حسين حبش - أنفاسك قاسية بما يكفي لهدم قيلولة كاملة

أفكر في نبؤاتك المقدسة، إشاراتك الصامتة
وتلك الرعشة التي توقظ سراديب الشهوة من نومها العميق.
ما أرعب جمالكِ
ما أعذب نداؤك السحيق عبر هواء العصور،
وما أرهب جروفك ومنحنيات الشغف على سرتك.
جئت لأضمك،
وأنثر لك ازدحام الوردة وعاداتها الفواحة،
مفاتيح الصدفة..
تكملين بها حكاية النار المتجمهر على مذبح الرخام.
تتشبثين بالرجفة إلى نهاية العالم الذي لا ينتهي إلا بين يديك.
ديمومتك كثيفة وشاسعة على امتداد الزمن،
على امتداد القارات والأفلاك والأزمنة العابرة.
ترفلين في عروق الجبال الشاهقة
وتملئين ردهات العزلة بالمدارك القلقة والثمار المجنونة.
كل السبل تسكر من نبيذك الذي يساوي دم الملائكة،
كل اللهوات تتراءى في ملعبك المزدحم بالظنون
والوخزات الخالدة.
كوني شقيقة الله واملئي قلبه بالفرح..
ستجدين كيف تتلاشى قامات حراسه أمام كواكبك،
سيتساقطون صرعى، نوراً تلوى نور أمام هالة اسمك
الذي يتأرجح كقيثارة بين مهاد النطق.
حاسرة القلب تثيرين أوتار الماء وطمأنينة الأفق.
ما أشبهكِ بالذروة،
ما أثرى مباهاتكِ.
أعترف، لا أخطاء فيك سوى جمالك الشاهق
دفء الأرض وطموح السماء بين هدبيك.
النوم يجافي عثرات يداي وأنت ترقدين عارية
إلا من مخلوقاتك البهيجة:
الحمامتين ورفعة العنق والإزاحة الطرية
للعشب الشامخ بين فخذيك.
أنفاسك قاسية بما يكفي لهدم قيلولة كاملة
قادرة أن تمنحي المساء بداهة مطلقة
أمينة للشرود وقيادة حلبات الفتنة.
مراكبك تعبر خلجات الضيوف وظنونهم
ما أوهن قواهم في ضعفك
ما أنْحَلَ تأتأتهم في حضرة أطوارك الغريبة.
كرمك باذخ وعطرك متفرد يزيح مجد المألوف.
ترفضين الخشية دائماً
ترفضين أن تكوني من جبلة الملائكة،
وترفضين التبغ من دخان الحرمان.
نهوضك راسخ لا ينصدع وطهارتك مدونة الأنوثة.
ثمة مطلق في شهواتك وإطلالات الغرائز
في نزولك وصعودك على سبائك الشهقة.
ما أوقدكِ،
ما أرهب تجاربكِ وتميز هباتكِ،
ما أعرق فراشاتكِ المتوحشة.
مزدانة بالرغبات تظللين جمرات الأقاليم الملتهبة،
وتفسحين بضربات قلبك شمساً،
ثم تمنحين الماء ملاذات على أبواب الرهوة والجموح.
ينابيعك صغيرة، لكنها مليئة بضوع الغرق
هيمناتك متهادية تجذب إصغاء الهلاك.
في قلبك شقٌّ
طرفه الأول شرٌّ
وطرفه الثاني برزخٌ،
وفي كليهما المسالك وعرة ومحفوفة بالانزلاق.
لا أخطاء فيكِ.
تعبرين الفصول من يدٍ ليدٍ على غفران الريح،
تخدرين مواجعها وتحشدين لوقارها طامة الحب.
يليك الكون،
يلي لظاك،
يلي ظفر قلبك الذي يخرمش ذئب السماء.
تنداحين في ثياب غير محدودة وتستنشقين
وهجاً منسياً في رئتي.
أحبك إذاً،
أحب ممرات أطيافك الساحرة وأعانق سَهْوك بتهذيب ناي
أدخل عتبة برج الشوق على نغمات "السانتوري"
أشتري زراً برونزياً، أخيطه على قميصك
يحاذي نهدك.
أؤمن بكِ،
بالحبِّ في ذروته الشاهقة.
 
أعلى