حسين حبش - ملكات النوم

لتكن لك الجسور
لتكن لك المعاطف من شموع القلب الممدَّد في الأنين
لتكن لك الحرائق
لتكن لك المواقد وحديدها الملتهب بالجمر
لتكن لك ومضات الأعضاء في هبوبها المكتنز رنيناً
أيتها النائمة كشجرة خرنوب في قميص الربيع.

الأشياء التي تبقى كالجرح مفتوحة تترامى في الريحان
تهبط في الريحان، ترقد في الريحان
وتتريحن بالآلهة مغتسلة بثروة الذبح هناك
كحزم من بطاقات المديح في أعياد المدن القتيلة
الأشياء تلك لا تعطى إلا كخواتم النهار للأعراس
أيتها الوردة النائمة على قرون الظبي.

يضيع الهواء في اللهاث
القناطر والأقواس وعروة قميص الغريب أيضاً!
يسيل المحراث وئيداً، مأخوذاً بالهذيان
مكملاً شكله المسنون من الخطى المتكبرة على لباس الوقت
لتكن ثرثرة الماء
أيتها الثريات النائمة في بوصلة الاشتعال.

الزنبق الذي داهمته الأنامل في الشفق على خصر الساقية
يهيئ للعمر ضفتين من الكهولة
وضفتين من النبيذ الذي يؤجج اللؤلؤ خلسة.
أرقد بجانبي، داعب شعري
وأنفض الغبار عن الثمار أيها الجريح الكثيف
ولتكن لك أيتها النائمة في حصاد الصندل
هذا الوجع الشاسع.

أهدى الوريد شرفاته للغيوم وفتح مدارجه
مطراً رمى
دم ليس بضوضاء
على امتداد عدوه المقدس خارج الرحم
لتكن الرئة سليمة في الرخاء
أيتها الحوذية النائمة في سلاسل العراء
أيتها المباركة هكذا..

رداء الإجاصات المضخمة بالجرار الأكثر عاطفة
الأتقن ميثاقاً ورقة
يتقصف في أخاديد القلب
ليزيل عن الوميض نشيد الإعياء
ليعوي النهر عند مضيق العشب كثيراً
ولتطير الفراشات مترفة بالوعول والقرابين
أيتها الفرس النائمة في الصهيل.

عمت أيها الكوكب الصلصالي بكل العاشقات
الصاعدات من خلخال الأنثى
جرب الهتاف في مرادفات العاصفة
لتفيض الشرارة من قزح الاحتمالات
عمت أيها السيد في هذا الارتطام
وليكن ما يكون المخدع، البقاء للجسارات
لتكوني أنت الرجيمة والرحيمة
أيتها الينابيع النائمة
في سرادق المرمر.

تنثال اللمسات على حقوي الكمثرى
كاشفة مكامن الغابة الغامضة بعد دورانها الفرجاري
ليكن الهبوط والصعود، الصعود والهبوط
على أريكة العرق
ولتتقدم الشعلة مفتوحة النار إلى عرين الفردوس
ويزهر وراءك الجلنار كغمازتين
أيتها النائمة في أمواج المنمنمات
أيتها النائمة في الشرود

هذه الحقائب وهذا الترف
سجادة أضلعه الوفية للفضائح
ينتهي السراب ويبدأ احتفال الموكب الهوائي
ركاب الهتاف يتعرون في هذا الصقيع مؤمنين بنا
هيئة الكراسي تستدرج النجوم والتداعيات
الشديدة..
هديل في العناق على قيثارة النهد الذي يقود عربة الذكريات
لتكن لك نعمة الفخار وزبيب الكبد السكري
أيتها الفراشة النائمة على مخدة الغابة المائية
لتكن لك الجداول لأقود إليك جموع وعولي في الظهيرة الظمآنة.

ميادينك كمائن الأنهار أيتها الأباريق
خطوتان وتدخل العصافير إلى المائدة
تأكل ذهول الباشق في قناع الصورة
أيتها الأباريق لتكن همهماتك مصغية إلى حيلتي
لتكن كواكبك عارية في طيش اللحظة الهادئة
لتكن لك الجواهر أيتها النائمة في صندوق النقائض
لتكن لك مباهج الكون أيتها الأم، الحبيبة المتعددة
والمنهوبة لهنيهة طويلة
لتكن لك ما تشائين من أقاصيصنا،
ومنا.

الطيف يخبئ السفرجل في قبعة اللامرئي والساحر
كي يعمي عين الدليل
وهو يتراشق بالحرير إلى واحة الجسد الخضراء
ويقول السيد الطيف:
لتكن لك الزهور ومناديل الأشجار، لتكن لك الزعانف
أيتها الناسكة والنائمة على حقل جبيني
أيتها النهار في الليل، أيتها الشمس في الفصول المجنونة.

إسن 16/2/ 1998

* عن الف لحرية الكشف في الكتابة والانسان
 
أعلى