حسين عجة - مجالات

* إلى جواد كاظم غلوم
1-
ذهبية يدي بعد الظهيرة، لون لا يكتسب نعته من المعدن الخام والمصفى حيث تهرع النسوة لشرائه، هن، القيمون على الأماكن المقدسة والسادة الذين يمسكون على دفاتر المصارف الكونية. كيف أرتضت الدفاتر، طاوعها قلبها أن تكون بين أيدي هؤلاء القوم؟ لا يعنينا معرفة الأمر. مع حدة المرارة في أفواهنا. التوقد، المعادن المشتعلة بكينونتها، دون تدخل أحد، أنتَ منْ يمسك على بذخها مع ضحك الآلهة الصاخب وهذيانها: الشعراء. تفضيل، ليس من فوق سلم القيم، من بين نوطات النغم، تلويات الإيقاع وجوقة العصافير المنشدةِ في باحته. الرقص.
هنا، لا أقول التأني ذروة المتعة، بالضرورة، لكي يلتحق بالدرب منْ أثقل الضباب الصباحي على بصيرته؛ المجالات المُنداحةِ والراعية لشطحاتها كانت منذ الأزل مفتوحةً، يدخل منْ يدخل تحت نور شمعتها المتمايلة ما بين ألسنة الريح وسكون الحيز، ويغادرها آخرون نحو أصقاع أخرى، لا ريب أنها طينية وموحلة، تسحب لقب إنسان بعنف نحو سراديق مقفلة، وتلوث السطح البهي لشهيته. تذكر ذلك الذي أوحى لنا، بعجالة جنونه الخالد، بفكرة أن مجيء الإنسان على الأرض وبقائه من فوقها، لا يبرره أي شيء سوى كونه بالفطرة
شاعراً.

2-
لن نتقاسم المكان، كما أوعدتني، سنُقاسم أجسادنا فيه، مهما كان ضيقه. أو، لكي أمسك بدقة على شفرة الحياة، نحن خارج المكان. المتروك، كما يجسه قلقي، للعبة الشطرنج الخائبة وبيادقها التي تُحركها، على طول وعرض الكوكب، أنامل شبحية، ساخطة دون علة تذكر. الغضب، تلك النسمة التي تغلي، تفور تشتعل وتنطفأ في صومعة أرواحنا، أسميتها أنتَ، يا لجمال سريرتك، برق عابر ومستشيط يفدع كومة السحب ويخلف نيشان ضربته على وجه الأرض الواسعة. ليس ملكية أحد، أضفت بشبختك الجسورة صوب غرفتي وما يمور فيها من عفاريت وقرون معتقةِ. حاولت إيقافك، عند العتبةِ، حتى نلتفت سويةً لعائق الزمن. ماذا؟ رددت ونبضات قلبك تكاد تخترق الجدار الأصم وصداه العابثِ، كم لديك من قناني فخارية، مجبولة على العطش، مائة أو أكثر، سنملأها من نافورة النبيذ الأبيض، الأحمر، الوردي المُتلألاِ كوجه صبية؛ ونرغمه على الضحك في ضيافتنا حتى إنبلاج الليل وتسرب الخيوط الفضية للفجر. منْ، تساءلت أنا هذه المرة والحيرة تطوف بي، كما يطوف الزائر من حول ضريح أخرس. ما أسميته، برعونتك المعهودةِ، قلت لي، الزمن.
ثانية و
ثالثة، كان ضحكنا شره العافية قد بلغ
آذان
الخالق.

3-
بعد رحيلك، جلست وحدي قرب الإيقونة وروحي تهفو لوضع رتوش إضافية فوق فتنتها الآسرة؛ لم يتوقف، بحكم قانون معتوه وأحمقِ، صخب ساعة الجدار قطعاً عن الثرثرةِ؛ حلمي كان أكبر، لأني كالغريقِ تشبثت ببحيرته والبجع الراقص من حولها، لا لشيء سوى أن تشكل تلك الرتوش ما يماثل تراتيل، طقوس إمضائي البطيء من فوق أرغن النغم، أو قماشة اللوحة، مياه رائقة لا تكف عن التململ، مع أسماكها الناطقة والعلق المدلل يزين رملها ستتوقد ثانية عند الظهيرة كل تفاصيل المشهدِ، سهم ونيشان رحلتي. أنتَ لم تغادرني، لكي أغري الرتوش والنقوش في دورانها الراقص، حتى تحمل إليك طاسة النبيذ المترعةِ، وكتاب الهذيان العاشقِ. اسم محبتي

.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى