نص شهادة الأستاذ محمد سلماوى في قضية استخدام الحياة

(السبت ١٢ ديسمبر ٢٠١٥ – محكمة الجلاء)
القاضى: انت الأستاذ محمد سلماوى؟
سلماوى: نعم.
القاضى: قل والله العظيم أقول الحق.
سلماوى: والله العظيم أقول الحق.
القاضى: الوظيفة الحالية والسابقة.
القاضى: أعمل بالأدب والصحافة منذ قرابة الخمسين عاما، وقد شغلت موقع رئيس التحرير بمؤسسة الأهرام طوال ١٦ عاما، كما كنت وكيلا للمجلس الأعلى للصحافة. وأنا الآن الأمين العام لاتحاد الكتاب العرب، وكنت رئيسا لاتحاد كتاب مصر لمدة عشر سنوات.
القاضى: هل قرأت الرواية؟
سلماوى: نعم.
القاضى: ما هو موقعها من الأدب الروائى؟
سلماوى: هى تنتمى لاتجاه جديد فى الرواية العالمية يسمى graphic novel حيث تمزج بين الكتابة الروائية والرسوم الفنية، وكاتبها هو أحد ابرز الكتاب الروائيين من جيل الشباب الذين ينعقد عليهم الأمل فى مستقبل الأدب الروائى فى البلاد، وله أعمال ابداعية سابقة.
النيابة: هل قرأت المقال موضوع الدعوى والمنشور فى “أخبار الأدب”؟
سلماوى: لست أعرف عن أى مقال تتحدث، فأنا لم أقرأ أية مقالات وإنما قرأت فصلا من رواية “استخدام الحياة” لأحمد ناجى منشور فى الجريدة، والبون واسع بين الأدب الروائى والمقال الصحفى.
النيابة: هل تستطيع أن تقرأ لنا الآن وأمام الحضور جزءا منها؟
سلماوى: هذا لا يجوز.
النيابة: ألأنه خادش للحياء؟
سلماوى: هذا لا يجوز فى الأدب، فاجتزاء مقطع وحده هكذا وقرائته مستقلا عن الرواية إنما يخرجه عن السياق الذى كتب فيه، ومن المباديء الراسخة فى النقد (لمن درسوه) أن العمل الفنى لا يؤخذ الا فى مجمله لأن المقصود منه هو تأثيره الكلى على المتلقّى وليس تأثير جزء واحد منه منفصلا عن السياق الذى جاء به، لذلك لا يمكن لنا أن نجتزيء قطعة من تمثال لرائد فن النحت المصرى الحديث محمود مختار، مثل ثدى الفلاحة فى تمثال نهضة مصر الشامخ أمام جامعة القاهرة ونعرضه وحده على الملأ، والا كان بالفعل خادشا للحياء لأنه خرج عن المعنى الوطنى الذى يرمز له التمثال ليصبح تأثيره حسى بحت، فما يخدش الحياء فى الحياة لا يكون كذلك فى السياق الفنى الذى ورد فيه، لذلك ففى الوقت الذى يخدش حيائنا مشهد العرى فى الطريق العام، فإننا نرسل طلبة المدارس الى المعارض والمتاحف التى تضم لوحات فنية قد يكون بها بعض العرى دون أن يكون فى ذلك ضررا عليهم.
محام نقابة الصحفيين: هل حدث أن صودرت أعمال أدبية فى السابق؟
سلماوى: صودرت أعمال كثيرة ربما كان أشهرها رواية “عشيق الليدى تشاترلى” للكاتب البريطاني الكبير د. ه. لورنس، لكنهم وعادوا وصرحوا بها، لأن ذلك كان فى عهود تخلف غابرة يتندرون بها الآن، فالمصادرة بهذا الشكل ولهذه الأسباب منافية للفهم الصحيح للأدب ووظيفته، إضافة الى أنه مناقض للدستور، وإلا كان علينا أن نصادر الكثير من تراثنا الفنى العظيم الذى نباهى به بين الأمم مثل “ألف ليلة وليلة”، أو من أمهات أدبنا الحديث الذى تربينا عليه مثل رائعة عميد الأدب العربى د. طه حسين “دعاء الكروان” التى يغتصب فيها البطل عذرية الفتاة الريفية البريئة هنادى، وهو ما لا يكون فقط خادشا للحياء فى حياتنا العادية خارج العمل الفنى، وإنما هو أيضا جريمة يعاقب عليها القانون، لكن فى إطار الرواية المذكورة هو ضرورة تفرضها الاعتبارات الفنية التى لا يجب أن تغيب عن نظر من يعطى لنفسه الحق فى تقييم العمل الفنى.
الدفاع: هل الأدب علم؟
سلماوى: لا، الأدب فن. لكن النقد علم، وهو علم شاق يتعلمه الناقد ولا يجوز لغير المتخصص أن يتعرض له، فهناك من يمضون السنوات الطوال فى دراسته وينالوا فيه أرفع الدرجات العلمية. هؤلاء هم الخبراء الذين علينا أن نلجأ اليهم فى تقييم العمل الفنى. وإذا سمحت لى المحكمة فإنى أود أن أعرب عن سعادتى للإدلاء بشهادتى هذه، فقد تعودنا أن يتم اللجوء للخبراء فى الدعاوى القضائية الخاصة بالموضوعات الإقتصادية أو فى النزاعات الضرائبية أو ما شابه ذلك، لكن لجوء المحكمة الموقرة للخبراء فى هذه الدعوى الأدبية إنما يستوجب توجيه التحية الكاملة للمحكمة.


.
صورة مفقودة
 
أعلى