حسين حبش - بيضاء كالافتراس

اجلسي...
اجلسي على ركبة السربر لكي تتساقط
عليك فتن المساء
اجلسي لكي تنعشك غيوم العاشق
ولتدوخ ملائكة دمك من فورة اللهيب
والوجع
حين طغيان المجوس
كزي على لؤلؤ أسنانك
وعضي على شفتيك
حتى تتقاطع ما بينك وبين الوسادة
قلق الرعشات
اجذبي نداوة المطر
وغطي سفح السرير بالفضيحة
واسبي خاصرة النجوم مرآة على زندي
أوقدي مرافئك نواستين على مرمر البحر
واعبري على قصبتين من توتياء
إلى نزيف الخيزران
دقي أجراس الريح خطايا
دقي...
حتى ينحني ظلي على نهديك
وتتكسر أباريق الماء في يد الأنبياء.
شارع يمتد من شهوة التوت
إلى زفرات النخل
وسفن راسية على الضفة
تتنصت إلى حوار الماء
مع أعراس الشمس
غادري البرهة
برهةً
على وَلَهٍ إلى وَلَهٍ أبهى من النار
ابحثي عن الفراشات ونحلات الحقل
ابحثي عن العشب وحرائقه
ابحثي عن الحنين وأشجانه
ومزقي قميصك الهفهاف
ثم خذي من الغابة غدائر الأزهار.
جسد يضم الغمام وينبئ النار بالبروق
جسد يحرر الفصول
جسد قيثارة..
تعالي إلى نشيد البدء إكليلاً للضوء
مولاة القمر
فكي الحصار عن التفاح بكبرياء العذرية
ولا تخافي من حوار الغرباء
أريحي الحلم من غربة الخيبة الكئيبة
وأذيعي بيان الهواء في رواق الغسق
حرري الرخام من الكدر
لكي تتبعك الطواويس
في خيلائها إلى أعراس الوهج.
لولا تيجان القمح لما تتالت الأقدار
على هودج المطر
لما أمتزج الدم بالدم
لما عانق الهواء هواءك
ثرياتك تسحر عين العاشق إلى مداك
وتجرفه كلما اقترف القراءة
على تجاعيد اللوحة العارية.
بيضاء...
بيضاء تنام على جفون البحر
ولا تكترث بجنون البلل
تختل في أحلامها بين النبيذ
وعصارات النرجس
وتسافر من العسل إلى حرير الضوء
تخلِّف للعاشق وراءها
لذائذ الربوة في رغد
ولوز متقد بالمخمل
يستقر على قربتين
تشرقان كنشيد الغجر
تغمران نحول الرجل
في تماس نزق بين التيار والغرق
بيضاء..
حتى سواد يربطها من تحت السرة
ويقتفي أثر النورس على قوس الغرة
بيضاء
أينما ذهبت تتبعها حاشية البرق
وأينما حلت تحرسها عيون الكائن
بيضاء تحب ولا تحب
تحب ولا تحب
تحبني
وتنفق زهرة الأقحوان
تحت افتراس الأصابع.


* عن الف لحرية الكشف في الكتابة والانسان


صورة مفقودة
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى