قصة "طسم وجديس"

  • بادئ الموضوع ابن يامون
  • تاريخ البدء
ا

ابن يامون

منقول
قصة "طسم وجديس"

من: خزانة الأدب – عبد القادر البغدادي
و "طسم وجديس": قبيلتان من عاد كانوا في الدهر الأول فانقرضوا.. وبيان انقراضهم، كما قال محمد بن حبيب في كتاب المغتالين: أن ملك طسم - عمليق ابن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح - تعدى في الظلم والتجبر.
وأتته يوماً امرأة من جديس اسمها هزيلة، وكان زوجها طلقها وأراد أخذ ولدها منها، فقالت: أيها الملك، إني حملته تسعاً، ووضعته دفعاً، وأرضعته شفعاً، حتى إذا تمت أوصاله، ودنا فصاله، أراد أن يأخذه كرهاً، وأن يتركني من بعده ورهاً! فقال لزوجها: ما حجتك؟ قال: أيها الملك، إنها قد أعطيت المهر كاملاً، ولم أصب منها طائلاً، إلا وليداً خاملاً؛ فافعل ما كنت فاعلاً. فأمر بالغلام أن ينزع منهما جميعاً ويجعل في غلمانه؛ وقال لهزيلة: أبغيه ولداً، ولا تنكحي أحداً؛ أو اجزيه صفدا.
فقالت هزيلة: أما النكاح فإنما يكون بالمهر، وأما السفاح فإنما يكون بالقهر؛ وما لي فيهما من أمر! فلما سمع عمليقٌ كلامها، أمر أن تباع مع زوجها، فيعطى زوجها خمس ثمنها، وتعطى هزيلة عشر ثمن زوجها، ويسترقا. فأنشأت تقول:
أتينا أخا طسمٍ ليحكم بـينـنـا = فأنفذ حكماً في هزيلة ظالمـا
لعمري، لقد حكمت لا متورعاً = ولا كنت فيما يبرم الحكم عالما
فلما سمع عمليق كلامها أمر أن لا تزوج بكر من جديس فتهدى إلى زوجها إلا يفترعها هو قبل زوجها، فلقوا من ذلك جهداً وذلاً.
فلم يزل على هذا أربعين سنة، حتى زوجت الشموس عميرة بنت غفار الجديسية أخت الأسود "الذي وقع إلى جبلي طيئ وسكنوا الجبلين بعده" فلما أرادوا أن يهدوها إلى زوجها. انطلقوا بها إلى عمليقٍ لينالها قبله، ومعها الفتيات يغنين ويقلن.
ابدي بعمليقٍ، وقومي واركبي! = وبادري الصبح لأمرٍ معجب
...................، ومعه فاركبي .................. بأمر .........
فسوف تلقين الذي لم تطلبـي! @ وما لبكرٍ عنده من مهـرب!
.................................... ولم يكن من دونه من مذهب
فلما أدخلت عليه افترعها، وخلى سبيلها. فخرجت إلى قومها في دمائها شاقة درعها عن قبلها ودبرها! وهي تقول:
لا أحـد أذل مـن جـــديس = أهكذا يفعـل بـالـعـروس!
يرضى بهذا، يا لقومي، حـر! = أهدى وقد أعطى وسيق المهر
.................................. من بعد ما أهدى وسيق المهر
لأخذه الموت كذا لـنـفـسـه = خيرٌ من أن يفعل ذا بعرسـه
لأن يلاقي المرء موت نفسه خير له من فعل ..............
وقالت تحرض قومها:
أيصلح ما يؤتى إلى فـتـياتـكـم = وأنتم رجالٌ فيكم عدد الـنـمـل؟
أيجمل أن....................... = ......................... الرمل
.............................. = ................ كثرةً عدد الرمل
وتصبح تمشي في الدماء صبـيحةٌ = شميسةٌ زفت في النساء إلى البعل
.............................. = عفيرة جهارا وزفت في النساء إلى بعل
أيجمل تمشي في الدّماء فتاتكم = صبيحة زفّت في العشاء إلى بعل؟
وترضون هذا يا لقومي لأختكم = عشية زفت في النساء إلى البعل
وتمشي سعاد في الدماء غريقة = جهارا وقد زفت عروسا على بعل
فإن أنتم لم تغضبـوا بـعـد هـذه = فكونوا نساءً لا تغيب عن الكحـل!
................................ = فكونوا نساء في المنازل والحجل
ودونكم طيب العروس، فـإنـمـا = خلقتم لأثواب العروس وللغسـل
ودونكم طيب النساء وإنما خلقتم جميعاً للتزين والكحل
فلو أننـا كـنـا رجـالاً وأنـتـم = نساءٌ، لكنا لا نقيم عـلـى الـذل
................................ النساء،............................
........................... = وكنتم .............لا نقرّ...............
............................... = .......................... على ذحل
............................... = ............................ لذا الفعل
فبعداً وسحقاً للذي لـيس دافـعـاً = ويختال يمشي بيننا مشية الفحـل
فبعداً لبعل ليس فيه حمية ويختال يمشي مشية الرجل الفحـل
فقبحاً ....................... = ............................
فبعداً وسحقا للذي ليس ينتخي = ............................
فموتوا كراماً أو أميتوا عـدوكـم = ودبوا لنار الحرب بالحطب الجزل
.................. = أصيبوا عدوكم بداهيةٍ توري ضراماً من الجزل
فدبّوا إليهم بالصّوارم والقنا = وكلّ حسامٍ محدث الأمر بالصّقل
وإلا فخلوا داركم وترحلوا = إلى بلدٍ قفرٍ خلاءٍ من الأهل
وإلا فخلوا بطنها وتحملوا = إلى بلد قفر وموتوا من الهزل
فللبين خير من مقام على الأذى = وللموت خير من مقام على الذل
ولا تجزعوا للحرب قومي فإنما = يقوم رجال للرجال على رِجْل
.................................. = تقوم بأقوامٍ شدادٍ على رجل
فيهلك فيها كل وغدٍ مواكلٍ = ويسلم فيها ذو الطعان وذو القتل
فلما سمع قولها أخوها الأسود - وكان سيداً مطواعاً - قال لقومه: يا معشر جديس، إن هؤلاء القوم ليسوا بأعز منكم في داركم إلا بما كان من ملك صاحبهم علينا وعليهم، وأنتم أذل من النيب، فأطيعوني يكن لكم عز الدهر، وذهاب ذل العمر.
فقالوا: نطيعك، ولكن القوم أكثر منا وأقوى. قال: فإني أصنع للملك طعاماً ثم أدعوهم إليه، فإذا جاؤوا يرفلون في حللهم مشينا إليهم بالسيوف فقتلناهم، وأنا أنفرد بعمليق، وينفرد كل واحد منكم بجليسه! فاتخذ الأسود طعاماً كثيراً، وأمر القوم فاخترطوا سيوفهم ودفنوها في الرمل، ودعا القوم فجاؤوا، حتى إذا أخذوا مجالسهم ومدوا أيديهم إلى الطعام، أخذوا سيوفهم من تحت أقدامهم فشد الأسود على عمليق، وكل رجل على جليسه. فلما فرغوا من قتل الأشراف شدوا على السفلة فأفنوهم، ونجا بعض طسم، فاستغاث بحسان بن تبع، فغزا حسان جديساً فقتلها وأخرب ديارهم، وتفانى الحيان فلم يبق منهم أحد.
و "جو" بفتح الجيم وتشديد الواو، وهي منازل طسم وجديس، وكان هذا الاسم في الجاهلية حتى سماها الحميري لما قتل المرأة التي تسمى اليمامة باسمها وقال الملك الحميري:
وقلنا وسموها اليمامة باسمها = وسرنا وقلنا لا نريد إقـامة

من: تاريخ الرسل والملوك - الطبري
فهرب رجل من طسم يقال له رياح بن مرة، حتى أتى حسان بن تبع، فاستغاث به، فخرج حسان في حمير، فلما كان من اليمامة على ثلاث، قال له رياح: أبيت اللعن! إن لي أختا متزوجة في جديس، يقال لها: اليمامة، ليس على وجه الأرض أبصر منها، إنها لتبصر الراكب من مسيرة ثلاث، وإني أخاف أن تنذر القوم بك، فمر أصحابك فليقطع كل رجل منهم شجرة فليجعلها أمامه ويسير وهي في يده، فأمرهم حسان بذلك، ففعلوا، ثم سار فنظرت اليمامة، فأبصرتهم، فقالت لجديس: لقد سارت حمير. فقالوا: وما الذين ترين؟ قالت: أرى رجلا في شجرة، معه كتف يتعرقها، أو نعل يخصفها. فكذبوها، وكان ذلك كما قالت، وصبحهم حسان فأبادهم وأخرب بلادهم وهدم قصورهم وحصونهم.


من: آثار البلاد وأخبار العباد - القزويني
... فهرب واحد منهم اسمه رياح بن مرة حتى لحق بحسان بن تبع الحميري وقال له: عبيدك ورعيتك قد اعتدى علينا جديس فقال له: ما شأنك فرفع عقيرته ينشد:
أجبني إلى قوم دعونا لغدرهم = إلى قتلهم فيها لك الأجر
فإنّك إنْ تسمعْ بيومٍ ولن ترى = كيوم أباد الحيّ طسماً به المكر
أتيناهم في أزرنا ونعالنا = علينا الملاء الحمر والحلل الخضر
بصرنا طعوماً بالعراء وطعمةً = ينازع فينا الطّير والذّئب والنّمر
فدونك قوماً ليس لله فيهم = ولا لهم منه حجابٌ ولا ستر
فأجابه حسان إلى سؤاله ووعده بنصره. ثم سار في جيوشه إليهم فصبحهم واصطلمهم، فهرب الأسود بن غفار بأخته في نفر منهم. وقتل البقية وسباهم.
 
أعلى