أسعد الجبوري - هيفا وهبي.. نص شهواني جمالي يثير المفرقعات

أسعد الجبوري
هيفا وهبي.. نص شهواني جمالي يثير المفرقعات

ما من جسد دون صاعق حارمتفجر، أو صاعق بارد معطوب بطل مفعوله، فلا يؤثر في لحم الآخر أو يتفجرفيه.
والأجساد تالياً قارات متجاورة متنافرة متضادة متجارفة، منها من يحتمي بالإغراء لغةً للسيطرة على المقابل والغوص فيه إلى حدود التلف أو الذوبان ربما، ومنها ما يخمد فيرتد ليتناقض مع بنيته تحت طائلة طوارئ الجمال أو ينكص بتأثير عوارض أخلاق القباحة.

2
تاريخ الجمال..الاستشهاد في أول القائمة.
ثمة بريد للوصال ما بين العين والجمال. بريد محمول على مذنب اسمه الرغبة. في أوراق المراسلات تلك، يلخص العقلُ أحوال الاضطرابات في بقية مقاطعات الجسم، والناجمة عن مفعول الجمال وتأثيراته. وكأن الجمال بذلك، لا يمكن النظر إليه إلا كمسحوق سحري يُستنشقُ استنشاقاً، لينتقل تدميره الإيجابي أو السلبي عبر موجات التردد السيكولوجي، والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى النشوة الصادمة أو العطب أوالجنون!
التأثير هنا.. يأتي على مقياس الحساسية الإبداعية، لا على درجة الإشباع الجنسي.

3
الأجساد كالغصون.. متى ما يبست، تكسرت.
ثمة جسد تمرد على الآلهة ليكون من غلاة الغواة غريزياً. يقابله جسدٌ استسلم للعصا الطاعة العمياء، فصار جزءاً من تراث السرير. هناك تربية خاصة، مسؤولة عن وضع الكائن البشري.
أحياناً.. نرى المخلوق الآدمي نصاً مقاوماً لمرض الخذلان. نصاً مضاداً لوضع ليس من طبيعته، وضع تشكل من طمي الخوف والقمع وسلطة السيف الشمولي. وتارة نراه جسداً اختار لنفسه العري، ليكون مصدر إثارة، تتجمع حوله الأبواق والإعلانات وتنتصب عليه الأعين انتصاب الرماح.
عالمنا الراهن المُستولى عليه بالغناء والغنج، لا يحتاج إلى أجسام تستهلك طاقاتها برفع الحديد، بقدر ما يتمنى إلى قوة تشريع ولتبرير رفع السيقان، من أجل رفع منسوب الغرائز في المحيط الذي تعيش فيه.
قد يأتي ذلك انتقاماً من بؤس الأوضاع وسوقيتها. فلا أهم من هدم الفساد بمعول الفساد نفسه.

4
صوت المطربة في همس تنهداتها.
حركة المغني المتقدمة راهناً، لا علاقة له بفشل الحركات الأدبية.
الثقافة العربية الرسمية والأهلية في غالبية مؤسساتها وجرائدها الحزبية الداعرة، أكثر قذارة من مدارس البورنو. لأنها ثقافة قتل. ثقافة إزاحة. ثقافة قمع لكل ما هو جميل ولا ينسجم مع وضاعتها وقمليتها الفكرية القائمة على مص الدماء.
وكم من المياه الثقيلة التي ينتجها الكتّاب الجراد أو الشعراء الجراثيم، بالقياس مع وسخ العامة؟
كم من دعارة كتّابية في العالم العربي؟ وكم تبلغ اليوم أعداد المؤلفين سماسرة وبائعي هوى حكومات من المتعاملين بأسواق الوضاعة؟

5
القلب ورقة نقدية لاستعمالات النساء فقط.
هيفا وهبي.. نص شهواني جمالي يثير المفرقعات. نص تحركَ ليحتل عقل الدجاجة وعقل الثور على حد سواء. والعرب الذين تشغلهم اليوم هيفا بصدرها وببقية مقاطعها ومقاطعاتها المختلفة، شعوب من حقها التمتع باللذة عن طريق الاستشعار عن بعد، بعدما فرغت من قضايا الحرب والسلم. الاشتراكيات ومبادئ الديمقراطية. الفساد والوحدة. حقوق الإنسان وحريات الحمير في التعبير. النفط مقابل الحذاء. تحرير الجلد من الدباغة.
ثم.. ليس الهياج بهيفا والتشبث بها وبسواها من رموز عصر التنوير الإيروتيكي، يعكس مناخاً غرائزياً بحتاً، بقدر ما ينظر إليه كمحاولة للتعلق برمز، تعويضاً عن غياب الرموز الكاذبة المتاجرة الطفيلية، تلك التي سقطت. أو الموضوعة على لائحة انتظار التسقيط القادم؟
فالشعوب التي تعجز عن الثورات.. تندفع إلى أنواع كثيرة من صور الانتقام، لتحقيق أحلام الباطن، وإن بأساليب سوريالية، تبعدها عن المقص والكهف والتعذيب.

6
العري.. الفستان الأم للجسد.
الجسد الأيروسي بنية اجتماعية لاهوتية شاملة. فأعلاه مؤلف أول. يحكي عن الداخل والخارج. وأسفله شيطان يكتب عن مكبوتات الأرض القلبية على الرغم من الخوف والنار والصواعق والطوفان والموت والأحلام والنوازع.
فالعرب فحولة حديد. والحديدُ طَرقٌ وتمددٌ ونكاحٌ. استعصاءٌ وتصلبٌ. استخلاص للقوة من الأنس والجن. من الأعشاب والحيوانات. من الجراد وطقوس السحر. من الحقن والفياغرا. من الأبالسة. من الروض العاطر. مادام المهم: كيف يكون وضع العضو. أهو منتصبٌ أم مائلٌ للانحراف. أهو قادرٌ على محاكاة الأنوثة التاريخية في الحفرة المعهودة، أم منهزم بلا حول ولا قوةعلى تخت الكينونة!!
وفي مسائل شحن القضيب وانتصاب الفحولة عمودياً فيه، ربما يختفي الحرام تماماً. أو يجد ما يبرر أفعاله. فشهوة حيّة منتعشة تتوالد إمتاعاً ونسلاً ومؤانسة، أهم من عقل فلسفي لا يلد سوى نظريات لا تسكب ماء على رأس ثعبان داخل فرن.
والعرب نحن.. أول من حول الكتب إلى أسرة للضجع بترجمات السلاطين على مدار سنوات ( الحر ملك ) والقصورالداجنة للرغبات أو بيوت الملذات المخفية.
النساء هنا، أولى ضحايا الجنس الأعمى. الجنس الذي نقل الثعبان تدريجياً من مضارب الرمل النفطي إلى قاع اللحم الأبيض. فما كان إلا التسمم في رحلة الموت.

7
أتدهورُ عاريةً عليه. وكليّ دواليب مشتعلة.
استعادة الكاتب لدور ما في الحياة، لا تتم بمقارعة الموجات الشهوانية، بل يتم أولاً بالقضاء على العادة السرية في أساليب التأليف والكتابة. وأيضاً بالتصالح مع رموز الإغراء. فالغاوية جذر الإبداع حتى الأبد.

8
وجعلنا لك النساء دفاتر تعبير.
ثم.. أليست الأجساد المفخخة بالشهوات.. الأجساد الخارجة عن الأزياء، أكثر إحساناً للبشر من السيارات المفخخة بديناميت الكهوف؟؟


.
 
أعلى