية، فالكثير من علماء النفس وأطباء الجينات تطرقوا إلى هذا الموضوع على أنه خلل هرموني لدى الشخص، ومنهم من خالف هذا الاستنتاج العلمي وأبدى رأياً مغايراً على أنه موروث خُـلقي ولادي، تطور إلى مرحلة الصدمات العاطفية حتى المراهقة وما بعدها ليستمر الشاذ بسلوك مغاير جنسه دون الاكتراث بمحيطه رامياً خلفه كل الاعتبارات الاجتماعية والأخلاقية، على أنه يعيش في عالم لا يفهمه ولا يعترف بما يشعر به. ومن علماء الأتنوغرافيا من وثّق حالات كثيرة عن هذا الموضوع.. وللبيان في ذلك اجتهد الكثيرون أمثال ( إيفان بلوخ، والفرنسي شارل ليتورنو 1888، والفلندي أدوارد فيستر مارك في كتابه تاريخ الزواج البشري 1891) والكثير من المؤرخين والكتاب والعلماء والأطباء الذين اهتمّوا بهذه المعضلة المحيّـرة في السلوك غير السوي عند بعض البشر.

ـ الجنس في المقدسات:
"إشارة "
الآريون هم أول من وثّق بعد غزوهم مناطق في الهند عبادات بعض الشعوب في غرب الهند الذين كانوا يمارسون عدة طقوس في العبادة، كما وجدوا تماثيل فخارية تشكّـل أوضاع جنسية أثناء الممارسة ومنها أختام عليها نقوش لأجساد عارية كانوا يسمون هذه التماثيل بــ" إله الخصب"، ومن العبادات أيضاً أن بعضهم كان يعبد القضيب الذكري وسميت هذه العبادة بالـ"لينغا " the linga ". وتوجد معابد إلى يومنا هذا في الهند منقوشٌ على جدرانها تماثيل عارية تمارس الجنس في وضعيات مختلفة، تدل على تقديس الجنس في الأديان لتلك الشعوب القديمة.
عند الهندوسيين في القدم تداخل الجنس مع المقدس، إذ اهتموا بالتماثيل العارية والمنحوتات في المنازل والمعابد التي باعتقادهم هي التي تجدد أجيالهم وتبعث القوة في أجسادهم منذ الولادة، فالنظرة إلى المولود عند ولادته عارياً تفضي إلى أن الآلهة تباركه قبل أن يرتدي أي شيء، فالعري ــ الجنسي ــ هو هبة من هبات الآلهة لتلك الشعوب في معتقداتهم . ففي الملحمة الشعرية الشهيرة " مهابهاراتا " maha bharta " يُذكر فيها إله الجنس " برزشيفا " وإله الفحولة، لما تناقلته الألسن بين القبائل وقتها وما حُكي عنه أيضاً في حكايات " بورانا puranr " المعروفة في السند . إن الكثير من الأساطير تطرقت إلى الجنس والدين في آن واحد على أنهما لا ينفصلان بسبب قدسيتهما عند تلك الشعوب، وفي الميثولوجيا الكثير من الحكايات والأمثلة عن تداخل الجنس في أديان شعوب عدة وحضارات كثيرة. ونشير هنا إلى كتاب "الكاماسوترا" الذي يحتوي على الكثير من التعاليم الجنسية والتوجيهات للإناث والذكور ويتكلم عن وضعية الاتصال الجنسي وتفاصيل الوضعيات عند الرجل والمرأة حين المضاجعة، وغير ذلك من أمور الجنس التي تتصل مع الواجب والوعي الديني، وأيضاً يذكر الكتاب توجيهات للإناث الصغيرات في كيفية التعامل مع الطرف الآخر ( الذكر ) وكيفية الغرام به واحترامه، وهذا تأسيس للمرحلة القادمة من الارتباط الجنسي بينهما.

نذكر تفاصيل أكثر عن الجنس والمقدس في أبواب أوسع، وعند ديانات شعوب أخرى في الجزء الثاني من الدراسة التي سوف نخوض فيها أكثر من ناحية المقدس والجنس عند بعض الشعوب.

هوامش:
ــ الجنس من الأسطورة إلى العلم / إ ـ س ـ كون / ترجمة : د. منير شحود
ـ الجنس في أديان العالم / جيفري بارندر / ترجمة : نور الدين البهلول


* عن الف
 
الجنس .. ( الذئب اللطيف )، اللذة العمياء
3/2
أحمد بغدادي

لقد استطرقنا في الجزء الأول من الدراسة إلى موضع الجنس في المقدسات بعد شرح بضع فقرات هامة عن تداعيات الكتابة في مسألة الجنس لدى بعض المجتمعات الغربية وغيرها، التي تنم عن استهجان وعن نظرات غريبة تجاه الذين تناولوا التحليل النفسي والاجتماعي ( التربوي )، والفيزيولوجي لدى الجماعات والأفراد بخصوص تعاطيهم مع الذئب اللطيف " الجنس " الغريزي أو الآلي.
ذاك الاستهجان نُسِبَ إلى مسؤوليات فردية ليست بالضرورة تعبّر عن التربية والأخلاقيات لدى المجتمع المتنوع أو الأسرة التي تحتضن هذا الفرد، وهذا شيء اعتباطي.

فمن البديهي أن ينظر عوام الناس قديماً أو حديثاً إلى هذه المسألة الشائكة والخطيرة التي يجب التعامل معها بحذر إن خرجَ أحدهم عن الخطوط الحمراء التي وضعت من قبل الدين أو من ناحية تربوية اجتماعية بحتة ــ أعراف وتقاليد ــ أو من الناحية البيولوجية ــ المرضية ــ التي اكتشفت معظمها في وقت متأخّر من عصرنا هذا، كأمراض عصيّة قاتلة ( الأيدز )، أو أمراض أخرى كالسيلان، أو غيرها من أمراض جلدية وأمراض تصيب الجهاز التناسلي عند الطرفين بسبب الممارسة الجنسية غير التقليدية " تعدد الأشخاص "، لمجرد إشباع الرغبة والحرمان الجنسي والنهم الكبير لدى الفرد غير المكترث لما سيؤول إليه مصيره أو مصير غيره.

فإن وضعنا الجنس ضمن تصنيف الأفراد في كل المجتمعات، نجده ذئباً لطيفاً أيضاً دون حضور ممنهج آلي كما يكون ضمن الجماعات أي "بيوت الدعارة والمومسات المأجورات"؛ هنا يصبح الجنس ذئباً شرساً يفتك بالمجتمع أيما كانت تركيباته الاجتماعية الدينية أو الأخلاقية بصرف النظر عن الوعي الثقافي أو التقدم والتطور العلمي.



* إضاءة في المقدس ونقيضه : الجنس المختلف

إن الطرح الديني الذي يسمي الجنس ( الحرام ) على أنه مسمار النعش الأخير ضمن المجتمعات المحافظة أي من الناحية الأخلاقية قبل التديّن المفروض من قبل التشريعات السماوية أو الأرضية من خلال بعض رجالات الدين الذين هم بوصفِ الكثير من المقربين منهم يخترقون تلك القواعد الدينية خفيةً وينجرفون إلى الرذيلة ذاتها " بمسمياتهم "، هو طرحٌ في لغطٌ كبير من حيث المسألة البيولوجية لدى المخلوق العاقل.. " لا يوجد مخلوق عاقل يمارس الجنس على أنه هبة إلهية شُرّعت له فقط، بل توجد رغبة جامحة تسيّر عاطفة العقل لدى الجميع في حالات ضعف يصنعها المخلوق ذاته ".
فالمتعة الجنسية لا تأتي فقط من خلال الاتصال الجسدي بين اثنين، بل تتقسم المتعة إلى خيالات وفكر مقروء من حيث التواصل الجنسي عن طريق الانتقال إلى خيال محض أو عن طريق قراءة مادية أي النظر إلى جسد أنثى عارية أو العكس بالنسبة للأنثى، وهذا شيءٌ مفروغٌ منه حيث الجنس الذهني أو التصويري يجتاح مجتمعاتنا الحديثة والقديمة بالنسبة للإبحار في المخيلة والاستمرار داخل الجنس الحسـّي أو الجنس الرغبوي في حال نضوج الشخص وبدء مرحلة الرجولة والشبق والاقتراب والاغتراب عن هكذا معنى حقيقي حتى الوصول إليه من خلال الاتصال المباشر.

ننظر هنا إلى موضوع جاء في تشريعات أرضية كان امتدادها امتداداً تربوياً لا شكّ فيه من حيث المسؤولية أمام الأخلاق العائلية عند الأفراد والجماعات، وأيضاً عند ذوي الترف من ملوكٍ وأشراف ضمن مجتمعات غربية وعربية تتشارك ذات الفكرة رغم البعد الديني قبل ذلك والثقافي أيضاً.
فعلى سبيل المثال، نجد أن الحقبات القديمة في التاريخ الإسلامي أي الخلفاء وخاصة في الدولة العباسية كانت حقبة براغماتية لم تنجر إلى المسألة الدينية كثيراً؛ حيث اهتمّت بتصريف شؤون الحياة المدنية وحيوات الرعية ومشاكلهم ضمن آليات تتساوى مع عصرهم ولا تعود إلى الطرح الديني في معظم القضايا، وخاصةً في مسألة الفتاوى الشرعية التي تتعلق بالزنى..
فوجود زانٍ يترتب عليه وجود أربعة شهود قد رأوا الفعل بعيونهم جميعاً !
وهذا طَرْقٌ مستحيل، إلا في حالة التنسيق المسبق على أن هناك فعلاً فاحشاً سوف يحصل ولذا يجب تواجد الشهود في المكان ذاته.
ومن بابٍ آخرَ، وجود الخصيان في قصور الخلفاء الذين يرتاحون لتواجدهم بحيث أنّ المسمى يكفي لعدم اشتهائهم لزوجات الخليفة أو للغواني خاصته، أو ما ملكت يمينه كما ينص النص القرآني في السنوات التي كانت قبل الخليفة وتم تجيره على حسب الرغبات الدنيوية الآنية بذريعة الآية القرآنية!!.
إن هذا الطرح يدعو أحياناً للتساؤل الدائم من حيث المقدس والجنس ضمن المجتمعات التي تدعو إلى النزاهة وخاصة الذين يتبعون الديانات ويحكمون من خلالها على المجتمع، ويحاولون إخضاعه للمقدسات والمحرمات التي يستخدمونها عليه ولا تُطبّق عليهم كونهم أصحاب الرسالة والتوجيه ( بنظرهم )،! وكونهم من يملي على المجتمعات والجماعات والفرد الأوامر الدينية وكأنها لم تُقرأ من قبل الرعية أو تُـمارس من حيث الطقوس والتوجيهات.

ومن العادات المعروفة التي توحي عن المسألة الجنسية، هي فصل الأبناء عن بعضهم في مرحلة البلوغ ــ الإناث والذكور ــ وتلك العادات جاءت في المقدسات الدينية المعروفة اجتماعياً وقبلها جاءت" الكونفوشية" 551 ـ 490 ق . م التي توجب كما ذكرنا أعلاه فصل الإناث عن الذكور بداعي الطهارة الروحية قبل الجسدية داخل الأسرة. وفي كتبهم وتوجيهاتهم أن تقسيم البيوت إلى غرفٍ هو من دواعي الطهارة أيضاً، حيث أن للزوج مخدعه وللزوجة مخدعها ضمن الديانة، ولا تستطيع الزوجة استخدام أي شيء يتعلّق بالزوج أثناء غيابه وكذلك الزوج.
وأيضاً ضمن التعاليم " التاوية " تكون الأنثى هي المعلّمة الأولى في تعاليم الجنس والمداعبة على فراش الزوجية ولا تكون تلك الممارسة إلا على ذات الفراش وفق التعاليم والعادات.
وإن التحقير للزوج يأتي من خلال إفراطه في المداعبة الجنسية والحديث الرخيص أثناء المداعبة وهذا ما يدعو إلى الانحلال الأخلاقي والاختلال الجنسي بين الشريكين.

وبينما يأتي الطرح المغاير من حيث تعدد الزوجات أو الكسب بالنسبة للرجل على أن من حقّــه الطبيعي إشباع رغبته الجنسية واستكمال النقص ــ النوع ــ للحفاظ على إرث العائلة دون إهمال الشريك الأول الذي ارتبط به لهذا السبب ولم يحقق له الغاية المرجوة.
فهنا يزداد النشاط الجنسي للرجل في دخوله إلى أكثر من جانب جنسي ( أنثى ) وتنويعه المزاجي بين أمزجة إناث عدّة وأجساد مختلفة " صغيرات .. كبيرات .. وغيرهن، تختلف الواحدة عن الأخرى كما يرى وأيضاً بالنسبة له وعن المألوف لديه.


يقول كونفوشيوس في كتاب الشعائر" the book of Rites " :
لو أنّ الأرض والسماء لم يتزاوجا، لما ولدت عشرات آلاف الأشياء .

***

نهاية الجزء الثاني من الدراسة


* ألف


يتبع ...


هوامش:
ــ الجنس من الأسطورة إلى العلم / إ ـ س ـ كون / ترجمة : د. منير شحود
ـ الجنس في أديان العالم / جيفري بارندر / ترجمة : نور الدين البهلول
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
(3)
تحدثنا في الجزئين السابقين عن العديد من العوامل التي تساعد على انتشار الجنس والتعاطي معه في المقدسات وتمجيده في المجتمعات القديمة، خاصة كما قلنا في مسألة المقدّس عند شعوبٍ وقبائل غابرة تساوى لديها الجنس وطغى أحياناً على الطقوس الدينية والعادات اليومية، لدرجة أنهم خلّدوه في منحوتات معابدهم ومخطوطاتهم وكتاباتهم كالقصص والسير التي تناقلتها الأجيال المهتمّة بهذا الإرث بعدهم، ودأبت على تمحيصه ودراسته وتأليف مئات الكتب التي أوصلت للقارئ العادي في العالم موقع الجنس في المقدس عند تلك الشعوب وقيمته الروحية وموضعه الحسي والمادي.
فالتعاطي مع الجنس على أنه عملية آلية ناتجة عن رغبة من طرفين متفقين، تواصلا جسدياً فقط لتفريغ اللذة، لا يكون سوى تعاطٍ ميكانيكي، لا يرافقه شعور عاطفي، أو انجذاب روحي وحسّي، وهذا ما يكون في أغلب الأحيان " علاقة منفعية "، مبنية على اتفاق مسبق لإقامة العلاقة الجنسية دون وجود كما ذكرنا علاقة غرامية عاطفية تربط الطرفين من قبل. ومن هنا تأتي ظاهرة ( البغاء المنفعي ) الجسدي مقابل المادي ــ النقود ــ أو الجسدي ــ الرغبة ــ مقابل الجسدي.
لذا نرى أن الكثير من المجتمعات انغمست فيها هذه الظاهرة حتى باتت مشاعاً لمن يريد الولوج فيها مقابل الكسب المادي للطرف الآخر وتحقيق اللذة للمحرومين جنسياً أو المدمنين على الجنس كما إدمان السجائر والكحول.

البغاء ظاهرة آلية وليدة القهر والمال :
لا ينكر أحدٌ منا أن هناك حالاتٍ قليلةً في المجتمعات مارست فعل البغاء لمجرد الانحطاط الأخلاقي أو التربوي، ولمجرد إشباع شهوة تفوق المتطلب عند المومس من حيث علاقتها برجل واحد فقط. وهناك أمثلة حيّة في مجتمعاتنا لمن أراد الاستناد عليها بخصوص التشوه الأخلاقي والحاجة المفرطة للجنس دون أي حاجة منفعية أو غيرها تجعل الفتاة تمارس البغاء.
" انحلال الأسرة " .. تلعب الأجواء الأسرية دوراً مهماً في بناء الوعي والتربية الأخلاقية لدى أفرادها، ونجد أن كثيراً من الفتيات اللائي مارسنَ البغاء تعود أسباب دخولهن في هذا العالم إلى تفكك أسري مثل المشاكل العائلية والطلاق، أو إدمان أحد الزوجين على المخدرات أو الكحول وغيرها من العوامل، مثل عدم الاهتمام بتربية الأبناء والانتباه إلى سلوكياتهم وخاصة في مرحلة النضوج وانتقاء الأبناء لأصدقاء يعيشون في بيئة سيئة تعكس كل سلبياتهم على من يخالطونهم إن لم يكن هناك كما ذكرنا وعياً والتزاماً أخلاقياً..
وللحالة المادية داخل الأسرة أيضاً دورٌ كبير أيضاً يجعل الفرد ينحرف عن مبادئه وأخلاقه بسبب حاجته الماسة للمال في بناء ما يطمح له كباقي أبناء جلدته المترفين.
وكما أن معاملة الأنثى ضمن الأسرة، أكانت طفلة صغيرة أم ناضجة معاملة عنيفة تقود في بعض الأحيان في التوجه إلى سلوكيات شاذة دون علم الأهل أو حتى دون وعيٍ للفرد ذاته حتى يجد نفسه منغمساً في الرذيلة بلا خطوط للعودة إلى الوراء.

فبعض المراهقين الذين يعانون من تفكك أسري وعدم اهتمام من قبل ذويهم، ينساقون إلى مشاهدة الأفلام الإباحية التي تغذي لديهم التمرد الجنسي وتطوره إلى ممارسات غير أخلاقية، ممارسات لم يألفوها من قبل كـالـ" سحاق والاستمناء، أو اللواط " وغيرها من أفعال شاذة تهدم داخلهم الشخص السوي، وتقودهم إلى أول طريق الانحراف الحقيقي الذي من خلاله يجدون أنفسهم كما أشرنا في عالمٍ متسخ مكتظ بالأفعال الغريبة وغير السوية (البغاء العلني أو السري).

تفتقر مجتمعاتنا الشرقية إلى تربية جنسية فعّالة منذ الصغر كالمناهج الدراسية أو التوجيهات الأسرية الجنسية بشكل يناسب نضوج الفرد واستيعابه، حتى يصل إلى الأسئلة المشروعة التي يبحث عنها بخصوص وجوده أو وجود غيره وآلية خلقه. وهناك أبحاث كثيرة ودراسات تناولت هذا الأمر المهم واضعة ً بعض أسبابه إلى مسائل دينية قبل المسائل التربوية والأخلاقية؛
ولقد توجّهت الكثير من المعاهد التربوية والمراكز إلى فكرة وضع مادة التربية الجنسية في المناهج الدراسية في الشرق الأوسط، لكن لاقت الصد المباشر في الكثير من الدول العربية التي تُـعتبر ذات مجتمع محافظ غالبيته من المسلمين المتوجسين من هذه الفكرة والذين يرفضونها بتاتاً.

" البغاء المخملي" .. (( تركتُ المنزل بعد طلاقي.. تعرفتُ على نساء ثريات عن طريق صديقة قديمة رايتها صدفةً، جميعهن يركبن سيارات فارهة، ويلبسن الملابس الأوروبية والمجوهرات، ويجلسن في أرقى الأماكن. أعمارهن في العقد الثاني والثالث تقريباً، لمدة ثلاث سنوات وأنا أعمل معهن في الدعارة .. بيوت ضباط .. نساء أزواجهن ضمن مناصب عالية في الدولة، نحن من أجمل النساء نتقل من حضن وزير إلى حضن تاجر ... إلخ.
والآن أمتلك منزلاً جميلاً وسط العاصمة وسيارة وسوبر ماركت صغير.. لو أنني بقيت كما كنت في الماضي ضمن عائلة فقيرة وزوج فقير ومتسلط أيضاً، لما كنت ما عليه الآن)).
قالتها الفتاة أمام أصدقاءٍ لنا، وهي تتبجح، وتتكلم على أنها غير نادمة يوماً من الأيام أن مارست البغاء ودخلت عالماً لم تعرفه من قبل ــ المتعة والمال ــ وهي كما تقول تجربة غنية بكل جوانبها، حيث السلطة واللذة والمال.
وهذا سببٌ من الأسباب الذي يشكل في الجنس عالماً كاملاً من الثراء الفاحش والمعيشة الراقية التي تحلم فيها أية فتاة رمت خلفها الأخلاق والتربية، والمجتمع المحافظ، والعادات والدين.!!

الجنس ذئب فتاك .. الاغتصاب نموذجاً :
تعتبر الأنثى كما نعرف هي المحرك الأساسي للشهوة الجنسية عند الذكر، وميولها إلى عدم الاكتراث بالرجل أو تصنعها ذلك، يجعل منها محط اهتمام دائم لدى الرجل الراغب فيها جسدياً قبل أي رغبة أخرى. فكما نعرف أن المرأة عندما ترتدي لباساً قصيراً أو شفافاً بعض الشيء تصبح مغريةً أكثر بالنسبة للناظرين من الرجال أو المراهقين.. فالجنس ليس بالضرورة كما قلنا في الدراسة السابقة أن يكون مادياً، فهناك جنس حسي لمجرد النظر أو التفكير في جسد الأنثى.

ــ حالات اغتصاب تسببها الأنثى لنفسها
اللباس القصير .. والغنج في مشيتها، عدا عن ذلك جمال الأنثى إن توافرت معه الأخلاق السيئة وعدم الوعي والانضباط الاجتماعي، كله هذا يجعل من الأنثى فريسة متهيئة لمفترسيها. في مثل هذه الظروف التي تتوفر ونزيد على ذلك الحرمان الجنسي عند المُـغتَـصِـب الذي يجعل من جريمة الاغتصاب واقعة بنسبة 80 % وخاصة في المجتمعات التي تعاني من انحلال أخلاقي وتفتقر إلى الضبط الأسري.

ــ التحرش الجنسي
ظاهرة التحرش الجنسي لا تقل خطورة عن الاغتصاب، فالعوامل المذكورة أعلاه في مسألة الإغراء تفضي إلى التحرش بدايةً ومن ثم قد توصل إلى فعل الاغتصاب إن توفرت الشروط المعروفة للمغتصب، ومنها الخطف أو الاعتداء الجنسي المباشر في مكان منزوٍ بعيداً عن أنظار الناس.
فالتجارب الجنسية لدى الطرفان ليست بالضرورة أن تكون حميمية في بعض الأوقات، منها تكون تجربة قاسية أثناء الزواج، كصغر سن الفتاة أو عدم رغبتها بالزوج مما ينعكس على حياتها وحياة الزوج في المعاملة الجنسية ( الإكراه الجنسي )، فهنا يكون الجنس بطعم مرٍّ ما يحوله إلى ذئبٍ يفتك بجسد الأنثى، فتتغير نظرة الأنثى إلى جسدها كنظرة رخيصة، وأيضاً إلى تفاهة الجنس في مثل هذه الحالات.

الأمثلة موجودة في مجتمعاتنا وقد عايشها الكثير أو عرفَ عنها من خلال حوادث مرت في حياته أو حياة نساء كثيرات، عرفنَ واشتهرنَ من خلال تجارة الجسد، وبيع الجنس الذي ليس له رأس مال سوى الجسد الرخيص رغم فتنته وجماله.


ــ هوامش : كتاب البغاء أو الجسد المستباح / فاطمة الزهراء ازرويل

نهاية الجزء الثالث والأخير

* عن موقع ألف لحرية الكشف في الكتابة والانسان
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى