أبو عوض الشبامي - الجنس عند الحضارمة قبل الاسلام

كما هو معروف عن معتقدات وديانة الحضارمة قبل الاسلام انها ديانة وثنية ، وللحضارمة معبودات وثنية وآلهة عدة منها الكواكب كالقمر والشمس والزهرة ...الخ وكانت الناس تتقرب لهذه الكواكب وتأدي طقوسا دينية خاصة لها ، وتطلب العفو والمغفرة ، أو تطلب المطر والحماية من الأوراح الشريرة .. ويتم بأداء طقوس خاصة في المعابد المنتشرة في الحواضر الحضرمية القديمة وقد عثر الدارسون الآثاريون على كتابات بالخط المسند ونذور على شكل تماثيل تحاكي البشر والحيوانات كتب عليها اهداء للآلهة من أجل التكفير عن ذنب الزنا ، وجاء اسم ( قحل ) كإسم يشار إليه الى قضيب ( ذكر ) الرجل ، وربما أن بعضا من ابناء حضرموت لازالوا يطلقون كلمة ( قحل ) كأشارة لقضيب الرجل . وكانت المعابد الوثنية في حضرموت تنتشر فيها النسوة ( البغايا المقدسات ) ويطلق عليهن في بقية انحاء جزيرة العرب في العصر الجاهلي ( بنات طارق ) وكما جاء في كتب السير وتاريخ الغزوات كيف استعانت هند بنت عتبة زوجة ابي سفيان بتلك النسوة في غزوة أحد ليحرضن جيش المشركين على المسلمين وكن يرتجزن بقولهن :

( نحن بنات طارق
نمشي على النمارق
إن تقبلوا نعـانق
أو تدبروا نفـارق
فـراق غير وامـق ) .

و كن يهؤلاء البغايا يقمن في المعابد ، وقد سبق للمستشرق هنري لامنس (( أن أشار إلى أنّ الكاهنات كنّ يقمن «قبل الاديان الابراهيمية» بدور دينيّ، كالتنبئ بالغيب بطرق الحصى والتّحريض في الحروب، حيث كنّ يركبن «خيمة الآلهة» أو «القبّة»، ( لربما تشبه القبة التي ركبنها نساء محمد في غزوات محمد)، وإلى أنّهن الموصوفات في القرآن بأنّهنّ ﴿النَفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ ﴾ . وقد وردت الاستعاذة من ﴿النَفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ﴾ في سورة الفلق، في نفس سياق الاستعاذة من شرّ «الغاسق»، أي «نجم الثريّا» حين ينوء على ما تشير التّفاسير ومنها تفسير القرطبيّ مثلا : الجامع لأحكام القرآن، ج 30، ص 352 وفيه: «كانت العرب تقول: الغاسق سقوط الثريّا. وكانت الأسقام والطّواعين تكثر عند وقوعها وترتفع عند طلوعها. ولقائلي هذا القول علّة من أثر عن النّبيّ… فعن أبي هريرة عن النّبيّ ﴿وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إذَا وَقَبَ﴾ قال: النّجمُ الغاسقُ»، وهو ما يستنتج منه أنّ «بنات طارق/النّجم/الثريّا/الغاسق» كنّ المقصودات بهذه الآية، وإلاّ لما كان لارتباط التعوّذ من «النّجم/الثريّا/الغاسق» بالتعوّذ من ﴿النَفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ﴾ أيّ معنى.

وبناء على هذه المعطيات، فإنّه يجوز لنا أن نفترض اعتمادا على القرائن المذكورة والمؤشّرات الأخرى؛ من قبيل اعتقاد العرب أنّ كلّ أنثى بشريّة هي بنت للرّب، وليس أحقّ من الله ببناته في الاعتقاد الجاهليّ كما يشير إليه القرآن [النّحل 57، الزّخرف 19، الطّور 39، النّجم 21]؛ أنّ عبارة «بنات طارق» قد تكون اسما لمن يعرفن عند العرب بـ«بنات الربّ»، بمعنى «بنات نجم الثريّا» الرّامز للمعبودة «العُزَّى/عشتار»، وهو ما يمكن أن يفسّر البعد الجنسيّ في ما يمكن أن نطلق عليه «النّشيد الرّسميّ الخاصّ» بهنّ حين يدعين بلا مواربة إلى الوماق والعناق مهدّدات بالفراق )) . (مما يعني ان الجزيرة العربية كانت مشبعة بالثقافة الدينية السومرية، الامر الذي يفسر وجود الكعبات فيها وإطلاع العرب على الاساطير الدينية لبلاد الرافدين) (للمزيد من التفاصيل راجع " البنات الطارق")

لقد كانت علاقة الكهانة بالبغاء المقدس علاقة واضحة في المجتمع العربي قبل الاسلام ، ولاغرابة أن حرم الإسلام الكهانة ، التي نافست سلطة النبي على النطق بإسم الالهة. والصراع على السلطة، في إطار الحق بالتكلم بأسم الالهة، يفسر دوافع خبر أن بغايا كندة وحضرموت وهنّ ستّ نسوة، اظهروا ما اعتبر شماتة وفرحا بموت النّبيّ صلى الله عليه وسلم. إذ حسب كتب السير والتاريخ الاسلامي أنهن (( خضّبن أيديهنّ وضربن بالدّفوف، فخرج إليهنّ بغايا حضرموت ففعلن كفعلهنّ. وكان اللّواتي اجتمعن إلى النّسوة الستّ نيّفا وعشرين امرأة فكتب رجل من قبيلة حضرموت إلى أبي بكر رضي الله عنه هذه الابيات ينبأه بأمرهن:

أَبْلِغْ أَبَا بَكْـرٍ إذَا مَـا جِئْتَـهُ = أَنَّ البَغَايَا رُمْـنَ كُـلَّ مَـرَامِ
أَظْهَرْنَ مِنْ مَوْتِ النّبيّ شَمَاتَةً = وَخَضَّبْـنَ أَيْدِيهِـنَّ بِالعُـلاَّمِ
فَاقْطَعْ هُدِيتَ أَكُفَّهُنَّ بِصَـارمٍ = كَالبَرْقِ أَوْمَضَ فِي جُفُونِ غَمَامِ

فكتب أبو بكر إلى عامله على كندة المهاجر بن أميّة إن ظفرت بهن فأخذهنّ واقطع أيديهنّ ، ففعل....!!.

جارية يجوز لها ان تكون عارية الصدر

من هذه المقدمة التاريخية نستقرأ أن للبغايا وظيفة معروفة بين القبائل العربية ومنها حضرموت ، وأن هناك بغايا مقدسات وظيفتهن في المعابد ممارسة الكهانة والبغاء، كصورة من صور الخصب المعبرة عن الخلق، والقيام بتحريض الرجال على الصمود عند الحرب . حتى جاء الاسلام ونهى وحرم هذه المهنة من ضمن تحريمه للكهنوتية، (التي عادت على شكل إحتراف العمل الديني)! وقد يظل الحديث عن الجنس عند البعض مؤجلا، وربما حديثا محرما تعوقه أسباب معيقة للعلوم الإنسانية و أخرى معيقة للدراسة التراث والتاريخ بشكل خاص , ولكن إذا سعت المؤسسات الاجتماعية (الأسرة، المدرسة، المسجد ...) إلى ضبط وإخضاع دراسة الجنس من منطق الشرع , والورع , والعفة والعقل. من ثم كانت كل الأمور المرتبطة بالجنس الغير مهذب والأمور المذمومة والمرفوضة منه ولربما ساهمت الى تحرير مفهومنا للجنس ورد الاعتبار له وساهمت في تخلص الكثيرين هنا من قراء السقيفة الى التحرر من العقد الجنسية . والي هؤلاء اذكرهم بقول لإمام الحافظ ابن قتيبة الدينوري, إذ يقول : (( وإذا مرَّ بك حديث فيه إفصاح بـِذكر عورة, أو فـرج, أو وصف فاحشة؛ فلا يحملنك الخشوع - أو التخاشع- على أن تصغـَّر خدَّك, وتعرض بوجهك, فإن أسماء الأعضاء لا تـُؤثم، وإنما المآثم في شتم الأعراض, وقول الزور, والكذب, وأكل لحوم الناس بالغيب.)) ....!

فليقرأوا هذه الحلقات التي فيها إقصاح بذكر ما يسمى العورة أو الفرج وغيره من المصطلحات الجنسية فليس فيها مايؤثم ...، وليكفوا عنا شتم الاعراض وقول الزور فإن في هذا مايؤثمهم ...!!

الجماع (( الباءه )):

الجماع هو الاتصال الجنسي بين الذكر والأنثى ، ويطلق عليه في مصطلح لغة الحضارم (( خقر ، زغيب ، تخنيث )) وبه تحصل اللذة والسرور وتحصل به المقاصد التي وضع من اجلها ، وهي حفظ النسل ودوام النوع الانساني كما يرى ايضا الاطباء ان الجماع من الاسباب التي تحفظ صحة الانسان البدنية والنفسية ويقول المثل الحضرمي (( من لازعب غرم )) أي من ترك الجماع مدة طويلة ضعفت قواه العصبية ووصل به الحال الى الجنون وقد كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يتعاهده ويحبه ويقول (( حبب إلي من دتياكم النساء والطيب وجاء في كتاب (( الزهد للإمام أحمد في هذا الحديث زيادة لطيفة وهي (( اصبر عن الطعام والشراب ولا أصبر عنهن )) وحث الرسول صلى الله عليه وسلم على التزويج فقال (( تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم )) وقال صلى الله عليه وسلم (( إني اتزوج النساء وآكل اللحم وأنام واقوم وأصوم وأفطر فمن رغب عن سنتي فليس مني وقال : يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )) ولما تزوج جابر ثيبا قال له : (( هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك ))

ومن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لجابر رضي الله عنه درس ينبغي علينا ان نستوعبه وهو ينبغي ان يتقدم الجماع (( الخقر )) ملاعبة المرأة وتقبيلها ومص لسانها وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم مواقعة المرأة قبل الملاعبة . ويطلق الحضارمة في لغتهم على تقبيل المرأة (( الشم )) والضم (( الضف )) والملاعبة (( اللعمسة )) ، ولاغرابة ان يقول شاعرهم (( وبعد الضم في الخدين بشبع شم )) .

ولنا في هذه الحلقة ان نقف على بعض من مصطلحات الجنس في لغة الحضارم فالحضارم لهم مصطلحاتهم الخاصة في وصف الاعضاء الجنسية للذكر والانثى ولهم مصطلحات تشير الى طرق ممارسة الجنس منها:

الفرج : وهو عضو المرأة التناسلي ، ولاا يطلق الحضارمة ابدا على فرج المرأة إلا مسمى الحب ، فإذا ما سمعت حضرميا يقول لك (( حب أمك )) فإعلم انها مسبة لك وليس أمرا عليك بأن تحب أمك فلهذا تراهم يتحاشون عن ذكر الحب ويلجأون الى استعمال كلمة المحبة عوضا عنها . وقد وصف راجزهم الحب (( الفرج )) بقوله :

الـحــب حـبـيـن شي شامخ وشي منتكب
المنتكب مسهل طلوعه والشامخ طلوعه عكب

ويقصدون هنا ان هناك نوعان من أنواع الحب (( الفرج )) وقد وصف الأول بالشامخ ويبدو أن الراجز رأى في ممارسة الجنس مع ذوات هذا النوع شئ من الصعوبة (( عكب )) ، والنوع الآخر (( منتكب )) وهو الكبير المتدلي ويبدو الولوج فيه سهل .

ويقول الحضارمة في أمثالهم (( حب ورب )) فالحب هو فرج المرأة ، والرُّب هو دبس التمر ويضرب المثل لمن يحظى بنعمتين زوجة جميلة ورزق ميسر بسببها .
ويقولون ايضا (( فلان حصل حب محلوق )) أي فرج ذو عانة محلوقة بمعنى انه ظفر بكسب لم يبذل فيه جهدا يذكر .
ويقولون في أمثالهم (( برز بي وقل لي حب أمك )) البرزة الكلام على انفراد وحب أمك ضرب من ضروب الشتم .

وقال الشيخ سعد السويني (( عاش في القرن العاشر الهجري ))

يالله بعذراء في قمر عاراس ريم
باشوف حقي فـي حبهـا قيـم

ومهما يكن حول نظرة الثقافة الشعبية في حضرموت لفرج المرأة ، وتسميته ب (( الحب )) إلا أننا لانستطع أن نجزم بأنه في القديم كانت عبادة فرج الأنثى منتشرة في الديانات الوثنية القديمة في حضرموت ، وكما هو معروف أن عبادة فرج المرأة قد شاعت في بلاد فارس قبل الإسلام ، (( وأول من دعا إليها (( ارتكزريس منيمون )) وقد بلغت أشدها في عهد مزدك وكان يدين مبدأ الشركة بين النساء كما كان يقدس مناظر الفحش التي تقترن بالعربدة والسكر وكانت العبادة منتشرة أيضاً في الهند طبقا لتعاليم "شكتكماك" التي تدعو إلى التمتع بزوجات غيره لأنه الكاهن المطاع أمره بطيب الخاطر، وكانت العروس تقضي الأسبوع الأول في صحبة كبار الكهنة الوثنيين الهنود ويرون ذلك فضيلة لجلب الرزق وليبارك حياتهم الزوجية، وكانت ليلة الاحتفال بالعيد الهندوكي المسمى الشفرارتي مظهراً لأفحش ضروب البهيمية فكانوا لا يتورعون عن الزنا بالمحارم تحت تأثير الخمر والموسيقى الصاخبة كما كانت الأناشيد المقدسة يترنمون بها تشيد بهذه المنكرات والخبائث كما عبدت الربة عشتار آلهة الحب والجنس التي يرمز إليها بكوكب الزهرة وان أم الإله لها جذور في عبادة العهر المقدس عند البابليين وغيرهم من الشعوب التي تقدس الانثى وكانوا يعبدون فرج الأنثى باعتباره رمز الخصوبة المرتبطة بخصوبة الأرض في ديانات (سومر وبابل ومصر وبلاد الهند وفارس ومنهم انتقلت إلى الجزيرة العربية واليمن والإغريق والرومان)) . والتنقيبات الأثرية في حضرموت لم تؤكد لنا ظاهرة عبادة فرج المرأة في حضرموت بوصفه رمز الخصوبة .

ويطلق على فرج المرأة بشكل عام الحب وينقسم الحب الى مشافر يمنة ويسرى ، ويسمى الحضارمة بظر الفرج (( زلمة )) وتسمى العانة (( شعرة )) وتسمى المنطقة الواقعة بين الحب والدبر (( المرطب )) ويقد قال شاعرهم :

ريت من له وحده في ذا الليل يسري بها
يطرحه لها ما بين مرطبها ومزغيبهـا

وعموما يطلق الحضارمة على كل العضو التناسلي للمرأة (( قباله )) وحين يقال قبالة المرأة أي اعضاءها التناسلية وربما أتى ذلك بعكس الدبر .

كان ولا زال فرج المرأة (( الحب )) في نظر الحضارمة رمزا للعفة والطهارة يجب على كل في انثى ان تحافظ عليه ، لايطأه أحدا إلا ضمن ضوابط الشرع (( الزواج )) .

الفئة العامة تتسم بـالجهل والتَّمسُّك بالمعتقدات والممارسات الخاطئة في فهم الجنس ، وهي كانت - ولا زالت - تشكِّلُ خطرا دائما على الإسلام لكونها تجعل من الاسلام حاجزا عن فهم الحقائق العلمية بتجرد وشفافية كاملة ، وتسعى في خطابها الى استبدال تفاصيل الحياة الواقعية واستبدال النصوص والمصطلحات الجنسية الشعبية والغاء تعبيرات الوجدان الفردي والجماعي المختلفة . واللجوء الى الرمز والإيماء حال الحديث عن الجنس وكأن الجنس رمزا مطلسما مغلقا لايجب الاقتراب إليه ، أو الحديث فيه ، وكأنه من المحرمات التي تخالف نصوص الشرع ، وتقديم صورة باهتة للثقافة الشعبية وكأن ثقافتنا في نظر الغير عاجزة عن استيعاب الجرأة في مواضيع الجنس والجمال .

لهذا ربما البعض من الذين حرصوا اشد الحرص على قراءة حلقات الموضوع ربما قرأوه عدة مرات بشغف ، (( ومؤشر القراءاة يدل على ذلك )) وأني على يقين بأنه اعجبهم ولكن في باطنهم وإن تظاهروا عبر الاحتجاج في اتصالاتهم بالمشرف العام ، وأبدوا له بأنهم حريصين على الحياء العام والذين جعلوا من انفسهم سدنة على بابه في السقيفة .

ماذا يريدون منا حين نكتب عن الجنس ؟؟

أن نكتب تورية على غرار ما جاء في المثل الحضرمي (( فلان طلع النخلة )) وهذه التورية لايفهمها إلا الحضرمي القح وهي تأتي بمعنى باشر المرأة جنسيا .

ولماذا طلوع النخلة بالذات ؟؟

يقال أن النخلة كانت تشكل عند الشعوب القديمة رمزا مهما ، وهي رمز للحياة والخصوبة ، والنخلة ذات قدسية لدى الحضارمة منذ القدم فهي رمز الخصوبةِ والبقاء، فلفظة النخلة تحيلنا دائما إلى معظم النصوص القرآنية ومنها قوله تعالى: ﴿ وهزي إليكِ بجذعِ النخلةِ تُساقِطْ عليكِ رُطباً جنيًّا ﴾ . وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (( أكرموا عمتكم النخلة )) . ويبدو أن الثقافة الشعبية الحضرمية رأت في هذا الإكرام ليس للعمة بل للزوجة وجعلت من (( طلوع النخلة )) كتورية عن الاتصال والمباشرة الجنسية مع الأنثى .

ومن هذه الثقافة المغلقة بعبارات التورية والرمزية لجأ الشعراء في مخاطبة العوام حتى لايتهمون بما قد يتهمني به البعض بأني أخدش الحياء العام . وفي (( طلوع النخلة )) أي المباشرة الجنسية مع المرأة صاغ الشاعر حداد بن حسن الكاف قصيدته الغنائية (( قال الفتى العاشق البارح سمع عنقه )) والتي يقول فيها :

بالطف وباكون بين الغصن والورقـه ونـظـرة الـزيـن مــا تفـتـام
بامـد آلاف نقديـه لـهـا وثـقـه بـــالـــروح بـــافـــدي
يسهل على رضاها البـدل والتسلـوم
ياصاحب الحيط للمحتاج مد صدقـه زكـاه عـن ذا السـنـه والـعـام
والقصد من نخل بستانك نبـا بشقـه مـــن قــــرع هــجــري
يوم الهجر حلو في طعمه شفا المحموم

لعل القارئ المتمعن حين يحلحل هذه الأبيات بعد أن أشرنا الى المصلح الحضرمي الذي جاء كتورية عن الاتصال الجنسي (( فلان طلع النخلة )) تصبح كلمات الشاعر حداد بن حسن واضحة (( صاحب الحيط ... ونخل البستان .. وقرع هجري دواء للمحموم ....الخ)) عبارات جنسية جاءت في قالب شعبي ذات بعد رمزي جميع ايحاءاته جنسية واضحة .

حتى في كلمات الأغاني التي تحيلنا الى دلالات نتشف منها أن النخلة هي الأنثى ، فنستمع لهذه الأغنية التي تقول :

يامقلع السوم لي خيلك كبر منك = الله يصونك على خاول تلقيها
لقيت خاول ولا هو من قدر سنك = لوكان والله على معيان تسقيها

وحين نأتي نحلحل رمزية هذه الكلمات فإنها تحيلنا للغزل في الأنثى حيث وصف الشاعر الأنثى الصغيرة ب (( المقلع )) والمقلع الصغير في فسيل النخل ، والخاول هو عذق التمر ويقصد به الشاعر (( نهود )) الأنثى .

وحين يأتي المحضار ويقول لنا : (( خلع السقيفة .... ما طعمونا خريفه )) فإن المتمعن لكلمات هذه الأغنية تحيله الى دلالات جنسية مكشوفة وواضحة ، ان التزمت وقيود المجتمع الصارمة في مثل هذه المواضيع ربما جعلت من الشعراء يلجأون الى التورية وعدم الذكر الصريح للمصطلحات الجنسية .

القحبة لدى الحضارمة:

( قحبة وتصوم الست ) وصوم الست من السنن التي يحرص الحضارمة عليها وهي ستة أيام تعقب رمضان . وربما نظرة المجتمع للبغا بأنه طريق مشين ، ومسلك يخالف الشرع الذي يحرم هذا السلوك للمرأة والرجل على حد سواء ، ولكن لم نسمع مثلا يقول : ( زاني ويصوم الست ) .

ومع هذه الأمثال التي تختزل التجارب الانسانية والفلسفية والعقدية للمجمتع نقرأ أيضا المثل الذي يقول : ( القحبة ماتتوب والماء مايروب ) أنها قسوة المجتمع في حكمه والذي يأبى إلا أن يقفل باب التوبة عن القحبة ، بينما الله الخالق لايقفل باب الرحمة والتوبة على عباده . وليس هذا المثل اشنع من هذا المثل الذي يقول : ( دعاء القحاب مايصل السحاب ).. انها دعوة نحو اليأس من رحمة الله ولا ييأس من رحمة الله إلا القوم الظالمين ..!!

لهذا فإن نظرة المجتمع نحو الأنثى القحبة لابد وأن تمضي في طريقها الذي اختارته وهو طريق الخطية ، حتى ولو بلغت من الكبر عتيا فإن المجتمع يطلب منها أن تستمر وتكون قوادة ويقولون في امثالهم : ( القحبة إذا دالت تفتل ) أي اذا كبرت وصارت عجوزا تمارس مهنة القوادة .

وينزعون عن المرأة ( القحبة ) كل صفات المروءة والشرف والخلق الحسن فمثلا يقولون : ( مابدا قحبه شكرت شاب ) ... اليس هذه الأحادية في التجني على الأنثى فقط .؟ أو قولهم : ( تقحبي وطولي لسانش ) وهي دعوة للأنثى التي تمارس البغا أن تزيد على تقحبها طول اللسان دفاعا عن نفسها من ألسن الناس . فالتي تمارس القحب غالبا ما تستعني من بصبصة الناس لها أو نظراتهم اليها لهذا يقول المثل ( القحبه تستعني ) ...!!

من الواضح ان لمجتمع الحضرمي يحارب الجمال الأنثوي ويعده نقمة على صاحبته وربما تتهم المرأة الجميلة بأنها (( قحبة )) لهذا نقرأ هذا المثل والذي يعكس افقا ضيقا ونظرة سيئة تجاه الجمال الأنثوي وشدة الغيرة منه وعليه ، أو ربما أتى المثل كتبرير سمج وسطحي ساذج لهؤلاءك الذين يقترون بنساء قبيحات فوضع المثل كعزاء لهم يواسيهم على صبرهم يقول المثل : ( الحرمة الزينه قحبه والنخلة الزينه صدقه ) ..!!

وعكست مسمى علاقة هذه العلاقات الغير شرعية بين الأنثى والذكر على عقلية الحضرمي التجارية فغدت القحبة رمزا للإستسلام في المجتمع الذكوري المهيمن على مفاصل المجتمع وثقافته الشعبية ، والتي يروج لها كترويجه للسلعة التجارية البايرة فلاعجب أن يقال : ( البياع قحبة المشتري ) . وهذه الثقافة هي انعكاس بين الرجل الفحل ، والأنثى المستلمة والتي تبحث عن ممارسة اللذة معه نظير أجر ربما يكون أحيانا زهيدا .

وربما من داع صيتها في بلدتها بأنها قحبة عقدت العزم على فتح صفحة جديدة في حياتها ، بالتوبة أو الابتعاد عن محيطها الاجتماعي والذي لا يعرف للتوبة معنى حين تعزم قحبة على التوبة ولو غادرت بلدتها وابتعدت فإن المجتمع يلاحقها بالتهمة والمثل الحضرمي الذي يقول (( قد بلغ قحبش لما جوجه )) فإنه يدل على وصمة العار تلاحق الأنثى فقط . ويسلم منها الذكور حتى وأن بلغ صيت فسقهم وفجورهم جزر الواق واق .

وقد استوقفني مثل حضرمي ينصف الأنثى القحبة في حال واحدة فقط ، وهي أنها تأتي في مرتبة أحسن من مرتبة السارق فيقول المثل الحضرمي : (( دخّل القحبة دارك ولا تدخل السارق )) وربما أن الأنثى القحبة في نظر المجتمع الحضرمي أشرف من الرجل السارق ...!!

وأخير تقول المصادر المعجمية العربية سميت القحبة بالقحبة ذلك أن النساء اللواتي كن يفدن الى اسواق العربية في الجاهلية أو يقمن بجوار المعابد الوثنية ، إذا مر بهن الرجل يتنحنحن اي يقبحبن وهي اشارة على انها تشتهي ممارسة الجنس مع الرجل وسميت القحبة بالقحبة نتيجة صدور صوت (( القحبة منها )) ...!!
مفاهيم الجنس الخاطئة عند الحضارمة

شاعت في المجتمع الحضرمي مفاهيم خاطئة عن الجنس شأن ذلك شأن كل المجتمعات المتخلفة , ويظن الرجال أنهم بشكل فطري يعرفون كل شيء عن العلاقة الجنسية مع المرأة. ولكن من المؤسف القول أن تلك المعلومات التي يحملونها في رؤوسهم عن هذا الأمر مليئة بأخطاء أساسية ناجمة عن تجاهل طبيعة النشاط الجنسي لدى المرأة، مما يقودهم إلى ارتكاب أخطاء مروعة في علاقاتهم مع الجنس اللطيف.
ويعود ذلك بسبب عدم وجود ثقافة جنسية مبنية على أساس علمي سليم داخل المجتمع والعائلة، مما يدفع المراهقين إلى البحث عن حقائق الجنس عبر المصادر الغير سليمة . وربما هذه المصادر اضرت بحياتهم الجنسية لاحقا وتركت آثارها السلبية في نفوسهم وفي علاقاتهم بزوجاتهم .

ولغياب الثقافة الجنسية في المجتمع الحضرمي والجهل المطبق بالعلاقات الجنسية التي تنشأ بين الرجل والانثى بعد الزواج شاعت ثقافة خاطئة سعت الى تغييب الأنثى عن هذه الثقافة كاملة ، واصبحت معظم الأناث يجهلن شيئا اسمه ((الممارسة الجنسية بعد الزواج )) وهذه الممارسة حق شرعي اقرته كل الديانات وجعلته ضمن الضوابط الشرعية المباحة ، والغريب أن المجتمع يعتم على الأنثى ثقافة هذه العلاقة الجنسية المقبلة عليها بعد الزواج . لهذا لاغرابة أن يكون هذا المثل : (( قايسته عرس وطبول إذا به دقني حيث مابول )) يصدر على لسان انثى تتفاجأ بالعلاقة الجنسية دون ثقافة تشرح لها كيف تكون الممارسة بين الزوجين والهدف من هذه الممارسات ونتاجها .

ولازال المثل الحضرمي الذي يقول (( الإذن حمراء والحبل على الله ))...! ضمن تلك المفاهيم التي كانت شائعة في مجتمعنا وهذا المثل يحيلنا الى مدلول جنسي أتى نتاج اعتقاد قديم جدا وهو يأتي ضمن الاعتقادات التي كانت سائدة في حضرموت ، وهناك عقائد كانت سائدة في بعض المجتمعات تزعم أن الحمل لا يأتي فقط من اتصال الرجل بالمرأة ، ولكنه قد يأتي عبر إشعاع من نور يسلطه الله على إحدى إذني المرأة حتى تحمرّ ، وحين تحمر الإذن تظهر علامات الحمل في المرأة ..!!
وقد ذكر الكاتب عباس العقاد عن المؤرخ الأغريقي فلوطرخس انه جاء في رسالته عن إيزيس وأوزوريس: (( إن الحمل يحصل في هذه الأحوال من الأذن )) ، وهو ما يفسر صورة العذراء في القرون الوسطى، إذ كانوا يرسمونها وشعاع النور يتجه إلى إحدى أذنيها )) .ولعل هذا الإعتقاد القديم تسرب الى حضرموت ونتج عنه صياغة المثل المذكور ضمن عقيدة كانت شائعة .

وربما أن البعض هنا من قراء السقيفة لازالوا يؤمنون بتلك العقيدة الخاطئة ويؤمنون بصحة المثل (( الإذن حمراء والحبل على الله )) لهذا نراهم تحاملوا على حلقات هذا الموضوع والذي يتناول الجنس في مجتمعنا بشفافية وحذر شديدين ... وهؤلاء من اصحاب العلاقات الجنسية عبر (( الإذن الحمراء والحبل على الله )) إن بقيوا على ما يعتقدون فليحدثونا عن كيفية هذا الجماع أوالاتصال الجنسي بين الذكر والأنثى ، والذي به تحصل اللذة والسرور وتحصل به المقاصد التي وضع من اجلها ، وهي حفظ النسل ودوام النوع الانساني .

ايضا من المفاهيم الجنسية الخاطئة في المجتمع الحضرمي هو الغرور الذي يتصف به الرجل حال ممارسة الجنس ، فمعظم الرجال الحضارم نسمعهم في مسامرهم حين يكون الحديث عن الجنس يصورون انفسهم بأنهم (( سلاطين الجنس )) ، وربما ينتاب بعضهم حين يسمعهم الاحساس بالاستغراب الشديد إذا لم تستطع زوجته الوصول إلى حالة الرعشة، والحقيقة أن للرجال إمكانيات مختلفة في الممارسة الجنسية، تجعل وصول شريكتهم إلى حالة الإشباع الجنسي مرتبطة ببعض النشاطات التي يجب أن يقوم بها الرجل، وببعض المهارات التي يجب أن يتعلمها وهو لا يريد أن يكرس لها الوقت الكافي لتعلمها. والمطلوب من الرجل في هذه الحالة أن يتواضع قليلاً، وأن يحاول أن يتعلم بعض المهارات والمعلومات الضرورية التي تحسن من أدائه الجنسي، وأن يتحدث أكثر مع شريكته في هذا الموضوع، ويتفاهم معها حول الكيفية التي يحققان فيها معاً المتعة المطلوبة. ويترك الغرور واصدار الأوامر حتى في لحظات الممارسة الجنسية .

مثل الرجال، حسب الشريعة
ويأتي المثل الحضرمي الذي يقول : (( راهزي وإلا طعنتش )) دليلا يحيلنا الى شئ من غرور وجهل الرجل في المساءل الجنسية وطريقة آداءها ، ويعبر المثل عن عجز الرجل في تحقيق النشوة الكاملة له ولشريكته . فكلمة (( راهزي )) الأمر بالرهز وتعني الحركة الجنسية ساعة الإيلاج ، فهذه العلاقات التي تحمل المفهوم الخاطئ والتي تصل الى التهديد بالطعن من أجل اشباع غرور الرجل الجنسي هي من الثقافة الشعبية الخاطئة.

إن الجهل بآليات الجنس لدى الرجل والمرأة متماثلة في مجتمعنا خاصة ، وفي المجتمع العربي بصورة عامة ويشير معظم الأطباء والخبراء المختصين في هذا الجانب إلى وجود اختلاف هائل بين الرجال والنساء في آليات العمل الجنسي وكيفية الوصول إلى الإشباع الجنسي. وفي حقيقة الأمر إن وصول الرجل إلى الرعشة الجنسية يتبع آلية مختلفة تماماً عما يحدث لدى المرأة، كما أن كبر القضيب أو صغره لا علاقة فعلية له بوصول المرأة إلى الرعشة الجنسية، وفي حالات كثيرة قد يكون طول القضيب مشكلة يسبب بإحساس المرأة بالغثيان بدلاً من المتعة ، بالرغم ذلك فإن الثقافة الجنسية الخاطئة في المجتمع الحضرمي تصور كبر ذكر الرجل بأنه هو القاسم المهم في الوصول الى الرعشة الجنسية ، ويعتقدون بأن العمَد وكل العمد عليه لهذا يأتي المثل الحضرمي ترجمة لهذا الاعتقاد ويقول المثل : (( ذكره فضيحه والعمد عليه ))..!!

وهناك امثلة شعبية اخرى مثل المثل القائل ( غربه وكربه وزب للركبه ) مثل شهر يقال لمن في مثل اوضاعنا ايضا يقال - من اعتمد على حب جارته بيت زبه في الطل - كما يقال ما بدى حب زمر - ويقال ابو البنات الرجال - ويقال ياحبي كلاك الدحل - كما يقال حبش حبيبش لي شراش حكيه اربع خشب والخامسه دقه وان ما عرفتي هاتي انا بلقيه هذا البيت كنا ونحن اطفال نردده كما يقال الالغاز منذي مره طعنت تحت سرها وهي من المسامرات التي تقال بحضور رجال ونساء ويتم الضحك
اما مواويل السناوه ومقل الحصى وبناء السدود فقد كنت استمع وانا صغير الى كثير من الموويل اللتي اقل ما يقال انها داعره وقد كان افراد المجتمع يتقبلها ويستمعون لها بل قد تقال من قبل الزوج في حضور زوجته او في حضور اخواته او بناته وهاهو شخص كبير السن اذا اختلطت الرؤيه عليه يقول بصوت مرتفع ما اشوف عيوني يتخاقرن
. وقد انتشرت اسماء او القاب تحت مسمى الفتال او الخقار او ابو زبين وغيرها وكان الناس يرددون هذه الاسماء والنساء منهم وكان من يحملون هذه الاسماء متقبلين لاسمائهم او القابهم لا تخجلهم ان الامثله الواضحه التي اوردها الاقدمون كثيره ومنها بعد ماضرطت صكت جعابها – تقال في كل وقت عندما يقول الانسان كلمه ثم يخجل منها –

بعض أقوال الشعراء في الجماع

قال أحد الشعراء :
ولما شكوت الحب قالت كذبتني ... فكم زورة مني قصدتك خاليا
فما حــــل فيها مـــــن إزار للذة ... قعدت وحـاجـات الفؤاد كما هيا
وهـل راحة للمرء في ورد منهل ... ويرجع بعد الورد ظمآن صاديا

وقال الشاعر:
دواء الحب تقبيل وشـــــمُ ... ووضع للبطون على البطون
وزهــــــر تذرف العينان منه ... وأخذ بالمناكب والقرون

وقال شاعر لإحدى محبوباته :

إني أريدك للنكاح ... ولا أريدك للنظر .
لو كان هذا مقنعي ... لقنعت عنها بالقمر .

وقالت امرأة وقد طلبت منها المحادثة :

ليس بهذا أمرتني أمي ... ولا بتقبيل ولا بشم .
لكن جماعا قد يسلي همي ... يسقط منه خاتمي في كمي .

وقال شاعر أخر :

والله ما يشفي الفؤاد الهائما = نفث الرقى وعقدك التمائما .
ولا الحديث دون أن تلازما = ولا اللزام دون أن تفاعما .
ولا الفعام دون أن تفاقما = وتعلو القوائم القوائما .

وقال شاعر يصف حاله مع محبوبته :

تقول وقـــــــد قبلتها ألف قبلـــة = كفاك أما شيء لديك سوى القبل .
فقلت لها حب على القلب حفظه = وطول بكاء تستفيض له المقل .
فقالت لعمر الله مــــا لــذة الفتى = من الحب في قول يخالفه الفعل .

وقال شاعر يصف حاله مع محبوبته كذلك :

رأت حبي سعاد بلا جماع = فقالت حبلنا حبل انقطاع .
ولست أريد حبا ليس فيه = متاع منك يدخل في متاعي .
فلو قبلتني ألــفــا وألــفــا = لما أرضيت إلا بالجماع .
إذا ما الصب لم يك ذا جماع = يرى المحبوب كالشيء المضاع .
جماع الصب غاية كل أنثى = وداعية لأهل العشق داعي .
فقلت لها وقد ولت تعالي = فإنك بعد هذا لن تراعي .
وإنك لو سألت بقاء يوم = خلي عن جماعك لن تطاعي
 
أعلى