قصة ايروتيكية د. أسرار الجراح ـ حنين الغرباء

ظل"جميل" يراقب شرفة "أماني"، صوّب عينيه تجاهها حتى تسمرتا، لم يخفضهما إلا عندما شاهد الإضاءة الكهربائية تنطفيء، وبحركة بهلوانية نط على مرتفع السور حتى اعتلاه، وهبط تدريجيا وعدا بخفة لتسلق عمود حجري ضخم يحمل فوقه مصطبة مؤدية لشرفة أماني تسلقها بدربة المحترفين، حتى استطاع أن يضع أطراف أصابعه على حواف الشرفة، فمد يده ممسكا بمقبض معدني صلب لسور الشرفة، وخلال ثوان كان بداخلها، طرق على الزجاج طرقات خفيفة فزعت لها "أماني" فأضاءت المصباح الخفيف بجوار السرير وأطرافها ترتعد هلعا وخوفا، فقد ظنت أن هذا الطارق هو عمها المزعوم "أمير" أتى ليقتلها، هرعت باتجاه الباب عازمة على إطلاق صرخة مدوية تهز أركان الفيلا الغارقة في الصمت والظلام، لكنها تبينت ملامح رجل لصيق من قلبها، رجل خطف روحها ذات صباح، وتركها تتخبط بين جنبات الحوائط بلا روح، فغرت فاهها في حال ما بين الفرحة والاندهاش، فاندفعت إليه مرتجفة الأوصال ملقية بجسدها بين يديه، ضمها كما يليق بفارس أتى من آخر الدنيا لينقذ حبيبته الأسيرة، لفحتها أنفاسه الحارة، ودوختها نبضات قلبه الطواف حول مسامها ليرشها برشيش عطره الذي تعشقه، ارتاحت قليلا وهدأ روعها، حتى انتبهت لقبلاته الحارة على وجهها وأنفها وعينيها وشفتيها وجيدها وكتفيها وهبط قليلا مبللا صفحة نهديها الورديين بشفتين ظامئتين، عندئذ انتبهت إلى أنها بملابس النوم الخفيفة، ولا إراديا ضمت يديها على نهديها الذين فرا من مكانهما حتى استويا كرمانتين صغيرتين صلبتين خارج المجال المحدد لإقامتهما الدائمة، أدخلتهما وضمت ثوبها الشفيف عليهما، ذلك الثوب الذي يشف أكثر مما يخفي ويفضح أكثر مما يستر، تراجعت في ذهول صارخة بهمس :
- ما الذي أتى بك إلى مخدعي يا "جميل" في هذه الساعة، وما الذي تريده مني بالضبط, وما العمل لو رأتك "هناء"؟


كانت تواصل تراجعها إلى الخلف، مبتعدة عنه، تتعثر في الأشياء أحيانا، وتتسند على كل ما تصطدم به من أركان أحيانا أخرى، وبين هذا وذاك كان جسمها الناضج البض يهتز ويرتج ويربو مطيرا بتعرقها، وكأنه يتراقص بين أمواج اللذة المرتقبة، وكان الثوب الزهري الشفيف يظهر ما تحته كأبهى ما يكون الجسد الأنثوى الفاتن، وكانت كلما تراجعت خطوة ، كان "جميل" يتقدم إليها خطوة معثرا قدميها بأقدامه، حتى التصقت بالحائط ، فالتصق بها وهو لا يكف عن عضعضتها بقبلاته وبين القبلة والقبلة كان يقول :
- اعذريني يا منية القلب، لم أعد أستطيع الاحتمال أكثر، فأنت لا تدركين حجم احتراقي, أنا أحبك يا حبيبتي، أحب تفاصيل جسمك كله ومسامك وهواءك بكل زفراته، اسمعي صراخ النبضات في قلبي؟ شمي ألا تستنشقين دخان حريقي، انظري ألا ترين جفاف شفتيّ .


كان قد أحكم يديه حولها تماما، وهي كانت تتراخي وتشهق وتختنق، كل ما استطاع أن يخرج من جوفها كلمة واحدة، خرجت مشروخة تائهة خفيفة تكاد لا تخرجها ويكاد لا يسمعها :
- اخرج .
- لا ، لن أخرج
قالها هامسة رقيقة وأردف :
- أنا أعرف أنك تريدينني كما أريدك، وتحبينني كما أحبك، وقلبك يحترق كما حرقت قلبي يا حبيبة قلبي.

وأطبق بشفتيه على شفتيها يعتصرهما و يرتشف معصورهما
كانت يداها قد كفتا تماما عن المقاومة وبدأت تضم بهما عنقه، غير أن الكلمة مازالت عالقة على شفاهها تكررها آليا اخرج، اخرج، اخرج، وفي كل مرة تقولها كانت تطبق عليه بيديها وقلبها وروحها المخطوفة، وكان هو يردد لن أخرج، لن أخرج، لن أخرج، وكانت يداه تعرفان طريقهما جيدا حتى صمت الاثنان تماما عن ترديد الكلام واستسلما نهائيا لوهج الحريق ودخانه، تسللت أصابع يده اليمنى في ظهرها من أعلى الكتفين حتى نهاية سلسلة الظهر، وبدأت تجوس في المنحنى السماوي الآبق لردفين لم يلمسهما إنسي من قبل ، كانت قد غابت تماما عن الوعي، وكأنه سحب روحها لميتة، فرفعها بيديه الاثنتين، ومددها ذائبة إلا من الفرحة، وغائبة إلا من الرعشة، وخائبة إلا من جوع لحنين، بالكاد فتحت عينيها ورأت نفسها في آخر دهليزها الضيق المهجور قابعة بين أخوتها الصغار، وكان أبوها قد عاد لتوه ثملا كعادته فأزاح عن أمها الملاءة، وأطفأ المصباح، بينما " جميل" يلتقم حلمتي نهديها، ويمصهما في تلذذ يرتعش لها بدنها كله، وكانت تنتظر اهتزازات كما للسرير الخشبي المتهالك بأمها وأبيها الذي كان لاهتزازه صرير اعتادت سماعه في الثلث الأخير من الليل عندما يعود أبوها ثملا ليلة الجمعة، وترقبت اهتزاز السرير تحتها هي و"جميل" لكن سريرها ليس له ذاك الصرير، وكأنها تعيش تأوهات أمها الخافتة وغنجها وشهيق أبيها وزفيره، ليعلو صوت أمها وهي تتأوه من اللذة حين كانت هي تتصنع النوم لتراقب هذه الحالة كل أسبوع حتى يخفت صوت أمها تدريجيا، عندئذ كانت يدها تمتد بين فخذيها وتتسلل أصابعها بين شعيراتها النابتة، لتقلد تأوهات أمها ولكن بلا صوت، حتى يبتل ما بين فخذيها فتهدأ أنفاسها بعد جهد اللذة وتخلد لنوم ناعم الانتشاء، عادت لواقعها لتجد "جميل" لا يدع لأصابعها فرصة للتسلل بين فخذيها، كان قد اعتلى فخذيها وسد كل المنافذ إليهما، وحاولت تريد لأصابعها أن تصل إلى سكناها فلم تفلح ولم يفلح "جميل" بدوره أن يمنع تأوهاتها المجروحة الخافتة إلا بقدر ما يضع شفتيه على شفتيها ليطبق على لسانها التائه بين شفتيه، وما أن يرفعهما حتى تطلق آهة خافتة تئن بين النشوة والألم إلى أن فقدت القدرة تماما على الكلام فسكتت، كان "جميل" قد هدأ وبدأ يلملم شعرها ويقبله ويشمه ويمسح بخصلاته وجهه المتعرق، وقبل أن يقوم من فوقها همس في أذنها :
- غدا ستقتلين "هناء"
أجابته بانقياد تام :
- غدا سأقتلها.

لملم ملابسه، وخرج كما أتى، وهي بالكاد وضعت يديها بين فخذيها لتتفقد مياهها، لكنها أحست هذه المرة بإحساس آخر غير ليونة البلل الذي كانت تحسه في بيت أبويها الفقير، كان إحساسا آخر له مذاق العذاب الممتع، والمتعة المعذبة، غير أن يديها كانتا هذه المرة يلفهما دم لم تألفه من قبل، لكنها تعرف ماهيته على وجه اليقين .
همست لنفسها :
- هل هذا هو الحب ، أهكذا يكون، ما أجمله وما أبهاه وما أروع الوقوع بخطيئته .

وراحت تردد بينها وبين نفسها، أغنية ترددها دائما ،" أهكذا الحب؟ " وهي تراقب بقايا ظلال "جميل" وهو يمضي ويتركها وحدها :
أهكذا الحب
تتركني وحيدة ؟
 
أعلى