جويس منصور - افتح أبواب الليل - ت: بشير السباعي

"أحب مشد خصرِك وردفيكِ الذي يسند جسمك المرتج
تجاعيدك، نهديك المتهدلين، شكلك الجائع
شيخوختكِ في مواجهة جسدي الفارع
فساتينكِ التي تنشر رائحة الجسد النتن.
كل هذا يثأر لي أخيرا
من رجال لم ينتظروا شيئا مني".

***

"أمس مساء رأيت جثتكِ
كنتِ رطبة وعارية في ذراعيّ.
رأيت جمجمتك البراقة.
رأيت عظامك يدفعها بحر الصباح.
فوق الرمل الأبيض، تحت شمس حائرة
كان سرطان البحر يتنازع لحمك.
فلم يبق شيئا من نهديك الممتلئين
ومع ذلك فهكذا تحديدا فضلتك
يا زهرتي.

***

"أنت تحب الرقاد في فراشنا المهزوم.
قطرات عرقنا السابقة لا تثير اشمئزازك.
مفارش سريرنا التي وسختها أحلام منسية.
صرخاتنا التي تجلجل في الغرفة الكئيبة.
كل هذا يثير جسدك الجائع.
أخيرا يضيء وجهكُ الكريه
فرغبات أمسنا هي أحلام غدك.

***

"دع عينيك تطفوان على الأمواج
دع الريح تملأ جسدك بصرخاتها
إمنح بطنك المشعرة لمداعبات الشمس
استهلك صوتك، حيواتك، نساءك
لكن لا تنظر إلى عينيّ النائمتين
خشية أن تتحد نظراتي بنواياك."

***

"انتظرني
أكاد أشعر أن الزمن يفر
من غرفتي حيث تنام دموعي في فراشي،
أعرف جسدك الوعر
الذي يرقص دون توقف على جلجلات ضحكاتي.
أعرف جسدك الفاجر
الذي لا يحب غير سخونة المحتضرين
في ذراعيه، على فمه، بين فخذيه ذواتا الشعر الكثيف.
إنتظر علّ لذتي تتهيأ للموت
إنتظر علّ جسدي يتمدد، يتصلب
قبل أن يُسلّيك".

***

"تجلس على سريرها والساقان مفتوحتان.
أمامها قدح
تبحث عن أكل لكنها لا ترى شيئا
المرأة ذات الأجفان التي أكلها الذباب تتأوه.
عبر النوافذ يدخل الذباب
يخرج عبر الباب
يدخل في قدحها
عيون حمراء، ذباب أسود
تأكله المرأة
التي لا ترى شيئا".

***

"فتحت رأسك
لأطلع على نواياك
التهمتُ علينيك
لأتذوق نظرتك.
شربت دمك
لأتعرف على رغباتك
ومن جسدك المرتجف
صنعتُ غذائي."

***

"ثمة دم على صَفَار البيضةِ
ثمة ماء على جُرح القمر
ثمة مَنيُ على مدقة الوردة
ثمة إله في الكنيسة
يرتل ويستولي عليه الضجر."

***

"النجارُ العجوز يعمل نهارا وليلا
دون أن يرفع عينيه الشاحبتين، عينيّ الأرنب
دون أن يريح جسده الشائخ، جسد الضفدع
دون أن ينتبه إلى أن يديه هما ما ينشره
أنه يُنجّر في لحمه
دواليبي ذات الأمتار الخمسة المصنوعة من البلوط المطلي
بالأسبيداج".

***

"أريد أن أرقد معك جنبا إلى جنب
وشَعْري مختلطُ بشعرك
وعُضوك مضفورُ بعضوي
وفمُك وسادة.
أريد أن أرقد معك ظهرا لظهر
دون نَفَس يفصلنا
دون كلمات تلهينا
دون عيون تكذب علينا
دون ثياب.
أريد أن أرقد معك صدرا لصدر
مُثارة وغارقة في العرق
المتلاليء من ألف رعشة
مُلتَهَمة من شلل النشوة المجنون
مُمَزّقة تحت ظلك
مسحوقة بلسانك
حتى أموت بين أسنان الأرنب المسوسة
سعيدة".



* جويس منصور
منشورات الجمل1998
 
أعلى