بوزيد حرزالله - هكذا... شيء بها كالعطش

(1)
هكذا دونما موعد، سكنت هاتفي ذات جني لموسمها
المتأخّر قسرا، وراحت تبدّد في الصمت صفوي، وإذ أسأل
المستميتة في الجبروت الشهي،
تفجر فاتحة للسؤال وخاتمة للكلامْ.

(2)
هكذا شردتني القصيدة، من قال إني سآكل تفاحة الإثم
ثانية وأهيم؟ "أليّتُها" المستبدة ضدّ اشتعال الأنوثة فيها
.. لك الآن أن تُبعثي حرقة، قد أصير سلاما وبردا ومئذنة ونبيذا
ونهر حرامْ.

(3)
هكذا لم أقل كلّ شيء، فشيء بها شدّني للصلاة ولمّا
انتهيت من الذّكر والشعر والخمر شدّت إليها بعشق
تساقط بعض الشرود وشبّ الضرامْ.

(4)
هكذا أسلمتني إلى كونها المتمرّس في الكهنوت ومدّت
يدا خارج الكون والبحر والعمر، أو داخل القهر كالجمر،
قالت: فمن يملك الآن يبصرني داخلي أتنفّس رقصا وأسلم نافلتي للغرامْ.

(5)
هكذا ... فليكن لفضيلة ما يشتهي النهر: جرح الحصى
لحنه المتوقد. ما الماء إن لم يكن عطش لفضيلة كالرمل
لا يرتوي بالبحار جميعا، وأخرج من موجها ظامئا وأقيها الجفافْ.
يا القصيدة هل تقرئين التي سكنتني سنينا عجافْ؟

(6)
هكذا وفضيلة ما راودته، ولكنها خاصمته. وما
ذنبه؟ ظامئا حين زاغ برغبته نحو من أسرجت نهدها،
رصعت جيدها، أوقدت في تضاريس شهوتها ساحة للصراعْ
هكذا ... والفتى ـ ظامئا ـ لم يقاوم ولم يعتذر. قال إن
قميصه قد قُدّ ثم ارتمى بين قبلتها والشفاه الجياعْ.

(7)
هكذا ... حين خرّ صريعا وديعا نمت بين نبضاته زهرة،
كالفراشة ظلت تحوم تمنّت لو امتزجت بالرّحيق وأنفاسه،
ثم ذابت على شفتيه....
أفاق على نشوة كالخرير وجال بدهشته، لم يجدها..
ولكنه باح بالسر: ها إنني ما تمنعت، كنت لظى راغبا في السّعير، وكانت تعيش النزاعْ.


37c4181a569e71f00c6064c3f6239b25.jpg

Pierre-Auguste Renoir
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى