بسمة أحمد صدقي الدجاني - شذرات من أدب الهوى عند بعض أهل الفقه في التراث العربي الإسلامي

ملخص
في تراث الفكر والأدب العربي كتب موسوعية دارت حول محور عاطفة المحبة بكل أشكالها، وكان للفقهاء دور أساسي بتناولهم ظاهرة الهوى على مدار أزمنة طويلة فمنهم من مدحها ومنهم من ذمها، وتنوعت أشكال معالجتهم إياها. وقد ساعد هذا الإنتاج الفكري الغني في تمثل الحياة الاجتماعية وتفهم العلاقات الإنسانية مما كان له أفضل الأثر على المجتمع العربي والإسلامي. والحاجة ضرورية اليوم للاستعانة بهذه المراجع في إحياء الذاكرة الأدبية للأجيال العربية المعاصرة وتسليط الضوء على ما تضمه بعض صفحات أمهات الكتب الأدبية في الحضارة العربية الإسلامية عن ثقافة المحبة في محاولة لتحقيق فائدة ثقافية تعود على أجيال الشباب العربي المعاصر. وهذا ما يسعى إليه هذا البحث مبرزاً الدور المتميز الذي قام به رجال الدين في التوعية الثقافية من زوايا أدبية لمجتمعاتهم في ظل الحضارة العربية الإسلامية.



كنت قد قضيت أعواماً – وأنا أُعِـدُّ أطروحة الدكتوراه – على كتاب مصارع العشاق – الذي حققته لأنال بذلك الدرجة العلمية – حتى صار جزءاً مني وصرتُ جزءاً منه فلازمني. ولما صار ذلك الكتاب الجميل هويتي – التي بها أُعرفُ واصلتُ النظر فيه وأدمت بيننا الصحبة حتى إذا ما مرت تلك السنون جدَّ لي في بعض ما قد كان رأي وفتح الله لي ببعض المداخلات والمراجعات فرأيتُ أن أضم ذلك في بحثٍ، وقد كان أن كتبت هذا البحث فيما أردت أن أقوله ولم أكن قد فعلت فيما يتصل بموضوع أدب الهوى بشكل عام.


حديث الهوى حديث دائم الكينونة مع ما له وما عليه في حياة الإنسانية من جاذبية تلقائية، وقد اقترن في تراث الحضارة العربية الإسلامية بجهد بارز لرجال الفقه والدين بما خصصوه له من ساعاتِ وَعْظـِهم الشـفهي وإنتجاهم الكتابي . فترك فقهاء الأمة الإسلامية على مدار عصور الحضارة العربية الإسلامية روائعا أدبية في شرح عاطفة الهوى وألوانها وما يرتبط بها. وقد يجد أبناء الحضارة العربية الإسلامية المعاصرة أنفسهم في أمس الحاجة اليوم لاستعادة الموروث الفكري، وتسليط الأضواء على تلك الإبداعات الأدبية التي من شأنها توضيح ما يتعلق بكيفية النظر إلى عاطفة الهوى الإنسانية الطبيعية خاصة فيما يدور بين الرجل والمرأة. فاليوم تعيش أجيال الأمة العربية الإسلامية تأثراً بالغاً بالعولمة الثقافية التي يغلب عليها طابع الفكر الخارج عن تراث الحضارة العربية الإسلامية التي كان لها مدلولاتها السلبية على منهج حياة أبنائها في كثير من الأحيان. لذلك فإن العودة إلى تلك المراجع الأدبية قد يساعد في الحفاظ على شكل العلاقة الإنسانية الطبيعي في المجتمع الإسلامي. خاصة وأن سِـرَّ الحياة مقـتـرن باقتران هذين المخلوقين؛ الرجل والمرأة، واقترانهما مقترن بعاطفتهما تجاه بعضهما، ورجال الفقه هم ألزم الناس بتداول ما يحتاج إليه العامة من تفسير فيما يخص أمور الحياة وتجاربهم النفسية والعملية.

وقد تميز إنتاج الفقهاء في ظل الحضارة العربية الإسلامية بشموليته ووضوحه وواقعيته وجاذبيته؛ حيث حفظت صفحات المراجع الأدبية دروساً مهمة وممتعة في تفسير كل ما يحتاج إليه طالب المعرفة في حقل الهوى والمشاعر الإنسانية الغريزية. وقد ازداد حديث الفقهاء في هذا الموضوع غنىً حين اتسعت دولةُ الخلافة وازدهرت حضارةُ الإسلامِ فيها، وشارك فيه العامة والخاصة. وكان أكثر ما دارت حوله كتابات العشق والهوى في كل زمان ومكان تلك الرابطة المقدسة التي خـَصَّها الخالق سبحانه وتعالى بين الرجل والمرأة والمشاعر الإيجابية الأساسية التي بُـنـيـت عليها. قال تعالى: " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " ( الروم آية 21) فالله سبحانه وتعالى يحث عبادَه على التفكر والتأمل في دلالات خلقه وإعجازه فيما سـَوّاه بين الزوجين؛ ذالكما المخلوقين المنفصلين اللذين يرتبطان بالرباط المقدس وما يترتب عليه من مشاعر خاصة بينهما فيصبحان زوجاً ويخلق الله من ارتباطهما ذرية تستمر من خلالها سيرورة الحياة والخلق.

كما أن الاهتمامَ بالدراسات الفقهية في صميمه اهتمام بالعلاقات الاجتماعية وما يترتب عليها من حلالٍ ومُباحٍ ومحظورٍ؛ خاصة وأن أحكام الدين الـمتعلقة بالمرأة تختلف عن الأحكام الـمتعلقة بالرجل في فرائض كثيرة؛ كالصوم والصلاة والحج والملبس، و كل ما يترتب على اختلاف التكوين والدور الأسري والاجتماعي. ولذلك كان الفقهاءُ هم أولى من يقبل على هذا النوع من التأليف بقصد الكشف عن النوازعِ الإنسانيةِ وطبيعةِ العلاقة الخالدة بين الرجل والمرأة، وما ينبغي أن تـُحاط به تلك العلاقة لتسير وفق السبل الـمقبولة في الشرع والمجتمع. هذا علماً بأن لغة علم الفقه ومجالات اختصاصه تستبيح التصريح بالألفاظ والنعوت وشرح الحالات مما لا يُستَباح إلا في علم التشريح وممارسة التطبـيب، وبخاصة فيما يتعلق بطبيعة تكوين كل من المرأة والرجل. فمن الضروري أن يقول الفقيه رأي الشرع بوضوح فيما يتعلق بقضايا الهوى كالنظر ومدى إباحته، واللقيا وتبادل الأحاديث في الأماكن العامة مع البعد عن المعاصي واللمم[1] والمقصود منه، وحكم الشرع فيه، والخلوة التي يرغب بها المحبين ودواعيها وغيرها مما يرتبط بالهوى والعشق والمحبة والتي هي كلها قضايا تنبع من صميم اهتمامات الفقيه [2].

لقد تميزت العلاقة بين الأديان السماوية وعاطفة الهوى بالارتباط الفطري بينهما وقد تجلت في كل العقائد والرسائل السماوية بأن الله محبة، قال تعالى : " ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكـَرَّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون "(الحجرات آية 7) وقال تعالى: " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم " (آل عمران آية 31) وقال تعالى: " وأخرى تـُحـبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين " (الصف آية 13) وقال تعالى: " وأحسنوا إن الله يُحب المحسنين " (البقرة 195) وقال تعالى: " فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يُحب المحسنين " (آل عمران آية 148) وقال تعالى: " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين "(البقرة آية 222) وقال: " والذين آمنوا أشد حـُباً لله " ( البقرة آية 165) وقال: " واتقي فإن الله يحب المتقين " (آل عمران آية 76) وقال: "والله يحب الصابرين " ( آل عمران آية 146) وقال: " فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين " ( آل عمران آية 159) وقال: " إن الله يحب المُقسطين " (المائدة آية 42) كما جاء في كتابه الحكيم أنه سبحانه وتعالى لا يحب المـفـسديـن ولا يحب المـسرفـين ولا يحب الخائـنـين ولا يحب المـستـكـبرين ولا يحب الفـرحين. وقال لسيدنا موسى عليه السلام : "وألقيت عليك محبة مني " ( طه آية 39) وفي أشكال الحب الغريزي قال سبحانه: " زُيـِّن للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب " (آل عمران آية 14)، حتى تجاوز عدد المرات التي ورد فيها جذر كلمة (حَبَّ) في القرآن الكريم الثمانين مما يدل على ما لها من مكانة خاصة.

وهكذا كانت دائماً العلاقة بين الدينِ والحب علاقة فطرية تجلَّت في استخدامِ ألفاظ الحب والهوَى في وصف تلك العلاقة المقدسة بين الإنسان وخالقه بصور عديدة. ولذلك يُعتَبَر الحب ضرباً من العبادة حين يبلغ المحبوب منـزلةً سامية في قلبِ مُحبِّه، كما يبلغ أنقَـَى صورة حين يخلص لواحد دون شريك. فهذه بذاتها " صفات العابد في أعلَى درجاته: عبادة للواحد دون شريك وخروج من هوَى الذات إلى مُطلق طاعته في أمره ونهيه " [3]. وكانت "آلهة الحب" قد احتلت منـزلة بارزة في الديانات الوثنية، تماماً كما احتلَّ الحب أعلَى منـزلة عند الصوفية.

وقد برز كتاب الزَهرة لأبي بكر محمد بن داود الأصبهاني (255-297 هـ /868- 909م) بين الدراسات الأدبية الـمتعمقة في موضوع الحب. ويُعتَبر مؤلفه رائداً في البحث المستفيض عن مفهوم الحب وكاشفاً عن رؤيةٍ خاصةٍ هي جوهر النظرية العربية في الحب. فقد اعتمد أبو بكر محمد الأصبهاني على ثقافته الدينية مع متابعته أقوال الفلاسفة ودراساته الأدبية لتراث الشعر العربي الزاخر في مختلف عصوره؛ إذ قدَّم كتاباً متكاملاً من خمسين باب جميعها في شرح الهوى وأحواله.

كان أبو بكر محمد بن داود من أذكياء العالم على حد قول الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات، وقد ذكر الصفدي حادثة رواها أبو بكر بن أبي الدنيا الذي حضر مجلس محمد بن داود الأصبهاني بعد أن تولى الفتيا وهو في سن مبكرة حيث حفظ القرآن الكريم وله سبع سنين، واشتهر بشاعريته وظرفه إلى جانب تعمقه في الموضوعات الفقهية حتى أن بعضهم لقبه بفقيه العراق، وجاءه رجل فدفع إليه رقعة أخذها الأصبهاني وتأملها طويلاً وظن تلامذته أنها مسألة فقهية، وإذا به يقلبها ويكتب في ظهرها ويدفعها إلى صاحبها، وعند قراءتها عرفوا أنها للشاعر علي ابن العباس المعروف بابن الرومي ( 221 ـ 283 هـ) ومكتوب فيها :

يا ابـن داود يا فقيـه العـراق = أفتنا في قواتل الأحداق
هل عليهن في الجروح قصاص = أم مباح لها دم العشاق؟

وإذا الجواب :

كيف يفتيكم قتيلٌ صريعٌ = بسهام الفراق والاشـتياق
وقتيل التلاق أحسن حالاً = عند داود من قتيل الفراق !

وروى الخطيب البغدادي في كتابه تاريخ بغداد [5/257] أنه سمع أبا بكر محمد بن داود الأصبهاني ينشد:

إذا لم يُقَدّر للفتى ما أراده = أراد الذي يُقضَى له شاء أم أبى[4]

في كتابه الزهرة يَهدي ابن داود القارئَ إلى كيفية الارتقاء بعاطفته والبلوغ بها إلى مستوى روحي رفيع دون أن يتخللها ضعف خلقي أو طمع في لذة، وكأنه يضع تقاليداً وأصولاً للحب بتحقيق متعة التأمل والصبر والكتمان والإخلاص للفكرة . فهذا الفقيه يركز على عاطفة المحب بـمعزل عن المحبوب، ولذلك لا تزيد بالـبر ولا تنقص بالجفاء، وكأنها موقف فكري فردي ينبغي على الـمحب الصادق التزامه بصرف النظر عن موقف الطرف الآخر. وفي شرحه لمرحلة اكتمال تحقق الحب والتي هي جوهر نظريته، يصف حال المحب وحده دون أن يصف حال المحبوب ويحذر من بوح الـمحب للمحبوب بما يكنه له في قلبه، بل يحثه على الكتمان، " لأن المحبوب متى وقع له اليقين استغنى عن التعرف وإذا حصل له الود استغنى عن التآلف وحينئذ يقع الغضب عن غير ذنب والإعراض من غير وجد لسكون القلب الواثق واستظهار المعشوق على العاشق "، وهذه هي أول آفات الحب في تصنيفه [5].

" انتزعته لك من خواطري واخترته من غريب ما اتصل بمسامعي، وهو كتاب سميته كتاب الزهرة واستودعته مائة باب، ضمنته كل باب مائة بيت، اذكر في خمسين بابا منها جهات الهوى وأحكامه وتصاريفه وأحواله، وأذكر في الخمسين الثانية أفانين الشعر الباقية. وقد جعلت الأبواب المنسوبة إلى الغزل من هذا الكتاب أمثالاً ورتبتها على ترتيب الوقوع حالاً فحالاً، فقدمت وصف كون الهوى وأسبابه وبسطت ذكر الأحوال العارضة فيه بعد استحكامه من الهجر والفراق وما توجبه غلبات التشوق والإشفاق، ثم ختمتها بذكر الوفاء بعد الوفاة وبعد أن أتيت على ذكر الوفاء في الحياة، وأجريت ما بين أول الأبواب أوسطها، وما بين أوسطها وآخرها على الـمراتب باباً فباباً لم أقدم مؤخراً ولم أؤخر مقدماً ".

تناول ابن داود قضايا الهوى بترتيبها المنطقي من وجهة نظره وعرضها عرضاً مستوفياً وإن كان قد مر ببعضها مروراً، وبذل جهداً ظاهراً في تقصي الأشعار المرتبطة بالأفكار ووضعها تحت سياق من العناوين الفرعية، فخرجت للقارئ وقد حوت التجربة الإنسانية الخالصة الخاصة بعاطفة المحبة من كافة أطرافها. وكثير من عناوين كتابه سارت فيما بعد مجرى الأمثال.

1 ـ من كثرت لحظاته دامت حسراته
2 ـ العقل عند الهوى أسير والشوق عليهما أمير: ويبدأ في هذا الباب تفصيل درجات العشق، والتي أخذها عنه كل من كتب في الحب بعده: " أول ما يتولد عن النظر والسماع الاستحسان ثم يقوى فيصير مودة، والمودة سبب الإرادة، فمن ود إنساناً ود أن يكون له خلاً، ومن ود غرضاً ود أن يكون له ملكاً. ثم تقوى المودة فتصير محبة، والمحبة سببٌ للطاعة. ثم تقوى المحبة فتصير خلة والخلة بين الآدميين أن تكون محبة أحدهما قد تمكنت من صاحبه حتى أسقطت السرائر بينهما فصار متخللاً لسرائره ومطلعاً على ضمائره. ثم تقوى الخلة فتوجب الهوى، والهوى اسم لانحطاط المحب في محاب المحبوب، وفي التوصل إليه بغير تمالك ولا ترتيب " !
3 ـ من تداوى بدائه لـم يصل إلى شفائه
4 ـ ليس بلبـيب من لم يصف ما به لطبيب
5 ـ إذا صح الظفر وقعت الغير
6 ـ التذلل للحبيب من شيم الأديب
7 ـ من طال سروره قصرت شهوره
8 ـ من كان ظريفاً فليكن عفيفاً
9 ـ ليس من الظرف امتهان الحبـيب بالوصف
10 ـ سوء الظن من شدة الضن
11 ـ من وفى له الحبيب هان عليه الرقيب
12 ـ مَنْ مُنِعَ من كثير الوصال قنع بـقليل الـنوال
13 ـ من حُجب من الأحباب تذلل للحُجاب
14- مَنْ مُنع مِنَ الوصول اقتصر على الرسول
15 ـ من أحبه أحبابه وَشَى به أترابه
16 ـ من لـم يُعاتِب على الزِّلَةِ فليس بحافظ للخلة
17 ـ من عاتب على كل ذنب أخاه فخليق أن يمله ويقلاه
18 ـ بُعدُ القلوب على قرب الـمزار أشد من بعد الديار من الديار
19ـ ما عتب من اغتـفر ولا أذنـب من اعتذر
20 ـ إذا ظهر الغدر سهل الهجر
21 ـ من راعه الفراق، ملكه الاشـتياق
22 ـ قلَّ من سلا إلا غلبه الهوى
23 ـ من غلبه هواه على الصبر، صبر لـمن يـهواه على الغدر
24 ـ من تجلد على النوى، فقد تعرض للبلا
25 ـ في الوداع قبل الفراق بلاغ إلى التلاق
26 ـ ما خُلِقَ الفراق إلا لتعذيب العشاق
27 ـ من غاب قرينه، كثر حنـينه
28 ـ من لم يلحق بالحُمول[6]، بكى على الطلول
29 ـ من قصر عن مصاحبة الجار، لم ينفعه مساءلة الدار
30 ـ من مُنِعَ من البَراح[7]، تشوق بالرياح
31 ـ في لوامع البروق، أنسٌ للمستوحش الـمشوق
32 ـ في تلهب النيران، أنسٌ للمدنف الحيران
33 ـ في نوح الحمام، أنسٌ للمنفرد الـمستهام
34 ـ من امتحن بالـمفارقة والـهجر، اشتغل فكره بالعِيافة[8] والزجر
35 ـ في حنين البعير الـمفارق، أنسٌ لكل صبٍ وامق
36 ـ من فاته الوصال، نعشه الخيال
37 ـ من مُنِعَ من النظر، استأنس بالأثر
38 ـ من حُجِبَ عن الأثر، تعلل بالذكر
39 ـ مسامرة الأوهام والأماني، سبب لتمام العجز والتواني
40 ـ من قصر نومه، طال لـيله
41 ـ من غُلب عزاه، كثر بكاه
42 ـ نُحول الـجسد، من دلائل الكمد
43 ـ طريق الصبر بعـيد، وكتمان الـحب شديد
44 ـ من غُلب صبره، ظهر سره
45 ـ من لم يقع له الهوى باكتساب، لم ينـزجر بالعتـاب
46 ـ من قدُم هـواه، قوي أسـاه
47 ـ من شابت ذوائـبه، جفاه حبائـبه
48 ـ من يـئس ممن هواه، فلم يلتـفت من وقته سلاه
49 ـ لا يُعرف الـمقيم على العهد إلا عند فراق أو صد
50 ـ قليل الوفاء بعد الوفاة، أجلّ من كثـيره وقت الحـياة

ويختم ابن داود أبوابه قائلاً: " إنما قدمت أبواب الغزل منها ديناً ودنيا، ومما هو أدعى إلى مصالح النفس وأدخل في باب التقوى، لأن مذهب الشعراء أن تجعل التشبيب في صدر كلامها مقدمة لـما تحاوله في خطابها، حتى أن الشعر الذي لا تشبيب له ليلقب بالحصى، وتسمى القصيدة منه البتراء، وإن قائلها ليخرج عند أهل العلم بالأشعار عند عمل يدخل فيه الموصوفون بالاقتدار والمنسوبون إلى حسن الاختيار فأحببتُ أن لا أخرج في تأليف الشعر عن مذهب الشعراء دليلاً عما ضمنت من رعاية حقوق المشاكلة [9] ".

لقد نجح ابن داود في دراسته موضوع العشق في تغطيته جميع الزوايا وتفصيل الأوجه التي لابد من أن يمر بها العاشـق الصادق بأسلوب مبسط وممتع مع احتوائه الشرح العلمي الطبي الدقيق وتقديمه الدراسات الطبية التي تساعد القارئ العام على استيعاب التغيرات الفسيولوجية والنفسية التي تطرأ على شخص العاشق منذ اللحظة الأولى وحتى يستولي عليه الأمر. كما شرح ابن داود قضية الهوى من وجهة النظر الفلسفية التي تساعد على استيعاب الـمنطق في فهم سر الجاذبية بين العاشق والمعشوق. وحرص فقيه العراق على تقديم الأحاديث الدينية التي تساعد في إضفاء الروح المقدسة على علاقة المحب بمحبوبه. هذا بالإضافة إلى تقديمه ثروة شعرية عميقة في هذا المحور تغني من يقرؤها وتجعله يتعايش مع جميع حالات العشاق ويتفهم أحوالهم المختلفة. فأصبح الكتاب ومؤلفه مرجعاً أساسياً لكل من يحب ويقرأ في الحب .

* أما كتاب عطف الألف الـمألوف على اللام الـمعطوف لأبي الحسن علي بن محمد الديلمي (المتوفى عام 371 هـ/980 م)، فهو من بين أدق ما وصل إلينا في تراثنا العربي الخصب عن دراسة عاطفة الحب. واشتهر هذا الكتاب بكونه أول كتابات الـمتصوفين في هذا الموضوع.

يبدأ الديلمي بذكر غرضه من تأليف الكتاب، فيقول:" إنا وجدنا المحبة أشهر حال وأعلاها فيما بين الناس من الخاص والعام، والجاهل والعالم، والشريف والدنيء، والفاضل والخسيس، ولهذه الجهة كثرت شبهتها وعظم تزويرها وظهر فسادها عند أهلها من تمويه المموهين بها ومخاريق الداخلين فيها، وتزوير المدعين لها.. حتى خفي حقها في باطلها وحسنها في قبيحها، وحقيقتها في مجازها !! حتى لم يتميز البعض عن بعضها ! فأردنا أن نجمع آراء الفضلاء وحكمة الحكماء، وأقاويل العلماء، وإشارات أهل القرب، وعبارات أهل المعرفة، ورموز أهل التوحيد بها وفيها. فقصدنا شرح بيانها وكشف غامضها بأن نذكر أسبابها ودواعيها واشتقاق اسمها، وتفسير معناها، وأصلها ومبدأها، ونفسها وماهيتها وصفتها وأفعالها وشواهدها، ومحمودها ومذمومها، وما ينسب إلى الله منها، وما ينسب إلى العبد منها، وفضيلتها في نفسها، ومن مدحها وذمها، والإلهي منها والطبيعي منها. وأردفنا كل باب منها بحكاية مكتوبة تدل على صحتها أو فسادها بألفاظ أهل العلم فيها وجوابات الفقهاء والـمتكلمين، والصوفية والـمتفلسفين.. ليعرف الـمتأمل في كتابنا كل ذلك ويفصل بينهما "

- هل يجوز إطلاق العشق على الله ؟ يقول الديلمي إنه وجد شيوخه مختلفين في مسألة جواز العشق فمنهم من أنكره ومنهم من أجازه. وممن جوز ذلك أصحاب عبد الواحد بن زيد، وأهل دمشق قاطبة، وأبو يزيد البسطامي، وأبو القاسم الجنيد، والحسين بن منصور(الحلاج) وأما شيخه عبد الله بن خفيف رحمه الله فقد كان ينكر ذلك زماناً حتى وقعت إليه مسألة لأبي القاسم الجنيد في العشق ذكر فيها معنى العشق واشتقاقه وماهيته، فقال به ورجع عن إنكاره وجوَّزه وصنف فيه مسألة. يقول الديلمي:" إن المحبة التي يتحاب بها المحبون خمسة أنواع لخمسة أصناف: نوع إلهي لأهل التوحيد، ونوع عقلي لأهل المعرفة، ونوع روحاني لخواص الناس، ونوع طبيعي لعامة الناس، ونوع بهيمي لرذال الناس ". وقد وجد جملة أسباب المحبة ودواعيها أشياء ثلاثة: أولها معنى أبداه الحق تعالى إلى هذا العالم سماه حُسْناً، وأبدى شخصاً فألبسه ذلك المعنى فسماه حَسَناً، فأراد الله تعالى أن يُظهر معاني يقابل بها هذه المعاني ليُظهر بهما سره فيها، فأبدى المستحسن فقابله به، فأظهر من استحسانه حُباً فألبسه المستحسن فصار مُـحِباً، فقابل عند ذلك الحب الحُسْن، وقابل المستحسِن وهو المحبوب.

- في أصل المحبة ومبدئها، وهي ستة فصول: فصل في قول الأطباء، وفصل في قول المتكلمين، وفصل في قول الصوفية، وفصل في قول المنجمين: يحكي الديلمي أنه قرأ في كتابٍ لأبي معشر يحكي عن شخص سأل ابن الطبري عن حال العشق وكيفيته، فقال إن الفلاسفة اختلفوا في إيضاحه والإخبار عنه، غير أن طيقروس حكى عن والطس أن أرطيس الفلكي حدثه أن المهيج للعشق من النجوم زحل وعطارد والزهرة جميعاً اشتركوا في أصل المولد، فزحل يهيئ الفكر والتمني والطمع والهيمان والأحزان والجنون والوسواس، وعطارد يهيئ قول الشعر ونظم الرسائل والكلام والمعرفة، والزهرة تهيئ الحب والرقة والرطوبة التي تميل إلى الشبق والغلمة.

فصل فيما ذهب إليه صاحب الكتاب من القول: " غرضنا تصحيح التوحيد لا غير، فإن أردت أن تعتبر اتحاد المحب والمحبوب والمحبة، فتأمل هجاء الألف التي هي صورتها "ألف" فإذا قسمتها قلت ألِفَ أي أحب وهو المحب، ثم قلت إلْف وهو المحبوب، ثم قلت ألّفَ وهو فعل الله عز وجل بينهما وهي المحبة. فقد أعطاك صورة الألف في حد المعروف وموضع الانقسام وهو الحد الثالث معنى الـمحب فالـمحبوب والحب في الصورة الواحدة، والصورة الواحدة أعطتك في المعقول معنى الثلاثة ".

- في نفس الـمحبة وماهيتها، وهي أربعة فصول: فصل في قول الفلاسفة، وفصل في قول المتكلمين: " سُئِلَ علي بن منصور عن العشق فقال: داء لطيف المذاق يمتزج بالنفس فيخامرها ويتمشى في الأرواح فيفيض فيها. وقال هشام بن الحكم: العشق حباله نصبها الدهر ولا يصيد بها إلا أهل التخالص والتحاب، وإذا علق العاشق في شبكتها ونشب بين أنيابها، فأبعد من أن يفوز سليماً أو يتخلص وشيكاً. وفصل في قول الصوفية: سُئِلَ بندار بن الحسين عن المحبة فقال: جند من جنود الله لا تدرك غايتها ولا يشهد غورها، لأنها تحرق محلها وتذيب صاحبها، وتجمع المحب إلى محبوبه فما بقي من المحب حكم فله وصف، فإذا بطل حكمه لقهر المحبة ووصف حينئذ سكرته، والحب سطوته والمحبوب له تجمعه وقدرته وفعله. وقيل أوحى الله تعالى إلى داود صلوات الله عليه فقال: " يا داود محبتي هي الدليل علي ". وفصل فيما ذهب إليه مؤلف الكتاب من القول " .

- في صفة الـمحبة الـمحمودة، وهو أربعة فصول: فصل في قول الفقهاء وأهل العلم: قال الديلمي رُفعت قصة إلى محمد بن سيرين وفيها:
يا ابن سيرين أبرني من سقامي = وبفتواك داوني من غرامي
هُـمْتُ لولا الـمُنى لصيرني العشـ = قُ سليبَ الفؤادِ حلف الهوام
أنا صبٌ لأحسن الناس وجهاً = هل عليّ في ضمّه من ملامِ

فأجاب:
علل النفس التصبر عما = حظر الله تحظ عند الكرام
سل محبيك أن يواصلك الدهـ = ر ففي وصله شفاء السقام
ضمة في الهوى لحب ألوفٍ = هي خيرُ من حجة كل عامِ
أنتَ فيما ذكرتَ أفضل ممن = هو في زهده بأعلى لُكّام

وفصل في قول العرب، وفصل في قول الصوفية، وفصل فيما ذهب إليه مؤلف الكتاب من القول.

- في شواهد مـحبة الله لعبده، وهو عشرة فصول.
- في شواهد مـحبة العبد لله، وهو عشرة فصول.
- في شواهد الـمتحابين في الله، وهو عشرة فصول.
- في ذكر مـحبة الخواص من المؤمنين، فصل واحد.
- في ذكر مـحبة عامة المسلمين، فصل واحد.
- في ذكر مـحبة كل ذي روح، فصل واحد.
- في معنى قولنا شاهد ما معناه، فصل واحد.
- في ذكر حد كمالها، فصلان: فصل في قول الفلاسفة، وفصل في قول الصوفية.
- في ذكر من مات عشقاً، فصلان: فصل في قول الفلاسفة، وفصل في قول العشاق.
- فيمن قتل نفسه عشقاً، فصل واحد.
- في موت الـمحبين الإلهيين، وهم ثلاثة صنوف: صنفان من الأنبياء، وصنف من الأولياء، وهو آخر الأبواب والفصول.

* ثم يأتي كتاب عقلاء المجانين لأبي القاسم الحسن بن محمد ابن حبيب النيسابوري (المتوفى عام 406 هـ) من ضمن سلسلة الكتب المتناولة لهذا الموضوع. قال ياقوت: ذكره عبد الغافر فقال: إمام عصره في معاني القراآت وعلومها، وقد صنف التفسير المشهور به، وكان أديباً نحوياً عارفاً بالمغازي والقصص والسير، وكان يدرس لأهل التحقيق، ويعظ العوام، وانتشر عنه بنيسابور العلم الكثير، وسارت تصانيفه في الآفاق. وكان الثعالبي من أخص تلاميذه. وقد ذكر كل من الصفدي والسيوطي وابن العماد والذهبي بأنه قال الشعر، وصنف في الآداب.

يُعرِّف هذا الفقيه أصل الجنون وأسماءه في اللغة ويقدم ضروب المجانين، والذي منهم "العاشق" الذي تيمه الحب فأجنه ! وفي فصل آخر يروي قصة مجنون ليلى، ويأتي بالقصائد الشعرية المرتبطة بهما. ثم يختم فصوله بقصة أديب عاشق.

* يفعل اسم ابن حزم الأندلسي فعله بين جميع هذه الأسماء، فقد شهد كل من أقبل على القراءة في كل ما كُتب في عاطفة المحبة في الآداب العربية والأجنبية ما لكتاب طوق الحمامة في الألفة والألاف من مكانة عليا، تماماً كما وصفه البعض أنه بين الكُتب كطوق الحمامة للحمامة.

كان أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ( 384 هـ/ 994 م - 456 هـ/ 1064م) فقيهاً وفيلسوفاً من أبرز أبناء عصره. عالم الأندلس في عصره وأحد أئمة الإسلام حيث كان في الأندلس خلق كثير ينتسبون إلى مذهبه، يقال لهم " الحزمية ". أشهر مصنفاته: "الفصل في الملل والأهواء والنحل " و"المحلى " في 11 جزءاً في الفقه، و" الإحكام لأصول الأحكام " و" مداواة النفوس " رسالة في الأخلاق .

وقد نجح ابن حزم واستطاع أن يتميز عن ذلك الجمع من الأدباء العرب والفقهاء المسلمين بأسلوبه العلمي المباشر. فهو وإن كان قد قدم في كتابه هذا فكرة رئيسية سبق وأن عولجت مرات عديدة، إلا أنه " فاق من سبقه وكتب في الحب بدقة منهجه، وتسلسل أفكاره، وترابط بحثه، ورقة حسه، وبعد غوصه "[10] . " فقد حقق في كتابه من التوازن الدقيق ما عجزت عنه كتب أخرى سبقته أو لحقته في موضوع الحب، خاصة في ثلاثة محاور أساسية، أولها التوازن بين الذات والغير، والثاني التوازن بين حاجات الجسد وتطلعات الروح. والثالث التوازن بين رعاية الواقع المباشر وتجاوز هذا الواقع بشيء من التأمل الفلسفي "[11]. " فاعتماد ابن حزم في الطوق على الفلسفة ونصوص القرآن والحديث والمأثور من أقوال الصالحين، واعتماده كذلك على الاستقراء والتتبع نتيجة ملاحظاته ومشاهداته، جعل الطوق تسجيلاً لمظاهر السلوك البشري، يحاول من خلاله رد الظواهر إلى بواعثها النفسية للكشف عن النواميس التي تُـسَيِّـرُ الإنسان في عواطفه نحو الجمال".[12]

يبدأ ابن حزم كتابه بمقدمة مفسرة لتوجهه في خوض غمار هذا الموضوع، وبتوجيهها كرسالة يرد فيها على أعز صديق له مستجيباً لطلبه :" و كلفتني أعزك الله أن أصنف لك رسالة في صفة الحب وأسبابه وأعراضه وما يقع فيه وله على سبيل الحقيقة ". ومع ذلك فإن العنوان الذي اختاره لرسالته هو: في الألفة والألاف، وهذا يعني كما سجل د.إحسان عباس أنه تجاوز ما كلفه به الصديق لأن "الألفة" كلمة أعم من "الحب"، وهي تتوافق مع الحديث الشريف عن الأرواح: "فما توافق منها ائتلف"، وهذه العمومية تجعله يخرج أحياناً في أمثلته التي يوردها من دائرة العشق.

يسجل ابن حزم حاجات الجسد بلا تحرج ويعتبرها صورة من صور الحب أو طريقاً إليه، كما يسجل حاجات الجسد الشاذة التي تنحرف عن نداء الطبيعة السوية بالتزام في الألفاظ والأسلوب يفرضه عليه شخصية الفقيه التي لم تفارقه في ثنايا كتابه، وقد امتزج فقهها بقدر من الفلسفة يستدعيه الموضوع، ويتمثل ذلك في تصوره لأسباب الحب وأطواره وعلاماته وآفاته فيقترب من إطار النظرية العامة في الحب العفيف العذري.[13] ولكن مراعاة لـمنهج ابن حزم التجريـبي ونزعته الواقعية لم يتفق مع ابن داود في أن "العفة تكتسب من عاطفة المحبة ذاتها، بل يؤكد أن المحب محتاج دائماً إلى مجاهدة نفسه ومقاومة هواه حتى لا يغلبه على أمره، وإلا أحاط به الهلاك واستحق العقاب. أي أن المحبة في ذاتها ليست وصمة يعاب بها الإنسان، ولكن الحكم عليها في النهاية مرهون بسلوك صاحبها وأخلاقه. فالإنسان لا يملك قلبه عن الـميل والاستحسان، ولكنه يملك حركات جوارحه المكتسبة، ولذلك يعاب الإنسان بإسفافه أو دناءة خلقه ".[14]

يفتتح ابن حزم أبواب كتابه بتعريف ماهية الحب وعلاماته ويليه التحدث عمن أحب في النوم، ومن أحب بالوصف ومن أحب من نظرة واحدة ومن لا يحب إلا مع المطاولة ومن أحب صفة لم يستحسن بعدها غيرها مما يخالفها، ثم التعريض بالقول والإشارة بالعين والـمراسلة والسفير وطي السر والإذاعة والطاعة والـمخالفة والعاذل والـمساعد من الإخوان والرقيب والواشي والوصل والهجر والوفاء والغدر والبين والقنوع والضنى والسلو والـموت وقبح الـمعصية وفضل التعفـف.

* وعودة إلى المشرق العربي حيث ظهر كتاب لوامع أنوار القلوب في جمع أسرار المحب والمحبوب لأبي المعالي عبد العزيز "عزيزي" بن عبد الملك بن منصور الجبلي المعروف بشيلد أو شيذله ( المتوفى عام 494 هـ ). ذُكر في كتاب "شذرات الذهب في أخبار من ذهب" أنه كان فقيهاً شافعياً فاضلاً واعظاً ماهراً، فصيح اللسان، حلو العبارة، كثير المحفوظات، صنف في الفقه وأصول الدين والوعظ، وجمع كثيراً من أشعار العرب. تولى القضاء بمدينة بغداد. قال عنه الزركلي أنه من أهل جيلان، ومن كتبه: البرهان في مشكلات القرآن، ديوان الأنس: حديث ومواعظ. وزيد عليها في كتاب هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار الـمصنفين: كتاب مصارع العشاق في شارع الأشواق، وأنه دفن في بغداد.

يقول قاضي القضاة أبو المعالي في مقدمة كتابه: لوامع أنوار القلوب في جوامع أسرار المحب والمحبوب: "إن أَرَقَّ الخطاب وقعاً وأدق الرسالة والكتاب وضعاً ما صدر عن صحيح صفاء القلوب، وظهر عن صدق أوصاف المحب والمحبوب، لأن الأشجان تملي على البيان بيانه، والدموع تمد المداد ألوانه فتهيج عن غيوب القلوب نتائج العشاق، وتهيم في هواء الهوى ارتياح المشتاق. فلذلك كتبت هذه الرسالة إلى كافة المتيمين، وأوضحت لهم منازل المحبة على ألسن المحبين الواجدين.. وأسستها على عشرة أبواب مشتملة صفات المحبة والمحبين ووشحتها ببعض حكايات الأوائل منهم والـمتأخرين لـما روي عن الجنيد رحمه الله أنه قال الحكايات جند من جنود الله تعالى تقوم بها أحوال الـمؤيدين، ويحيى بها معالم أسرار قلوب العارفين، ويهيج بها هواجس خواطر المحبين ".

1- في أحوال قلوب الـمحبين، وصفات أسرار الـمتيمين
2- في فصول الـمحبة ومعانيها وأقوال الـمحققين واختلافهم فيها
3- في ذكر الأخبار والآثار في أحوال الـمحبين في الاختيار والاضطرار
4- في معنى الـمحبة عند الأصوليين وحدودها على ألسنة الـمحققين
5- في اشتقاق الـمحبة عند العرب العرباء على أصول اللغويين والأدباء
6- في أساس الـمحبة وصفاتها واختلاف أصحابها في طبقاتها
7- في حقيقة الـمحبة عند الواجدين بعبارات العاملين المدققين
8- في شروط الـمحبة وأركانها وأدلها من كتاب الله وبرهانها
9- في اختلاف أحوال الـمحبة وأساسها وبيان أربابها في سائر أجناسها: فأولها الألفة ثم الصداقة ثم المودة ثم الهوى ثم الشغف ثم العشق ثم الخلة ثم المحبة ثم التتيم ثم الوله.
10- في الاعتذار إلى ذوي الألباب من التقصير الواقع من مصنف هذا الكتاب.

إن هذه المخطوطة تتناول عاطفة المحبة شرحاً وتفصيلاً، ولكنها تركز أساساً على الناحية الصوفية منها. وتشرح من خلال السرد الواقعي لروايات المتصوفين والمتصوفات مفهوم الحب بشكل عام وطبيعي تلقائي صادق، فتفرد أبواباً لتفسير المعنى اللغوي والدلالات الشعرية، كما تذكر قصص أشهر العشاق في التاريخ العربي، وأغلبها قصص حقيقي ولا تميل إلى جانب الحكايات الخيالية.

* كتاب " ذم الهوى " للشيخ الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي (508 - 597 هـ ) علامة عصره في التاريخ وإمام وقته في الحديث وصناعة الوعظ في مكة وبغداد، له نحو ثلاثمئة مصنف، منها: فنون الأفنان في عيون علوم القرآن " و " المنتظم في تاريخ الملوك والأمم " و" الضعفاء والمتروكين " في رجال الحديث و " المنهل العذب " في الوعظ و " نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر " في التفسير.

يفسر ابن الجوزي في مقدمة كتابه هذا سبب إقدامه على خوض غمار الكتابة في موضوع الهوى استجابة منه لطلب عاشق فتنازل رغبة في مساعدته وعملاً بدور الفقيه الذي يحاول تبيين الطرق لعامة الناس والبعد بهم عما نهى الله سبحانه وتعالى عنه بسبل مشوقة وقدم مادة غنية في خمسين باباً تضمن محتواها شرحاً لعاطفة الهوى ودواعيها وتحليلا متسلسلاً للعشق وذكر حالات العشاق وقصصهم آخذاً عن كتب من سبقه من الفقهاء والأدباء في الكتابة عن الموضوع، مثل:

- في ذم الشهوات
- في أهمية مجاهدة النفس ومحاسبتها
- في الأمر بغض البصر
- في التحذير من المعاصي وقبح أثرها
- في التحذير من عقوبة المثلي والشواذ من الناس في الدنيا والآخرة
- في الحث على النكاح
- في ماهية العشق وحقيقته
- فيمن ضربت به الأمثال من العشاق
- في آفات العشق من المرض والضنى والجنون
- في قصص مصارع العشاق وملاقاتهم لحتفهم

أورد ابن الجوزي الأحاديث النبوية الشريفة المتماشية مع الفكرة التي يعرضها ليثبت بها رأيه، حاثاً القارئ على العفة والتزام الأخلاق في مواعظ ووصايا تفيد كل من يتأملها ويفهمها ويعمل بها. وإن كان قد اختار عنوانا دالاً على موقف سلبي من عاطفة الهوى بذمه، إلا أن مادة الكتاب حملت صوراً أكثر إشراقاً وعمقاً بشرح مالها وما عليها، بل وتضمنت محتوى مشجعاً لتصوير المجتمع الأفضل بعلاقاته السليمة. وهذا نابع من أن الفقيه ممثل الثقافة الدينية يشعر بخطورة التغير الذي يحدث في السلوك الاجتماعي والحرية التي تكاد تصل إلى الإباحية أحياناً نتيجة لاختلاط الأجناس وضعف الوازع الديني فعليه التنبيه والذي يتمثل غالباً مع العامة بالترهيب من العواقب. فهي سياسة متكررة مع اختلاف الزمان والمكان يتبعها ذوو السلطان والمناصب مع عامة الناس لسهولتها وسيطرتها على العقول والنفوس. ومما أورده ابن الجوزي في كتابه: " كان الرجل يحب الفتاة، فيطوف بدارها حولاً كاملاً يفرح إن رأى من رآها، وإن ظفر منها بمجلس تشاكيا وتناشدا الأشعار، فاليوم يشير إليها، وتشير إليه، فإذا التقيا لم يشكوا حباً، ولم ينشدا شعراً، وقام إليها كأنه أشهد على نكاحها أبا هريرة وأصحابه ". فمن هذا الخبر يتضح أثر اختلاف الزمن والبيئة على السلوك الفردي والاجتماعي وأهمية قيام رجال الدين بالدعوة لإصلاح الوضع وفقاً للشريعة الإسلامية.

* كتاب " منازل الأحباب ومنازه الألباب " للفقيه شهاب الدين محمود بن سليمان الحلبي (644- 725 هـ ) من الكتب التالية المهمة التي تناولت الهوى حيث صرح كاتبه القاضي الحنبلي في مقدمته بأن هدفه تركيز الضوء على إبداع العاشقين من شعر وأدب وإنصافهم بتبيين المضمون الأخلاقي العفيف في إنتاجهم، وأن هناك الكثيرين ممن يحبون ويعشقون وهم ملتزمون بدينهم وحريصون على شرفهم وشرف أحبائهم دون الأخذ بنوازع الشهوات الحسية، وببعدهم عن الفسق والضلال. فمن هذه المقدمة الجميلة يتضح دور المؤلف الفقيه في توعية القراء والعامة من حوله بأن العشق إحساس طبيعي يقع لكثير من الناس بصورته الإيجابية ويصدر عن نفسية رقيقة تمتاز أحياناً كثيرة بالعفة والأخلاق الجميلة.

ويبدأ فصول كتابه بما ورد في فضل المتحابين في الله عز وجل وصفتهم ويتلوه بذكر أحاديث نبوية تحث على التوازن في إظهار المشاعر إيجاباً وسلباً، ثم يسرد أخبار العشاق الذين اشتهروا بعشقهم، وضربت بهم الأمثال في مجتمعاتهم وفي صفحات الكتب الأدبية مركزاً في فصل خاص على ما جاء في قبيلة عذرة من رقة الطباع وسهولة العشق بين أبنائهم. ويستشهد فقيه "منازل الأحباب ومنازه الألباب" بعديد من الأبيات الشعرية في محاور فصوله مثل من علق بأول نظرة وما ورد في عشق الملوك والفرق بينهم وبين الأعراب في إبراز عاطفة الهوى، ثم ماورد في ذكر هوى الصبا والمكانة الخاصة التي يحتلها الحب الأول في حياة المحبين ويلحق الشعر بأقوال الحكماء في هذا المضمار. كما يورد شهاب الدين كلام البلغاء في مدح الهوى والعشق ويركز على ما يترتب على هذه العاطفة النبيلة من علو الهمة، ورياضة النفس، ورقة الطباع، ويلحقها باستعراض وجهة النظر المعاكسة، فيسجل ما جاء في ذم الهوى وتهويل أمره ليصل إلى الفصل الذي يبرز فيه دوره الوعظي في ذكر ما ورد في العفاف وأهميته لرفع شأن المحبين، مع ذكر الأسباب الباعثة على ضرورة الالتزام بالعفة دائماً. ويستفيض هذا القاضي الحنبلي في الجزء الأكبر من فصول كتابه بأخبار أهل الهوى وأشعارهم وقصصهم ومصائرهم نتيجة عشقهم وما لاقوه من الهوى. فيختم كتابه بهذا المحور الرئيسي مدللاً على الاعتراف بعاطفة الحب بين الرجل والمرأة وتقديمها في مكانة عالية بين الأحاسيس الطبيعية الجميلة مع التوعية المستمرة لإظهارها بالشكل المناسب دينياً واجتماعياً. وهكذا يشد الفقيه عامة القراء في محاولة صادقة منه لإنقاذ المحب من نفسه وإدراجه في مكانة عالية بين الناس في مجتمعه بإعمال العقل في الوقت المناسب وبالشكل المناسب. ولهذا ربما علاقة باختياره عنوان كتابه " منازل الأحباب ومنازه الألباب" .

* كتاب " الواضح المبين في ذكر من استشهد من المحبين " للشيخ الإمام العلامة قطب الحفاظ علاء الدين أبي عبد الله مغلطاي ( 690 هـ - 762 هـ ) ( 1291 م – 1361 م ) كتاب آخر لأحد أساتذة الفقه الإسلامي في معالجة عاطفة الهوى بالتركيز على محور ما يواجهه العاشق العفيف بسبب عشقه داعماً لحكاياته وأمثلته بالآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة وأبيات الشعر التي تشرح وتحلل الفكرة ثم مقدماً آراء الفلاسفة والأطباء فيما يصيب العاشق شكلاً ومضموناً. يبدأ الشيخ مغلطاي كتابه بتعريف الهوى من خلال قصص أهل الهوى الموروثة من كتب السابقين له ثم يعرف درجات العشق وأسمائه ويورد حكايات وأبيات شعرية لأشهر الشعراء في عصره لتوضيح الحالة التي يتناولها وإثباتها للعامة للاستفادة من مضمونها.

وقد نظم حكاياته بطريقة مستحدثة عن كتب السابقين له وهي أبواب بحسب الترتيب الأبجدي لرواة الحكايات ومن أخذ عنهم قصص شهداء العشاق. وجلي مدى استفادته واطلاعه الواسع على كتب العشق ومعرفته الواسعة بكُتّـاب هذا اللون الأدبي السابقين له.

* نصل إلى كتاب " روضة المحبين ونزهة المشتاقين " لإمام الجوزية الذي اشتهر بأنه من أركان الإصلاح الإسلامي العالم الفقيه محمد بن أبي بكر شمس الدين، ابن قيم الجوزية (691- 751هـ) تلميذ ورفيق شيخ الإسلام ابن تيمية وقد أمضيا أوقاتاً معاً مسجونان في قلعة دمشق. أبدع ابن القيم في تأليف كتابه هذا وهو صاحب عدد كبير من المؤلفات في الفقه و الشريعة حتى أن هناك من صنف كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين في أعلى مرتبة بين سائر الكتب في الهوى. والظاهر أن السبب وراء ذلك هو إدراك المؤلف للغاية من تأليفه وتيسير شرحها للعامة والخاصة من الناس حيث يقول في مقدمته :" هذا الكتاب يصلح لسائر طبقات الناس، فإن شئت وجدته واعظاً ناصحاً، وإن شئت وجدته بنصيبك من اللذة والشهوة ووصل الحبيب مسامحاً ". كما يصرح ابن القيم في مقدمته أنه وضع هذا الكتاب لعقد الصلح بين الهوى والعقل، فإذا تم عقد الصلح بينهما وهو المبتغى، سهل على العبد محاربة النفس والشيطان ! وهذا تمام الغاية لفقيه يقدم النصح ويبين الطريق المستقيم حين يصعب على سالكيه. فيقدم التعليل الفقهي لتأليفه الكتاب رابطاً المحبة بالحكمة الإلهية لإثارة الهمم السامية والتي بها تم الخلق وفطرت عليها المخلوقات. كما يفسر في سطوره الأولى أصناف المحبين والهوى الذي يقعون فيه. وقد أخرج كتابه في تسعة وعشرين باباً منها:

- أسماء المحبة ثم معانيها فنسبتها
- في أن العالم العلوي والسفلي إنما وجد بالمحبة ولأجلها
- في دواعي المحبة ومتعلقها
- في أحكام النظر والمناظرة بين الفلب والعين، وفي هذه الأبواب يستحضر الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وآراء الفقهاء والطوائف والحجج التي تبيح النظر والرد عليها من جانبه ومن جانب سواه.
- في ذكر حقيقة العشق وأوصافه، وتحليلاته له واختلاف الآراء فيه
- في الحكم بين فريق مادحي العشق وذاميه وفصل النزاع بينهما
- في استحباب تخير الصور الجميلة للوصال الذي يحبه الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم
- دواء المحبين في كمال الوصال لاذي أباحه رب العالمين
- علامات المحبة وشواهدها
- الحرص والتأكيد على أهمية عفاف المحبين مع أحبابهم
- ما يفضي إليه ارتكاب سبل المعصية والحرام من مفاسد وآلام

وهكذا استوفى ابن القيم في كتابه روضة المحبين ونزهة المشتاقين كل ما يتعلق بموضوع المحبة والوجدانيات بين البشر في إخراج منظم وميسر وممتع وسما بها حتى جعلها في مرتبة مقدسة فحقق هدفه منه ليكون بين الكتب التي تصلح لكل زمان ومكان، عون على الدين والدنيا.

لقد كان جهدُ الفقهاء في الحضارة العربية الإسلامية في التعامل مع موضوع الحب - في نظرِ كثيرٍ من النقاد- أكثر وعياً والتحاماً بالواقع الإنساني، وأقوَى تمييزاً لخصائصِ النفسِ العربية في إطار هذا الواقع. وعند رصدِ بعض الباحثين المعاصرين لهذه الجهود ميَّزوا بين مفهومٍ للحب اختصَّ به فقهاء المذهب الظاهري ( كابـن داود وابـن حزم ) ومفهومٍ آخر اختصَّ به فقهاء المذهب الحنبلي ( كابن الجوزي وابن الـقيم )، وعلَّقوا علَى ذلك بأن الظاهرية اهتموا برصد الواقع الأدبي عند ابن داود، والسلوكي عند ابن حزم، في حين اهتم الحنابلة بقضايا الشرع الـمتعلقة بالحب مثل النظر والسماع، وما ينسب للأنبياء والصالحين.

وفي رأي الباحثة جيفن في كتابها Theory of Profane Love Among the Arabs[15] أن ابن القيم بصفةٍ خاصة استطاع أن يُقيمَ صرحاً نظرياً مُتسقاً وتوصل إلى مذهب إسلامي عن العشق، ونجح في ذلك بمعارضته كثيراً من الـنظريات ذات الشعبية الكبيرة الـمنتشرة، وإعادته تفسير كثير من القصص والنوادر والأشعار في دراسات الأدب التي اكتفَى معظم سابقيه بتبويبها تحت عناوين مختلفة. وهي ترَى أن عناصر المادة التي استخدمها ابن القيم برغم ما يبدو عليها من تنافر، تتجه كلها لخدمة معتقداته الدينية والخلقية التي كان من أهمها أن العشق البشري يتحقق بصورة كاملة ويجد أسمى تعبير عنه في الزواج وحده، مع العشق الخالص لوجه الله الذي تجسده الطاعة والتقوَى .

إن إعادة الاطلاع على هذه الإبداعات الأدبية يساعد كثيراً اليوم في شرح ما يترتب على المشاعر العاطفية الطبيعية في هذا العصر المنفتح بين الشباب خاصة مع ما يميز هذه الأعمال من جاذبية وسلاسة ومتعة وعلم أصيل. فالدور الذي قام به أولئك الفقهاء على مدار العصور الإسلامية يستمر بتعميم الفائدة على الأجيال المتتابعة وإنقاذهم من الفتن المنتشرة هنا وهناك بأمتع أسلوب إن وضح لهم السبيل ووجدوا من يهديهم إليها فكما قال الخالق سبحانه وتعالى : " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " ! لا، لا يستوون! فعلى أولي الأمر القيام بدورهم المنوط إليهم كمرشدين للعامة والشباب منهم بخاصة في تهيئة الجو الاجتماعي السليم لنشأة العقول المتزنة وتهذيب النفوس مع متطلبات الطبيعة الإنسانية. والنجاح كبير عندما يجتمع الفقه والعلم حيث يسهل إقناع العامة وقيادتهم تحت لواء الشريعة ويتم تجنب الوقوع في مآس إنسانية نلمسها ونعايشها في المجتمعات من حولنا.



الهوامش



[1] اللمم مقاربة المعصية ، ويعبر عن الصغيرة . قال تعالى : " الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم " سورة النجم آية 32 .
[2] د. محمد حسن عبد الله : الحب في التراث العربي ، ص 36 ، 37.
[3] المصدر نفسه ص 210 .
[4] الزهرة : أبو بكر محمد بن داود الأصبهاني، تحقيق إبراهيم السامرائي، ص 11 .
[5] د. محمد حسن عبد الله، الحب في التراث العربي، ص 60 ، 64.
[6] الحمُول : الهوادج أو الإبل التي عليها الهوادج.
[7] البراح : المكان.
[8] العيافة: الطير، زجرها فتشاءم أو تفاءل بطيرانها.
[9] المشاكلة: المماثلة، الموافقة .
[10]د. زكريا إبراهيم ، مشكلة الحب
[11]د. محمد حسن عبد الله ، الحب في التراث العربي
[12] د.عبد الكريم خليفة - ابن حزم الأندلسي: حياته وأدبه - ص 199 .
[13] المصدر نفسه - ص 93
[14] د.مصطفى عبد الواحد - دراسة الحب في الأدب العربي - ص 250
[15] الحب في التراث العربي ـ ص 258 عن كتاب جيفن في الخاتمة ص 136 .



المراجع

- ابن حزم الأندلسي ، طوق الحمامة في الألفة والألاف، تحقيق د. إحسان عباس، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1993م.
- ابن داود الأصبهاني، أبو بكر، الزهرة، تحقيق د. إبراهيم السامرائي، مكتبة المنار، الأردن، ط2، 1985م.
- ابن قيم الجوزية، روضة المحبين ونزهة المشتاقين، دار الكتب العلمية، بيروت.
- أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي، ذم الهوى ، ضبط أحمد عبد السلام عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1993م.
- أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري، عقلاء المجانين، تعليق وجيه فارس الكيلاني، المطبعة العربية، مصر، 1924م، وطبعة أخرى شرح عبد الأمير مهنا، دار الفكر اللبناني، بيروت، 1990م.
- أبو الحسن علي بن محمد الديلمي ، عطف الألف المألوف على اللام المعطوف، تحقيق ج. ك. فاديه، مطبعة المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية، القاهرة، 1962م.
- أبو المعالي عبد العزيز "عزيزي" بن عبد الملك بن منصور الجبلي المعروف بشيلد، لوامع أنوار القلوب في جمع أسرار المحب والمحبوب،
- شهاب الدين محمود بن سليمان الحلبي، منازه الأحباب ومنازل الألباب، تحقيق د. عبد الرحيم محمد عبد الرحيم، دار المعارف، القاهرة، 1989م.
- أحمد تيمور باشا، الحب والجمال عند العرب، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، القاهرة، 1971م.
- أحمد الطويلي، كتب الحب عند العرب، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت،2001م.
- د. بسمة أحمد صدقي الدجاني، دراسة وتحقيق لكتاب مصارع العشاق لجعفر السراج، رسالة دكتوراه، كلية البنات بجامعة عين شمس، القاهرة، فبراير 1999م.
- د. جودت مدلج، الحب في الأندلس ظاهرة اجتماعية بجذور شرقية ، دار لسان العرب، بيروت، 1985م.
- د. زكريا إبراهيم ، مشكلة الحب ، مكتبة مصر، القاهرة، ط2 ، 1970م.
- صادق جلال العظم، في الحب والحب العذري، منشورات نزار قباني، بيروت، 1968م.
- د. الطاهر أحمد مكي، دراسات عن ابن حزم وكتابه طوق الحمامة، دار المعارف، القاهرة، ط3، 1981م.
- د. عبد الحميد إبراهيم محمد، قصص الحب العربية: أغراضها وتطورها، دار المعارف، القاهرة، 1987م.
- د. عبد الكريم خليفة، ابن حزم الأندلسي حياته وأدبه، مكتبة الأقصى، الأردن.
- لويس أ. غفن، نظرية العشق عند العرب دراسة تاريخية، دار المعارف للطباعة والنشر، تونس 1996م.
- محمد إبراهيم مبروك، موقف الإسلام من الحب: ثورة ضد مادية العصر، مكتبة النور الإسلامية، القاهرة، 1996م.
- محمد أبو زهرة ، ابن حزم : حياته وعصره، آراؤه وفقهه، مكتبة مخيمر، القاهرة، 1954م.
- د. محمد حسن عبد الله، الحب في التراث العربي، مكتبة الدراسات الأدبية 101، دار المعارف، مصر، 1994م.
- د. محمد غنيمي هلال، الحياة العاطفية بين العذرية والصوفية، دار نهضة مصر، القاهرة، 1976م.
- د. مصطفى عبد الواحد، دراسة الحب في الأدب العربي ، مكتبة الدراسات الأدبية 63، دار المعارف، مصر، 1972م.


أستاذ مساعد في مركز اللغات في الجامعة الأردنية
عمان / الأردن

.

صورة مفقودة
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى